الصحافة.. بين الورقية والإلكترونية

اعداد : يوسف الحوراني

مركز الرأي للدراسات

رفعت العلان

8/2009

شكل موضوع مستقبل الصحافة الورقية، اهتماما عالميا على مدى الأعوام القليلة الماضية وعكست النشاطات والندوات والدراسات والأبحاث التي عنيت بهذا الموضوع على الساحة العربية مدى الاهتمام بمستقبلها وما يحيط به من توقعات وحسابات، في ظل التطور المتسارع والمذهل لشبكة الإنترنت ومنها الانتشار الواسع للصحافة الإلكترونية وما أحدثته من نقلة بالغة الأهمية في حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي جميع نواحي الحياة، وقد تطورت تكنولوجيا الاتصالات بشكل هائل نتيجة التطور التقني وانتشار المعلومات بسرعة فائقة استطاعت أن تعبر القارات وتتخطى الحدود، وما إتاحته من خيارات جديدة أمام جمهور القراء وبما يمكن أن تنبئ به من تحولات هامة في صناعة النشر الصحفي.

وبالرغم من أن عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية منخفض ولا يتجاوز ما نسبته 5,7% من إجمالي عدد السكان في الشرق الأوسط في حين يصل في بعض المناطق مثل أمريكا الشمالية إلي 4,67% وأوروبا إلى 5,35% طبقا لأحدث الإحصائيات.

لقد شكلت الصحافة الإلكترونية منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، ظاهرة إعلامية جديدة ارتبطت بعصر ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وأصبح المشهد الإعلامي مفتوحا على فضاءات واسعة وأصبح بمقدور من يشاء إيصال صوته ورأيه لجمهور واسع من القراء دونما العبور على الرقابة والمصادرة و تعقيدات الصحافة الورقية، وبذلك اتسعت الحريات الصحفية بشكل غير مسبوق وأصبح بمقدور الكاتب والصحيفة من مراقبة رأي الشارع وردود فعله وأتاح لأصحاب الرأي الآخر، وفي حدود معقولة، أن يحاور الكاتب، ومن جانبه، استطاع الأخير أن يتجاوب مع تفاعلات جمهور القراء والزائرين، بعد أن أمكن للظاهرة الإعلامية الجديدة تخطي الحدود الجغرافية بيسر وسهولة، إضافة إلى سرعة الوصول إليها وبعد لحظات من الطباعة، وقدرة الصحيفة الإلكترونية على التجدد المستمر وعلى مدار الساعة، كما يوفر لك الموقع البحث في أعداد سابقة من خلال نافذة الأرشيف. هذا التطور الهام يدعو للتساؤل، عن فرص وإمكانية أن تحل الصحافة الإلكترونية يوما بديلا عن الصحافة المطبوعة أم منافسا شديدا لها؟!.

وفي دراسة أجرتها مايكروسوفت وصلت إلى نتيجة أن العالم سيشهد طباعة آخر صحيفة ورقية في عام 2018م على الأقل في الدول المتقدمة يقول خالد المالك رئيس تحرير مجلة الجزيرة السعودية مع أنه من المبكر جدا الحكم على الصحافة الالكترونية ومدى تأثيرها على مستقبل الصحافة الورقية بالنظر إلى أن صحافة الورق لا تزال إلى اليوم سيدة الموقف، فإن ذلك لا ينسينا ما نراه في جيل الشباب من افتتان بالمواقع الالكترونية متابعة لها واستفادة مما تضخه من معلومات بسرعة ومهنية عالية رغم حداثتها. وفي المقابل تقول الصحفية السعودية هداية درويش رئيسة تحرير أحد المجلات السعودية الالكترونية حول الصحافة الإلكترونية إن الصحافة الالكترونية فرضت نفسها على الساحة الإعلامية كمنافس قوي للصحافة الورقية .. وتضيف أن الصحافة الإلكترونية أصبحت آلة اقتصادية ومالية ضخمة إذ إن موارد الصحف من مواقعها الالكترونية تنامت بنسبة 33 % سنويا وهو ما تؤكده الدراسات في هذا المجال .

