وفي ندوة (صفقة القرن..قراءة تحليلية)، نظمها مركز الرأي للدراسات، دعا الخبراء لإجراءات عملية من خلال مسارين: الأول شعبي، والثاني دولي، بهدف إعادة الروح للقضية الفلسطينية دون أن يتجاهل الخبراء أن الصفقة الجديدة مرتبطة بمآلات الإنتخابات الأميركية الإسرائيلية، متوقعين أن تدخل الصفقة في مسار مختلف عقب الإنتخابات الإسرائيلية في آذار القادم.
شخّص خبراء استراتيجيون الخيارات الأردنية-الفلسطينية عقب إعلان صفقة (ترمب - نتانياهو)، في محاولة لوضع إطار واقعي لمواجهة التهديدات الوجودية على القضية الفلسطينية والمصالح الأردنية.
مبعث التهديد الذي تمثله هذه الصفقة ذات النظرة الأحادية للصراع، بحسب الخبراء، أنها في سياقها التاريخي الإسرائيلي محاولة "للتسلل الناعم" لبناء أمر واقع جديد بدعم قيادة أميركية "شعبوية"، تستغل قانون القوي في زمن فيه أحادية القطبية تسود العالم اليوم.
لا يتجاهل الخبراء الوجه الديني الذي يطغى على فكر مهندسي الصفقة، لكنهم في تشخيصهم للحالة العربية والفلسطينية يؤكدون وجود ما أسموه بـ"السيرورة التراجعية" التي راكمت الفشل في إدارة الصراع، ولم تستغل الأوراق التي يمتلكها العرب.
غير أن الخبراء لا يقللون من أهمية طبيعة وظروف الصفقة التي تثبت أنها وضعت لترفض من قبل الفلسطينيين الذين سيتهمون برفضها وأنهم "رفضوا السلام"، وتجنباً لهذا يقترح الخبراء بتقديم طرح بديل لصفقة (ترمب-نتانياهو)، وصياغة (صفقة 2) من الفلسطينيين ومدعومة عربيا.
أدار الندوة : د.خالد الشقران
حررتها وأعدتها للنشر: بثينة سلامة جدعون
أبو عودة يدعو لسيرورة تصاعدية
قال المفكر السياسي ورئيس الديوان المكي الأسبق عدنان أبو عودة إنني في حديثي سأتحدث في التاريخ لنتمكن من الحاضر وننقذ المستقبل بحسب قول أحد الفلاسفة.
وأضاف بدأ الوعي العربي والفلسطيني عن الخطر الصهيوني مبكراً ، لكنهم لم يعوا ما هي أدوات الحركة الصهيونية، فقد وعينا على الخطر مبكراً بـعام 1881، ففي عام 1876 بعد إصدار الدستور عملت تركيا جهدها في محاولة منها لتظهر لأوروبا أنها ترقّت، فسمحت لبعض اليهود بالهجرة لفلسطين، متابعاً أنه بعام 1881 أرسل وجهاء مدينة القدس التماساً للباب العالي يطلبون منه وقف الهجرة اليهودية.
وأشار أبو عودة إلى هذا الوعي المبكر قد تمثل بما كتبه شخص لبناني في العام 1905 يدعى نجيب عازوري كان يعمل بالقدس ثم ذهب لباريس: "بأن هنالك ظاهرتين مهمتين، ذات طبيعة واحدة، ولكنهما متناحرتان وتتحركان في تركيا الآسيوية هما يقظة الأمة العربية والجهد اليهودي الجاد لإقامة مملكة اليهود القديمة على نطاق واسع وجب التنبه لهما، وأن هاتين الحركتين ستتصادمان بشكل متقطع حتى تهزم إحداهما الأخرى، وبناء على النتيجة النهائية لهذا الصراع لهذين الشعبين بمبادئهما المتناقضة سيعتمد مصير العالم بأجمعه"، مؤكداً أن الوعي على الخطر الصهيوني لم يصاحبه وعي على الاستراتيجية الصهيونية.
أما بخصوص صفقة القرن وخطة سلام ترمب، أكد أبو عودة أنه من المعروف أن كلام ترمب هو نفسه كلام الليكود، مشيراً إلى أنه عندما ظهر على التلفاز أعلن عن الحدث بأنه مؤتمر، ولكنه بالحقيقة كان احتفالاً، وبرأي أبو عودة أن هذا يعدّ انجازاً صهيونياً جديداً، ومرده فشل العرب في إدارة السلام، وجهل القيادات بالاستراتيجية الصهيونية، فهم لم يدركوا أن الإستراتيجية الصهيونية تقوم على التسلل الناعم لبناء الأمر الواقع بجزء من دنيا العرب ثم شرعنته، كما لم يدرك العرب أن الحركة الصهيونية صبورة، وبالتالي اعتمدوا على المعيار الكمي البدائي وليس النوعي.
وأضاف أن الجيش الأردني هو الذي أنقذ القدس، ولذلك اليهود لا يحبون ارتباط الأردن بالقضية الفلسطينية.
ورأى أبو عودة أن العرب غفلوا في تعاملهم مع الصهيونية عن سلاحي إسرائيل الحادين المال والإعلام، فالكلمة عند العربي تساوي الفعل وهي عيب ثقافي أصيل ببنيتنا الذهنية، فحينما يقول العرب أنهم متحدون بمواجهة إسرائيل يظنون أنهم توحدوا وهم بنفس الوقت اشتات.
وقال إن الصهيونية لم يكن يعرفها العرب تقوم على ركيزتين، الأولى الأرض وقد أمّنتها عام 67 والثانية السكان، وبحسب الصهيونية سكان فلسطين سيكونون يهوداً فقط.
وأشار أبو عودة إلى قول ترمب من أنه يريد أن يدخل أهل المثلث بالدويلة التي اقترحوها، مستذكراً أنه في عام 1948 عندما تم وقف إطلاق النار أصبح هناك ضغط على الأردن وأصبحوا يجمعوا قواتهم حول القدس لإخراج الملك عبد الله الأول من هناك فخيروه بين أن يترك المثلث أو يترك القدس فآثر الملك عبد الله الأول المحافظة على القدس.
