وفي الندوة، التي نظّمها مركز الرأي للدراسات بالتعاون مع غرفة تجارة عمان وحضرها رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية(الرأي) الزميل رمضان الرواشدة، طرح رئيس غرفة تجارة عمان عيسى حيدر مراد عدداً من النقاط المهمّة بوصف قانون المنافسة يشكّل ضمانةً للمستثمرين وحافزاً لرفع القدرة التنافسية للشركات، مثلما يؤدي إلى تحقيق رفاهية المستهلك، ويزيد الثقة بالسوق الاقتصادي الأردني.
دعا خبراء واقتصاديّون إلى التوعية والتثقيف بـأهميّة قانون المنافسة وأثره الإيجابي على أداء القطاع التجاري الأردنيّ؛ بوصفه من أهم التشريعات الناظمة للعملية الاقتصادية، منطلقين من تفضيل (المنافسة) على (الاحتكار) في كفاءة الإنتاج ونوّعيته وكلفته وأسعاره.
وتطرّق مراد، في حديثه عن إيجابيات المنافسة وسلبيات الاحتكار، إلى تفعيل الشراكة بين القطاعين العامّ والخاص لحل مشكلات القطاع التجاري، وحظر التحالفات المخلّة بالقانون في إساءة استغلال وضعيّة الهيمنة، والتأكيد على أحقية المستهلك في الأسعار التفضيليّة.
كما تحدث عن خطورة(التركّز الاقتصادي)، مهتماً بالتفكير الدائم بإجراء التعديلات الحيويّة أمام المتطلبات الاقتصاديّة.
واستند إلى تقرير مهم، هو تقرير التنافسيّة العالمية الصادر عام 214-2015، في حلول الأردن بالمرتبة 64 من أصل 140 دولة، مناقشاً واقع الاقتصاد الكلي والتمويل وملائمة القوى العاملة لاحتياجات السوق واستقرار السياسات العامة ومعدلات الضرائب والكفاءة البيروقراطيّة الحكومية والقدرة على الابتكار، ومستوى التحسّن الذي يعكس انخفاض عجز الموازنة وبعض التقدم في قطاعي التعليم وتطوير الأسواق المالية، مؤكّداً دور السياسات الحكومية تجاه تحديات الفقر وبطالة الشباب وأعباء اللجوء. كما دعا إلى مرونة قانون المنافسة، واستمرار التعاون بين القطاع التجاريّ والمؤسسات التشريعية.
أدار الندوة - د.خالد الشقران
حررها - إبراهيم السواعير وبثينة جدعون
مراد: الاستراتيجيات الهادفة
رأى مراد أنّ قانون المنافسة يُعدُّ من أهم التشريعات الناظمة للعملية الاقتصادية في المملكة؛ لما يشكّله من ضمانة لحماية المستثمرين وأصحاب الأعمال من الممارسات المخلة بالمنافسة، إضافة إلى كونه حافزاً للشركات، للعمل على رفع قدرتها التنافسية من خلال استراتيجيات هادفة ترفع الإنتاجية وتضمن الجودة.
وأوضح أن سياسة المنافسة ومنع الاحتكار تهدف إلى إرساء قواعد المنافسة الحرة والعادلة بما يسهم في رفع الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية بغية تحقيق الرفاهية للمستهلك، مضيفاً أن قوانين المنافسة والحرية الاقتصادية تشكل دافعاً قوياً للمستثمر الأجنبي والوطني على حد سواء، كما أن العمل على منع الاحتكار وسن التشريعات بهذا الخصوص من شأنه أن يزيد من الثقة بالسوق الاقتصادية الأردنية التي تعدُّ من أفضل الأسواق في المنطقة بما تمتلكه من تشريعات وإجراءات مهمة في هذا المجال.
ودعا مراد إلى رسم السياسات لتشجيع المنافسة وحماية المستهلك ضد الاحتكار وخلق البيئة الملائمة لزيادة التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية، وكذلك التأكيد على الفاعلية في توظيف الموارد.
كما دعا إلى العدالة في الدخول إلى الأسواق والخروج منها وتعزيز الكفاءة الاقتصادية من خلال تأكيد إنتاج الشركات بأقل التكاليف الممكنة وتحفيزها على القيام بالبحوث والتطوير وإدخال السلع وطرق الإنتاج الجديدة إلى السوق، إضافة إلى منع التركيز الاقتصادي المفرط وحماية المستهلك من الممارسات الاحتكارية التي تؤدي إلى زيادة الأسعار وقلة العرض.
وذكر مراد من مزايا تطبيق قانون المنافسة ومنع الاحتكار الكثير من المزايا والإيجابيات التي تنعكس على كل مجالات الاقتصاد الوطني، ومنا: زيادة الإنتاج، وزيادة الابتكار، وزيادة الدخل، والزيادة في تحسين مستوى المعيشة، وضمان إنتاج السلع بأقل تكلفة ممكنة، وإدخال منتجات جديدة وعمليات جديدة في الإنتاج، وكذلك رفع مؤشرات التنافسية على المستويين الداخلي والخارجي لرفع القدرة في الكفاءة والإنتاج، إضافة إلى خفض الأسعار، والمساهمة في الحد من البطالة.
الشراكة الوطنية
وأكد أنه للحصول على إيجابيات تطبيق القانون لابد من تفعيل مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص لما له من أثر كبير في حل المشكلات والمعيقات التي تواجه القطاع التجاري، الأمر الذي يتطلب من القطاع العام دعم كافة الجهود المبذولة من قِبَل مؤسسات القطاع الخاص في إطار زيادة الوعي بقانون المنافسة وسياستها.
وقال مراد إنه لضمان حرية المنافسة يحظر القانون مجموعة من الممارسات مثل التحالفات التي تهدف إلى الإخلال بها وإساءة استغلال وضعية الهيمنة، مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمنشآت التجارية وخاصة الصغيرة والمتوسطة الحجم منها، والتي تكون عادة أكثر تأثراً من غيرها بالآثار السلبية من عدم تطبيق قانون المنافسة وخروجها من السوق، الأمر الذي يقلل من كفاءة أدائه.
