رمزية الملك و افاق التنمية المستدامة

24/10/2021

متحدثون: رمزية الملك أساس المنجزات وضامن حقيقي للإصلاح

 

الأحد, 24 تشرين الأول 2021

في ندوة بمركز $ للدراسات

أدار الندوة: هادي الشوبكي

حررها وأعدها للنشر: إبراهيم السواعير

أكّدت ندوة «رمزية الملك وآفاق التنمية المستدامة» التي نظّمها مركز $ للدراسات وشارك فيها عددٌ من السياسيين والقانونيين، بحضور مدير عام المؤسسة الصحفية الأردنية $ جهاد الشرع، أنّ جملةً من المعطيات التاريخيّة والدينيّة والسياسيّة، بالإضافة إلى الشخصيّة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني، عوامل تدفع إلى المزيد من الإنجاز والبناء، وتجاوز التحديات التي واجهها الأردن، ويدخل مئويّته الثانية بكلّ عزيمةٍ واقتدار.

 

ورأى المتحدثون أنّ مفهوم الرمز، كعامل من عوامل الولاء والانتماء ومصدر من مصادر الاعتزاز والافتخار الوطني، يشكّل مظلّةً لكلّ أعمال الإصلاح والرؤى السياسيّة التي كان جلالة الملك سبّاقاً إليها، فـ«الرمزية» ليست عملاً دعائيّاً، وإنّما مشروع معرفي متكامل، وهو ما أطلقته «جماعة عمان لحوارات المستقبل» يشارك فيه علماء ومفكّرون لتبيان الحقيقة وتفنيد الأكاذيب.

وقالوا إنّ أكثر من رمزيّة لجلالة الملك، تعطينا الثقة بالإنجاز والدافعية للعطاء، منها رمزيّته السياسيّة وشرعيّته الدينيّة ورمزية الإنجاز التي يتمتّع بها جلالته، ورؤيته الواثقة التي حازت إعجاب المجتمع الدولي وفوّتت على المتربصين أي شرّ يراد بالأردنّ.

ومن ذلك، قالوا إنّ مبادرة جلالة الملك واستشرافه عبر أوراقه النقاشيّة التي عرض فيها لمشكلات ومواضيع قانونيّة وتربوية وفكريّة وإداريّة ودستوريّة وغيرها، تشكّل دافعاً قويّاً لمناقشة مواضيع الإصلاح الإداري والسياسي.

وثمّن المتحدثون الإنجازات الدستوريّة لجلالة الملك، والهادفة إلى تعزيز الديمقراطية والمشاركة والحريات العامة، في العديد من المؤسسات الدستورية كالمحكمة الدستورية وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والهيئة المستقلة للانتخابات، وهو مما يعزز الرمزية الدستورية لجلالته باعتباره حامي الدستور ورمز سيادته. كما ناقشوا مواضيع اقتصاديّة وفرصاً استثماريّة وثقافةً مجتمعيّة ذات علاقة.

التل: نبني مشروعاً معرفيا عن وطن وقائد

استهلّ رئيس جماعة عمان لحوارات المستقبل الكاتب بلال التل، بتأكيده أنّه ما من مجتمع بشري إلا وله رموز، بعضها له دلالات دينية، كالهلال مثلاً، الذي هو رمز للمسلمين ومرتبط بالكثير من شعائرهم كالصوم والحج وبداية العام الهجري، والصليب كرمز للمسيحيين يرتبط بمعاناة السيد المسيح، وقد يكون الرمز مكاناً، فالكعبة رمز إسلامي يتجه إليها المسلمين في كل بقاع الأرض في صلاتهم، وكنيسة القيامة رمز مسيحي يحج إليها المسيحيون في كل دول العالم.

 

ومثلما كانت للشعوب والمجتمعات البشرية رموز لها دلالات دينية، فإنّ لهم رموزهم ذات الدلالات التاريخية؛ فغاندي يرمز للهند ونضالها من أجل الحرية، والشريف الحسين بن علي رمز لثورة العرب الكبرى وسعيهم من أجل الاستقلال، وإبراهام لينكولن رمز لتحرير العبيد بالنسبة للأميركان.

الانتماء الوطني

وقال التل إنّ للرمز أدواراً كثيرة في حياة الشعب والأمة والوطن، فهو عامل من عوامل توحيد المشاعر، وهو عامل أساسي من عوامل بناء الوحدة الوطنية وترسيخ التماسك الاجتماعي، كما أنه يخرج مواطنيه من الانتماءات الضيقة للعشيرة أو الجهة، إلى الانتماء الوطني الرحب، كما أنّ الرمز يشكل عاملاً من عوامل الانتماء والولاء، ومصدراً من مصادر الاعتزاز والافتخار والكبرياء الوطني، كما أنّ الرمز يمثل قدوة لمواطنيه ومرجعية لهم ليحتكموا إليها إذا اختلفوا في الأمر.

وأضاف التل:..فكل هذه الأدوار المهمة التي يقوم بها الرمز في حياة شعبه هي التي دفعتنا في «جماعة عمان لحوارات المستقبل» لإطلاق مبادرة تعزيز رمزية جلالة الملك، باعتبار جلالته قائد الوطن الذي تتوفر فيه الصفات التي وضعها علماء الاجتماع للقائد، فمؤسس علم الاجتماع ابن خلدون يَعتبر قائد الدولة ركناً أساسياً من أركان بنائها واستقرارها واستمرارها، خاصة إذا تميّز هذا القائد بالقدرة على مواجهة التحديات والتماسك في مواجهتها، وبالتدقيق فيما قاله ابن خلدون نجد أن كل صفات الرمز وأدواره تجتمع في جلالته، غير أنّ هذه الصفات الرمزية هي التي حاول البعض التشويش عليها وتشويهها، من خلال إنكار الإنجازات التي يحققها بلدنا بقيادة جلالة الملك، والسعي لتشويهها من خلال نشر الإشاعات والأكاذيب التي تعمل على نشر الإحباط في المجتمع الأردني، وهو أمرٌ كان لا بد من التصدي له من خلال التذكير بإنجازاتنا الوطنية وتعظيمها وتفنيد الإشاعات المغرضة، من خلال الحقائق والوثائق والأرقام.

