"تعزيز مكانة ودور المعلّم الأردني"

23/02/2017

وخلُصت الجلسة التي قدّم فيها أعضاء من جماعة عمان لحوارات المستقبل مبادرتهم حول تعزيز مكانة ودور المعلّم إلى أن إعادة الهيبة للمعلّم وتقدير مكانته ورسالته وجهوده يتم عبر النهوض بالتعليم من جديد، والعمل على تمهين التعليم وفق أسس وشروط ومعايير محددة توضع لقبول من يريد أن يصبح معلّماً.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

دعا عدد من التربويين والأكاديميين والمختصين في الجلسة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات بعنوان «تعزيز مكانة ودور المعلّم الأردني» إلى تحسين أوضاع المعلّم وبخاصة وضعه المالي، وإعادة النظر بأسس اختيار المعلّمين، وإنشاء هيئة وطنية لترخيص وإجازة المعلّم .

أدار الجلسة: د.خالد الشقران

حررتها وأعدتها للنشر: بثينة جدعون

وتالياً أبرز وقائع الجلسة:

دوافع وأهداف المبادرة

قال رئيس جماعة عمّان لحوارات المستقبل بلال التل إنه منذ أعلنت جماعة عمان لحوارات المستقبل عن نفسها كحركة تغيير مجتمعي تهدف إلى المشاركة في مسيرة الإصلاح الوطني في بلدنا من خلال إعادة بناء الوعي بالقضايا الوطنية، فالجماعة كانت تؤمن بأن التعليم هو المدخل الحقيقي لأي عملية إصلاح اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي للنهوض بالمجتمعات، وتغيير واقعها إلى الأفضل.

وأكد أن التعليم هو المدخل لأي نهضة اقتصادية تؤدي إلى بحبوحة ورفاه في العيش وإلى أي وعي اجتماعي مستنير, مضيفاً أن التعليم هو الذي يصنع الصورة النهائية للمجتمع، كما وأن المعلّمين هم الصّناع الحقيقيون للتغيير.

وأشار إلى أن هذه حقيقة برهنت عليها كل التجارب البشرية، وأكدتها قبل ذلك المشيئة الإلهية التي جعلت من تعليم المجتمعات على يد الأنبياء والرسل المدخل الحقيقي لتغيير واقع هذه المجتمعات نحو الأفضل، عندما تولى أنبياء الله ورسله مهمة تعليم المجتمعات لأسس نهوضها وتطورها.

وأضاف التل أن هذه المبادرة تعدُّ تجسيداً لإيمان جماعة عمان لحوارات المستقبل بأن التعليم هو أحد أهم مقاييس تقدم الشعوب ورقيها، وأن الاستثمار السليم في التعليم هو المدخل الحقيقي لسلامة الاستثمار في سائر القطاعات والمجالات الأخرى، كون التعليم السليم هو الذي يؤهل كل الموارد البشرية اللازمة للاستثمار وللإصلاح في القطاعات والمجالات كافة، مشيراً إلى أن العلم السليم هو الذي يعد العالم الحقيقي في كل مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية.

ولفت إلى أن التجارب الإنسانية أكدت على أن التعليم السليم القادر على إعداد الموارد البشرية المدربة والمتعلمة هو رأس المال الحقيقي لأي مجتمع، وفي التجارب المعاصرة خير برهان على هذه الحقيقة، فاليابان مثلاً ليست من الدول الغنية في مواردها الطبيعية، لكنها بنت نظاماً تعليمياً مكّنها من إعداد مواردها البشرية إعداداً متميزاً، وصنع لها كل هذا التقدم الذي تنعم به علمياً واقتصادياً واجتماعياً، مشيراً أيضاً إلى تجربة كل من سنغافوره وماليزيا وغيرهما من الدول التي كان الاهتمام بالمعلّمين سبباً رئيساً من أسباب نهضتها وتطورها.

وقال التل إن في تجربتنا الأردنية في عقود سابقة دليلاً ساطعا على أهمية الاستثمار في الموارد البشرية من خلال التعليم، فنحن في الأردن لم نكن نمتلك ثروات طبيعية تجعلنا نحقق كل هذا الذي حققناه من إنجازات، لولا ما تميز به الأردن من تعليم قام عليه معلمون أكفياء كانوا يحتلون مكان الصدارة في مجتمعهم مما مكّنهم من إعداد كفايات أردنية متميزة، مبيناً أنها لم تسهم في إعمار وطنها فقط، بل امتد إسهامها لإعمار الكثير من دول المنطقة، مشيراً إلى أن هذا كان قبل أن يتعرض التعليم في الأردن إلى عدد من الهزات التي أثرت على أوضاعه وفتحت باب النقاش لمعالجة الاختلالات التي أصابته.

وأضاف أن ذلك دفعنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل ومن خلال فريق التعليم من أعضاء في الجماعة إلى دراسة واقع التعليم في بلدنا دراسة علمية موضوعية محايدة بالتوازي مع الاطلاع على التجارب العالمية في هذا المجال للاستفادة منها في تطوير التعليم لدينا، وذلك انطلاقاً من دراسة واقع المعلّم الأردني، كون المعلّم يشكل العمود الفقري للتعليم وأهم عناصره.

وأشار التل أن فريق التعليم في جماعة عمان لحوارات المستقبل بدأ دراسته لأوضاع التعليم في الأردن من دراسة واقع المعلّم الأردني، وهو الواقع الذي طرأت عليه خلال السنوات الماضية الكثير من الاختلالات المادية والاجتماعية، بالإضافة إلى الاختلال في العلاقة بين المعلّم والطالب، وبين المعلّم وأسر طلابه، الأمر الذي أصبح لابد فيه من إصلاح هذه الاختلالات، وبالتالي عملت الجماعة خلال العامين الماضيين, ومن خلال فريق من أعضائها الخبراء في التعليم, على إعداد استراتيجية متكاملة لإصلاح التعليم في بلدنا, وقد جاءت مبادرة تمكين المعلّم الأردني وتعزيز مكانته باكورة هذه الاستراتيجية.

وأوضح التل أن هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز مكانة المعلّم الأردني عبر تحقيق مجموعة من الأهداف متمثلة في:

- أولاً: مهننة التعليم بحيث لا يستطيع ممارسة التعليم إلا من يحصل على إجازة تعليم من مؤسسة وطنية اقترحت المبادرة إقامتها لتتولى منح إجازة مزاولة المهنة بعد أن يجتاز الراغب سلسلة من الاختبارات والمقابلات التي نصت عليها المبادرة، وهي إجازة يجري تجديدها كل خمس سنوات بعد أن يجتاز الراغب بالتجديد مجموعة من الاختبارات بهدف إبقاء المعلّم على تواصل مع التطورات العلمية والتربوية.

- ثانيا: إعادة الاعتبار للمعلم باعتباره قائداً اجتماعياً وتربوياً، يجب أن يحتل المكانة اللائقة به، كما كان عليه الحال في المراحل السابقة، فالمعلّم هو الذي يُعدُّ القادة السياسيين والاقتصاديين والمفكرين والفلاسفة.