وشدّد على أهمية أن يقوم القطاع العام بتوضيح الاستثناءات وتعديلها من حين لآخر بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي والحركة التجارية، والحدّ من تحايل بعض المؤسسات على قواعد المنافسة عبر التنسيق في ما بينها، مما يؤدي إلى حرمان المستهلك من الأسعار التفضيلية، مضيفاً إلى ذلك مراجعة نسب الاتفاقيات ضعيفة الأثر، لأن ما يعدّ ضعيف الأثر في السابق هو شديد التأثير اليوم.
سلبيات التركز
ودعا مراد إلى تعديل نسب التركّز الاقتصادي، خصوصاً وأنّه أمر غير محظور في ظل أحكام قانون المنافسة، شارحاً أنّ القانون فرض رقابة على عمليات التركّز التي قد تؤثر سلباً على المنافسة، مضيفاً أنه إذا كانت الحصة الإجمالية للمؤسسات المعنية بعملية التركز الاقتصادي 40% فما دون فإنه لا حاجة للحصول على موافقة الوزير إلا اذا كانت النسبة أكثر من 40%.
وأكّد أن تطبيق قانون المنافسة يعزز التنافسية والميزة الإيجابية للاقتصاد، إذ تسعى دول العالم كافة إلى تعزيز موقعها التنافسي واستقطاب الاستثمارات من خلال التطبيق الأمثل للقانون وإجراء التعديلات الحيوية والمرنة التي تتجاوب مع المتطلبات الاقتصادية المختلفة.
وأشار إلى أنّه في تقرير التنافسية العالمية (2015 – 2016) الذي صدر في أيلول 2015، حلّ الأردن في المرتبة (64) من أصل (140) دولة اشتركت فيه، إذ يشير التقرير إلى أنّ تنافسية البلاد تؤثر عليها بشكل سلبي عناصر عدة من أبرزها: واقع الاقتصاد الكلي، وعدم توفر التمويل الكافي، وضعف ملائمة القوى العاملة لاحتياجات السوق، وعدم استقرار السياسات العامة، وارتفاع معدلات الضرائب، إضافة إلى القصور في كفاءة البيروقراطية الحكومية وملائمة البنية التحتية، وعدم كفاية القدرة على الابتكار.
ولفت مراد إلى أنّ غرفة تجارة عمان قامت مؤخراً بإعداد دراسة متخصصة حول ترتيب الأردن في تقارير التنافسية العالمية، وذلك بناءً على النتائج الواردة في تقرير التنافسية العالمية والكتاب السنوي لها؛ بهدف تحديد أولويات وإجراءات الغرفة خلال الفترة من العام 2015-2017، والتي سيتم تنفيذها بشكل متوازٍ مع الاستراتيجيات والسياسات الحكومية بهدف تعزيز الإجراءات التي من شأنها المساهمة في تحسين تنافسية الأردن في التقارير الدولية من خلال التركيز على تحسين بيئة الأعمال وتحفيز الاستثمار وزيادة كفاءة السوق.
وذكر أن الأردن كان قد تحرك في تقرير التنافسية العالمية (2014 – 2015) من المركز (144) إلى (64)، وهو المركز نفسه من (144) دولة الذي حل به قبل عامين من ذلك في تقرير (2012 – 2013)، بعد أن كان قد شغل المركز (68) من أصل (148) دولة في تقرير التنافسية العالمية (2013 – 2014).
وبيّن مراد أن التحسن في تلك الفترة يعكس انخفاض عجز الموازنة وبعض التقدم الذي تم إحرازه في قطاعي التعليم وتطوير الأسواق المالية، فقد أشارت التقارير المذكورة إلى أنّ البلاد تواجه عدداً من التحديات الاجتماعية التي تتطلب اهتماماً حكومياً؛ ومنها معالجة البطالة بين الشباب التي وصلت نسبتها إلى 31.3% في العام 2012، والحد من مستويات الفقر، والتعامل مع عواقب الصراع في سوريا الذي جلب أعداداً كبيرة من اللاجئين إلى الأردن، مؤكداً أنها تحديات لا بدّ من التصدي لها عن طريق سياسات عامة مناسبة ومنسّقة.
وأضاف أنه يتوجب على الأردن السعي للاستفادة بشكل أكبر من موقعه الجغرافي القريب من دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا، وأن تؤسس الإصلاحات المالية الأخيرة المجال لزيادة الإنفاق على تدابير تساهم في تعزيز الإنتاجية في البلاد. وأوضح مراد أن تعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل في الأردن يتطلب من صناع السياسات معالجة عدد من التحديات، فوفقاً لمقياس التنافسية العالمية، تعدّ ظروف البيئة الاقتصادية الكلية (المركز 130 عالمياً) عاملاً مثبطاً للجهود الرامية لتطوير تنافسية البلاد، كما أن هناك ضرورة كبيرة للعمل على تعزيز كفاءة سوق العمل (المركز 93 عالمياً)، مضيفاً أنه كان يمكن للأردن أن يستفيد من المزيد من الانفتاح بالتجارة الدولية والاستثمار، إذ ما زالت العوائق التنظيمية أمام الاستثمار الأجنبي المباشر تحول دون الاستفادة من تدفق الاستثمار.
بدران: السياسة التشريعية
قالت عضو مجلس إدارة غرفة تجارة عمّان ريم بدران إن تطبيق قانون المنافسة بشكل صحيح ومدروس سيؤدي لتنافسية أفضل على مستوى المملكة، مشيرة إلى أن تنافسيتنا تعاني من التراجع وفقاً للتقارير الدولية، مضيفةً أن جزءاً من هذا التراجع له علاقة بجزئية المنافسة، فالأردن يكون تحت قانون المنافسة ومانع الاحتكار.