 

الشرعية التاريخية

وأكّد التل أنّ مبادرة تعزيز رمزية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ليست عملاً دعائياً، لكنها مشروعٌ معرفي يشارك فيه علماء ومفكرون، سلاحهم المعرفة، وهدفهم بيان الحقيقة، وتفنيد الأكاذيب بالرقم والمعلومة الموثقة، من خلال الحوار العلمي، دافعهم في ذلك أنهم يتحدثون عن قائد تتوفر فيه كل شروط الرمزية، وأولها الرمزية الدينية؛ فجلالته هو الحفيد الحادي والأربعون لرسول الله محمد عليه السلام، وهو وريث الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ولجلالته شرعية تاريخية، فهو سليل أقدم أسرة حاكمة حكماً شرعياً في المنطقة العربية؛ فالهاشميون حكموا مكة المكرمة منذ عام 622 كما أنهم قادوا الثورة العربية الكبرى التي نهض العرب من خلالها لتحقيق استقلالهم فأسسوا ثلاث ممالك في العراق وسوريا والأردن.

شرعية الإنجاز

وقال التل إنّ جلالة الملك يمتلك شرعية الإنجاز، فبالإضافة إلى ما أنجزه أباؤه وأجداده على امتداد مئة عام من عمر المملكة الأردنية الهاشمية، فقد أنجز جلالته خلال العقدين الماضيين الكثير، فعلى صعيد الإنجاز الدستوري أدخلت في عهد جلالته الكثير من التعديلات على الدستور الأردني، بهدف تعزيز الديمقراطية والمشاركة والحريات العامة، كما تأسس العديد من المؤسسات الدستورية كالمحكمة الدستورية وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والهيئة المستقلة للانتخابات، مما يعزز الرمزية الدستورية لجلالته باعتباره حامي الدستور ورمز سيادته.

 

ومثل إنجازات جلالته على صعيد المؤسسات ذات الطبيعة الدستورية، فقد بنى مؤسسات ذات طبيعة استراتيجية مثل المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، والمركز الأردني للتصميم والتطوير «كادبي» وكلية الدفاع الملكية الأردنية.

وعلى صعيد الإنجازات التنموية، وبالرغم من الظروف الإقليمية الضاغطة التي سببت إغلاق حدودنا البرية، ورغم جائحة كورونا والحصار الاقتصادي،.. فقد أنجز الأردن خلال العقدين الماضيين بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني مئات المشاريع التنموية التي غطت مختلف المجالات.

وختم التل بتأكيده أنّ الإنجاز الأكبر هو أن جلالته استطاع أن يجتاز بالأردن أخطاراً وجودية لم تصمد أمامها دول أكثر منا عدداً وأكبر مساحة وأعظم إمكانيات مالية.

العتيبي: المواد الدستورية تؤكد مكانة وقيادة الملك

ورأى المستشار جهاد العتيبي أنّ جلالة الملك استمدّ رمزيته من خلال الدستور الأردني الذي يعتبر عقداً اجتماعياً بين الأردنيين وسلطات الدولة، وجميع الأطراف، سواء الشعب الأردني ممثلاً كأمة في المادة 24 من الدستور الأردني التي تقول إن الأمة مصدر السلطات، لكنها في الفقرة الثانية تمارسها وفق أحكام الدستور، كما تحدّث عن المادة 25 من الدستور، حيث تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمّة، بشقيه: الأعيان والنواب وجلالة الملك، وبالتالي فجلالته له رمزية، حتى من خلال السلطة التشريعية.

 

السلطات الثلاث

وأشار العتيبي إلى المادة 26 من الدستور التي نصت على أنّ السلطة التنفيذية يتولاها جلالة الملك بواسطة وزرائه، وبالتالي فهذه الرمزية ممثلة في ذلك. وقال إنّ المادة 27 نصّت الشيء ذاته، لكن، على أنّ السلطة القضائية تتولاها المحاكم بأنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها باسم جلالة الملك، وإذا ما نظرنا للمواد 27 – 41من الدستور فهي تتناول صلاحيات جلالة الملك التي أعطته هذه المكانة والقيادة.

 

وبالتالي، فسلطات جلالة الملك أعطته مشروعية دستورية، إذ يُعتبر جلالته رأس السلطات في الدولة، وبالتالي فهو قائد للوطن، وما يصدر عنه منذ توليه الحكم إلى الآن يتمّ بناءً على قيادته الحكيمة، لذلك، فالمشروعية الدستورية لجلالته مستمدة من الدستور الأردني وتعطيه رمزية دستورية، ومن واجب الناس والشعب الأردني أن يلتزموا بهذه الشرعية حتى في طلباته بإجراءات دستورية، فبما أنّ الأمة هي مصدر السلطات، تمارسها من خلال الدستور، فأي تغيير أو تعديل بالدستور من الأمة يجب أن يكون من خلال الدستور الأردني، وذلك يشكّل مظلة لجميع الدولة الأردنية، وهكذا، فجلالة الملك استمدّ هذه المكانة والرمزية من خلال مواد الدستور الأردني 24 - 41.

النسور: تعديلات 2011 نقلة نوعية وإنجازات كبيرة

ورأى عضو جماعة عمان لحوار المستقبل المحامي د.حازم النسور أننا، كأبناء وطن، بتنا بأمس الحاجة لتفسير العديد من المفاهيم الوطنية، لافتاً إلى مبادرة جماعة عمان لحوارت المستقبل بإشراف مباشر من قبل رئيسها بلال التل نحو توعية المواطنين؛ فنحن نعيش اليوم حالة السوشيال ميديا غير المسبوقة، والتي أدّت في كثير من الأحيان إلى أن يظهر في المجتمع الأردني العديد من الممارسات التي ننأى بها عن طبيعة هذا المجتمع، لذلك كان انطلاق رمزية جلالة الملك وسلسلة الندوات التي قامت بها جماعة عمان لحوارات المستقبل لتسليط الضوء على هذه المسائل، بحيث قُدمت أوراق عمل متعددة في هذه الندوات كان أبرزها تسليط الضوء على أساس رمزية جلالة الملك.

 

المواطن والحاكم

وقال النسور إنّ أساس رمزية جلالة الملك هو في العقد الذي يكون بين المواطن والحاكم، والذي هو الدستور الأردني، فالدستور جاء واضح الدلالة والإشارة إلى رمزية جلالته من خلال نص المادة 30 من الدستور والتي تتحدث عن أنّ جلالة الملك هو رأس الدولة، وهو مصون من أية مسؤولية أو تبعة، فالسلطات تتولاها الحكومة، التي هي الأداة التنفيذية، وبالتالي فأيّ إخفاق في العمل العام والمرافق العامة وأذرع الدولة تتحمل تبعيته القانونية والدستورية الأدوات التنفيذية، والمتمثلة بالسلطة التنفيذية، وهي الحكومة.

المادة 49

ولفت النسور إلى أنّ ثمة نصاً قانونياً دستورياً آخر يؤكد على رمزية جلالة الملك، وأنّ جلالته هو رمز الدولة وبعيد عن الأدوات التنفيذية، من خلال نص المادة 49 من الدستور الأردني، والتي نصّت على أنّ أوامر جلالة الملك الشفوية والخطية لا تعفي الوزراء من مسؤولياتهم، وهذا نص واضح وذو دلالة كبيرة على هذه الرمزية، التي أساسها الدستور الأردني، فنحن، كقانونيين، نعتزّ بالدستور والأحكام الموجودة فيه.