- ثالثاً: التذكير بأن دور المعلّم يتجاوز مهمة تزويد الطلاب بالمعارف والعلوم إلى بناء منظومة القيم والسلوك، أي الإعداد النفسي والعقلي والمعرفي للطالب، وهو بهذا المعنى مؤتمن على هوية المجتمع المادية والمعنوية وبنائه الأخلاقي بالإضافة إلى بنائه المعرفي.

- رابعاً: إعادة بناء العلاقة مع المعلّمين داخل الحرم التعليمي وخارجه على أساس الحب والتكريم والوفاء والتوقير.

- خامساً: ضرورة أن يعامل المعلّم على أنه قدوة ونموذج ومثال يحتذي به، على أن يحرص كل المعلّمين على تجسيد هذه المعاني في سلوكهم وعلاقتهم مع الآخرين، ومع طلابهم على وجه الخصوص.

- سادساً: حتى يستطيع المعلّم أن يؤدي رسالته كقائد اجتماعي، مؤتمن على البناء القيمي والمعرفي لمجتمعه، فلابد من توفير سبل الحياة المادية الكريمة له، مبيناً أن جماعة عمان لحوارات المستقبل في هذا المجال تدعو إلى أن يكون راتب المعلّم هو الراتب الأعلى في سلم كل رواتب موظفي الدولة، انطلاقاً من إيمانها بأن النهوض بالمكانة الاجتماعية والمادية للمعلم هي المدخل الحقيقي للنهوض الشامل بالمعلّم والتعليم ومن ثم النهوض بالمجتمع كله، مما يستدعي وضع نظام مالي خاص لرواتب المعلّمين ومكافآتهم وترقياتهم.

- سابعاً: التأكيد على ضرورة أن يجمع من يمارس رسالة التربية والتعليم بين ثلاثة أمور أساسية وجوهرية لأي معلم متمثلة في الكفاية والتمكن في حقل تخصصه بصورة علمية وعملية والتحلي بالفضائل والأخلاق الحميدة بالإضافة إلى الأخلاقيات المهنية وأن يكون متمتعاً بالدافعية الإيجابية العالية للعمل في ميدان التربية والتعليم.

التمازج بين التجربتين العالمية والوطنية

أشار الأستاذ في كلية التربية-الجامعة الأردنية وعضو جماعة عمّان لحوارات المستقبل د.محمد صايل الزيود إلى أن المبادرة استندت لعدة مبررات منها ما يتعلق بنتائج الطلبة بالاختبارات الدولية بالأردن، مبيناً أن الأردن احتل المرتبة 45 بالتعليم على المستوى العالمي، في حين أنه تراجع على مستوى الوطن العربي إلى المرتبة الخامسة بعد أن كان بالمرتبة الأولى في عام 2008، إضافة إلى ضعف الطلبة بالمباحث المختلفة حيث وصلت نسبة النجاح بالثانوية العامة إلى 50% أو أقل.

كما لفت إلى ما وصل إليه الوضع العام بالمجتمع، فهناك مظاهر تتعلق بأزمة أخلاقية والخروج عن الإطار العام منها: ارتفاع نسب الطلاق، وارتفاع نسب الجريمة والمخدرات، مما يشير إلى وجود خلل وتردي بالمجتمع.

وأكد الزيود أن هذه المبررات اعتمدت على تجارب عالمية ولكنها استندت أيضاً على موضوع التجربة الوطنية الأردنية، وهي تجربة رائدة، مضيفاً أننا لو تحدثنا عنها بتجرد بالسنوات السابقة نجد أنها دخلت بإطار المسار الأفقي أي الصاعد من ناحية الابداع والابتكار والتجديد بتدريب المعلّم، وبرامج إعداد المعلّمين، وكذلك في ما يتعلق باعطاء ما يستحقه المعلّم من الاحترام والتقدير على المستويين المجتمعي والمادي.

وقال إن إعداد المعلّم دخل بالإطار التقليدي، لافتاً إلى أننا لو نظرنا لبرامج إعداد المعلّمين سواءً الموجودة بوزارة التربية أو بالجامعات نجد أنها ما زالت بطور الإطار التقليدي، ولم يدخل إليها بالسنوات العشر الاخيرة الشيء الكثير من التجديد والابداع والابتكار، إضافة إلى عناصر لبرامج التدريب على غرار ما هو موجود بالعالم.

وقال الزيود إن المبادرة وضعت تصور غاية بالدقة في ما يتعلق بمن يتخرج من كليات التربية من طلبة وكيف يتم إعدادهم ضمن مواصفات ومتطلبات عالمية، وتصورات أخرى للطلبة المتخرجين من غير كليات التربية.

كما حاولت المبادرة أن تمزج بين التجارب العالمية الرائدة وبين الوضع القائم بالأردن.

متطلبات دخول سلك التعليم

أكد عضو مجلس الأعيان وعضو جماعة عمّان لحوارات المستقبل د.عبدالله الموسى أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي بأي دولة يعتمد على التعليم، وخصوصاً في الدول التي تشح بها الموارد الطبيعية كالأردن، مشيراً إلى نجاح تجارب بعض الدول التي تعاني من نفس الحالة مثل كوريا والدول الاسكندنافية، التي اعتمدت على مواردها البشرية من خلال اهتمامها بالتعليم.

ورأى أن الأردن في بداياته كان اهتمامه وتركيزه منصباً على المورد البشري من خلال التعليم، ولكن التركيز على التعليم واعطائه الأولوية تراجع بالفترة الأخيرة، مضيفاً أننا لو نظرنا لبعض الدول التي تقدمت في الآونة الأخيرة مثل تركيا، لوجدنا أنها وضعت التعليم ثم الصحة فالأمور العسكرية من ضمن أولى أولوياتها.

وقال الموسى إنه يجب أن يكون المعلّم الحلقة الأهم في نجاح منظومة العملية التعليمية، مضيفاً أن المعلّم سابقاً كان قائداً اجتماعياً ومثالاً يحتذى به بقضايا كثيرة، في حين أن وضعه المالي والاجتماعي المتردي الحالي أبعده من البقاء كذلك.

وأضاف أن المبادرة ركزت على تكوين المعلّم بمهنة التعليم، فالتعليم أصبح مهنة ويجب على من يمارسها أن يأخذ إجازة بالممارسة، ما يعني أنه يوجد متطلبات، وبالتالي إنتاج مهندس أو طبيب جيد يعتمد قطعاً على وجوب انتاج معلم جيد.

وأشار الموسى إلى بعض المتطلبات التي وضعتها المبادرة للدخول بسلك التعليم، من حيث تحديد الحد أدنى بعلامة التوجيهي لدخول سلك التعليم، ثم تقييم أدائه وسلوكه، وتوفير التدريب اللازم لمن يلتحق بهذا المجال، مضيفاً أن المعلّمين سيتعرضون لبرنامج تقييمي وتدريبي وتأهيلي ليصبحوا قادرين على الحصول على الاجازة بعد الجلوس لامتحانات معينة، مثنياً على وجود تدرج بعملية الإصلاح.

