«مشكلة وباء التدخين»

19/07/2017

دعا وزراء صحة سابقون ومعنيّون بالقطاع الصحي إلى إجراء عملي للحد من أضرار آفة التدخين وفي الوقت ذاته تقليل انتشارها إلى أبعد حد.

وأكّدوا، في ندوة «مشكلة وباء التدخين» التي أقيمت في مركز الرأي للدراسات بالتعاون مع الجمعيّة الوطنية الأردنية لمكافحة التدخين، وجوب الإنفاذ الفعلي للقانون تحت مظلّة قرار سياسي يمنع التدخين.

وتحدّثوا عن الكثير من التشريعات التي تتعامل مع وباء التدخين، ومنها قانون الصحة العامة، وقانون مراقبة سلوك الأحداث، وقانون السير، وكذلك قانون البلديات، وقانون المواصفات والمقاييس، إضافة إلى قانون الجمارك، وهي دعائم تسند الموقف الوطني للسلطة التشريعية.

وناقشوا، في الندوة التي قرأوا فيها نسب انتشار التدخين وكونه قاعدة أولى للإدمان والخسائر الوطنية، دور وزارة الصحة، وأمانة عمان، وغيرها من الجهات المعنيّة بتنفيذ عقوبات رادعة في هذا المجال.

وكان شارك في الندوة، التي قرأت التجربة التركيّة الناجحة في مكافحة التدخين انطلاقاً من استهدافه الشباب في المقام الأول، كلٌّ من رئيس الجمعية الوطنية الأردنية لمكافحة التدخين د.محمد بشير شريم، ووزيري الصحة السابقين د.زيد حمزة، ود. ياسين الحسبان، ومديرة التوعية والإعلام الصحي وقسم الوقاية من أمراض التدخين في وزارة الصحة د.فاطمة عضيبات، ومهندس التغذية في قسم الوقاية من أمراض التدخين- مديرية التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة محمد أنيس، ورئيسة شعبة التوعية والتثقيف الصحي في أمانة عمّان نور عبد الجواد، والطبيب خليل الشنطي والمتطوعة مياده شريم.

 

 

 

أدار الندوة: د.خالد الشقران حررها: إبراهيم السواعير وبثينة جدعون

 

شريم: مشكلة عالمية

قال رئيس الجمعية الوطنية الأردنية لمكافحة التدخين د.محمد شريم إنّ الجمعية التي تأسست عام 1981 كانت سبّاقة في حمل لواء مكافحة هذا الوباء على المستويين المحليّ والعربي.

وشرح أنّ فلسفة الجمعية في التعامل مع هذه المشكلة واستراتيجيّتها تنطلق من إيمان علمي منهجي راسخ يرى أنّ وباء التدخين هو مشكلة الوطن بكل فئاته وشرائحه.

وأكّد شريم أنّ وباء التدخين يُعدّ مشكلةً إنسانيةً؛ بوصفه الأشد ضرراً والأوسع خطراً والأكثر فتكاً بالإنسانية.

وحول حجم المشكلة، شرح أنّ وباء التدخين هو أكبر مسبب للوفاة في القرن الحادي والعشرين، مبيّناً أنّ عدد ضحاياه أكثر من 6 ملايين إنسان، منهم أكثر من 600 ألف ضحية من غير المدخنين، معرباً عن أسفه لأن يكون 28% من هذه الوفيات هم من الأطفال، وزاد شريم: وتبرز بشاعة هذا الوباء من أنّ حجم ضحاياه أكثر من مجموع الضحايا مجتمعة لحوادث السير والأيدز والسل ووفيات الأمومة والانتحار وجرائم القتل.

 

حجم الضحايا

وأوضح شريم أنّ ضحايا وباء التدخين في الأردن بلغ عددهم 29 وفاة أسبوعياً، أي 1566 وفاة سنوياً، مقارنة مع ضحايا حوادث السير لعام 2014 التي بلغ عدد الوفيات بسببها 768 حالة وفاة.

