هل ينال المؤشرات الدّولية في المعرفة شيءٌ من عدم الثقة بمصداقيّتها؛ اعتماداً على (منهجيّتها)؛ إذا ما علمنا أنّ (مؤشّر التنافسيّة العالمي)، على سبيل المثال، ينبني 70% من دلالاته على استطلاعات الرأي، وما تقدّمه من انطباعاتٍ خاطئة في بعض الأحيان عن وضع منطقتنا العربيّة؟!
وما موضوعيّة الحاجة إلى (مؤشر عربيّ)، في ظلّ الانتقادات الحادّة لكثير من المؤشّرات بسبب توقّفها بعد عام 2012، بما في منهجيّتها من ضعف، وبما يواجهه المهتمُّ من قلّةٍ للمؤشرات المرتبطة بخصوصيّاتنا نحن العرب؛ بما نعوّله عليها من أهميّةٍ كبيرةٍ في الكشف عن موقعنا على خريطة العالم المعرفيّة والتنمويّة؟!
استناداً إلى ذلك، يحمل (مؤشّر المعرفة العربي2015)، الذي تقوم عليه مؤسسة سموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إجاباتٍ على كثير من التساؤلات التي تمخّضت عن ندوة مركز الرأي للدراسات التي حاور فيها العضو المنتدب للمؤسسة جمال بن حويرب نخبةً من خبراء التعليم العالي والاقتصاديين والمهتمين بالقطاعين الثقافيّ والشبابيّ، في أهداف المؤشّر ومنهجيّته وتحديات بنائه وطموحات تطويره، وهو المؤشّر الذي جاء إطلاقه تتويجاً للجهود المشتركة بين المؤسّسة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
تناولت الندوة، التي أدارها رئيس مجلس إدارة (الرأي) الزميل رمضان الرواشدة المعرفة، أهميّة المؤشرات المعرفيّة على مستوى الوطن العربيّ والعالم لصنّاع القرار والسياسيين، والتغلّب على حساسيّة المقارنة العربية- العربيّة، والعربية- العالميّة، بكون المؤشر مفتاحاً للإنجازات المتتالية والانتقال إلى مراحل أفضل.
وفي المجال الاقتصادي، تعرّف المشاركون، في الندوة التي تحدّث فيها مستشار الاستراتيجيّة والمعرفة في مؤسسة محمد بن راشد الدكتور خالد الوزني، إلى مؤشر المعرفة العربي 2015 وتجاوزه مؤشر البنك الدولي الذي توقّف عام 2012، كما تعرّفوا إلى مجالات المؤشر في التعليم، بمستوياته الثلاثة، والإبداع، وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع الاقتصاد.
وناقشوا خطورة الوقوف عند الترتيب دون معالجة نقاط الضعف وتعزيز أوجه القوة التي حملها المؤشر، مهتمين بالوصول إلى صنّاع القرار والأكاديميين باتجاه اشتغال جامعة الدول العربيّة والزعماء العرب على مكونات المؤشر في المجالات التنمويّة والمعرفيّة.
وتطرقوا إلى أهميّة البحث والتطوير والابتكار عناصر في المؤشّر، الذي يتميّز عن جميع المؤشرات العالميّة بإضافة التعليم الفني والتدريب المهني، بوصفه من أهمّ أنواع التعليم المطلوبة في الوطن العربي والمتميّزة على مستوى العالم؛ فضلاً عن أنّ خبراء المؤشّر لم يهتمّوا فقط بالمؤشرات الكميّة، بل بجودة مخرجات العمليّة التعليميّة في التعليم قبل الجامعي.
ووقفوا عند نماذج من توصيات المؤشر في موضوع جودة التغيرات التعليميّة، وارتباط ضعف الطلبة العرب في الرياضيات، مثلاً، بضعفهم في مادة اللغة العربيّة، التي يرتبط بضعفها، أيضاً، تزايد العنف بين الشباب في المنطقة العربيّة، الذي تؤثر فيه كذلك البيئة الأسريّة والمدرسيّة والثقافيّة بوجهٍ عام.
وأكّدوا أهميّة (التعليم العالي)؛ بصفته المخرج النهائيّ للعمليّة التعليميّة في الوطن العربي، بتوطيد قيم المجتمع وروح المواطنة والمشاركة المجتمعيّة، كما اهتموا بالمشكلات الاقتصاديّة كونها من أخطر التحديات التي تواجه المنطقة العربيّة، مناقشين قضايا النجاح أو الإخفاق في النظم الاقتصاديّة والأداء التنظيمي والمؤسسي والموارد البشريّة والتنافسيّة والتطور الإبداعي للهيكل الاقتصادي واقتصاد المعرفة والبيئة التمكينيّة للاقتصاد.
وتعرّفوا إلى اختبار مؤشر المعرفة العربي 2015 بمراجعة منهجيّته الاقتصادية والعامّة من مؤسسات عالميّة على رأسها المنظمة الدولية للتقييم، وإطلاق مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لموقع بوابة المعرفة للجميع2015 الالكتروني، واهتمامها بإجراء الدراسات التحليليّة، وعدم وقوفها فقط عند مؤشر الأرقام.
وتطرقت التوصيات إلى أهمية المؤسسة التربوية، في بثّ قيم التسامح والحوار، وشفافية المؤشر وتأثيره في التخطيط الرشيد وحماية الأمن الوطني، وارتباط اللغة والمعرفة والثقافة، وأهميّة توفير معلومات المؤشر العربية باتجاه نقل المعرفة وإدماجها وإنتاجها، بدلاً من استهلاكها، وحثّ الطلبة على توليدها، وإيجاد مرجعيات عربيّة لتوفير (داتا) مؤشر المعرفة العربي، والاهتمام بمقارنة الإنجازات بالأفضل، والإجابة على السؤال العريض: أين نحن من العالم؟!
حساسيّة المقارنة
قال بن حويرب إنّ (مؤشر المعرفة) كان فكرةً وطموحاً لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم،ليكون هذا الطموح إطار عمل يتميز بالمواكبة والتحديث والاستمرارية، متناولا ثلاثة تقارير لدى المؤسسة، منهما تقريران قبل ما يسمى (الربيع العربي)، وثالثٌ بعده.
ووضع حضوره ببدايات الفكرة في تساؤله مع المهتمين والخبراء عن أهميّة المؤشّرات المعرفيّة على مستوى الوطن العربيّ؛ هادفاً إلى مدى صدقيّتها بعد عام 2012، مع علمه بحساسيّة أن تُصنّف الدول العربيّة بناءً على هذه المؤشرات، واعترافه، أيضاً، بأنّ كلّ دولة عربيّة لها معايير، وفيها نصيبٌ من التميّز أو الإخفاق بناءً على هذه المعايير.
وتوّخى بن حويرب أن يعرف أصحاب القرار العرب أين هم من (المعرفة)، دون أن يقارنوا أنفسهم بمؤشرات المعرفة الدوليّة؛ لكي لا ينال منهم الإحباط أو يصيبهم القنوط، لأن من المهم للموظفين وللأبناء والبنات ألا يقارنوا بمن هو أفضل منهم بمراحل كثيرة، ولكن يمكن أن يقارنوا بزملائهم الذين هم أقرب لهم، لكي ينتقلوا من المرحلة التي هم فيها إلى مرحلة أفضل، مدللاً بأننا إن قارّنا على سبيل المثال دولةً عربيّةً من خلال وزارة فيها بوزارة في أمريكا أو في السويد، فمن الممكن أن يكون في هذا إجحاف كبير يؤدي بمن يقرأ هذه المقارنة إلى أن يصاب بالإحباط.
