الانتخابات النيابية والمشاركة السياسية

07/08/2016

ما سرّ حالة الحذر والتحوّط أمام القانون الجديد، الذي جاء مخاضاً لقوانين الصوت الواحد، والصوتين، وما مدى جديّة الأحزاب الأردنيّة في تشكيل قوائمها، بل ومدى اللحاق برؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في أوراقه النقاشيّة ومشروعه النهضويّ والإصلاحي؟!

هل يمثّل قانون الانتخابات 2016 طموح الأردنيين؛ فيفرز مجلساً نيابيّاً حقيقيّاً قادراً على أن يقود العملية الرقابية والتشريعية؟!.. وهل فعلاً ما نزال نعيش جوّ الصوت الواحد، أو جوّ(العشيرة)؛ فنقلق ونخاف ونضطرب حينما يكون قانون القائمة النسبيّة المفتوحة محطّة عبور نحو الوطن؟!

هذه، وأسئلة كثيرة، كانت محاور ساخنة في ندوة مركز «الرأي» للدراسات التي ناقشت تحت العنوان العريض(الانتخابات النيابيّة والمشاركة السياسيّة) مواضيع المال السياسيّ، والثقافة المجتمعيّة والبعد العشائريّ، والأقبال أو العزوف عن هذا العرس الديمقراطيّ الذي يجري بعد أقلّ من شهرين.

أدار الندوة - د.خالد الشقران - حررها - إبراهيم السواعير وبثينة جدعون

آب 2016

الندوة، التي شارك في أعمالها أمناء أحزاب وسياسيّون ووزراء سابقون، تداولت قضايا فقدان الثقة أو حضورها بالمؤسسة البرلمانيّة، ومدى تغوّل السلطة التنفيذيّة عليها أو انسجامها معها، وشخصنة (البرلمانات) وفرديتها أمام هموم الوطن وقضاياه، وحالة اللاتوازن السياسي الحزبي على الساحة الانتخابيّة، وتجاوز الشعور العام بالإحباط نحو المشاركة، وتأكيد دور المؤسسة الإعلاميّة والنقابيّة في تفعيل هذه المشاركة.

كما حثّ مشاركون على تقديم برنامج وطني وسياسي واقتصادي يحاكي مصالح الناس وهمومهم وطموحاتهم لإثبات الذّات وإقناع الناخب بعيداً عن(المحاصصة) الحزبيّة، وأكّدوا ميزة المبادرة إلى تشكيل القوائم الائتلافيّة الحزبيّة التي تلتقي فيها البرامج، ورأوا أنّه آن الأوان للتغلب على الثقافة المجتمعيّة التي كرّسها قانون الصوت الواحد، وأنّه يمكن لاحقاً مراجعة مواطن الخلل التي يمكن أن تنشأ مع التطبيق، استناداً إلى أنّ التجارب البشريّة إنّما هي تراكميّة في العملية الديمقراطيّة والتشريعيّة.

كما ساق مشاركون أفكاراً تتعلق بالاشتغال على قانون مؤقت للانتخابات أو تأجيلها، فيما أكّد مشاركون خطورة مقاطعة الانتخابات بوصف المقاطعة أمراً غير عمليّ في أبجديات العمل السياسي.

ورأى آخرون أنّ قانون 2016 يتسم بصعوبة فهمه على المستوى العام، مهتمين بالتعريف الدقيق والموضوعيّ للقانون(العصريّ) في الانتخابات، وأنّ مثل هذه القوانين عادةً ما يتمّ(تفصيلها) بغضّ النظر عن المخرجات، بينما دافع مشتغلون على صيغة القانون بأنّ إنّما جاء ليعطي الأحزاب فرصتها فيكون التصويت على البرنامح لا على القائمة، فضلاً عن أنّ القائمة المغلقة لها علاقة أو تنحاز كثيراً إلى الأحزاب القوية على مستوى الوطن.

المال السياسي

قال الوزير الأسبق د.محمد جمعة الوحش إنه كان من أوائل المدافعين عن قانون الانتخاب في بداية صدوره، فقد كان يعده خطوة متقدمة للأمام بتجاوز الصوت الواحد.

وأضاف أنه أثناء هذه الفترة ومن خلال اطلاعه ومشاركته في العديد من الحوارات وبحسب ما شاهده في الميدان تبينت لديه أمور كثيرة كان يتمنى ألا تكون، منها قضية المال السياسي وهي قضية تشغل المجتمع الأردني باستمرار؛ إذ ترسخت لديه فكرة أنه لا يصل إلى البرلمان إلا صاحب المال.

ورأى الوحش أن الأحزاب تعاني مشكلة في عملية تشكيل القوائم باستثناء حزب جبهة العمل الاسلامي الذي رتّب أموره مبكراً وله أناس مؤازرون، مضيفاً أن بقية الأحزاب سواء الوسطية أو اليسارية تعاني من مشكلة تشكيل القوائم وهذه القوائم (هلامية).

وبخصوص العشائر بيّن أنّ تشكيل قائمة عشائر خاصة في المحافظات ستكون نتائجه صعبة، مشيراً إلى أنه لو افترضنا أن 6 عشائر اتفقت مع بعضها ونجح واحد منها أو اثنان ولم تنجح البقية فسيكون الاتهام من عشيرة لعشيرة، وهذا سيسهم بتفتيت المجتمع وتقسيمه بصورة أسوأ مما كان عليه الأمر أيام الصوت الواحد.

