المالكين والمستأجرين بين الأمن الاجتماعي والعدالة

اعداد : يوسف الحوراني

مركز الرأي للدراسات

5/2009

  • في خطاب العرش السامي خلال افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الرابع عشر طالب جلالته بدراسة توصيات لجنة الأقاليم التي تقدمت بنتائج أعمالها إلى جلالته والى لجنة الأجندة الوطنية في تشرين الثاني من عام 2005 إلا أن الحكومة وضعت المشروع في الثلاجة ودون أن تتقدم خطوة واحدة إلى أن قام جلالته وحث الحكومة القيام بما يلزم لإحياء الفكرة ودعا مجلس النواب إلى مناقشة التشريعات الضرورية لتنفيذ المشروع وأشار إلى ضرورة أن تبادر الحكومة بالتعاون مع مجلس النواب إلى إعادة دراسة توصيات لجنة الأقاليم ووضع التشريعات اللازمة، وعاد جلالته وخلال لقاءاته بالفعاليات الشعبية إلى التشديد على أهمية إنجاز مشروع الأقاليم الذي يستهدف تحقيق اللامركزية ويسعى إلى تحقيق الإدارة الفضلى للموارد وإشراك المواطنين بشكل أكثر فاعلية في إدارة شؤونهم .

الملك يحث الحكومة على توفير شبكة للأمان

وفي خطاب العرش في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الخامس عشر في الثاني من كانون الأول عام 2007، ركز جلالته على أهمية التزام الحكومة بالعمل خلال الأشهر القادمة على توفير شبكةٍ للأمان الاجتماعي تحمي الفقير، هذا بالإضافة إلى توسيع مظلة التأمين الصحي، وتفعيل الرقابة على جودة المنتجات الغذائية والأدوية والمياه للحفاظ على صحة وسلامة المواطن. وهذا كله، يرتبط بقناعتنا بأن العلم والتعليم، وتسليح المواطن بالمعرفة والخبرات والمهارات وتأهيله لدخول سوق العمل حق لكل مواطن. كما ودعا الحكومة من خلال الخطاب .. للبدء بإجراء حوار إيجابي حول قانون المالكين والمستأجرين للخروج بحلول عملية، تراعي تحقيق الأمن الاجتماعي والعدالة ومصالح الجميع: مالكين ومستأجرين. وأشار جلالته إلى إن المرحلة القادمة من مسيرة الأردن هي استمرار لعملية البناء والإصلاح والتحديث، وهي في غاية الأهمية لأنها حافلة بالتحديات والاستحقاقات المطلوب إنجازها. وهذا يستدعي العمل خلال السنوات الأربع القادمة على أساس من الشراكة الحقيقية والتعاون والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى مبدأ الالتزام بقرار الأكثرية واحترام رأي الأقلية، في إطار من العمل الجماعي المستند إلى الدستور نصاً وروحاً. ومؤكدا على أن العمل العام لا مجال فيه للمصالح الشخصية أو الجهوية أو الحزبية أو العشائرية الضيقة. ومصلحة الوطن والمواطن يجب أن تكون فوق كل الاختلافات والاعتبارات. وعلى ذلك، فالهدف الأسمى للعلاقة بين السلطتين هو تحقيق أكبر قدر من المصلحة العامة، ومواجهة التحديات بكل أشكالها: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية لتوفير أسباب الحياة الكريمة للمواطن، وتحقيق التنمية الشاملة التي تضمن المستقبل المشرِق لهذا الوطن. وفي كل ما ذكره جلالته في هذا الخطاب يتسم بالجدية والحزم بأن تأخذ الحكومة توجيهاته كبرنامج عمل لها، وعلى أساسه منح البرلمان الثقة للحكومة ووجوب الرقابة عليها ومحاسبتها وربما سحب الثقة منها إذا تقاعست أو أهملت تنفيذ توجيهاته أو تراجعت عن أداء دورها في خدمة قضايا المواطنين التي أشار إليها خطاب العرش / برنامج الحكومة التي التزمت العمل بموجبه، وكان جلالته واضحا ومحددا حينما طلب إلى الحكومة أن يكون عام 2008 عاما للمشاريع الإسكانية لمصلحة أصحاب الدخل المحدود وموظفي القطاع العام والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية ودعا إلى حوار إيجابي حول قانون المالكين والمستأجرين للخروج بحلول عملية تراعي الأمن الاجتماعي والعدالة ومصالح طرفي المعادلة : المالك والمستأجر.

