اعداد :يوسف الحوراني
مركز الرأي للدراسات
3/2009
تعيين جورج ميتشل مبعوثا للرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الشرق الأوسط أثار جدلا ونقاشا في الأوساط السياسية العربية وأملا حذرا بإمكانية تحقيق تسوية سلمية من خلال الضغط على إسرائيل، ظنا أن واشنطن ستعيد المصداقية لسياستها بعد ما فقدتها إبان المرحلة البوشية والوعد بحل الدولتين قبل نهاية عام 2008 .
لقد بات راسخا في وعي القوى السياسية والشعبية، بشكل خاص، أن الموقف الأمريكي كان ومازال يقف عائقا أمام تطبيق قرارات الشرعية الدولية وأن الإدارة الأمريكية تضع القرارات الخاصة بفلسطين جانبا ابتدء من القرار 181 القاضي بتقسيم فلسطين والقرار 194 الخاص بحق العودة وقد مضى عليهما أكثر من ستين عاما وقرار 242 الداعي لانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 منذ ما يزيد عن أربعين عاما، في حين أنه صدر ثلاثة عشر قرارا ضد العراق وأخذت طريقها للتنفيذ بالقوة والحرب. لقد ربطت واشنطن حل القضية كعنصر يساهم في ربط حلقات برنامج السيطرة الأمريكية على هذه المنطقة على أساس النظام الأمني الإقليمي والتعاون الاقتصادي واستيعاب إسرائيل.
شكل العامل الفلسطيني عنصر الاستقرار أو التوتر في المنطقة، فهو الذي يملك أكثر من غيره أمكانية التحول إلى عنصر التفجير وعدم الاستقرار، وحتى يتحقق الاستقرار والأمن في المنطقة ويلبي الرغبات الدولية، لا بد من الاستجابة إلى حقوقه المشروعة. لقد حاول الشعب الفلسطيني بما يملكه من قوة اعتراضية الحصول على الحل السياسي الذي يلبي حقوق المشروعة من خلال الانخراط في العملية السياسية، غير أن عدمية المواقف الإسرائيلية وتنكرها لأبسط الحقوق والمطالب الفلسطينية أكدت من جهة أن إسرائيل هي المعطل الفعلي للعملية السلمية، كما أكدت فعالية العامل الفلسطيني وقدرته على توظيف قدراته التي شحنتها السياسة العدمية الإسرائيلية والقوى الداعمة لها ضد ذلك الاستقرار الذي يتنكر للمصالح والحقوق الفلسطينية، وسيبقى تجاهل الدول الكبرى لقرارات الشرعية الدولية وغياب الدور العربي الحاسم محركا ومولدا للصراع ومولدا للقوى المتطرفة.
انحيازات وتكتلات منذ عام 1948
إن القوى الفلسطينية على مختلف مواقعها وبرامجها، تواجه مرحلة جديدة في النضال الوطني الفلسطيني حيث أدت وقائع الأيام السوداء في مذبحة غزة والنتائج الضبابية وما أسفر عنها و صاحبها من تحركات سياسية ودبلوماسية وشعبية ولقاءات قادة ومؤتمرات، تجدد تسليط الأضواء على قضايا الصراع العربي ? الإسرائيلي وفي القلب منها القضية الفلسطينية مؤكدة للمرة المليون الحاجة إلى حل هذه القضية على قاعدة الشرعية الدولية، جوهر الصراع بل الصراعات وسبب توتر المنطقة على مدى ستة عقود.
أدى وجود الاحتلال إلى نتائج كارثية ليس أقلها حالة التشظي للوضع العربي والوضع الفلسطيني وفي تصاعد الحملات التاريخية المتبادلة ما بين محورين أو معسكرين أو ربما أكثر بأسماء وعناوين أخرى تميز الانحيازات أو التكتلات العربية منذ نكبة عام 1948 مما أدى إلى تردي أوضاعها وتراجع في المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعزز النزعات الانفصالية في عدد من الدول العربية ( الحالة العراقية، الفلسطينية، اللبنانية، السودانية، الصومالية ) كما أدى التمادي في الانحياز الأمريكي الأوروبي غير الأخلاقي لإسرائيل إلى زعزعت ثقة المواطن العربي بأن حلا قد يأتي من هذه الجهات.
لقد أكدت الحرب على غزة الحاجة إلى إعادة النظر في كل ما هو قائم فلسطينيا وعربيا ذلك أن الفرقاء المتصارعين لن يجدوا طريقهم نحو الآخر طالما بقيت الجراح نازفة وتتسبب في إحداث الشروخ في القضية الفلسطينية والإفضاء إلى تداعيات خطيرة وانعكاسات تلحق أفدح الأضرار بالوحدة الوطنية وبالقرار الفلسطيني المستقل و السقوط في الشروط الإسرائيلية.