تعديلات 2011

وتحدث النسور عن التعديلات الدستورية التي انطلقت عام 2011، والتي كانت الأكبر والأوسع، وطالت حوالي 39 مادة من الدستور ولامست العديد من التعديلات التي حققت الإنجازات الكبيرة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، فهناك العديد من المواد الدستورية التي بينت إنشاء المحكمة الدستورية في الأردن وكانت نقلة نوعية حتى في البعد القضائي، بحيث أصبح لدينا محكمة دستورية تنظر بدستورية القوانين والأنظمة النافذة المفعول، وأشار النسور أيضاً إلى انشاء الهيئة المستقلة للانتخاب؛ فقد كانت الحكومة تتولى الإشراف على الانتخابات؛ وحتى نرتقي للممارسات الدولية والمتطلبات الدولية كان لا بد من إيجاد هيئة مستقلة للانتخاب تقوم بالإشراف على الانتخابات، كما جرى تعديل دستوري آخر، وشرح النسور أنّ الدساتير أنواع، منها الدستور المرن، والجامد، فالدستور المرن يقبل التعديل والتطوير ولا تكون إجراءات تعديله معقدة، وفي كثير من دول العالم تكون هناك دساتير من الصعوبة إجراء تعديل عليها، مؤكداً مرونة الدستور الأردني، من حيث جملة التعديلات الدستورية التي طرأت عليه من عام 2011 وحتى عام 2016.

لجنة الإصلاح

وقال إننا اليوم أمام اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومخرجاتها، متحدثاً عن مدى رضا الشعب الأردني عنها، والحاجة إلى تعديلات دستورية، ورأى أنّ المرحلة تتطلب تعديلات دستورية، فإذا كان هناك توجه لإنفاذ بعض مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، فلا بدّ أن يتزامن معها إجراء العديد من التعديلات الدستورية، وأهمها المادة 6، فالأردنيون أمام القانون سواء، مشيراً إلى «الكوتات» والمحاصصات وهل ستطال هذه المادة التي نعتز ونفتخر بها، ومؤكداً أهمية أن نبقى دولة حريات، ودولة سيادة قانون، ودولة مساواة ما بين كلّ أطياف المجتمع الأردني، فأيّ تعديلات دستورية قادمة يجب أن نأخذها على محمل الحذر تجاه المساس بدستورنا الذي نعتز به ونفاخر.

الوحش:الأوراق النقاشية تحمل رؤية متقدمة

وأكّد العين د.محمد جمعة الوحش أنّ المجتمعات الإنسانيّة طوال التاريخ، لا يمكن إلا أن يكون لها سادة ورموز، في كل مجموعة انسانية، بدءاً من الأسرة الصغيرة وانتهاء بالمجتمع، حتى نصل لأعلى سلطة وهي الدولة، والملك هو رمز الدولة، وهو موضوع لا يقبل الجدل ونحن متفقون جميعاً عليه، فمنذ نشأة الدولة الأردنية هناك رمزية للأمير الهاشمي والملك الهاشمي في هذا البلد، وهي الرمزية التي تعني أنه رأس السلطات جميعاً، ويحكم بالسلطة التنفيذية، ولكن، تستشار السلطة التشريعية بغرفتيها: الأعيان والنواب، كما أنّ السلطة القضائية سلطة مستقلة، وتصدر احكامها باسم جلالة الملك. ولهذا، لا يجوز على الإطلاق أن يكون هناك أي سماح بالطعن في رمزية جلالة الملك، لأننا عندها نصبح مجتمعاً فوضوياً لا قيادة له ولا رمزية ويسير على غير هدى.

الجدل العقيم

وأكّد الوحش أنّ «الرمز» موضوعٌ كفله الدستور، وطبيعة الحياة، والحاضر والمستقبل، محذراً من أنّ الجدل في هذا الموضوع قد يأخذ أبعاداً مختلفة ويتيح فرصاً للمتصيدين لأن ينفذوا إلى جوانب سلبية، ومعتمة مظلمة لا تتفق وحياتنا ومستقبلنا الذي نريد، فرمزية جلالة الملك لا تقبل الجدل والنقاش، وهي موضوع مكفول بالدستور وبتوافق المجتمع الأردني بطبيعة الحال.

الأوراق النقاشية..

وواقعياً، في نظرتنا لهذه الرمزية، أكّد الوحش أنّ جلالة الملك، ربما يكون الحاكم الوحيد، الذي أصدر مجموعة من الأوراق النقاشية، في سبع أوراق شملت كل مناحي الحياة الأردنية، حاضراً ومستقبلاً، وهو ما يعطينا أهمية أن ننظر للموضوع بجدية وأن نفهم المقاصد، باعتبار الأوراق النقاشية تحمل رؤية متقدمة، يجب أن نهتم بها مجتمعاً ومسؤولين.

ودعا الوحش إلى أن تأخذ وزارة التربية والتعليم، على سبيل المثال، الورقة المتعلقة بها، فتدرس تفاصيلها وتحاول أن تسعى لتطبيق ما جاء فيها، وهكذا بالنسبة لكلّ الجهات ذات العلاقة، باعتبار الأوراق النقاشية مثّلت خطة طريق للمجتمع الأردني في أن يسير فيناقشها ويأخذ ما يناسبه منها.

الرؤية المتقدمة

وحول الأبعاد الاستراتيجية، قال إنّ جلالة الملك متقدم في الرؤية ويطرح أفكاراً خلاقة، مؤكداً أهمية اللجنة الملكية و توصياتها، نحو وضع صورة معينة جديدة ومستقبل للمجتمع الأردني وفق هذه الرؤية، التي يملكها جلالته في كلّ خطاباته ولقاءاته، وهو يركز على أمور ومواضيع محددة، لصالح المجتمع الأردني. وقال إنّ المهم هو كيفية توظيف هذه الرؤى والقرارات لخدمة الأردن، والأمة العربية.

وقال إنّ الدستور الأردني مرت عليه من عام 52 حتى الآن تعديلات كثيرة، ولكنّ رمزية جلالة الملك لم يمسها أحد، فبالرغم من الحديث عن الملكية الدستورية، إلا أننا كمجتمع، سعداء برمزية جلالة الملك وصلاحياته، مؤكداً على قرارات الملك العظيمة في مفاصل كثيرة.

