ملاحظات مهمة امام الناطق الرسمي عند اعداد الاستراتيجية الاعلامية

اعداد : عبدالله العتوم

مركز الرأي للدراسات

1/2005

توقفت امام رؤية تحمي من انعدام الوزن او فقدان الاتجاه، وامام مسألة تكامل الوعي مع الحرية في مواجهة عوامل التكرار ونسيان ما قدم في اعوام سابقة على صعيد قضية واحدة تلخصت باعلام الحكومة او اعلام الوطن، واستراتيجيات اعلامية.. واحدة للصحافة واخرى للاعلام الرسمي غايتها الابتعاد عن الارق الفكري الذي شكل هاجسا للصحافيين والاعلاميين، ولوزارة الاعلام وللحكومات المتعاقبة، فظلت المسألة الاعلامية على الالسنة وفي الضمائر رغم تطورات الاوضاع في الاعلام منذ اكثر من ربع قرن.. لكن الامور لم تتغير في جوهرها واساسها، وظلت شوقا شعبيا، وحلما حكوميا، ومسألة تجاوزها، لم تكن اجتياز عوائق، بل تحقيق واقع جديد.

الواقع الجديد.. ان وزارة الاعلام قد غادرت، وهناك بحث متواصل عن سبل للوصول الى الاماني العائمة التي لا بد لها ان تتبلور على شكل برامج وافكار ومذاهب فكرية واستراتيجيات مأمولة، دون الانغماس من جديد في فوضى استراتيجية يتقدم بها وزير اعلام «متغير» قد لا يمهله الزمن لاكثر من عام واحد.

الواقع الجديد.. لا يصنعه شعار التغيير او السير الى الامام دون الارتداد الى الخلف، او وضع بنود للقوانين او حوار تنتابه سورات غضب وظلم وخذلان واستلاب حريات، والحديث عن رسالة الاردن الاعلامية دون التعريف بها، والهروب من الواجبات الرئيسية فنعلن «اعادة الهيكلة» ونغطي قصورنا فنطرح هدف «التدريب» او نكلف اناسا من خارج الوطن لوضع استراتيجياتنا مع تمديد للفترة الزمنية للحصول علي مكاسب اكبر.

والسؤال.. كيف لنا ان ننتج مادة اعلامية تتوافق مع الرسالة الاعلامية، دون استيراد للمسلسلات، وكيف نبيع مؤسسة انتاجية كان من المفترض ان تكون رافدا وداعما لشركات الانتاج المحلي، ولماذا يغرينا عهد الفضائيات وتدني مستواها من خلال استخدام الرسائل الصوتية «لتحقيق دخل» في برامجها، بدلا من تخطي الحدود الفضائية برسالة اعلامية وبخطاب اعلامي واخيرا بارشيف يكون عماد المادة الاعلامية.

هذه عمان

وأتوقف مرة اخرى امام ما طرحته السيدة اسمى خضر الناطق الرسمي باسم الحكومة وزيرة الثقافة، بانها ستبدأ بالاعداد لخطة اعلامية تخص الاعلام الرسمي بكل مؤسساته تتلاءم ومتطلبات المرحلة والمنعطف الخطير الذي تشهده المنطقة وان الذي يحدث في هذا الاطار ليس كبتا للحريات بل تخطيطا لمرحلة.. مؤكدة انه لا توجد صياغة واضحة نهائية حتى الان لهذه الخطة.

لا ننكر هذا التشخيص ولا بد ان نقف معه، لكن لماذا التجزئة في الاستراتيجية فنختار الاعلام الرسمي ونقفر عن رافد هام هو الصحافة الاهلية بانتشارها وقدرتها ودورها في الرأي العام لان الحل الشافي هو جمع طرفي المعادلة الرسمي والاهلي للوصول الى اعلام الوطن، والتصدي لكل القضايا المعقدة التي تعيشها المنطقة.. والاستراتيجية كفكرة وكمؤسسة وروح وتشاور وحوار وتفاعل بين الحكم والناس.