وساق نقاشاته في هذا المجال مع مقدّم برنامج (خواطر) أحمد الشقيري، حول عدم جدوى مقارنة البرنامج، على سبيل المثال، شوارع اليابان بشوارعٍ في السعودية، أو مقارنة بلدية في السعودية ببلدية في السويد، مقترحاً جدوى أن نقارن بلدية في السعودية ببلدية في دبي، مثلاً، حيث دبي هي جارة للسعودية، خالصاً إلى معنى المقارنة بعد ذلك بوصف البلديتين ينتميان إلى الخليج العربيّ، ما يولّد المنافسة والاشتغال على التطوير في الأنظمة. ومثل ذلك قال بن حويرب بجدوى مقارنة تونس بالمغرب على سبيل المثال، كون البلدين ينتميان إلى المغرب العربيّ، ليكون للمقايسة واستخلاص الهدف جدوى وفائدة في سؤال التفوّق مثلاً في البحث العلمي أو التطوير الإداري، وهكذا، في حين رفض بن حويرب فكرة أن نقارن البحث العلمي في تونس بالبحث العلمي في بريطانيا التي يصرف عليها مئات المليارات، واجداً في ذلك كثيراً من الإجحاف.
وذكر من الأشخاص المهتمين والمعنيين في هذا المجال: سيما بحوث، وهيلن كلارك، والدكتور خالد الوزني الذي عمل في موضوع (المؤشر)، فكان أنّ وقتاً قياسيّاً كان في إنجاز هذا الموضوع. وتحدث عن الفكرة عند بعض الدول الأوروبيّة ورغبتها في أن تخرج في أوروبا عبر البرلمان الأوروبي أو الاتحاد الأوروبي، مقارناً بالجهد العربيّ لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، خصوصاً وفكرة (مؤشر المعرفة) في مراحلها الأخيرة.
أهمية المؤشر
وشرح بن حويرب أهميّة المؤشّر وأهدافه بأنّ كل صاحب قرار في الوطن العربي يحتاج إلى أن يعرف أين وصل جاره، وتحديداً الجار القريب، كما أنّ الدول عليها أن تعرف الفوارق بالمعايير الست التي اتخذت، بوصفها من أقوى المعايير عالمياً وفقاً للمؤشرات الدولية.
ونبّه إلى أنّ المؤشرات ليست عصا سحرية لتغيير الحال، وإنما هي أداة لمعرفة ما نحن عليه للانتقال إلى الدرجة التي تليها، مضيفاً أنّ اعتماداً لصالحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وبقوّةٍ، على هذه المؤشرات؛ إذ ينظر إليها على أنها مفتاح للإنجازات المتوالية، ولهذا رأى بن حويرب أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة استطاعت في فترة قياسية أن تحوز الدرجات العليا المتفوقة في المؤشرات العالمية، موضّحاً أننا دائماً ما نجد الإمارات الأولى عربياً، أو الخامسة عالمياً بالمؤشرات العالمية، خالصاً إلى أنّ هذا المؤشر سييؤثر على الدول فيحفزها على التفوق والمنافسة، ويحدد لها مكانها في الخريطة الدولية لتنطلق منها إن كانت جادة ذات وعيٍ تريد أن تسعد شعبها كما يفعل حكام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتحدث بن حويرب عن وزارة السعادة في دولة الإمارات، متناولاً سعادة الشعب، وهدف استحداث وزارة للسعادة، متمنياً لجميع الدول العربية أن تكون سعيدة موفقة في جميع أعمالها وجهودها وممارساتها الحكومية والخاصة، مؤكّداً أنّ مؤشرات المعرفة مهمة، حيث مؤشر المعرفة في مؤسسة محمد بن راشد UNDP هو المؤشر الوحيد في العالم الذي يصف حالة المعرفة في الوطن العربي.
الوزني: المؤشر الاقتصادي
انطلق الدكتور خالد الوزني من أهميّة الحوار في مجال مؤشّر المعرفة أمام خبراء في موضوع التعليم وممارسين على أرض الواقع في السياسة التعليمية.
وتحدث عن بدايات الفكرة، وصعوبة، بل استحالة المضيّ في المشروع خلال الفترة للوهلة الأولى، مبيّناً الجهد الكبير الذي كان يستلزمه ذلك، لافتاً إلى جهود الفريق المركزي وتحديداً الدكتور هاني تركي في هذا البرنامج، وفقاً لتوجيهات مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم وجدّيتها، وهو سببٌ مهمٌّ وراء هذا النجاح.
ولفت الوزني إلى ميزة (المؤشر) في أنه تجاوز مؤشر البنك الدولي الذي توقف عام 2012 ، بالرغم من أنّ ذلك المؤشر لم يطرح المجالات التي طرحها هذا المؤشر، فلم يجد مؤشر البنك الدولي الصدى، عدا كونه مختصراً للغاية، مضيفاً: حاولنا أن نستفيد كفريق مركزي من المؤشر في الجانب الاقتصادي؛ لأن تركيزهم كان على هذا الجانب، وعندما طرحنا الجانب الاقتصادي توسّعنا أكثر بكثير ممن حصروا أنفسهم في مؤشر.
وعرّف بمراحل صياغة المؤشر مع مجموعة الخبراء، مشيراً إلى أن هذا المؤشر تكون من 6 مجالات، شرح منها المورد البشري متمثلاً بالتعليم، مبيّناً أنّنا إذا أردنا بناء مؤشر المنطقة العربية التي يزيد فيها الشباب عن 50%، فعلينا أن نأخذ المورد البشري المتمثل بأن 3 قطاعات من قطاعات المؤشر هي للتعليم، ذاكراً التعليم قبل الجامعي والتدريب المهني والتعليم الجامعي، مضيفاً أنّ 3 قطاعات من الستّة قطاعات المتعلقة بالمؤشر، كانت متعلقةً بموضوع التعليم.
وذكر الوزني القطاع المتعلق بالريادة والإبداع، مضيفاً إليه القطاع الخامس وهو قطاع تكنولومجيا المعلومات والاتصالات، والقطاع السادس وهو قطاع الاقتصاد ومجالاته.
وعرّف بالجهد المبذول في هذا الموضوع، ذاكراً أنّه وفي كل قطاع عقدت جلسات عمل مطولة مع معنيين، متوقفاً عند القطاع الاقتصادي، بحكم تخصصه، حيث تم عمل أول 3 أوراق مرجعية من 3 مختصين، وتم تكليف 3 مختصين في المجال الاقتصادي بالكتابة في موضوع الاقتصاد وعلاقته بالمعرفة والقطاعات المتوسطة، وأضاف الوزني أنّ الفريق المركزي عقد عدة جلسات طويلة من أجل معرفة التداخل، خصوصاً في الاقتصاد والحديث عن مستوى انتشار التطبيقات الذكية في التجارة، وموضوع ict.
وقال إنّ جلسات عصف ذهني عقدت مع مختصين من عدة دول عربية في كل مجال شارك فيها خبراء من لبنان ومصر والأردن- الدولة المستضيفة، وكذلك في التعليم وغيره، فكانت تعقد عدة جلسات في المغرب وتونس ومصر.
وتحدّث الوزني عن اجتماع الفريق المركزي في البدايات، مؤيّداً بن حويرب في أننا لا نريد أن نرتب الدول، وإنّما نريد مؤشراً يعطي (بروفايل) لكل دولة لثلاثة أمور، منها أن ينظر صانع القرار حتى لنقاط ضعفه وقوته ، ثم يتخذ القرار المناسب لتعزيز نقاط القوة والتعامل مع نقاط الضعف.