ورأى الموسى أن المبادرة تقاطعت مع جهود جلالة الملكة في ما يتعلق بالتدريب بأحد جزئياتها من حيث تدريب المعلّمين، مؤكداً أن المعلّم يعدّ أساس تطور وإصلاح التعليم.

وقال الموسى إن المبادرة ذكرت أهمية الوضع الاقتصادي للمعلم وطالبت بأن تكون أعلى رواتب بالدولة الأردنية له.

وبخصوص الجامعات والمواد فيها، أكد أن المبادرة أشارت إلى أن أي شخص يريد دخول سلك التعليم من خارج كلية التربية يجب أن يمر بتأهيل وتدريب كما يجب أن يتقدّم لامتحان لتقييمه من ناحية مهاراته التربوية وسلوكه.

وفي ما يتعلق بمواكبة المعلّم بالجديد بيّن الموسى أن المبادرة ذكرت أن من يدخل سلك التعليم هو ممتهن لهذه المهنة وهذه المهنة بها إجازة تجدد كل 5 سنوات، إضافة إلى وجوب أن يكون هناك ورش تدريب وتفاعل مع المجتمع والتفكير الريادي حتى يتأهل المعلّم للحصول على الإجازة مرة أخرى، كوننا نسعى بأن يكون راتبه من أعلى الرواتب، وبالتالي يجب أن يعمل لهذه القضية.

في ما يتعلق بوضع الجامعة، وكونها محصّنة من المجتمع، قال إن الجامعات بالوضع الحالي معرضة للتساؤل، فهي تستجيب للضغوط بسوق العمل، وبالتالي بعض المساقات تذهب وبعضها الآخر ينشأ.

مكانة المعلم الدينية والمجتمعية

شدّد وزير الأوقاف السابق وعضو جماعة عمّان لحوارات المستقبل د.هايل داود على المكانة الخاصة للمعلم في الفكر الديني، مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير».

وأضاف أنه حتى عندنا بالأردن كان للمعلم من فترة قريبة مكانة ومنزلة عالية، والجميع ينظر إليه باحترام وتقدير، وكذلك الحال خارج الأردن ففي كثير من الدول العربية كان للمعلم الأردني دور كبير ببنائها وتربية أجيالها.

وأشار داود إلى أن الكل يتفق اليوم حول تراجع وضع المعلّم الأردني من حيث النوعية والكفاءة والمسلكيات فهناك من المعلّمين من يساهم بإعطاء انطباعات وصورة سيئة عن المعلّم، إضافة إلى تراجع نظرة الناس له فهناك حالات متزايدة من الاعتداء والضرب يتعرض لها المعلّم، إضافة إلى تردي الوضع المادي له، فسابقاً كان الوضع المادي للمعلم جيد، أما اليوم فهو بأقل الدرجات، بخاصة في بعض المدارس الخاصة.

وأكد أن هذه العوامل كافة بجوانبها المتعددة أدت إلى أن تكون المخرجات سيئة، سواء ً مخرجات المعلّم أومخرجات العملية التعليمية.

وأشار داود إلى أن اختيار جماعة عمان لحوارات المستقبل المبادرة المعلّم كأول مبادراتها جاء بسبب رؤية الجماعة لما أصاب الحياة الاجتماعية بكل مرافقها من تراجع مرده التعليم وتراجع العملية التعليمية، وبالتالي جاءت هذه المبادرة لتضع أسس وآلية للنهوض بالعملية التعليمية بكل أطرافها.

اختيار المعلّمين وتأهيلهم

قال وزير التربية والتعليم الأسبق د.محمد الوحش إنه اذا صلح المعلّم صلح التعليم، فالمعلّم قدوة.

وأضاف إننا نريد معلماً راغباً في مهنة التعليم ويحبها، وليس لأنه جاءت به الظروف والمعدلات ليدرس مهنة تعليمية، فإذا لم يكن راغباً بالمهنة مثل أي مهنة أخرى لن يفلح فيها مهما بذلنا من جهد، وبالتالي لا بد من إعادة النظر بكيفية اختيار المعلّم.

وتابع الوحش أنه تقع على الجامعات مسؤولية اختيار المعلّمين وتأهيلهم، داعياً الجامعات إلى تخصيص عددٍ كافٍ من المساقات التربوية للطلبة الذين اختاروا مهنة التعليم ليحصلوا على الحد الأدنى بالخبرة بمجال التربية والتعليم، متسائلاً عن أسباب تجاوز الجامعات هذا الامر، مستشهداً ببيت الشعر القائل: والبيت لا يبتنى إلا له عمد ولا عماد إذا لم ترسى أوتاد

وأكد أن الأوتاد هم معلمي الصفوف الثلاثة الأولى، وبالتالي يجب التدقيق جيداً في اختيار من يكون معلماً بناءً على معدله في الثانوية العامة، والتوجه نحو اختيار الطلبة ذوي المعدلات العليا، لافتاً إلى أن المعلّم يعدّ من أضعف أنواع المثقفين بطلبتنا الذين تخرجوا من الجامعات.

ورأى الوحش أنه إذا لم يكن هناك اختيار موفق وحازم باختيار معلم الصفوف الثلاثة الأولى سنبقى نراوح مكاننا، داعياً إلى وجوب أن يكون لمعلم الصفوف الثلاثة الأولى امتيازات مادية أفضل من معلمي التوجيهي.

وأضاف أنه لا يجوز بأي صورة من الصور أن نعلم طلابنا بالطريقة التي تعلمنا بها بالمدارس والجامعات، إذ ما زال التعليم بمدارسنا وجامعاتنا ذو أسلوب تلقيني وحشو معلومات في مخزن وهذا المخزن ممكن ان يفرغ بأي لحظة، مشيراً إلى أنه ليس هناك حوار ومناقشة بعملية التدريس بكل التخصصات، فالعالم تغير وتغيرت كل أساليب التدريس، فمثلاً أستاذ اللغة العربية بالجامعات يعلم اللغة العربية باللغة الحشكية وليس بالفصحى.

وأكد أننا نريد معلماً تدرب على استخدام التقنيات الحديثة للتعليم وآمن بها واستخدمها بالغرفة الصفية، فهناك نقص فيما يتعلق بإعداد المعلّم.

ورأى أن المعلّم أو الاستاذ الجامعي المثقف هو من يواكب كل جديد على الأقل بتخصصه، فكل يوم هناك جديد بالعلوم والمعارف الإنسانية وتتضاعف باستمرار، وبالتالي إذا درّسنا الطلاب بنفس الطريقة ونفس المعلومات التي درسناها قبل 30 عاماً فإننا نراوح مكاننا بل نتأخر أكثر، مضيفاً أن المعلّم القادر على تعليم التفكير الناقد والتفكير الإبداعي لطلابه هو المعلّم الذي نريد، مؤكداً كيف يكون هذا إذا كان المعلّم فكره مشتت وينقل لطلابه هذا الفكر، إضافة إلى ذلك فإن المعلّم دوره أن يستكشف مواهب طلابه وميولهم وتوجيهها نحو غايتها وتنميتها ورعايتها.