ولا ننكر دور الاعلام الرسمي لان «هنا عمان» كانت تجلجل في انحاء الدنيا لتقول.. اذاعة المملكة الاردنية الهاشمية، وتلفزيون محمد كمال اغلق على تلفزيونات المنطقة لسنوات طويلة، و«بترا» اختارت اسم عاصمة المملكة النبطية العظيمة.. لكننا لا نريد ان نتعثر باستراتيجتنا لتعزز انماطا من الاعلام بالمعنى البسيط كاطار يندرج تحت الاهداف المتوخاة.. ويقودنا الحلم الى ان نستعير من عبدالله البردوني عندما يقول.. هذه صنعاء.. ان نقول «هذه عمان» وتلك رسالتها، بمعرفة مهنية منفتحة وموضوعية توفر حبرا للتلاقي بين الناس بفكر حر وموضوعي نقبل النقد والحوار واحترام الحقيقة.

الناقل والمعبر

في السنوات الماضية.. كان العنوان الاكثر جذبا لشعبنا وللعاملين في الاعلام هو «الاستراتيجية» وكانت محاولة لتشكيل رؤى طموحة، وصعودا لحالة تقف في وجه التحديات، ولا ننكر اننا اعتقدنا وقتها باننا نقبض على اللحظة التاريخية، واننا ودعنا كل خلل شاب مسيرتنا الاعلامية، لكن المفاجأة كانت ان تلك الاستراتيجية وضعت على الرف والغيت وحلت مكانها واحدة جديدة بقدوم وزير جديد.

تاليا نستعرض ملخصا لعدد من الاستراتيجيات التي وضعها وزراء الاعلام، وكنت وقتها شاهدا على ولادة والغاء تلك الاستراتيجيات، واكتفي بعرضها هنا كناقل وليس كمعبر، ولن اذكر اصحابها ابتعادا عن اي تفسير، لكنني سأتجرأ واذكر اسم السيد ابراهيم عزالدين في استراتيجيته الاعلامية، لانني اعرف ذهنية الرجل، وسأتناولها بدون تسلسل تاريخي.

استراتيجية من 19 صفحة

وهذا الموضوع اعني الاعلام، امر نتشارك جميعا في الاهتمام بمضامينه المختلفة، ولنا الحق في التعبير الحر عن رؤيتنا له، ولمردود رسائله على تعددها وتشعبها.

والاعلام في الحقيقة رفيق عمر، يدخل بيوتنا عبر اجهزته المختلفة وفي طليعتها الصحافة والاذاعة والتلفزيون، ويؤثر في سلوكنا ويحدد العديد من الآراء التي نحملها، والاتجاهات التي نتبناها، ولذا فانه من الخير ان يكون رفيقا امينا موثوقا، عارفا وانيسا.

ومن هنا.. فاذا كان الاعلام امانة ورسالة، فان متابعة ادائه وتقويم مساره مسؤولية اكثر خطورة وابعد اثرا خاصة في مرحلة التحول الدقيقة التي نجتازها لا بد لكل مجتمع من المجتمعات من ان يتأثر باللحظة التاريخية التي يمر بها في ادائه الاعلامي، فبينما نرى الاداء الاعلامي مقيدا مغلولا في المجتمعات المغلقة، نراه منفتحا متطورا في المجتمعات التي ارتضت النهج الديمقراطي وتبنت حرية الرأي والتعبير سبيلا للحكم وطريقة للحياة.

ومن هنا يبدو الاعلام محصلة ومرآة لمجموعة عوامل تفرضها البنية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في الدولة، كما يبدو من اكثر النشاطات الانسانية تأثرا بهذه العوامل مجتمعة ومنفردة.

وفي الوقت الذي يصعب فيه تقديم اطار متكامل وجامع يحدد السياسة الاعلامية في اي مجتمع من المجتمعات، بحيث تحدد اهداف هذه السياسة وآلياتها بدقة علمية يمكن القول بانه من الممكن طرح مجموعة ثوابت بالنسبة للسياسة الاعلامية في الاردن استقرت على مر الايام، كما يمكن الاشارة الى متغيرات عديدة تتأثر بها هذه السياسة تأثرا بالغا وخاصة في هذا الجو الديمقراطي الذي نعيشه.