سيبقى الصراع بين الطرفين الرئيسيين في فلسطين المحتلة قائما ما دام كل منهما منحازا إلى مصالحه الفئوية والتنظيمية والسلطوية ويتمسك ببرنامجه المتعارض والمتصادم مع الآخر، وهو ما يقدم خدمات جليلة للعدو الذي بات يعدّ الأيام لمزيد من تفتيت وتشتيت وحدة الشعب والذهاب بالقضية إلى المجهول أو ربما إلى مزبلة التاريخ كما جرى للهنود الحمر في أمريكا أو الشعب الأصلي في استراليا .
مذبحة غزة
وعلى الرغم من إدراك العالم بأن بقاء القضية الفلسطينية دون حلّ يرضي الشعب الفلسطيني ودون أن تحظى باهتمام الدول الكبرى، رغم ما أحدثته مذبحة غزة من ردود فعل عربية وإقليمية ودولية، فإن المنطقة ستبقى تعاني من التوتر و الإضطرابات وستكون هدفا للقوى المتطرفة، مستفيدة من المشكلات الدولية ( الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، الملف النووي الإيراني، ظاهرة الإنحباس الحراري، التنافس على الأسواق العالمية، النفط والطاقة، بؤر التوتر الأخرى في العالم .. ) وفي وقت يتخبط النظام العربي بأدائه السياسي ويرهن مواقفه لمراكز القوى الكبرى، وغيابه عن الساحة السياسية العربية وما أحدثه ذلك من فراغ في المنطقة استدعت بعض دول المنطقة لملئه، وهو أمر طبيعي ومن حقها أن تفعل ذلك، فكل الصراخ الذي يطلقه بعض العرب .. لضمان عدم تدخل أي أطراف غير عربية وغير مرغوب فيها في شؤوننا وبصورة غير ضرورية بلا معنى فالآخرون، تحت قصف الصواريخ والاتهامات والتهديدات، ماضون في برامجهم مما جعل دولة مثل إيران ( عمر النظام فيها ثلاثون عاما ) تمضي في برنامجها النووي وتطلق الأمل ( أوميد ) كأول قمر صناعي إيراني وتصدم العالم بهذا التطور، وتدخل تركيا كلاعب مهم في المنطقة لإيجاد موطئ قدم يعزز نفوذها الإقليمي.
إن رهان بعض العرب بل كلهم على الإدارة الجديدة ( كذلك فعلوا مع الإدارة القديمة والتي قبلها .. ) قد لا يبدو واقعيا أو فاعلا طالما أنهم أنفسهم قاصرون عن توحيد صفوفهم والتمسك، من موقع القوة، بالحقوق الثابتة والشرعية والاشتباك مع المشروع الصهيوني استنادا إلى القرارات الدولية والاستخدام الحصيف والمؤثر لأوراق الضغط التي بين أيديهم، والتصدي للمشاريع التي تستهدف المنطقة سواء كانت إيرانية أو إسرائيلية أو أمريكية وعلى النظام العربي أن يوظف أدواته المتاحة والممكنة، ويتبنى قضاياه، ويبني قوة عسكرية وسياسية واقتصادية عربية تقوم على أسس العدالة والمساواة والديمقراطية.
شرق أوسط جديد أم نظام إقليمي؟
لقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى ضوء نتائج حرب الخليج الأولى عام 1991 العمل من أجل تسوية الصراع العربي ? الإسرائيلي وتطبيع العلاقات العربية ? الإسرائيلية ضمن إطار إقامة نظام إقليمي جديد وفق خطة التوافق الاستراتجي الأمريكية وسعي واشنطن إلى عدم ربط تسوية الصراع العربي ? الإسرائيلي بتسوية قضية الصراع الفلسطيني ? الإسرائيلي.
في إطار هذا المخطط حاولت الإدارة الأمريكية تمييع الدعوة إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية إزاء القضية الفلسطينية والصراع العربي ? الإسرائيلي وذلك من خلال إضعاف وتهميش منظمة التحرير الفلسطينية بل إلغاء دورها التمثيلي بإحلال سلطة ضعيفة ومسلوبة الإرادة محلها وبديلا عنها وعن برنامجها الذي يؤكد على الدولة المستقلة و تقرير المصير وحق العودة.