وبيّن أن نتائج جميع الدراسات والأبحاث في كل المجتمعات الإنسانية تؤكد أنّ وباء التدخين يُعدّ مرضاً طفوليّاً/شبابيّاً، تنتشر عدواه ما بين 9-12 سنة، أما نسبة انتشار تعاطي التدخين عند اليافعين من الطلاب في الفئة العمرية من (13-15) ممن يستعملون منتجاً واحداً من التبغ، فقد بينت الدراسات أنها بلغت 26%، موزعة بنسبة 24% عند الذكور و16% عند الإناث، إضافة إلى أنّ 20% من الطلاب المدخنين بدأوا بالتدخين قبل السن العاشرة، مشيراً إلى أنّ متوسط البدء بالتدخين هو بين عمر (11- 12) سنة.

وبخصوص العنف التبغي أو (التدخين الإجباري أو القسري) قال شريم إنّ الأرقام، وانطلاقاً من أنّها لغة العلم الوحيدة، تشير إلى أنّ 54% من اليافعين في الأردن يتعرضون للتدخين الإجباري (القسري) في البيوت، و51%يتعرضون له في الأماكن العامة.

وعن التدخين في الأسرة أوضح أنّ 61% من الأسر الأردنية يوجد فيها مدخن منتظم واحد على الأقل يدخن أحد أنواع التبغ أو أكثر من نوع، وأن 94% من هؤلاء المدخنين يدخنون داخل البيوت، الأمر الذي يبين نسبة انتشار عنف التدخين والاعتداء على حقوق الآخرين أُسرياً.

وأضاف أنّ مدخّني الأرجيلة يحصلون عليها بنسة 44% في المنازل و15% في المقاهي و11% عند الأصدقاء وأماكن أخرى.

 

نسبة الانتشار

وحول نسبة انتشار التبغ بين البالغين (أكثر من 18 سنة) ذكر شريم أنها بلغت 32% بمعدل 55% عند الذكور و8% عند الإناث، مشيراً إلى أنّ الدراسة بيّنت أنّ هناك اختلافاً في نسبة التدخين حسب مستوى التعليم، إذ هي 37% عند من حصلوا على الشهادة الإعدادية أو الثانوية، وتنخفض إلى 28% عند الحاصلين على شهادة الدبلوم فما فوق.

وأشار إلى أنّه من الحقائق المعروفة أنّ نسبة الذين باشروا التدخين لأول مرة بعد سن 22 عاماً لا تتعدى 4% من المدخنين، وهذا دليل حسّاس وواضح يؤكد أنّ الأطفال والشباب هم الفئة المحورية المعرضة للإصابة بوباء التدخين.

وقال إنّه مع الإقرار بأنّ الآلام والأحزان الإنسانية الناجمة عن التدخين لاتُقدر بثمن ولا يمكن تقييمها وقياسها ماديّاً، إلا أنّ هذه النوعية من الخسائر المادية تُعدّ مؤشراً علمياً يبين فداحة هذا الوباء وشراسته، فالوطن يحرق سنويا 602 مليون دينار نقداً لشراء منتجات التبغ، وذلك بحسب نتائج دائرة الإحصاءات العامة لعام 2016، مؤكّداً أنّه مقابل هذه المبالغ التي تنفق على شراء التبغ كان يمكن لنا بناء 10 مستشفيات بالخصائص نفسها لمستشفى الزرقاء الجديد، الذى افتتحة جلالة الملك عبد الله الثاني في كانون الثاني 2015 حيث بلغت كلفة إنشائه نحو 65 مليون دينار سنوياً.

 

الإنفاق والخسارة

ولفت شريم إلى أنّ نسب دائرة الإحصاءات العامة تشير إلى أنّ متوسط إنفاق الأسرة السنوي على التبغ لعام 2010 مثلاً بلغ 424 ديناراً على منتجات التبغ، أي أكثر مما تنفقه على العناية الصحية والشخصية، أو ما تخصصة للخضروات أو البيض والألبان ومنتجاتها أو الحبوب ومنتجاتها، وبالتالي فإنّه وبحسب أعداد الأسر يصبح مجموع خسائرنا التبغية (508,503,200 ) دينار في سنة واحدة.