وليس من الصعب او العسير ان نستنتج من خلال استقراء بسيط لهذه الحالة ان الكثير من الثوابت في طريقها الى التغيير، كما ان العديد من المتغيرات في سبيلها الى الاستقرار والثبات كمبادىء رئيسية تستهدي بها العملية الاعلامية.

اما الثوابت فهي تعتمد على مجموعة تشريعات صدرت في اوقات مختلفة، وفي ظروف متعددة، وقد واكبتها بعض القواعد والتقاليد التي استقر بعضها ويتم التعامل مع البعض الآخر بكثير من المرونة في هذه المرحلة.

ولا بد لي من القول هنا بان الحكومة قد تعهدت امام مجلس النواب باعادة النظر في التشريعات التي تحكم العملية الاعلامية وفي مقدمتها قانون المطبوعات والنشر.

وبالعودة الى الثوابت التي تستند اليها السياسة الاعلامية وفي طليعتها الدستور الاردني، نجد ان الدولة تكفل بموجب المادة الخامسة عشرة منه حرية الرأي، فلكل اردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون.

كما تنص المادة الدستورية ذاتها على ان الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون، ولا يجوز ايضا تعطيل الصحف او الغاء امتيازها الا وفق احكام القانون.

واستعرض السيد عز الدين اهم النصوص القانونية التي تستحق المراجعة في القانون الحالي والذي ينظم نشاطات المطبوعات والنشر «القانون رقم 33 لسنة 1973» والتي اهمها تحصين القرارات من الطعن القضائي، مما يجعلها عرضة للمؤثرات السياسية، مع اعطاء وزير الاعلام صلاحية واسعة في تفسير الاخبار التي يمكن اعتبارها ماسة بالمصلحة العامة دون وضع تعريفات محددة لها.

كما تناول نصوص الدستور الاردني بالتفصيل تجاه الحريات الصحافية، وايضا قانون مراقبة اشرطة السينما رقم 52 لسنة 1951 وتعديلاته، واعدا بتعديل هذا القانون ايضا.

واشار الى ان من الثوابت ايضا في تنظيم العملية الاعلامية «قانون نقابة الصحافيين لسنة 1983» ووعد بتعديل هذا القانون، وفي الاطار نفسه قال: سيعاد النظر في نظام مراسلي وسائل الاعلام الاجنبية لعام 1980 .

ويستعرض السيد ابراهيم عزالدين وزير الاعلام ابرز الثوابت في السياسة الاعلامية.

* الايمان بالله والقيم الروحية للامة العربية وتأكيد دورها الحضاري الانساني.

* التحام الاردن بالعروبةباعتبار الاردن جزءا من الامة العربية.

* الالتزام بالعقلانية والمنهج العلمي، والالتزام بالاخلاقية بمعناها الفلسفي العام.. الصدق والصراحة والجرأة والامانة.

* احترام مبادئ المساواة والعدل وحقوق الشعوب في تقرير المصير.

وهناك سلسلة من البنود في هذه السياسة الاعلامية مثل تنمية وتعميق الوجدان القائم على مبادئ الايمان المرتكز على الفهم والوعي والتحرر من جميع اشكال التعصب والتحيز، وتنمية وتعميق الروح القومية والالتزام بقضايا الامة، وتنمية وتعميق حس الانتماء الوطني، وترسيخ القيم الدستورية، وتعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، والمساهمة في تنمية ثقافة المواطنين، تنمية وتعميق روح الانتاج لدى المواطنين، وتوعية وتنوير المواطنين، والمساهمة في توفير فرص الترويج والترفيه، والمساهمة في تعميق روح الوحدة الوطنية، التعريف بنشاطات المملكة في الخارج.

واستعرض مع نهاية هذه البنود البيان الوزاري للحكومة تجاه السياسة الاعلامية مؤكدا على انها تتأثر عادة بالمناخ العام وتختلف بين حكومة واخرى.

وتناول دور وزارة الاعلام وعلاقاتها مع رؤساء تحرير الصحف واستعدادها لتعكس هذا الواقع من خلال التشريعات الجديدة، مشيرا الى ان هناك شكوى عامة من ان اخبار الاذاعة والتلفزيون ووكالة الانباء تعكس وجهة النظر الرسمية فحسب، واعدا بان تكون موضوعية فاسحة المجال للرأي والرأي الاخر، وللخبر والخبر الاخر فزال عنها الجمود الرسمي او يكاد. وبهذا فان عدد صفحات هذه الاستراتيجية بلغت (19) صفحة.

