اعداد : د. خالد الشقران
مركز الرأي للدراسات
10/2006
صرح مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية بأن الإدارة الأمريكية "ستكرس نفسها مجددا لعملية السلام في الشرق الأوسط ، وبأنه ما يهمها من أي محادثات تعقد بين الأطراف المختلفة هو ما يتم تحقيقه على ارض الواقع" وهي تصريحات في ظاهرها تبعث على التفاؤل المقترن بالحذر وفقا لخبرات السابقة المتعلقة بتعامل الولايات المتحدة الامريكية مع قضايا المنطقة، ومع ذلك فلو افترضنا حسن النوايا الامركية فإن ما نتوقعه من الادارة الامريكية في هذه المرحلة بالذات وخصوصا بعد تجربتها المريرة في العراق والتي اصرت على المضي فيها رغم كل نداءات التحذير التي اطلقت لثنيها عن القيام بإحتلال العراق سواء كان من اصدقائها في المنطقة او عن طريق كثير الخبراء والمحللين الذين كانت نصائحهم تؤكد فشل العملية والمهمة قبل البدء بها.
وعلى أي حال فإن ما نتوقعه في هذه المرحلة ان تكون الولايات المتحدة قد ادركت قبل العودة لرعاية علمية السلام في المنطقة بأن شعوب المنطقة هي ليست شعوبا ارهابية بل انها شعوبا مغتصبة الحقوق وان كل ما تبتغيه هو استرداد حقوقها في الارض والامن والاستقرار والعيش الكريم، وبأن اسرائيل هي من سلب الارض وهي من تقوض الامن والاستقرار في المنطقة، وهي التي تستبيح الدم الفلسطيني في أي وقت ودون الخوف من أي رادع طالما ان الولايات المتحدة تساندها وتمدها بالمال والترسانة العسكرية.
واذا كانت الولايات المتحدة تسعى في هذه المرحلة الى تحسين صورتها لدى شعوب المنطقة فإن الفرصة لا زالت سانحة اذا ما احسنت استغلالها، وان اول ما يجب ان تبدأ به هو العمل وبروح الوسيط النزيه على ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ومن ثم لبقية اجزاء الصراع العربي الإسرائيلي، على ان تأخذ في اعتبارها ضرورة ابتعادها عن التحيز للجانب الإسرائيلي والكف عن النظر إلى الشعب الإسرائيلي على انه الضحية وان العرب هم الجلادين القتله، حيث يعلم الجميع مثلما تعلم اسرائيل وتدرك الولايات المتحدة إن جوهر الصراع العربي الإسرائيلي هو الأرض انه لن يكون هناك سلام حقيقي على ارض الواقع دون تخلي إسرائيل عن الأرض التي اغتصبها، وبخلاف ذلك سيبقى الصراع قائما والاحتقان مستمرا ويتزايد مع شعور شعوب المنطقة بالإحباط من السياسة الأمريكية فيها.
على انه لابد لمن يريد ان يكون وسيطا نزيها للسلام في المنطقة ان يبتعد عن الوقوع في كثير من المحاذير التي تعتبر بمثابة المحفز لزيادة الكراهية التي ربما تقود لميزدا من العنف وعد الاستقرار في المنطقة والتي من اهما احترام ثقافات وعوقل الشعوب وعلى ليس من المعقول ان تناضل الولايات المتحدة من اجل اطلاق سراح ثلاث جنود إسرائيليين تم اسرهم في فلسطين ولبنان دون ان تشير الى بشكل جدي الى المجازر التي ارتكبتها اسرائيل ضد المدنيين ردا على عملية الأسر هذه، ودون ان تتطرق كذلك للأنواع المختلفة من الأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمتها إسرائيل في غزوها الأخير للبنان، وان تركز على نزع اسلحة المقاومة المشروعة بكل الاعراف في فلسطين ولبنان دون الاشارة الى ترسانة اسرائيل التقليدية والنووية.
بقي ان نقول انه اذا ارادت الولايات المتحدة ان تحقق السلام فعلا في المنطقة فعليها ان تعرف اولا من يهدد من؛ هل العرب الذين يحظر عليهم امتلاك أي سلاح يزيد عن ماية (كلم) هم من يهددوا السلام والاستقرار في المنطقة، ام اسرائيل التي لم تكتف بإدخال كل العواصم العربية تحت مرمى نيران اسلحتها النووية بل ذهبت الى حد وضع باكستان بأعتبارها دولة مسلمه ضمن مدى نيران اسلحتها فقامت قبل نحو عدة سنوات بوضع الخطط اللازمة وتعديل خزانات الوقود الخاصة بطائرتها لتتمكن من الوصول الى الاراضي الباكستانية وقصف اهداف منتخبه بداخلها، ناهيك عن وصول اسرائيل الى الدول التي ينبع او يمر منها النيل واقامت معها شبكة علاقات يهدف في جانب منها الى تشكيل قوة ضغط على السياسة المصرية رغم معاهدة السلام الموقعة بينهما.
من الطبيعي ان تكون الولايات المتحدة وفي كل ما تقوم به من اعمال سياسية او اقتصادية وعسكرية في المنطقة انما تسعى لتحقيق مصالحا او للدفاع عنها لكن عليها ان تعلم جيداً بأنها تسطيع كذلك تحقيق مثل هذه المصالح وحمايتها والمحافظة عليها بشكل افضل وتسطيع كذلك تحسين صورتها لدى شعوب المنطقة، اذا ما ابتعدت عن ربط نفسها ورهن مصالحها بالمصالح والخطط والطموحات الإسرائيلية، واذا ما نأت بنفسها عن التصدي للدفاع عن كل ما ترتكبه إسرائيل من حماقات.