وأضاف أنه ليس لدينا دراسة علمية إحصائية رقمية تبيّن مجموع خسائر المجتمع الأردني التي يسببها وباء التدخين، ولكنْ، وقياساً على معدلات معتمدة في مجتمعات أخرى، فإن مجمل خسائرنا المجتمعية السنوية تُقدّر بحوالي خمسة مليارات (416,816,0000) دينار أردني، مؤكداً أن القضية تحتاج إلى بحث ودراسة ليصبح الرقم حقيقة، مشيراً إلى أنّ ذلك من المحاور التي يمكن قياسها بالتجربة التركية والاستفادة من نتائجها.

ورأى شريم أن المدمنين على المخدرات هم مدخّنون أصلاً، مشيراً إلى أنّ من الحقائق المؤلمة والمؤشرات الخطيرة التي بينتها الدراسات في كل أنحاء العالم أنّ كل المدمنين على المخدرات–تقريباً– هم من المدخنين، ولذلك فإنّ هذه الحقيقة كما رأى تُعدّ جرس إنذارٍ خطير.

 

التشريعات

وتحدّث عن الكثير من التشريعات التي تتعامل مع وباء التدخين، ومنها قانون الصحة العامة رقم 47 لعام2008، وقانون مراقبة سلوك الأحداث رقم 36 لعام 2006، وقانون السير، وكذلك قانون البلديات، وقانون المواصفات والمقاييس، إضافة إلى قانون الجمارك وتعديلاته، وهي دعائم تسند الموقف الوطني للسلطة التشريعية.

وأضاف أن الدستور الأردني يتضمن فقرات رائعة تتعلق بالتدخين تحتاج إلى تفاعل وتحتضنها المواد 2 و7 و 14 و80.

وبخصوص دور السلطة التشريعية، قال شريم إنّ مجلس الأعيان اتخذ قراراً حضارياً بالإجماع وهو منع التدخين تحت القبة وما يتبعها من مكاتب وفروع، أما مجلس النواب فالبرغم من الوضع القائم، إلا أنّ له مواقف إيجابية تتجلى في ظواهر أربعة والخامسة قادمة وهي ظاهرة قيام 94 نائباً يمثلون78.3% بتوقيع مذكرة تاريخية يطالبون فيها بمنع التدخين تحت القبة بتاريخ 2/1/2013، أما الظاهرة الثانية فتتمثل في قيام رئيس مجلس النواب م.عاطف الطراونة بوضع لافتة على كل مقاعد المجلس تحمل عبارة (ممنوع التدخين) في شهر آذار عام 2015، أما الظاهرة الثالثة فتتمثل في إقرار مجلس النواب (مدونة السلوك النيابية) وهي إطار عام لقيم نبيلة تهدف إلى ترسيخ مبادئ الديمقراطية وقيم المواطنة وإيثار الصالح العام وتعزيز مفهوم المسؤولية النيابية والمساءلة الذاتية، واحترام الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في الدستور، فقد أكدت على ضرورة التزام النائب بالدستور، والدفاع عن حقوق المواطنين، وعدم القبول بأي عمل يخل بتلك الحقوق أو ينتقص منها.

وتابع شريم أنّ الظاهرة الرابعة تتمثل في تغليظ العقوبات لحماية حق المواطنين وغير المدخنين من الاعتداء على حقوقهم التي طالبت بها وزارة الصحة، مشيراً إلى أنّ كل هذه المعاني تؤكد وتقود حتماً إلى أنّ (القبة البيضاء حق للجميع)، متسائلاً: أفليس المشرّع أولى بما يشرع ؟!.

أما بخصوص السلطة التنفيذية فقال شريم إنّ أول بلاغ لمكافحة التدخين كان أصدره رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد السلام المجالي وكان يحمل رقم 24 لعام 1994، أما آخر بلاغ رئاسي فقد أصدره رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد الله النسور بتاريخ 7/10/2015 .

 

حمزة: تطبيق القانون

 

رأى وزير الصحة الأسبق د.زيد حمزة أن العالم أجمعه قد تخطّى مرحلة الحديث عن مضار التدخين وخطورته إلى مرحلة كيفية إيقاف هذا الخطر، متسائلاً: كيف يجوز أن يبقى الأردن منذ العام 2008 على الأقل من دون تنفيذ أو تطبيق فعلي لقانون أو قرار يمنع التدخين، مشيراً إلى أنه لا يوجد قانون يصدر في الجريدة الرسمية إلا ويصدر بموافقة ملكية سامية.