وأكدت على أهمية فلسفة القانون ووجوده، مشيرة إلى أنّ القانون حتى يخرج بصيغته الموجودة بين أيدينا اليوم وضعت له مسودة قبل سنوات عدة رافقها زخم إعلامي وقانوني ومشاركات ومناقشات عديدة وكبيرة من القطاع الخاص.
وأضافت بدران أن الجميع كان يعوّل على هذا القانون بهدف أن يكون له تطبيق صارم ويمنع الاحتكار ويعرض إطاراً واضحاً لعملية المنافسة، لافتة إلى أنّ المجلس كان يجتمع بشكل دوري للنظر في الأوراق والمعاملات والادعاءات التي كان بعض منها ادعاءات باطلة أو كيدية أو ادعاءات من غير معرفة.
وذكرت أنّ هذه الأسباب كانت تقدم لوزارة الصناعة وتدرس داخل دائرة المنافسة، مضيفةً أنه جاءها دعم كافٍ وكبير لأعمال التدريب وتأهيل القائمين على هذا الموضوع، إذ إن أي خطأ قد يؤدي إلى آثار سلبية على منشأة اقتصادية أو على الاقتصاد بشكل عام.
ودعت بدران إلى مراجعة تطبيق القانون وليس مراجعة نصه، مضيفة أنه في حال كان هناك ضعف في القانون فإنه من الأفضل عدم تغييره، بل الحفاظ على سياسة تشريعية مستمرة من دون أن ننزعج من تعديل التشريعات.
وفضّلت أن لا يتم تغيير القانون حتى لو كانت بعض الأمور البسيطة غير الجوهرية غير موجودة، مؤكدة في الوقت نفسه على أن موضوع التطبيق هو الأهم خاصة في هذه المرحلة.
وأوضحت بدران أنه حتى الدول التي تضع موضوع المنافسة وعدم الاحتكار في أعلى قمة أولوياتها تكون لها مؤسسة منفصلة كاملة بجهاز قويلجهة تنفيذية تُعدّ مرجعية في عمليات المنافسة للدولة كافة.
وأضافت أننا نُعدُّ دولة صغيرة وأي خلل في عملية المنافسة أو دخول غير قانوني للبضائع أو الخدمات أو المنتجات سيؤثر بشكل كبير على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وتساءلت بدران في ما إذا كان غياب التطبيق الحذر لأعمال هذا القانون له تأثير حقيقي على الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة في ظل جديثنا الدائم عن وجوب وأهمية دعم هذا القطاع، أم أنّ سياسة الشركات الصغيرة والمتوسطة هي فقط عناوين ولا يتم تطبيقها على أرض الواقع.
وشدّدت على أنّ أيّ قانون أو تشريع يطمح للرفاه الاقتصادي والتنمية الاقتصادية ودعم الشركات التي هي أساسٌ لأي تنمية اقتصادية ولكي تكون هناك نهضة اقتصادية واسعة يجب أن يركّز على الشركات الصغيرة والمتوسطة
.
الجازي: قضايا التحكيم
قال المحامي د.عمر الجازي إن قانون المنافسة مهم وفيه خصوصية، مضيفاً أن أول لجنة شؤون منافسة شكلت بعد إقرار القانون عام 2002، وكانت مديرية المنافسة من الوزارة نفسها، وكان النقاش يدور حول القانون وإمكانية أن يكون هناك مجلس أعلى للمنافسة على غرار تونس وتركيا وبريطانيا وأن تكون له استقلالية، مشيراً إلى أننا في ذلك الوقت كنا نسير على مبدأ الهيئات المستقلة.
وبيّن أن قانون المنافسة طرأت عليه تعديلات تشريعية خلال التطبيق، مؤكداً أنه لا يستطيع الحكم على إنجازات مديرية المنافسة إلا من خلال التقرير السنوي، فهو لا يعلم حجم التحديات.
وحول تدريب القضاة، ذكر أنه تم اختيار 4 قضاة وتقديم منحة لهم لتونس وتركيا، مضيفاً أن المشكلة هي في القضاة الذين تتم ترقيتهم وظيفياً ويبقون في الوقت نفسه ينتقلون من محكمة لأخرى، مؤكداً أن حلّ هذه المشكلة يجب أن يكون مع المجلس القضائي الأردني.
وأكد الجازي حجم المعاناة؛ إذ أن كل القوانين تدور حول حماية المستهلك، وكان التساؤل هو لماذا يوجد قانون لحماية المستهلك ولا يوجد قانون للمنافسة، مضيفاً أن هناك فرقاً بين قانون المنافسة وقانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية، فقانون المنافسة هو اقتصادي بحت، أما الآخر فيعدّ من المنظومة الفكرية.
وأشار إلى أنه لدينا قضية يتيمة ومحكمة التمييز تكلمت عن القطاع المصرفي وعن قضية التسهيلات، وقررت أن هذا لا يعدّ من العقود التي تمس المنافسة، في حين أنها لم تتكلم عن المنافسة غير المشروعة مثل الخبز والمواد المدعومة، مؤكداً أن المنافسة في التأمين تختلف عنها في القطاع المصرفي وقطاع الإسمنت.
وقال الجازي إن الاحتكار نفسه ليس ظاهرة غير قانونية، ولكن الأسباب التي تؤدي للاحتكار هي أساليب غير قانونية، وقد يكون الاحتكار مفيداً في حال لم تكن هناك عوائق قانونية لدخول شركات منافسة، إذ يرجع هذا لحسن نية الشركة المحتكرة.
وأضاف أن أهمية تطبيق القانون ودور القضاء لكسر الاحتكار أمر خيالي يجب فهمه، داعياً إلى وجوب أن تكون هناك توعية أكثر، وإلى تثقيف المحامين بالقانون قبل المستهلكين، وإجراء دورات مع نقابة المحامين، مشيراً إلى أن استخدام التحكيم في قضايا الاحتكار والمنافسة أصبح منتشراً بالعالم.