ووصف أبو عودة الموقف العربي من الحركة الصهيونية وإسرائيل فكرياً منذ عام 1948 حتى 2020 بـ"السيرورة التراجعية"، ففي العام 1947 عرضت الامم المتحدة علينا 46% من أرض فلسطين ورفضنا ذلك، وفي العام 1967 هزمنا بالحرب الثانية وقبلنا بـ22% بالذي بقي من أرض فلسطين ورفضتها سوريا.
وعزا أسباب سيرورة التراجع إلى غياب قيادة فلسطينية كفؤة، ففي العام 1947 كانت القيادة من الطبقة البرجوازية بفلسطين الذين هم ملاك الأراضي والتجار، ثم جئنا لعام 67، وبين الـ48 والـ67 نشأت ظاهرة الانقلابات العسكرية في الوطن العربي، وكل الانقلابات العسكرية لم تتعامل مع القضية الفلسطينية إلا بأن تمنح المنقلب غير الشرعي شرعية.
وتابع أبو عودة أنه بسبب نكبة فلسطين بعام 48 تابعنا السياسة العالمية، ودخل العالم بعد العام 1945 حقبة تصفية الاستعمار، والتي أسماها العالم العربي التحرر الوطني، فالثورة الجزائرية والثورة الفيتنامية كانتا بعام 54، ثورة كاسترو 56، الأمر الذي أنتج عندنا قناعة بأن فلسطين لا يحررها إلا حرب عصابات، وجاءت هزيمة الجيوش العربية في الـ67، فنشأت حرب العصابات، ولذلك رحّب الناس بالعمل الفدائي (حرب العصابات) على اعتبار ان هذه الحرب ستعيد لنا كرامتنا المهدورة.
وأضاف أن العمل الفدائي فشل، ولم يكونون يدركون نجاح حرب العصابات يتطلب قيادة واحدة وأن تقوم العمليات بأرض الاحتلال، وهذا لم يحصل مع الفدائيين.
وأضاف إلى أنه من نتائج عام 1974 التي شهدت قرار قمة الرباط بان منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد ما تقبل به منظمة التحرير،أن تحولت القضية الفلسطينية من قضية قومية أمام عدو قومي يدعى الصهيونية إلى قضية الفلسطينيين، مشيراً إلى ما قاله نتانياهو: "لقد انتهينا من القومية العربية وسننتهي من القومية الفارسية."
ونوّه لقد بعثنا وفداً فلسطينياً أردنياً مشتركاً للدول في مجلس الأمن واحد في لندن والآخر في فرنسا، وقد رفض الاتحاد السوفياتي استقباله.
وأكد أبو عودة أنه حتى نتجنب أن تكون لسيرورة التراجع محطة جديدة، فإن على المنظمة أن تبادر وعلينا نحن العرب وضع منطلق لسيرورة الصعود، وتدشين هذه السيرورة يقع على عاتق الفلسطينيين، مضيفاً وعليه حتى يعملوا بشكل صحيح فإن عليهم أن ينطلقوا من النقد الذاتي إلى وضع رؤية جديدة تقوم على استراتيجية جديدة، وعلى المراهنين على أوسلو وشركاء صنعها أن يوضّحوا لشعبهم أين أخطأوا، وما هي فرضياتهم الخاطئة وكيف اكتشفوها.
وتابع: وإذا فعلوا ذلك فإن نقدهم الذاتي يكون بمثابة التكفير عن أخطاءهم وما أدت إليه من تراجع. وعلى فلسطينيي حماس وفتح إنهاء الانقسام وإلا سيسجل التاريخ أنهم شركاء في الجريمة، مؤكداً أنه لا بد من نشوء قيادة جديدة شابة تستفيد من أخطاء القيادة السابقة وأن لا تتشكل القيادة من فصائل، وبالتالي ستكون المهمة الأولى للقيادة الجديدة العمل على تثبيت الشعب الفلسطيني في وطنه تحت الاحتلال من خلال العمل في الداخل وعلى الصعيدين العربي والفلسطيني والعالمي في الخارج.
وقال أبو عودة إن ميدان الصراع منذ بدأ بين الصهيونية والعرب والفلسطينيين كان في فلسطين وجوارها، وكانت نتيجة هذا الصراع الفشل وحينما اخترنا أميركا حلبة للصراع فشلنا كون أميركا هي حامية إسرائيل.
ورأى أن الميدان الذي علينا اختياره بهذه الفترة هو الميدان الدولي وبخاصة في الدول الديمقراطية مثل أوروبا على أمل أن نعيد القضية بعد ذلك ثانية للامم المتحدة لبعث الحياة فيها بعد أن أودى بها الرئيس ترمب، وكذلك على القيادة الفلسطينية ان تنشط بإيقاظ فلسطين في الوجدان العربي، بمعنى عودة القضية لإطارها الصحيح الذي أنهاه السادات عام 74 وأشار إليه نتانياهو.
وقال أبو عودة بالنظر للواقع الدولي بعد الحرب الباردة في عام 1991 فإن المجتمع الأوروبي وأعني الدول الديمقراطية، حيث توجد أحزاب وسياسيين يحرصون على انتخاب أنفسهم للعودة للحكم وليس حاكم للأبد، فالقوى الشابة أو الليبرالية اليسارية في أوروبا تحولت بعد فشل النموذج الاشتراكي السوفياتي إلى التمسك بما يسمى القيم العالمية (الحرية وتقرير المصير والكرامة).
وفي هذا الصدد، ذكّر أبوعودة بحركة الـBDS، وهي حركة طلابية شبابية من الفلسطينيين والعرب في الدول الغربية وجدوا ان الحديث عن المآسي الفلسطينية والظلم الإسرائيلي يلاقي هوى واستجابة من زملائهم الطلاب ومنهم بعض الطلاب اليهود، وقال :"أتكلم عن الجيل الشاب، الذين نجحوا لدرجة أن إسرائيل أضافت لسفرائهم في الخارج موظفاً إضافيا مهمته متابعة الـ BDS واليهود الذين ينتمون لهذه الحركة".