وأكّد أننا في بلد مؤسسات فيها سلطة تنفيذية وتشريعية، فعندما يصدر أي قانون يجب أن يطبق، مضيفاً أننا نخرج كل سنة عشرات القوانين التي تُحترم ويتم تطبيقها، فلماذا لا يطبق قانون منع التدخين، وكيف يجوز لكل وزراء الصحة المتعاقبين أن يأجلوا تطبيق هذا القانون بما يتعلق بمنع التدخين في الأماكن العامة ؟!

ورأى حمزة أنّ في ذلك تراخياً، وقال إنه في بداية الديمقراطية يحاكم المسؤول الذي لا يطبق القانون بالتساوي مع الذي يخالف القانون، ففي الدول الديمقراطية يحاكم الوزير ويحاسب إذا لم يطبق القانون، وبالتالي فإنه يجب على الوزراء المعنيين أن ينفذوا هذا القانون.

وأشار إلى أنّ اجتماعاً عند وزير الصحة الحالي قبل شهرين بمناسبة اليوم العالمي للتدخين وعد فيه أنه في 1/7 سينفذ منع التدخين في الأماكن العامة كافة، مضيفاً أنّ هذا القانون ناتج عن اتفاقية الإطار التي وقعنا عليها منذ عام 2008 ونحن ملتزمون بها وهي تتقدم على القوانين، ومع ذلك جاء في الصحف قبل عقد الندوة بأيام أن وزيري الصحة والسياحة في اجتماعا بينهما قد أجلا تطبيق منع الارجيلة في المطاعم حتى نهاية العام الحالي.

ورأى حمزة أنّ الحل موجود، لافتاً إلى أنه إذا كانت الدول الأقل منا قدرة في الإدارة وتاريخاً في إصدار القوانين قد طبقت بشدة هذا القانون، فإننا ما نزال حيارى منذ سنوات في تحديد ما هي الأماكن العامة التي يمنع فيها التدخين، مدللاً بالتحربة التركيّة في هذا المجال.

 

الحسبان: القرار السياسي

أعرب وزير الصحة الأسبق د.ياسين الحسبان عن أسفه لإنجازنا القليل أمام حديثنا الكثير، مؤكّداً أننا جميعاً نعلم أن هناك أضراراً اقتصادية واجتماعية وصحية وجمالية للتدخين، ولكن "لا حياة لمن تنادي"!

وأضاف أنّ هناك عدم اكتراث ولامبالاة قاتلة في تطبيق الأنظمة والقوانين والتعليمات في هذا المجال، مدللاً بأنّ القرار السياسي موجود، إذ أنّ القانون هو قرار سياسي، ولكن الالتزام بتنفيذ هذا القانون وتطبيقه غير موجود.

وأكد الحسبان أننا نحتاج إلى مسؤولين يطبقون هذه القوانين، مشيراً إلى أن غالبيتهم يدخّنون، متعجباً: كيف يمكن أن ينجح تطبيق قانون منع التدخين في ظلّ ذلك؟!

 

التجربة التركية

ودعا اللجنة الصحية، وهو أحد أعضائها، إلى وجوب الخروج بتوصية لمنع التدخين، مشيراً إلى أننا نريد مسؤولين حازمين يطبقون القانون، حيث القوانين موجودة، والعقوبات كذلك بمكافحة التدخين في الأردن أكثر من تركيا، لافتاً إلى قول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حين كان رئيساً لاجتماع مكافحة التبغ "إن محاربتنا للتدخين هي كمحاربتنا للإرهاب، لأن الذين يبيعوننا التبغ يريدون أن يقضوا على أجيالنا".

وشدّد الحسبان على أنّ ما ينقصنا هو فقط تطبيق الأنظمة والقوانين أسوةً بالتجربة التركية، مشيراً إلى مدح منظمة الصحة العالمية لتركيا ومنحها الجوائز في هذا المجال، بسبب أنّ من بين كل 3 نساء امرأة واحدة مدخنة، ومن بين كل رجلين كان هناك رجل واحد مدخن، و33% من الكهول يدخنون.

