النزعات الانفصالية في جمهورية السودان

مركز الرأي للدراسات

 

اعداد : عارف عادل مرشد

 

حزيران 2014

 

أولا) لمحة عن جمهورية السودان:

 

دولة في شمال شرق أفريقيا عاصمتها الخرطوم، ثالث اكبر دولة عربية في المساحة بعد الجزائر والسعودية، يبلغ عدد سكانها ما يقارب (34) مليون نسمة بعد انفصال الجنوب عن الدولة -96% منهم مسلمون سنة- استقلت عن بريطانيا في عام 1956م، وهي تتكون من مجموعة من الولايات يبلغ عددها (16) ولاية، نظام الحكم فيها جمهوري فدرالي ديمقراطي.

 

ثانياً) انفصال جنوب السودان عن الجمهورية :

 

تأسست دولة جنوب السودان عندما انفصلت عن باقي السودان في استفتاء شعبي لسكان الجنوب أعلن عن نتائجه النهائية في (فبراير/2011) وتم الإعلان عن استقلال كامل الدولة في (يوليو) من نفس العام، تُعرف رسمياً باسم (جمهورية جنوب السودان) وتعتبر مدينة جوبا عاصمتها وأكبر مدنها. تتقسم إلى عشر ولايات، وتبلغ مساحتها اكثر من (600)الف

كم2 تقريباً، وهي دولة عضو في الأمم المتحدة فهي الدولة رقم (193) في عضوية الأمم المتحدة وآخر دولة حتى الآن انضمت الى الأمم المتحدة بعضوية كاملة، عدد سكانها تقريباً (10) مليون نسمة (80%) منهم مسيحيين و(18%) مسلمون سنة و(2%) وثنيون لا يؤمنون بأي دين.

 

تمتاز جمهورية جنوب السودان بأنها منطقة غنية بالموارد الطبيعية وبالأخص البترول الذي يُعتبر من أهم صادرتها، حيث تتمركز فيها ما نسبته (85%) من احتياطي السودان السابق، ومع ذلك يعيش أكثر من نصف السكان في جنوب السودان في فقر مدقع. وتوجد في جمهورية جنوب السودان العديد من اللغات الأفريقية المحلية، ولكن لغة التعليم والحكومة هي اللغة الانجليزية.

ثالثاً) النزعة الانفصالية في إقليم دارفور:

 

يحتل إقليم دارفور موقعاً استراتيجياً كبير الأهمية، حيث يقع في أقصى غرب السودان بوصفه أكبر أقاليم السودان، بحيث تشكل حدوده الغربية حدود السودان الخارجية مع دول عربية وإفريقية عدة، وسكان الإقليم يدينون بالإسلام الذي يختلط في مناطق كبيرة بالأعراف المحلية. ويقطنه مجموعات قبلية وعرقية متعددة من أهمها (الفور) التي اتخذ الإقليم اسمه

منها. والإقليم فقير زراعياً رغم وجود الأنهار ويعتمد سكانه على الرعي وزراعة المحاصيل التقليدية كمصادرللدخل - مثل القطن والسمسم، الذرة، البطاطا، الشاي..الخ - وتزيد مساحته على مساحة فرنسا اذ تبلغ مساحة الإقليم (510) آلاف كم2 ويسكنه ما يقارب (6) ملايين نسمة.

 

ويكاد يتفق الكثير من المراقبين على المعاناة التي وقعت على سكان إقليم دارفور من التهميش الواضح من قبل الحكومة المركزية في الخرطوم مما أدى الى انعدام مشاريع التنمية والخدمات الأساسية من تعليم وصحة علاوة على معاناتهم من الاضطهاد والتمييز العنصري على الرغم من إسلامهم وذلك لعنصرهم الإفريقي وثقافتهم الخاصة.

 

وقد بدأت مجموعة متمردة مهاجمة أهداف حكومية زاعمة أن حكومة الخرطوم قد أهملت المنطقة. وقد جاء في معرض دفاع المتمردين عن أنفسهم أن الحكومة المركزية تقمع الأفارقة السود لصالح العرب. وقد برزبين المتمردين حركتان تنسقان في ما بينهما هما جيش التحرير السوداني، وحركة العدل والمساواة. وفي مواجهة هذا التمرد تتهم الحكومات الغربية

ومجموعات المتمردين الحكومة السودانية بأنها قامت بتعبئة (الجنجويد) وهم ميليشيات عربية تركب الخيل والجمال ومسلحة للتعامل مع حركة التمرد، وتعد تلك الميليشيات بالآلاف.

 

ولا تزال أزمة دارفور تراوح مكانها ومرشحة للانفجار في أي وقت خاصة أن العديد من قيادات حركات التمرد بدارفور موجودون في جمهورية جنوب السودان وهو ما يشير إلى سعي جوبا لتكون المأوى والداعمة لتلك الحركات، من منطلق ما تروج له بدعايتها لما تُطلق عليه (الأقاليم المٌهمشة) في السودان. ومن ثم ليس من المستبعد تجدد المطالبة بتقرير مصير

دار فور بشكل جدي خاصة مع وجود أطراف غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تحبذ لهم الانفصال وتدعمه على كل المستويات. خاصة بعد أن أصدرت محكمة الجنايات الدولية في (مارس/2009) مذكرة دولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور وتطالب هذه المذكرة بتقديمه للمحاكمة.

 

رابعاً) النزعة الانفصالية في ولايات شرق السودان:

 

تاريخياً كان الشرق اكثر استخداماً للسلاح ضد الخرطوم من دارفور، مما يجعله مؤهلاً للتأثر بانفصال الجنوب، حيث اجتاجت ولايات الشرق، خاصة ولايتي البحر الأحمر والجزيرة حمى المطالبة بتقرير المصير بعد انفصال الجنوب في (يوليو/ 2011) ولم تتوقف فكرة استنساخ الجنوب بالشرق عند حد المطالبة بتقرير المصير، بل ذهب البعض إلى المطالبة مباشرة بالانفصال وإقامة دولة في الشرق قائمة بذاتها استناداً إلى أن هذه المنطقة التي تعاني التهميش تمتلك كل مقومات الدولة.

خامساً)النزعة الانفصالية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق (جنوب جمهورية السودان) :

 

أدى انفصال الجنوب إلى إبراز مسألة ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان الحدوديتين (تفصلا دولة السودان عن دولة جنوب السودان) وقد يصبح ملف جنوب كردفان والنيل الأزرق أشد خطورة من دارفور وذلك لارتفاع سقف طموحات أهالي ولاية جنوب كردفان البالغ عدد سكانها مليون وسبعين ألف تقريباً والذين هددوا بأنهم إذا لم يحصلوا على حقوقهم السياسية، فسيكون الانفصال مطلبهم وهو ما يعني تكرار سيناريو الجنوب، وأن تتحول ولاية جنوب كردفان إلى مصد خطر حقيقي على ما تبقى من وحدة السودان.

 

وخاتمة القول، إن هذه النزعات الانفصالية تمثل اختباراً للسودان حول مدى قدرته على تطويق منهج تقرير المصير والحيلولة دون انتشاره إلى المناطق الملتهبة، خاصة دارفور وجنوب كردفان، وهو ما سينعكس بدوره على الوضع الأمني الذي سيؤدي إلى إرهاق جمهورية السودان وتشتيت قوتها وهو ما ستستفيد منه دولة الجنوب حال دخول البلدين في أي مواجهة مسلحة.

2014-06-03