وطالب الوحش بأن يكون المعلّم متفرغاً لمهنته، ولا يشغله أي شاغل عنها، إذ على المعلّمين أن يكونوا قدوة، فحينما يستهين بمهنته ليحصل على قوته وقوت عياله ذهبت هيبته ولم يعد له تأثير.

وشدّد على أهمية دور المدرسة فهي ليست منعزلة عن المجتمع، وأنه يجب على المدرسة والجامعة أن تتوليا قيادة المجتمع، مضيفاً أن الجامعة عندنا تعدّ قلعة محصّنة لا يدخلها أحد تحت مسمى «الحرم الجامعي» ولا تتفاعل مع المجتمع، والمدرسة كذلك الأمر.

وأضاف الوحش أن مجالس الآباء والمعلّمين والمعلّمات تعدّ كذبة ولا تأخذ حقها ودورها على أرض الواقع، لذلك نحن بحاجة للمعلم المتفاعل مع أولياء أمور طلبته والمنفتح على المجتمع المحلي، والمؤمن برسالة التعليم وأنها الأهم والأقدس بين المهن الأخرى، مؤكداً أن كل من أفراد المجتمع هم من مخرجات مهنة التعليم.

ودعا إلى وجوب أن يشارك المعلّم في إعداد الكتاب المدرسي تأليفاً ونقداً وتطويراً وإبداء الملاحظات عليه، فالذين وضعوا الكتب المدرسية ليسوا رسلاً.

وتساءل الوحش: متى سنبدأ بالعمل المؤسسي ونبني على ما نجح ونتجاوز ما فشل، ونعمل بصورة مؤسسية؟، إذ ما زالت الروح الفردية مسيطرة على مؤسساتنا وفي مقدمتها الناحية التربوية.

وقال إن الذي ننفقه على التعليم ما زال أقل بكثير من دول كنا نظن أننا أفضل منها، مشيراً إلى أن موازنة وزارة التربية والتعليم حوالي 800 مليون، متسائلاً عن هذه النسبة بالناتج المحلي وكم تقدم للطلبة؟

إيجاد المعلّم الكفؤ

قال نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني إننا جميعاً متفقون على أن هناك معلماً غير كفؤ، بالرغم من أن تجربتنا بهذا الجيل جعلتنا نمر بمراحل قاسية وصعبة إلا أنه كان هناك ابداع.

ونفى أن يكون المعلّم في الوقت الحاضر قد أحسن بإدارة الغرفة الصفية أو أنه أسهم بالبنية المدرسية، أو حتى أن يكون غرس بشخصه وكيانه أنه معلم، مشيراً إلى أن المعلّم فاقد لكل المعايير، مؤكداً أن هذه الأمور جميعا ولّدت لديه ومن خلال احتكاكه بالمدارس الخاصة حالة من الاحباط.

وأشار الصوراني أن هناك فرقاً بين معلم الثانوي الأدبي والعلمي، مؤكداً أن معلم الثانوي العلمي دائماً مبدع والدليل أنه ضمن طلبة مبدعين.

وأكد أنهم بالمدارس الخاصة يعانون من مشكلة إيجاد المعلّم الكفؤ، لافتاً إلى أن للوزارة دور كبير في ذلك، متسائلاً: كيف لوزارة التربية والتعليم أن تمنح معلم خريج الجامعة للسنة الحالية إجازة تعليم؟، وعما إذا قامت الوزارة بتأهيل المعلّم من خلال المبادرات والمؤتمرات والندوات والحوارات، مؤكداً أن هذا الشيء مفقود.

وأضاف الصوراني أنه بالرغم من اختزال المنهاج المدرسي بصفحات معدودة فما زال المعلّم غير كفؤ، داعياً إلى أهمية البحث عن قيادة ناجحة إذ إن أي مؤسسة اقتصادية إذا كانت قيادتها فاشلة فإن كل شيء فيها فاشل.

كما دعا إلى وجوب إعادة النظر في إيجاد دار للمعلمين، مؤكداً أننا نريد معلماً قديراً، وفي الوقت نفسه نريد مدرسة إدارتها صحيحة تمنح المعلّم حقه، بحيث يتم وضع كادر للمعلم.

الاستفادة من التجارب العالمية

قال عضو مجلس الأعيان وجماعة عمّان لحوارات المستقبل م.صخر دودين إننا لو رجعنا للثمانينات من القرن الماضي، نجد أنه مع تطور دول الخليج بتلك الفترة وثورة النفط التي صارت انتقل عدد كبير من أهم معلمي الأردن لدول الخليج، كما انتقل عدد كبير من المهنيين والحرفيين.

وأضاف أن تلك الفترة واءمت بداية النجاح التلقائي بالمدارس، إلى أن بدأنا نرى أن هناك من يصل الثانوية العامة ولا يستطيع الكتابة أو أن لديه كمّ من الأخطاء الإملائية الفظيعة، ولزيادة الطين بلة أصبح الدخول للجامعات الأردنية باستثناءات، وبالتالي وأصبحنا نرى العجب العجاب، إذ من هذه العينات التي تتخرج من الجامعات ومن المدارس يأتي المعلّمون.

ورأى دودين أن معلمينا اليوم يأتون منا، فهذا المجتمع الذي سمح لنفسه بانتفاء العدالة عندما سمح لمن لا يستحق أن يأخذ مكان من يستحق، مضيفاً أنه عندما تنتفي العدالة تهدر الكرامة، وإذا أُهدرت الكرامة انحدرت السوية ولذلك انحدرت سوية المعلّم وبالتالي انحدرت سوية الآخرين.

ذكر أنه عندما هزمت اليابان بالحرب العالمية الثانية أراد الأميركيون إعدام معظم علماء اليابان، في حين أن امبراطور اليابان بحكمته قال لهم أن أفضل طريقة لإعدام هؤلاء هو جعل هؤلاء العلماء يُدرّسون برياض الأطفال احتقاراً لهم، مضيفاً أن الإمبراطور كان يعرف ما يقوم به، فهؤلاء العلماء هم من قاموا بتخريج أجيال اليابان الذين هزموا أميركا اقتصادياً.

وأشار دودين أن من المعروف بمجال التعليم أن المعلّم الجيد 10% من تلاميذه على الأقل يكونون جيدين.

وقال إنه عندما رأت أميركا قبل 5 سنوات أنها تراجعت بمجال التعليم بالمقارنة مع شرق آسيا قررت استخدام أساليب التعليم الحديثة عبر التعليم عن بعد، فقاموا برصد أهم مئة معلم بأميركا، وقاموا بعمل يوتيوب لهؤلاء المعلّمين، وكان واجب على كل مدرسة أن تعيد بث هذه المحاضرات والحصص التعليمية على كل المدارس، مؤكداً أن هذا لم يكن بالإمكان القيام به قبل التطورات الحديثة التي نقوم بها اليوم. وأكد على أهمية إدخال التقنيات الحديثة بالتعليم، والاستفادة منها والاستثمار بها، لكن بعد معالجة أسباب التراجع التي ما زالت موجودة.

