اعداد : د. خالد الشقران
مركز الرأي للدراسات
1/2007
جاء في كتاب قيام وسقوط الإمبراطوريات لهنري كيسينجر ان الانتشار الخارجي الواسع وغير المبرر لعسكر الامبراطورية يعتبر من المؤشرات المهمة على فشل سياساتها ومن ثم بداية تراجعها وانحسار تأثيرها ، وبالنظر الى الانتشار الواسع لقوات الولايات المتحده وتدخلها بسبب وبغير سبب في كثير من بؤر الصراع في العالم نجد ان ذلك قد اخذ يتنج فشلا تلو الفشل حتى منيت السياسية الأمريكية بكثير من الخسائر على مستوى العلاقات مع الدول والاهم من ذلك على مستوى صورتها لدى الشعوب المختلفه على امتداد قارات العام .
فعلى ارض الواقع فكما فشل الاحتلال الامريكي في فرض سيطرته على افغانستان فشل ايضاً في بسط سلطته على العراق، ومثلما فشلت السياسية الامريكية في التعامل مع مشكلة الشرق الاوسط الرئيسه " القضية الفلسطينية" والتعامل مع الملف النووي الكوري، تشير المؤشرات الاولية الى توقع فشل السياسية الامركية في التعامل مع مشكلات كل من السودان والصومال وغيرها من النقاط الساخنه في العالم التي تزج الولايات المتحده بنفسها فيها.
ولكن طالما ان مسألة الفشل اصبحت تقترن بالسياسة الخارجية الامركية فما الذي يحول دون اعتراف الولايات المتحدة بضرورة مراجعة سياساتها والبحث عن الاسباب التي ادت الى فشل كثير من المهام التي تصدت لتحقيقها في كثير من بقاع العالم؟ الا يدفع ذلك صناع القرار في الولايات المتحدة للبحث عن الاسباب التي تجعل كثير من الشعوب حريصة على افشال سياسات ومخططات الولايات المتحدة في مناطق كثيرة من العالم ؟ وهل سأل صناع القرار في هذه الامبراطورية عن الصورة الحقيقية للولايات المتحدة التي باتت سيئة في أذهان كثير من شعوب العالم؟ وما الذي جعلها كذلك؟
بالتأكيد ان ثمة اخطاء حقيقية في السياسية الخارجية الامريكية ولعل اولها واهمها الذي كان في مرحلة ما بعد ما اسمته بالحملة الامريكية على الارهاب، حيث تشير الاحداث الى ان معظم المعارك التي خاضتها الولايات المتحدة بهذا الخصوص كانت ضد عرب او مسلمين وكأن الإرهاب هو منتج عربي واسلامي بإمتياز في حين ان الارهاب الصهيوني والإسرائيلي لم يشهد له التاريخ مثيل ولم يسجل للولايات المتحدة ان اشارت له من بأي نوع من انواع النقد من قريب او من بعيد.
اما النقطة الثانية وهي تتعلق بما عبر عنه بوش اثناء اعلانه عن استراتيجيته الجديدة في العراق حيث قال "على دول المنطقة والخليج أن تفهم ان هزيمة امريكا في العراق تعني ملاذا امنا للارهاب وخطر على بقائها" وهنا نقول اذا كانت الادارة الامريكية تعي هذه الحقيقة تماما فلماذا قامت اصلاً بإحتلال العراق؟ ولماذا رغم كل نداءات العقلاء في المنطقة والعالم لا تتراجع عن اخطاءها وتعمل على تصويب الاوضاع في العراق بما يخدم مصلحة الشعب العراقي اولا ومصالحها ومصالح اصدقاءها من العرب الذين تتباكي الولايات المتحدة زيفا على مستقبل منطقتهم ، ثم من الذي جعل العراق ساحة للعنف الطائفي والديني ؟ اليس التصفيات الجسدية والمعنوية التي يتعرض لها السنه في العراق حاليا تجري تحت الحماية والرعاية الامريكية؟!
بقي ان نقول ان على الولايات المتحدة ان كانت تريد تحسين صورتها وتصويب اوضاعها والتكفير عن اخطاءها التي ارتكبتها بحق هذه الامة ان تأخذ في اعتبارها عددا من المهام التي ينبغي ان تتصدى للقيام بها بنفسها ومنها السعي وبشكل جاد لاقامة الدولة الفلسطينية واحترام سيادتها وحقوق شعبها، ثم الانسحاب نهائيا من كل من العراق وافغانستان وتسليم هذين البلدين للمخلصين من ابناء شعبيهما الحريصين على وحدة وسلامة وكرامة الشعب كل الشعب ووحدة الارض كل الارض، رفع يدها عن التدخل في الشؤون المختلفة للدول والشعوب واحترام خيارات الشعوب وارادتها، على ان النقطة الاهم تتعلق بضرورة الكف عن الاستخفاف بعقول الامم الشعوب واحترام الاعراف الانسانية العريقة من خلال قيامها عمليا بالتفريق بين الاعمال التي تندرج تحت مصطلح المقاومة واعتبارها حقاً شرعيا للشعوب التي يعتدى، عليها وتلك التي تندرج تحت مفهوم الارهاب.