"طلال أبوغزاله.. من المعاناة إلى العالمية"

11/12/2017

وفي بداية الحفل الذي أداره مدير وحدة الأبحاث في المركز هادي الشوبكي، رحّب رمضان الرواشدة، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية "الرأي" بالحضور، مؤكداً الدور والمكانة الكبيرة التي تحظى بها صحيفة "الرأي" وكذلك مركز "الرأي" للدراسات عند النخب وعند العامة من أبناء الشعب، لافتاً إلى أن "الرأي" أسسها الشهيد وصفي التل الذي مرت الذكرى 46 لاستشهاده قبل أيام، وكان يريدها قومية كما كان هو قومياً عربياً.

برعاية دولة السيد فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان، أقام مركز "الرأي" للدراسات حفل إشهار كتاب "طلال أبوغزاله.. من المعاناة إلى العالمية" للزميل الكاتب جعفر العقيلي.

وقال الرواشدة إن الكتاب يأتي "كثمرة عمل وجهود من الزميل جعفر العقيلي والزملاء في مركز الرأي، وهذا جزء من العمل الدائم للمركز، إلى جانب الندوات التي يقيمها المركز لتعريف الجمهور وجمهور القراء بكثير من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية".

من جهته، قال رئيس مركز "الرأي" للدراسات د.خالد الشقران أنه لا يمكن النظر إلى الكتاب بوصفه تأريخاً لشخصية كبيرة من الشخصيات الأردنية والقومية العربية حسب، فهو يمثل أيضاً حقبة سياسة اجتماعية تعد من أهم فترات تاريخ الأمة العربية.

وأوضح الشقران أن المركز دأب على محاولة الاقتراب من الشخصيات وقادة الفكر والرأي الذين يتركون أثراً في مجتمعاتهم وفي المنطقة والمحيط، مؤكداً أن هذا الإصدار له خصوصية، فهو يتحدث عن رجل أعمال أنموذج، حيث بدأ سعادة العين د.طلال أبوغزاله حياته بالرحيل والمعاناة ثم تحول إلى رجل يصنع الكثير من الإنجازات التي تنطوي على إبداع، فهو من أبرز 100 شخصية محاسبية في العالم، وهو من أول من تحدثوا عن الملْكية الفكرية ودافعوا عن حقوقها في العالم العربي، وعبر العالم، وأيضاً من الذين انحازوا لفكرة النهوض في المجتمعات العربية، وهو من أوائل الشخصيات الذين انطبقت عليها فكرة "المواطن العالمي"، وله بصمات واضحة في إدخال أفكار تتعلق بالتعليم المهني والتقني والاستفادة من التكنولوجيا لإحداث الإبداع لدى الشباب.

وتحدث دولة السيد فيصل الفايز في الحفل الذي شهد حضوراً كبيراً من مسؤولين حاليين وسابقين وكتّاب ومثقفين وإعلاميين، قائلاً إن أهمية الكتاب هي فيما يرويه من مسيرة طلال أبوغزاله الحافلة بالنجاح والعطاء والتحدي، مضيفاً أن أبوغزاله يمثل شخصية كبيرة عاصرت أحداث أمتنا العربية بحلوها ومرها، بخاصة نكبة فلسطين التي تأثر بها وأثر بها، وبالإصرار والتحدي تمكّن من أن يصبح اليوم شخصية عالمية كبيرة تركت أثراً كبيراً في العديد من المجالات، ومجموعته العالمية خير دليل على ذلك.

وتابع الفايز: "إننا ونحن نتحدث عن طلال أبوغزاله، نتحدث عن شخصية عصامية، خرجت من رحم المعاناة بكل تفاصيلها (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية)"، مشيراً إلى أن طلال أبوغزاله شخصية لا تعرف الانكسار أو الانهزام، وأنه استطاع شق الطريق الصعب بالإرادة الصلبة، وتمكن في كل محطة من مشوار حياته أن يحقق الإنجاز.

وأوضح الفايز أن هذا الكتاب يعبّر عن حالة واقعية شكّلت قصة نجاح حقيقية، حيث استمد طلال أبوغزاله القوة من الضعف، والنجاح من العدم، وآمن بأن النجاح ثمرة الكفاح والعمل الجاد.

وقال الفايز: "للأسف تعيش الأمة العربية اليوم حالة من الضعف والتشرذم، وتحتاج في هذا الواقع الصعب أمثال طلال أبو غزالة ليعيد الأمل للشباب، ولدفعهم للإيمان بأن الإرادة والعزيمة تصنع المستحيل، وذلك على أمل أن نلملم جراحنا النازفة ونبدأ مسيرة النهوض متسلحين بالعلم والمعرفة كما فعل هذا الرجل العربي القومي المسلم المُشرف".

ثم تحدث مؤلف الكتاب، الزميل الكاتب جعفر العقيلي، قائلاً: "حين بدأتْ فكرةُ هذا الكتاب، لم أكن أعرف أنني سأمضي قُدماً في سبرِ أغوار تجربةٍ استثنائية، تجربةٍ ملهمة عن حقّ، فارسها رجلٌ كنتُ أعرف عنه ما يعرفه كثيرون غيري، فصيتُ الرجل يسبقه! لكنّها معرفةٌ تظلّ من بعد. أمّا وقد أتيح لي الاقتراب من شخصيته، والتفيؤ في ظلالها، فقد كان لا بد أن أصل إلى ما هو أعمق وأبلغ تأثيراً، فالعملُ البحثيّ يقود في النهاية إلى تلمُّس منابع الإلهام وروافد الإبداع، ومعاينةِ القدرات الخاصة التي تتمتّع بها شخصيةٌ كشخصيةِ طلال أبوغزاله منذ الطفولة، تلك القدرات التي هيأته ليكون ما هو عليه اليوم".