ويقول تيموثي بالدنج كبير المسئولين التنفيذيين للاتحاد العالمي للصحف الذي يتخذ من باريس مقرا له: في الإجمال، نستطيع أن نقول إن جمهور الصحف مستمر في النمو، سواء في مجال الصحافة المطبوعة أو الإلكترونية. كما تعمل الصحف على توسيع قاعدة انتشارها من خلال استكشاف نطاق واسع من قنوات التوزيع الجديدة، والتي تتراوح ما بين الصحف اليومية المجانية إلى النسخ الإلكترونية المنشورة على مواقع الإنترنت. ولقد أثبتت الصحف مرونتها الشديدة وقدرتها على مقاومة ذلك الانقضاض من قبل نطاق عريض من المنافسة الإعلامية .

وفي دراسة للإتحاد العالمي للصحف فإن ما يزيد على 439 مليون شخص يشتري كل يوم نسخة من المطبوعات اليومية البالغ عددها 7700 على مستوى العالم. ويقدر عدد جمهور القراء بما يزيد على مليار شخص يوميا.

وتشير الدراسة أن جمهور الصحف المنشورة على مواقع شبكة الإنترنت في النمو فزاد بنسبة 200% خلال الأعوام الخمسة الماضية.

وربما من المهم الاعتراف بأن الصحافة الورقية قد شهدت تراجعا نسبيا في عدد القراء وفي حجم مبيعاتها وخاصة في الغرب نظرا لتزايد أعداد مستخدمي الشبكة العنكبوتية نظرا لسهولة الحصول على الأجهزة والاتصال بالفضاء فقد شهد العامين الماضيين اتساعا في ظاهرة الاستخدام الإلكتروني في مجال الصحافة والمعلومات على المستوى العالمي، كما أن الأزمة المالية (الاقتصادية ) العالمية سيطرت على معظم النشاطات الاقتصادية في العالم، وامتدت تأثيراتها إلى أوروبا وروسيا واليابان واندونيسيا و كوريا ومصر ودول الخليج العربي وبلدان أخرى.

وما من شك أن هذه الأزمة عكست تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على معظم دول العالم وان بدرجات متفاوتة، و صناعة الورق في العالم، شأنها شأن العديد من الصناعات الرأسمالية، شهدت خلال العام الماضي حالة من الركود السريع، متأثرة بالأزمة المالية العالمية وإغلاق العديد من الصحف وتراجع حجم مبيعات البعض الآخر، مما اضطر العديد من المصانع المنتجة إلى الإغلاق، وتاثير ذلك على تجارة الورق، حيث تعرضت لتذبذبات صعودا وهبوطا ففي نهاية العام 2008 شهد سوق الورق ارتفاعا ملحوظا، ووصل سعر الطن إلى 1050 دولارا، مقابل مابين 850 - 900 دولار.

أن تأثير الأزمة المالية العالمية في سوق صناعة الورق غير مباشر، لكن لا أحد يستطيع أن ينفي أن ثمة تأثيرا في تقلص حجم المطبوعات شيئا فشيئا بما في ذلك بعض الصحف وهناك من يرى أن الصحافة الورقية قد يتأزم وضعها مستقبلا أكثر وقد تؤدي إلى إغلاقات وإفلاسات في بعض المؤسسات الصحفية لتكون المواقع الإلكترونية هي البديل الفعلي في حال لم تسير بآلية وبمستوى جيد. ويتجلى ذلك في اعتقاد البعض أننا نعيش اليوم في عصر التكنولوجيا الحديثة، والتي باستطاعة أي شخص أن ينشئ موقعا إلكترونيا أو حتى صحيفة إلكترونية، مما سيؤثر على الصحافة الورقية الأمر الذي دفع ممولي صناعة الصحافة للانشغال بمستقبل هذه الصناعة التي تتعرض لظروف الانكماش والإغلاق نتيجة العوامل السالفة الذكر ( الأزمة الاقتصادية العالمية ومنافسة الصحافة والمدونات والمواقع الإلكترونية ).

ويشير تقرير صدر في دبي، ان الازمة المالية العالمية تسببت بإغلاق 121 وسيلة إعلام، بينها ثلاث صحف يومية و103 مجلات، إلا أن التقرير أشار إلى أن عددا كبيرا من المجلات علقت الصدور مؤقتا لحين تجاوز الأزمة.

وحسب التقرير، فإن 64 وسيلة إعلام توقفت نهائيا خلال تسعة أشهر، فيما احتجبت 57 وسيلة أخرى عن الظهور بشكل مؤقت، إلى حين تحسن الأوضاع الاقتصادية.