واخرى من 40 صفحة.

اما الاستراتيجية الاخرى فانها بدأت بمقدمة تاريخية تعود بالاردن الى ما قبل الاسلام، الى العهد الاسلامي والعصرين المملوكي والعثماني، الى ايام الثورة العربية الكبرى التي فجرها ملك العرب الحسين بن علي، وصولا الى عهد الجد المؤسس عبدالله بن الحسين والنضال السياسي للهاشميين في وجه الهجمة الاسرائيلية على فلسطين، ووعد بلفور وسقوط فلسطين بعد الانتداب البريطاني عام 1948 وصولا الى عهد جلالة الملك طلال بن عبدالله ابو الدستور الى الحادي عشر من اب عام 1952 عندما تسلم جلالة الملك الحسين عرش المملكة وفي الثاني من ايار عام 1953 عندما نودي بجلالته ملكا على البلاد.

وتناولت الاستراتيجية مفاصل في التاريخ السياسي الاردني وتأثرها بقضايا المنطقة من تعريب قيادة الجيش، الى تأميم قناة السويس، واجراء اول انتخابات نيابية على اساس التعددية الحزبية والسياسية عام 1956، وانهاء المعاهدة البريطانية في كانون الثاني عام 1957، وحرب 1967، ومعركة الكرامة في 21/3/1968، والاتحاد الوطني العربي.

واشارت الاستراتيجية الى الميثاق الوطني في فصلها الاول متحدثة عن الاسباب والاهداف والى اصدار جلالة الملك الحسين توجيهاته السامية لتشكيل لجنة ملكية لصياغة ميثاق وطني.. وتناولت نصوص الدستور الاردني.. واكدت على يالمرحلة التاريخية التي يجتازها الاردن والوطن العربي بعامة من حيث خطورتها وتحدياتها التي تهدد مصير الامة، وتابعت الاستراتيجية استعراض نصوص الدستور الاردني بحيث تم ادراج 18 مادة منه.

وفي الفصل الثاني «دولة القانون والتعددية السياسية» التي تناولت المرتكزات الاساسية لدولة القانون من حيث الالتزام باحكام الدستور نصا وروحاً، واشارت الى مجموعة من المرتكزات الواجب اعتمادها لترسيخ البنيان الديمقراطي للدولة والمجتمع الاردني، ودعت الى انشاء هيئة مستقلة باسم «ديوان المظالم» واخرى لتحديث التشريعات وتطويرها، وانشاء محكمة دستورية وادراج مجموعة من البنود لضمان النهج الديمقراطي، وقواعد تنظيم الاحزاب وضوابطها.

اما الفصل الثالث فيتعلق بالامن الوطني الاردني مشيرا الى مجموعة من المرتكزات والاركان التي تعزز هذا الامن محليا واقليميا ودوليا، وافردت مساحة للامن الاقتصادي.

وفي الفصل الرابع تم تخصيص مساحة للمجال الاقتصادي، من حيث احترام الملكية الخاصة، وتشجيع المبادرة الفردية وتأكيد ملكية الدولة للموارد والثروات الطبيعية والاستراتيجية واعتماد المعلومات لتكوين قاعدة بيانات تعتمد على التخطيط الاقتصادي، ومحاربة الفقر والبطالة وبلغت بنود هذا الفصل 18 بنداً.

اما الفصل الخامس فخصص للمجال الاجتماعي «الاسرة، الامومة والاطفال» وبلغت بنود الفصل 10 بنود، وفي الفصل السادس فان الثقافة والتربية والعلوم والاعلام والاتصال.. وبلغت بنود هذا الفصل 27 مادة.

وافردت الاستراتيجية فصلا للعلاقات الاردنية العربية والاسلامية والدولية.. وارست آلية لتحقيق هذه المبادئ الواردة اعلاه من حيث الالتزام بالنهج الديمقراطي والالتزام بالقضايا العربية، والعمل على قيام شكل من اشكال الوحدة بين اقطار الوطن العربي، والعمل على تخطي التجزئة القطرية.