وطالب الجازي بمجلس استشاري يهتم بقضايا التحكيم والقضاء، وأن يكون هناك تنسيق بين المجلس القضائي ومديرية المنافسة عبر إعداد قائمة اقتصادية.
وقال إن المقارنة بين نشاطات القطاعين العام والخاص، تحيلنا من ناحية اقتصادية إلى أنّ القطاع الخاص أكثر كفاءة من القطاع العام، وهو ما يبرر عمليات الخصخصة التي تصبح على المستوى العالمي، وتهدف إلى التحويل من قطاع عام تنقصه الكفاءة إلى قطاع خاص وإخضاعه لقانون المنافسة.
ورأى الجازي أنه إذا طبقت قوانين المنافسة بشكل جيد على المدى البعيد بالرغم من بعض الصعوبات على المدى القريب، فإن هذا يعدّ ثمناً مقبولاً للحصول على الجائزة على المدى الطويل، ما يعني تطوير نظام اقتصادي حر يتبع التسعير الحر، ودور الحكومة فيه هو تنظيمي، إذ لا تتدخل في قرار الإنتاج والتسعير.
وأكّد أنّ نظام هيئة الفساد هو نظام متكامل، بوجود مدّعين عامّين و ضابط عدلي، كما يبدأ التحقيق عندهم وترتيب الملف قبل إحالته للقضاء، داعياً إلى إيجاد هيئة عليا للمنافسة بطاقم كبير، ودعمها بأشخاص أكفياء، مقترحاً في المستقبل أن يتم رفع سوية مديرية المنافسة لتعمل بشكل مستقل، لأنه قد يكون هناك تضارب بين عمل وزارة الصناعة والتجارة والمنافسة.
عقل: مشكلات التنافس
وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل إنّ الاحتكار لا يكون موجوداً إلا إذا سيطرت شركة أو مجموعة متحالفة من الشركات على نسبة معينة من الاقتصاد، بحيث تتدخل الدولة لفك هذا الاحتكار، لاعتقادهم بأنّ الوصول إلى هذا الحجم يعني أنّ باستطاعتهم أن يفرضوا في السوق الأسعار التي يريدونها، مشيراً إلى أنه في فترة من الفترات كان البنك العربي يسيطر على 55% من حجم العمالة المصرفية، مبيناً أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك وجود لقانون المنافسة.
وبحسب معرفته رأى أنه لا توجد في الأردن مشكلات احتكار، بل مشكلة تنافس، مؤكداً أن التنافس يؤدي إلى تحسين النوعية وتخفيض الأسعار، مشيراً بذلك إلى الاحتكار الذي مارسته بعض الشركات.
وأضاف عقل أنه بعد ذلك أعطت الحكومة رخصة للاتصالات الأردنية وأصبحت هناك منافسة بين القطاعات، ولكنها ما تزال منافسة محدودة، مؤكداً أنه إذا كانت الحكومة تريد أن تجعل الاتصالات بمتناول الجميع وبكلفة أقل فعليها أن تفتح السوق لتكون هناك منافسة أكثر.
وذكر أنّ مشكلتنا في المنافسة بالدرجة الأولى تتمثل في مشكلة الدخول المبكر لاتفاقيات التجارة العالمية والاتفاقيات التي فرضتها الدول الغربية، مشيراً إلى أن هؤلاء بعدما وصلت صناعتهم لمرحلة متقدمة وزادت عن السوق المحلي بدأوا يبحثون عن أسواق جديدة ليدخلوها.
وأشار عقل إلى أن الأميركيين مثلاً لم يكونوا مهتمين بالمستهلك ثم بدأوا يبحثون عن أسواق لهم، ومن بعدها فرضوا القوانين، في حين أننا دخلنا باتفاقيات تجارية ولدينا صناعة بمراحلها البدائية ولكنها لم تكن تنمو أو تتطور، متعجباً: من يستطيع مثلاً أن ينافس الصين؟!
وأكد أننا إذا أردنا المنافسة يجب أن تكون لدينا رقابة على النوعية، مذكّراً بالمنتجات الأردنية التي كانت تُصدّر للعراق وكان فيها كثير من التزوير والأخطاء، الأمر الذي أثّر على المنتج وتسويقه.
ودعا إلى وجوب أن يكون هناك انضباط في القطاع التجاري والصناعي من حيث النوعية وتوفر الشروط، وأن يقدّم المنتج ميزة ويكون صحياً ولا يترك آثاراً سلبية على المنتجات، مضيفاً أنه يجب أن تكون هناك سيطرة معقولة على التكلفة، إذ لا يجوز أن نطلب من الحكومة أن تخفض الضرائب كلما ارتفعت التكلفة، فعلينا تجاراً وفي الصناعة أن نتكيف مع المتغيرات التي تطرأ على السوق من حيث الكلفة وتخفيضها والسيطرة عليها.
كما دعا إلى وجوب توخي الشفافية والتسعير، وقال: (.. فأنا كمستهلك لدي شك بوجود «Over Charge» في كل خدمة وكل منتج أشتريه من السوق، لأنني عند السفر أطّلع على الأسواق والأسعار في الخارج وبالتالي أجد هناك فارقاً بين الأسعار والنوعية)، مشيراً إلى أننا نشتري منتجات كان مفروضاً على وزارة الصناعة والتجارة أن لا تسمح بدخولها للمملكة لأنها ليست بمواصفات وكفاءة المنتجات التي يشتريها المستهلك.
وأضاف أننا كمستهلكين نشعر أنّ أسعار القطاع التجاري مبالغ بها، وبحسب رأيه فإنّ القطاع الصناعي غير كفؤ في إنتاج المنتجات التي يتم تسويقها في السوق، مؤكداً أننا حتى ندخل إلى الأسواق المنافسة يجب أن تكون منتجاتنا ذات نوعية جيدة وسعر منافس، فمثلاً هناك فارق بين المنتجين السعودي والأردني.