ويتناول التقرير فترة التسعة شهور التي تبدأ في أيلول 2008 عندما بدأت الأزمة العالمية، وحتى نهاية حزيران الماضي، أي حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي. وخلال الفترة المشار إليها توقفت ثلاث صحف عربية موزعة بين الكويت والجزائر ومصر، مقابل تعليق العمل في صحيفتين في كل من السعودية وتونس.

أما المجلات فتوقفت 103 مجلات عن الصدور، منها 52 مجلة توقفت تماما عن الصدور، مقابل 48 مجلة علقت صدورها بشكل مؤقت، فيما استغنت ثلاثة إصدارات عن الطباعة الورقية واكتفت بالتحول التام إلى موقع إلكتروني. وعلى صعيد المحطات التلفزيونية والقنوات الإذاعية، توقفت قناة الدولية في دبي، و إم لايف تي في في لبنان، وقناة البركة في مصر، وقناة بحري تي في في الكويت، فيما توقفت محطة أهلين الإذاعية في الأردن.

وتفيد الأرقام بتدني أرقام مبيعات الصحف في الدول الغربية ففي الولايات المتحدة الأمريكية انخفض حجم المبيعات7% ( الشرق الأوسط 29 أبريل 2009) غير أن أرقام التوزيع العربية لا تزال متضاربة. ففيما يشير الإصدار الثاني لتقرير نادي دبي للصحافة الصادر مؤخرا إلى ارتفاع توزيع الصحف العربية ( في مصر مثلا ارتفعت 4% حيث قدرت مبيعات الصحف المصرية في عام 2008 م بنحو 54,3 ملايين نسخة) فيما يشير الصحفيون المصريون إلى أن المبيعات أقل من ذلك بكثير. مما يعطي الدليل على إشكالية أرقام التوزيع العربية.

لكن التراجع الذي شهدته الصحف الورقية الغربية لا ينطبق بالضرورة على توزيع الصحف العربية لأسباب عديدة؛ منها الأمية التقنية وضعف البنية الاتصالية التحتية في الدول العربية مما حال ويحول على المدى القريب دون أن يصبح الإنترنت وسيلة إعلام شعبية منتشرة.

لقد شهدت الصحافة الورقية الأمريكية انتكاسة حادة خلال العام الماضي والعام الحالي فبعد قرن أمضته كصحيفة ورقية يومية لم يعد بإمكان كريستيان ساينس مونيتور التي تعتبر واحدة من أشهر الصحف الأمريكية والحائزة على سبع جوائز بوليتزر ، أهم جائزة للصحافة في أمريكا، الصدور، وكان عددها الصادر في أذار / مارس الماضي آخر عدد يومي ورقي له ( أصبحت تصدر 52 ألف نسخة يوميا بعد أن كان عدد النسخ الموزعة يصل إلى 200 ألف نسخة يوميا )، بحسب الصحيفة نفسها، وسوف تكتفي بصحيفة أسبوعية حتى نهاية تشرين الأول / أكتوبر القادم، وسوف تستعيض عنها بموقعها الإلكتروني الذي يزوره حوالي مليونين زائر يوميا. وقد سبقت هذه الصحيفة، صحيفة سياتل بوست إنتلجنسر عن الصدور بشكل ورقي نهائيا، بعد ما يزيد على 146 عاما على صدورها والاكتفاء بموقعها الإلكتروني. كما انضمت الى القافلة صحيفة روكي ماونتن نيوز كولورادو إلى قافلة الصحف التي أغلقت أبوابها، بعد مرور150 عاما على صدور أول عدد منها، و سينسيناتي بوست و بالتيمور إكزامينير و كنتاكي بوست. وقد سجلت أول 23 مطبوعة أمريكية تراجعا حادا بنسبة 6% في عدد النسخ الموزعة خلال عام 2008، وفقا لموقع نيوز بيبر ووتشو الذي أشار إلى أن الصحف كانت تسجل خلال دورات الانتخابات الأمريكية ارتفاعا ملحوظا في عدد النسخ الموزعة، الأمر الذي لم تشهده الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.

ومؤخرا تلقت سان فرانسيسكو كرونيكل ، الصحيفة التي لم يكن يتوقع لها السقوط باعتبارها توزع حوالى 400 ألف نسخة يوميا، ضربة قاسية جراء تخفيض عدد نسخها الموزعة وتراجع عائداتها الإعلانية والمنافسة القوية التي تواجهها بسبب الصحف الإلكترونية، وقد باتت الصحيفة الآن مهددة بالإغلاق.