واخرى من 29 صفحة

تكاد هذه الاستراتيجية ان تدخل مباشرة الى موضوع الاعلام بمقدمة عن تطور اساليب الاعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية، ومسألة التنافس الاعلامي مع وسائل اعلام اخرى للفوز بعقول وقلوب الشعب الاردني من قبل وسائل الاعلام العربية الشقيقة، والاجنبية الصديقة او غير الصديقة، فكان لا بد من تعديل الاستراتيجية الاعلامية الاردنية واساليب الاعلام لتتوافق مع التقدم الكبير في مجال ادوات الاعلام المعاصر واجهزته، ومع اساليب الاعلام التي تأثرت بذلك التقدم، ومع المتغيرات على الساحة السياسية العربية، والساحة الدولية من جهة اخرى.

واستعرضت الاستراتيجية عودة الحياة النيابية في عام 1989، والغاء الاحكام العرفية، وقيام الميثاق الوطني الاردني، وصدور قانون الاحزاب، وقانون المطبوعات والنشر.

وافردت الاستراتيجية باباً كبيراً للتحديات من حيث تفرع المجتمع الاردني الى شرائح اجتماعية وسياسية واقتصادية وجهوية وفكرية وثقافية متعددة الطابع والمستوى بينها وقيام التعددية الحزبية والسياسية، مشيرة الى متغيرات تتمثل بالتغير الديموغرافي والسياسي ودور المرأة ومشاركتها في الحياة العامة، وازدياد نفوذ الاقاليم «المحافظات» على قرارات الحكومة المركزية، مع اضطراب الموازين في العلاقات العربية، وضعف تأثير الجامعة العربية وازدياد نفوذ هيئة الامم المتحدة، وغياب توازن القوى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي واندثار الكتلة الشرقية وضعف العالم الثالث.. وايضا الاحوال الاقتصادية الصعبة الناجمة عن البطالة والفقر والتضخم.

اما الباب الاخر فيتمثل بمهمات الاعلام الاردني.. مطالبا المؤسسات الاعلامية والعاملين فيها بتحمل مسؤولية عظمى تجاه الوطن الاردني وجميع المواطنين مع التقيد بالصدق والامانة واحترام حقوق الانسان وطالب جميع وسائل الاعلام في القطاعين العام والخاص للقيام بـ 11 مهمة اعلامية من حيث التركيز على مواضيع الاخبار، والحوارات وتغطية مسيرة الحياة السياسية ودعم الوحدة الوطنية والتركيز للوصول الى اعلى درجات الاتقان والمهارة في العمل الاعلامي ومراقبة الاعلام المنافس، وشحذ الهمة التنافسية وتنشيط العاملين في الاعلام.

وفي فصل كبير خصصت الاستراتيجية 16 بنداً لتحقيق اهداف الاعلام الاردني.. نختصر منها .. ترسيخ الاعتقاد بأن الانسان الاردني يولد حراً، ودعم وتأييد التعايش السلمي الشرعي والقانوني في الوطن الاردني والوطن العربي، نشر الحقيقة، بث ونشر الحقيقة الكاملة في كل ميدان، مع تشجيع الابداع والالتزام بالعقلانية، وبث ونشر المرح البريء والتسلية الودودة والنصائح المفيدة والفنون الراقية، مع التأكيد على سمعة الاردن السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الخارج.

وفي الفصل الذي يليه خصص للوسائل الاعلامية .. الصحف وقانون المطبوعات والنشر، مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، بترا، الصحف الحزبية والاسبوعية، نقابة الصحافيين، المطابع، دور النشر، دور التوزيع، المكتبات الخاصة، دور الدعاية والاعلان، دور الدراسات والبحوث، قياس الرأي العام، الترجمة، اتحاد الناشرين.

وقامت الاستراتيجية باستعراض تفاصيل التفاصيل لكل عمل من اعمال المؤسسات السابقة، مع التركيز على مؤسسة الاذاعة والتلفزيون من حيث الاخبار .. وخصص لقضية اخبار الاذاعة والتلفزيون مجموعة من المبادىء والاطر سواء على الصعيد الوطني او الخارجي، مع استعراض للبرامج الثقافية وبرامج الندوات والحوار، والبرامج المتخصصة، والاعلان الوطني، وكذلك عمل دائرة المطبوعات والنشر ووكالة الانباء ودائرة الاخبار فيها على غرار الاذاعة والتلفزيون مع التأكيد على التحقيقات الصحافية واصدار النشرات المختصة (مالية، ارصاد جوية، اسعار، قوانين جديدة، والتعليمات الرسمية).