وقال إننا طبّقنا حزام الأمان بالمخالفات، وكذلك مخالفة الإشارة الضوئية، متسائلاً: ألا نستطيع أن نطبق قانون منع التدخين الذي يعدّ خطراً داهماً علينا وعلى أجيالنا القادمة؟!

ورأى الحسبان أنه آن الأوان لأن نترك الإنشاء والكلام والتباكي، باتجاه مجتمع مدني ضاغط، مسجّلاً عتبه في هذا الأمر على الصحافة، وداعياً المجتمع المدني إلى التوحد مع المؤسسات الإعلامية في مكافحة التدخين للخروج بجهد مشترك في ذلك.

 

عضيبات: وزارة الصحة

قالت مديرة التوعية والإعلام الصحي وقسم الوقاية من أمراض التدخين في وزارة الصحة د.فاطمة عضيبات إننا بمقدراتنا كوزارة صحة ودولة أردنية أنجزنا الكثير في مجال مكافحة التدخين والذي يعدّ آفة كبيرة تقوم دوائر صناعة التبغ بدفع المليارات لترويجها وتسويقها حتى بالنسبة للمنطقة.

وأكدت أننا لا يجوز أن نركز على السلبيات فقط وننسى الايجابيات، إذ أننا من أوائل الذين سلطوا الضوء على هذه الآفة، فأصدرنا نظاماً في عام 1977 يخص مكافحة التدخين، كما كنا من أوائل الدول في المنطقة التي صادقت على الاتفاقية الإيطالية، منوهةً أنّ أي شيء يصدر عن جلالة الملك يُعدّ مسؤولية أمام الشعب الأردني والمواطنين والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية.

وأضافت أننا أيضاً من أوائل الدول التي أفردت فصلاً كاملاً خاصاً بالتدخين، من حيث الوقاية من أضراره والعقوبات الخاصة به، مشيرةً إلى أنّ أي إجراء يُتخذ في بدايته قد تشوبه بعض العقوبات والتحديات، فمثلاً كان هناك ضعف في تعريف المكان العام، مبيّنةً أنّ البدء والتحسين والتعديل هو بالتأكيد أفضل من ألا نبدأ.

 

المكان العام

وبيّنت أن جزئية تعريف المكان العام في القانون تمّ تعديله في أيار 2015 كما تم تعديل العقوبة، مؤكدة أن وزير الصحة لم يؤجل تطبيق القانون، إذ أننا كضباط ارتباط مكافحة التدخين نقوم بتطبيق القانون ضمن إمكانياتنا، كون ضباط الارتباط في وزارة الصحة غير متفرغين، فهم يقومون بعمل تطوعي بالإضافة لأعمالهم، كما أن ضابط الارتباط غير معيّن في وزارة الصحة بهذا المسمى، فقد يكون ضابط الارتباط طبيباً أو صيدليّاً أو فني مختبر أو محاسباً، وبالتالي يجب عليه أن يقوم بواجبه الوظيفي أولاً ثم بواجبه التطوعي الذي هو مكافحة التدخين ضمن مديريته وضمن أوقات الدوام الرسمي، مضيفةً أن هذه تعدّ أول نقطة من حيث سوء تطبيق القانون.

وقالت عضيبات إنّ جميع الوزارات والمؤسسات مسؤولة عن تطبيق القانون، فوزارة الداخلية تستطيع من خلال قانونها أن تمنع التدخين، ووزارة التربية والتعليم، وكذلك شرطة البيئة التي لديها ولاية على تطبيق جميع القوانين، إضافة إلى أمانة عمان التي تستطيع ضمن صلاحياتها أن تمنع التدخين.

 

تكامل الجهود

ورأت أن الأمر يعدّ جهداً شخصياً وتقصيراً عاماً وليس تقصيراً من وزارة الصحة، التي قامت ضمن صلاحياتها بجهود تشريعية رقابية وتوعوية، مضيفةً أنه حتى بالنسبة للتوعية فهي لم تصل للمرحلة التي تؤدي لتغيير السلوك، كما لم تصل لوجدان المواطن لتجعله يحس فعلياً بالضرر.

