"إصلاح القطاع الصحي"

19/12/2017

اتفق خبراء ومسؤولون أن القطاع الصحي في الأردن يعدّ قطاعاً قوياً ومتيناً، بالرغم من الصعوبات التي واجهها هذا القطاع أخيرا والتي من أبرزها مشكلة اللجوء السوري.

وأكد المشاركون في الندوة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات بعنوان «إصلاح القطاع الصحي» أهمية توحيد الخدمات الصحية العلاجية للمواطنين كافة مع الاحتفاظ بحقوق جميع العاملين.

وأكدوا في الندوة على عدم تهميش دور المجلس الطبي الأردني الأعلى وإلى ضرورة وضع خطة وطنية جديدة للصحة.

وشددت الندوة على أهمية تعزيز الرعاية الصحية الأولية بكل مكوناتها، والاستثمار بالكوادر البشرية، وإلى عملية تنظيم وتحديد معدلات قبول الطلبة في تخصص الطب بالجامعات.

وتالياً أبرز ما تضمنته الندوة:

أعدتها للنشر: بثينة جدعون


مهمة وطنية


في مداخلة له أشار رئيس مؤسسة الصحة للجميع د.محمد شريم إلى نص الخبر الذي نشر في الصحف بتاريخ 7/8/2017: «قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء وعضوية وزراء الصحة والتنمية الاجتماعية والعمل والدولة لشؤون الاستثمار، بهدف دراسة وحصر البيانات والموجودات كافة في القطاع الصحي، والخروج بتوصيات تنفيذية لإصلاح هذا القطاع العام القادم.

وعدّ شريم هذا الإجراء قفزة نوعية، وخطوة حضارية تعبر عن تطلعات وأمنيات المجتمع بما فيه الجسم الطبي الصحي بكل فئاته وقطاعاته وشرائحه وجميع المعنيين بشؤون الوطن.

ورأى أن هذا المشروع يحدد المخارج عبر الخروج بتوصيات تنفيذية، مشيراً إلى أنه مطلب يبتعد عن حقل الحكي والطرح النظري في مجال الإصلاح والتطور، مؤكداً أنه من دون الصفة التنفيذية الإلزامية لا تتحقق أي أهداف، ذاكراً أن هناك دراسة عن الأخطاء والمسؤولية الطبية أجريت عام 2000 وبلغت توصياتها (30) توصية وهي مازالت إلى الآن مدرجة في قوائم متناسقة حقوقية تشريعية وإدارية تنظيمية ومهنية فنية لأنها لم تاخذ صفة تنفيذية.

وقال شريم إن البعد الزمني المحدد لتنفيذ عملية الإصلاح هذه هو العام القادم، مضيفاً أن هذا بحد ذاته يعدّ مؤشراً ايجابياً يبعد شبح عادة (السلق) ويذكّرنا بحكمة (العجلة من الشيطان).

وأكد أن مفهوم الإصلاح يعني إزالة خلل وتقويم العوج وتصحيح خطأ، وردم حفرة في الطريق، لافتاً إلى أنه بالرغم من صحة هذه المعاني كافة إلا أن أساس مفهوم الإصلاح الآن في القرن (21) يعني التطور والتلائم مع التطورات العلمية وتحقيق الأفضل والصعود على السلم من دون الوقوف والنوم على درجة سلم الارتقاء، كما أنه يعني الولوج للمستقبل من خلال الماضي وتطلعات الحاضر، مشدداً أنه لا يجوز أن يبقى مفهوم الإصلاح وكأنه رديف و انعكاس لمفاهيم الأخطاء والجرائم والانحرافات والفساد وإن كانت تعدّ عوامل تحفيز.

ورأى شريم أن موضوع إصلاح الصحة التي تعدّ محور الوجود البشري كونها الأساس الذي يحدد نوعية الحياة، فما فائدة مراكز وسلطات ونقود العالم كافة بدون صحة، علماً أن مستوى ونوعية الصحة بمفهومها الشامل (الصحة: حالة من اكتمال السلامة عقلياً وجسدياً واجتماعياً) هي أرقى وأدق وأصدق معيار تقييم حضاري لمستوى ولنوعية حياة إنسانية للإنسان، مؤكداً أنه ولهذا السبب فإن هذا المشروع الحساس يحتاج كفاءات وخبرات محكمة.

وأضاف أن الحمل ثقيل والمهمة صعبة كونها مهمة إنسانية وطنية لابد منها بحكم التطور، فالأجيال الصاعدة تسأل عن حقوقها ومستقبلها الصحي وهي حقوق ضخمة.

وقال شريم إن هناك قضايا تجول تحت الشمس وهناك أخرى تتوارى خلف الباب كقضايا التأمين الصحي الشامل والكامل، والمسؤولية والأخطاء الطبية، وحقوق الإنسان الصحية، والسياحة العلاجية، وكذلك الاعتداءات على الأطباء والكوادر الصحية لدرجة القتل، إضافة إلى كل من الأجور والتقارير الطبية ، ودور مراجعة المرضى والمداخلات العلاجية (كالعمليات) وغيرها الكثير من القضايا.

ورأى أن معاني ومضمون وأهداف هذا ( المشروع) المميز تؤدي منطقياً وعقلياً إلى حالة نفير في كل خلايا وأعضاء الجسم الصحي والطبي، كونها عملية إصلاح أي تطور، مؤكداً أنه من دون تطور يحصل الجمود الذي يؤدي إلى التخلف، ونحن والحياة ونواميس الكون نرفض التخلف، وإن غداً لناظره قريب.

 

الاعتمادية الطبية

 

وقال وزير الصحة السابق د.علي حياصات إن موضوع القطاع الصحي يعاني من إشكالية كبيرة لسببين أولهما: تطور القطاع الصحي بالأردن بشكل كبير جداً لدرجة أنه في لحظات نفاخر بأنه من أفضل الأنظمة الصحية تطوراً، وبالمقابل وعلى الصعيد الوطني من أكثر القطاعات التي ننتقدها ونتهمها بالتقصير، مشيراً إلى أنه من هنا بدأت القصة.