واهتمّ بإفادة المختصين في هذا المجال، في معرفته الجديدة بالمؤشر، متعجّباً من أنّه حتى بعد أن خرج المؤشر ما يزال هناك في الدول العربية من يسعى إلى الترتيب، لافتاً إلى أنّ البعض رتب ترتيباً خاطئاً، وشرح الوزني هذه المغالطة بأنّنا مثلاً لو أردنا أن نأخذ التعليم العالي في الأردن بناء على المؤشرات التي جمعناها فقد تكون بعض البيانات من واقع 2014 ، غير أنّ المؤشر في الإمارات مثلاً قد يكون مبنيّاً بعام 2015، وهو ما يشير إلى أنّ البيانات مختلفة. ومن ذلك، رأى الوزني أنّ ذلك سيكون هدفاً جديد للمؤشر، موضّحاً أنّ كل دولة تعرف مستواها الأفضل في الوقت الحالي وتأخذ بالمؤشر.
تركي: عيوب المنهجيّة
ذكر منسق مشروع المعرفة العربي الدكتور هاني تركي أنّ من أهداف نشر مؤشر المعرفة العربي الوصول إلى صناع القرار والخبراء والأكاديميين للاستفادة من خبرتهم، مضيفاً أنّ مؤشر المعرفة العربي تنبع أهميّته من أنّ السّاحة الدولية فيها العديد من المؤشرات والأدلة التي لها علاقة بالمجالات التنموية والمعرفية، ولا نستطيع الإنكار أنّ هذه المؤشرات أسهمت في الكشف عن موقع المنطقة العربية على خريطة العالم المعرفية والتنموية، ودلل بأنّ الآونة الاخيرة ظهرت فيها انتقادات حادة لهذه المؤشرات، حيث أنّ هذه المؤشرات إما توقفت بعام 2012 مع ضعف المنهجية المستخدمة وقلة المؤشرات المرتبطة بخصوصيات المنطقة العربية أو ضعف المنهجية المستخدمة ببعض المؤشرات مثل مؤشر التنافسية العالمي.
وقال تركي إنّ مؤشر التنافسية العالمي يعتمد 70% من مؤشراته على استطلاعات الرأي، وهذا يعطي انطباعات خاطئة في بعض الأحيان عن وضع المنطقة العربية، عدا أنّ هذه الأدوات تظل عاجزة عن النفاذ إلى الوضع بالعربي والتعرف على مشاكله الحقيقية.
وتحدث عن بداية فكرة عملية بناء مؤشر المعرفة، وظهور مجموعة من التقارير المعرفية، نحو رؤية محددة وواضحة هي إقامة مجتمع يقوم على مركزية المعرفة المبدعة والخلاّقة، وكذلك توفر مجموعة من البيانات، بالإضافة إلى تقريرٍ قبل الربيع العربي عام 2009 وتقريرٍ أثناءه عام 2010-2011 وتقريرٍ بعد الربيع العربي عام 2013.
البحث والابتكار
وقال إنّ الاختيار ابتدأ لبناء مؤشر معرفة عربية لبناء 6 مكونات حيوية أظهرتها نتائج المعرفة الحيوية في 6 قطاعات، منها البحث والتطوير والابتكار، لافتاً إلى تميّزنا في هذا المؤشر الفرعي، شارحاً أنّه في جميع المؤشرات الدولية يتم الفصل بين البحث والتطوير من جهة والابتكار من جهة أخرى، وأنّ ورشات عمل عُقدت مع الخبراء المختصين في الوطن العربين قالوا بوجوب أن يتم الربط بين البحث والتطوير والابتكار، نظراً لأنّ هذه العناصر تشكّل حلقة واحدة ولأنّ ارتباطاً كبيراً بينها.
ووقف تركي عند التعليم ما قبل الجامعي، والتعليم التقني والتدريب المهني، مشيراً إلى أنّ مؤشر المعرفة العربي يتميز عن جميع المؤشرات العالمية بإضافة التعليم الفني والتدريب المهني؛ بوصفه من أهم أنواع التعليم المطلوبة في الوطن العربي والمتميزة في جميع أنحاء العالم.
وتحدث عن التعليم العالي، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واقتصاد المعرفة. وقال إنّ هذه القطاعات الستة لم ننظر إليها على أنها مؤشرات فرعية منفصلة عن بعض، ولكن بوصفها مؤشرات مرتبطة؛ إذ يوجد بعض المؤشرات الفرعية المتداخلة فيما بينها، لنكوِّن مؤشر معرفة يربط بين الستة قطاعات بحسب منهجيتنا، وأخذنا بعين الاعتبار أنها من أهم القطاعات التي تؤثر على الوضع المعرفي ومجتمع المعرفة واقتصادها في المنطقة العربية.
وفي نظرته للتعليم ما قبل الجامعي، قال تركي إنّ التعليم هو المكون الأم في منظومة نشر المعرفة وهو صانع الإنسان المبدع والمبتكر وصانع العقول المتميزة التي تستطيع أن تنتج ثروة المعرفة «رأس المال المعرفي الحديث»، كما أنّ خبراءنا لم يهتموا بالمؤشرات الكمية فقط، بل اهتموا بجودة مخرجات العملية التعليمية في التعليم قبل الجامعي، كما أخذنا بالاعتبار معدلات الالتحاق والإتمام وجودة النماذج وجودة المخرجات. وتحدث عن المسوح الميدانية التي تم الاشتغال عليها في تقارير المعرفة العربية السابقة مثل تقرير عام 2014 ، موضحاً أنّ فريق العمل أخذ بعين الحسبان مهارات الطلاب المعرفية والبيئات التمكينية والاهتمام بالنواتج وجودة التعليم.
اللغة العربيّة
وتناول تركي في أحد الدراسات، أثناء العمل لرؤية أهم المتغيرات وقياس جودة التغيرات التعليمية، اهتمام الخبراء باللغة العربية وضرورة التواصل بها وإجادة الطلاب لها. وقال إننا عملنا بحثين مهمَّيْن ظهر خلالهما أنّ ضعف الطلاب في مادة الرياضيات في الوطن العربي إنّما يعود إلى ضعف اللغة العربية، وأن الطلاب لا يستطيعون ترجمة المسائل بسبب ضعف اللغة العربية، كما أنّ ضعف الرياضيات لا يعود إلى ضعفٍ في مهارات الطلاب، وإنما إلى ضعفهم في اللغة العربية.
وتحدث عن تزايد العنف بين الشباب في المنطقة العربية الذي يرجع إلى ضعفهم في اللغة العربية، مضيفاً أنّ الطلاب العرب وبسبب ضعف المخزون اللغوي لديهم، فإنّ أي نقاش يتم بينهم ينتهي بالمصطلحات إيّاها، فيتجهون بعد هذا النقاش لأسلوب العنف، بل ويزداد العنف بين الطلاب والشباب العربي. ورأى تركي علاقةً بين ضعف اللغة العربيّة وازدياد العنف بين الشباب العربي. كما تناول موضوع إدارة المنظومة التعليميّة وحوكمتها ، للإجابة على السؤال: هل المنظومة لديها القدرة على التقييم والتجديد وإدارة المعلومات التي تساعدها على تطوير نفسها أم لا؟!.. وتحدث عن البيئة التمكينية، والبيئة الأسرية والمدرسية وفق ربط واضح، متعجباً: هل البيئة المدرسيّة والأسرية تساعد الطلاب على الإبداع والابتكار والتفكير الناقد وترسِّخ قيم الاختلاف مع الآخر أم لا؟!.. وتناول السياق التنموي العام للإنفاق على التعليم، والمناخات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي حديثه عن المهارات والقيم والبيئات التمكينية، تطرق تركي إلى موضوع التعليم التقني والتدريب المهني، واجداً أنّ الخبراء رأوا عندنا أن للتعليم دوراً محورياً في التنمية وتسيير دفة الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
وقال إنّ قطاع التعليم التقني هو القطاع الأول الذي يستطيع التكيف بسرعة مع ثورة التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وذكر أنّ بعض الدول يقوم اقتصادها على التعليم التقني والمشروعات الصغيرة وقيادة الأعمال مثل ألمانيا، في كيفيّة الاهتمام بالتعليم الفني والتدريب المهني، لافتاً إلى أنّ المنطقة العربية عادت قبل سنوات قليلة لتؤكد على التعليم الفني والمهني، بوصفه مؤشراً
أساسيّاً في مؤشرات المعرفة العقلية لارتباطه الكبير بسوق العمل، وقال إننا قسمنا المتغيرات الفرعية لعرض قوى العمل والطلب على القوى العاملة والأعمال، فربطنا التعليم الفني بسوق العمل.