في المحصلة، ختم أبوعودة كلامه بالتأكيد على أن صفقة القرن "قد وضعت لترفض، وحينها سيقول الرئيس ترمب وإسرائيل أن الفلسطينيين هم الذين رفضوا السلام. وهكذا يتوفر لإسرائيل الوقت لمتابعة بناء المستوطنات وإسكان المستوطنين في الضفة الغربية، وهي نفس الفكرة التي نشأت، أي فكرة منح الوقت للتسلل الناعم لبناء الأمر الواقع، وهو ما يذكرنا كيف حوّل قرار الرباط 1974 الضفة الغربية من أرض أردنية محتلة إلى أرض متنازع عليها".
المومني يقترح صفقة 2
من جهته، قال وزير الإعلام الأسبق وأستاذ العلوم السياسية د.محمد المومني إننا أمام حدث كبير وهو أحد انتصارات الصهيونية، الذي يجب التعامل معه بطريقة متوازنة.
ورأى المومني، أن الصفقة التي أعلنت "عبارة عن تصور ورؤية كما قال عنها ترمب لأحد أطراف النزاع وليست صفقة تم التوافق عليها بين طرفي النزاع"، مضيفاً أنه "بالخوض بتفاصيل هذه الرؤية نجد أن مقتلها الأساسي والعميق والذي جعل لا أحد يقبلها هو موضوع القدس، ففي سنة 2000 اقترب عرفات وإيهود باراك من سلام تاريخي وصف في ذلك الوقت بأنهم كانوا على بعد شعرة، لكن ما جعل المفاوضات تنهار في ذلك الوقت هو موضوع القدس، وبالتحديد الـ 144 دونما تمثل الحرم القدسي الشريف، بحيث تم التوافق على أن تكون القدس الشرقية تحت السيادة الفلسطينية والقدس الغربية تحت السيادة الإسرائيلية، أما بالنسبة للمدينة القديمة والتي فيها 3 أحياء -اليهودي والمسيحي والمسلم- كان الاتفاق على أن السيادة على الحي الإسلامي والحي المسيحي للفلسطينيين، والحي اليهودي لإسرائيل.
تابع المومني قوله أن "موضوع الـ 144 دونما من القدس كان العرض الإسرائيلي يتمثل بـ(ما على الأرض وما فوقها تحت السيادة الفلسطينية وما هو في باطن الأرض تحت السيادة الإسرائيلية) والمقصود به الهيكل، مضيفاً أنه هنا انهارت المفاوضات ولم يوافق عرفات .
وأشار إلى أننا الآن نتحدث عن صفقة القدس القديمة، وهي خارج القصة، عازياً ذلك لأسباب منها، أننا في موسم انتخابي إسرائيلي وأميركي لنتانياهو وترمب.
رأى المومني أن الضعف العربي الشديد الذي من أبرز مؤشراته نقل السفارة للقدس هو ما جعل إدارة ترمب تأتي بهذه الصفقة الأحادية التي تمثل وجهة نظر واحدة، واصفاً ردة الفعل العربي لنقل السفارة إلى القدس بـ"المهين"، مشيراً إلى ما قاله ديفيد شنكر مسؤول ملف الشرق الأوسط بوزارة الخارجية (توقعنا أن تقع السماء، فلم تقع السماء، وووجهنا بالتثاؤب)".
وقال إن ردة الفعل العربي بنقل السفارة كان مهيناً، كما أن ردة الفعل الحالية ليست على المستوى المطلوب، مشيراً إلى أننا نتعامل مع إدارة شعبوية، فترمب رئيس شعبوي، فكانت ردة الفعل نوعين: النوع الأول رافضة ومثلها الرئيس الفلسطيني، والنوع الثاني ردة الفعل العربي التي كان يمكن للغة أن تكون أقوى برفض ما تم تقديمه في بيان جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي، حيث كان يمكن أن يكون بلغة تخاطب العالم ولكنها تؤكد بوضوح على أحادية هذا الطرح".
وأضاف المومني أن نتيجة ردة الفعل هذه، رفض الفلسطينيون كل شيء، وهذا كلام خطير، فبناء على ذلك لا بد من تقديم طرح بديل على شكل (صفقة 2) من طرف الجانب الفلسطيني مدعوماً عربيا، فإذا كان ترمب قدم 80 صفحة، فيجب على السلطة الوطنية الفلسطينية بخطاب أبو مازن توزيع خطة من 80 صفحة أيضاً تفند (صفقة 1)".
وعلى صعيد ذي صلة، أكد المومني أن اللغة التي وردت عن دور الأردن والملك عبد الله الثاني كوصي، كانت لغة ضعيفة وغير مقبولة، فترمب لم يقل وصاية، بل قال سنتعاون مع ملك الأردن من أجل حرية عبادة المسلمين، فاللغة مختلفة وهي تقلقني، فهو لا يتكلم عن وصاية تاريخية أو عن دور هاشمي تاريخي أو عن أوقاف القدس التي تدار من وزارة الأوقاف الأردنية ورواتب 1500 موظف تدفعها الحكومة الأردنية".
بريزات يدعو لإصلاح سياسي فعلي وحقيقي
وفي مداخلة له رأى المفوض العام للمركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان د. موسى بريزات أن هذه الصفقة هي محصلة لواقع أردني فلسطيني عربي دولي، ولذلك يجب أن يكون الرد على مستوىً عالٍ وسريع.
وقال إن "الأردن على وشك الدخول في نطاق الإطار الخطر للحركة الصهيونية، متسائلاً: كيف يمكن أن نمنع أو نحول دون أن يدخل الأردن أو أن يشعر بإطار المجال الحيوي للمخطط الصهيوني؟".
وأشار بريزات إلى الربط الوظيفي الذي يتم مع إسرائيل سواء بموضوع الغاز، أو التنسيق الأمني والتطبيع الشعبي، داعيا قراءته بعمق وموضوعية".
وقال إنه "لا وجود لإتفاق أردني-على الأقل في المجتمع الأردني-على أن الصهيونية تشكل خطراً على الأردن، رغم أن الصهيونية تخطط لاستيعاب الأردن وبناء المشروع الصهيوني العالمي بالمنطقة".