وأشار عقل إلى أنه لا أحد لدينا يلتزم بالملكية الفكرية، فأيّ فكرة تتعرض للتقليد والتزوير، مضيفاً أنّ البنك يجب عليه الإخبار عند الاقتراض منه عن ماهية الكلفة الحقيقية للقرض، خاصة للمستهلكين، بحيث يكون هناك تصريح لحماية المستهلك.
خرفان: تضارب الصلاحيات
قال النائب الأول لرئيس غرفة تجارة عمان د.غسان خرفان إنّ المنافسة والاحتكار في وقتنا الحاضر أصبحت لهما طرق عديدة، مضيفاً أنّ علينا قبل سنّ القوانين أن نعرف ما هو حجمنا، وفي ما إذا كانت هذه الشركة ستحتكر أم لا، وأن أعرف طبيعة المنافسة التي أعطيها؟
ودعا إلى ضرورة معرفة الأسباب الموجبة لوضع القانون ومن ثم إجراء التعديل عليه قبل سَنّه.
وأشار إلى أن مجيء أحد المستثمرين بشركة غير أردنية وتأثيره على 60% من حجم السوق، كون لديه قوى مالية كبيرة أقوى من السوق المحلي، يعدّ مثالاً على الاحتكار.
وفي موضوع منافسة السلعة السعودية للسلعة الأردنية قال خرفان إنّ الأردني مجتهد ومشهود له في العالم بكفاءته، لكننا في المقابل ندفع طاقة وكهرباء أكثر ولدينا قوانين كثيرة تحد من إلابداع والكفاءة والإنتاجية وتقيّد الحركة.
وأضاف أنّ القطاع التجاري عليه 11 جهة رقابية، وكلها قوانين وأنظمة تضارب بعضها، وصلاحيات تدخل على بعض، متسائلاً عن التأثيرات السلبية للاحتكار على القطاع التجاري الوطني، إذ لا ننظر في الاستثمار أو القوانين والأنظمة، فالمستثمر الذي يأتي من الخارج نعطيه التسهيلات، في حين لا تتوفر هذه التسهيلات للأردني.
وبخصوص موضوع حماية الشركات الصغيرة والمتوسطة، قال خرفان إنّ الشركات الكبرى تنهار بشكلٍ أسرع، مشيراً إلى خطر الركود لديها وتأثيراته الكبيرة، لافتاً إلى أنّ الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأردن غير محمية، لعدم وجود رقابة على الشركات الكبيرة عندما تتوغل في السوق، إذ لم يعالج القانون هذه القضية، مطالباً بمعالجتها ووضعها على أولى أولويات بنود القانون، داعياً في الوقت نفسه إلى حماية المستثمر الأردني برأسماله الضعيف وتشجيعه.
عوض: استثناءات القانون
وفي مداخلته قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية د.طالب عوض إنّ المنافسة والاحتكار هما من أساسيات الاقتصاد، مشيراً إلى أن المنافسة مفضلة على الاحتكار، لأنها تعني كفاءة أفضل وإنتاجاً أقلّ كلفة وأسعاراً أفضل وكذلك نوعية أفضل للمستهلك، في حين أنّ الاحتكار مقارنة بالمنافسة يعني إنتاجاً أقل وكلفة أعلى، كما أنّ الأرباح تكون مبالغاً فيها.
وأشار إلى أهمية قانون المنافسة، كونه يتضمن الأساسيات الموجودة في معظم قوانين المنافسة في الدول، منوّهاً إلى أنّ تطبيق قانون المنافسة بحاجة لأجهزة متخصصة ونظام قضائي متخصص، كما أنه بحاجة لاستمرارية وتدريب.
وبيّن عوض أن هناك استثناءات في القانون، وإذا لم يحسن استعمالها تعدّ مأخذاً على القانون، مشيراً إلى إتفاقية التجارة البينية العربية التي تهدف إلى تشجيع المنافسة والتجارة بين الدول العربية، لافتاً إلى أنّ كلّ دولة تستثني مجموعة كبيرة من السلع من الاتفاقية العامة لتحرير التجارة وتسهيل حركة تدفق السلع والخدمات.
وأضاف أنّ الاحتكار يعتمد على النظام القانوني في كل دولة، ذاكراً أنّ الاحتكار في أوروبا على سبيل المثال هو مسموح.
ورأى عوض أن الاحتكار من ناحية اقتصادية ليس سيئاً ككل، شارحاً أنّ الاحتكار في بعض المَواطِن والسلع التي تتميز بتناقص التكاليف ووفورات الحجم يساعد على وصل الحلقة بين المنافسة والتنافسية، كما أنّه في بعض الحالات التي فيها مصلحة وطنية استراتيجية على المستوى العالمي يمكن السماح بالاحتكار بشرط أن يتم اختيار الصناعة المناسبة الواعدة التي يمكن أن تعمل ميزة على الصعيد الخارجي، كأن نقوم بذلك في السوق المحلي وهناك منافسة في السوق المجاورة وتسهيلات، حيث الإنتاجية مختلفة، وقوانين الضريبة مختلفة كذلك.
وأكّد أنّه قبل القيام بأيّة منافسة يجب تهيئة الأسواق والتشريعات المحلية بحيث توفر مصادر بديلة ورخيصة للطاقة.
وذكر عوض أننا نعيش في اقتصاد مفتوح، والسياسة الأردنية الاقتصادية تتبنى الانفتاح المحلي والخارجي وهذا هو التوجه العالمي، فالاعتماد الذاتي غير موجود في العالم، أما الانفتاح وتحرير الأسواق فهو اتجاه عالمي ويجب أن ننخرط به شئنا أم أبينا، ولكن ليس بشكل متهور يلحق الضرر بالصناعات والتجار.
وأشار إلى أنّ مركزنا التنافسي من واقع الإحصاءات الدولية في الوسط، مضيفاً أننا في هذه الحالة إذا حسّنا من وضعنا التنافسي يمكن لنا أن نشكل عنصراً إضافياً لجلب مزيد من الاستثمارات التي تعدّ مهمة للاقتصاد المحلي سواء كانت استثمارات من الدول المجاورة أم من غيرها.