ومن أجل الوصول إلى هذه النتائج جرى السعي لتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إسرائيلية داخلية وبما يتوافق مع اتفاقات كامب ديفيد وتداعياتها وسلسلة المؤتمرات والاجتماعات وأخرها انابولس وصولا إلى تصفية برنامج الاستقلال وبناء الدولة وتقرير المصير والعودة، وفي الوقت ذاته السعي نحو إدخال القضية في دهاليز التفاصيل والمسائل الفرعية. وأن أخطر ما تواجهه الحركة السياسية الفلسطينية هو الدعوات لاعتماد سياسة إنتظارية وترقب المبادرات الأمريكية لتحريك عملية السلام وهو ما يشكل خطرا واضحا حيث يمكن أن تشجع السياسة الأمريكية على إعادة البحث السياسي من المربع الأول التي بدأت منه وبالتالي تضيع المسائل الجوهرية التي وضعتها محرقة غزة أمام أنظار العالم وذلك بالعودة إلى قرارات الشرعية الدولية.
لقد عمد الغرب طوال مذبحة غزة على تبرير الهجمة الإسرائيلية بدعوى حماية أمن إسرائيل و حقها في الدفاع عن نفسها وقبلها حصار شعبها وكانت تسهب في التحريض من ويلات سقوط صواريخ القسام وتهديدها لأمن المواطنين الإسرائيليين حاولت أن تغفل عن الكوارث التي سببتها سقوط آلاف القنابل والتدمير والضحايا والاعتقالات والقتل ليس في غزة فحسب، بل في مناطق السلطة الفلسطينية وهو ما يؤكد أن الغرب يمارس خرقا فاضحا لحق الشعوب في الدفاع عن حقوقها وحريتها واستقلالها.
سكتت أصوات المدافع عشية تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد اوباما ودخوله البيت الأبيض وجرت قبل هذه اللحظة رهانات كثيرة في صفوف المفكرين والسياسيين العرب، بناء على إشارات سابقة لأوباما، بأن السياسة الأمريكية الخارجية ستشهد تحولات وخاصة ما تعلق بموضوع الشرق الأوسط وفي المقدمة القضية الفلسطينية وكانت هذه الإشارات غير مطمئنة ولا تبعث على التفاؤل فقد كانت تحاكي نفس السياسات المنحازة التي مارستها الإدارات السابقة إزاء الصراع العربي الإسرائيلي، فقد أعاد اوباما ترداد نفس الأسطوانة حول حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها دون أن يقترب إلى ما تعرض ويتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة عنصرية منظمة ودمار لاقتصاده وقتل لأبنائه وقضم لأراضيه وإقامة الحواجز وبناء الجدار العنصري والمستوطنات أو الإشارة إلى الاحتلال أو القرارات الدولية أو حق الشعوب في تقرير مصيرها ( أحدى مبادئ الرئيس الأمريكي الثامن والعشرين ودرو ولسون ضمن أربعة عشر مبدأ لإرساء الديمقراطية وحق تقرير المصير 1918) واحترام إرادة الشعب الفلسطيني، وذهب إلى تكرار اتهام حماس المنتخبة من قبل شعبها بسلوك ديمقراطي، بالتخريب وتعطيل الحلول السلمية ، داعيا إلى إنهاء المقاومة باعتبار أنها أعمال تخريبية مبديا تعاطفا مع الجانب الإسرائيلي بالرغم من الجرائم التي ارتكبتها إبان حربها على شعب غزة مشجعا إياها على المضي في التنكيل بالشعب الفلسطيني.
أكذوبة الأمن الإسرائيلي
ومن المثير، هنا، عندما يؤكد اوباما على أكذوبة حماية أمن إسرائيل ( الدولة النووية الوحيدة في المنطقة ولديها جيش هو الرابع من حيث القوة العسكرية في العالم والأول في المنطقة ) ضد شعب أعزل يرزح تحت الاحتلال منذ ستة عقود. ووقفت بلاده عبر تاريخ الاحتلال في وجه أي قرار ضد إسرائيل وإدارة ظهرها للقرارات الدولية التي تلزم إسرائيل الإنسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس العربية وتنفيذ القرار الدولي رقم 194 الذي ينص على حق الفلسطينيين الذين طردوا من بيوتهم وأراضيهم عام 1948 بالعودة إلى ديارهم. إن تعيين جورج ميتشل مبعوثا للشرق الأوسط لـ تقصي الحقائق والاستماع ( !! ) وكأن القضية مجهولة، هو شكل من أشكال الدوران في حلقة مفرغة وتكرار لسيناريوهات متعددة مرّت على المنطقة منذ الكونت فولك برنادوت مبعوث الأمم المتحدة بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والذي انتهى بمقتله ومساعده في 17 أيلول 1948 على أيدي العصابات الصهيونية، حيث أدرك في حينه كل من بن غوريون وبيغن وشارون أن أي اتفاق سلمي يعني إجهاض المخططات التوسعية لإسرائيل.