وأكد أن الأردن يعاني من إشكالية كيفية تقييم مدى الخطر الصهيوني عليه، ومعالجة هذا الخطر الذي يتم بشكل ناعم، عبر التسلل الناعم للأردن، داعياً إلى وجوب الرد عليه ضمن خطوات موضوعية عبر تمكين الجبهة الداخلية بكل المعطيات وتحريم الشروخات، بإصلاح سياسي فعلي وحقيقي بمؤسسات تمثيلية لتقف أمام الآتي الأميركي والصهيوني.
كما أكد بريزات على وجوب تصفية العلاقات الأردنية-الفلسطينية من الشوائب وهو أمر غير مستحيل، وأن يكون لنا دور بفرض توجه بطريقة إيجابية على الساحة الفلسطينية، بحيث يتم إخراج نهج أوسلو من الساحة.
ودعا الأردن إلى عدم السماح للصهيونية والمخطط الصهيوني باختراقه كما فعلوا بفلسطين، بحيث نصل إلى قرار داخلي مفاده أن الصهيونية تشكل خطراً على الأردن، ويجب علينا حمايته منها، داعياً أيضاً إلى وجوب إيجاد قناعة وجدانية على كل المستويات لهذا التهديد الصهيوني، مع التقييم الحقيقي لهذا التهديد، ومن هنا تنطلق ردود الفعل تجاهنا، ومقابل ذلك معرفة كيفية مواجهة هذه الردود وإعادة تكييف موقفنا مع الولايات المتحدة الأميركية وتمكين الشعب الأردني ديمقراطيا ليستطيع تقديم الدعم لصانع القرار ومقاوم الضغوطات.
وأكد بريزات أن الخلافات العربية-العربية هي التي أنجحت الحركة الصهيونية، مضيفاً أنه إذا أردنا أن يكون لنا رد فعل قوي، لا بد من تمكين الجبهة الداخلية، والتطبيع بالحد الأدنى مع إسرائيل، وإيجاد التوافق الوطني الأردني على هذه الأمور، وإعادة النظر في مشاريع الربط الوظيفي مع إسرائيل من أساسها.
كما أكد على ضرورة العمل على إعادة القضية الفلسطينية للواجهة، وتمكين الأردنيين والفلسطينيين نخبويا من خلال دعم إقامة النشاطات الفكرية في المجتمع، والجامعات، واستهداف الطلبة العرب، لإعادة القضية الفلسطينية للوجدان العربي، مضيفاً أن بداية تحرير فلسطين يتم بحماية الأردن من تسلسل الخطر الصهيوني.
ولفت بريزات إلى الدور الأميركي الذي يلعبه بدعم تسلل الصهيونية للأردن، فهي لها دور كبير بإفساح المجال للتغلغل بالمجتمعات العربية بهذه المنطقة عبر وسائل منها الثقافية والاقتصادية، وقال: "نحن هنا لا نغلق الأبواب، ولكن يجب أن نحمي مجتمعنا من التغول الأميركي"، مضيفاً أن الذهاب إلى المجتمع الدولي يتطلب أن ننظر إلى ذاتنا لأن الذي يخلق الخيار الدولي هو الواقع القوي، فإن لم يكن واقعك قوياً فلن ينظر إليك المجتمع الدولي كجهة قوية، مؤكداً أننا مستهدفون من هذه القوى وعلينا أن نتعامل معهم ولا نعمل لهم وذلك لمصلحة الأردن.
القاضي: صفقة الخيال أنكرت المرجعيات
من جهته رأى وزير الداخلية الأسبق نايف القاضي أنه كُتب علينا بالأردن أن نتحمل وزر القضية الفلسطينية من بداياتها، منذ ما يقارب 100 سنة ونتحرك من أجلها، مؤكداً أنه لولا الأردن لم يستمر اسم فلسطين أو اسم القدس، أو يستمر اسم شعب فلسطين على الخريطة.
وقال: "إنه لولا حرب الـ48 والتزام الأردن بالانضمام للضفة الغربية بذلك الوقت أو ما قبلها بعام، لكانت القضية بعالم النسيان ولم يأتي أحد بسيرتها، مشيراً إلى أنه قليل من العرب ساهم بدفع الثمن والتضحية للقضية الفلسطينية، في حين أننا كأردنيين أكثر الشعوب العربية التي سال دمها من أجل القدس وعلى أسوارها وبكل مكان في فلسطين وحدودنا مع إسرائيل".
ورأى القاضي أننا اليوم أمام مأساة جديدة لأن اكبر دولة بالعالم نرى رئيسها وكادره وإدارته تقف أمامنا وكأننا أمام عدو لا يسمع منا ولا يفتح آذانه لأي مطلب أو حق لنا، فالصفقة التي أعلن عنها تعدّ صفقة الخيال، لأن الطرف الأساسي بهذه الصفقة غير موجود بتداعيات هذه القضية والتي نتحمل تبعاتها بالمستقبل نحن والأجيال القادمة.
وأشار إلى أن الاحتفال الذي رأيناه على التلفاز وقاده ترمب ونتانياهو الذي كان يصفق له بحرارة لم يكن لدينا علم بتفاصيله، مؤكداً أننا بالأردن نقف إلى جانب إخوتنا الفلسطينيين، لافتاً إلى أنهم في هذه الصفقة أغفلوا أشياء كثيرة، فقد أغفلوا أي مرجعية لهذه الخطة الخيالية التي قام عليها، وأنكروا القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، كما أنكروا اتفاق أوسلو الذي أعلنه الفلسطينيون مع الإسرائيليين وكأنه لم يكن، وكنا نسمع من ترمب غزل منقطع النظير لإسرائيل ولوجودها وكيفية حمايتها دون أي ذكر للأردن إلا بكلمة وردت على لسان ترمب بمدح جلالة الملك تتعلق بالأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في القدس.