مخرجات التعليم
ورأى تركي إنّ التعليم العالي ليس له فائدة من ناحية اقتصادية فقط، وإنما بوصفه المخرج النهائي للعملية التعليمية في الدول العربية؛ إذ يوطِّد قيم المجتمع وروح المواطنة والمشاركة المجتمعية. وتحدث عن مدخلات التعليم العالي وارتباطها بمخرجات التعليم قبل الجامعي بأوزان مختلفة، وجودة عمليات التعليم العالي ومخرجات التعليم العالي والنسق المجتمعي، مؤكّداً في ذلك موضوع البيئات التمكينية.
وعن مخرجات التعليم العالي، قال إنّ خبراء الوطن العربي أجمعوا على أن لها وزناً أعلى من المدخلات وجودة العملية التعليمية، مؤيّداً ذلك بأنّ 60% تم أخذها لمخرجات التعليم العالي.
وحول موضوع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، قال إنّ الآراء انقسمت حول هذا الموضوع، هل يدخل كقطاعٍ رئيسٍ أم متداخل مع جميع القطاعات؛ بمعنى هل له تأثير على الاقتصاد، والتعليم، والبحث والتطوير والابتكار.
وأضاف أننا لو أخذنا الرأي الذي ساد كاستخدام فقط، فلن نستطيع أن نقيس البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الدول العربية، مؤكّداً أنّ الدول العربية لديها تميّز كبير في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
من أجل ذلك، قال تركي إننا قسناها من ناحيتين: مؤشرات غير مباشرة مرتبطة بالقطاعات المختلفة وهي التعليم والبحث العلمي والتنمية والرعاية الصحية، ومؤشرات مباشرة وهي البنية التحتية، وسهولة استخدام التكنولوجيا وكلفة استخدام التكنولوجيا ومدى توافر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم وفي المجالات الأخرى. وفي حديثه عن قطاع الاقتصاد، قال إنّ التحدي الاقتصادي من أخطر التحديات التي تواجه المنطقة العربية، موضحاً أنّ الخبراء رأوا أنّ النظم الاقتصادية لو كانت ضعيفة فسيكون هناك نوع من عدم الاستقلالية في اتخاذ القرار، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى مشاكل معرفية كبيرة جداً.
التنظيم المؤسسي
وذكر تركي 3 مؤشرات فرعية للاقتصاد، هي الأداء التنظيمي والمؤسسي والموارد البشرية التي هي عبارة عن مؤشرات فرعية أخرى، مهتماً بالانفتاح على العالم الخارجي والتنظيم المؤسسي والتمكين المؤسسي والموارد البشرية. وأضاف لذلك موضوع التنافسية والتطور الإبداعي للهيكل الاقتصادي، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتداخل مع قطاع اقتصاد المعرفة بالتبادل التكنولوجي والبيئة التمكينية للاقتصاد.
وفي موضوع البحث والتطوير والابتكار، سأل تركي: هل كان رأي الخبراء عندما، سألناهم فيما إذا كان معنى الدولة أن تكون قوية بالبحث والتطوير، يحيلنا إلى أن البحث والتطوير يكون قويّاً أم لا؟!.. مجيباً أنّ الخبراء رأوا أنه يوجد ابتكار قائم على البحث والتطوير، مثلما هنالك ابتكار آخر قائم على الخبرة، موضّحاً بأنّ العامل الذي يقف أمام آلة في مصنع يمكن له بخبرته أن يطور بهذه الآلة ويعمل عملاً مبتكراً لزيادة الإنتاج، وهو ما لم يأتِ من بحث وتطوير، وإنما من خلال الخبرة المكتسبة عن طريق العمل.
وقال إنّ البحث والتطوير والابتكار عناصر ارتبطت ببعضها بعضاً، نظراً لأهميتها، لافتاً إلى بعض المجهودات التي تحاول أن تصنع مؤشراً للابتكار، مستدركاً أننا سبقناهم في هذا المجال بتقسيمه إلى 3 أجزاء: الابتكار والبحث والتطوير التجريبي والبيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية.
وأكّد تركي أنّ هذه هي المنهجية التي بنينا عليها مؤشر المعرفة العربي، وقال إننا لم نكتفِ بذلك، بل وجهنا منهجيتنا لـosd والبنك الدولي والمنظمة الدولية للتقييم التي تعمل اختبارات لمراجعة منهجيتنا اقتصاديةً كانت أم عامة.
وقال إنّ أكثر ما أفرحنا في الـundp أننا في كل عام نعمل تقرير التنمية البشرية ومؤشر التنمية البشرية، مضيفاً أننا في السنة الماضية وعندما بعثنا لهم المؤشر والمنهجية، سألونا لماذا عملنا هذا المؤشر مدة 3 سنوات من دون أن نخبرهم، فقلنا لهم إننا فقط في 6 اشهر نعمل بهذا، فأعطونا الاعتماد لهذا المؤشر، مع العلم أنّ undp لم تصدر تقريراً للتنمية البشرية منذ سنة 2009، بينما نحن عملنا المؤشر في عام، معرباً عن تقديره للدكتور خالد الوزني والفريق الذي معه، في العمل طوال عام كامل.
وأضاف أننا نحاول تحديث بياناتنا بسرعة حتى لا يقال إنّها قديمة، وأنّ الهدف من المؤشر عندنا هو أن نظهر نقاط القوة والضعف لدى الدول العربية، وتحديداً نقاط القوة، مبيناً أنّ هناك تجارب ناجحة عند الدول العربية نحاول تسليط الضوء عليها، مثل المغرب التي هي من الدول الناجحة في التعليم الفني ولديها تجربة رائدة، منوهاً بأنّهم سينقلون هذه التجربة إلى الدول العربية، بالإضافة إلى التجارب الأخرى.
وقال تركي إننا لن نتوقف عند مؤشر أرقام، وإنما سنقوم بإجراء دراسات تحليلية لمؤشر عام 2015 مع إلقاء الضوء على التجارب الناجحة حتى تستفيد الدول العربية التي لها الخصائص نفسها من التجارب العربية.
وأكّد أنّ كلَّ هذه البيانات موجودة في بوابة المعرفة للجميع ولم نكتفِ، مضيفاً أنّ سموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أطلق هذه البوابة في عام 2015، وهي بوابة تشتمل على كل تقارير المعرفة السابقة ومؤشر تقرير المعرفة العربي والمؤشرات الأخرى التي لم تدخل في مؤشر المعرفة العربي، وقال إنّ الباحث والأكاديمي وصانع القرار يستطيع عمل تخزين أو تحميل للبيانات ويستطيع أن يضعها بصيغة رسوم بيانية لاستخدامها في بحثه، لأنّ تميّزنا هو في أنّ الباحث يستطيع أن يضعها كصورة متكاملة عن البيانات للاستفادة منها.