الاستثمار بالمعلّم

قال مدير المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية د.عبد الله عبابنة إنه بحديثنا عن المعلّم فإننا نتحدث عن التعليم، وعندما نتحدث عن التعليم فإننا نتحدث عن مستقبل الأردن.

وأضاف أنه في الوقت الحاضر أهم استثمار لدينا بالأردن هو الاستثمار بالتعليم أي الاستثمار بالإنسان.

وأوضح عبابنة أننا إذا أردنا ان يحقق الاستثمار بالتعليم افضل عائد يجب أن يكون جل هذا الاستثمار هو بالمعلّم، وأن يكون المعلّم هو جوهر خطة هذا التطوير.

وأضاف أننا اذا ربطنا التعليم بالاقتصاد، نجد أن الذي يُحدث الفرق الحقيقي في معدلات النمو الاقتصادي بأي دولة هو نوعية النظام التعليمي فيها، والشواهد كثيرة في العالم كافة.

وذكر عبابنة أنهم بالمركز الوطني لتنمية الموارد البشرية يشرفون على الاختبارات الدورية التي تشارك بها الأردن، مشيراً إلى أن النتائج ظهرت قبل شهرين، مضيفاً أنه عندما ظهرت نتائج الدورة السابقة للبرنامج الدولي لتقييم الطلبة «بيسا» في العام 2010 والذي تشرف عليه دول الاتحاد الاوروبي، وجدوا بعد أن قاسوا قدرة الطلاب الذين أعمارهم 15 سنة بالعلوم ومركزين على القراءة أن هناك 11% من الطلبة لم يتمكنوا سوى إلى الوصول للمستوى الأول بالقراءة من ضمن 5 مستويات.

وأضاف أنه بناءً على هذه النتائج اجتمعت 25 دولة أوروبية ووضعوا خطة محكمة للسنوات القادمة هدفها الرئيسي ألا يبقى طالب خلال 25 سنة القادمة دون المستوى الأول، ومن ثمّ التقوا مع رجال الاقتصاد وأخبروهم أنهم إذا نجحوا بهذه الخطة، فإنهم يتوقعون أن يكون العائد المادي على دول الاتحاد الاوروبي اعتباراً من 2011 لغاية 2025 بمعدل 7.5 تريليون دولار سنوياً، مؤكداً بذلك أن القراءة أساس التعلم، فالطالب الضعيف بالقراءة ضعيف بالرياضيات والعلوم.

كما أن نوعية رأس المال البشري هو الذي يحدد ملامح المستقبل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، فالانسان هو المحرك للتنمية.

وقال عبابنة إننا اذا أردنا أن نتفحص مفردات النظام التعليمي بأي بلد، نجد أن العنصر الأهم بالمدخلات وبالعمليات هو المعلّم، فهو الذي يضع سقفاً لنوعية نواتج التعلم، وذلك بناءً على القاعدة التربوية التي تقول: إن نوعية مخرجات التعلم لا يمكن أن تتفوق على المعلّمين.

وأكد أن المعلّم النوعي هو القادر على ضبط الكفاية الداخلية والخارجية وفعالية النظام التعليمي بالبلد.

ولفت عبابنة إلى أن هناك شكوى بأن مخرجات التعليم لا تتواءم مع متطلبات التنمية الوطنية والإقليمية.

وأوضح أن هناك في وقتنا الحاضر استثماراً بمفردات النظام التربوي بالبلد، ولكن بالحقيقة أصبحت تقترب من الكلفة بمعنى أن هذا الاستثمار لا يوجد له عائد، مضيفاً أنه إذا أخذنا أهداف الألفية للعام 2030 المتعلقة بالتعليم بالأردن، نجد أنه يجب تقديم تعليم نوعي منصف وشامل، وتعزيز التعلم مدى الحياة.

وأضاف عبابنة أن التعليم النوعي عماده أن يكون المعلّم مؤهل للقيام بهذا الدور، وهذا المعلّم هو صاحب المهنة، مؤكداً أن المدخل للارتقاء بنوعية المعلّم يتم من خلال بوابة تمهين التعليم.

وبيّن أن «تمهين التعليم» معناه تحديد معايير وطنية تربوية دقيقة تحاكي الدول التي تتميز بأنظمة تعليمية ناجحة من حيث مواصفات الشخص الذي يحق له الالتحاق ببرامج إعداد المعلّمين والتقدم لبرامج التعليم، وتحديد طبيعة البرامج التدريبية التي تضع ميكانيكية للارتقاء بالمعلّم أثناء الخدمة، مؤكداً أن بوابة الارتقاء بالمعلّم تتم عبر تبني سياسة تمهين التعليم.

ولفت إلى أن تمهين التعليم يتطلب وضع معايير تربوية دقيقة تحاكي أفضل الممارسات العالمية بمجال إعداد المعلّمين ابتداءً من الأشخاص الذين يحق لهم الالتحاق ببرامج إعداد المعلّمين، ومواصفات هذه البرامج، وتدريبهم قبل الخدمة وأثناء الخدمة.

ورأى عبابنة أن المبادرة التي وردت بالاستراتيجة الوطنية تعد الخطوة الأولى تجاه تمهين التعليم، مضيفاً أن اي معلم جديد يريد الالتحاق بالتعليم يجب أن يخضع لسنة تدريبية كاملة، ومن ثم يكون له تقييم، ليتقرر بعدها هل يستمر حسب مهاراته أو لا.

وشدّد أن متطلبات التنمية والتكنولوجيا والمعرفة تتطلب أن يكون هناك تطوير للتنمية المهنية للمعلمين، إذ يجب أن تتوفر في المعلّم 5 صفات معرفية هي: امتلاك (المعرفة العلمية، والمعرفة البيداغوجية وكيف يدرس، والمعرفة بخصائص المتعلمين، والمعرفة بطبيعة السياقات التي يتم من خلالها تعلم السياق الثقافي والاجتماعي والبيئي والمؤسسي، والمعرفة التقنية وكيف يوظف التكنولوجيا بعملية التدريس).

كما شدّد أن على المعلّم أن يكون دائماً هو العنصر المستجيب لمتطلبات التطوير وأن يكون إيجابياً، وحريصاً على تحقيق افضل نواتج التعلّم، وأن يمتلك دافيعة نحو التعليم، وكذلك أن يشعر أنه مقدّر.

وأكد عبابنة أن المعلّم بحاجة إلى دعم فني حقيقي، ودعم مجتمعي مساند لمكانته ودوره، إضافة إلى دعم اقتصادي يسنده السابقة وحوافز حقيقية، وكذلك إلى نظام مساءلة مجتمعي ورسمي شريطة أن تتوفر عناصر الدعم الثلاثة.

ودعا إلى إعادة التفكير بالتربية، فالمعلّم في فنلندا مثلاً إعداده رفيع المستوى، ومكانته مهابة بالمجتمع، فهو يشعر بدرجة عالية من الاحترام، والأهم من ذلك أن الثقة التي يمنحها المجتمع للمدرسة وللمعلم في فنلندا لا تعادلها أي ثقة أخرى.