وشدّد القاضي على أن حماية المقدسات للهاشميين إرث تاريخي، ومعروف للعالم، ومنذ البدايات وأخوتنا الفلسطينيون لم يشككوا بهذا، والعرب والمسلمون اتفقوا عليه، ونحن مستمرون به، وهذا ما اتفق عليه الوفد الأردني الذي ساهم بالتفاوض مع الإسرائيليين حول الحدود وقبل إدراجه على قائمة الأجندة المشتركة أثناء المفاوضات، مضيفاً أننا امتنعنا عن الحديث عن أي حدود تتعلق بين إسرائيل والفلسطينيين وبيننا، خاصة بالمنطقة التي أعلن نتانياهو، مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت مناطق يجب أن تضم للسيادة الإسرائيلية وان تلغى الحدود بين الأردن وفلسطين.
وقال إن "هناك تجاهلا كاملا لذكر الأردن، فهناك اتفاقية سلام بيننا وبين إسرائيل، الأمر الذي يعدّ خرقاً واضحاً للمعاهدة وتجاهلا مقصوداً لدور الأردن بهذه القضية وتداعياتها".
وأكد القاضي أنه إذا تم التوسع في المستوطنات والاستمرار ببناء مستعمرات جديدة فإنها بنتائجها كلها ستؤثر على الأردن، لأنهم يهدفون من ذلك إلى نزع الفلسطيني من أرضه والإتيان به للأردن، ويحل محله يهود من بقاع العالم، وكأنهم يتعاملون مع ناس جهلة لا يوجد لديهم علم بالتاريخ، مستغرباً أننا لم نر جملة رفض مباشرة واحدة قالها مندوب عربي بالجامعة العربية لما حدث، كما لم يقل أحد أن هذا ضد المصالح العربية والإسلامية، ولم يأتي أحد على ذكر المستوطنات.
ورأى أن هناك خللا بالموقف العربي تجاه هذا الموضوع، وأن الفلسطينيين هم السبب الأساسي بهذا بسبب التفرقة التي يعانون منها والحرب ضد بعضهم البعض.
وقال: "إنني متفائل بالموقف الأردني قيادة وشعباً، وما يهمنا هو أن نكون معاً وأن نلتف خلف القيادة الهاشمية، وأن ننسق مع الفلسطينيين داعين إياهم لوجوب أن يحدث تغيير كبير بأسلوبهم وتصرفهم تجاه هذا الموضوع"، داعياً إلى اجتماع عربي، وإلى وحدة فلسطينية، وعربية وإسلامية، وهذا كله يجب أن يكرس كدعم للفلسطينيين بهذا الظرف الذي نشعر عن بعد أنه سيء جداً.
أبو راشد يطالب بمراجعة اتفاقية السلام مع الإسرئيليين
بدوره قال مدير مركز عمان للسلام والتنمية اللواء المتقاعد منصور أبو راشد إن الإدارة الأميركية تجاهلت الأردن بشكل واضح منذ بدء ولاية ترمب حتى الآن، وما جعل ترمب والإدارة الإسرائيلية يخرجان بهذه الصفقة..هو الضعف العربي الذي نعيشه.
ووصف الرئيس الأميركي بأنه رجل عشوائي، ولا يوجد عنده عمق تفكير بالكلام الذي يتحدث به، مشيراً إلى أننا أمام رئيس مقبل على انتخابات رئاسية جديدة، ويبحث عن الشعبوية التي تأتي من إرضاء المسيحيين المتصهينين بأميركا ومن الجالية اليهودية الموجودة بأميركا وأوروبا.
وقال أبو راشد إن الفلسطينيين لم يعدوا أنفسهم بتاتاً لهذه المبادرة واكتفوا بالتنسيق الأمني فقط، لافتا إلى أن الإسرائيليين عندما بنوا الجدار كانوا يعدونه حدود الدولة بين إسرائيل وفلسطين، مضيفاً أنهم تجاوزوا الجدار، والجميع يعلم أن الأردن هو البلد الوحيد الذي ذهب للمحاكم الدولية، وبيّن أن هذا الجدار غير شرعي وأيدته المحكمة الدولية.
ورأى أبو راشد أن ما حدث بواشنطن هدفه الحصول على الأصوات بالانتخابات المقبلة، فترمب يسعى إلى انتخابات مرحلة جديدة من الانتخابات، ونتانياهو يريد أن ينفذ من محاكمته التي تودي به إلى السجن، متسائلاً: هل المجتمع الإسرائيلي موافق على الصفقة بصرف النظر عن حلمه الصهيوني واليهودي؟".
وأشار إلى أن هناك أشخاصا بالمجتمع الإسرائيلي الذي يُعرف بالديمقراطية والتعايش يتحدثون ويقولون أن هذه الصفقة لا تؤدي إلى حسن الجوار، فمثلاً هم بعد 20 أو 30 سنة قد يكونوا أحكموا سيطرتهم على كل فلسطين ولكنهم لا يعلمون أن العالم العربي يتغير، مثلاً تونس التي اعتبرت التطبيع خيانة ولا يستطيعون دخولها حتى بالتأشيرة والشباب العربي يرفض أي موضوع له صلة بالاستعمار الإسرائيلي.
بالنسبة للاستعمار الإسرائيلي في المنطقة وما هو الموقف الجديد، فقال أبو راشد إن بيني غانتس المرشح الآخر زار واشنطن واجتمع مع ترمب لكن الاجتماع كان باهتاً، ورفض أن يأخذ المبادرة واشترط أنه إذا نجح فلن يطبق المبادرة مع أنه صهيوني واستيطاني لكنه يشعر أن الحياة بالمستقبل ستتغيير، فالعالم العربي سيتغير، وبالتالي عليهم أن يعملوا سلاماً عادلاً وشاملاً مع الفلسطينيين والمنطقة العربية المحيطة بهم.
وبرأي أبو راشد أن غانتس إذا نجح سيكون هناك بعض التغيير مع الفلسطينيين بتغيير شيء من مبادرة ترمب.
أما بخصوص موضوع القرى في منطقة المثلث، فقال أبو راشد إن هذا الأمر يعدّ حلم ليبرمان السعيد بما ورد باتفاقية ترمب حول منطقة المثلث التي يوجد فيها 350 ألف فلسطيني، هؤلاء برقعة صغيرة يستطيعون ضمهم إلى السلطة.
وقال أبو راشد إن الوصاية الهاشمية للأردن ستكون فقط على الحرم القدسي الشريف، لافتاً إلى أن أبو مازن صرح مؤكداً أن جلالة الملك هو الوصي الشرعي على القدس، ولكن هذا الكلام لا يعترف به بالعالم.