إنها اللعبة التاريخية التي برع فيها الصهاينة في شراء الوقت دون ثمن وإضاعة الفرص في تحقيق السلام العادل والشامل، وهي رغبة مفقودة أو مستحيلة لدى أي من القوى السياسية في إسرائيل وبالعكس فإن المجتمع الإسرائيلي ذاهب باتجاه المزيد من التطرف نحو اليمين والتصلب إزاء القضايا الأساسية والجوهرية فقد حظي حزب اليساري ( ميرتس ) الذي يدعو للسلام مع الفلسطينيين على ثلاثة مقاعد في الكنيست وهو ما يؤشر إلى ما ذهبنا إليه بشأن رفض إسرائيل لعملية السلام ( الانسحاب نحو حدود الرابع من حزيران والدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني والحدود والمستوطنات والقدس وحق العودة ) التي هي في الوقت نفسه ثوابت لدى معظم القوى الفلسطينية.
وفي الوقت الذي صعد فيه الديمقراطيون كأغلبية في الكونغرس وفوز اوباما كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، الذي انصرف على الفور لمعالجة الأزمة المالية وتفاقم الأوضاع الاقتصادية وتزايد ضغوط اللوبي الصهيوني الذي نما تأثيره بفعل تزايد ثقل العلاقة الإستراتجية الخاصة القائمة بين تل أبيب وواشنطن وخاصة إبان الحقبة البوشية ، إضافة إلى الملف الإيراني ودون أن يلتفت إلى تواقيع 32 عضوا على مسودة قرار يلتزم فيه الكونغرس بتأييد المساعي الدبلوماسية التي تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل دفع حل الدولتين كما أشار إلى ذلك الكاتب الإسرائيلي عكيفا الدار في صحيفة هآرتس، فيما تظهر نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي الثامن عشر فوز اليمين الإسرائيلي ذي النزعة الفاشية بالأغلبية الرافضة للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين، ليقع النظام العربي المنقسم والقوى الفلسطينية المتصارعة، في مأزق من المبكر التنبؤ بالنتائج التي سيرسو عليها في وقت تتلاشى فيه إمكانيات الحل السياسي أو فرص الوصول إلى تسوية، وهنا يلح السؤال حول الذي سيؤول إليه الحال العربي والفلسطيني وقد أصبح الحال إلى ما انتهى إليه ؟ هل سيذهب العرب والفلسطينيون إلى واشنطن للبحث عن حل هناك متكئين على تصريحات أوباما التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية والذي أعلن في أكثر من مناسبة بأن الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط أمران حيويان بالنسبة للمصالح الأمريكية أم أنهم سيلجأون إلى أنفسهم ويلعبون الأوراق التي بين أيديهم وهي كثيرة وهامة ومؤثرة ؟
حل الدولتين
هل سيجد العرب، المحرجون أمام شعوبهم، لدى اوباما ما يخرجهم من المأزق و النفق المظلم، بعد أن تبددت إمكانية قبول إسرائيل بالمبادرة العربية وخروجها من التداول ( ولا تساوي الحبر الذي كتبت به، على حد وصف شمعون بيريز لها، والرد الذي جاء من شارون بمذبحة جنين )، وبعد أن تم تطويع غالبية الجمهور العربي للقبول بوجود إسرائيل في خاصرة الأمة مقابل الحصول على الحقوق العربية التي أقرتها الشرعية الدولية؟ وهل سيجد الفلسطينيون ما يعوضهم عن نضالهم الطويل وعن دماء أطفالهم أو عن سنوات الضياع التي أفنوها في مفاوضات لم تسمن ولم تغني من جوع وذهبت أدراج الرياح، ما الذي ينتظر العرب، كل العرب، من الإدارة الجديدة في البيت الأبيض ؟ ولنفرض أن أوباما ووزيرة خارجيته كانا جادين في التمسك بصيغة الدولتين كحل مفضل كما أشارت إلى ذلك هيلاري كلنتون فماذا هما فاعلان أمام النتائج التي أظهرتها الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة ؟ دون شك أن النوايا الأمريكية سوف تصطدم مع الرؤية اليمينية للحكومة الإسرائيلية، والتي يعبر عنها صراحة برنامج الليكود وإسرائيل بيتنا وحتى كاديما والعمل وطبعا كافة القوى المتطرفة، و هذا لن يحرج إسرائيل ولن يشكل بالنسبة لها أي عائق أمام المضي في برنامج التطرف وإدارة الظهر للمطالب الفلسطينية وحتى العربية، فقد أوصدت الحكومة بصيغتها هذه وبدون مواربة كل الأبواب أمام أي تسوية محتملة أو أي طموح مدعى لدى اوباما بالوصول بالنزاع إلى حلول ممكنة أو محتملة.