وأضاف عبابنة أنه في أي نظام تعليمي إذا أخذنا محركات التطوير بالنظام التعليمي وإعداد المعلّمين بتلك الدول وهي (البنى المعرفية والاجتماعية والتقنية والسياقية) نجد أنها متوفرة، مشيراً إلى أن برامج إعداد المعلّمين عندنا بالأردن لها سيرة تاريخية معروفة، وبدأت من الخمسينات حتى اليوم، وأنها حاولت أن تستجيب لمتطلبات التطوير.

ورأى أن التوجه يكون بإيجاد برنامج متتالي في إعداد المعلّمين، فعندما ينهي المعلّم البكالوريوس ينتقل سنة لمرحلة الإعداد، مؤكداً أنه إذا تمكّنا من تحويل التعليم لمهنة بالتأكيد سوف نضبط نوعية المدخلات، وبالتالي نتوقع أن يكون هناك عائد كبير على مخرجات التعليم.

التعليم والمجتمع والاقتصاد

قال وزير التربية والتعليم الأسبق د.إبراهيم بدران إن التعليم والمجتمع والاقتصاد ثلاث دوائر تتحرك الواحدة مع الأخرى، ولا يمكن الانتقال بواحدة إلى مستوى عالٍ بينما الدوائر الأخرى إلى أسفل، والامثلة بالعالم موجودة وكثيرة.

وأضاف أن هذا يعني أن مسألة التعليم هي مسألة دولة، فإما أنها تريد بناء نفسها للمستقبل بطريقة مختلفة أو لا تريد، مشيراً إلى أنه إذا كانت لا تريد فيمكن إصلاح جزء هنا وجزء هناك وهكذا.

وأشار بدران أنه حتى تصبح هذه قرارات دولة يجب ربطها بالإنفاق، فالإنفاق على التعليم هو أقل من 5% من الناتج المحلي الإجمالي، والعبارة خادعة قليلاً، لأنه عندما يكون الناتج المحلي الإجمالي قليل فـ5% لا تعني الشيء الكثير، لذلك نحسبها بما ينفق على الطالب أو نصيب الفرد من الإنفاق على التعليم سنوياً.

ودعا إلى وجوب النظر للتعليم على أنه رؤية وتحرك دولة، وبالتالي يجب أن تتحرك الدولة بهذا الموضوع على ثلاثة مسارات: التعليم، والثقافة المجتمعية، والاقتصاد.

وشدّد بدران على أهمية الثقافة المجتمعية، فالاحترام الذي فُقد نحو المعلّم جاء كجزء من الثقافة المجتمعية، مشيراً إلى أنه حتى الأفلام أصبحت تستهزىء بالمعلّم وتصوره بشكل هزلي، داعياً إلى وجوب تغيير هذا الأمر، مستشهداً بالصين كمثال فهي تعدّ الأولى عالمياً في تقدير مكانة المعلّم ، وأصبح جزء من ثقافة الصيني أن ينظر للمعلم بأنه شيء مهم.

ولفت أن الاهتمام بالجانب الاقتصادي يجب أن يصبح جزءاً من ثقافة المجتمع، مضيفاً أنه هنا يأتي دور وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية والإعلامية والدينية في كيفية تحويل تفكير المجتمع من حالة إلى حالة أخرى تجاه المعلّم.

وفي ما يتعلق بإعداد المعلّم، قال بدران إننا ندور حول هامش الموضوع، إذ إن جميع الدول التي نجحت بالتعليم لديها مهننة كاملة له، فلا يدخل المعلّم المدرسة إلا إذا كان يحمل شهادة تؤهله لأن يكون معلماً، وهذه تختلف عن الشهادة الجامعية.

مطالباً بضرورة إنشاء مراكز تأهيل للمعلمين، مؤكداً أن هناك أعداداً كبيرة من المعلّمين، وإذا لم نستطع تأهيل هذه الكتلة الكبيرة منهم خلال فترة لا تتجاوز 7 - 8 سنوات، فإننا لن نستطيع الخروج من الأزمة، مضيفاً أنه يجب إنشاء معهد لتأهيل المعلّمين في كل مديرية تربية.

وأكد بدران أنه لا يمكن أن يتغير حال المعلّم إذا استمرت وزارة التربية والتعليم بالقيام بكل شيء من الألف إلى الياء من الصف الأول الابتدائي إلى الامتحان والكتاب.

وأشار إلى أنهم اقترحوا باللجنة الملكية الاستشارية للتعليم أن يكون هناك مركز وطني يتولى إعداد المعلّمين وتأهيلهم بموجب برامج مهنية وبرامج محددة، ووزارة التربية والتعليم عليها أن تدير عملية التربية والتعليم، مشدّداً على أن الوضع الذي نحن فيه لا يمكن أن يؤدي لأي نتيجة.

وبخصوص الوضعين الاجتماعي والاقتصادي للتعليم أكدّ بدران على وجوب أن يكون هناك مقياس لدخل المعلّمين، وأن يُحدّد متى يكون للمعلم دخل كافً ومتى لا يكون.

وأضاف بدران أن دول العالم أخذت تجد أن متوسط دخل المعلّم يعادل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي السنوي، فمتوسط راتب المعلّم بأميركا حوالي 50-55 ألف دولار وهو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال إننا في الأردن رفعنا الرواتب بعام 2010، وأصبح راتب المعلّم هو 115% من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، لكن المشكلة تكمن في أنه ليست هناك مؤسسات اجتماعية داعمة للوضع الاقتصادي الاجتماعي للمعلم، لذلك أصبح راتبه غير كاف، وبالتالي علينا النظر في كيفية معالجة هذا الموضوع، داعياً إلى انشاء صناديق استثمار وصناديق إدخار وإتفاقيات مع مراكز السلع والخدمات حتى تخفف من الأعباء المعيشية على المعلّم.

ورأى بدران أنه ما لم يصبح تطوير التعليم هدف للدولة مع الأشياء الأخرى فإن المعلّم سيبقى يعيش في تناقضات.

وقال إن هناك مسألة تناقض فكري ثقافي إذ إننا نريد للمعلم أن يعلّم الفكر الناقد والحرية واكتشاف المواهب والإبداع وهو يعيش في ظروف عكس ذلك تماماً!، ويتحدث عن حقوق الإنسان في حين أن حقوق الإنسان منقوصة، ويتحدث عن الديمقراطية والديمقراطية منقوصة، وبالتالي يتم خلق حالة من الاضطراب وعدم الثقة لدرجة أن الطلبة الآن يعتقدون أن الواسطة هي المؤهل الرئيسي للوصول لأي هدف، مؤكداً أنه لا يمكن أن يتغير وضع المعلّم والتعليم، إلا إذا احدثنا كل هذه التغيرات في الجوانب الاجتماعية والفكرية والثقافية وتعليم الفلسفة.

