العراق: بين إشكالية الاحتلال وحق المقاومة وخطر الطائفيه

اعداد : د. خالد الشقران

 

مركز الرأي للدراسات

1/2007

الانباء الوارده من العراق تشير على انه ثمة هناك جهات بعينها تصر وبشكل واضح على ما يبدو على المضي قدما في تأجيج العنف الطائفي الذي لا يرحم كهلا ولا يراعي حرمة لإمرأة ولا يحنو على طفل، ولعل السؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو عن الحال الذي يمكن ان تؤول اليه الاوضاع في العراق والتداعيات التي يمكن ان تتركها.

فالعراق اليوم يشهد ثلاث انواع من "الحركة" واقول الحركة لأن السياسه بما تعنيه من " سياسية امور الناس وادارتها بحكمة على نحو يحققق المصلحة الوطنية والشعبية هي غائبه على الاقل حتى الان عن المشهد العراقي ويبدو انها ستظل غائبة اذا ما استمرت الحكومة وقوى الاحتلال بالسماح للعنف الطائفي - كنتيجه طبيعية ومنطقية للمحاصصة الطائفية - بحصد ارواح الاف المواطنين من طائفة معينة والذي تقوم به بالطبع طائفة اخرى اهتمت بتجنيد مليشياتها وقوات الدولة لتحقيق هذه الغاية.

فهناك حركة المقاومة الوطنية على اختلاف اطيافها التي تعنى بمقاومة الاحتلال، وهناك ايضا حركة قوات الاحتلال التي تواجه العراقيين كل العراقيين الذين يعارضون وجودها بغض النضر عن ولاءاتهم وانتماءاتهم ، وهناك حركة المليشيات الطائفية التي تعنى بتصفيه كل ما هو مخالف لمعتقداتها وتوجهاتها او يمكن ان يشكل عقبة في وجه تحقيق اهدافها المرسومة.

واذا كانت حركة المقاومة تبدو كنتيجة طبيعية وواقعية لوجود الاحتلال وهي حركة مشروعه في كل الاعراف والقوانين الدولية بأعتبار انها تهدف لتحرير الاراضي العراقي من الاحتلال ، وقد سبق للرئيس بوش ان قال " لو كان بلدي محتلا لخرجت لمقاومة الاحتلال" ، واذا كان من مصلحة الاحتلال حتى يتسنى له تحقيق اهدافه المتعلقة بفرض السيطرة والتحكم على اراضي وسيادة العراق ان يثير النعرات الطائفية والعرقية بين ابناء الشعب الواحد، فإن السؤال المطروح هو لمصلحة من تعمل هذه المليشيات خاصة وان ما تقوم به لا يمكن ان يندرج تحت أي مبدأ يمكن ان يصب في النهاية في مصلحة العراق او الشعب العراقي.

وبمفهوم المصالح الذي تحلل بموجبه السياسات الخارجية للدول ويقرأ من خلاله السلوك المتوقع للدول في القضايا المختلفه ، فاذا كانت هذه المليشيات تعتقد انها تقوم بما تقوم به من قتل وتشريد لابناء طائفة معينة في العراق بهدف تمهيد الاجواء لاقامة دولتهم على انقاض العراق الموحد متعدد الاطياف والاعراق، فإنها ربما لا تعي شرور اعمالها خاصة اذا ما علمنا بناء على نتائج تحليل السلوك السياسي للولايات المتحدة بأن الولايات المتحدة لا يمكن ان تقبل بقيام دولة ذات طابع طائفي وهوى فارسي في العراق ، لان ذلك يمكن ان يشكل خطر حقيقي على مصالحها في العراق بشكل خاص والخليج العربي بشكل عام، وبالنتيجة فإنه مهما عملت هذه الملشيات بإخلاص في خدمة قوات الاحتلال فإنه لن يسمح لها بتحقيق ذلك الحلم.

بقي ان نقول إننا سمعنا كثير من الدول العدوه والصديقه للعراق بناءً على احساسها بسخونة وخطورة الاوضاع في العراق، تبدي رأيها بوضوح حول سوء الاوضاع في هذا البلد وسوء مثل هذه الأعمال الطائفية وتحذر من النتائج الكارثية التي يمكن ان تنسحب على المنطقة برمتها اذا استمرت الأوضاع في العراق على ما هي عليه، ولكن الشيء المستغرب هو موقف معظم الدول العربية الذي لا زال على ما يبدو تغيب عنه الفاعلية او يلتزم بدور المتفرج الصامت على ما يدور هناك وكأنه ليس لهم أي علاقة بهذا البلد واحيانا بذريعة ان ما يجري هو شأن داخلي لا يجوز التدخل فيه!، واذا تجاوزنا خطأ الدول العربية ان كانت قد غاب عنها بعد الرؤية قبل احتلال العراق، فهل يمكن بحال قبول هذا الصمت العربي وهي ترى ما يمكن ان يشكله المشروع الفارسي في العراق من خطورة كبيرة عليها، لا سيما واننا نعلم علم اليقين بأن الخلافات العربية الايرانية هي اكبر بكثير من نقاط الخلاف الامريكية الايرانية.

kshogran@jpf.com.jo