إدارة الصراع
إن الإدارة الأمريكية التي تبعث بإشارات تطمينية يدفعها في ذلك مصالحها الإستراتجية في المنطقة ومحاولتها، كما أشار أوباما، إلى إقامة علاقات مع الدول على أساس الاحترام والتعاون المشترك، فإن لذلك استحقاقاته التي لا تتوقف عند النوايا الطيبة وإنما باتخاذ خطوات واقعية وعملية والانتقال من مرحلة إدارة الصراع نحو العمل على حله بما يحفظ للفلسطينيين حقوقهم المشروعة وينهي كل أشكال التوتر والصراع في المنطقة بما في ذلك العلاقة مع سوريا وإيران طبقا لقاعدة المصالح واستنادا إلى التوازن في العلاقات بين الدول ومع القوى المؤثرة والفاعلة في ساحة الصراع. على الإدارة الأمريكية أن تدرك إلى أن العامل الفلسطيني هو العنصر الأساس وحجر الزاوية في حل النزاع وتحقيق السلام وذلك بالمستوى والقدر الذي يستجاب فيه لحقوقه ومطالبه المشروعة التي تنص عليها القرارات الدولية. ولكن هل يمكن للفلسطينيين الإفادة من تصريحات اوباما وكلينتون لتحقيق تقدم في العملية السلمية وهل ستجد المبادرة العربية آذانا صاغية وتفهما لدى واشنطن ؟ زعيم حزب الليكود اليميني المتشدد بنيامين نتنياهو يرفض علناً مبادرة السلام العربية، كما يرفض المفاوضات مع سورية وهو يرفض قيام دولة فلسطينية ووقف الاستيطان والتفاوض على القدس وعودة اللاجئين. كما يشكل صعود حزب ' إسرائيل بيتنا' بزعامة افيغدور ليبرمان، الذي حصد 15 مقعداً نيابيا من أصل 120 في الكنيست ما جعله القوة الثالثة في إسرائيل وهو الجانب الأخطر في نتائج الانتخابات، فليبرمان أشتهر بفاشيته ومعاداته السافرة للشعب الفلسطيني ودعوته لاستعمال السلاح النووي ضد إيران، والى سحق المقاومة الفلسطينية، لاسيما 'حماس'، بكل الوسائل الممكنة، وهو يدعو إلى طرد عرب فلسطين داخل الخط الأخضر، فهو صاحب الدعوة لسن قانون يرغمهم على توقيع إعلان 'ولاء' لإسرائيل، أو حرمانهم من حق التصويت، مما زاد من تعقد الوضع على الصعيد الإقليمي ( الدول العربية ) والدولي ( أمريكا ).
يقول باتريك سيل الكاتب والمحلل السياسي الإنجليزي في صحيفة الاندبندنت في مقالة نشرتها الحياة اللندنية .. ولاشك أن نتنياهو سيبذل قصارى جهده كي يحبط هدف اوباما، فقد أعلن جهارا أنه يرفض مبدأ الأرض مقابل السلام. كما أنه يعارض أي تنازل عن الأراضي سواء لمصلحة الفلسطينيين أو لمصلحة سوريا. حتى أنه يرفض مناقشة قضية القدس.
عقدين من التملص
من هنا فإن السؤال المطروح لماذا يواجه التعنت الإسرائيلي بمرونة أمريكية وبصمت النظام الدولي؟ لقد حاولت الإدارات الأمريكية منذ مؤتمر مدريد 1991 إلى أوسلو وكامب ديفيد وطابا إنتهاء بأنابولس إلى تبرير عدم اللجوء للضغط على إسرائيل لجذبها إلى المفاوضات وممارسة الضغط عليها !!؟ وبعد دخولها في المفاوضات يصبح الهدف الحفاظ على بقائها في المفاوضات وفي إطار هذه الرؤية التضليلية تمكن المفاوض الإسرائيلي من التملص والمراوغة وحولت التفاوض إلى لعبة ومضيعة للوقت. فخلال العقدين الماضيين لم يكن حجم الضغط الأمريكي والأوروبي عليها سوى لعبة هدفها ابتزاز الجانب العربي ليتبين في كل مرة أن الإدارة الأمريكية هي سبب التعنت الإسرائيلي لأنها سمحت لها رفض الأساس القانوني لعملية السلام، ورفض مبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرة العربية وقبلها رفض قرار مجلس الأمن رقم 242 وكل القرارات الدولية والتملص من الاتفاقات التي تم توصل إليها مع الجانب الفلسطيني .
إن السياسة الأمريكية، ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي ونتائج حرب الخليج 1992 انطلقت من تقديرات أن الفرص باتت سانحة ومواتية لإدخال دول الشرق الأوسط في ترتيبات أمنية واقتصادية وسياسية في نظام إقليمي جديد يستجيب لمصالحها الحيوية وتعزيز مكانتها الدولية على رأس نظام عالمي أحادي القطب، وهو ما يتطلب العمل على إطفاء الحرائق وبؤر التوتر في المنطقة ومن ذلك الوصول إلى حلول وصيغ تنهي الصراع العربي الإسرائيلي والفلسطيني الإسرائيلي وإيجاد تسوية ما للقضية الجوهرية حيث يجمع المحللون والمراقبون على أن حل الصراع في العراق وأفغانستان والباكستان وإيران يرتبط جدليا بحل المسألة الفلسطينية.