وبخصوص ضم غور الأردن لإسرائيل، أوضح أبو راشد أنه قبل فترة بسيطة لم يكن هنالك أي تفكير بهذا الأمر، مضيفاً أنه بعد زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون العام الماضي ورئيس مجلس الأمن القومي الروسي إلى إسرائيل وبقاؤهم أسبوعا، صرح ترمب بعدها أن الجولان ستضمها إسرائيل بعد أن اعترف بحساسيتها وموقعها الجغرافي بالنسبة لأمن إسرائيل.
وأضاف أننا لو رجعنا للانتخابات الاسرائيلية التي لم يستطع نتانياهو خلالها تشكيل الوزارة ، أعلن ترمب حينها عن ضم الجولان لإسرائيل وتسليم جثث الإسرائيليين التي كانت بسوريا، قبل 20-30 عاما فأكثر، ليلة الانتخابات، لافتاً إلى أنه الآن بوتن يعيد نفس الكرة، قبل الإعلان عن الصفقة أو بعدها أخلى سبيل الإسرائيلية الأميركية المحجوزة وأعطاها هدية ما يصب في صالح نتانياهو في الانتخابات القادمة في آذار2020.
وتابع قائلا: "حول عودتنا إلى غور الأردن، فنحن الآن باتفاقياتنا التي وقعناها بالنسبة للحدود لم نحدد حدود الضفة الغربية كحدود دولية مع الأردن وتركناها لمباحثات المرحلة النهائية، ليحددها الطرفان"، مشيراً إلى أنه عندما تم بناء جسر الملك حسين تساءل الجميع، من يملك جسر الملك حسين من الجهة الغربية، بينما في الجهة الشرقية المعروف هو الأردن، لذلك بقي الجسر معطلاً خمس عقب بنائه، حتى انتهى الرأي إلى ترك الجهة الغربية للجسر لتحديدها لاحقا".
وأضاف: "في الصفقة، هذه الحدود الآن خرق الإسرائيليون بندا مهما من معاهدة السلام، وهو البند التاسع المتعلق بالحدود مع الأردن".
وتساءل: هل يفكر الأردن بإعادة النظر باتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية نتيجة خرق هذا البند وبنود أخرى بالصفقة الجديدة، وهل حان الوقت لنا في الأردن أن نعيد التفكير بالاتفاقية الأردنية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المحللين بالأردن يعتقدون أن هنالك بعض الفقرات في بعض المواد لم يأخذ الأردن حقه كاملاً فيها، ولذلك طالب أبو راشد بمراجعة الاتفاقية وتحصين الأردن.
وأكد أبو راشد أن أفضل خطوة هي لجوء الفلسطينيين للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، متسائلاً في الوقت نفسه: من يتحمل عبء اللاجئين؟، فالجميع يعرف أن في الاردن ملايين من اللاجئين الفلسطينيين عدا عن السوريين والليبيين واليمنيين، فقد أصبح الأردن مجمّعاً للاجئين.
وقال أبو راشد إننا إذا نظرنا إلى الخارطة نجد أن عيش الفلسطينيين في هذا الكيان الذي سيكون موجوداً صعب جداً، لذلك لا بد لهؤلاء الناس أن يفكروا بموضوع العيش اليومي، فأين المجال الذي سيذهبون به، بالتالي لا يوجد لديهم حل إلا أن يتوجهوا نحو الشرق أي للأردن، مشيراً إلى أن سياسة الجسور المفتوحة متاحة منذ العام 1967 لغاية الآن، حيث يعبر هذا الجسر أكثر من مليون و800 ألف شخص، وهؤلاء الناس يمكن أن يدخلوا بسهولة للأردن، كما أن هناك أشخاصاً ما يزالون يحملون جواز سفر أردني، وهؤلاء يمكن أن يعودوا للأردن بأية لحظة، متسائلاً: فما موقف الأردن من هذا الأمر؟، هل يغلق الجسور أمامهم، حتى يحافظ على التعداد الأكثر بغرب النهر؟، أو لا يتحمل هذا العبء الكبير من الفلسطينيين؟، وهل هذا يمكن أن يؤدي لأن يكون الأردن وطناً بديلاً؟.
وقال إنه بحسب الخارطة المرفقة بصفقة القرن، سيكون هناك ثلاث نقاط إستراتيجية، واحدة جنوب الخليل يتواجد فيها لواء مدرع مجحفل كامل، ونقطة ثانية عند كفر مالك في رام الله للسيطرة على غور الأردن، والثالثة تقع جهة شمال طوباس التي تشرف على غور الأردن الشمالي، حيث سنجد في الخارطة طريقين واصلين: الأول من شمال فلسطين يصل إلى جسر داميا، والثاني من رام الله باتجاه جسر الملك حسين، علما أن جسر داميا أغلق من قبل إسرائيل، وطالب الملك عبدالله الثاني نتانياهو بفتح هذا الجسر أمام حركة المسافرين والشحن التجاري، مبينا أبو راشد أنه بحسب الصفقة أعطى الإسرائيليون للفلسطينيين بعض الأراضي في جنوب غزة.
وشدّد أبو راشد أن على الأردن إعادة ترتيب نفسه داخلياً وعربياً بشكل جيد، وأن يستخدم الأوراق التي يملكها كالموقع الاستراتيجي وحدوده الغربية الطويلة، وأن يشعر الأميركيون بذلك، مضيفاً أن الإسرائيليين يعرفون أن الأردن مفتاح الاستقرار في فلسطين وفي إسرائيل بشكل كبير، وبالتالي على الجميع في الأردن مسؤولية كبيرة، فعلى الجميع أن يتكاتفوا ويظهروا أننا سند قوي للفلسطينيين، فما يحدث في فلسطين سيؤثر مستقبلاً على الأردن.
أبو جابر يدعو إلى العمل على وحدة الفلسطينيين
قال وزير الخارجية السابق وأستاذ العلوم السياسية د.كامل أبو جابر إن حرب الـ 48 لم تنتهي، فقد أخذت أشكالاً مختلفةً عبر التاريخ، مشيراً إلى أن احتفال نتانياهو مع ترمب هو بمثابة نكبة ثانية بعد 48.