أرسلان: منظمة التجارة
وعاد النائب السابق محمد أرسلان إلى قانون التنافس في عام 2004، ذاكراً أنّ الحكومة عندما قدمت هذا القانون لأول مرة لمجلس النواب كان هناك عدم فهم لمعنى هذا القانون ووجوب وجوده، مشيراً إلى أنّه عمل مع مجموعة من النواب على توضيح هذا الأمر لباقي المجلس وأهمية أن تتوازى القوانين المحلية مع متطلبات الانضمام لمنظمة التجارة الدولية.
وأضاف أنه إذا لم ينعكس هذا على القوانين المحلية، فإن الدول الاعضاء في هذه المنظمة لن تستطيع التعامل مع هذه القوانين والأحكام، وبالتالي كان لا بد من تطبيق المبدأين الأساسيين لمنظمة التجارة الدولية وهي «FIAR TRATE»، أي تحقيق العدالة الممكنة لكل القطاعات الاقتصادية التي تعمل في المجال الاقتصادي والإنتاجي والصناعي والخدماتي.
ورأى أرسلان أنه لا يوجد قانون يرضي جميع القطاعات، مشيراً إلى تجربة مع مجموعة قطاعات في الأردن لتفسير وتطبيق هذا القانون على الاحتكار الذي أصبح بالاتفاق سواءً على السعر أو الكميات المطروحة في السوق من السلع، متحدثاً عن نوع من الحماية، لأن القطاع الخاص إذا لم يُعطَ الحرية في التحرير، لا يستطيع أن يحتل موقعه ضمن الاقتصاد الوطني، وبالتالي فهذا القانون جاء لاحتياجنا إلى أن نطبق قوانين المنظمة الدولية.
كما رأى أنّ الكثير من هذا القانون ليس مفعّلاً، مضيفاً أنه لم يروج لهذا القانون بين القطاعات كافة كما يجب، داعياً إلى إيجاد برنامج وطني لتعليم الناس ما هي الفلسفة من وجود القانون.
وقال أرسلان إننا إذا نظرنا إلى قوانين الغرف التجارية والصناعية نجد أنّ إحدى المسؤوليات المنوطة بهذه الغرف هو موضوع التحكيم، مضيفاً أنه طالما هناك نقص في الجهاز الخاص بالنظر ودراسة القضايا الخاصة بالتنافس، كان لابد من قانون يتطرق لوضع رابط ما بين استغلال الإمكانيات الموجودة في الغرف التجارية والصناعة بموضوع التحكيم والداراسات الخاصة بالتنافس.
فريز: جودة النوعية
قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة عمّان جمال فريز إنه لا يوجد شيء إيجابي في الاحتكار، فهو لا يساعد على خدمة الجمهور في تخفيض الأسعار، في حين أنّ التنافس هو الذي يخلق التحسين بجودة النوعية والسعر، كما أن الاحتكار لا يخلق التطوير سواءً في الشركات الحكومية أو الخاصة.
ودعا فريز إلى اعطاء صلاحيات أكثر للجنة المنافسة ورفدها بالكفاءات لتعمل عمل المحاكم، فتعطي قرارات سريعة تكون أقرب للصحة، لأنّ مثل هذه القضايا تأخذ وقتاً طويلاً في القضاء.
حياصات: النافذة الاستثمارية
قال المستثمر في السوق المالي أحمد حياصات إنّ النافذة الاستثمارية غير مفعّلة، مضيفاً أننا إذا أردنا إنعاش وتقوية قانون المنافسة ومنع الاحتكار وأن نسهّل على المستثمر مراجعة نافذة واحدة، فإنّه لا بد من تفعيل هذه النافذة.
وأكّد أنه عندما تتحول مشاريع القوانين المؤقتة إلى ثابتة فإنّ هذا يعطي قفزة لقانون المنافسة، كون القوانين الاقتصادية يدعم بعضها بعضاً.
غيث: مراقبة القانون
بدوره قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة عمّان مروان غيث إنّ جهات عدة تقدمت باقتراحات لتحديد أسعار سلع معينة، خصوصاً في ما يخص الخدمات، حيث كان ردّ وزارة الصناعة والتجارة بعدم السماح بتحديد سعر أيّ خدمة، وذلك بهدف إفساح المجال للمنافسة وتحسين أداء الخدمة، وأن يكون هناك حق للشركة في أن تتقاضى الأجر الذي تجده مناسباً، بشرط أن يتم هذا وفق سقوف معينة وألاّ تترك الأمور مفتوحة.
ورأى غيث أنّ من سلبيات هذا القانون أنه يمكن أن يضع السعر الذي يريده من دون مراقبة، داعياً إلى وجوب وجود مراقبة وأن يكون هناك تنافس بين الحد الأدنى والحد الأعلى.
وأشار إلى أنّ الحكومة تشارك بنسبة كبيرة في بعض الشركات المحتكرة، الأمر الذي يسمح بتطبيق المنافسة على القطاع الخاص وليس على الحكومي.
التجارة والحكومة
قال مراد إنّ قانون المنافسة يشمل القطاعات التجارية والصناعية والخدمية، مشيراً إلى أنّ غرفة صناعة عمان تمثّل القطاعين التجاري والخدمي، مضيفاً أن كثيراً من الخدمات التي تشكل الناتج الإجمالي وهو 60-70%، تحتل الحكومة جزءاً كبيراً منه.
وقال إننا مع الاتفاقيات، لإنها حسّنت من تنافسية الأردن ومن الجودة والنوعية، مشيراً إلى الدور الكبير والمهم والإيجابي الذي قام به القطاع التجاري، إذ أنّ الاتفاقيات انعكست إيجابياً على التجارة.