هل تختفي الصحافة الورقية بعد 30 عاما ووفقا للإحصاءات، يناهز متوسط سن قراء الصحف الورقية في أمريكا خمسة وخمسين عاما وما فوق، ويصف 19% فقط من شريحة تتراوح أعمارها بين 18 و34 عاما أنفسهم بأنهم قراء للصحف الورقية، بينما تعتمد الأغلبية على الإنترنت كمصدر للأخبار.

وتوقع الخبير الإعلامي فيليب ماير في كتابه الجريدة الزائلة الذي أصدره في العام 2004 أن كل المطبوعات ستختفي خلال الأعوام الثلاثين المقبلة، لتحل محلها مصادر الأخبار الإلكترونية، وأضاف أن المواقع الإخبارية الإلكترونية التي أصبح لها اسم معروف واكتسبت عددا من القراء ستكون حينها في الموقع الملائم وتستفيد من تزايد الاعتماد على شبكة الإنترنت كمصدر للخبر والرأي .

ويشير موقع إيلاف استنادا إلى مصادر مختلفة أن الأرقام تشير الى انخفاض نسب توزيع الصحف بنسب واضحة، ووفق بعض الإحصاءات المتعددة والمتباينة يصل هذا الانخفاض الى حوالي 5 % سنويا، بينما ترتفع نسبة متصفحي الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية. ففي تقرير عن حالة الإعلام الإخباري «The State of the News Media» أصدره مشروع التميز في الصحافة «project for excellence in journalism» الأميركي. جاء بأن توزيع الصحف الورقية يتراجع بمعدل5,2 % للأعداد اليومية بينما يتراجع بنسبة 3,3 % لعدد الأحد. وانخفضت عائدات الإعلانات بنسبة 7 % وذلك للعام 2007. وهبطت قيمة أسهم الشركات الإعلامية بنسب وصلت الى 70 % في بعض الحالات في سوق تداول الأسهم. بينما يلحظ التقرير النقاط المضيئة كما أسماها بأنها جاءت من الإنترنت، فقد ازداد معدل تصفح مواقع الصحف الالكترونية بنسبة 7,3 % ويسري هذا بطبيعة الحال على مواقع الصحف الورقية نفسها .

وفي جانب آخر من القضية فإن البعض يرى أنه ما تزال أمام الصحافة الورقية الفرصة الزمنية للحافظ على وجودها بشروط جاءت في المؤتمر الإعلامي لدولي الذي انعقد تحت شعار مستقبل النشر الصحفي ونظتمه وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية بالتنسيق مع منظمة (افرا) العالمية، وناقش المؤتمر التنافس في صناعة الصحافة بين الورقي والرقمي، وأشار فيها الرئيس التنفيذي لشركة ببليكتاس في آسيا والصين موريتز ووتكي إلى أنه يجب على الصحف الورقية أن تعرف احتياجات وطلبات قرائها وأن تتواصل معهم بشكل مباشر حتى تستطيع أن تنافس الانترنت، وقال إن مستقبل الصحف الورقية مازال قويا متى ما كانت تهتم بمحتواها وطريقة عرضها وتقديمها للأخبار والتحاليل والموضوعات المختلفة بالإضافة إلى عرضها الجيد للإعلانات .

كما أشار مؤسس مركز إعلام البحر الأبيض المتوسط (الولايات المتحدة وفرنسا) تيري ماكوير إلى أن ..الصحف دائما هي الرابط بين الناس والأحداث وذات دور فاعل في ترابط الشعوب وقال انه يجب أن يعلم القائمون على الصحف في الوقت الحاضر ماذا يريد الجيل الحالي وما هي متطلباته واحتياجاته حتى تستطيع صحفهم أن تستمر وتنافس الانترنت .

وفي ندوة حول مستقبل الصحافة الورقية ، حضرها نخبة من أساتذة الجامعة وخبراء في مجال الصحافة الإلكترونية والورقية وأساتذة الإعلام، أشار الدكتور محمود علم الدين رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة لخطورة هذه القضية، وقال أن صحيفة وول ستريت جورنال تحولت من يومية لأسبوعية، ثم لصحيفة يومية على الإنترنت، رغم أنها عريقة وصدرت منذ 100 سنة، وأعلنت أمريكا عن إفلاس العديد من الصحف وإغلاقها .