وأضاف أن الصراع على فلسطين هو صراع تاريخي منذ فجر الإسلام في القرن السابع والثامن والتاسع والعاشر والحروب الصليبية وليس من اليوم، وإسرائيل تعدّ جزءًا من المخطط الغربي للسيطرة على فلسطين.
وأشار أبو جابر إلى أننا لم نحكم أنفسنا إطلاقا منذ أيام الحروب الصليبية، وبعدها هولاكو ومن ثم الأتراك، وقد خرج القرار من يد العرب منذ حرب الـ 67.
ورأى أن صفقة القرن إلى حد ما أعادت القضية لحضن الأردن وفلسطين، لذلك الوضع الراهن غير مقبول وحان الوقت للتفكير بسياسات أخرى أو بأسلوب آخر، ولا بد من إحياء الأمل بالشعوب، فالميزان العلمي والعسكري كان وما زال لصالح إسرائيل.
وأكد أبو جابر أننا نعيش بعالم تضع قواعده الأرض، مضيفاً أننا نتكلم من منطلق القانون وهم يتكلمون بمنطق القوة، حيث أن كل قرارات هيئة الأمم المتحدة نسفها ترمب وكأنه لا قيمة لها، فالعام الغربي هو من يصنع ويضع القواعد، متسائلاً: ما العمل؟، وما الذي يتوجب على الأردن أن يفعله.
ورأى أنه لابد من العمل على وحدة الفلسطينيين بشكل جدي وفاعل، ومن ثم وحدة العمل الأردني والفلسطيني، إذ إن فلسطين لوحدها ضعيفة، ونحن لوحدنا ضعفاء، لافتاً إلى أننا إن جمعنا القوتين مع بعضهما نصبح قوة هائلة ضد إسرائيل.
وقال أبو جابر إن اليمين الإسرائيلي متضايق من الأردن، لذلك يجب على الأردن الآن أن يعمل على حكومة وحدة وطنية، فهناك دور كبير لكل من فلسطين والأردن من ناحية الأمن والاقتصاد والقدس.
الشناق: معركتنا الحقيقة في تثبيت من تبقى من الفلسطينيين
بدوره، أكد الأمين العام للحزب الوطني الدستوري د.أحمد الشناق أن هذه الصفقة جاءت في مرحلة تحولات تاريخية بنظام عالمي جديد تنفرد به أحادية القطبية، وبرأيه أن قضية الشرعية الدولية والقانون الدولي كان الحديث به سائداً بزمن ثنائية القطبية وبوجود التوازن الدولي بالموقف الدولي، أما الآن فقد زال هذا المصطلح مع زوال التوازن بالموقف الدولي بثنائية القطبية وأصبحت أميركا هي من تقرر.
ورأى أننا أمام شرق أوسط جديد يعاد صياغته، فجميع الدول في الإقليم ليست مشروعا قوميا أو إسلاميا، فكل الدول بإقليم وهذا ما يجري ترتيبه وفق ما تقرره أحادية القطبية.
وحول ما يتعلق بالأردن والواقع العربي، قال الشناق إن الأردن يعيش جغرافيا مغلقة تعيش على حدوده دول عالمية وإقليمية: روسيا، أميركا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيران، وتركيا، فالأردن أصبحت حدوده ليست مع دول عربية شقيقة وإنما مع دول عالمية وإقليمية، مضيفاً أننا غير قابلين للاعتراف بالهزيمة، فنحن أمة مهزومة.
وأضاف أن الإخوة الفلسطينيين بالخطاب التقليدي يريدون دولة جاهزة بحدود دولية وعاصمتها القدس الشرقية وتعطيها إسرائيل وأميركا، وهذا حديث خرافة، وبرأيه أن الفلسطينيين يتحملون ما وصلنا إليه بالقضية الفلسطينية علاوة على الهزائم العربية.
وحول تصفية القضية، قال الشناق إن حماس مصنفة بقائمة الإرهاب والعالم يرفض الإرهاب، والخطاب التقليدي لحركة فتح أنهم لا يريدون السلام وبالتالي يقدمون أنفسهم للعالم أنهم ضد السلام.
وقال إن المشروع الصهيوني قائم على فكرة الاستيطان الذي بدأ بالـ 48 وانتهى بدولة، واعترفت منظمة التحرير، وليس العرب بهذه الدولة، ومن ثم جاءت الضفة الغربية على وقع مشروع الاستيطان، مضيفاً أن العقل الصهيوني لا يقوم على فكرة جغرافية يريد منها دولة، بل يقوم على فكرة دولة يهودية ولا يمكن أن تقوم إلا بيهودا والسامرة.
ورأى الشناق أن القضية الفلسطينية للأسف الشديد يتم تناولها حتى اللحظة وفق الخطاب التقليدي العربي، وتحديداً الأردني الفلسطيني، في حين أن التحالف الذي يقود محاولة رسم الخرائط هو تحالف ديني تاريخي.
وأضاف أن الحرب العالمية الأولى والثانية كانتا تحالفا بروتستانتيا أرثوذكسيا ضد الكاثوليك في أوروبا والعالم، وترمب والإدارة الأميركية ذاهبون لحل تاريخي ديني، ونحن نتعامل مع الأمر بمعطى سياسي، فلديهم اعتقاد ديني إنه إذا كانت فلسطين دولة يهودية، فلعل وعسى يدخل اليهود بالديانة المسيحية، وهذا في صميم العقيدة الموجودة لديهم، مشيراً إلى أن هذا الأمر ليس متعلقاً بترمب الذي جاء وفق عقيدة دينية سياسية عالمية، فهو يمثل هذه الفئة التي يصل عددها 65 مليون في أميركا وأوروبا الغربية، وهدفها إعادة صياغة المنطقة الجغرافية وفق منظور ديني والعراق كان أساساً في ذلك، "فهو (ترمب) ليس خبلا وإنما شخص منتخب، ويقود أميركا وفق مؤسسات استراتيجية دينية وسياسية".