وتناولت الدراسة اوضاع الصحف الخاصة المستقلة والزمتها بـ 22 بنداً، وخصصت للاعلان «9» بنود.

وحثت الاستراتيجية الاعلام لدعم وتأييد قطاع الموسيقى والغناء، ودعم الشعراء، واقامة مشروع جوائز الاعلام التقديرية السنوية والتدريب المهني واقامة مؤتمر سنوي للاعلام.

والملاحظة التي وضعت على مقدمة هذه الاستراتيجية تقول بأن هذه الاستراتيجية تنفذ حتى يوم 31/12 من العام كذا .. وتندر الصحافون وقتها بالقول .. ان من يتعاطى مع هذه الاستراتيجية مع نهاية هذا العام «يتسمم» لأن صلاحيتها تكون منتهية علماً بأنه قد تم تحديد مدتها بستة اشهر فقط.

استراتيجية جديدة بـ 36 صفحة

ووردت هذه الاستراتيجية تحت عنوان خطة وزارة الاعلام، فبدأت بالمفاهيم الاساسية، واول هذه المفاهيم ان الاعلام اصبح في مفهوم العصر، وظيفة اتصالية وقد تطور في آلية عمله الى مهنة تقوم على رسالة اجتماعية مسؤولة تنعكس فيها خصائص ومقومات مجتمعها الذي تعمل فيه .. لأن الاتصال بحد ذاته فعل جماعي، بدايته جهة الاتصال، ونهايته في كل بيت حيث تصل الرسالة الاعلامية الى كل مواطن.

وتناولت الاستراتيجية .. حركة التغير الاجتماعي، ومهمة التواصل الاجتماعي، وحق الناس في الاطلاع على المعلومات الضرورية لحياتهم، مشيرة الى ان الاتصال بقناة واحدة مقطوعة من الحوار، او الحوار باتجاه واحد لا يتناسب مع روح العصر، ولا يتفق مع اشواق الناس لمزيد من حرية التعبير والديمقراطية.

ان الاعلام يتأثر بمدى مصداقية ما يجري في المجتمع من برامج، وجدية الخطط والسياسات الاعلامية وهو محكوم بمناخ الثقة السائد بين الدولة والمجتمع، والسلوك العام للدولة وموظفيها ورموزها لأن الاعلام عنصر كاشف في مجتمعه.

وتم التنبيه الى خطورة الاعلام وبخاصة في التلفزيون الذي يؤثر في سلوكيات الناس اكثر مما تؤثر الكتب ورسائل التربية التعليمية، وحددت اهداف تلك المرحلة اعلامياً بهدف الوصول الى مرحلة يساهم فيها الاعلام بتربية القيم وتهذيبها بأسلوب اعلامي، لا تدميرها بالاسلوب نفسه، وتم استعراض العمل الثقافي، وغياب المتابعة المستمرة في الاعلام الناتج عن غياب مؤسسات الدراسات ومراكز تجميع المعلومات .. وتشكيل اجهزة خاصة لدراسة الرأي العام لينتهي هذا الباب بـ 15 بنداً.

وتناولت الخطة خصوصية التجربة الاردنية بدءا من الثورة العربية وصولا الى الكيان الاردني السياسي الحديث.. ووحدة الضفتين، وفك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية واسهبت الاستراتيجية بدراسة خصائص الاردن وموقعه المتوسط في امته، والتركيز على حقل الشباب من خلال جهد مشترك بين وزارة الاعلام ووزارات الشباب والتربية والتعليم العالي والمؤسسات الشعبية لتحقيق التوجيه الوطني العام.

هناك جملة من المفاهيم والحقائق في هذه الاستراتيجية، ولجمعها اعلاميا لا بد من تطوير الية العمل وتنظيمها في مختلف اجهزة الاعلام ونوافذه، مؤكدة على تعزيز العمل المؤسسي لتصب في قنوات العمل الاعلامي.