وأوضح الوحش أنه ينتمي لأكبر دائرة انتخابية بالمملكة وهي الدائرة الثانية بعمان التي يصل عدد ناخبيها إلى 400 ألف ناخب، مضيفاً أن هذه الدائرة ومنذ عام 89 إلى الآن لم يتجاوز عدد الناخبين فيها 80 ألف ناخب، وبرأيه فإن الناس عازفة عن المشاركة بالانتخابات.

وبالنسبة للأحزاب رأى أنه لا يوجد تقدم في العملية الحزبية لدينا، فهناك أكثر من 40 حزباً ونحن مكانك سر؛ إذ لا يوجد حضور لهم، مؤكداً أنه إذا كان الفرد له تأثير وكلمته مسموعة ومنطقي وله حضور اجتماعي وسياسي سابق فإنه سينهض بالحزب وليس العكس.

وأكد أننا نريد مشاركة شعبية فعلية، بحيث لا تكون القوانين على المقاس، فمشاريع القوانين يُوافق عليها بناء على معادلات.

التحدي الوطني

قال أمين عام الحزب الوطني الدستوري د.أحمد الشناق إنّ الدولة الأردنية تبنت مشروعاً إصلاحيّاً يتمثل بقانون الانتخابات وقانون مركزية إدارية وقانون بلديات.

وأضاف أننا عندما كنا ندافع عن هذه الحزمة الإصلاحية على اعتبار أن هناك تجديداً في آليات إدارة شؤون الدولة من خلال مشاركة المواطن في هذا التحديث أو التجديد، بحيث يصبح المواطن هو الذي يصنع البرلمان وهو الذي يدير مجلس المحافظات المنتخبة، فإننا كنا ندافع عن مشروع نهضوي تجديدي على مستوى الدولة بالواقع السياسي الخدماتي.

وقال الشناق إنه عندما جاءت اللامركزية الإدارية كانت خطوة لتفريغ البرلمان للعمل الرقابي والتشريعي، مضيفاً أنّ هذه الحزمة التشريعية الإصلاحية التي كان مأمولاً منها أن تنهض بواقع الوطن وتبني دولة قوية من خلال مؤسسات تمثل المواطن بمختلف المستويات (برلمان، وحكومة)، راهنّا أن تكون المرحلة القادمة مرحلة التمكين الدستوري في المطالبات الشعبية سواء سواء في البرلمان أو اللا مركزية الإداريّة، مؤكداً أنه عندما جاءت ساعة الصفر للبداية في العملية واجهنا صعوبات ومعيقات جمة منها: فقدان الثقة في مؤسسة البرلمان من حيث الناخب، وتراكم أداء البرلمانات بيد الحكومات، وتغول السلطة التنفيذية على البرلمان.

وتابع أما ثاني هذه المعيقات فتتمثل في برلمانات تميزت بالشخصنة الفردية ولم تقدم حلاً، والمواطن يصرخ ويئن مما يعانيه من هموم وقضايا سواء على مستوى البطالة أو الفقر، وأصبح دور المواطن النائب أن يمضي يومين مثلاً في عمل إعفاء طبي لمريض وهو واجب الدولة، أو أن يصبح واجب النائب أن يعين ابنه في مكتب البرلمان.

وأكّد الشناق أن البطالة ونسبة العاطلين عن العمل وخاصة في محافظة إربد تمثل الغول الذي يهدد الاستقرار الاجتماعي، وبالتالي الانتخابات يجب أن تفضي لحالتين: استقرار سياسي واستقرار اجتماعي في الدولة.

وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم هي عقل الدولة في إنتاج المواطن الأردني، داعياً إلى إعادة النظر في «فلسفة الترسيب»، مضيفاً أننا لا نريد أن يذهب الجميع إلى الجامعات، ولكن بالمقابل لا يعقل أن يكون نصف المجتمع راسباً في التوجيهي.

وقال إن العملية التربوية ليست تعليمية فقط وإنما اجتماعية سلوكية نفسية، وهذا ليس قراراً إدارياً إنما هو قرار سياسي على مستوى الدولة.

من جهة أخرى قال الشناق إنّ البرلمان القادم هو أكثر البرلمانات مواجهة في التحدي الوطني الأردني، مؤكداً أنه تحدٍ وطني وليس تحدياً دستورياً، مشيراً إلى أن الهدف من القائمة المفتوحة أن يتحالف ابن عشيرة مع حزبي ويكون الرابط بينهما البرنامج.

وأوضح أن بعض المرشحين مصرون أن يفكروا بعقلية الأنا وكيف ينجح، وهي عقلية مسيطرة على الحالة الانتخابية، كما أن سماسرة المرشحين وبعض الاخوة بطيب أو بغير طيب مصّرون على أن النائب هو وجه العشيرة، متسائلاً: إذن ماذا استفدنا من القانون؟ إذ لا نستطيع أن نعمل تحالفاً مع ابن العشيرة التي لا ننكر دورها المجتمعي، ولكن ابن العشيرة مثلاً يقول إن معه 5000 صوت.

وأكد الشناق أن المال السياسي يفعل فعله، كما أنّ المرشحين وبعض القوى حولوا القائمة المفتوحة إلى قائمة مغلقة بما يخدم مرشحاً بعينه.

ولفت إلى أنه كان من الذين طالبوا بترتيب البيت الداخلي الأردني قبل إجراء الانتخابات النيابية، فهناك عدم توازن سياسي حزبي في الساحة الانتخابية، ويجب أن نعترف بذلك، مضيفاً أن هناك أحزاباً ممتازة وشخصياتها ممتازة تبذل كل الجهود، ولكن للأسف الشديد ما تزال الحالة ضعيفة، إذ ما يزال المسيطر على المشهد الانتخابي في الأردن هو تقديم أسماء ومسميات للمجتمعات فحسب.