وفي ضوء التوجيهات السامية، أصدر رئيس الوزراء نادر الذهبي تعليماته لتشكيل لجنة وزارية جديدة مشكلة من وزير الأشغال العامة، وزير العدل، وزير المالية، وزير الدولة للشؤون القانونية ووزير التنمية السياسية يكون من مهامها دراسة قانون المالكين والمستأجرين لعام 1994 وتعديلاته عام 2000 والاستعانة بآراء الخبراء ونقابة المحامين وغرفتي الصناعة والتجارة بهدف الوصول إلى العدالة بين طرفي المعادلة بما في ذلك الحفاظ على حق المستأجر بالمأجور وحق المالك من تحقيق الفائدة المرجوة من عقاره. وقام وزير العدل باستطلاع أراء العديد من الشخصيات والمؤسسات ذات الصلة ليصار الى وضع تصور للجنة الوزارية بشأن القانون. مراحل تطور قانون المالكين والمستأجرين.

قانون المالكين والمستأجرين من القوانين التي أثارت الكثير من الجدل والنقاش في أوساط متعددة ومختلفة لما له من أهمية وتأثير في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والحياتية الإنسانية، ورغم مرور حوالي عام ونصف على توجيهات جلالة الملك إلا الحكومة لم تبادر حتى تاريخه إلى مناقشة القانون المعدل لعام 2000 والذي يتضمن إنهاء مفعول كافة العقود التي تمت في نهاية العام القادم (2010)، وهو ما يعني أن غالبية التعاقدات بين المالكين والمستأجرين تصبح لاغية بموجب القانون وبشكل خاص تلك المتعلقة بالعقارات التجارية، الأمر الذي سيضع سوق العقار في حالة من الارتباك والفوضى ويضع الحكومة ومجلس النواب في موضع حرج بين الاستجابة إلى التغيرات الاقتصادية والمبادئ التي تستند إليها والالتزام بالحق القانوني العالمي لحقوق الإنسان بسكن ملائم والتزامات الأردن الدولية والاستجابة إلى توجيهات جلالة الملك بضرورة تحقيق الأمن الاجتماعي والعدالة أثناء الحوار حول القانون ودعوته لأن يكون عام 2008 عاما للمشاريع الإسكانية لمصلحة أصحاب الدخل المحدود وموظفي القطاع العام والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

وبالعودة إلى تاريخ تطور القانون فقد مر بالمراحل التالية:

أول صدور للقانون وبشكل مؤقت كان يحمل الرقم 23 لعام 1941، شاملا السكن المنزلي والمحلات التجارية وكان عقد الإيجار بموجب هذا القانون إلى أجل غير مسمى مع استقرار قيمة الإجارة إلا إذا اتفق طرفي العقد على خلاف ذلك أو في حال قررت لجنة خاصة قانونية تعديل الإجارة، وحدد القانون الحالات التي يتم بموجبها الإخلاء بموجب قرار صادر عن المحكمة.

في عام 1943 صدر القرار التشريعي بأن يكون القانون رقم 23 لعام 1941 قانونا دائما دون أي تعديل يذكر.

وفي العام 1953 صدر القانون الجديد للمالكين والمستأجرين مع بعض التعديلات الشكلية، وبقي العمل بهذا القانون حتى العام 1982.