وأكد أنه بالرغم من أن القطاع الصحي يعدّ متطوراً إلا أنه ما زال بحاجة إلى تطوير، مضيفاً أنه يجب إجراء عمليات مراجعة لكل استراتيجيات الدولة بما يخص كل قطاع من القطاعات بين الحين والآخر وبخاصة تقديم الخدمة في القطاع الصحي.

وقال حياصات إن القطاع الصحي ليس قطاعاً يخص الحكومة فقط، فالحكومة قد تأخذ دور الإشراف، مضيفاً أن هناك أربع جهات تمثل أعمدة رئيسية تعمل بهذا القطاع ممثلة بقطاع وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية، والجامعات والقطاع الخاص، إضافة إلى الهيئات الخيرية الموجودة والجمعيات المحلية والأجنبية.

وشدّد على أن القطاع الصحي بشكل عام هو قطاع قوي ومتين بخاصة ما يخص الخدمة الطبية أو الرعاية الصحية الأولية، والدليل على ذلك يتمثل بقوة مؤشراتنا الصحية، فبالرغم من مشكلة اللجوء السوري لم تتأثر الرعاية الصحية الأولية بزيادة الأمراض والمشكلات الصحية.

ورأى حياصات أنه بالرغم من قوة المؤشرات الصحية فإن القطاع الصحي العلاجي بحاجة لتطوير وتحسين، وبخاصة أن هذا القطاع لم يعد قطاعاً يخص المواطن الأردني فقط، إذ أصبح الأردن قبلة لكل الناس يأتون إليه عرباً وأجانب للعلاج، وذلك لما يتمتع به هذا القطاع من السمعة الطبية والتطور والخدمة الطبية المتميزة.

وأثنى حياصات على ما يقدمه القطاع الصحي الخاص في الأردن من الناحية التقنية والفنية، ورأى في الوقت نفسه أننا بحاجة لتطوير أنظمتنا وقوانيننا مشيراً بذلك إلى وجود إشكالية في الناحية التنظيمية لهذا القطاع، مضيفاً أننا حتى نرفع من سوية الخدمة أصدرنا النظام الخاص بموضوع الاعتمادية الطبية لمستشفياتنا، حيث انقسمت الاطراف كافة بين مؤيد ومعارض له، مؤكداً أن هذا الأمر يعدّ أحد الوسائل التي تنهض بالقطاع الصحي وبعد تطبيقه سوف يصبح مؤشراً لنهوض القطاع الصحي، كون هذا القطاع يقوم بتطبيق الاعتمادية والمعايير الطبية الصحيحة بخدمته للناس.

وبخصوص قانون المسؤولية الطبية، قال إنه لا يمكن لنا وضعه من دون السير بنظام الاعتمادية، فالخطوة الأولى تتمثل بعمل نظام الاعتمادية، وذلك حتى يكون هناك أسس ومعايير وسياسات للعمل الطبي وقانون لمساءلة الآخرين عن عملهم وما هو المطلوب منهم وما هي الواجبات التي يجب على مقدم الخدمة الصحية من (مؤسسة صحية أو مستشفى أو مركز أو صيدلية أو عيادة) أن يقدّمها ضمن مواصفات معينة، ومن ثم يتم مساءلتهم عبر القانون.

ورأى حياصات أننا نستطيع النهوض بالقطاع الصحي وأن نشخص المشكلات التي تواجهنا أو الخدمات المقدمة عبر معالجة هذه المشكلات وتطوير هذه الخدمات وآلية تقديمها بين الحين والآخر، مؤكداً على جانب عدم التدخل في فن الخدمة الطبية، فالمقصود بهذا التطوير الخدمات الإدارية المرافقة للعملية الطبية.

وأشار إلى أن هناك العديد من الشكاوى من المرضى تدور حول تأخر في القطاع الصحي العام من حيث تقديم الخدمات المرافقة للخدمة الطبية كالمحاسبة مثلاً، والتي تعد من الأمور المالية التابعة لتعليمات وزارة المالية وليس وزراة الصحة، فالمريض أكثر من نصف وقته يقضيه على صندوق المحاسبة حتى يدفع الرسوم بالقطاع الصحي، وبالتالي هذا التأخير هو وقت ضائع محسوب على الخدمة الطبية، في حين أن تقديم الخدمة الطبية بحد ذاتها من قبل الطبيب لا يلمس فيه المريض أي تأخير، داعياً إلى وجوب مراجعة جميع هذه الإجراءات التي تأخذ من وقت المر يض.

وأكد حياصات أهمية التوعية بطبيعة الأدوية الموجودة، مشيراً إلى أنه يتم كتابة الأدوية بأسمائها التجارية بالقطاع الصحي العام وعندما يتغير اسم الدواء كونه من شركة أخرى، يعتقد المريض أن هذا الدواء الذي اعتاد على صرفه قد انقطع وأنه لا يوجد دواء بالأردن، رافضاً قبول هذا الأمر، ومن هنا يجب أن لا نلوم المريض كونه اعتاد على تناول صنف معيّن من الدواء، فهو يشعر أنه إذا تغير لون أو شكل الدواء فإنه باعتقاده أن الدواء الذي يتناوله قد تغيّر، وبالتالي يجب العمل على تطوير هذا الإجراء في كتابة أسماء الأدوية فالمريض لا يعرف أن تركيبة الدواء واحدة لكن الاسم هو الذي يختلف.


أخصائيو التغذية


من جهته قال نقيب المهندسين الزراعيين م.محمود زياد أبو غنيمة إننا كشركاء في هذا الوطن وفي هذا القطاع مؤمنون أننا بخير، لافتاً إلى أننا بالعمل الحكومي نستنزف وقتاً كبيراً من طاقاتنا الإدارية أو الفنية بالعمل الروتيني اليومي، الأمر الذي ينعكس على مجمل العملية الصحية، داعياً إلى وجوب أن يكون هناك تطوير وترتيب بعيداً عن إجراءات العمل الروتيني.

وأضاف أبو غنيمة أننا بالأردن بأمس الحاجة إلى تفعيل مبدأ «الوقاية خير من العلاج» حتى لا نصل إلى مرحلة الوقوع تحت ضغوطات انتشار الكثير من الأمراض التي تصيب المجتمع الأردني وتستنزف الفاتورة، مشيراً إلى أن التركيز على الغذاء الصحي والآمن وعلى أساليب وأنماط الغذاء ينعكس على صحة الإنسان ويخفف من العبء المادي على القطاع الصحي وبالتالي تركيز الجهد.