ودعا الكتاب والباحثين إلى أن يبعثوا مقالاتهم العلمية وكتبهم لوضعها على البوابة كما أنّ الجميع يستطيع أن يستفيد منها، بل إنّ كل الأحداث المعرفية التي تتم في الوطن العربي وخارج الوطن العربي موجودة بملخّصٍ عنها لمشاركة الباحثين في هذه المنظمات.
الدحيات: التربية والعنف
أكّد الوزير الأسبق الخبير التربوي الدكتور عيد الدحيات أهميّة أن يكون لدينا مؤشر عربي، معرباً عن تقديره لجهود الإمارات العربية في هذا الموضوع. وقال إنّه يجب أن يكون هناك تركيز على التعليم وارتباطه بالتربية، محبذاً أن يكون أمامنا مؤشر للتربية، وما هي الأخلاقيات والمسلكيات التي نعطيها لطلابنا، متحدثاً عن العنف الجامعي والعنف بالمدارس وظواهر مجتمعيّة عديدة، وكيف تقوم مؤسسات التربية بتعليم هذا الجيل، مهتمّاً بأن تكون هناك مؤشرات على تربية الأجيال.
وتحدث عن مؤشر يقيس التحسن في التسامح بين الطلبة والاحترام وسماع وجهات النظر، والاستماع الجيّد، مهتماً بمنظومة القيم والأخلاقيات والمنهجية في التعامل مع الناس، خالصاً إلى ضرورة إعطاء التربية وزنها الذي تستحقه، وألا نقتصر على التعليم فقط.
وقال الدحيات إنّ واحدة من أهم المؤشرات هي كيف تخوض مؤسسات التربية، وخاصة التعليم العالي، في خدمة المجتمع عن طريق الأبحاث أو حل مشكلات المجتمع، ليس من ناحية علمية، وإنما من ناحية اجتماعية، مبيناً أنّ هناك مشاكل اجتماعية قائمة في الوطن العربي، متسائلاً عن دور الجامعات العربيّة، كجامعة القاهرة والجامعة الأردنيّة في حل هذه المشكلات وتشخيصها، وتطبيق الحلول على أرض الواقع.
كما تساءل في موضوع خدمة المجتمع من ناحية اجتماعية واقتصادية وتربوية، عن الدور الذي قامت به مؤسسات التعليم العالي، مهتمّاً بمؤشر في هذا المجال.
ورأى أنَّ أخطر مرحلة هي مرحلة التعليم الابتدائي، أو مرحلة الصفوف الستة الأولى، موضحاً أنّ هذه السنوات هي التي يتشكل فيها الإنسان من ناحية شخصية وتعليمية. وقال إننا في الأردن لدينا، بحسب وزير التعليم العالي، أعداد بالألوف لا يعرفون يقرأون ويكتبون في المرحلة الابتدائية، وهناك خطر في التعليم الابتدائي وما قبل الابتدائي في رياض الأطفال.
كما رأى أنّ هذا التصنيف أو المؤشر مهم جداً لصانع القرار في أن يطَّلع عليه التربوي أو صاحب القرار في وزارة التنمية الاجتماعية أو صاحب القرار في الاقتصاد والإدارة، والذي يبدو لعامة الناس أنه غير مهم بينما في حقيقة الأمر أنه من أخطر مؤشرات التقدم في التعليم.
كما أكد على ضرورة اطلاع صانع القرار في الوطن العربي على المؤشرات التربوية في دول العالم ، ليستطيع المقارنة بين مؤشرات التعليم في بلده والبلدان الأخرى، حتى يعرف نوعية التعليم من خلال المقارنة مع الآخرين.
المعايطة: الأمن القومي
رأت الوزير الأسبق الدكتورة رويدا المعايطة أنّ التقارير المعرفية مهمة لما تتضمنه من شفافية، ليس فقط لصاحب القرار، وإنّما أيضاً للطلبة أنفسهم، لأن اهتمام الطالب بات منصبّاً على (لماذا هو هنا؟!، وما الفائدة المتوخّاة من وجوده هنا أو هناك؟!.. وما المستوى الذي يجب أن يكون عليه؟!). ودعت المعايطة، بصفتها رئيساً أسبق للجامعة الهاشميّة، إلى عمل قوة ضغط جماعيّة من أعضاء الهيئة التدريسية والمستثمرين بالتعليم تتابع مع الحكومة لتحقيق الإنجازات، وأعربت عن رضاها لهذه المؤشرات الممتازة التي نحتاجها في الفترات القادمة بصفتها وازنة في هذا المجال.
وذكرت من خبرتها في الإدارة أنّها كانت في سنة 2009 في عمل رسمي بأمريكا في موضوع National Comity من أجل حماية الأمن الوطني، وذكرت أنّ الهدف هو الإجابة على التساؤل حول مادتي الرياضيات والعلوم اللتين تكون علامات الأميركيين فيهما متدنيتين، في حين أنّ الصينيّين يحصلون على علامات أكثر من اليابانيين، معتبرةً هذا جزءاً من الأمن القومي، داعيةً إلى إيلائها الأهميّة التي تستحق، لكي نقارن كدول عربيّة في هذا السياق مثلما يفعل الآخرون.
ومن قراءتها التقرير، رأت المعايطة أنّ توجيه المؤشر لصانعي السياسات من أجل التخطيط الرشيد، يجب أن يرافقه اطّلاع الأكاديميين عليه، بل كلّ المعنيين، وتحديداً قيادات الدول نظراً لأهميّة هذه المؤشرات، مبيّنةً أنّ قرارات البرلمان أو الحكومات تنبني على هذه المؤشرات التي نستند إليها في تخطيطنا وقراراتنا ومعرفة التطوير الحاصل في أكثر من موضوع.
وتحدثت عن التعليم والبيئة المدرسية والجامعية، مدللةً بمؤشرات البيئة الجامعية في موضوع النوادي؛ ووجود نشاطات الطلبة داخل الجامعة وخارجها، ذاكرةً أنّ 10% فقط من طلاب الجامعات يهتمون بنوادي هذه الجامعات.
وفي موضوع تكنولوجيا المعلومات، تناولت المعايطة موضوع الـ Network Security لأن حماية المعلومات في الدول تُعدّ واحدةً من الإبداع، بوصف الحرب القادمة تكنولوجيّة، فلا بد من مؤشر.
ورأت أنّ التقرير كان ممتازاً في التطبيق والتحليل، مهتمةً بعمل اختبار لجوانب معيّنة، وتشجيع استعماله بأبحاث المهتمين ودراساتهم، وأن تكون هذه المؤشرات موضع اهتمام جامعة الدول العربية وزعماء العرب والعالم، ونادت المعايطة بالمنافسة وإطلاع الكثير على التقرير وتغذية الروح التنافسيّة، ذاكرةً من طرف آخر في موضوع التنمية البشريّة أن تقارير كثيرة لم تكن فاعلة في التغيير، معربةً عن تقديرها للجهود المبذولة في مؤشر المعرفة العربي.
شاهين: الثقافة العربيّة
أكّد أستاذ اللغة الإنجليزية وآدابها في الجامعة الأردنيّة الدكتور محمد شاهين أنّ الاهتمام باللغة العربيّة يعطي أفضلية، مضيفاً عاملاً مهمّاً هو الثقافة، مناقشاً الدكتور بن حويرب في هذا المجال، مبيّناً أننا أصحاب مشاكل كبيرة في الثقافة، ونهمل الثقافة والمعرفة، مقترحاً الاهتمام بالمعرفة والثقافة في الوقت ذاته.