ورأت أنه لو أحسّ المواطن بشكل حقيقي بأن التدخين يؤدي مباشرة للضرر لتركه فلم يدخن أمام أبنائه لكنا نسير بالاتجاه الصحيح، مشيرة إلى دور دوائر صناعة التبغ التي تقوم بتوعية مغايرة، وتسوّق للأمر بطريقة غير مباشرة، مضيفةً أن دورنا كوزارة صحة هو أن نمنع الدعاية والإعلام والترويج للتدخين.

وأكّدت عضيبات أنّ الإرادة الوطنية موجودة، ففي عام 2016 أعددنا خطة وطنية لتحديد الأدوار كما طُلب منا وعممت على جميع الوزارات، مشيرة إلى أنّ الاستجابة كانت مختلفة من وزارة لوزارة، مضيفةً أننا نقوم بجهود كثيرة لكننا نطمح للكمال، كما أن أمامنا معيقات.

ودعت إلى وجوب تضافر الجهود، وخصوصاً المجتمع المدني الذي بدونه لا يمكن تحقيق تقدم، فهو على علاقة مباشرة مع المواطن، وعلينا أن نركز على التوعية والتصنيف للفئات المستهدفة بحسب دوائر صناعة التبغ.

وأشارت إلى أنّ هدفنا ليس المدخن فقط، إذ يجب أن نركز الجهود على طلاب المدارس، وعلى وزارة التربية والتعليم، وإدراج مكافحة التدخين والأضرار ضمن برامج تربوية، كون هذه الفئة مستهدفة، إذ أنّ فئة طلاب المدارس فئة رافضة للتعليمات والنصائح، مؤكدة على وجوب التركيز على هذه الفئة وتغيير نص الرسالة بحيث لا تكون بطريقة النصيحة وإنما تسقيط الأقران وعقد جلسات حوارية أكثر لنرى أين نقاط ضعفنا ولماذا هي رسالتنا غير مؤثرة، لافتةً إلى أنها لو كانت مؤثرة لما كانت نسب استعمال منتجات التبغ في ازدياد.

 

اقتصاديات التبغ

وأضافت أنه يجب تسليط الضوء على اقتصاديات التبغ، إذ لا توجد دراسة تبين مدى الإنفاق الصحي المباشر وغير المباشر الذي يخرج من جيوب المواطنين لشراء منتجات التبغ والذي تدفعه الدولة لعلاج الأمراض المزمنة والسرطان الذي هو نتيجة لتدخين التبغ، مبينة أننا كوزارة صحة مستعدون للتعاون وتكامل الجهود مع أي جهد أو مقترح يقدم لدراسته.

وشدّدت عضيبات على أنّ قانون منع التدخين لم يؤجل تطبيقه، بل هو مطبق منذ العام 2008، مشيرة إلى أنّ أي قانون يصدر في الجريدة الرسمية لا يملك لأحد أن يؤجله، فوازرة الصحة تقوم ضمن استطاعتها وقدراتها بمعاقبة المؤسسات التي لا تطبق القانون، ففي شهر أيار قامت بمخالفة أكثر من 60 مؤسسة.

 

أنيس: عقوبات رادعة

أكد مهندس التغذية في قسم الوقاية من أمراض التدخين- مديرية التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة محمد أنيس على تفعيل تطبيق القانون بدلالة أنه لغاية الآن تم تقديم 66 مخالفة بحق عدد من المؤسسات والأشخاص، وأن هناك 273 إنذاراً لمؤسسات مخالفة كما أنّ هناك 36 حالة إبلاغ للمؤسسات، مضيفاً أنه تم مؤخراً تحويل عدد من المخالفات ليتم تقديمها أمام الوزير ومن ثم تحويلها للمحكمة.

وبالنسبة لتعليمات الفصل بين المدخنين وغير المدخنين قال أنيس إن الاشتراطات هي التي وضعت المماطلة والتأجيل الذي تمت الإشارة إليه، والقرار الذي صدر عن رئاسة الوزراء قرار صدر أولاً بحق 300 مؤسسة، وهذه المؤسسات لا يوجد لديها ترخيص، وبالتالي فإنّ التأجيل كان لهم بهدف تصويب أوضاعها، مشيراً إلى أنّ المسؤول عن الترخيص هي أمانة عمان وأنّ الأمانة قد أعطت فرصةً لتصويب الأوضاع.