العناني: الملك حقق الرمزيات السياسية والتاريخية والدينية

وتحدث الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الوزراء الأسبق د.جواد العناني عن جوانب النظر لموضوع «الرمزية» من مفهوم العقد الاجتماعي، والإطار الدستوري، والوظيفي، والتحليل المنهجي للموضوع، فالرمزية موضوع لا يتجزأ، وعلينا أن ننظر إليها من جوانب مختلفة، فهناك الرمزية السياسية، وأهميتها في أنّ هناك مرجعاً نعود إليه في حال صعبت علينا الأمور والوصول لقرار، فنحن نريد مرجعية نثق بها، وهذا أمرٌ مهم، لأننا، بصفتنا مواطنين، سنبقى مختلفين إلى مدى الحياة ولن نتفق على كلّ قضية، لكنّنا إن نحن وصلنا إلى نقطة يصعب علينا أن نبتّ فيها فلا بد لنا من مرجع عدل، نحتكم إلى رأيه ونُصححه في هذا الأمر، مؤكداً أنّ أهمّ وظيفة من وظائف جلالة الملك هي أنه يدخل فيحسم الأمور.

الرمزية التاريخية

وحول الرمزية التاريخية، انطلق العناني من أنّ الشعوب تعتز بتاريخها، وإذا شعرت أنها ضاربة في عمق التاريخ فهذا يعطيها ثقة أكبر بنفسها ووجودها، وأنها مستمرة لقرون قادمة طويلة، فالرمزية التاريخية عند جلالة الملك والأسرة الهاشمية طويلة وممتدة.

وتحدث العناني عن فترة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والفرع الهاشمي الأطول حكماً في العالم العربي، وهو ما يعطينا استمراريةً ومركزاً في هذا الموضوع. ولفت العناني إلى أنّ الجغرافيا والديموغرافيا تقلبتا مرات عديدة في تاريخ الأردن، ولكن الحكم بقي ثابتاً انطلاقاً من هذه الرمزية التاريخية المهمة.

 

الرمزية الدينية

وتحدث العناني عن موضوع الرمزية الدينية، موضحاً أننا شعب له هوية دينية ثقافية، والدين جزء لا يتجزأ من حياتنا، فنحن نختلف مع الغلاة ومن يفسرون الدين ويحملونه إلى أبعد مما يجب أن يكون عليه، ولكننا في النهاية نعتز بحضارتنا الإسلامية بكل جوانبها المختلفة، والهاشميون يمثلون ذلك خير تمثيل، وهو ما يعطي مزيداً من الشرعية لهذه الرمزية.

تجاوز التحديا

وعلى مستوى رمزية الإنجاز، قال العناني إنّ ذلك لا يقاس بالمدى القصير، وإنما بقدرة المجتمعات بقيادة من شخص معين على البقاء في أصعب الظروف وأحلكها، فقد تجاوزنا ظروفاً لو مرت على غيرنا لتهاوى، حتى أنّ دولاً أقوى وأغنى لم تستطع أن تصمد في ظل تلك التحديات، لافتاً إلى ميزات الحنكة السياسية والبراعة والمناورة والالتصاق الشعبي مع القيادة عندما تشتد الأمور وتتصاعد، إذ يعود الأردن في نهاية المطاف إلى عقلانيته فيحافظ على نفسه.

ورأى العناني أنّ هذا الإنجاز مهم جداً، متحدثاً عما أسماه الرمزية الخُلقية، في من يحكم، وهل هو دموي أو غير دموي، وهل هو كريمٌ مع شعبه وينتصر للفقراء والمظلومين، وهل يفتح بابه للاجئين، بضمهم بين جناحيه ويشارك الآخرين ثرواته المحدودة، وذلك ما رآه رمزية خلقية رفيعة تمثلها قيادة الملك.

الرمزية الدولية

وحول موضوع الرمزية الدولية، قال العناني إننا نعيش في وضع يجب أن ينظر إليك العالم فيه من زاوية احترام وتقدير، لأن وضع صورة أو وجه على بلد ما يجعل الشعور تجاهه شخصياً وليس مجرد أمر رمزي، هلامي أو غير واضح، فقد أعطينا وجهاً واضح المعالم حضارياً للأردن بكلّ أطيافه وانسجام مكوناته المجتمعيّة.

ورأى العناني أنّ خطاب الملك الأخير في الأمم المتحدة كان من أذكى الخطابات، لأنه ركز على العالم والمنظور الإنساني العالمي وجعل قضايانا ضمن هذا الإطار بشكل بارع.

وأضاف أننا عندما نتحدث عن القدس ورمزيتها، فإنّ ذلك يؤكد أنّ لها رمزية دولية، وأنّ حل مشكلة حل الدولتين هي في هذا الإطار، فإذا بقيت هذه المشكلة فإنّ العالم لن يستقر، ولذلك فهذا الوجه الإنساني يعطينا مصداقية أكبر واحتراماً أوسع من الجميع.

وقال إنّنا محتاجون إلى كل عناصر هذه الرمزية، فالدول لا تعيش دون رموز، فحتى الدول التي كان فيها صراع بين البابوية والملوك، وبين الملوك والنواب، بقيت ملكية وفيها رموز ملكية خاصة، ونحن نختلف عنهم حضارةً، ونريد من قائدنا أن يكون امامنا في الوقت ذاته. فإن نحن نظرنا إلى الرمزية من منظور هاشمي ملكي بشخص الملك عبد الله الثاني، فإننا نراه يجسد كل هذه المعاني.

 

الفرص الاقتصادية

 

أمّا الجانب الثاني المتعلق بالمستقبل، فقال العناني إننا معنيون بمناقشة أمور كثيرة في الفترة الأخيرة، وحتى نحصر النقاش بشخصية الملك، وتحديداً منذ عام 2009، فإنّ الأزمة الاقتصادية العالمية وتبعاتها الكبرى على الاقتصاد الأردني كان لها العديد من الأبعاد، والتي سببت في أسبوع واحد هبوط أسعار الأسهم بالبورصة بمقدار 17 مليار، باعتباره موضوعاً خطيراً ويشكّل تحدياً كبيراً.

 

الربيع العربي

 

أمّا التحدي الثاني الذي واجهناه فهو الربيع العربي وما خلقه من تشويش على مصادر رزقنا، وبالدرجة الأساسية: سوريا، لبنان، اليمن، ليبيا، إذ كانوا يأتون من العلاج والخدمات والاستشارات، وكل هذا كان قد تأثر وانقطع.