وعلى صعيد الصحافة المكتوبة اليومية والاسبوعية والمجلات والدوريات فقد حددت لها الاستراتيجية اسلوب عملها بـ«13» بندا، وفي مجال الاذاعة والتلفزيون خصص «18» بندا تبدأ بتنظيم اجهزة الاخبار والبرمجة والتطوير والعمل الميداني.

اما المناخ الاعلامي الذي يقع في الباب الرابع فقد تناول تحديث القوانين والتشريعات وتطوير الانظمة، وحق الصحافي في الوصول الميسر للمعلومات والعلاقة الصحية بين الصحافة والدولة «هناك 9 بنود».

التوجيه الداخلي وبرامج السياسات .. فركز على الحوار وقضايا الجمهور، والانماط والسلوكيات المجتمعية والقضايا التنموية، والاقتصاد، البطالة، الشباب، الرياضة الثقافة والفن.. «12 بندا».

وهناك قطاع العلاقات العامة في الدولة، والخدمات الاعلامية، وشركات الانتاج الاذاعي والتلفزيوني والاعلام الخارجي مع التركيز على هذا البند، ووسائل الاتصال «8 بنود».

واخرى

هذه الاستراتيجية اعلنت ان الاعلام الاردني الرسمي في ازمة، وهناك مظاهر ضعف الاداء بسبب غياب الرؤية الواضحة للحاضر والمستقبل، مطالبة بان نرى افق الغد واركان الثوابت بوضوح، وحذرت من ان يكون لكل وزير سياسة او استراتيجية، لان هذه راسخة في الدستور وواضحة في الميثاق ومعززة بالخبرة الوطنية ولا مجال لاجتهاد فردي فعلينا ان نقول.. ان استراتيجيتنا الاعلامية محكومة باستراتيجيتنا الوطنية التي تشمل كما حدد الميثاق كل علاقاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والاعلامية، وهي خلاصة مسيرة جماعية استندت في تطورها التاريخي الى الحس القومي، والانجاز الوطني وشرعية الدور والقيادة، واقام قواعدها الفلاحون والجنود والمعلمون في بدايات التأسيس حتى استقرت على صورتها التاريخية والثورية والديمقراطية ملتزمة بحق الانسان في الحرية والمعرفة والمساواة والامن.

ان الاستراتيجية الاعلامية للدولة مبينة قواعدها في الدستور ومحددة معالمها في الميثاق، وطالبت باعادة بناء الاعلام الاردني الرسمي ليكون اعلام دولة قادرا على حمل المرحلة الجديدة في الديمقراطية والتقدم والتعددية والانفتاح على العالم والسلام.

نريد ان يكون الاعلام قنديلا يضيء وليس مجرد مرآة تعكس الواقع ينقل صورة الوطن وعبقرية اهله وملامح شخصيتهم الوطنية والقومية.

واستعرضت الاستراتيجية كتاب التكليف السامي.. الذي طالب باعادة النظر في مؤسساتنا الاعلامية وادائها وتقييمها كخطوة اولى لبناء المؤسسة الاعلامية الاردنية الحديثة القادرة على حمل رسالة هذا الوطن عبر صحافة حرة رصينة تستقطب بمصداقيتها واتزانها خيرة كتاب الامة وتفتح الاقنية الفضائية المرئية والمسموعة لكل صوت نقي مؤمن برسالة الامة ومستقبلها وتعزيز العلاقة بين ابناء الاردن في الخارج مع وطنهم.

وانتقدت الاستراتيجية اصرار البعض على تشويه صورة الوطن، والاستمرار في نخر مصداقيته على كل المستويات، والانحدار بالكلمة والرسم والصورة الى مستوى نخشى ان يولد ردة فعل تسيء لنا.

وتناولت الاسئلة المتعلقة بالموضوع الاعلامي من حيث حرية التعبير وتحسين الاداء وتحديث القوانين والانظمة .. ووصلت الى نتيجة بأن ثلاث قضايا وطنية تكاد تنحصر بـ «الرغيف، والأمن والاعلام».