وتساءل بدران إذا كنا لا نعلم وهدفنا الفلسفة والمنطق من منهاج وزارة التربية والتعليم فكيف يمكن أن يعلّم المعلّم الطالب التفكير النقدي والتفكير الحر وحل المشكلات؟، وإذا كانت حصة الفن حصة واحدة يتخاطفها أساتذة المواد الأخرى، كيف يمكن للطالب أن يدرك قيمة الجمال والحياة.

ورأى بدران أنه ما لم تدخل الدولة وليس فقط وزارة التربية والتعليم في عمق هذه المسائل، وتتولى وزارات الثقافة والتربية والتعليم والتعليم العالي دورهم، وكذلك وزارة الأوقاف لها دور بهذا الموضوع لأن 66% من معلمي المدارس هنّ سيدات، ثم يسمع الطالب في الشارع أو في المسجد أنهن ناقصات عقل ودين مثلاً، متسائلاً كيف يمكن أن يتوافق هذا مع ذاك.

وأكد أن التعليم هو الركن الثالث في استمرارية الدولة وقوتها، بالإضافة للجانبين العسكري والاقتصادي، وعلى الدولة ان تأخذ مشروع النهوض بالتعليم كمشروع وطني.

توصيات

- تحسين أوضاع المعلّم، والدعوة لمساندة المبادرة حتى تأخذ طريقها للتنفيذ.

- إعادة النظر بأسس اختيار المعلّم بناءً على المعرفة والعلم والخبرة والجوانب القيمية والأخلاقية والدافعية والميول والرغبة، وأن يتم التخطيط لاختياره من مراحل عمرية مبكرة.

- عمل إتفاق رسمي كل 4 سنوات ما بين وزارة التربية والجامعات لأخذ عدد معين من الطلبة كمعلمين يتم تخريجهم بحسب حاجة السوق.

- إنشاء هيئة وطنية لترخيص وإجازة المعلّم بحيث يخضع المعلّم لاختبارات ومقابلات وكفاءة علمية ومعرفية ليصبح مؤهلاً للدخول في التعليم.

- أن تبقى مدة صلاحية الإجازة 5 سنوات، وبالتالي عليه خلال 5 سنوات أن يثبت بأنه ما زال مواكباً للعلم والمعرفة.

- تحسين واقع المعلّم، وإعادة النظر بوضعه المالي.

- التركيز على معايير الاختيار والانتقاء والإعداد ثم التدريب المستدام، وبعدها العمل على مكانة المعلّم من خلال وضعه المادي والمعنوي.

- تدريب المعلّمين اثناء الخدمة.

- وضع خطة وطنية لتعزيز الدعم المجتمعي لمكانة المعلّم.

- تحفيز الجامعات الأردنية وخاصة كليات العلوم التربوية للاسهام في برامج التنمية المهنية للمعلمين.

- إيجاد نظام مساءلة وحوافز يستند على نوعية المخرجات.

- إيجاد سلم مالي جديد لمن يدخل سلك التعليم.

- إنشاء هيئة وطنية ذات استقلال مالي وإداري يديرها مجلس أمناء يشكله مجلس الوزراء.

- إنشاء معاهد تأهيل مهني تمنح الإجازة المهنية للمعلمين وأن تكون هيئة مستقلة.

- أن يتفرغ المعلّم تفرغاً كاملاً لمهنته وألا يلتحق بأي عمل آخر.

- إعادة الهيبة للمعلم وتقدير مكانته ورسالته وجهوده.

- معاملة المعلّم كغيره من أصحاب المهن المشهورة كالطب والهندسة بالعلاوات والحوافز المادية والمعنوية.

- احترام رأيه ونقده البناء وتشجيعه على المبادأة والاكتشاف والتجريب.

- إتاحة الفرص له للمشاركة بالحياة السياسية والاجتماعية والنقابية.

- تحفيز المعلّم على التطور والبحث العلمي وترقيته وظيفياً على ضوء ذلك وعلى ضوء تفوقه في مهنته.

- عدم انهاكه بكثرة الواجبات أو بالعبء التدريسي.

- عقد منافسات ومسابقات بينه وبين زملاء المهنة، ومكافأته على التفوق.

مبادرة جماعة عمان لحوارات المستقبل لتعزيز مكانة ودور المعلّم الأردني وفق أفضل الممارسات العالمية لأختيار وإعداد وتدريب المعلّمين الأردنيين

وتالياً عناصر المبادرة:

أولاً: المعايير اللازمة لقبول من ينوي الالتحاق بمهنة التربية والتعليم في كل من القطاع العام والخاص:

تدعو مبادرة تعزيز مكانة ودور المعلّم الأردني وفق أفضل الممارسات العالمية لاختيار وإعداد وتدريب المعلّمين إلى أن تتوفر فيمن يرغب بممارسة التعليم الشروط والمعايير التالية:

- أن يحدد معدل 75% في الثانوية العامة كحد أدنى لمن يلتحق بأي برنامج جامعي يخرج معلمين.

- أن يخضع من ينوي الالتحاق بأي برنامج يؤهل لمهنة التربية والتعليم لمقابلة لقياس اتجاهاته ودافعيته للمهنة بعد اجتيازه لامتحان التوجيهي.

- أن يتم إعداد وتأهيل الملتحقين في البرامج الجامعية التي تخرج معلمين في كليات العلوم التربوية أو ما يكافئها.

- أن يتم إعداد وتأهيل من يرغب بالالتحاق بمهنة التربية والتعليم من خريجي الكليات غير التربوية لبرامج إعداد تربوي متخصص وفق أفضل المستويات وبناء على حاجات النظام التربوي الأردني ويخضع بعد الالتحاق بالمهنة لاختبارات تقييمية وتشخيصية تقيس كفاءته.

- أن يخضع الملتحق لمقابلة شخصية من قبل لجنة مشتركة من وزارة التربية والتعليم وكليات العلوم التربوية في الجامعات الأردنية تقيس اتجاهاته ودافعيته وميوله نحو مهنة التربية والتعليم وذلك لخريجي مرحلة البكالوريوس.

- أن يمنح الحاصل على تقدير جيد جداً في مرحلة البكالوريوس أعلى فرصة التقدم للاختبارات والمقابلات الخاصة بالمعلّمين الجدد.

- أن يخضع لاختبار قدرات علمية يقيس كفاءته العلمية بعد التخرج وعند التقدم لمهنة التربية والتعليم على أن يجتاز بعد ذلك اختبار عند التقدم لمهنة التربية والتعليم يقيس اتجاهاته ودافعيته وميوله نحو المهنة.

- أن يجتاز اختبار عملي تطبيقي أمام لجنة علمية تربوية متخصصة في صف دراسي للكشف عن قدراته في التدريس وإدارة الصف وكيفية التعامل مع الطلبة.

- يمنح من اجتاز الاختبارات التقييمية النظرية والعملية والمقابلة إجازة مزاولة مهنة التربية والتعليم والتي تجدد كل خمس سنوات بعد خضوع المعلّم لاختبارات تقييمية نظرية وعملية ومقابلة للوقوف على مستواه وكفايته للمهنة.