وتحدث العناني عن البعد الثالث، حيث تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة، وحيث عدد السكان اليوم في الأردن يقارب 10.5 مليون، كتحدٍ كنا نصله 2035، بمعنى أننا الآن نريد أن نحل مشاكل تحتاج 15 سنة إضافية، وهذا تحدٍ كبير. ومع ذلك، بقي المجتمع متماسكاً. وأشار العناني إلى صورة الأردن والملك في الغرب الأميركي، أثناء زيارة جلالته إلى هناك، فالأميركان ينظرون نظرة مختلفة عما ننظر نحن لأنفسنا، فبالرغم من كل هذه المشاكل كانوا يعجبون بأننا بقينا بلداً متماسكاً ومترابطاً يمكن أن يُعتمد عليه. فالاعتماد يكون على من جرّب ومرّ بأزمات متكررة، منها الإرهاب الذي وقفنا ضده وتغلبنا عليه، حيث تبنينا رسالة عمان والحوار بين المذاهب والأديان، وموقفنا من البيئة والقضايا الإنسانية الدولية.

 

إدارة الملفات

 

ونتيجةً لكل ذلك نرى أن هناك حكمة بارعة في إدارة هذه الملفات، بذكاء أمام موضوعات كان يمكن أن تؤدي إلى حالة فوضى في الأردن وتؤثر على الإنسان بشكلٍ عام، ولذلك، فقدرة جلالة الملك هي نتيجة رمزيته، ليس محلياً فقط، بل ودولياً في أنه يفوّت القرار الذي أخذه نتنياهو وأيده فيه بضم مناطق في الضفة الغربية، خاصة التي على حدودنا مع إسرائيل، وهذا مخالف للمادة الثانية من اتفاقية السلام التي تقول إننا نرسم حدودنا مع الأرض المحتلة سنة 67 مع حكومة فلسطينية وليس مع إسرائيل.

ورأى العناني أنّ كل هذه الأدوات استجمعت ومورست وأنشأنا معارضة، حتى في كثير من الأماكن، فالأردن لم يقبل بذلك وهدد بأن يعيد النظر بعلاقاته واتفاقاته بمنتهى الجدية، وهذا دليل حكمة في إدارة الأمور ضمن القدرات والمحددات التي نعيش بها.

الإعجاب الدولي

وقال إنّ التحدي الأساسي الذي يجب أن نعمل عليه، ليس فقط حل المشكلات الاقتصادية، بل استثمار الفرص القادمة، كتحدٍ أكبر، فالأردن ستأتيه فرص استثمارية كبيرة، حتى نحن إذا لم ننهض إليها أو نذهب باتجاهها سيأخذها غيرنا ونحن ننظر: فرصُنا بالعراق وسورية، وما يجري من عمل على إعادة فتح الحدود مع سورية والعراق، منوهاً أنّ إقناع الإدارة الأميركية بذلك لم يكن أمراً سهلاً، لأنه قبل زيارة جلالة الملك للأمم المتحدة ولقاء الرئيس بايدن.

ولذلك فجهود جلالة الملك في هذا الأمر لقيت تأييداً كبيراً جداً، مؤكداً صمود الأردن واتخاذه مواقف كانت تبدو صعبة وبظروف عصيبة أيام الرئيس ترمب، ومحاولته إضعاف الموقف الأردني تجاه القدس، فالموقف الأردني أثبت قوته في نهاية الأمر.

البدارين: الأردن نموذج في الاعتدال وحكمة الملك

وقال اللواء المتقاعد محمد البدارين إننا لو عدنا تاريخياً للخمسينات والأربعينات لرأينا حجم التحديات الكبيرة التي اجتازها بلدنا، أيّام الكثيرون لا يشكّون بزوالها، لكنّ الأردن أثبت أنّه دولة مهمة، بل ومركزيّة، في حين أنّ الدول التي كانت تسمى الدول المركزية، مثل بغداد ودمشق والقاهرة، اهتزت وأصبحت معرضة للتقسيم، أمّا هذا البلد فأثبت، لأسباب كثيرة، أنه قادر على الاستمرارية والبناء وإثبات وجوده في الإقليم والعالم.

القوات المسلحة

وأكّد أنّ أحد عوامل الاستقرار والاستمرارية في الأردن هو عامل القوات المسلحة أو القوة العسكرية الأردنية، بالإضافة لحكمة جلالة الملك أو مشروعية النظام السياسي، باعتباره نظاماً يستمد مشروعيته من أبعاد دينية، والأهم هو البعد الدستوري، حيث أنّ جلالة الملك يظلّ محمياً دستوريا بمشروعية دستورية ثابتة ومترسخة، فهذا الدستور أصله كان سنة 1928، إذ أنّ الوضع الدستوري الأردني ليس جديداً.

 

مؤتمر 28

وفيما بعد، كان كل دستور يصدر استناداً للقانون الأساسي من 1928، مشيراً إلى المؤتمر الوطني الأول الذي كرس شرعية النظام الهاشمي في الأردن بشكلٍ شعبي، ولفت البدارين إلى أنّ الناس الذين حضروا ذلك المؤتمر كانوا يمثلون كافة محافظات المملكة، وكافة القوى الاجتماعية الفعالة التي كانت موجودة بذلك، في حين أنّ كثيرين في فترة الخمسينيات كانوا يتوقعون ذهاب الدولة، فثبت العكس.

تماسك المجتمع

وصحح البدارين بأننا غير مستمرين بقوة عامل خارجي كما يروج كثيرون، صحيحٌ أنّ العلاقات الخارجية والتوازن الدولي الذي نتفاهم معه هو عاملٌ مهم، لكنّ العامل الأساسي هو قوة الناس في البلد، حيث المجتمع الأردني المتمسك بدولته وشرعيته ونظامه، فكان دائماً يدافع عن الأردن واستمراره.

وقال إنّ الدولة الأردنية قادرة على الاستمرار والنجاح وإثبات وجودها، إذ أصبحت الآن ومن منظور الآخرين، نموذجاً في المنطقة، ونموذجاً في الاستقرار والاعتدال.

فالقوات المسلحة من بداية تأسيسها كان لديها عقيدة قتالية عند الجيش الأردني، مبنية على عقيدة الثورة العربية الكبرى، وقضايا الأمة العربية والإسلام والبعد الديني والقضايا الوطنية.

الجندي الأردني

 

وأشار البدارين إلى أنّ جيشنا لم يدخل في الأحزاب والسياسة والانقلابات والثورات العسكرية، كما هو حاصل لدى دول أخرى، مقارناً بين الجيش الأردني وجيوش عربيّة أخرى، مؤكداً أنّ المشروعية السياسية استطاعت أن تجعله بعيداً عن السياسة، وهذه إحدى الميزات الأساسية في الوضع الأردني واستقراره. وشرح البدارين بأنّ الجيش درج على أنّه ممنوعٌ أن يشارك في الانتخابات البرلمانية، أو يترشح ضابط أو ينتخب، أو يصوّت في هذه الانتخابات أو يتدخل في السياسة. فالجيش يتلقى الأوامر من قيادته، وهو جيش محترف بالمعنى الدقيق، من خلال كلّ معاركه التي خاضها بحرفية وأخلاقيات الجندي العربيّ من الأساس.

