الانتخابات النيابية: أصوات تحت المجهر

اعداد : د.خالد الشقران

ركز الرأي للدراسات

10/2007

تحظر المادة 20 من قانون الانتخاب على أي مرشح أن يقدم من خلال قيامه بالدعاية الانتخابية هدايا أو مساعدات أو تبرعات عينية أو نقدية أو غير ذلك من المنافع أو يعد بتقديمها لشخص طبيعي أو معنوي سواء عن طريق تقديمها مباشرة أو بواسطة الغير ، وتنص المادة 47 من قانون الانتخابات أنه من ثبت عليه أي جريمة انتخابية ومن بينها شراء الأصوات فإنه يعاقب مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن سنة، أو بغرامة من 200 دينار ولا تزيد عن 500 دينار".

ورغم تواضع هذه العقوبات والتأكيد على ضرورة تعديلها بحيث تصبح رادعة أكثر لكل من تسول له نفسه مخالفة الأنظمة والقوانين والاستخفاف بحاجات الناس واستغلالها، إلا أن هناك على ما يبدو إصرار وحزم حكومي في مواجهة هذا النوع من الجرائم التي تعد بمثابة جرائم أخلاقية من الدرجة الأولى أكثر من كونها مجرد جرائم مادية عينية، وهنا لا اريد التوقف عند النص القانوني وتشريحه وانما سأتناول الموضوع من زاوية مختلفة تتعلق بكل من المرشح والناخب.

ففيما يتعلق بالمرشحين فإن المرشح الذي يبدأ حملته الانتخابية بالرشوة ومحاولة شراء دعم الناس وأصواتهم لا يستحق ان يكون ممثلاً لشعب هذا البلد الطيب ولا يمكن بأي حال تأمينه على ممارسة المهام النيابية السامية المختلفة ومن اهمها بالطبع ما يتعلق بالرقابة والتشريع، لأن من يقبل على نفسه ولو لمرة واحدة مخالفة القوانين والعادات والقيم الإنسانية والأخلاقية والمباديء الوطنية الاصيلة، بالتأكيد سيسهل عليه بيع قضايا الوطن والمواطن والتستر على الفساد والمفسدين والتستر كذلك على اية أخطاء قد تقع في المستقبل مقابل تمرير مصالح شخصية وإقليمية ضيقة.

أما فيما يتعلق بالناخبين فإنه رغم تأكيدنا على ان هذه الظاهرة -رغم ما يقال عنها – لا زالت تمارس على نطاق ضيق وان غالبية شعبنا الأردني العربي الأصيل لا زالت تستنكر وترفض مثل هذه الممارسات بل وحتى تزدري كل من يقوم بها، إلا أننا بالطبع لا ننكر وجود مثل هذه الظاهرة وانتشارها حتى لو كان على نطاق ضيق، وهذا ما يستدعي ضرورة مواجهتها عبر جهد جماعي حكومي وإعلامي وجماهيري وعشائري منظم ومدروس للحيلولة دون انتشارها بشكل اكبر في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وتدني مستوى الدخل لكثير من الأسر الأردنية الذي قد يغري بعض صغار وضعاف النفوس المتاجرة بحاجات الناس.

بقي ان ننبه كل من يقبل ببيع صوته بأن المرشح الذي يقوم بشراء صوته هو نفسه من سيقول له مستقبلا بأنه غير مجبر على خدمته لانه اشتراه واشترى صوته بثمن بخس وعليه فإنه لا يمكنه مطالبته بتبني قضاياه كمواطن ولا يحق له كذلك تهديده بعدم التصويت له في المرات القادمة، لأنه اعتاد النجاح عن طريق شراء الأصوات لا عن طريق إنجازاته الوطنية والجماهيرية التي هو اضعف من أن يحققها، ورغم كل ذلك فإننا نراهن بأن شعب بحجم وكرامة وشهامة الشعب الأردني وان طال الزمن وصعبت المهمة وكثر ضعاف النفوس، سيتغلب على هذه الظاهرة غير الحضارية ولن يقبل كذلك بمس كرامته مهما كان الثمن.

kshogran@yahoo.com