إلى جانب هذه الرؤية الأمريكية، فإنها سعت إلى تغييب الضوابط الدولية وإبعاد إسرائيل عن دائرة الضغوطات القانونية والقرارات الدولية وعمدت إلى السياسة الانتقائية مع هذه القوانين والقرارات بما ينسجم مع مصالحها الخاصة ومصالح حلفائها، بمعنى أنها لا ترى في الأمم المتحدة إطارا لحل النزاعات أو ممارسة الضغط على إسرائيل، كما أنها، أي واشنطن، افتقدت إلى المصداقية في التعاطي مع مطالب العرب بتوفير الحل الشامل والعادل الذي على أساسه تم صياغة المبادرة العربية، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وخلو السياسة الأمريكية من آلية للوصول إلى هذا الحل مما منح إسرائيل مجالا للمناورة وكسب الوقت. بل أن محاولات واشنطن ذهبت إلى حد الانحراف بالصراع العربي الإسرائيلي نحو تصوير أن الخطر قادم من إيران وأن الصراع هو بين دول المنطقة والتهديد الإيراني، ويشير نتينياهو في تصريح له في صحيفة الواشنطن بوست ومجلة نيوزويك أن تسلح إيران بأسلحة نووية سيشكل تهديدا كبيرا ليس لأمن إسرائيل وحدها بل لاستقرار كل حكومة عربية في المنطقة .
إقصاء لدور الأمم المتحدة
إن من الأهمية بالنسبة للفلسطينيين القراءة الدقيقة لموازين القوى الدولية والتوقف عند مكونات سياساتها الراهنة من حيث سيطرة الولايات المتحدة على مجريات العلاقات الدولية إلى حد كبير وتراجع المبادئ السياسية والإنسانية وفي وقت تخسر أوروبا هامش الاستقلال النسبي في دورها الدولي وأصبحت سياستها الخارجية ملحقة بالسياسة الأمريكية منذ حرب الخليج ولغاية الآن، وإقصاء دور الأمم المتحدة لصالح التفرد الأمريكي. وفي نفس الوقت إطلاق العنان للحكومات الإسرائيلية الإفلات من قيود القانون الدولي والتنصل من قرارات الشرعية الدولية، وهو ما يستدعي من الطرفين الفلسطيني والعربي إعادة النظر في تكتيكاتها للوصول إلى الحل المنشود : على الصعيد الفلسطيني، فإذا صح القول بأن تطورات الأحداث السياسية وتفاعلاتها والظروف المحيطة بها يشكل شرطا للنجاح في صياغة مواقف وتكتيكات سياسية صائبة فإن تبني رؤية متوازنة الدلالات التي تنطوي عليها نتائج الانتخابات الإسرائيلية وانعكاساتها المحتملة على الموقف الأمريكي الذي عبر عنه اوباما بحل الدولتين يشكل المدخل للتدقيق في إستراتجية الموقف الفلسطيني وإعادة صياغة بعض محاورها وأهدافها وتكتيكاتها.
رؤية فلسطينية بعد الانتخابات الإسرائيلية
وبصرف النظر عن تباين مواقف القوى السياسية الفلسطينية لهذا التغيير ومفاعيله المحتملة تقضي تسليح الموقف الفلسطيني بإستراتجية قادرة على استنفار كل عناصر القوة الكفيلة بتحقيق التكتيكات الفلسطينية، وتنطلق هذه الرؤية الفلسطينية من مدلولات ونتائج الانتخابات الإسرائيلية من اعتبار نجاح القوى اليمينية هو تعبير عن ميل متزايد لدى الرأي العام الإسرائيلي نحو التطرف وانحيازه لصالح رفض العملية السلمية والتفاوض مع الجانب الفلسطيني.
إن نتائج الانتخابات الإسرائيلية تشكل حدثا مهما ذا أبعاد سياسية مباشرة وغير مباشرة تمس عملية السلام وآفاقها، وان المرحلة الجديدة تنطوي على مخاطر حقيقية تهدد العملية برمتها وربما إجهاض الجهود الأمريكية والأوروبية ( إن وجدت ) إزاء النظر إلى مستقبل المنطقة وأهمية استقرارها نظرا للمصالح الهامة لكلا الطرفين، وهنا على الجانب الفلسطيني أن يتمتع بقدر عال من المقدرة على إدارة الصراع ، وصياغة إستراتجيته وتكتيكاته بما يحقق توظيف التفاعلات بما في ذلك الحرب على غزة والزخم الشعبي العربي والإسلامي والدولي وتزايد التعاطف الواسع مع قضية الشعب الفلسطيني، وتصريحات الرئيس الأمريكي والرغبة الأمريكية ( !؟ ) في تقدم عملية السلام .