وقال البدارين إنّ العدو الاسرائيلي، وفي كل المعارك التي اشتبك بها مع الجيش الأردني، لم يسجل على الجندي الاردني قضية أخلاقية ضد تعامله مع الأسرى؛ فقد وقع بين أيدينا أسرى عام 1948 بالمئات، ومنهم سيدات يهوديات مقاتلات، وعوملت النساء تعاملاً نبيلاً وفق الأخلاق العربية الإسلامية في التعامل مع الأسرى والمدنيين.

ولذلك فإنّ الاستمراريّة هي في تحويل الأفكار والقرارات الجيدة إلى إجراءات وفرص اقتصادية واستثمارية مفيدة.

 

الجاغوب: مواجهة التحديات وتعظيم الإنجاز من معززات الرمزيه

 

وقالت العين د. محاسن الجاغوب إنّ المطلوب في تعزيز رمزية الملك هو تسليط الضوء على التحديات التي مررنا بها وتعظيم الإنجاز وتعززه، وهو ما يتطلب أن نتخلى عن النظرة السوداوية، اذا ما رأينا تحديات في الإدارة والسياسة والاقتصاد؛ فالوضع ليس دائماً وردياً، صحيحٌ أنّ هناك مشاكل مؤسسية، لكننا نعترف جميعاً وندعم أنّ نظام الحكم في الأردنّ هو ملكيٌّ نيابيٌّ وراثي، فالأمّة مصدر السلطات، وجلالة الملك هو رأس الدولة ورمز الوحدة بالتأكيد، وهو في الأنظمة الديمقراطية والنيابية رمز الدولة، ولا يجوز أن نختلف على ذلك.

 

الإصلاح السياسي

 

ومن ناحية أخرى، دعت الجاغوب إلى العمل على الإصلاح السياسي الشامل، كمطلب مهم، مؤكداً رؤية جلالة الملك في قراءة المؤسسات والشعب في أوراقه النقاشية السبعة، فالمطلوب ليس فقط أن ندرس هذه الأوراق المهمّة في الجامعات، بل أن نقوم بتطبيقها على الواقع، لافتة إلى اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسيّة، كأوراق قابلة للنقاش والتطبيق، في ظلّ طرح جلالة الملك فهماً عميقاً للإصلاح الإداري، والعلاقة القوية بين سيادة القانون والإدارة، كعلاقة ضرورية وناجعة في دولة القانون.

وأكّدت الجاغوب أنّ المطلوب هو العمل المشترك نحو تعزيز دولة القانون واستمرارها بالدستور الذي كان مهتماً جداً بعملية الفصل بين السلطات.

 

ضعف المساءلة

 

ورأت الجاغوب أنّ هناك ضعفاً في المساءلة، فإذا نظرنا إلى الحكومات التنفيذية، فإنّ مدّة وجود الوزير في الوزارة هي فترة قصيرة، فلا يتمكن من وضع برنامج، أو تتم المحاسبة عندما يترك الوزارة، على عدم تنفيذ ما وضع من برنامج.

وقال إنّ الأردن متقدم دستورياً، فدستور1952 هو مفخرة للدول الأخرى، ونحن من الرائدين الذين وضعنا نظام محاسبة للرقابة على المؤسسات، وبالرغم من ذلك فلدينا مشاكل كثيرة، حيث تحدي القضاء على الفساد، منوهاً أنّ الحديث عن الفساد أحياناً يسيء للإنجاز الذي حققه الأردن، فالمطلوب هو مقاضاة الفاسدين ضمن القانون وتعزيز سيادة القانون الذي يقول به جلالة الملك.

 

ولفتت الجاغوب إلى أننا في الورقة النقاشية السادسة بقينا نتحدث عن تعزيز سيادة القانون واستقلال القضاء، ولكنّ ذلك من الضروري أن يتأكد على أرض الواقع، لتحقيق العدالة الاجتماعية في الوقت ذاته.

القانون والتطبيق..

 

وتساءلت الجاغوب: هل المشكلة هي في القوانين أم في التطبيق؟!.. مؤكدةً أنّ البيئة التشريعية والقوانين جيدة، غير أنّ هناك مشكلة في التطبيق، والنخب السياسية والإدارة والمحاسبة، فالمطلوب هو العمل التشاركي وليس التنافسي، فنحن نتنافس ولا نتشارك، ولا نعمل حتى يكمل أحدنا الآخر، بل ليكشف أحدنا عيوب الآخر، وطالما بقينا في هذا الإطار فالمسألة تشكل تحدياً صعباً علينا تجاوزه. وتحدثت الجاغوب عن مشاكل في التعليم والجامعات والإصلاح الإداري الشامل في السياسة والاقتصاد ودعم العنصر الشبابيّ وتعزيز وجوده.

 

دبابنة: الرمزية موضوع متكامل ولا يتم بالتجزئة

 

ورأت عضو الهيئة المستقلة للانتخاب د.عبير دبابنة أنّه عند الحديث عن رمزية جلالة الملك، فالمقصود ليس الحديث عن أن يكون دور جلالة الملك دوراً معنوياً، وانما أن نحاول أن نفهم بعمق أكثر بالبعد السياسي والقانوني الأدوار المحورية للملك أو رأس الدولة، بناء على وثيقة نسميها الوثيقة العامة التي تحكم شؤون الدولة، وهي أمور تتعلق بنظام الحكم، وحقوق وواجبات وحريات المواطنين، والعلاقة بين السلطات الثلاث، فمن خلال دراسة كلّ ذلك نستطيع أن نصل إلى قراءة فيها نوع من العدالة وفهم الواقع.

 

نقلة ديمقراطية

 

وتحدثت دبابنة عن دستور 1952، وما قبله، كدعائم مهمة من الدساتير، ليشكل شامة على خد الأردنيين والدولة الأردنية، لأنه عالج الكثير من الثغرات وكان نقلة حقيقية للديمقراطية، بالانتقال من نظام حكم ملكي نيابي وراثي إلى نظام حكم نيابي ملكي وراثي.

فالسلطة للأمة، والدستور فصل بين السلطة والملك، وهذه أصلا مسألة نيابية، فجاء بالمادة 24 ليشير دون مهادنة السلطة بكل أبعادها، للأمة، وللأمة فقط، فهذه الأمة تمارس السلطة من خلال نواب منتخبين، ودور الملك، من حيث هو رأس الدولة، ورمز السيادة، وفقاً للدستور، فالملك مصون من كلّ تبعة ومسؤولية، وإن حدث خطأ فالحكومة هي المسؤولة، حيث السلطة التنفيذية هي الملك، يتولاها من خلال رئيس وزراء ووزراء مسؤولين.