ورأى أن وجود أخصائي التغذية ضمن الجسم الطبي يصنف رسمياً ضمن المهن الطبية، بحيث يكون رافعة لفكرة القطاع الصحي والطب الأردني، مؤكداً على أهمية تفعيل دور أخصائيي التغذية، داعياً اللجنة الحكومية المشرفة على تطوير القطاع الصحي الأخذ بعين الاعتبار بالدور الحقيقي واللازم لهم في كونهم يساهمون في تخفيف العبء على الطبيب وعلى الدولة في العديد من المجالات، كما يساهمون بإيجابية بموضوع الحد من التداخلات بين مسألتي الغذاء والدواء وعدم الوصول للعلاجات الصحيحة والسليمة.

وأضاف أن جزءاً من رسالتهم كنقابة مهندسين زراعيين ابتدأ بها د.حياصات وقبله د. عبد اللطيف وريكات بالدعوة لأن يتكون الكادر العامل ضمن الجولة الصباحية من طبيب وطبيب صيدلاني وأخصائي تغذية إضافة إلى ممرض، وذلك لتكون الصورة مكتملة للمريض وبالتالي أن يعطى للمريض الدواء والعلاج الذي يناسبه.

 

التجسير بين القطاعين العام والخاص

 

وحول مسيرة تطور القطاع الطبي بالأردن تحدّث وزير التنمية الاجتماعية الأسبق ورئيس جمعية الإغاثة الطبية العلاجية د.عوني البشير قائلاً: إنه قبل تشكيل الدولة للعمل الطبي والتربية والتعليم في بدايات القرن الماضي كان العبء العلاجي يعتمد على على الجمعيات الخيرية التابعة للأديرة كالمستشفى الطلياني والمعمداني والإنجليزي، إذ كان العمل في ذلك الوقت خيرياً وبالإرشاد التبشيري.

وأضاف ثم تأسست وزارة الصحة في العام 1952، وسبقتها وزارة التنمية الاجتماعية التي تأسست في العام 1948 وكانت مديرية الصحة تابعة لها، ومشيراً إلى أن عدد الأطباء بالأردن في عام 1952 كان لا يتجاوز 100 طبيب، أما اليوم فأصبح عدد الأطباء المزاولين للمهنة داخل الأردن يتجاوز الـ30 ألف طبيب، عدا عن الأطباء غير المسجلين والذين يقارب عددهم الـ20 ألفاً.

وتابع البشير أن وزارة الصحة بدأت تأخذ دورها بالعلاج في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، لأنه كان صعباً على القطاع الخاص أن يستثمر بهذا القطاع في العلاج وخاصة بالمستشفيات الموجودة في تلك الفترة، إذ لم يكن مردوده جيداً، إضافة إلى أن أعداد الناس التي كانت تراجع المستشفيات قليلة.

وقال إن وزارة الصحة انشأت مستشفى في مركز كل محافظة ثم انشأت مستشفى في مركز كل متصرفية، فأصبح لدينا عدد من المستشفيات الحكومية وصل إلى 31 مستشفى حكومياً.

وذكر البشير أنه بالثمانينات بدأت العجلة تكبر بالقطاع الخاص وتم إنشاء العديد من المستشفيات في عمان والزرقاء وإربد والعقبة ومأدبا، ورأى أنه يجب على القطاع الخاص أن يقتصر عمله في الاستثمار بالصحة عبر تقديم خدمة العلاج، وبالمقابل فإن على وزارة الصحة أن تقوم بالإشراف الكامل على التنظيم وعلى الجودة والنوعية إضافة إلى دور المراقبة، كون وزارة الصحة حملت مسؤولية تقديم العلاج لسنين طويلة وما زالت مستمرة إلى اليوم.

ودعا البشير إلى تخفيف الحمل على وزارة الصحة من حيث تقديم خدمة العلاج، وأن يكون دورها مقتصراً على الإشراف والمتابعة وكذلك الرقابة المالية، مؤكداً أن حل المشكلة المالية التي يواجهها المواطنون مع القطاع الخاص يكمن بتوفير التأمين الصحي الشامل لهم.

وأكد أن وزارة الصحة نجحت بتجسير العملية بين القطاعين الخاص والعام عبر ثلاث نقاط أولها أنها جعلت لمستشفى الأمير حمزة مجلس إدارة لا يتبع لوزارة الصحة كباقي المستشفيات الأخرى، مضيفاً أن هذا الأمر يعدّ دلالة على إيمان الوزارة بأهمية وجود نوع من الاستقلالية لإنجاح أي المستشفى.

أما ثاني هذه النقاط قال البشير إنه يتمثل بالإتفاقية التي عقدتها الوزارة مع المستشفيات الخاصة على مدى العشر سنوات الأخيرة والتي سمحت لمرضى الدرجة الأولى ممن لا يملكون تأميناً صحياً أن يراجعوا المستشفيات الخاصة ويدخلوها، وبرأيه أن هذه الطريقة أثبتت خلال العشر سنوات الاخيرة أن وزارة الصحة استطاعت النجاح بعمل تجسير مع القطاع الخاص.

ودعا إلى الاستمرار بهذه العملية لتصل إلى درجة أن يتحمل القطاع الخاص المسؤولية العلاجية بالتالي أن يأخذ أمواله من التأمين، وبالمقابل فإن وزارة الصحة تكون مسؤولة فقط عن مراقبة المستشفيات التابعة للقطاع الخاص ومراقبة جودة الخدمة فيها، وأن تترك نفسها مسؤولة عن الصحة العامة والتي تقوم بها خير قيام، مؤكداً أننا نفاخر بالمؤشرات الطبية والصحية في الأردن.

أما بالنسبة للاعتداءات على الأطباء، ذكر البشير أن أميركا تعدّ من أكثر دول العالم نسبة بالاعتداءً على الأطباء، في حين أن أكثر اعتداءات سُجلت على مستوى المنطقة العربية كانت بالكويت، لافتاً إلى أن الاعتداءات لدينا في الأردن تعد الأقل بين الدول، بالرغم من أنه ليس من أخلاقياتنا الاعتداء على الأطباء، مبيناً أن معظم الاعتداءات تكون في أقسام الطوارىء، وبرأيه أن الأطباء الجدد في هذه الأقسام هم على الأغلب الذين يتعرضون للاعتداء وليس الأطباء من ذوي الخبرة.