وطالب الشناق أن تتفق القواعد التي تبرز على البرنامج، وبرأيه فإن هناك فارقاً كبيراً في الثقافة المجتمعية في الواقع الاجتماعي والسياسي والحزبي، كما أنّ هناك فرقاً كبيراً بين النظرية والتطبيق، داعياً إلى عدم الشعور بالإحباط، وإلى تجاوز المرحلة، والعمل حالياً على تفعيل المشاركة.

وأضاف أن هذا واجب واستحقاق دستوري، مطالباً الحكومة والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والشخصيات الفاعلة في مناطقها، أن تتحرك باتجاه أن يكون هذا المشروع مشروعاً وطنياً بشراكة شيوع لا تقبل القسمة.

وتساءل عن دور النقابات بكل مسمّياتها بالترويج للمشاركة في الانتخابات، إذ أن هذا الشأن يتعلق بمستقبل الدولة الأردنية وبكيفية إدارة شؤونها، فنحن نرى مجمعات النقابات المهنية التي هي من أموال أبناء الوطن مغلقة في المحافظات، كما تساءل عن دور النوادي الثقافية التي تمول من وزارة الثقافة والمؤسسات التي تصرف عليها الدولة في هذا الشأن، وكذلك تساءل عن دور الأحزاب التي تأخذ مساهمات مالية من أموال جيوب المواطنين.

وأكد أن المؤسسات المدنية مقصرة وعلى رأسها النقابات المهنية التي تعدّ الشأن الأردني شأناً ثانويّاً ولا ترتقي من أجله، داعياً إلى وجوب إثارة هذه القضية في المجتمع، مشيراً إلى أن الوقت ما يزال متاحاً، بشرط أن نبني على حالة وعي أردني وبأن هذا البرلمان صوت المواطن الأردني. وأضاف أن البرلمان القادم هو شكل الحكومات القادمة، وهو السياسات التي ستطبق عليها، وعلينا أن ننتزع فكرة الفردية والشخصنة والأنانية التي تسيطر على المرشحين وعلى بعض المواطنين.

تغييب الأحزاب

وصف الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية مروان الفاعوري قانون الانتخاب بأنه إعادة إنتاج للدوائر الوهمية وبالصوت الواحد، إنما بصورة أسوأ.

وأضاف أنه لا يجوز أن نمرّ على العملية ونقول إننا أصبحنا أمام القانون ولا بد أن نتعامل مع الأمر الواقع، مؤكداً أنّ بدأوا رفع الصوت بعدم قدرتهم على تشكيل قوائم حتى هذه اللحظة.

كما أنّ الأحزاب حتى هذه اللحظة لم تنجح بشكل رسمي في الإعلان عن الأسماء، مشدّداً على أن هذا القانون غيّب الأحزاب السياسية كلياً، بحيث لم يعد لها دور، إضافة إلى أنه سيزيد من حالة التناحر داخل القائمة الوهمية ويكرّس النادي السياسي ويفكك العشائر، ويبتعد عن الصورة التي رسمها جلالة الملك لشكل الدولة التي يتمناها الأردنيون من خلال أوراق جلالته النقاشية، حين تحدث عن حكومات برلمانية وأحزاب فاعلة وبرامج وأغلبية تحصل على الثقل ثم تكلف بالحكومة.

وأكد الفاعوري أنّ هذا القانون مقطوع عن هذه الرؤية التي تحدث بها جلالة الملك، ورأى أننا إذا فكّرنا خارج إطار الصندوق، فإنه لا بد أن تكون هناك قرارات جريئة بتأجيل الانتخابات، والدفع باتجاه قانون إما توافقي من خلال قانون مؤقت، كون هناك صلاحيات بعمل قانون مؤقت في حال الطوارئ، أو أن يُدعى المجلس السابق لفترة قصيرة بهدف تقديم قانون أفضل.

وشدّد أنه إذا بقي الحال على ما هو فإننا بحاجة لمزيد من الإجراءات لتفعيل المشاركة السياسية والشعبية، فالحكومة معنية بتعزيز حالة الانفتاح وقيم الحوار مع مختلف ألوان الطيف السياسي، مؤكداً أننا بحاجة إلى رفع سقف الحريات بشكل واضح. وأضاف أننا بحاجة لبناء الثقة بالعملية الانتخابية عبر إجراءات فاعلة، داعياً إلى أن تكون هناك تأكيدات أن تبقى الحكومة على مسافة واحدة من المكونات السياسية.

وقال إننا بحاجة لإجراءات تتجاوز الحديث الممل عن النزاهة والحيادية حتى تخرج الناس للانتخابات، فهي محبطة ولا يُتوقع أن ترتفع نسبة الإقبال رغم دوافع العلاقات العشائريّة، مظهراً خوفه من أن نجد لدينا صناديق فارغة، وذلك في حال لم يكن هناك إدراك واستدراك للأخطاء الماضية وابتعاد عن التدخل المباشر.

الثقافة المجتمعية

قال الناشط السياسي م.عبد الهادي الفلاحات إنه كان عضواً في لجنة الحوار الوطني الأردني مع عددٍ من المشاركين في الندوة، وأنه كان مؤيداً لهذا القانون (القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة) لتعزيز العدالة في فرص الفوز داخل القائمة وتحجيم دور المال السياسي أو أصحاب المؤسسات الإعلامية أو حتى دكتاتورية الكثير من الأحزاب وأمنائها العامّين التي تستغل فكرة القائمة المغلقة بصورة غير إيجابية.