في العام 1982 صدر قانون المالكين والمستأجرين الجديد وبموجبه جرى زيادة الإجارة للعقود طويلة الأجل بنسب مئوية وفق معادلة حسابية رتبت زيادات عادلة ودون أن ردود فعل سلبية، وقد منح القانون الحكومة الحق في إجراء زيادة أو خفض مع مراعاة العدالة الإ أن الحكومة لم تتقيد بذلك. وتضمن القانون بعض البنود المستحدثة كحق المالك بإخلاء المأجور في حال إحداث أي تعديل عليه من قبل المستأجر بما قد يلحق الضرر به كالبناء أو الإضافات مع احتفاظ المستأجر بحق التعويض، إضافة إلى حق ورثة المستأجر بالاستمرار بالمأجور.

في عام 1994 صدر قانون جديد مع تعديل تضمن حق الحكومة بإعادة النظر في الإيجارات مرة كل خمس سنوات في ضوء ارتفاع تكاليف المعيشة وتغير الأسعار، إلا أن الحكومة لم تطبق القانون.

وفي آخر تعديل على القانون جرى عام 2000 تم تحديد يوم 13 كانون الأول 2010 لإنهاء العقود السابقة لهذا التاريخ وجاء ذلك بنتيجة المراجعة التي قامت بها اللجنة الوزارية المنبثقة عن وزارة العدل حول القانون والتي استندت إلى فلسفة أن القوانين السابقة منحت المستأجرين إمتيازات واسعة وحقوق راسخة في المأجور.

حرصت الحكومة عدم توسيع الشرائح المشمولة بانتهاء صلاحية العقود القديمة فقامت باستثناء تلك العقود التي أبرمت منذ عام 2000 وتقيد طرفي التعاقد بالشروط التي تم الاتفاق عليها.

جدل حول المشروع

اجتاح الأردن خلال العقدين الأخيرين موجات من الهجرات إلى الأردن قادمة إما من الأراضي الفلسطينية رغم القيود الصارمة على هجرة الفلسطينيين إلى الأردن إنطاقا من سياسته القاضية بعدم السماح بتسهيل السياسة الإسرائيلية بتفريغ الأرض من أهالها الشرعيين، وإما قادمة من الأراضي العراقية التي تعرضت للاحتلال الأمريكي وتسبب في هجرة أعداد كبيرة من الشعب العراقي إلى الأراضي المجاورة وخاصة إلى الأردن وسوريا. هذه الهجرات أسهمت في ارتفاع الأسعار في العقارات السكنية والتجارية مما أوجد عدم توازن في بدل الإجارة بين المأجور القديم والمأجور الجديد مما أثار حفيظة المالكين الذين يتقاضون الإجارة بالأسعار القديمة وخلق جو من النقاشات والحوارات أثارت مخاوف المستأجرين.