وسيلة لا غاية
إن الجانب الفلسطيني إذ يشكل الطرف الأضعف في معادلة ميزان القوى بوصفه الطرف الواقع تحت الممارسات التعسفية والإرهابية الإسرائيلية كقوة غاصبة، يجب أن يدرك أنه حجر الزاوية في استقرار المنطقة الذي تسعى إليه واشنطن والذي لا يمكن أن يتحقق بتجاهل الجانب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية المشروعة وهو ما يدعوه إلى التعامل مع المفاوضات المقبلة ولقاءات القادة السياسيين في العالم بوصفها وسيلة لتحقيق الأهداف الفلسطينية لا غاية بحد ذاتها كما كان الحال طوال السنوات الخمسة عشر الماضية مع الجانب الإسرائيلي الذي سعى وبكل الأشكال الممكنة لعرقلة الوصول إلى نتائج ملموسة، فقد أخفقت السلطة الفلسطينية من التوصل، عن طريق التفاوض مع إسرائيل وأطراف اقليمية ودولية من تحقيق أي تقدم وبعكس ذلك استغلت إسرائيل المفاوضات واللقاءات لتوسيع رقعة الاستيطان على نحو يحرم الفلسطينيين من الأرض لإقامة الدولة. وهذا يستدعي أولا وقبل أي شئ آخر توحيد الصف الفلسطيني وتصليب البنيان الداخلي وإعادة الوحدة للشعب الفلسطيني على قاعدة الثوابت الفلسطينية والتوصل إلى اتفاق بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتمسك بالحقوق القانونية والدولية للشعب الفلسطيني وتعمل وفق برنامج وطني تحدده كافة الأطراف الفلسطينية، والانطلاق من الهدف الإستراتيجي للشعب الفلسطيني بإقامة دولته والتقدم بشعار وقف الاستيطان كشرط ضروري للدخول في أي مفاوضات قادمة، إن المطلوب من الجانب الفلسطيني الآن إلى قيادة شرعية تثمل كافة ألأطراف الفلسطينية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وإمساك الشعب بقضيته واختيار قيادته وفق القواعد الديمقراطية بما يمكنه من الدفاع عن حقه في إقامة دولته المستقلة والقابلة للحياة وهذا يستدعي تكثيف الحوار والتنسيق مع الجانب العربي بعيدا عن المحاور والاصطفافات لأغراض سياسية ومع الإتحاد الأوروبي والصين وروسيا ومنظمة الدول الإسلامية والهند واليابان وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية.
عمق المأزق العربي
أما على الصعيد العربي، فقد أظهرت الإدارة الأمريكية السابقة عدم رغبتها في وجود نظام عربي عصري وديمقراطي، بل نظام تابع وموال وخاضع لإملاءاتها، ولذا تغاضت عن برنامجها للإصلاح الديمقراطي في الدول العربية وقبضت ثمن ذلك السكوت عن إحتلال العراق وتدميره ونهبه والتنازل عن الحقوق الفلسطينية. لقد ظهر العرب بعد سلسلة من القمم العربية أنهم عربان أو أكثر مما يكشف عمق الأزمة والعجز الذي تعيشه الأنظمة العربية وهذا من شأنه أن أوجد الفراغ في المنطقة، كما أشرنا، ودعا بعض دول المنطقة لمحاولات لملئه، وقد ساعد غياب الديمقراطية بما يعني ذلك تداول السلطة والرقابة والمحاسبة والمشاركة الشعبية، عن تولد أخطار وخطايا والحال الذي وصل إليه العرب واسهم في تعزيز القبضة الاستعمارية وتحقيق السيطرة المباشرة على مصادر الطاقة النفطية فيه وضمان أمن واستقرار إسرائيل وبالتالي فإن ما شهدناه من لقاءات ومؤتمرات وما خرجت عنه من قرارات أمنية واقتصادية وسياسية لم تسهم في خلق قناعة بأن الأمة تمتلك الإرادة للحفاظ على سيادتها وحقوقها، ولم تسهم في توفر الإرادة لدى إسرائيل والغرب بالاستجابة إلى المطالب العربية وعلى رأسها الأرض مقابل السلام وتم تجاهل المبادرة العربية ، بل على العكس من ذلك فكلما تقدم العرب بمبادرة زاد الإسرائيليون في تعنتهم وصلفهم ورفضهم لإقامة دولة فلسطينية إلى جوار دولة إسرائيلية ناهيك عن رفضهم لحق العودة وحق الفلسطينيين في القدس وأمعنوا في بناء المستوطنات واستطالوا في بناء جدار الفصل العنصري، ورغم ما أظهرته إسرائيل من عرقلتها لأي تسوية