وأضاف أن وزارة الصحة بدأت منذ فترة بتعيين أطباء اختصاص في أقسام الطوارىء، وبالتالي فإن هؤلاء الأطباء إذا وجدوا في خط النار الأول يستطيعون امتصاص غضب الناس ويتجنبون أي اعتداء.

 

الرعاية الصحية الأولية

من جهته قال أمين عام المجلس الصحي العالي د.محمد الطراونة إن إصلاح النظام الصحي يعدّ أمراً مطلوباً، مضيفاً أن الإصلاح عادة يكون بغاية التطوير والبحث عن فرص التحسين وتطوير النظام.

وأضاف أن المؤشرات كافة التي تصف النظام الصحي بالأردن تشير إلى أنه نظام قوي، والدليل الأقوى يتمثل في تحمله العبء السوري والتي تشكل بحدود 30% من الزيادة السكانية من دون أن تتغير أي من هذه المؤشرات تغيراً ملحوظاً أكان من حيث أعداد الأطباء لكل 10 آلاف نسمة أو التمريض أو حتى البنية التحتية.

وبيّن الطراونة أن هناك جملة من التحديات أمام النظام الصحي بكل مكوناته، ويمكن تصنيفها تحت مواضيع عدة وجزء منها مرتبط بحوكمة النظام، لافتاً إلى أن علينا الاعتراف بوجود ضعف بالتنسيق بين القطاعات الصحية المختلفة، ويصل أحياناً إلى غياب كامل، الأمر الذي ينعكس على الخدمة وعدالة توزيعها.

وأضاف أن هناك في كثير من الأحيان مركزية في التخطيط واتخاذ القرار، الأمر الذي يؤثر سلباً على رضى متلقي الخدمة، وبرأيه أن التحدي الأهم الذي يواجهه النظام الصحي يتمثل بالكوادر البشرية والموارد البشرية، مشيراً إلى أننا نعترف بوجود تسرب وهجرة للكوادر البشرية على المستويين الداخلي والخارجي من وإلى القطاع العام للقطاع الخاص أو نحو الدول المحيطة بنا.

ورأى أنه بفترة من الفترات لم تكن لدينا خطة وطنية على مستوى تنمية وتطوير الموارد البشرية، وأيضاً في كثير من الأحيان غياب لخطط الاحلال، وبالتالي هذا انعكس على النقص والعجز في الاختصاصات الطبية.

وذكر الطراونة أنه قد تكون جملة من الأسباب التي أدت لمثل هذه التصرفات أو التسريب أو الهجرة، هو وجود تفاوت في الأجور بين الكوادر البشرية لمختلف القطاعات، إضافة إلى قلة وجود الحوافز، بخاصة بالمناطق النائية.

ودعا إلى ضرورة الحفاظ على الانجاز الذي تمّ بالنظام الصحي في الأردن ممثلاً بالرعاية الصحية الأولى، فهناك الكثير من الإنجازات التي تحققت في هذا المجال، وهناك أمراض قاتلة تم القضاء عليها واختفت نظراً لجهود واستثمارات وزارة الصحة، والتي تعدّ بالمناسبة المقدم الرئيسي والأوحد لخدمات الرعاية الصحية الأولية بكل مكوناتها من تطعيم وصحة بيئية وصحة مهنية إلى تشخيص ومكافحة وعلاج العديد من الأمراض السارية، وبالتالي فإننا بحاجة لإعادة النظر بكل ما أنجز إذا ما بقي الاستثمار بالرعاية الصحية الأولية مهمشاً.

ولفت الطراونة إلى أننا نركز على الاستثمار بالبنية التحتية في البناء، بحيث أصبح لدينا شبكة واسعة من المراكز الصحية قارب عددها 700 مركز، في حين أنه بالمقابل لا يوجد لدينا كوادر صحية مؤهلة ومدربة، مشيراً إلى أن الطبيب الجديد المتخرج حالياً نضعه بمركز صحي ناءٍ ونطلب منه أن يقدم خدمات صحية لم يُدرب عليها بالجامعات الأوروبية، وبالتالي لا بد من تأهيله، مضيفاً أن هذا ينعكس على خدمات الرعاية الصحية وبالتالي على مدى رضى المواطنين، لأن رضى المواطن يعدّ أهم المؤشرات التي يجب أن تؤخذ بالحسبان عند إصلاح النظام الصحي، وبرأيه أن طب الأسرة يعدّ العمود الفقري لبناء نظام رعاية صحية قوي، إذ يعدّ الخط المساند للخدمات والمستشفيات من حيث ضرورة التحويل وتغطية حوالي 90% من الخدمات التي تصل إلى المستشفيات والتي يمكن أن تُحل وبكلفة أقل على مستوى المراكز الصحية.

 

طب الأسرة خط الدفاع الأول

 

بما يخص النقص الحاصل في أطباء الاختصاص والكوادر البشرية، قال حياصات إن هذه المشكلة كانت تواجهنا، مشيراً إلى أنه عندما ترك وزارة الصحة كان هناك ما يقارب 1500 طبيب مقيم متدرب، أدخل منهم 1300 طبيب.

وأضاف أنه أدرك المشكلة لأن برنامج الإقامة التدريبي يعدّ أهم برنامج يمكن أن تقوم به وزارة الصحة، فمن خلاله يتم تزويد ليس فقط القطاع العام بل القطاع الخاص وحتى للأسواق الخارجية بالأطباء الكفؤين، مؤكداً أن البرنامج التدريبي يجب أن يكون على سلم أولوياتنا الاستثمارية في القطاع الصحي.

وبرأيه أن عدداً كبيراً من هؤلاء الأطباء بدأوا يغطون النقص الحاصل، وخلال سنة سيكونون قد تخرجوا من البرنامج، وبالتالي ستكون هناك تغطية جيدة لمستشفياتنا ومراكزنا الطبية بما يخص الكوادر البشرية.