ورأى شاهين أنّ المعرفة أمرٌ شائك، مهتماً بالتنقيب عن المعرفة الضرورية التي تربط كل حياتنا من أولها حتى آخرها وتمتلك الثقافة، فهي ليست مجرد كتب وتكنولوجيا، بل طريقة حياة، منادياً باللغة والمعرفة والثقافة، مدللاً بما قاله إدوارد سعيد من أن اللغة تفرض نفسها علينا.
الطويسي: الحصول على المعلومة
قال العين الدكتور عادل الطويسي إنّه من المتابعين لتقرير المعرفة العربي، بصفته كان أميناً عامّاً للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا من 2008-2010 وأتيحت له الفرصة لأن يتابع تقارير المعرفة العربي. ورأى أنّ من الإشكالات التي يواجهها التقرير الحصول على المعلومة من البلدان العربية، خصوصاً وأنّ المؤسسات الرسمية العربيّة تحديداً تمتنع عن كشف المعلومات التي لديها، نظراً لاعتقادها بخطورة المقارنة مع الدول.
وأضاف أنّ تقارير مؤسسة محمد بن راشد كانت سبباً في إنشاء مرصد في الأردن اسمه مرصد البحث والتطوير والابتكار بالتعاون مع الإسكوا عام 2011 ومقره المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، مضيفاً أنّ ثمّة نقصاً لدينا في المعلومات التي تتعلق بالبحث والتطوير والابتكار.
ووصف الطويسي، بصفته رئيساً أسبق للجامعة الأردنيّة ووزيراً أسبق للثقافة، هذه المؤشرات بأنها مؤشرات دولية ومعترف بها، واجداً أنّه من الجيد أن تتكون لدينا مؤشرات خاصة بالوضع العربي أو الثقافة العربية، مستدركاً أنّه لا يجوز أن نغفل المؤشرات العالمية وأن تكون هي نقاط المرجعية بالمقارنة، وقال إنّه ليس مهماً كثيراً مقارنة دولة مع دولة؛ منادياً بأن نقارن مع المعدل العالمي.
وقال إنّ مراحل امتلاك المعرفة هي نقل المعرفة، وإدماجها، ومن ثمّ إنتاجها، متسائلاً: لماذا لا تكون هناك مؤشرات تتعلق بهذه المراحل الثلاثة؛ بحيث نعرف كل بلد عربي كم عمل على نقل المعرفة وكم عمل على إدماجها، وهل توصل إلى رحلة إدماج المعرفة أم لا، واجداً فائدةً كبيرة في أن تكون لدينا مؤشرات خاصة في المقارنة بين الدول العربية.
السعودي: روح الإصلاح
ناقش الخبير التربوي الوزير الأسبق الدكتور فايز السعودي المتطلبات السابقة لمؤشر المعرفة، وافتراض أنّ العالم العربيّ منتجٌ للمعرفة، لا مستهلك لها، مهتماً بالعودة إلى بناء الإنسان منذ البداية وحتى في إطار الأسرة لنصبح منتجين للمعرفة.
ورأى أنّ المعرفة هي روح الإص لاح، وأنّ أي إصلاح في العالم سواء كان اقتصاديّاً أم بيئيّاً أم اجتماعيّاً أم سياسيّاً إنما يبدأ بالمعرفة، مثلما يبدأ بالروح الإصلاحية للمعرفة.
وفي حديثه عن متطلبات المعرفة، لكي نصبح منتجين للمعرفة، دعا السعودي إلى العودة إلى التراث، ودلل بأنّه في الفترة العباسية الأولى كان العرب منتجين للمعرفة، ذاكراً أنّ الفارابي وضع سنة 257 هجريّة أسس تربية الطفل التي أخذها عنه الأجانب.
وتحدث عن المعرفة باللغة العربيّة، متعجباً لهذه الحال، خالصاً إلى أنّه إذا كانت هناك معرفة باللغة العربية فإنّ هناك إنتاجاً للمعرفة. وتابع بأنّ القضية ليست قضيّة اهتمام باللغة العربية، فالأكاديمي على سبيل المثال مهتم كثيراً بالمراجع العربيّة.
ورأى أننا يجب أن نعود إلى المعرفة التراثية، ونستخلص منها أشياء مهمّةً، متناولاً مجتمع المعرفة الذي لا يجوز أن نحصره في مكان معين؛ لأنّ المعرفة موجودة في كل مكان من خلال رجال الدين والتلفاز والشارع والمعلم.
واهتمّ بأننا يمكن أن نعلم الطالب كيف يولد المعرفة، متحدثاً عن عام 2002 واقتصاد المعرفة والعودة إلى التعليم التقليدي ورؤية أنّ المعرفة هي الهدف، متعجباً: كيف نستطيع أن نتحدث عن مؤشر المعرفة ونحن نرى أبناءنا ليس لديهم القدرة على توليد المعرفة؟!
ودعا السعودي إلى الإجراء الفاعل، وتحديد الأولويات، مؤكّداً أنّ الإنسان هو من ينتج المعرفة وهو المعني بمؤشر المعرفة.
كما دعا إلى ترتيب المجالات، في الريادة والإبداع والتفكير والبحث والتطوير والابتكار، مدللاً بالتعليم قبل الجامعي الذي هو بحث وتطوير وابتكار، مؤكّداً أنّ الابتكار هو المنتج الذي يجب أن نضع عليه المؤشر.
وفي حديثه عن تكنولوجيا المعلومات، رأى السعودي أهميّة أن تكون متداخلة وألا تكون منفصلة، معرباً عن أسفه لأن نفكر فقط بالذكاء الفردي، مهتماً بأن نفكر بشكل جماعي لننجح، خصوصاً في موضوعي التربية والتعليم العالي.
ودعا إلى أن تكون المؤشرات مشتركة عربية، وأن تكون هناك مؤشرات خاصة بكل دولة عربية، بحيث يبدأ المؤشر بالتعليم من الغرفة الصفيّة، باتجاه سؤالنا عن المعايير التي يجب أن توضع، مدللاً بوجود طالب متميز نرى ما لديه من مؤشرات لننميها، ثم نرفع الطلبة الآخرين لهذا المستوى، ثم نضع مؤشراً آخر، وهكذا ننجح بشكل كبير في هذا الإطار.
وفي حديثه عن التعامل مع النتائج، سأل السعودي فيما إذا كان التطور مدار البحث أو النقاش تطوراً مقبولاً، وهل هذه المؤشرات بالقياس إلى المؤشرات العالمية مقبولة؟!.. ورأى أنّ هناك إشكالية، مهتماً جداً بتغيير الثقافة، بوصف المؤشرات شيئاً جديداً في العالم، كما رأى أننا إذا أردنا أن نبني ثقافة وطنية فيجب أن نعود إلى الثقافة التنويرية المرتبطة بالمعايير التي تسمى مؤشرات، وطالب بأن تكون في كل دولة عربية هيئة للمعايير الوطنية تنبثق عنها مجموعة من الهيئات الصغيرة، مثل: هيئة التعليم العالي وهيئة التعليم الأساسي وهيئة التعليم الخاص وهيئة المجال السياسي، وهو المجال الذي قال إنّ فيه أيضاً أكثر من معيار. وقال إننا يمكننا بذلك أن نضع المؤشرات بناء على واقع البلد ضمن مقاييس معينة حتى لو وصلنا إليها بعد 20 سنة.
وأعرب عن ثقته بالفريق القائم على هذه المؤشرات المتميّزة، منبّهاً إلى أهميّة الاستمرارية، وتبني الفكرة نحو مشاركة رؤساء الدول، لأنّ الإرادة هي أهم شيء في موضوع التطوير والإصلاح، مثلما علينا أن نهتم إن نحن أردنا النجاح بمعايير وطنية يضعها الطالب والمعلم والدكتور.