وأضاف: إلا أننا كنا أيضاً مع القائمة الوطنية التي تعزز المشاركة الشعبية وتدفع باتجاه الانتخاب على أساس البرامج السياسية والاقتصادية، والحد من الولاءات الضيقة المناطقية والعشائرية لصالح البرنامج الوطني والتي للأسف تم إفشالها والنكوص عنها، متمنياً أن لا يتم الانقلاب على هذا القانون مع ضرورة مراجعة مواطن الخلل التي ظهرت مع التطبيق.

وأوضح الفلاحات أنه كان قد أبدى وجهة نظره للخروج من الإشكالات في هذا القانون وفي هذه القائمة من خلال طرح مقترحات عدة للتغلب على مشكلة تشكيل الكتل أو على الإشكالات الاجتماعية المتوقع حدوثها خلال عملية التصويت أو حتى بعد إعلان النتائج، مضيفاً أنّ مطالب لاحتساب الورقة صحيحة وأن يقوم الناخب بالتأشير على ثلاث أشخاص داخل القائمة كحد أدنى، وأن تكون هناك عتبة، وكذلك تحسب النتائج على أساس أعلى المتوسطات بدل أعلى البواقي، إلا أنه للأسف لم يأخذ مجلس النواب السابق بكل الحوارات التي أجريت على القانون آنذاك من كل القوى السياسية والنقابية والشخصيات الوطنية للأخذ ببعض التوصيات لتحسينه وتجويده. وأشار إلى أنه الآن وبعد الإعلان عن الانتخابات وفق هذا القانون أصبحنا نتطلع لمرحلة جديدة للتغلب على الثقافة المجتمعية التي كرّسها قانون الصوت الواحد بصوره المختلفة والتي كرست صورة نائب الحي والعشيرة وقادت إلى إفراز مجالس نواب ليست على مستوى طموح الشعب الأردني ولا تعبّر عن حاجاته ومصالحه، وبالتالي تشوهت صورة مؤسسة مجلس النواب للأسف وأصبحت صورته في ذاكرة المواطن الأردني صورة غاية في السلبية وصل الأمر فيها أنّه عندما يُحل أو تنتهي مدته يبتهج الشارع بذلك. وقال الفلاحات إنه يدرك كما كل مواطن أردني أن الثقة بمؤسسات الدولة (التنفيذية والتشريعية) في مستوىً متدنٍّ، كما أن الثقة بالعملية الانتخابية التي لا تقل أهمية عن القانون يشوبها شك وخوف وريبة – استناداً لما كان عليه الحال في كثير من المرات سابقاً، وبالتالي فإنه يرى أنّ مؤسسة القصر التي هي موقع ثقة المواطن الأردني ومن خلال رسالة تطمين من جلالة الملك إلى المؤسسات المعنية وكذلك لأبناء شعبه أنّ إرادة المواطن ستحترم وأن الإرادة الشعبية نافذة وحماية الوطن والدفاع عن مكتسباته مسؤولية كل المؤسسات الرسمية والأهلية خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها.

وأضاف أن الرسالة الثانية للأحزاب السياسية والتي لا تحظى بثقة السواد الأعظم من أبناء الشعب لأسباب كثيرة موضوعية داخلية، منها الخطاب الحزبي الضيق والممارسات الحزبية لكثير من الأحزاب والسلطة المطلقة لامنائها العامين أو للأسباب التي فرضتها البيئة السياسية والتشكيك بدورها وبرامجها وخطابها وحتى انتماءاتها والصورة السلبية السائدة عنها.

وأشار الفلاحات إلى أن على الأحزاب مسؤولية أن تسعى في هذه المرحلة إلى تشكيل قوائم ائتلافية حزبية تلتقي فيها على البرنامج بعيداً عن لغة «الأنا» إلى لغة «نحن»، وتقديم برنامج وطني سياسي واقتصادي يحاكي مصالح الناس وهمومهم وطموحاتهم وهي فرصة لإثبات الذات وإقناع الناخب، داعياً إلى الفوز بمثل هذه الرؤية وهذا البرنامج بعيداً عن المحاصصة الحزبية الصغيرة التي تعاني منها الآن في هذه المرحلة.

ودعا مؤسسات الإعلام الرسمي أن يكون إعلامها وطنيّاً يتاح من خلاله لكل القوى السياسية والقوائم مساحة متساوية لطرح البرامج وبعيداً عن التشكيك ببعض القوى والدخول في النوايا أو إقصائها واستبعادها أو مهاجمتها.

كما دعا الفلاحات مؤسسات المجتمع الأهلي والنقابات والروابط والجمعيات إلى إتاحة المجال لجميع المرشحين وبذل الجهد والدعوة للمشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية ومساندة جهود الهيئة المستقلة للانتخابات في هذا الصدد وأن تكون عين المواطن في العملية الانتخابية.

التعديلات التشريعية

قال الأمين العام لحزب التيار الوطني الدكتور صالح ارشيدات إن هناك إحباطاً لدى كل القوى السياسية بأن ما يقال لا يرد عليه ولا يؤخذ على محمل الجد، فهناك سقف غير منظور لكل القوى السياسية، مضيفاً أنّ هذا الموضوع يجعل الحزب ثاني أكبر حزب في الأردن يعيد التفكير بالمنهجية التي يعمل من أجلها.