وبخصوص تطبيق القانون قال إن هناك خطة وطنية جارية لمكافحة التدخين أُقرت في رئاسة الوزراء، مضيفاً أن هناك 566 ضابط ارتباط في جميع المؤسسات تم تكليفهم بصلاحيات الضابطة العدلية لوزير الصحة وتم تدريبهم لهذا الأمر، وطالب أنيس بتوفير الحماية لهم كضباط ارتباط ميدانيين، وبحوافز مادية وكذلك بتفريغهم للعمل في هذا المجال.

 

عبد الجواد: دور الأمانة

وبخصوص الإجراءات المتبعة في تطبيق قانون منع التدخين قالت رئيسة شعبة التوعية والتثقيف الصحي في أمانة عمّان نور عبد الجواد إنّ الأمانة شريك مع جهات عدة كوزارة الصحة ومنظمة الصحة ومركز الحسين للسرطان والجمعية الملكية للتوعية الصحية في مجال مكافحة التدخين في الأماكن العامة.

وأضافت أنّه بعد نجاح تطبيق تجربة حظر التدخين في مبنى قصر العدل عام 2008 من قبل مراقبي الصحة في أمانة عمان، تم تنفيذ خطة لحملة "لا للتدخين في مبنى أمانة عمان الكبرى" والتي تستهدف موظفي الأمانة ومراجعيها اعتباراً من بداية 2009 وذلك إيماناً من أمانة عمان بتأمين بيئة صحية وسليمة للمواطنين.

وأشارت إلى أنه ومن خلال تشريعاتها المطبقة كنظام منع المكاره الصحية لعام 1978 مادة 4 بند (د) والذي يحظر على أي شخص إصدار دخان يضر بالصحة والسلامة العامة، وبناءً على التعميمات الصادرة من رئيس الوزراء بحظر التدخين في الأماكن العامة والمغلقة، تم عقد ورشات عمل وجلسات تمهيدية وتوعوية عدة على مدار العشرة أعوام الماضية، ففي العام 2017 تم تدريب مراقبي صحة ليكون لهم حق الضابطية العدلية للمخالفة بشكل رسمي حسب قانون الصحة العامة.

وذكرت عبد الجواد أنه تم سابقاً عقد اجتماع في شهر أيار/2017 في الجمعية الملكية للتوعية الصحية بحضور مندوبين من أمانة عمان وجمعية المطاعم السياحية والجمعية الملكية للتوعية الصحية ومركز الحسين للسرطان، وأنّ وزارة الصحة تطالب جمعية المطاعم السياحية بالتعميم على ضرورة فصل خدمة تقديم الأرجيلة عن الوجبات الغذائية كون الفصل غير فعال في كثير من المطاعم، فقد طالبت جمعية المطاعم السياحية بالتدرج في تطبيق القانون والبدء بالمؤسسات الحكومية والمراكز الصحية، كما عقدت جلسات توعوية لأصحاب المنشآت الصحية حول أهمية الفصل وضرورة تطبيق الشروط والتعليمات المتفق عليها.

وأضافت أنه صدر لاحقاً في حزيران2017 قرار رسمي من مجلس الوزراء بإمهال المنشآت المقدمة للأرجيلة حتى نهاية العام لتصويب أوضاعها، أما المطاعم و"الكوفي شوبات" المصنفة سياحياً فتم إضافة بند تقديم خدمة الأرجيلة، ووقف مخالفتها، شريطة تصويب أوضاعها ضمن الشروط والتعليمات في فترة أقصاها 31 كانون الأول المقبل من هذا العام، وفي حال عدم الالتزام بهذا التاريخ فسيتم استكمال الإجراءات القانونية بحقها حسب الأصول، حيث تمّ النصّ على تصويب أوضاع المنشآت السياحية التي تقدم الأرجيلة وتنظيم هذه الخدمة المصنفة سياحياً واعتماد التراخيص والموافقات الممنوحة للمطاعم السياحية سابقاً من جهات مختلفة يتجاوز عددها 300 منشأة سياحية، وعدم إصدار رخص جديدة لتقديم الأرجيلة أو نقل الرخص من موقع إلى آخر، إضافة إلى تجديد الرخصة القائمة في الموقع نفسه وكذلك نقل الملكية والتنازل للغير في الموقع نفسه، وذلك ضمن الشروط والتعليمات المتفق عليها بين الجهات المعنية، وستكون هنالك إجراءات قانونية في حال عدم التزام المنشآت السياحية بالتعليمات والشروط الموضوعة.