ومنذ أن بدا الحديث عن تعديلات على القانون جرى نقاش واسع في أوساط المالكين والمستأجرين يرصد ردود الفعل التي قد تنشأ نتيجة التعديلات المقترحة وبدا المجتمع منقسما حول ذلك فالبعض يرى ضرورة إدخال تعديلات على القانون بما لا يلحق الضرر بالمستأجرين ويحافظ على وجودهم في أماكن سكناهم أو أعمالهم التجارية مما يخفف من حدة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي قد تنجم عن تعديلات قاسية قد لا يحتملها البعض، فقد أبدى القطاع الخاص تخوفه من الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تطبيق القانون بالصيغة الحالية، ويشير مراقبون أن القانون سيكون مجحفا بحق المستأجر حيث سيتعرض العديد منهم لمشاكل وتداعيات القانون لكونه غير متوازن ولا يحقق العدالة بين الطرفين وسيؤدي، في حال تطبيقه، إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية عند تطبيقه عام 2010، فقد ربط هذا القانون العلاقة بين المالك والمستأجر وعلى القانون أن ينظم هذه العلاقة في ما يخص العقود القديمة ما قبل عام 2000، وفي تصريح صحفي له قال حمدي الطباع رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين أن قانون المالكين والمستأجرين الصادر عام 2000 بات يؤرق المستثمرين ومجتمع الأعمال بكافة قطاعاته وأضاف الطباع إن تخوف قطاع الأعمال يتركز على المادة الخامسة من القانون والتي يبدأ سريانها نهاية عام 2010 والتي تقوم على قاعدة (العقد شريعة المتعاقدين) وهو مبدأ لا خلاف عليه، ولكن الملفت أن نص المادة ينهي العقود التي أبرمت قبل نفاذه بتاريخ 31/12/ 2010 ما لم يتم توقيع اتفاق آخر بين المالك والمستأجرين كما يحق للمؤجر زيادة قيمة الإجارة بما يراه مناسبا دون تحديد سقف أعلى مؤكدا على أن ما يثير القلق والتخوف، أن يعمد المالك إلى التعسف باستعمال حقه بالغلو في الزيادة أو المطالبة بإخلاء المأجور دون سابق إنذار وخاصة في الأماكن التجارية والصناعية، مما يشكل تهديدا للقطاعات الاقتصادية وأضاف إن تطبيق القانون على حاله من دون تغيير سيؤدي الى إرباك اجتماعي واقتصادي سوف تكون له تداعيات سلبية كبيرة على التنمية الاجتماعية والاقتصادية وكانت الفعاليات التجارية في محافظة أربد قد رفضت مشروع القانون المقترح مثلما جددت رفضها لاستمرار القانون الساري المفعول لعام 2000 وأبدت في لقاء لها مع وزير العدل ايمن عودة تحفظها على العديد من مواد المشروع.

فيما أشار حيدر مراد رئيس غرفة تجارة الأردن الى أن نص المادة الخامسة من القانون منحت المالك الحق بإخلاء المأجور فورا وهذا يعني فقدان المستأجر لحقه في الدفاع وانتهاء التوازن بين المالك والمستأجر وقال المشكلة الكبرى تتمثل بالمساكن المستأجرة خاصة إذا كان المستأجر من ذوي الدخل المحدود الذين يجب أن ينظر إليهم بصورة مختلفة عن التجار والصناع.ز وبغير ذلك فإننا سنزيد من معاناة هذه الطبقة.. (الرأي 11 /1/ 2009) ويشير المحامي سليم الزعبي وزير البلديات الأسبق أن القانون يضع حلول للمالك الذي أجر منزله أو محله بأجرة زهيدة لا تتناسب مع تكاليف الحياة المتزايدة الأمر الذي يمكن أن يؤدي في حال تطبيقه إلى خلق حالة من الفوضى وسيؤثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى الاستقرار ويضيف أن الإنصاف يقتضي القول أن هناك الكثير من المالكين الذين أجروا بمبالغ زهيدة ولم تنصفه القوانين السابقة ينبغي أن ينصفه القانون الجديد (الرأي 11/1/ 2009)، وفي ذات السياق يقول المحامي زياد الخصاونة الذين يدعون الضرر الكبير هم التجار وليس ذوي الدخل المحدود لأن التجار لديهم عقود إيجار منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما، وهذه المحلات قائمة على عقود إجارة بأسعار زهيدة والآن خائفون من زيادة الإيجار.. واللافت أن المستأجر لا يسمح للمالك بأن يبني لولده على سطح المأجور وعليه، برأي، يكون المالك، في مثل هذه الحالات، مظلوم، ومن هنا جاء هذا القانون لإنصافه (الرأي 11/1/2009).