وأضاف أنّ الحزب مع تآلف 6 من الأحزاب أعلن مشاركته في الانتخابات بالرغم من عدم قناعته بالقانون، وذلك بسبب معرفتنا بأن مبادىء العمل السياسي تتطلب المشاركة، فالمقاطعة هي جزء غير سياسي وغير عملي.

ورأى ارشيدات أنّ الربيع العربي سيستمر سنوات بحسب التأكيدات الغربية، والهدف منه زعزعة المنطقة وهو ما يحدث حالياً، مضيفاً أنه من كل الدول المحيطة نجد الأردن البلد الوحيد الذي خرج منتصراً من هذا الربيع العربي وحقق ليس فقط انتصاراً، بل تميزاً في المنطقة وفي الشرق الأوسط، مؤكداً أننا لم نستغلّ ذلك.

وقال إنه كان هناك إجماع من القوى السياسية والشعبية مع توفر الإرادة السياسيّة بتجاوز متطلبات الربيع العربي، فأعلن الملك منذ عام 2011 مبادرات إصلاحيّة بدأت بلجنة الحوار ومن ثم التعديلات الدستوريّة وطرح الأوراق النقاشيّة.

وأضاف أنّ من يقرأ الصحافة الأجنبية يرى كيف أخذ الأردن موضعاً متقدماً، لكنّ ما يجري على الأرض يبيّن أننا نتراجع شيئاً فشيئاً نتيجة عدم شمولية التفكير في النظرة إلى مستقبل الأردن، أو لوجود ضغوطات غربية أو عربية أو داخلية أو ضغوطات من قوى الشد العكسي.

ورأى أنه ما يزال موضوع المشاركة السياسية عندنا مطبوعاً بحسب الرؤية الملكية لجلالة الملك الذي يريد الإصلاح ورؤية الأردن في دولة مدنية تعددية متقدمة وذلك بحسب الأوراق النقاشية التي تمت مناقشتها عشرات المرات وكُتب فيها العديد من المقالات، ليتبين أننا نعيش في دوامة ولا أحد يسمع لأحد.

وقال ارشيدات إنه من هنا جاء حكمنا على القانون، فقد نظرنا أن جلالة الملك لديه مشروع نهضوي وإصلاحي ألهم الناس بما فيها الأحزاب بأن هناك صفحة جديدة في ظل وجود إقليم ينزلق نحو الهاوية، وبالتالي فإن ما تمّ منذ عام 2011 إلى الآن لا يتواءم مع التطور الموجود مثلاً في قانون الانتخاب أو في ما يتعلق بأي تعديلات تشريعية.

وأوضح أنه كان معارضاً لنص القانون الحالي وأنه خرج على البرلمان وقدم باسم حزب التيار أسباب معارضته للقانون، مضيفاً أنها أسباب تتعلق برؤيتنا لمشروع جلالة الملك، فعندما يلغي القانون الجديد القائمة الوطنية وهي الفقرة الوحيدة التي تتجانس مع رؤية جلالة الملك للحكومات البرلمانية، فإنه من دون حكومات برلمانية بالمعنى الذي نتكلم به وبدون مشاركة الإسلاميين الذين يمثلون المعارضة لا يمكن أن نحقق هذه الديمقراطية.

ورأى ارشيدات أنّه يجب أن يكون هناك استيعاب للمرحلة وتغيير للخطاب ضمن هذه الرؤية، مضيفاً أننا نقول بأنّ هذا القانون جديد ولم يجرّب من قبل في أيّ بلدٍ من العالم، وقد وسّع الدوائر وألغى الترشح الفردي، فهو بذلك ينتقل من آلية الترشح الفردي التاريخيّة إلى القائمة النسبيّة وبذلك ألغى القائمة الوطنية التي هي أقرب صيغة لجلالة الملك وفي الوقت نفسه أبعد الأحزاب التي أشير إليها في الأوراق النقاشية ولم يأتِ على ذكرها، مؤكداً أنه إذا لم تصبح الأحزاب جزءاً من النظام السياسي البرلماني الأردني فلن يكون لها أي قائمة.

وأضاف جلالة الملك لديه رؤية ونريد لهذه الرؤية أن تنفّذ، وبالتالي نقول لمكونات العملية السياسية ممثلة بالحكومة ومجلس النواب والأعيان ومؤسسة العرش والمواطن والأحزاب أن يجتمعوا ويقرروا أن يتم العمل في ورقة جلالة الملك النقاشية، وأن توضع قيد التنفيذ، وأن يشار إليها وتصبح وثيقة سياسية مثل الميثاق يلتزم بها الجميع، وأن يتم تفعيل دور المواطن ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب ومؤسسات الدولة في استقبال مفهوم جلالة الملك للعمل السياسي المستقبلي.

وأكد ارشيدات أن جميع ما ذُكر عن القانون فيه نوع من الصحة، فهذه بلدنا، ونحن متفقون على النظام السياسي فيه وجميعنا نسير وراء جلالة الملك، فالفرصة مواتية حالياً لتفعيل برامج جلالة الملك الإصلاحية وأن تكون هناك متابعة لها، وسط كل الظروف.

ودعا إلى احترام المكونات وتفعيلها وإلى فهم المعادلة السياسية، مضيفاً أن الأردن بلد ديمقراطي حسب الدستور، وأنّ الأحزاب هي الآلية الوحيدة لتفعيل الانتقال إلى الديمقراطية، مبيناً أن لدينا حالياً 50 حزباً وقد يرتفع العدد مستقبلاً، وبالتالي يجب أن يصار إلى استيعاب العمل الحزبي والتفكير في وجوب أن يكون هذا العمل معترفاً به من ضمن التشريعات، وهي بحاجة لدعم الدولة لفك العزوف.