فإنها لم تقابل ببادرة أمريكية واحدة تعترف بذلك أو تمارس أي ضغط عليها بسبب غياب الضغط العربي ومن المتوقع أمام ضغوط المشكلات المالية التي تواجه الحكومة الأمريكية وبرنامج أوباما للاشتباك الدبلوماسي والسياسي مع الملفات الساخنة في المنطقة ( ملف إيران النووي، العلاقات مع سوريا ) إضافة إلى تعزيز القدرات العسكرية الأمريكية في مواجهة تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان والعلاقات الدولية مع كل من روسيا والصين ومواجهة الطموحات النووية الكورية الشمالية، ربما يضع الإدارة الأمريكية أمام رغبة بمنح الحكومة الإسرائيلية مجالا للمناورة لفرض شروطها ورؤيتها على الجانب العربي وإيصال العملية السلمية إلى طريق مسدود، فالولايات المتحدة ليست بصدد الضغط على الجانب الإسرائيلي، وربما تلميحات شمعون بيريز إلى إيجاد حل مع نهاية الدورة الحالية للكنيست ( أربع سنوات، إذا لم يحل، تنتهي في مطلع عام 2013 ) تأتي في إطار السياسية الأمريكية التي تسعى لإطالة أمد الصراع، وهو ما حدث إبان فترة بوش الثانية الذي وعد بحل الدولتين مع نهاية ولايته عام 2008.
حالة الاستسلام
هل ذلك يدعونا للتشاؤم ؟ لتبرير نزعة الاستسلام التي تعيشها بعض الأوساط الفلسطينية والعربية التي تدعو للانخراط في الحل الأمريكي بأي ثمن مستفيدة من حالة اليأس والإحباط والظروف الصعبة التي تمر بها الساحتان العربية والفلسطينية، ولكن ذلك يجب أن لا يعني بأن فرص النجاح للتحرك الأمريكي الجديد معدومة أو محدودة ولكنها أيضا ليست حتمية، وأمام العرب المقرر عقد مؤتمرهم في الدوحة نهاية آذار الحالي مناسبة لمخاطبة واشنطن والاتحاد الأوروبي والعواصم المؤثرة من موقع الذي يملك أوراقا كثيرة للضغط وفي مقدمتها قرارات الشرعية الدولية والرأي العام العالمي الذي انتفض أثناء الحرب على غزة ووقف إلى جانب الحقوق الفلسطينية، والتحذير من أن يواجه أي تقدم أمريكي بمأزق الموقف الإسرائيلي الرافض لإبداء أي مرونة أو تجاوب مع المبادرات العربية منذ مدريد والذي قد يشتد رفضه وتعنته مع صعود اليمين الإسرائيلي إلى الحكومة، والتأكيد على إن المعيار الذي يجب الاستناد إليه لتقييم الموقف الأمريكي هو في الجدية والالتزام بصيغة حل الدولتين وممارسة كل أشكال العمل السياسي من أجل الضغط لتنفيذ هذا الوعد، وقدرة الإدارة الأمريكية على مواجهة العراقيل التي من المؤكد أنها ستضعها الحكومة الإسرائيلية اليمنية في سعيها لإيجاد تسوية أو تسويات في المنطقة سيما وأن هذه الإدارة ووجهت بضربة إستباقية من قبل الناخب الإسرائيلي الذي صوت ضد حل الدولتين .
وإذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة جادة في الوصول الى تسوية سلمية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية وانسحاب قوات الاحتلال من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما فيها مدينة القدس عليها أن تمارس ضغطا فاعلا على الحكومة الإسرائيلية للقبول بالمبادرة العربية دون شروط ودون الدخول في لعبة المفاوضات العبثية ، وأن تبادر فورا لتفكيك المستوطنات التي تم إنشاؤها منذ عام 1967 وإزالة جدار الفصل العنصري وتنفيذ القرار الدولي رقم 194 لعام 1949 الذي ينص على عودة اللاجئين الذين طردوا من ديارهم وأراضيهم والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم. وهذه المطالب كلها تستند الى قرارات الشرعية الدولية وتضمنتها المبادرة العربية. فهل الإدارة الأمريكية قادرة على تبني هذه المطالب العربية ؟ سنسمع الجواب من خلال نتائج جولات المسئولين والمبعوثين الأمريكيين الذين حضروا إلى المنطقة خلال الأيام والأسابيع الماضية والقادمة لننتظر ونتأمل ونأمل وإن كانت المقدمات تشي بالنتائج !