المحامي عصام الشريف المكلف بإعداد دراسة حول الموضوع أشار في الندوة التي نظمها مركز الرأي للدراسات أن الغالبية العظمى من المستأجرين من العمال من أصحاب الرواتب المتدنية، ومع حلول عام 2010 سيكون هؤلاء قد أحيلوا إلى التقاعد الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض رواتبهم وسيكونون غير قادرين على دفع الأجرة ويتساءل كيف لهؤلاء أن يتمكنوا من دفع الإيجار بالأسعار الجديدة !؟ وإذا ما تم تنفيذ القانون كما هو دون إجراء تعديلات جوهرية عليه فإن المحاكم ستشهد أعداد هائلة في قضايا الإخلاء وقد يصل عددها الى حوالي 300 ألف قضية وتعليقا على الموضوع قال العين هشام التل ليس من السهل إخراج مستأجر من بيته أو محله ولابد من إيجاد معادلة بين المالك والمستأجر وفق شروط تحمي الفريقين . وأكد البعض على ضرورة إعادة التوازن بين المستأجرين والمالكين وإعادة الحقوق للفئة الأخيرة، ويرى وزير العدل أن من الصعب الوصول إلى إجماع على قانون المالكين والمستأجرين وأن ما يجري الآن هو محاولات لتلطيف أثار القانون القائم منذ عام 2000 وتوزيع الضرر بين طرفي المعادلة (عرب نيوز ? عمان 5/12/ 2008)، وقال إن استمرار المستأجر باستخدام المأجور إلى ما لا نهاية يعد حق مصادرة وأشار إلى أن أهم الأحكام الواردة بالمشروع المقترح من حيث مدد الإجارة بحيث ينتهي مفعول العقدود السارية قبل 1 / 1 / 1984 بتاريخ 31 / 12 / 2013 والعقود خلال الفترة من بداية عام 84 وحتى نهاية 1990 تنتهي بمضي ثلاثين عاما اعتبارا من تاريخ بدء الإجارة فيما تنتهي العقود من بداية 1991 بنهاية 2020. وأشار إلى نسب الزيادة للعقود وفق سنوات متنوعة والأسباب الجديدة لتخلية المأجور واليات إخلائه من النواحي القانونية واعتبار العقود سندا تنفيذيا رسميا لغايات المطالبة باجرة العقار علاوة على نصه على العقود المبرمة بعد نفاذ مشروع القانون المعدل بحيث حدد ثلاث سنوات لعقود السكن وخمس سنوات للغايات الأخرى (الرأي 5/4/2009).

وعن الزيادات التي رتبها القانون على المستأجرين أشار الوزير في مؤتمره الصحفي بتاريخ 5/12/2008 إلى أنها تصل في العقود المبرمة قبل الأول من كانون الأول عام 1976 إلى نسبة 55 عن كل سنة إذا كان المأجور لغايات السكن و5,7% إذا كانت لهيئة عامة أو جمعية و10% إذا كانت لغايات تجارية .

ويقول الدكتور محمود الكيلاني المستشار القانوني لجمعية حماية المستهلك في تصريح صحفي له أن الأحكام الواردة في القانون جاء فيها ما ينبئ عن وجود حالة من عدم التوازن بين أطراف العقد بحيث يتعين المبادرة إلى إعادة التوازن برفع العناء عن كاهل من يعاني من الأطراف والتخفيف من حدة التعنت الذي يمارسه الطرف الآخر .

وكانت مؤسسات المجتمع المدني الأردنية قد طالبت الحكومة تأجيل تطبيق القانون، معتبرين أن إصرار الحكومة على تطبيق القانون في موعده سيعطي الحق للمالك بإخلاء المأجور دون منحه حق الاعتراض، ما يؤدي إلى ما اعتبروه حالة من الفوضى التي سوف تسود في أوساط المالكين والمستأجرين، وفي السياق جددت غرفتا تجارة وصناعة عمان دعوتهما لتعديل القانون بما يحقق العدالة والتوازن بين طرفي المعادلة.

وكانت ردود فعل المواطنين متقاربة إلى حد كبير في اعتبارهم أن القانون منح المالكين صلاحيات قد تؤدي بالمستأجرين إلى الأرصفة أو تضعه في زاوية ضيقة تضطره إلى تحمل أعباء البحث عن سكن آخر أو يخضع لشروط المالك وفي كل الأحوال فإنه سيقع تحت عبء إضافي ليس في مقدوره إدارته أو ردم الهوة بين دخله والالتزام الجديد، كما أن أصحاب المحلات التجارية، كما أشار البعض، فإن ترحليهم بعد سنوات من بناء سمعتهم التجارية وفي وقت تتراجع فيه الأوضاع الاقتصادية ستحلق بهم ضررا بالغا ناهيك عن ما يمكن أن يلحق به أذى للبحث عن مكان آخر وقد وصلت فيها الإيجارات إلى أرقام فلكية مما سيخلق حالة من الارتباك والتوتر الاجتماعي.