وأشار ارشيدات إلى أنه في القانون الحالي لا يوجد شيء يشير لذلك، عادّاً القانون السابق أفضل قانون للانتخاب، فالمواطن له صوتان، صوت للقائمة الوطنية وصوت لممثلي المحافظات.

ورأى أنّ الفرق بين القانون الحالي والتصويت للقائمة الوطنية هو أن الأحزاب لا تستطيع منافسة المقاعد العشائرية واختراقها في المحافظات، مضيفاً أن القانون جاء مرة واحدة بأفكار تحتاج إلى دورتين انتخابيتين لتطبيقها، بمعنى أن هذا القانون أُسقط على حالة سياسيّة وحالة اجتماعية أردنية متصورة ولكنها لا تعكس الواقع، ويمكن لهذه الحالة أن تأتي بعد 8 سنوات وأن يشار للقائمة النسبية.

وقال ارشيدات إننا نريد بيئة حزبية سليمة، فالأحزاب محاربة وتعيش في بيئة معادية، مضيفاً أن معظم الذين يريدون الترشح للانتخابات في حزب التيار الوطني لا يريدون الترشح باسم الحزب، بل يريدون الترشح باسمهم الشخصي كون الأحزاب معارضة. وبيّن، في ظلّ القائمة الحالية التي هي قائمة الفرد والحشوة، أنّ هناك تخوفاً من عدم الوفاء بين أعضاء المشاركين، وأنّ القانون الحالي انتقل من آلة الترشح الفردي التاريخيّة إلى القائمة.

وشدّد أنه اذا كان هناك توجيه وطني باتجاه الأحزاب على مستوىً كبير كما أراد جلالة الملك فإن هذه الرسالة التوجيهية ستسهم في أن ينخرط الشعب بالأحزاب ويكون لديه الخيار في اختيار من هو أحسن عبر التدقيق ببرنامجها الانتخابي.

المواطنة والكوتا

ورأى الأمين العام للحزب الوطني الدستوري د.كليب الفواز أنّ أمامنا واقعاً وقانوناً انتخابيّاً (يفرق ولا يجمع)، متسائلاً عن قوانين الانتخاب منذ عام 89 حتى 2015 ، متعجباً مما أسماه (عدم الاستقرار التشريعي)، وقال إنّ الأصل هو أن هناك قانون انتخاب، وإذ أردنا أن نضيف عليه شيئاً أو نعدّله فإننا حتماً سندخل في عملية تطوير القانون.

كما رأى أننا لدينا ميزة في الأردن؛ إذ دائماً ما نبحث عن قوانين يصعب على الناس العاديين البسطاء فهمها، متحدثاً عن صعوبة الفهم العام.

وتابع الفواز: (الآن أتوا بالقائمة النسبية والبواقي،.. تريد أن تنتخب للقائمة وتنتخب للنائب!)، مؤكّداً أننا دائماً ما نبحث عن أشياء معقدة شديدة الصعوبة.

وقال إننا حين نقدم أيّ قانون مشروع نقول عنه بأنه (عصري وديمقراطي)، مع أننا لم نحدد حتى الآن ماذا تعني كلمة عصري، أو ديمقراطي؟!

وانتقد الفواز بأننا عندما نتكلم عن تفعيل المشاركة الاجتماعية في الانتخابات النيابية نواجه أسباباً عدة تمنع المشاركة الشعبية في هذا القانون، فضلاً عن أنّ المشاركة لن تكون بالمستويات التي نتكلم عنها. وتحدث عن تجربة مجالس النواب السابقة، معرباً عن أسفه لمطالبة النواب بخدمات لمناطقهم وأنفسهم وعدم اهتمامهم بخدمات الوطن.

كما تناول الوضع الاقتصادي الصعب الذي من الممكن أن يمنع الناس من التفكير بأمور أخرى أكثر من لقمة العيش. ورأى أنّ العشائر الصغيرة ستحجم عن المشاركة في الانتخابات لأنه ليس لها دور، فيما سيكون هذا الدور للعشائر الكبيرة وصاحب المال والمقاولين الذين أتمّوا استعدادهم لهذا الأمر.

وتوقّف الفواز عند القانون الذي يقوم على المواطنة لا على أساس الكوتا، لافتاً إلى أنّ المرأة عندها كوتة والقانون أعطاها فرصتين، فرصة على القائمة وأخرى على الكوتا.

وأضاف: أنا مسجّل بدائرة أبناء البادية الشمالية وأنا أمين عام حزب منذ 2009 ، فلماذا لا أستطيع أن أترشح عن عمان، ولماذا لا يستطيع ابن الجنوب أن يترشح عن المنطقة الثانية؟!

وتساءل الفواز عن خريطة الطريق السياسية التي تحدد أهداف المرحلة القادمة، وعن القانون الذي يعطي وعداً اجتماعياً وليس وعداً برامجيّاً، حيث أساس الانتخابات هو البعد الاجتماعي، متعجباً من أننا ونحن نتكلم عن خريطة الطريق السياسية الأحزاب لا نرى في القانون أيّ طريق للولوج إلى الحكومات البرلمانية، مستعيداً من الذاكرة الأردنيّة عدداً من الأحزاب القومية واليساريّة.