وأشار حياصات إلى ضخامة هذا البرنامج، فقد بذل الكثير من الجهد للإعتراف بأن هذا الخريج الجديد بحاجة لتدريب ولأن نأخذ بيده حتى يكتسب الخبرة من خلال برامج الإقامة أو الدورات التدريبية، فكان أن أعطينا موضوع طب الأسرة الاهتمام الشديد، مضيفاً أنه لم يتقدم أي طبيب لبرامج طب الأسرة مما اضطرنا إلى فتحه على وسعه، وبالتالي أخذنا أعداداً كبيرة ببرامج الاقامة، وجاء ذلك من إدراكنا لأهمية أطباء طب الأسرة في مراكزنا الطبية ليكونوا خط الدفاع الأول.

وقال إن هناك نوعين من المعالجات: معالجة سريعة وأخرى بعيدة المدى، أما بخصوص المعالجة السريعة فقد قامت وزارة الصحة بعمل تعاقدات شراء خدمات من الأطباء من المتقاعدين أو من أطباء القطاع الخاص للعمل في وزارة الصحة، مضيفاً أن هذا التعاقد جزئي وسريع ويمكن إعادته سنوياً بحسب مدى حاجة الوزارة وما يتوفر لديها، مشيراً إلى أن هذه التعاقدات مفيدة كونها تقدم خدمة للمريض، وتقوم بتدريب الأطباء الموجودين ببرامج الاختصاص.

أما بخصوص المعالجات بعيدة المدى أكد حياصات وجوب أن يكون هناك تعاون وثيق وهو موجود بين كل القطاعات الطبية من خدمات طبية أو جامعات أو قطاع خاص، لافتاً إلى أنه لا تستطيع أي جهة أن توفر جميع الخدمات الصحية.

ورأى أن الخدمة الطبية المتخصصة النوعية يجب أن تكون في مراكز متخصصة وهناك يستطيع الطبيب أن يكتسب الخبرة، فمثلاً مركز القلب يراجعه الآلاف، وبالتالي الطبيب يكتسب الخبرة من خلاله، أما بالمستشفيات النائية وبسبب قلة الإمكانات فإن إجراء عمليات القلب وغيرها ربما يتم كل شهر أو شهرين ، وهذا غير مجدٍ كما أنه غير مهني.

وقال حياصات إنه يفضل إنشاء مراكز متخصصة بحيث يتم التحويل عبرها بسهولة، مضيفاً أننا للأسف نخلط بين الحالات العادية والبسيطة والحالات التي بحاجة، والكل يتم تحويله لهذه المراكز، لذلك نجد أنها دائمة الاكتظاظ بحالات ليست ممن تحتاج إلى هذا التخصص، مشيراً إلى أن مريض القلب مثلاً يجب تحويله إلى المستشفى المختص بهذه الحالات وهكذا لباقي الحالات، مؤكداً أهمية وضوح هذا الأمر وعلى وجوب أن يكون هناك سياسات وتعليمات وأنظمة للمراكز والاطباء من جهة وتوعية للناس من جهة أخرى.

وأكد أن مثل هذه القضايا يستطيع وزير الصحة أن يحلها، مضيفاً أما إذا أردنا إصلاح كامل للقطاع العام الصحي فإنه بحاجة إلى مجهود وطني، لافتاً إلى انه لدينا قطاعات متداخلة ووزير الصحة ليس لوحده المسؤول عن كل هذه الأمور، إذ يجب أن تكون هناك تشاركية في اتخاذ القرار.

وقال إن التأمين الصحي ليست مهمة وزير الصحة فقط، فالتأمين الصحي لكل القطاعات، كما اننا نتحدث عن قوانين لتنظيم القطاعات كافة إضافة إلى موضوع المساءلة الطبية التي هي ليست فقط تختص بمساءلة المستشفيات الحكومية، فهذا قطاع صحي كامل يجب على القطاعات كافة أن تشترك في هذه المهمة.

وأضاف أن هذا لا يعدّ ازدواجية بالخدمة، ففي بعض الحالات قد تكون الخدمة ثلاثية أو رباعية لنفس المريض، بمعنى أن المريض قد يضطر إلى مراجعة القطاع الخاص ومستشفى الجامعة والخدمات الطبية ووزارة الصحة في الوقت نفسه حتى يحصل على الخدمة الطبية، وربما لا تكون بهذه اللحظة، كونه أصبح هناك إشكالية في الاستشارات الطبية للمريض.

 

صلاحيات نقابة الأطباء


بالنسبة لدور نقابة الأطباء قال ممثل نقابة الأطباء د.هشام الفتياني إن دور نقابة الاطباء أصبح دوراً رقابياً على القطاع الخاص والأطباء الخاصين وعياداتهم، مشيراً إلى أن هذه الصلاحيات التي أعطيت لنقابة الأطباء سيتم سحبها خلال السنوات القادمة مرة بعد أخرى وفقاً للأنظمة التي سيجري تغييرها في المراحل القادمة.

وأضاف أنه من الملاحظ أن نقابة الأطباء تفقد دورها في ترخيص الأطباء لصالح وزارة الصحة في ظل وجود ضعف واضح في السلطة الرقابية لوزارة الصحة ففي بعض الحالات نجد أن المفتشين من أعضاء اللجنة لا يعرفون أسماء الأجهزة وأنواعها وكيفية استخدامها، متسائلاً عن مدى أهلية الكوادر التي تقوم بدور المراقبة.

وأشار الفتياني إلى أننا مثلاً لم نستطيع أن نُجمع على رأي واحد بخصوص موضوع الخلايا الجذعية لأن الرؤية غير واضحة، فبالنسبة لنا كنقابة أطباء فإن مركز الخلايا الجذعية المعتمد الموجود بالجامعة الأردنية ويعدّ مؤسسة بحد ذاتها وفيها مختبرات خاصة، فبعض الأشخاص رخصت مختبرات تحت مسمى بحثي، وهي تمارس هذا العمل في داخل السوق، الأمر الذي أدى إلى حدوث مشكلة مسّت السمعة الطبية للقطاع الطبي في الأردن.