- أن يخضع المعلّم طوال فترة صلاحية إجازته لممارسة المهنة للمتابعة والإشراف التربوي والمعرفي المتخصص لضمان استمرارية الجودة العالية في أداءه المهني ودافعيته الإيجابية نحو المهنة.

- أن يقدم المعلّم طوال فترة صلاحية إجازته لممارسة المهنة التقارير التي توثق تميزه وإبداعه في أداءه التدريسي.

- أن يواكب التقدم الحاصل في ميدان تخصصه وفي ميدان أساليب التدريس واستخدام التقنية والتكنولوجيا في التعليم من خلال الانخراط في حضور ورش العمل والدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات العلمية والتربوية التي تنمو به معرفيا ومهنيا وتربويا التي تنظمها الجهات الرسمية والأهلية.

- تمنح إجازة ممارسة مهنة التربية والتعليم من الهيئة الوطنية المعنية بإجازة وترخيص المعلّمين.

ثانيا: آليات إعداد المعلّمين:

- أن يتم إعداد المعلّمين في كليات العلوم التربوية أو ما يكافئها من خلال برنامج معلم الصف أو البرامج التربوية المتخصصة والتي يجب أن يعاد النظر بها في ضوء التقدم الحاصل في هذا الميدان عالميا.

- أن يتم تطوير برامج لإعداد المعلّمين في المواد العلمية والإنسانية والاجتماعية في كليات التربية وفق أفضل الممارسات العالمية وبما يناسب البيئة والمجتمع الأردني.

- أن يتم تأهيل خرجي الكليات غير التربوية بعد تأهيلهم تربويا في كليات العلوم التربوية بالحصول على مؤهل تربوي بالانتظام ولفترة لا تقل عن سنة دراسية بالتنسيق مع الجامعات الأردنية.

- أن يتم إعطاء امتيازات مالية للمعلم الذي يحصل على تأهيل تربوي لتحسين وضعه المالي.

- أن يتم تطوير نظام من الحوافز والمكافآت للمعلمين وفق مستوى الكفاءة المهنية.

- وضع فترة انتقالية لمدة ثلاث سنوات لمن التحق بالمهنة من خريجي الكليات غير التربوية يتم خلالها تأهيلهم في برامج متخصصة تربويا وفق أفضل المستويات وبناء على حاجات النظام التربوي الأردني ويخضع بعد اجتيازها لاختبارات تقييمية وتشخيصية تقيس كفاءته المعرفية والتربوية وميوله واتجاهاته نحو المهنة وأن يكون هذا الإعداد في كليات العلوم التربوية وأكاديميات ومعاهد تربوية متخصصة وفق أفضل الممارسات العالمية.

- أن يبرم اتفاق رسمي بين وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلّمين وقطاع المدارس الخاصة والجامعات لإعداد عدد كاف يلبي حاجة السوق بدون فائض كل 4 سنوات.

ثالثاً: معلم رياض الأطفال ودور الحضانة:

- أن تطبق المعايير الواردة في البنود أعلاه على من يعمل أو من ينظم للعمل في تدريس أطفال هذه المرحلة.

- أن يقتصر العمل في هذه المرحلة على الإناث.

- أن يتضمن إعداد معلمة هذه المرحلة تدريب عملي لكيفية التعامل مع الأطفال بصورة راقية ومتحضرة وإنسانية ووفق أفضل الممارسات العالمية.

- أن يتضمن إعداد معلمة هذه المرحلة تزويدها بالمعارف والمعلومات والمهارات والأساليب الحديثة المعتمدة على اللعب والموسيقى والدراما والحركة والنشاط والاستخدام الفعال لوسائل التقنية والتكنولوجيا التعليمية.

- أن يتضمن تأهيل معلمة هذه المرحلة تمكينها من كيفية حل مختلف المعيقات والمشكلات التي تواجه أطفال رياض الأطفال ودور الحضانة وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالجوانب الصحية ومواجهة الحالات الطارئة.

- أن يتضمن تأهيل معلمة رياض الأطفال تغطية شاملة لأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.

رابعاً: من هم في مهنة التربية والتعليم الآن:

أما بالنسبة لمن يزاولون التعليم الآن فيجب أن يخضعوا لما يلي:

- اختبارات تقييمية لكل معلم في الميدان للوقوف على مستواه العلمي وكفاءته التربوية مقرونة بمقابلات تكشف عن أهليته الشخصية من حيث اتجاهاته وميوله.

- وضع برامج تأهيلية للمعلمين في ضوء ما تكشف عنه الاختبارات التقييمية.

- إعطاء فترة انتقالية لا تزيد عن ثلاث سنوات للمعلم الذي تكشف الاختبارت عن عدم كفاءته وعدم كفايته التربوية لتطوير وتحسين أداءه بعد خضوعه للبرامج المتخصصة التأهيلية.

- أن يخضع المعلّم للاختبارت التقييمية والمقابلة الشخصية مع نهاية الفترة الانتقالية للكشف عن مستواه وأهليته للعمل بمهنة معلم.

- المعلّم الذي لا يجتاز الاختبارات التقييمية والمقابلات مع نهاية الفترة الانتقالية لا يجدد التعاقد معه وهذا يتطلب نظام خاص جديد للتعاقد مع المعلّمين يسمح بمثل هذا الإجراء.

خامساً:آليات تنفيذ هذه المبادرة

يتطلب تنفيذ هذه المبادرة ما يلي:

- إنشاء هيئة وطنية ذات استقلال مالي وإداري يديرها مجلس أمناء يشكله مجلس الوزراء برئاسة وزير التربية والتعليم وعضوية ممثلين عن الجهات ذات العلاقة وشخصيات ذات خبرة في المجال التربوي تعنى بإجازة وترخيص المعلّمين وفق أسس ومعايير واضحة ومحددة، ومنها المعايير الواردة في هذا المقترح.

- تعنى الهيئة الوطنية لإجازة وترخيص المعلّمين بوضع المعايير الخاصة بجودة برامج إعداد وتدريب المعلّمين والاختبارات التقييمية والتشخيصية للجوانب المعرفية والمهنية والتربوية التي ستستخدم للكشف عن جودة أداء المعلّم واتجاهاته ودوافعه نحو المهنة كما تعنى بالإشراف والمتابعة والتحقق من تلبية متطلبات جودة أداء المعلّم طوال فترة خدمته في مهنة التربية والتعليم.

- العمل بشراكة واضحة ومرنة ومنفتحة بين جميع الجهات ذات العلاقة ومنها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي وسائر المؤسسات التربوية الحكومية والخاصة لتطوير وتحسين هذا المقترح (الجامعات، مجلس الأمة، المدارس الخاصة والحكومية، ونقابة المعلّمين، الخبراء في المجال التربوي).

- عقد ورش عمل ولقاءات حوارية بهدف أخذ التغذية الراجعة من الجهات سالفة الذكر لغايات استمرار التطوير والتحسين.

سادسا: أن يتم الأخذ بهذه المبادرة بصورة شاملة ولجميع التفاصيل الواردة أعلاه.