جلهم: دمج المعايير
أشار نائب رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي الدكتور عصام جلهم أنه من المعمول به عالمياً أن تكون المؤشرات للمعايير، مقترحاً أن يطلق على مؤشر المعرفه العربي مصطلح معيار المعرفه العربي، وأن تكون مجالات المعيار الستة هي مؤشرات معيار المعرفه العربي. واقترح جلهم دمج الثلاثة معايير الخاصة بالتعليم (ما قبل الجامعي، التقني والتدريب المهني، والتعليم الجامعي) تحت اسم الإطار الوطني للمؤهلات لإضفاء الصورة التكاملية لهذا المؤشر، خاصة وأنّ مخرجات التعليم ماقبل الجامعي هي مدخلات للتعليم العالي، وحتى تُزال النظرة الدونية للتعليم التقني والتدريب المهني، كما اقترح أن تكون هنالك مرجعية تعمل على جمع المعلومات اللازمة في البلد الأم وتقوم بتزويد مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بهذه المعلومات.
الوحش: المقارنة بالأفضل
سجّل الخبير التربوي الوزير الأسبق الدكتور محمد الوحش بأن مؤسسة سمو الشيخ محمد بن راشد هي مؤسسة رائدة وتقوم بمبادرات إبداعية طيبة بالقياس إلى ما يتم في عالمنا العربي من كلام كثير وفعل قليل، معرباً عن أسفه لأن نكون في العالم العربي زبائن معرفة لا منتجي معرفة. ودلل الوحش بأننا، ونحن نحن نستهلك هذه المعرفة ولا ننتجها، نرى أن مئات الجامعات العربية، وبالرغم من كثرة البحوث التي تقدم فيها للترقيات، لا نكاد نسمع عن مخترع واحد أو مكتشف واحد يأتي بفكرة إبداعية تتبناها المؤسسات أو الدول في الإنتاج، منتهياً إلى أننا نبقى ندور حول أنفسنا، ونتحدث عن العالم وعن البحوث ومئات الجامعات.
وتساءل حول ترديدنا لـ (ما قبل الربيع العربي) و(ما بعد الربيع العربي: هل الغاية
أننا كنا قبل الربيع بخير ثم أصبحنا بعده عكس ما كنّا عليه؟! وحول إشارة بن حويرب إلى المقارنة بين الدول العربيّة، انتقد الوحش بأننا دائماً ما نقول، حين تواجهنا قضيّة اجتماعيّة أو جرميّة أو ما شابه، إننا أفضل من غيرنا، معرباً عن أسفه لأن نقارن أنفسنا بالأسوأ، ونادراً ما نقارن أنفسنا بالأفضل. وتابع الوحش: أفهم أن تكون المقارنات بالمعيار العالمي، ولكننا يجب أن نهتمّ بالمعيار العالمي للتفوق، فنتحدث عن النموذج الأفضل.
وناقش مستقبل اللغة العربية ومجامعها والإخلاص لها، مؤكّداً أنّ اللغة هي المكون الرئيس لهوية الأمة، راصداً جملةً من العيوب في عدم التطبيق الفاعل لتوصيات المهتمين، وعدم الاكتراث باللغة العربيّة في المنتديات والجامعات والمجتمعات، وشيوع المحكيّة بين أساتذة اللغة أنفسهم، مشدداً على شروط اللغة العربيّة في التوظيف؛ أسوةً بشروط إتقان الإنجليزيّة والحاسوب.
وساق الوحش ما يفيد أنّ اللغة العربيّة باتت محلّ تندرٍ او استهزاء للمتحدثين بها بين الناس، كما استدعى الوحش من ذاكرته أحاديث وزراء ونواب بالانجليزية دون الالتفات إلى العربيّة، منتصفاً لهذا اللسان القويم بأنّ علينا أن نعيد له هيبته.
وفي موضوع الابتكار والإبداع، تمنّى أن نجد من بين ظهرانينا من يخترع أو يجترح نظريّةً في الإبداع الأدبي، معرباً عن أسفه لانتشار السرقات والسطو على المؤلفات وحيازة جوائز بهذه الأساليب أو تلك.
بدران: المعايير العالمية
تساءل الوزير الأسبق الدكتور إبراهيم بدران حول التقرير نفسه، في حديثه عن الـ (إندكس) أو الـ(إنديكيتر)، واجداً أنّ مستوى الأوّل أعلى من مستوى الثاني.
وقال إنّ أهميّتهما هي في بالمقارنة مع الدول الأخرى، وليس مع المنطقة ذاتها؛ لأن عادة المنطقة الحضارية الواحدة هي أن تتشابه لديها الأرقام أو تتقارب ، ما لم تكن هناك حالات خاصة، وبالتالي لا نستطيع أن نعرف أين نحن بالنسبة إلى لعالم، وهو المهم.
وقال بدران: إذا أخذنا دليل التعليم أو دليل المعرفة أو دليل الإبداع، والدارج كلمة ( إنيفيشن) مقابل إبداع وليس ابتكار و(كريشين) للابتكار، فلذلك دليل الإبداع دليل المعرفة ودليل التعليم، وهذه كلها (إندكسز) موجودة في الأدبيات ونستعملها، فهل تمت مقارنة الأرقام التي وصلتم إليها بالأرقام العالمية؟!.. وتابع بدران: إذا دخلت على دليل المعرفة (نولج إندكس)، هل الرقم الذي أجده هنا قريب تماماً من الرقم المتداول في الأدبيات العالمية، أم أنه بعيد عن ذلك أو قريب منه، حتى نعرف فيما إذا كنا نأخذ الاتجاه العالمي بهذه الأمور أم لا، لأن هذا في النهاية هو المهم، أي المقارنة مع الآخر.
ورأى أنّ كل منطقة حضارية وكل دولة لها مشكلات معينة في قطاعات مختلفة، وعليها أن تطور مؤشرات تتناول هذه القضايا والمشكلات، متحدثاً عن قضية العقل العلمي، متسائلاً إذا ما كان هناك توجّه للتعرف على نقاط الضعف في الأقطار العربية بتطوير مؤشرات لها، حتى يمكن الوصول إلى النتائج، وبالتالي معرفة ماذا يجب أن يقال.
وطرح بدران قضايا الإنفاق على التعليم كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، حيث الأقطار العربية متشابهة مع أقطار عديدة في العالم، وحينما نأخذ التفاصيل والإنفاق لكل فرد ثم الإنفاق لكل طالب نجد أنّ الارقام اختلفت كلية، وهذا ينطبق على البحث والتطوير، فإن أخذنا البحث والتطوير كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد العربية فهو منخفض في معظمه، ولكننا نجده بالغ الانخفاض إذا أخذنا الإنفاق على البحث والتطوير لكل باحث، بمعنى ما هو المبلغ المخصص لكل باحث للقيام به، فعلى سبيل المثال نجده في مصر حوالي 12 ألف دولار لكل باحث، بينما في السويد يصل إلى 160 ألف، ودعا بدران إلى أن تكون هناك فرصة للنظر في المشكلات الخاصة في المنطقة العربية ومحاولة لتطوير مؤشرات وأدلة لها حتى يمكن الانتباه لها من صانع القرار.