ودعا الفتياني إلى عدم بقاء السلطة الرقابية بيد شخص محدد، مشيراً إلى أن الاقتراح الموجود بالنسبة للاعتمادية تحفظت عليه النقابة كونه يسمح للشركة المعطية للاعتمادية إغلاق المؤسسات بعد 3 سنوات من اعتمادها، مضيفاً أن هناك مشكلة قانونية على هذا القانون بين النقابات والمجلس الصحي العالي من جهة وبين وزارة الصحة من جهة أخرى، مؤكداً أن النقابة كثيراً ما تحدثت بخصوص الاعتمادية، ولكنها بالمقابل لم تجد إذناً صاغية، الأمر الذي يدل على تحديد صلاحيات النقابة.

من جهة أخرى ذكر أن دول العالم كافة أصبحت تعتمد على التشاركية بين القطاعين الخاص والعام، فهناك خدمات كثيرة يقدمها القطاع العام ولكن بسبب الضغط والكثافة فإنها لا تكفي المواطنين، وبالتالي يجب شراء هذه الخدمة من قطاعات أخرى، مضيفاً أن ما يحصل هو أن هذه الخدمة لا تقدم للناس كافة بنفس المستوى، بمعنى أنه لا تسمح للتشاركية مع القطاع الخاص بشراء خدمات تصل لجميع المواطنين ويتحملها التأمين الصحي.

وتابع أنه هنا تكمن المشكلة، إذ إنهم سمحوا للفئة العليا أن تعالج في المستشفيات الخاصة، وجُعلت المستشفيات الحكومية وبخاصة مستشفيات وزارة الصحة تتعامل مع فئة معينة دون الاهتمام لدرجة الخدمة التي من المفترض أن تقدم.

ورأى أننا أصبحنا لا نستطيع دخول المستشفيات الحكومية لتقييمها، إذ نجد أنها أصبحت مستشفيات ذات درجة ثانية وثالثة، مؤكداً أننا بحاجة لتوعية المواطن بكمية الهدر الموجود في كمية الأدوية بقطاع الصحة بمختلف محافظات المملكة والذي يهلك الميزانية ويوجهها بطرق غير صحيحة.

وأكد أنه في زمن تولي د.علي حياصات لوزارة الصحة تم تعيين مجموعة كبيرة من الأطباء المقيمين وأفرغ ديوان الخدمة المدنية من مخزون طلبات تعيين الأطباء، مشيراً إلى أن هذا الأمر استمر حتى السنة الماضية والعام الذي قبله، إذ بعد ذلك لم يتم تعيين أكثر من 250 طبيباً، في ظل تراكم 1400 طلب في ديوان الخدمة المدنية وحاجة الوزارة لهؤلاء الأطباء من جهة أخرى.

وبخصوص موضوع الإحلال قال الفتياني إن جميع الاخصائيين المعنيين ببرنامج الصحة العامة وبرنامج الرعاية الأولية تم إحالتهم للتقاعد لأن تصنيفهم أطباء عامين تجاوز عمر الستين واقيل من 350-500 طبيب خلال سنة، ولم يتم تعيين أطباء جدد.

ولفت إلى أن المؤسسات الوطنية ذات الخبرة والكفاءة العالية تتجمع بها الكفاءات ولا توزع توزيعاً عادلاً بين المناطق، مبيناً أن وزارة الصحة لا يوجد لديها أخصائي أورام ذو أسس علمية طبية الذي هو اخصائي باطني ثم تخصص أورام، إذ إن الموجود عندها فقط مسمى أخصائي علاج إشعاعي، كما أنه في محافظات الشمال لا يوجد جراح أعصاب.

ورأى الفتياني أنه وفقاً للإطار القانوني الذي تعمل به وزارة الصحة كانت تسير على نظام قديم يخالف القانون وعند الطلب منهم تعديل القانون يرفضون استقبالنا، مؤكداً أن المطلوب هو تدريب وتطوير الكادر الطبي، مشيراً إلى الازدواجية في تعامل أصحاب القرار في موضوع التمايز بين المؤسسات الصحية وكوادرها الطبية، فمثلاً طبيب بوزارة الصحة يمنع عليه أن يعمل بالخارج، بينما بالجامعات مسموح له أن يفتح عيادة.


دور الطبيب البيطري


بدوره قال نقيب الأطباء البيطريين د.مهدي العقرباوي إن الناس يعتقدون أن الطبيب البيطري بعيد عن القطاع الصحي ولا يوجد له علاقة به، مؤكداً أن مهنة الطب البيطري لها علاقة مباشرة بصحة الإنسان من خلال طبيعة عمل الطبيب البيطري أكان في المزرعة أو مختلف القطاعات.

وأضاف أن هم الطبيب البيطري الوحيد هو صحة الإنسان سواءً كان عمله على المنتج الغذائي أو معالجة الحيوانات التي يتعامل معها سواء كانت حيوانات اقتصادية أو برية أو منزلية، لأن هناك المئات من الأمراض المشتركة التي تنتقل للإنسان من الحيوان وبعضها خطير وبعضها مزمن ولا يظهر وغير مرئي إلا بعد 50 عاماً من ظهور الأعراض.

وأشار العقرباوي إلى أن الطب البيطري بدأ بالانتشار في الأردن بعد دخول القطط والكلاب للمنازل والتي قد تتسبب بنقل الأمراض للإنسان اذا لم تكن هناك رعاية بهذا القطاع.

ورأى أن هناك العشرات من الأمراض التي تصيب الإنسان وتكلف الدولة ملايين الدنانير نتيجة الإهمال.

ولفت العقرباوي إلى أن مهنة الطب البيطري تتبع لوزارة الزراعة، وأن هناك إهمالاً شديداً تواجهه هذه المهنة، كما أنها تعاني من الفوضى ولا يوجد رقابة على المزارع ومستودعات الأدوية، أو على الأشخاص الذين يقومون بمعالجة الحيوانات، إذ إن بعضهم يمارس المهنة من دون شهادة، الأمر الذي سيؤثر على صحة الإنسان وينقل إليه الأمراض، مطالباً بأن تكون مهنة الطب البيطري من المهن الصحية التي على الدولة أن تنتبه لها.

وأكد أنه في العديد من دول العالم يعدّون مهنة البيطرة مهنة صحية وليست مهنة زراعية كونها على تماس مباشر مع صحة الإنسان، مضيفاً انه إذا بقيت هذه المهنة تعامل بهذه الطريقة فإنه يدق ناقوس الخطر، لأن الجميع معرضون للخطر من ناحية الإصابة بالأمراض المشتركة أو الأدوية.