وتابع العقيلي بقوله إن طلال ابنُ مدينة يافا الفلسطينية، خرج من مدينته عشيةَ النكبة قابضاً على حلمِ العودة وما يزال، وأن ملامح شخصيته بدأت تتّضح في بيروت، وبدأت مواهبه تتفجر، فانحازَ للعمل القومي بموازاة شغفه بالموسيقى، تلك التي كرّس لها بعد نحو ستة عقود محطةً إذاعية. ثم تنقّل طلال من بلدٍ إلى آخر، منطلقاً من المعاناة ليرسم خُطاه في الفضاء العالمي بثقةٍ واقتدار، متسلحاً بالعصاميّة والمثابرة والموسوعيّة، وكان القطافُ مبشّراً؛ إذ غدت مجموعته المهنية في طليعة المؤسسات الرائدة في هذا المجال عالمياً. وهو ما يفسّر تولّيه مناصب ومراكز قيادية في عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية، وفي هيئة الأمم المتحدة.

وقال العقيلي: "مَن يتصفح هذا الكتاب الذي أردتُه سيرةً غيريةً وبحثاً ونَصّاً إبداعياً في آن، سيدرك أن طلال أبوغزاله أنموذجٌ للعروبيّ الصادق، الذي لم ينشغل للحظةٍ عن الاهتمام بقضايا وطنه وأمته، وبخاصة في مجال تجويد التعليم وتطويره بوصفه الأساسَ في بناء جيلٍ قادرٍ على تحمّل المسؤولية وقيادة البلاد إلى مستقبلها المأمول. وسيكتشف القارئ أن د.طلال نذر حياته للعمل العام وواصل العطاء ليشكّل مدرسةً في الشعار والتطبيق"، مضيفاً: "لقد سعيتُ في الكتاب الذي يمثل حصيلةَ جهدٍ امتدّ لأزيد من عام، إلى تتبع المحطات الرئيسة في قطار التجربة، وهي محطاتٌ من شأنها أن تكون مبعثَ إلهامٍ للأجيال الصاعدة التي تحتاج دائماً إلى قدوةٍ أو بوصلةٍ تؤشر إلى الدرب الصحيح وتجنبها المزالق والعثرات".

وألقى سعادة العين د.طلال أبوغزاله كلمة قال فيها إن مسيرة حياته تتخلص في كلمتين؛ "نعمة المعاناة"، سارداً قصته مع الموسيقى وعمله لدى محل موسيقى مما حفزه لدراسة الموسيقى بعد أن شغف بها.

وتحدث أبوغزاله عن عصر المعرفة مشيراً إلى أن عصر المعرفة القادم هو عصر الإبداع، حيث

"سننتقل من الدولة المدنية إلى الدولة الإبداعية التي تدار بالإبداع، وجميع من فيها يجب أن يكون مبدعاً"، مؤكداً أن هذا هو مستقبل العالم، وأنه حان الوقت لكل مؤسسات التعليم، الحكومية وغير الحكومية، أن تبدأ بالتغيير". وأضاف: "لا يجوز أن يبقى القطاع الخاص ينتظر القرارات والمبادرات من الحكومة. القطاع الخاص لديه هامش كبير يستطيع التصرف به وبما لا يتعارض مع السياسات الحكومية".

وأكد أبوغزاله: "نحن الآن في عصر الإبداع، ويجب أن يكون منهاج المدارس والجامعات هادفاً للإبداع محفزاً له. نحن الان نُعلم الطلبة في الجامعات لنخرَّج طالباً متعلَّماً أو مثقفاً، أو ليكون ملائماً لسوق العمل، لكن لم يعد يوجد سوق عمل ومثقّف ومتعلم، بل أصبح هناك مخترع". وأضاف: "هنا في الأردن، أفخر أن أقول إننا بدأنا في هذه المرحلة، فأنا أرعى سنوياً الشباب المبدعين والمخترعين من الطلبة وهم كثيرون، وعندهم اختراعات هائلة".

وبما يخص قضية القدس والقرار الأخير للرئيس الأميركي حولها، قال أبوغزاله: "أنا لا يقلقني ما يدور، وأتمنى وأرجو من كل مَن هو قلبه على القدس، ألّا يقلق عليها وألّا يقلق على فلسطين".

وتابع بقوله: "الولايات المتحدة الأميركية لها أن تقرر ما تريد، لكن ذلك لن يغير من حقيقة أن القدس هي قدسنا، ولن يغير ذلك من حقيقة أن فلسطين هي فلسطيننا بكل جزء فيها، فالتاريخ والجغرافيا حقائق تبقى، ولن يغيرها قرار ترامب"، مؤكداً: "أنا أريد أن ينتقل ضميرنا القومي وحسّنا الجماعي إلى الرفض بدلاً من أن نتألم ونحتجّ وندحض ونعترض، لا يهمني ما يقرر ترامب فهو لا يمثل الشرعية الدولية، وهو ليس سلطة تقرر تاريخ الدنيا ومصائر الشعوب.. هو رئيس لدولة من سوء حظها أنه يتخذ قرارات فردية دون الرجوع إلى ما بُنيت وتعودت عليه أميركا من عمل مؤسسي".

وفي نهاية الحفل قام العقيلي بتوقيع كتابه الصادر عن مركز "الرأي" للدراسات للجمهور.

عمّان - الرأي