وقالت دبابنة إنّ مسؤولي دستور 1946 كانوا مسؤولين أمام الملك، واليوم هم مسؤولون أمام الأمة، مؤكدةً النقلة الديمقراطية، ودور جلالة الملك في تحقيق قفزات نوعية، ودور الأمة كذلك، فموضوع الرمزية موضوع متكامل وليس بالتجزئة.

 

رأس الدولة

 

فالملك هو رأس الدولة ومصون من كل تبعية ومسؤولية، وهناك من تحملوا مسؤولية، وهذه هي ميزة الأنظمة البرلمانية وما بها من ثنائية للسلطة التنفيذية، وهناك ملك يملك مُكَناً، ومنها على سبيل المثال أنّ: الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ومن يقلد الأوسمة، والملك هو من يحل مجلس النواب والأعيان ويعيّن الأعيان ورئيس مجلس الأعيان، والملك في الإدارة والسلطة التنفيذية هو الرأس الأعلى لهذه الإدارة، والملك يصادق على القوانين التي تقرها الأمة... والكثير الكثير مما نعرفه جميعاً في مواد الدستور.

وتحدثت دبابنة عن الدساتير البرلمانية، حتى في مهد الديمقراطيات النيابية البرلمانية كبريطانيا، مشيرةً إلى أنّه مع تقدم وتجذر هذه الأنظمة، كانت الإدارات أنضج وأقدر على الإدارة الحكيمة المتوازنة، مع تجذّر ونضج التجربة الديمقراطية لدى الشعوب.

ولفتت دبابنة إلى أن الأوراق النقاشة الأولى والثانية والثالثة، تحدثت عن ضرورة الانتقال لمفهوم الحكومات البرلمانية، والاهتمام بلجنة إصلاح سياسي، وتحقيق التوزان بين السلطات، تنفيذاً للرؤية الملكية على أرض الواقع في سيادة القانون وثقة المواطن ومكافحة الفساد.

نقاش وتوصيات

الأحد, 24 تشرين الأول 2021

الجهاز الإداري

وأكّد المستشار جهاد العتيبي أهمية المقاربات المنهجية، وقراءة الدستور الأردني، في سيادة القانون، وتكافؤ ا فرص، والمساواة، منبهاً إلى وجود مشكلة تطبيق، فهذه المفاهيم الدستورية هي لكل الشعب الأردني والإدارة، فمثلما تشكل لجان للأمور السياسية، فلدينا الإدارة هي بمواجهة الناس والشعب، وهي بحاجة الآن إلى تغيير في منهجيتها بالعمل، لأن الإدارة هي التي توجه الناس وهي على ارتباط مباشر معهم، في مطالبهم بتنفيذ القوانين والأنظمة والتشريعات، وكلّ ذلك يكون من الجهاز الإداري الموجود. ورأى العتيبي أنّه إذا كان الجهاز الإداري قائماً بدوره كاملاً، فإن ذلك يعطي انطباعاً جيداً أمام المواطن الأردني، وإذا كانت سلطات الدولة قائمة بواجباتها وفق نصوص الدستور، فذلك معناه القيام بالدور المنوط بنا بشكل جيد.

وشرح العتيبي أنّ هذا الكلام الذي نقوله يجب أن ينعكس على الناس، لأن عدم انعكاسه معناه أنّ عندنا فشلاً في سلطاتنا وإداراتنا، والمطلوب هو تغيير بعض المفاهيم نحو المستقبل في مواضيع تهم الناس واقتصادهم وطبيعة معيشتهم.

وقال العتيبي: عندنا معايير للحكم الرشيد، وهو ما يجب أن يعزز، فقد ورد في الأوراق النقاشية لجلالة الملك، لكن كيف لهذه الأوراق وكيف لمعايير الحكم الرشيد في القوانين والأنظمة أن تتحول إلى عمل وورش عمل ونتائج تنعكس على الناس بشكل جيد.

ولفت العتيبي إلى أنّنا اليوم نرى الناس تتحدث على الميديا في كل شيء، وذلك فنحن بحاجة إلى أن نعمل ثقافة قانونية ودستورية، فالناس تعرف الحقوق والحريات الموجودة بالدستور وتعرف كمجتمع مفاهيم النزاهة والشفافية، وتتحدث بها، ولكنها لا تعرف معاييرها، وهذا يدل على أن المفاهيم المغلوطة لا تأخذ دورها بتفهيم الناس أن هذه المفاهيم خاطئة، وهذا هو دور الإدارة ونقدها، لافتاً إلى ورشات «جماعة عمان» في هذا المجال.

ودعا العتيبي أن تكون المراكز البحثية مهتمة كثيراً بالاستراتيجيات والسياسات العامة، لتلتقط الإدارة منها الشيء الذي يمكن تطبيقه على الناس، نحو تنفيذ رؤية جلالة الملك في موضوع الإصلاح الإداري وتحويل القوانين والمفاهيم الموجودة بالاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان لواقع ملموس يشهد له المواطن الأردني ويرى نتائجه على أرض الواقع.

وأكّد أنّ المواطن الأردني متكاتف مع الإدارة الأردنية ويثق برمزية جلالة الملك، لكنّه مهتمٌّ بتكافؤ الفرص وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب، والمساواة والعدالة.

ظاهرة الفزعة..

ودعا د.حازم النسور، في سياق الاحتفال بمئوية الدولة الأردنيّة، إلى الاستفادة مما تم إنجازه، على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فلا بد من تعظيم هذه الإنجازات. وقال إنّ هناك منجزاً على أرض الواقع، ولا بد من الاستفادة من التحديات خلال هذه الحقبة الزمنية، وهذا الأمر يقودنا إلى أنه مطلوب منا أن نبدأ بداية بالاستفاده مما سبق من اجازات في الدوله الاردنيه في مئويتها الاولى والبناء عليها وأضاف أننا نجد في بعض الملفات التي تقوم عليها السلطة التنفيذية بأنها تقوم على «الفزعة»، في كثير من الأمور والقضايا والمواضيع، فنحن اليوم بحاجة إلى تخطيط ورؤية واستراتيجية جديدة في التنمية الشاملة والمستدامة، دون تقزيم الجهود الوطنية بالطبع. وقال إننا بحاجة إلى لجان على غرار مجلس السياسات، لكن تكون هناك لجنة شاملة عند الحديث عن تنمية شاملة، بأبعاد سياسية واقتصادية وإدارية ومن خلال سيادة القانون، في شمول لكل مناحي الحياة داخل المجتمع الأردني، لكي نضع الخطط المناسبة بعيدة المدى. كما نادى باستراتيجيات ورؤية وخطط موجودة، وبلجنة اقتصادية في ظل انتكاسات اقتصادية، معرباً عن قلقه على أوضاع المستثمرين.