ورأى مراد أنه لا بد من التركيز على المشاركة والتشاورية بين قطاع التجارة والحكومة، مضيفاً أننا كغرفة تجارة نتبع لغرفة التجارة والصناعة ولكنّ هناك اتصالاً مع الوزارات الأخرى، إذ تختلف علاقتنا من وزارة لوزارة حسب اتباعنا لها، ففي كثير من الأحيان تكون معظم نقاشاتنا مع الحكومة من دون نتيجة، مشيراً إلى أننا نصل إلى توصيات ونفاجأ بأنه يتم اتخاذ قرار بتوصيات لا تمت بصلة لما اتفقنا عليه في نقاشاتنا.
الدور التنظيمي
أكد عقل على أن دور الدولة تنظيمي وليس في التدخل بالتشغيل أو التسعير، مشيراً بذلك إلى سوء تدخل الحكومة في قطاع النقل، الذي تفرض عليه أسعار غير عادلة مرتبطة بارتفاع أو انخفاض المحروقات، وبالتالي نجد أن قطاع النقل غير كفؤ وسياراته قديمة مستعملة وغير مجددة.
وأضاف أنّه إذا كانت الحكومة لا تريد أن تكون مراقباً نزيهاً فعليها أن تحفظ لكل شخص دوره، وكذلك التاجر، فعند العمل في الصناعة والتجارة تقع المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية والمالية، إذ عليه أن يبيع بسعر معقول، فإما أن يعمل على المنافسة أو الحماية الاقتصادية لوطنه.
ورأى عقل أنه لا يجب الدخول باتفاقية التجارة إلا عند تقوية صناعتنا وتجارتنا، لأننا لا نستطيع منافسة هذه الدول في الصناعة والتجارة.
الشوبكي: التحليل الاقتصادي
ونوّه مدير وحدة الدراسات في مركز الرأي هادي الشوبكي إلى أهمية التحليل الاقتصادي للمنافسة في القطاعات الاقتصادية كافة، التجارية والصناعية، للتعرف على المؤشرات التنافسية التي ما تزال بحاجة إلى معالجتها لرفع سوية التنافسية وهو ما يتطلب إعادة هيكلة وتشكيل المجلس الوطني للتنافسية والابتكار وإعداد الخطة الاستراتيجية العامة لسياسة المنافسة وتنفيذ البرامج لنشر ثقافتها وتطويرها والبناء على وثيقة الأردن 2025 التي حددت الإطار العام المتكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية.
زايد: الحماية الإغلاقية
ورأى مدير مديرية المنافسة في وزارة الصناعة والتجارة المهندس جميل زايد أنه لا بد من تفعيل الحماية الإغلاقية ورفع الجمارك على المستورد، وليس تخفيضها، متعجباً من أنّ ما يحصل الآن هو العكس.
وأضاف أن قانون المنافسة عندما كان مؤقتاً في عام 2002 كان مدعوماً من الجهات كافة حتى نصل لقانون يصلح للأردن، وعندما تعدل في عام 2004 وأخذ صفته القانونية الدائمة أصبح هدفنا كيف ننشر القانون ونعرف الناس به، لافتاً إلى أنه مع الزمن اختفى الدعم الذي كان موجوداً لأنه دعم أوروبي، وتم الاستمرار في العمل وقانون المنافسة يطبق، مبيناً أنّ ما يقرب من 550 قضية تم التعامل معها بالمنافسة، إذ كانت هناك مشاكل عدة خلال العشر سنوات من التطبيق.
وأوضح زايد أنّ المفهوم الأساسي لقانون المنافسة جاء من خلال أنّ لدينا حرية تجارة أساسها تحديد الأسعار وفق العرض والطلب ومبادىء المنافسة، مضيفاً أنّ القانون راعى عندما تمت صياغته وجود قوانين تسبقه، منها قانون وزارة الصناعة والتجارة الخاص بتسعير البترول والخبز ووجود هيئات منظمة لقطاعات أخرى مثل هيئة الاتصالات والنقل والبنك المركزي، إذ أخذت كل جهة من هذه الجهات جزءاً من هذا التطبيق لسياسة منافسة كاملة.
وأشار إلى أنّ هناك استثناءات في القانون، وأنّ هذه القوانين الموجودة قبل قانون المنافسة الحالي تم استثناء فيها ليتماشى معها قانون المنافسة الجديد، مضيفاً أننا راعينا في تعديلات بعض القوانين، مثل قانون الاتصالات وغيرها، أن يكون الدور الأكبر في قانون المنافسة لموضوع المنافسة.
وبيّن زايد أن قانون المنافسة له شقان، شق يحظر الممارسات المخلة بالمنافسة التي تتشكل بشكلين: الاتفاقيات بين المتنافسين المخلة بالمنافسة مثل تحديد الأسعار وتحديد الكميات والتلاعب بالعرض والطلب، والشق الآخر المعني بالممارسات والوضع المهيمن، فالشركة في الوضع المهيمن بقانون المنافسة هي المحتكر إذا كانت شركة وحيدة، في حين أن هناك مفهوماً مهيمناً بالقانون وهو الشركة القادرة على السيطرة على السوق وهي صاحبة السيطرة والتحكم بالأسعار والكميات. وأكّد أنّ القانون وضع محاذير للشركات ذات الوضع المهيمن من خلال ممارسات معينة يمنع التصرف بها، مثل ربط سلعة بسلعة، والامتناع عن التعامل مع عميل، والتمييز بين العملاء، مشيراً إلى إضافة مادة عام 2011 تحظر على المهيمن المغالاة في الأسعار.
وبخصوص الاندماج والاستحواذ قال زايد إنها تعالج بالقانون في حد معين بنسبة 40% في حال كانت الحصة السوقية للشركات التي تريد الاندماج فوق 40%، فهي بحاجة لطلب موافقة وزير الصناعة والتجارة ويتم دراسة أثرها على السوق وإقرارها إذا كانت هناك آثار إيجابية وسلبية. أما بخصوص شق التطبيق العملي للقانون، فأوضح أنه في قضية المنافسة لعام 2007 لم تُحوّل أية قضية للمدعي العام والمحكمة، مضيفاً أن هذا لا يعني أننا لم نطبق القانون، فخلال هذه الفترة كانت هناك ممارسات وشكاوى تأتي من مجموعة قطاعات كانت الوزارة خلالها تأخذ على عاتقها نشر ثقافة المنافس، وكان التوجه نحو إعطائهم فرصة لتصويب أوضاعهم، وكان هناك تجاوب من هذه القطاعات.