بن حويرب: تطوير المؤشر
وفي ردّه على تعليقات المشاركين وطموحاتهم حول أهميّة المؤشّر وموضوعاته بالمقارنات العربيّة أو القياس إلى المعايير العالميّة، رأى جمال بن حويرب أنّ موضوع التربية مهم جداً، معترفاً بأنّ موضوع العنف بين الطلاب قد يكون موجوداً في الجينات أساساً، متحدثاً عن التربية الاجتماعيّة في هذا المجال وتأسيس العربي في تاريخه على صفات القتال والحروب وغيرها، مما يؤكّد أنّ الجينات المتوارثة تلعب دوراً في هذا الجانب، خالصاً إلى أهميّة دخال عنصر التربية بسبب أهميته في هذا المجال. وتحدث عن موضوع الخدمة الاجتماعية، مستدلاً بما قاله الدكتور محمد حمدان في إحدى الورشات من أنّ 50 طالباً تمّ اختيارهم للعمل المجتمعي، وهم من الطلاب الناجحين في جامعة اليرموك، بسبب اشتراكهم في الخدمات المجتمعية في سن مبكّرة، وقال بن حويرب إنّه نفسه عمل في مجال الخدمة الاجتماعيّة في طفولته ولذلك كبرت هذه الخصلة لديه فيما بعد.
وفي هذا المجال ذكر أنّ بنك HSBS يفرض على كل موظف أن يذهب لمنطقة في الفجيرة مدة عشر ة أيام في عمل بيئي لخدمة الأرض ولحماية البيئة، ناقلاً رؤية مدير عام البنك بأنّ دفعهم الأموال من أجل مشاركة الموظفين إنّما لأنهم وجدوا أن النتائج كبيرة وأن الموظف عندما يعود من خدمة المجتمع والبيئة يعود بنفع كبير على البنك. وذكر بن حويرب مثالاً آخر في حديثه عن أهميّة التعليم في المرحلة الابتدائية، مدللاً بتعليمات تمنع أيّ لغة غير الألمانيّة في ألمانيا حتى الصف السادس، مهتماً بأنّ وجود لغتين في هذه المرحلة بصفتها مرحلة التكوين تؤدي إلى الإرباك أو شيء من هذا القبيل. وتحدث عن المراحل والصفوف الابتدائية الأولى ومواضيع التربية والخدمة المجتمعية، معرباً عن أمله بأن يتمّ إدراجها نوعاً ما بالمؤشر، معترفاً من جهة أخرى بأننا لا نستطيع التخلص من العنف الموجود من آلاف السنين، مؤيّداً فكرة أنّ أصحاب القرار يستطيعون أن يطلعوا على المؤشرات الدولية من خلال الموقع.
ورأى بن حويرب ضرورة أن يطّلع أصحاب القرار وجامعة الدول العربية والزعماء على المؤشرات المهمّة، وأهميّة الطموح إلى هذا المؤشر؛ مستدركاً أنّه يخشى من أن يكون التواصل بطيئاً على مستوى الجامعة العربيّة في هذا الموضوع. وقال إنّ المؤشر إيجابي جداً، وأن الوطن العربي يمر بحالة إيجابية وليست سلبية كما هو مُتصوّر، وصرّح بن حويرب بأنّ التعليم على سبيل المثال في بعض الدول، العربية قد تراجع، ولكنّه ليس سيئاً، وأكّد على أهميّة أن نبني على هذا الأمر لمعرفة سبب التراجع لخدمة مستوى التعليم ومستقبله في الدول العربية التي تم فيها التراجع. وفي تعليقه على موضوع الاستمرارية، انطلق من أننا لا نعرف ماذا سيكون المستقبل، لكننا نعمل جاهدين لتظلّ موارد هذه المؤشرات والتقارير مستمرة فلا تنقطع، مدللاً بأنّه خلال السنة القادمة سيعمل مع الأمم المتحدة على موضوع الاستمرارية، وبطرق كثيرة، منبّهاً إلى أنّه ومنذ أن تولى إدارة المؤسسة جعل موضوع الاستدامة من أولوياتها المهمّة. وفي موضوع الثقافة المجتمعية، قال بن حويرب إننا لا نستطيع أن نقوم بذلك وحدنا، فالمجتمعات والدول هي من يقوم بذلك، وتحدث عن مؤشرات داخلية، في صعوبة توفيرها، مع جديته وفريقه في العمل. وقال إننا نعاني كثيراً لأجل أخذ المعلومة، وقال: لو جاءت مؤسسة محمد بن راشد لوحدها ما أخذنا معلومة واحدة، ولكن بوجود الأمم المتحدة يسهل هذا الأمر.
ودلل بن حويرب بقول سمو الأمير الحسن بن طلال من أنّنا كلما بدأنا فكرة وجدنا صعوبات في العمل لكننا مستمرون، واجداً في هذه العبارة الإيجابية المتفائلة دعوةً إلى الجديّة وتحقيق الهدف بالرغم من التحديات، مضيفاً أنّ الشيخ محمد بن راشد بدأ من مشروع تحدي القراءة العربي برنامجاً للأبناء والبنات في الوطن العربي، وقال:لم نتخيل أن يشترك مليونان ونصف المليون من الطلبة والطالبات، بحيث أنّ كل طالب وطالبة يقرأ 50 كتاباً، واجداً أنّ رقماً قريباً من المئة وعشرين مليون كتاب سيغير معادلة في مشروع بسيط. وقال: نحن معكم وبتوجيهاتكم وتوصياتكم نستطيع أن نصل إلى أفضل ما يكون بوجود المؤشرات، وبوجودكم فنحن نسير من نجاحٍ إلى نجاح، ونحن لا نستغني عنكم ونحن معكم اليوم لنناقش هذا المؤشر. واستدرك بن حويرب: لكنّي أقول أولاً وأخيراً إنّ المؤسسات مثل مؤسسة محمد بن راشد تمهّد الطريق وتعاون وتساعد المجتمعات بما تستطيع، والمسألة تحتاج إلى عشرين سنة حتى يتغير الفكر، مع أنّ هناك تغيّراً، وأضاف: في متابعتي وجدت عندي أكثر عن 60 ألف متابع خلال تويتر، وعندما سألتهم (ماذا تريد أن تكون في المستقبل: شاعراً أديباً، أم تاجراً، أم موظفاً، أم مخترعاً عالماً؟!)..، كان 57% يرغبون في أن يكونوا (مخترعاً عالماً)، وهو ما أراه تغيراً في المجتمع. وأضاف: فقط نحتاج إلى أن نفتح لهؤلاء الأدوات، وقد أرسلت هذه النتيجة لأصحاب القرار عندنا في الدولة، لأضعهم بصورة أنّ هنالك تغيراً جذريّاً في أفكار الشباب. وقال بن حويرب إنّه وجدا اهتماماً من وزير الاقتصادي الإماراتي على سبيل المثال، خصوصاً بعد تعريفه بموقع (نولج فور أول دوت كم).
وأكّد بن حويرب بأنّ الهيئات التي يطمح إليها المشاركون مهمّة، ويمكن العمل عليها، مستدركاً بأنّه يرجو من جميع الدول العربية أن تساعد في ذلك، مكاشفاً بمعاناته وفريقه من جمع المعلومات، مضيفاً أنه لا يتوقف عند المعلومات التي تصله من الدول، ولكنّ هنالك عينات داخل هذه الدول وأنّ تجربة خاصة له في هذه الدول.
وبين بن حويرب أنّ هناك عدداً من الورش في هامبورغ وباريس من الخبراء الدوليين لمناقشة هذا المؤشر. وقال إنّه وفريقه لا يستغني عن خبرات الأردنيين وتوجيهاتهم للوصول إلى المؤشر الأفضل للوطن العربي، واجداً أنّ المؤشر سينتقل إلى مؤشر عالمي عام 2017، وسيكون مؤشر المعرفة العالمي متضمّناً العرب، وهناك يمكن أن نقارن أنفسنا بالدول العالمية.
حررها - إبراهيم السواعير