فرصة المشاركة

ورأى القيادي في حزب جبهة العمل الاسلامي م.علي أبو السكر أنّ الأردن شأنه شأن كلّ التجارب البشرية التي هي تجارب تراكمية في العملية الديمقراطية والتشريعية وهي إرث بشري عام، مثلما توجد قوانين الانتخاب في الأنظمة العريقة والديمقراطيّة التي ينبغي علينا الاستفادة منها، متعجباً من أننا نفصِّل قانون الانتخاب تفصيلاً، في حين أن غيرنا يضع قانون الانتخاب للوصول إلى مخرجات تفرز مجلساً نيابياً حقيقياً يمثل الإرادة الشعبية والمجتمعية.

وقال: عندما خرجت فكرة القانون وقيل إن هناك قانوناً سيتجاوز قانون الصوت الواحد ويتجاهل القائمة رحبتُ به وقلت لعله يكون خطوة إيجابية في هذا الاتجاه. ثم بعد خروج هذا القانون بمفرداته توقّفنا وكان لنا موقف وكنا نريد أن نسعى لتجويد القانون، حيث التجويد سهل وواضح عند الجميع.

ورأى أبو السكر أنّ هذا القانون لا يمثل طموح الأردنيين كما لا يمكن أن يفرز مجلساً نيابياً حقيقياً برامجياً قادراً على أن يقود العملية الرقابية والتشريعية.

كما رأى أنّه من الممكن أن يكون هناك قانون أفضل، معرباً عن أسفه لعدد من القوانين التي مزقت البنية الاجتماعية وأفرزت مجالس نواب خبرناها جميعاً، متحدثاً عن معنى(التأجيل) وهل سنذهب باتجاه قانون أفضل أم نعود لقوانين أسوأ، كما تساءل عن مصاحبات هذا التأجيل.

وأيّد أبو السكّر أن تجري الانتخابات بصورة سليمة وصحيحة، متطرقاً إلى كيفية التعاطي مع العملية الانتخابية، متناولاً في موضوع (التمويل) طرق تشجيع الأحزاب الواضحة والسهلة، بدلاً من تحجيمها، وكيفيّة تشجيعها على أن تمضي بائتلافات وأن تسهم في العملية الانتخابية، وفتح القنوات الإعلامية الرسمية أمام الأحزاب وحث مؤسسات المجتمع المدني على أن تتحرك في موضوع الانتخابات.

«الحوار الوطني»

وعلّق السفير الأسبق فالح الطويل على آراء علي أبو السكر، بحديثه عن لجنة الحوار الوطني التي هو عضوٌ فيها، وعملتْ ثلاثة أشهر متواصلة، وقال: نحن هنا 6 أعضاء من 8 في لجنة الحوار الوطني، درسنا خلال ثلاثة أشهر كل قوانين الانتخاب في العالم، ولم نترك قانوناً لم ندرسه، في فرنسا وألمانيا وأمريكا وتركيا والصين والدول العربية، والحالة الأردنية وصلنا فيها إلى قناعة رفضنا استناداً إليها القائمة المغلقة، لأن القائمة المغلقة لها علاقة بالأحزاب القوية على مستوى الوطن عندما يكون هناك حزبان أو ثلاثة، لكن يختلف الأمر عندما يكون لدينا 20 حزباً، فالقائمة المغلقة هي قائمة يضعها الحزب فيما الناس ينتخبون الحزب، كما أنّ برامج الحزب وشخصياته تكون معلنة.

وعلل الطويل رفض القائمة المغلقة، مستعيداً التجربة الأردنية بقوله: نحن رفضنا قانون 89 ووضعنا قانون الصوت الواحد واستمر 20 عاماً ورفضنا قانون الصوتين.

والآن جئنا بالقائمة النسبية المفتوحة وليس المغلقة التي هي أقرب إلى قانون 89 وتعطي الأحزاب فرصتها، فالتصويت على البرنامج وليس على القائمة.

وأكّد الطويل بأننا نعيش في جو الصوت الواحد، وجو العشيرة، فنحتار ونخاف ونضطرب عندما نعبر حدود العشيرة نحو الوطن، فواجبنا كمواطنين وكأحزاب وتجمعات مدنية أن نقول للناس إنّ هذه التجاوز إنما هو عبور لحدود العشيرة نحو الوطن.

وتابع الطويل: نحن قدّمنا قانون الصوت الواحد ولم ينجح، وقانون الصوتين ولم ينجح، وقانون 89 ولم ينجح، والآن يوجد هجوم على القائمة النسبية المفتوحة، كما أنّ القائمة المغلقة مرفوضة لأنه ليس لدينا أحزاب، وهذه القائمة النسبية المفتوحة هي التي تشكل الأحزاب.

ورأى أنّ المواطنين يتصرفون كما لو كانوا في نطاق الصوت الواحد، وقال: (يجب أن نتوقف عن العلاجات ونتوقف عن المقاطعة ونتوقف عن النقد ونقوم بالعمل الإيجابي مع الناس لكي تكون القائمة النسبية المفتوحة هي الأساس في تشكيل هذه الكتل).

قضايا الناس

ورأى الوزير الأسبق د.منذر حدادين أنّ الفكر الذي استمع لنماذج منه من النخب المشاركة مهم جداً، مؤكّداً أهميّة أن يكون بلدنا كله نخباً، وأن نضطلع برؤية القيادة الحكيمة لدينا، معترفاً بتفاوت الناس في الثقافة وفهم الاقتصاد والسياسة، مضيفاً أنّ الديمقراطيّات لها جذور، مقارباً بين هذه الجذور في الحالة العربيّة والغربية، باحثاً في معجم الديمقراطيّة، ماراً على الإغريق نظريّاً ومناقشاً (جمهورية أفلاطون) في هذا المجال.