في حين يرى البعض أن الإيجارات القديمة لم تعد تتناسب والأسعار السائدة وأنها لا تحقق العدالة للمالك، ويقول الخبير الاقتصادي هاني الخليلي أن مشروع القانون الجديد يشتمل على تعديلات إيجابية في عدد من مواده، مشيرا بأن القانون لم يتعامل مع قضية حق المالك في إخلاء المأجور، وأجلّ مشكلة الإيجارات القديمة والشائكة إلى الفترة الممتدة من العام 1017 وعام 2020 وفق تاريخ العقد، الأمر الذي من شأنه أن يمنح المستأجر الفرصة الكافية لتأمين المسكن الملائم قبل إخلاء المأجور الملائم وأضاف أن مشروع القانون الجديد قد يسهم في تحقيق العدل والإنصاف للمالكين في بعض بنوده، ولاسيما في نص المادة التي أقرت فرض زيادة سنوية تدريجية تتراوح بين 2،5 إلى 5% لتعويض المالكين .

الحلول...

من الواضح، ومن خلال الحوارات والنقاشات والتحليلات والآراء الذي عبرت عن طرفي التعاقد قد تفاعلت عبر وسائل الإعلام وورشات العمل والندوات التي تدعو معظمها إلى أهمية وجود قانون للمالكين والمستأجرين جديد وعصري يحقق العدالة بين الأطراف المتعاقدة. ويمكن تلخيصها كما يلي :.

عبر الجميع عن الرغبة بالحاجة إلى قانون جديد يحقق العدالة وينصف طرفي التعاقد دون تغول طرف على الآخر، ويأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية والنتائج الاجتماعية لدى مناقشة المشروع في مجلس النواب.

الدعوة إلى المزيد من النقاش يشارك فيه كافة الفعاليات والأطراف المعنية بهدف الوصول إلى قانون عصري دون شوائب يرضي كافة الأطراف أو، على الأقل، يمتص أي توتر في العلاقة بين المالك والمستأجر ويمنع التسبب في أية مشكلات مستقبلا ويحقق الأمن الاجتماعي.

أن القانون الحالي يسلح في بعض بنوده المالكين سلطة الإخلاء والتعسف في استخدام القانون مما قد يتسبب بإخلاء أعداد كبيرة من البيوت والمحلات التجارية، ولذا يجب على الحكومة ومجلس الأمة أن يكونا الفيصل العادل في إجراء تعديلات متوازنة تحفظ للجميع الحقوق المادية والإنسانية ويوجد توازنا بين حقوق المالكين وحاجات المستأجرين مراعيا للظروف الاقتصادية، ويقطع الطريق على أي توتر اجتماعي.

التمييز بين العقود السكنية والعقود التجارية فكل منها له حالة خاصة يمكن تسويته بالنظر إلى أوضاع كلا القطاعين.

الحاجة إلى تشكيل لجنة تضم ممثلين عن الأطراف المعنية من الحكومة ومجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني وغرفتي التجارة والصناعة والنقابات ومنظمات المرأة وخبراء وقانونيين تكون مهمتها النظر في موضوع الإيجارات لما لهذا الموضوع من أهمية وما يحمله في طياته من تعقيدات وتشابك في المصالح.

أن يراعي مجلس النواب وهو بصدد مناقشة القانون، القوانين الدولية والتزامات الأردن إزاء هذه القوانين التي تنص على حق الإنسان بسكن ملائم تحميه الدولة. وأخيرا هل سيأخذ مجلس النواب والحكومة الملاحظات على القانون بعين الاعتبار وتتحقق العدالة المنشودة ؟