وأضاف زايد أنّ الشركات المنظمة بقطاع منظم لها قانونها، وأنّ ما وجد في قانون التأمين يستثنى من قانون المنافسة، فمثلاً يأتي أحدهم ليقول إنّ الجهة الفلانية حددت سعراً، فنرجع للقانون، مبيناً أنه إذا أعطى القانون هذه الصلاحية بتحديد أسعار لمهنة معينة أو قطاع معين فإننا لا نتدخل، في حين أننا نتدخل في حال أنّ بعض الجهات، حكومية كانت أم تنظيمية أم جمعيات أم نقابات، تجاوزت الصلاحيات المعطاة لها بالقانون.
وذكر أنّ التطبيق احتاج فترة معينة، تمّ خلالها إعطاء فرصة للمخالفين لتصويب أوضاعهم، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على مجموعة ممارسات في السوق، مشيراً إلى أنّ الصخب الإعلامي لم يأخذ الدور الكافي ليعرّف المواطن أو غرف الصناعة والتجارة بالجزء المعين الذي تحسّن من السوق.
وأوضح زايد أنه بعد 2007 تم تحويل القضايا للمدعي العام، مشيراً إلى مواجهة الكثير من الأمور في القضاء.
ورأى أنّ أفضل التجارب العالمية هي هيئة قائمة على كل الموضوع من الألف إلى الياء، وشرح زايد أنّ دور مديرية المنافسة هو القيام بتحقيق الشكاوى ورفع الملف إن تبين وجود مخالفة، للوزير لتحويل قضية للمدعي العام على المخالف.
وأكد أنّ القانون أعطى صلاحية تقديم هذه الشكاوى للمدعي العام وليس فقط لوزير الصناعة والتجارة بل لغرف الصناعة والتجارة والهيئات التنظيمية وجمعية حماية المستهلك، حتى دون اللجوء لمديرية المنافسة بوزارة الصناعة والتجارة، مضيفاً أنّ القانون أعطى الأريحية للتاجر والصانع في التوجه نحو القضاء ليأخذ حقه.
وقال إنّ لدينا مشكلة في نشر ثقافة المنافسة والإعلام ومخاطبة شرائح المجتمع، مؤكداً أنّ المديرية بذلت جهدها في نشر ثقافة المنافسة بتمويل سخي من الاتحاد الأوروبي، كما قامت بتدريب الموظفين والاطلاع على تجارب كثيرة، إضافة إلى إدخال مادة المنافسة بالجامعات، وتنظيم 3 مؤتمرات وطنية كبيرة تم الخروج منها بمقترحات أهمها إنشاء هيئة مستقلة للمنافسة.
وبيّن زايد أنّ لديهم مشكلة في التعيينات في الدوائر الحكومية كالجميع، وفي عدم وصول فكرة قانون المنافسة لشرائح كبيرة كالمحامين مثلاً، كأن يأتي محامي بقضية ويقول إنها قضية منافسة وتكون قضية منافسة غير مشروعة وهي ملكية فكرية.
دويك: المجلس الأعلى
قال مساعد المدير العام للشؤون الإدارية في غرفة تجارة عمان هشام دويك إنّ استحداث هيئات مستقلة عبر دمج أو تقليص أعداد الهيئات المستقلة توجّه موجود لدى مجلس النواب ومجلس الأمة عموماً.
وأضاف أنه ليس بالضرورة أن يكون الجهاز الذي نقصده هو هيئة، مضيفاً أنه إذا كان هناك تفعيل لموضوع مجلس أعلى فقد تكون صيغتة أقرب للتطبيق العملي.
العملية الإصلاحية
رأى أرسلان أنّ خلق مثل هذه المؤسسات الضخمة المستقلة يثقل كاهل القطاع العام، مضيفاً أنه يعارض ذلك، وبرأيه فإنّ ترشيد القطاع العام هو الأنسب، كأن يتم تفعيل وحدة مديرية المنافسة بالموظفين المدربين، ويقوم القضاء بالتعامل مع هذه المنظومة بطريقة جيدة، داعياً إلى تنظيم دورات مكثفة للقضاة. وأكّد أنه لا يجوز إطلاقاً في نظرية السوق المفتوح أن نأتي على عمل إصلاحات محددة ومعينة ونلبي متطلبات السوق عبر تغيير قانون معين، في حين أنّ هناك تراجعاً كبيراً في العملية الإصلاحية كلها.
وختم أرسلان أننا لا نستطيع أن نجادل في انضمامنا إلى منظمة التجارة الدولية، بل علينا القيام بإصلاحات لجعل تنافسية القطاع الاقتصادي الأردني عالية، لنستطيع مواكبة عملية الانضمام والاستمرار والازدهار الاقتصادي العالمي.
التوصيات
دعا مراد إلى ضرورة التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص في التوعية والتطبيق لقانون المنافسة، وأن يتميز القانون بالمرونة ليتلائم مع التغيرات الاقتصادية واستغلال الفرص المثلى، وان يتم تمييز المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القانون واعطائها امتيازات معينة تساعدها على الاستمرار والبقاء.
وأكد على أن حجر الأساس في تحقيق تنافسية عالية بين الدول يتمثل في التطبيق الأمثل لقانون المنافسة وسياسات منع الاحتكار، داعياً إلى استمرار التعاون بين القطاع التجاري والمؤسسات التشريعية لعكس احتياجات القطاع في ما يتعلق بقانون المنافسة وبما يتناسب مع البيئة والمتغيرات الاقتصادية.