وقال العقرباوي أن هناك حراكاً في رئاسة الوزراء حول إصدار قرار بضم الأدوية البيطرية للمؤسسة العامة للغذاء والدواء لتصبح تابعة لها، مشيراً إلى أنهم كنقابة يؤيدون 1أن تكون الأدوية البيطرية تحت رقابة وزارة الصحة وفي جسم المؤسسة العامة للغذاء والدواء لأنها الأقدر على مراقبة هذا القطاع، مبيناً أن الدواء البيطري يصرف بطريقة خاطئة للمزارع والحيوانات الاقتصادية كالأغنام والأبقار والدواجن التي تُذبح وأجسادها ممتلئة بالأدوية ومتبقياتها وثم يتناولها الناس، وبالتالي تتراكم هذه المتبقيات بأجسامنا ويبدأ تأثيرها على الإنسان بدون معرفة السبب.

 

خريجو الطب

 

وانتقد مدير الخدمات الطبية الملكية السابق رئيس لجنة الصحة في مجلس الأعيان العين د.يوسف القسوس التوسع في زيادة أعداد مقاعد الطب في الجامعات الأردنية وعددها 6 جامعات مؤكداً أن عدد مقاعد الطب في جميع الجامعات الحكومية (10557) مقعداً قبلت هذا العام (1865) طالباً.

وقال القسوس لدينا زهاء (10) آلاف طالب أردني يدرسون الطب خارج المملكة في 45 دولة، عدد الخريجين بعد 10 أعوام سيكون حوالي (20000) طبيب، ويمكن تدريب (783) من الخريجين في 711 مؤسسة موجودة في الأردن.

وفي ظل وصول عدد الخريجين مثلاً العام الماضي إلى حوالي (2000) منهم (1231) طبيباً من خريجي الجامعات الأردنية و(1000) طبيب من خارج الأردن، ويمكن استيعاب (700) طبيب منهم فقط، ستكون هناك بطالة المتعلمين أسوأ من بطالة غير المتعلمين.

وقال إن الامتحان الأخير للمجلس الطبي الأردني (الامتياز) الذي تقدم إليه 375 طبيباً أظهر أن 276 منهم خريجو جامعات أوكرانيا، 18شخصاً منهم معدلاتهم دون الـ60 في التوجيهي نجح منهم (4) فقط، ودون الـ(70) من الـ(71) طبيباً نجح (6)، في حين أن من هم دون الـ(80) بلغ عددهم الـ(168) طبيباً نجح منهم (48) طالب طب، فنسبة الرسوب حتى معدل 79 بلغت (65%) ومنهم من تقدم عدة مرات فيما الدفعة التي تلتها بلغ عدد المتقدمين إليها (524) طبيباً.

وأشار القسوس إلى إشكالية خصم 60 مليون دينار من موازنة عام 2017 المخصصة لوزارة الصحة، إضافة إلى عدم وجود مخصصات للبعثات هذا العام، وعدم وجود تخصصات فرعية، مبيناً بأن لدى وزارة الصحة (1200) مختص لكل مستشفيات المملكة مما يزيد العبء على وزارة الصحة.

وحول تنمية قطاع السياحة العلاجية أكد أنها إلى انخفاض وقال: إنه في عام 2016 استقبلت 5 مستشفيات (5678) مريضاً دخلوا البلاد بقصد العلاج، فيما العام 2014 دخل المملكة 17 ألف مريض عربي، وقد قدرت دراسة عليهم أن 65% من إنفاقهم ذهب خارج القطاع الطبي والـ35% ذهب لهذا القطاع.

وعزا القسوس اسباب تراجع السياحة العلاجية في الأردن إلى فرض الفيزا المقيدة من قبل السلطات على 9 دول عربية والظروف المحيطة بالمملكة ومنافسة دول المنطقة على حصة السياحة العلاجية إلى مناطقنا.

وبين أن الصرف على القطاع الطبي الأردني عام 2015 تجاوز الملياري دينار وتخطى الإنفاق ما نسبته 8.44% من ناتج الدخل القومي الاجمالي للمملكة، وأن قطاع الأدوية أنفق 581 مليون دينار لوحده، فهناك هدر في صرف الأدوية.

وكشف القسوس أن ما نسبة 6.6% من الأردنيين يمتلكون أكثر من تأمين صحي، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الهدر بالعلاج والدواء.


التوصيات


- الفتياني

أشار الفتياني إلى أن قطاع الأدوية يعاني من مشكلات كبيرة، كما أن أسعار الأدوية لدينا تعدّ من أغلى الأسعار مقارنة مع الدول المجاورة، بالرغم من أننا نصنعها.

وداعا إلى وجوب تسليط الضوء على دور وسائل الإعلام في القطاع الطبي ليكون دوراً إيجابياً، وأيضاً إلى عدم الحكم المسبق على الإجراء الطبي دون التحقق من أي قضية.

وأثنى الفتياني على ما قامت به الكوادر الطبية كافة من جهود مبذولة لمواجهة الضغوط الطبية المضاعفة بسبب اللجوء السوري، مطالباً الجميع بتقدير هذا الجهد المتميز.

كما دعا إلى وجوب أن يكون هناك خطاب إعلامي لوزارة الصحة يحفظ للمؤسسة هيبتها وكرامتها، وإلى انصاف أطباء وزارة الصحة لأنهم السند للمواطن.

 

- الطراونة

ورأى الطراونة أن غياب المؤسسية ينعكس سلباً على أداء القطاعات كافة وليس على القطاع الصحي فقط، وإنما أبرزها القطاع الصحي لأننا نتعامل مع مواطنين وينعكس رضاهم أو عدمه مباشرة عليه، مشيراً إلى أنه في كثير من الاحيان تكون الخطط مربوطة بشخص معين.

وأضاف أن المجلس الصحي كان المكان الوحيد الذي كان يمكن أن تجتمع به القطاعات كافة وتتداول به الأراء، في حين أنه الآن ألغيت صفة الاستقلالية عنه وأصبح جزءاً من الوزارة.