وذكرت من ضمن هذه الشروط عدم دخول من هو تحت سن 18 عاماً إلى أماكن المدخنين في المنشأة وتناول الأرجيلة، إضافة إلى ضرورة وجود نظام تهوية كاف في المنشأة ووجود فصل لأماكن المدخنين عن غير المدخنين والتي تصل إلى 50 بالمئة من مساحة المنشأة ووضع إشارة واضحة لمنطقة المدخنين.

ولفتت عبد الجواد إلى أنه بناءً على كتاب رئيس الوزراء بتاريخ 18/6/2017 صدر قرار من رئيس لجنه أمانة عمان د.يوسف الشواربه بعدم إصدار رخص جديدة لتقديم الأراجيل، أو نقل الرخص من موقع لآخر، والعمل على تجديد الرخص في الموقع نفسه، وعدم مخالفة المطاعم الشعبية والكوفي شوبات والمطاعم السياحية التي تعمل على تقديم أرجيله حتى نهاية العام ليتسنى لها تصويب الأوضاع.


الالتزام

وفي مداخلة له طالب طبيب الأسنان د.خليل الشنطي بوجوب أن يكون هناك حزم في تطبيق القانون، فعلى المستوى الشخصي نجد غالبية الجمعيات الخيرية قد التزمت بتطبيق القانون، في حين أن التدخين ما يزال منتشراً في المدارس والجامعات.


دول العالم

رأى الحسبان أن مشكلتنا لا تختلف عن مشاكل دول العالم الثالث، فهناك دول حولنا سبقتنا، مثل دولة الإمارات وخصوصاً إمارة دبي، فلو ذهبنا لدبي سنجد أنّ الجميع ملتزمون بالقانون، في حين أننا شعب تعود على الفوضى واللامبالاة لأنه لا يوجد رادع، مشيراً إلى أنّ الأردني عندما يذهب للبلاد الأوروبية ويعيش فيها يكون ملتزماً بالقوانين في كل شيء، وذلك لأنه يشعر بأنه سيحاسب، بينما هناك عدم تطبيق للقانون في الأردن ، أو أنه يُطبق بمزاجية، أو بواسطة.

وأكّد أنّ العاقل هو من يستفيد من تجربة الآخرين، داعياً أن نكون عقلاء ونستفيد من تجارب الآخرين الناجحة، مضيفاً أنه عندما يزور أي بلد يقوم بعقد مقارنة بين هذا البلد والأردن.

ودعا الحسبان الحكومة والمجتمعات المدنية والجمعيات للتكاتف، وأن نحاول قدر الإمكان إزالة الخطأ في حالة وجوده، لافتاً إلى أنه إذا كان قانون الصحة العامة لا يطبق سنقدم شكوى على المسؤول عن تطبيقه، مضيفاً أن قانوننا رادع وفيه مخالفات والقضاء عندنا يحكم على الحكومة؛ إذ علينا أن نحاول التغيير بالإقناع.

وذكرت عضيبات أن كل شخص له مهامه وإجراءاته، والترخيص ليس من صلاحيات وزارة الصحة، فمن صلاحياتها تطبيق القانون بمنع التدخين في الأماكن العامة والإجراءات والاشتراطات، أما إعطاء الرخصة فهي من مسؤولية السياحة والأمانة.

 

مجلس النواب

ودعا شريم إلى وجوب التوجه نحو مجلس النواب كوفد لمقابلة رئيس مجلس النواب لتأكيد منع التدخين رسمياً وإعلامياً كما حدث في مجلس الأعيان.

أما بالنسبة للقرار السياسي فقال إنّ جلالة الملك حين يتدخل في أمر يكون له دور فاعل فيه، كما في موضوع إطلاق العيارات النارية في الأفراح.