وأخيرة

تقول هذه الاستراتيجية: بأن السياسة الاعلامية كالسياسة الخارجية لا ترسم من فراغ، ولا تنبع من فراغ، لكن الذي يحدد مرتكزات السياسة الاعلامية لأي بلد، مجموعة من العوامل والمحددات والاعتبارات المتداخلة المعقدة، بعضها يتعلق بالانسان، وبعضها يتعلق بالطبيعة، وبعضها يتصل بالتاريخ والثقافة العامة للشعب، والموقع الجغرافي وعلاقات الجوار، والتحديات الأمنية، ووفرة او ندرة الثروات الطبيعية وتأثير ذلك على الاستقلال الاقتصادي، وغير ذلك من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها الشعوب.

وتناولت الاستراتيجية .. السياسة الاعلامية واثرها في تكوين الرأي العام، وتعزيز النهج الديمقراطي، وخطورة وسائل الاعلام التي تلعب اخطر الادوار، والاعلام المقيد بقيود الخوف سواء من الشارع او السلطة الذي لا يؤدي الى نهوض المجتمعات لانها تتحرك في أطر مرسومة لها سلفا.

وطالبت بتكوين تيار وطني عريض من الرأي العام يؤيد الحكومة ويعاضدها في توجهها العام لترسيخ الديمقراطية، ويؤيدها في تجربة السلام، وفي اعادة بناء النظام العربي.

وتطرقت الى مسألة تصحيح الاخطاء وتصويب الاداء في وسائل الاعلام .. الذي لا يتحقق الا بالتدريب والممارسة الطويلة وتعزيز اخلاقيات المهنة الصحافية وترسيخها في وجدان الصحافي الاردني.

ان الحديث في الاندية الثقافية وفي البرلمان يدور حول حرية الصحافة دون الحديث عن مسؤولياتها .. لأن هذا اذا حدث فإنه يخلق سلطة مطلقة باسم الحرية والديمقراطية.

والسؤال .. كيف نحمي الصحافة من الذين يسيئون استخدام الحرية الممنوحة لهم لاهداف تتعارض مع مصلحة المجتمع.

واخيرا

هناك وزراء اعلام رفضوا وضع استراتيجية اعلامية وآخرون اكتفوا بشغل منصب نائب رئيس الوزراء دون الالتفات لوزارة الاعلام، وبعضهم تم توريطه بمسألة عضوية مراسلي الصحافة والتلفزة والاذاعة العربية والعالمية المعتمدة في عمان لنقابة الصحافيين الاردنيين، فاخذت زمنا طويلا انتهى بتأسيس جمعية للمراسلين الاجانب وآخر يقول .. الحكومات المتعاقبة لم تحقق اهدافها في تنظيم الصحافة.

وبعضهم أطلق وصف «الاعلام المرعوب» دون تقديم ما يزيل هذا الرعب عن الاعلام .. وكان هناك قواسم مشتركة بين استراتيجيات الاعلام الاردني تشير دائما الى مرحلة التحول الدقيقة التي نجتازها، والمنعطفات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، وعدم الاستقرار ومدى تأثير ذلك على الاردن، والمرحلة التاريخية التي يجتازها الاردن، والتي تنذر بافتقارنا القدرة على مواكبة التقدم العلمي والحضاري .. فعلينا أن نكون عمليا واعلاميا متنبهين وقادرين على التعامل مع هذه القضايا.

اما القاسم المشترك الثابت في كل وزارة اعلام، ومع كل استراتيجية اعلام هو تعديل قانون المطبوعات والنشر وتحديث التشريعات والانظمة والقوانين.

وحاليا .. فإن قانون الاعلام المرئي والمسموع رقم «71» لسنة 2002، والقانون المعدل لقانون مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الاردنية رقم «10» لسنة 2003، وقانون معدل لقانون المطبوعات والنشر رقم «24» لسنة 2003، والقانون رقم «74» لسنة 2001 قانون المجلس الاعلى للاعلام كانت من بين حزمة القوانين لتحديث التشريعات الاعلامية.

وبقي ان نقول .. كان الله في عون من يغامر ويقدم استراتيجية جديدة للاعلام بعد ان يقرأ تفاصيل الاستراتيجيات الاعلامية سابقة الذكر.