وحول الاعتداءات على الكوادر الطبية أشار الطراونة بصفته رئيس جمعية الكوادر الطبية إلى الدراسات التي أجريت على الحالات التي تم الاعتداء عليها بين أعوام 2011-2015، كانت أسبابها تعود إما لبيئة العمل أو مقدم الخدمة أو متلقيها، مضيفاً أنه للأسف كانت ما نسبته 80% تعود على مقدم الخدمة، وهذا مرده سوء مهارات الاتصال. ودعا إلى تعزيز الرعاية الصحية الأولية بكل مكوناتها، والاستثمار بالكوادر البشرية.

 

- حياصات

أكد حياصات أن هذه قضايا مهمة وتهم وطناً أن الموضوع لا يتعلق بأشخاص، ورأى أن مهمة القطاع الصحي بعدما شهد هذا التطور ليس فقط أن يقدم خدمة للمواطنين وإنما استطاع تقديم الخدمة الطبية للقادمين من خارج الأردن، وبالتالي هذا يعدّ استثماراً يجب علينا أن نرعاه ونطوره ولا نحد منه.

وأضاف أنه في موضوع التمريض مثلاً فتحت الوزارة حرية الذهاب للعمل بالخارج بالإجازات بدون راتب وتعيين الممرضين الجدد لأخذ فرص تدريب، وبالتالي أصبحت الوزارة مؤسسة منتجة وليست مؤسسة خدماتية فقط، فهي تخدم وفي الوقت نفسه تنتج كوادر مؤهلة وجيدة.

وشدّد أن مشكلات القطاع الصحي أصبحت واضحة للجميع وليس بحاجة للتكرار، إنما هي بحاجة إلى حلول يمكن أن يساهم بها الجميع، مثنياً على مبادرة الحكومة بكونها عملت لجنة أو هيئة وزارية لوضع حلول لمشكلات القطاع وتطويره.

وبما يخص الطبيب البيطري والأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان أكد حياصات على ما جاء به نقيب الأطباء البيطريين، مضيفاً أن هناك أموراً كثيرة بحاجة لأن نلقي الضوء عليها ونتعاون معها، ومشيراً إلى أن العلاج العرضي ليس كالعلاج التشخيصي، فدائماً يجب ان نصل للتشخيص الحقيقي حتى نعالج.

ولفت إلى أن القطاع الصحي تطور بشكل كبير وقدّم خدمات جليلة بالرغم من بعض السقطات والهفوات التي وقع بها كأي قطاع آخر، مضيفاً أن هذا القطاع أخذ حصة كبيرة من النقد في الإعلام، فهناك قضايا ظاهرة لنا وللعامة إذا بحثنا بتفاصيلها نجد أنه لا توجد فيها أي مشكلة، في حين أن الإنسان غير المختص حين يكتب بها أو ينتقدها يعطي صورة سيئة عنها.

وأكد حياصات أن التأمين الصحي الشامل ليس فقط عملية طباعة بطاقات تأمينية وتوزيعها للمواطنين، فكثير من الناس يتخوفون من أن التأمين الصحي الشامل تأخر في توزيع البطاقات، فالتأمين الصحي الشامل ليس مسؤولية جهة واحدة بل هناك 4 جهات تقدم الخدمة الصحية للمواطن، مضيفاً أن هذه الفئات أحياناً تكون رباعية الخدمة ويأخذها المواطن من الجميع، في حين أنه باستطاعتنا توفيرها عبر طرف واحد.

ودعا إلى عقد مؤتمر أو جلسة تجتمع بها الأطراف المعنية كافة لدراسة هذا الوضع في القطاع بما يخص المصاريف الصحية وموازنة وزارة الصحة والموازنات التي تصرف على كل هذه القطاعات، وإذا استطعنا أن ندمج هذه القطاعات مع احتفاظ الكل بحقوقه، بحيث تبقى الامتيازات للجميع.

وشدّد حياصات على أنه ليس مع توحيد كل القطاع الصحي، وذلك لكي تبقى التنافسية موجودة، فالخدمات يجب أن تكون فيها تشاركية، من دون إذابة كل القطاعات الطبية في جسم واحد.

وأضاف أنه مع توحيد الخدمات الصحية العلاجية لكل المواطنين مع الاحتفاظ بحقوق جميع العاملين، بحيث يحتفظ أستاذ الجامعة بحقوقه التي يتميز بها، والطبيب بالخدمات الطبية، ومن يعمل في قطاع وزارة الصحة، وذلك لكي يتنافسوا فيما بينهم لتقديم الخدمة.


- أحمد النسور

وأكد الزميل الصحفي في صحيفة الرأي أحمد النسور أن وزارة الصحة قوية ووضع البلد الطبي قوي، مضيفاً أننا بحاجة فقط للسيطرة فهناك بعض الفلتان في القطاع الصحي.

أما بالنسبة للعلاقة بين الإعلام والقطاع الصحي قال إننا نجد حاليا أن كل شخص يحمل تلفوناً خلوياً أصبح إعلامياً، فمشكلتنا تكمن بالمواقع الإلكترونية غير المعروف أصحابها.

وأضاف أن قانون الجرائم الإلكترونية شمل جميع مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية حتى المواقع الالكترونية التابعة للصحف، بحيث تحدد أن الصحفي هو المسجل بنقابة الصحفيين وغير ذلك فهو غير صحفي، مؤكداً أننا كصحفيين نتضرر من هذه السلوكات، فهناك قضايا عندما نحس أنها تؤثر على البلد فإننا نطلب عدم نشرها والتوقف عندها.


- القسوس

وطالب القسوس بوضع ضريبة عادلة للأطباء بحسب دخولهم وأماكن عياداتهم، إضافة إلى عدم تهميش دور المجلس الصحي العالي.

ودعا إلى تحديد معدل قبول 90% لطالب الطب ممن يريدون الدراسة بالخاج بدلاً من معدل 80%.

- شريم

دعا شريم إلى وضع خطة وطنية جديدة للصحة ومتلائمة مع الموضوع بحيث لو سئل أي طبيب عن الخطة الوطنية بستطيع أن يجيب عنها.

- العقرباوي

طالب العقرباوي باعتبار مهنة الطب البيطري مهنة صحية، داعياً إلى مراقبة وتنظيم هذا القطاع لأنه يؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان، واخضاع الأدوية البيطرية لرقابة المؤسسة العامة للغذاء والدواء لأهميتها وتأثيرها بشكل مباشر على صحة الإنسان.