وتابع قائلا أن الصحافة الورقية لا تتيح الكثير مما تتيحه وسائل التكنولوجيا الحديثة والتي أصبحت تمثل تحديا لها ؛ ففي الانترنت نطلع على مختلف المواقع، ونقرأ الكتب، نتصل ونتواصل . وبينما يقتصر التفاعل في الصحافة الورقية على إرسال رسالة لرئيس التحرير أو المحرر، أصبح في الإنترنت ما يعرف ب Web 2.0 وتحول الفرد من مجرد متفاعل لصانع قرار، فالكل صار صحفيا، والجميع أصبحوا يتابعوا المدونات وما أحدثته في العالم والشارع السياسي، بما توفره من مساحة حرة يتمكن القارئ فيها من أن يكتب وينشر ويتلقى تعليقات الآخرين، وكبار الصحافيين حاليا يقولون إن لم تدون فلن تصبح صحفيا .

وقال أن هناك شيئا خطيرا آخر أصبح يبتلع جمهور الصحف وهو ما يطلق عليه الشبكات الاجتماعية وهي مجموعة من الأفراد تتجمع حول مساحة للحوار ترسل معلومات عن نفسها تتحاور وتعلق مثل الفيس بوك ، ومجموعة الهاي فايف وغيرها وتعمل على تكوين مجتمعات افتراضية حول الانترنت يتاح لهم من خلالها التواصل معا، هذا بالإضافة لإمكانية متابعة الأحداث وتغطيتها من خلال كاميرا ونشرها على مواقع الفيديو مثل اليو تيوب وهذه الإمكانيات غير متاحة للصحافة الورقية ولا يمكنها مجاراتها.

كما أن هناك تحديات أخرى تواجه الصحافة الورقية وهو ما يعرف ب Electronic paper وهو عبارة عن جهاز الكتروني محمول يمكن القارئ من تحميل الصحيفة من الإنترنت وقراءتها في أي مكان، بالإضافة للمحمول والذي يمكن من خلاله تلقي الأخبار ونسخها، وبالتالي أصبح هناك العديد من التحديات التي على الصحافة الورقية أن تواجهها فكيف تواجهها والقارئ يبتعد عنها ويذهب للأسهل؟ كما أنه في ظل ثورة المعلومات الحالية تعاني الصحافة الورقية من ضيق مستوى الحرية في إعطاء المعلومة والتعليق عليها، بينما لا يوجد حجب لأي معلومة أو رأي في التلفزيون والإنترنت.

مشكلة أخرى تواجه الصحافة الورقية أنها محددة بثلاث طبعات بينما الإنترنت والتلفزيون متاحين خلال ال 24 ساعة، فنحن هنا أمام قارئ أمامه تلفزيون وموبايل ونت يتابع الأخبار أولا بأول في حين تصدر الجريدة في اليوم التالي، فعلى الصحف أن تفكر كيف ستوفر تغطية إخبارية مميزة ومختلفة تعطي أبعادا جديدة، وضرب مثلا باستوديو التحليل في الرياضة والذي يجذب الناس لمتابعة المباراة وتحليلها في حينها.

والمسألة تحتاج لأن نفكر ماذا سنقدم إذا كانت الأخبار قد نشرتها الوسائل التكنولوجية قبلنا ؟ وكيف نعد الصحفي الورقي كي يواكب التطور التكنولوجي؟ ويبقى التساؤل الأكثر أهمية إلى متى سوف يستمر الإنترنت في تقديم الخدمة مجانية للجمهور؟، فقد قرر ميردوخ منذ عدة أسابيع أن يلغي الكثير من الخدمات المجانية للصحف التي يمتلكها، أيضا الشركات التي تدعم الفيس بوك واليوتيوب وغيرها تعتمد على الإعلانات فإلى متى ستظل المواقع التي لا تجلب إعلانات مفتوحة مجانا؟، ومن هنا يحسب للصحافة الورقية البعد الاقتصادي والذي يعطي أمل للعودة للصحف المطبوعة مرة أخرى، كما يدعمها سحر الكلمة المطبوعة للأشخاص الذين تجاوزا الأربعينات، فهم أقل ميلا للتكنولوجيا .