وأكد الشناق أن المعركة الحقيقية تتمثل في كيفية تثبيت من تبقى من الفلسطينيين على أرض فلسطين، لذلك يجب على قواعد اللعبة أن تتغير أردنياً وفلسطينياً، وأن لا يخرج الفلسطينيون على أنهم رافضون للسلام، مشيراً إلى أن حماس والجهاد بتعريفهما العالمي أصبحتا منظمتين إرهابيتين، وبالتالي فلسطين يحكمها الإرهاب، وبرأيه أنه حتى يبقى هنالك روح للقضية الفلسطينية يجب فصل المسارين الأردني والفلسطيني عن بعضهما البعض.
ودعا إلى وجوب أن يكون هناك مسار للمملكة الأردنية الهاشمية بمصالحها الوطنية العليا المرتبطة بالسيادة الوطنية لمملكة أردنية هاشمية حتى لا تتحول لأرض متنازع عليها، فبرأيه أن العقل الصهيوني ما زال يفكر أن مشروعه لا يكتمل إلا بضفتي النهر، وأن حده الأدنى أن يكون الأردن الأرضية التي تحقق الأمن الوجودي لإسرائيل.
وأشار الشناق إلى أن كبير مستشاري الرئيس الأميركي جاريد كوشنير أعلن أنه التقى بمعظم القادة والزعماء العرب قبل صياغة الصفقة، الأمر الذي يعني أن هناك موافقات عربية، مضيفاً أن المعركة بيننا وبين الإسرائيليين، فنحن لا يوجد عندنا العقل الاستراتيجي لنقنع المجتمع الإسرائيلي أن يقبل السلام، مؤكداً أنه على يقين أنه لو أعلنت منظمة التحرير قبولها للصفقة لرفضها المجتمع الإسرائيلي.
ورأى أنه لا يمكن تحقيق حماية الأردن إلا ببعض البنود التي جاءت بالصفقة، مضيفاً أن أخطر ما يمكن أن يطرح تحت أي ذريعة كانت هو إعادة النظر باتفاقية وادي عربة، فهي التي جعلت لإسرائيل حدودا شرقية وأوقفت المد التلمودي للوصول لبغداد كجغرافيا وليس كهيمنة.
وأضاف أن هذه الصفقة جعلت لإسرائيل حدودا شرقية بالجغرافيا الأردنية، وهذا مكسب للأمة العربية، فإسرائيل خاصة في هذه المرحلة لا يوجد لديها حدود لتتوقف عندها.
وبحسب الشناق" الصفقة لديها رؤية، وهذا لا يعني أنها أصبحت رؤية ثابتة وملزمة، فهناك العديد من النقاط التي يمكن بالتفاوض المباشر أن نغيرها ونبدلها".
وحول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تساءل الشناق: هل الفلسطينيون شعب له هوية أم مجرد تجمعات سكانية؟، مشيراً إلى أن العقل الصهيوني يريدها أن تكون تجمعات سكانية، ونحن نريد الدولة تحت مسمى الدولة. الدولة يعني الشعب والجغرافيا.
واستدرك:" لكننا نخرج من إطار القضية الفلسطينية إلى إطار قضية الفصائل، فتاريخ القضية الفلسطينية قائم على التنازع الفصائلي وهذا مدخل لنجاح الحركة الصهيونية على أشقائنا بالداخل الفلسطيني".
وتابع أن هناك دولة فلسطينية حتى لو بالمسمى، إذن فهناك شعب فلسطيني، وهذا إقرار أنه لا بد أن يكون له جغرافيا، وبالتالي الصفقة تعطيني مفهوم شعب فلسطيني.
وتساءل الشناق: هل يوجد دولة بالعالم بدون اقتصاد؟، فالاقتصاد عنوان لهوية الدولة الفلسطينية، إذ لا يمكن ان تقوم أي دولة بدون اقتصاد، مشيراً إلى أن هناك ما يقارب المليون من إخواننا الفلسطينيين يدخلون أرض إسرائيل ليعملوا فيها، مؤكداً أنه لا يمكن تثبيت الفلسطيني ببيته إلا إذا كان يملك اقتصادا.
ورأى أن هذه الصفقة حققت وحدة التراب الوطني الفلسطيني بشكل دولة بين غزة والضفة الغربية، وعند إعادة الضفة الغربية مع غزة، إذن هناك هوية ترابية وطنية للشعب الفلسطيني وهذا أمر إيجابي، مضيفاً أن المشروع الصهيوني لا يريد هذا.
وأضاف أن مشكلة غزة أن فيها أعلى نسبة ازدحام سكاني، عندما تعطي منطقتين لتصنيع تكنولوجي ومنطقة زراعية سكنية امتداد الجنوب باتجاه النقب (كما ورد في الصفقة)، فبرأيه أن هذا تعزيز لمفهوم أن يستقر سكان في غزة ويكون فيها صناعة وزراعة وتوسيع للرقعة.
وبرأي الشناق أن الصفقة تشير لدور الأردن وجلالة الملك بالحرم القدسي الشريف، والقدس كعاصمة شرقية للدولة فلسطينية، ووقف الاستيطان وهذه نقاط إيجابية، غير أن ضم الأغوار ستكون مشكلة الأردن مع إسرائيل.
قضماني يحذر من الإغراء الاقتصادي
وفي مداخلة للكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي عصام قضماني أكد "أن الإغراء الاقتصادي بوعود المن والسلوى التي حملتها الصفقة لا تغرينا، إننا بالأردن تعوّدنا على هذه الوعود كانت وبال، بدليل أن سؤالنا عن ثمار السلام عند توقيع اتفاقية وادي عربة لم يتحقق شيء".
وقال "إننا بدأنا نرى أصواتاً داخل الأردن تروج لهذا النوع من المشاريع خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها الأردن حتى تصبح واقعاً مقبولاً، لكن هذه الوعود لن يتحقق منها شيء كما تعودنا".
الشوبكي يدعو لإحياء روح القضية الفلسطينية
في حين قال مدير وحدة الدراسات في مركز (الرأي) هادي الشوبكي لضرورة "إحياء روح القضية الفلسطينية لدى الشباب الأردني والعربي وتبني خطاب رسمي قوي".