كما تحدث حدادين عن منزلة القانون من ومنظور النخبة، مقايساً بين تطبيق القانون ومستوى التقدم الثقافي في الأردن، متناولاً الرؤية السابقة لدينا للحزب ومفهومه و(خطورته)، مستدركاً بأنّ هذه الاحزاب كانت نجحت بسبب صدمة الاستيطان في فلسطين وإسرائيل، فأصبحت تتفاعل مع شعور الناس، ودلل بأمثلة من الحالة العربيّة وإسرائيل في مفهوم الحزب واهتماماته في فترة الخمسينات وما بعد. وأكّد حدادين أنّ الأحزاب عليها أن تتفاعل مع مشاعر الناس وأمانيها مبيناً أنّها اختلفت عن الماضي وتريد استقراراً بل تريد التعبير عنه خطابياً وفعليا، منوهاً أنها ليست كلها سياسة، إذ التنمية الاقتصادية أهم من السياسية.

كما أيّد حدادين كليب الفواز في حديثه عن كوتا المرأة ومطالبته بكوتا للبدو متحدثاً عن غيرها من الكوتات ضمن مجالات واضحةٍ للتنافس.

المخرجات

رأى الوحش أن هذه الانتخابات سوف تزيد حالة الأحزاب سوءاً، وسوف تزيد من حالة الانقسامات العشائرية.

رأى د.أحمد الشناق أنّ إرادة الناخب هي التي تحدد إرادة الإصلاح والتغيير، متابعا أنّ القانون أعطى للمواطن خيارات انتخاب ابن العشيرة والحزبي والوطني، كما أنّ الأمر مرتبط بثقافة المجتمع والمواطن.

وطالب الشناق الأحزاب- بغض النظر عن النتائج الانتخابية- أن تبادر فتحفز الناس على أساس التنافس بين البرامج.

وقال إنّ المشكلة ليست في قانون الانتخاب، متعجباً: إذا قلنا إننا لا نريد النسبة المفتوحة، فما هو البديل؟!.. وهل نعود للصوت الواحد؟!

ورأى أنّ الخلل ليس في قانون الانتخاب، ولا حتى في قانون الصوت الواحد، بل في تبنى مشروع وطني يهدف إلى نجاح الشخصية الوطنية.

وأكّد الفلاحات أنّ سلامة الإجراءات لا تقل أهمية عن نصوص القانون، مشدداً على تعزيز المشاركة في هذه المرحلة التي ينتابها عدم الثقة والعزوف باحترام إرادة الناخب الأردني بنزاهة.

كما أكّد على أنّ الإعلام يجب أن يمارس دوره، وكذلك مؤسسات المجتمع الأردني وعلى رأسها النقابات المهنية في حفز الناس على المشاركة.

ودعا الأحزاب إلى تشكيل ائتلافات حزبية على مستوى قاعدة البرامج بعيداً عن الحسابات الصغيرة الضيقة للأحزاب.

وتحدث الفاعوري عن عدم تدخل النواب في هذا القانون، مؤكّداً أنّه قانون يعاني منه المجتمع الأردني معرباً عن أسفه لأن تنعكس المخرجات بشكل سيء على نسيج المجتمع الأردني وهويّته إلى عقود طويلة.

ودعا إلى أن ندفع باتجاه توجيه الناس لانتخاب النواب الذين يمثلون اتجاهات سياسية، ويحترمون قيم المجتمع وثقافته، وأن نبتعد عن نواب المال السياسي أيّاً كانت الإغراءات، وأن ندفع باتجاه تعزيز مشاركة القوى السياسية الحية في المجتمع.

ودعا د.الفواز إلى أن ندفع باتجاه المشاركة الشعبية، واتجاه الإصلاح كذلك، وأن نتحاشى الأخطاء التي صدر بموجبها هذا القانون.

وتحدث عن زيادة أو خلق الثقة مع الأحزاب ومطالبها واقتراحاتها، متطرقاً إلى نظام انتخاب مشترك يجمع بين القائمة الوطنية الحزبية والدائرة الانتخابية.

ودعا د.ارشيدات إلى دراسة آثار هذا القانون اجتماعياً، وهو ما رآه يعزز مفهوم (العشيرة) ولا يعزز مفهوم (العشائر).

كما شدد على أهميّة إعادة الثقة وتعزيزها، والاعتراف بالأحزاب رسمياً من خلال التشريع، ومن خلال نص دستوري يؤكّد أنها جزء من النظام السياسي البرلماني الأردني كما هي الحال في كثير من الديمقراطيات.

ودعا الطويل الأحزاب أن تحصل على ثقة الناس بقوة الناس، حيث الديمقراطية هي حكم الشعب، فعلى الشعب إذن أن يحكم على هذه التجربة.

وتساءل أبو السكر، منطلقاً في المشاركة من دافع المصلحة الوطنية، حول الداعين للمشاركة في ظل قانون الصوت الواحد المجزوء، كيف يدعون اليوم إلى تأجيل الانتخابات؟

ورأى أننا يجب أن نتوقف في هذا الوقت عن تضخيم سلبية معينة، أو إعطائها أكبر من حجمها، داعياً إلى الانتباه إلى أمور حقيقية مثل القائمة الوطنية ودور الأحزاب وتعظيم دورها في الانتخابات.

وتحدث د.حدادين عن قضية المال السياسي، وقوانين الانتخاب ومرحلة التجريب والخلوص إلى نتائج، داعياً إلى المشاركة والاستفادة من عملية التقييم اللاحقة.