وأشاد النسور بجهود جلالة الملك في الترويج للأردن اقتصادياً وسياحياً ودعم الاقتصاد الوطني، لكنّه حذّر من قوانين تسير عكس التيار وأشخاص غير قادرين على اتخاذ القرار، موضحاً أنّ عدم اتخاذ القرار له مسبباته، بموضوع الشفافية والإفصاح ومكافحة الفساد.

سلاسل تقييمية

وأيّد د.جواد العناني فكرة أن تكون هناك مرجعيات أساسية متفق عليها وعلى من يخدمون فيها، وأن يكونوا على قدرة عالية من الحكم غير المتعصب وغير المتحيز بموضوعية، موضّحاً أنّه عندما تأتي حكومة وتذهب حكومة بهذه الجهة تكون مسؤولة عن عمل تلك الوزارة وهي من تضع المؤشرات وتقول أين هي مواطن ضعف أو قوّة هذه الحكومة أو تلك، لنبني على نقاط القوّة ونتلاشى نقاط الضعف. وهكذا نبنى سلاسل تقييمية، وهو ما رآه ضرورياً، إذا كانت هناك أحزاب وحكومات حزبية في المستقبل، فالحزب لا يقيم نفسه، بل تقيمه جهات محايدة، فلا نكون معتمدين على ما يأتينا من مؤشرات دولية.

وقال إنّ عملية تجسير الثقة مهمة جداً، لأن المسؤول يعرف ماذا يقول وماذا يفعل، في حين أنّ المواطن لا يكذب ما يسمع، لكنه مستعد لأن يناقش، وهنالك فرق كبير بين المواطن الذي يقوم بمناقشة ما يقوله المسؤول على أساس أنه يدافع عن مصالحه، وبين أن يصدق أو لا يصدق.

 

ونادى العناني بالتخطيط الاستراتيجي الذي أصبح ضرورة في الأردن، فلم نعد دولة مرهونة للظروف المتقلبة، لافتاً إلى أهمية اتخاذ القرار ومراعاة الدوائر المحليّة والإقليمية والدولية في ذلك، متسائلاً: كيف يمكن أن نستجيب للتحديات وننتقل من ردة الفعل إلى الفعل ضمن استراتيجيّة وقراءة واعية لما هو حاصل. واهتم العناني بتكامل الوزارات وإنعاش الاقتصاد، دون أن نقول هذه وزارة اقتصادية وهذه غير ذلك، في حديثه عن وزارات: الزراعة، والنقل، والطاقة، والتنمية الاجتماعية. وتحدث عن قوى الشد العكسي والمصالح وتشكيل الكتل والقرار الجمعي والخاص والتفرّد بالقرار والتعايش مع قرارات معيّنة، مفرقاً بين قرار الأقليّة وقرار الأغلبية وأيّهما يمكن أن يُتبع أو يناقش. وأكّد العناني ضرورة العمل على موضوع الإصلاح الإداري الشامل، في ظلّ ظروف تراجعت فيها الإدارة في مؤسسات صحيّة على سبيل المثال، مناقشاً مفاهيم المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص والثقافة الوطنية في المجتمع والمدارس والجامعات. ونادى بخلق ثقافة عامة وتغيير مفاهيم الناس السلبية إلى إيجابيّة في فهم الوظيفة الحكومية، مفرقاً بين الحق والامتياز في هذا المجال.

تطوير التعليم

وتحدث د. محمد جمعة الوحش عن أهمية تطوير التعليم، سواء في المناهج أو في أساليب تدريب المعلمين أو في البيئة المدرسية والبيئة الجامعية، وأساليب التدريس، والتكنولوجيا، حيث دخلت عوامل جديدة وأبواب متقدمة على التعليم، وانتقد الوحش قوى الشد العكسي التي تريد أن تبقي الحال على ما هو عليه، فنكون أمام عملية مقارنة بخريجي الخمسينات والستينات، وأكّد الوحش أهمية الثوابت التاريخية والقيمية في ثقافتنا العربية الإسلامية، كما دعا إلى التطوير الإداري من منظور كتب التكليف السامي لجلالة الملك، ومحاربة الفساد، مناقشاً أسبابه وظروفه، وأهمية توفر العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة ووضع الرجل المناسب في مكانه المناسب.

الرقابة الشعبية

ودعا اللواء المتقاعد محمد البدارين إلى الرقابة الشعبية والرقابة المجتمعية ورقابة الإعلام، فليس الأمر مقتصراً على مجلس النواب، فكلنا يمارس دوره الرقابي في نهاية المطاف، وتحديداً الصحافة.

سيادة القانون

ورأت د. محاسن الجاغوب أنّ من الأهميّة تعزيز سيادة القانون، باعتباره أساس الدولة الأردنية، وقالت إنّ إشكالية سيادة القانون تكمن في مدى ترجمته على أرض الواقع، فالأمر ليس أمراً تشريعياً محضاً، لكن، نحن أمام مفهوم ثقافي ومجتمعي حول أن يكون القانون هو الضمان الرئيسي للحقوق. وناقشت الجاغوب موضوع الثقافة المجتمعية ودور التعليم وغياب العدالة وأهمية خلق جيل منتمٍ وواعٍ لمصلحة بلده واستقراره.

الرأي العام

ورأت د. عبير دبابنة أنّ الرقابة على أعمال الإدارة أمر يعد أولوية، وبالذات في كل المراحل، لكن هذه المرحلة لا بد ان نقف فيها مع التحديات التي تواجهنا بشكل جاد حتى نتجاوز الوضع الصعب الذي نمر به، والرقابة على أعمال الإدارة ليس رقابة ذات طابع سياسي، فالرقابة على الإداري يجب أن تكون من الإدارة نفسها.

كما تحدثت عن الرقابة السياسية والرقابة الشعبية، وهي رقابة الرأي العام، مناقشةً مواضيع كثيرة، مثل قضية الرأي والتعبير وحرية النشر والرقابة القضائية، بالإضافة لقضية الرقابة على المواضيع الدستورية، فنحن دائماً نتحدث عن منظومة تشريعية على رأسها الدستور، لكنّ علينا دوراً كبيراً، وهو أن نستثمر في وجود قفزة إصلاحية كبيرة في الدستور الأردني 2011 وإنشاء المحكمة الدستورية، مؤكداً أهمية الفصل بين السلطات وعدم تغوّل سلطة على سلطة أخرى.