خواطر علمية وتكنولوجية وتربوية

 مركزالرأي للدراسات

د. محمد ناجي الكعبي

آيار وحزيران 2014

الحلقة الأولى نظرة شبابنا إلى التعليم

حفزتني إحدى البرامج التلفزيونية التي يقدمها الإعلامي المتميز أحمد مازن الشقيري على كتابة هذه السلسلة، لعلها تساهم في الإرتقاء بنا نحو مستقبل أفضل، ناقلا فيها لتجارب مضيئة من دول متقدمة وشركات عالمية، ومبينا لفوائد هذه التجارب وسبل تطبيقها، ولعل كلمات هذه الحلقات تُسهم بتحفيز شبابنا على القيام او الإبتكار. وسنستهل هذه السلسلة من الحلقات بالحديث عن التعليم لأنه الركيزة الأساسية التي تُسهم في بناء إقتصاد ودولة قوية.

أدرك السياسيون والإقتصاديون والصناعيون والزراعيون وأصحاب الأموال والطلاب وذويهم في دول العالم المتقدمة أهمية التعليم وجودته على إختلاف مراحله، لقناعتهم بأن عالم المستقبل هو عالم الأفكار الخلاقة، وهناك العديد من الشواهد التي درت على مبتكريها مليارات الدولارات ممثلة بشركة جوجل وشركة سامسونج وشركة فيسبوك وشركة واتس آب.. الخ. لذا بدء الإهتمام بالجودة وبإختيار المدرسة والجامعة الأفضل من حيث الجودة والسمعة من قبل الطلاب الذين يمثلون جيل المستقبل الذي تقع على عاتقه حمل أمانة الإرتقاء بمجتمعاتنا العربية. أهم شيء لضمان مستقبلنا يكمن في الإستثمار في مجال التعليم ورعاية طلبتنا المتميزين، وتحويلهم إلى مخترعين وباحثين وعلماء. وهناك اليوم من يرى إن مدينة عالمية كمدينة نيويورك (New York) لابد لها من طرح فكرة إنشاء بنية تحتية للنظام التعليمي بدءا من مرحلة الروضة مرورا بمرحلة الإبتدائية والمتوسطة والثانوية وإنتهاءا بالتعليم العالي بأعلى درجاته، وذلك لضمان مستقبل هذه المدينة والحفاظ على مكانتها العالمية.

وتشهد المملكة الأردنية الهاشمية سباقا محموما ما بين الجامعات الأردنية بنوعيها الحكومي والخاص لبلوغ أعلى المراتب على نطاق المملكة والعالم العربي وحتى على النطاق العالمي. وقد كان السبق والريادة على مستوى الجامعات الحكومية ممثلا بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية (JUST) والجامعة الأردنية، أما على مستوى الجامعات الخاصة فقد تمثل هذا السبق بجامعات مثل جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا (PSUT) والبترا والزرقاء التي استضافت مؤخرا المؤتمر العربي الدولي الرابع لضمان جودة التعليم العالي والذي أفتتح برعاية الدكتور عبد الرؤوف الروابدة رئيس مجلس الأعيان، وتضمن المؤتمر عرضا لـ 120 بحثا ومحاضرة قيمة ألقاها دولة أ.د. عدنان بدران حملت عنوان «آفاق وتحديات التعليم العالي في الوطن العربي» وإستندت على مؤشرات برنامج الأمم المتحدة للإنماء، ونبه خلالها إلى المؤشرات الخطيرة حول تدني جوده ونوعيه التعليم العالي في العالم العربي. وأكد على أهمية الإعتناء بالتصنيفات العالمية للجامعات.

يؤدي الاختيار الخاطئ للاختصاص أو الجامعة في أحيان كثيرة إلى دفع ثمن كبير يمتد طوال حياتنا، لذا سأستعرض بصورة مقتضبة سبل انتقاء أفضل الجامعات من قبل طلابنا الذين أنهوا الدراسة الثانوية (التوجيهي). والجامعات المتميزة هي التي توفر لخريجيها فرصا أكبر للإشتغال وإستثمار ما تعلموه في المؤسسات التعليمية المتميزة.

1- عادة ما يدل إنخفاض نسبة الطلبة المقبولين في مختلف التخصصات الجامعية بالقياس بالطلبة المتقدمين على السمعة الحسنة للجامعة.

2- يدل عدد ونوعية الأبحاث والإختراعات والإبتكارات والإكتشافات من قبل طلاب الجامعة وأساتذتها على مستوى الجامعة. وقد يستغرب الكثير منا سبب إصرار الطلاب وأبائهم في الغرب والدول المتقدمة على التقدم للقبول في جامعات تتميز ببحوثها، لأنهم يدركون بأن العيش في بيئة مبتكرة ستساعدهم على أن يصبحوا مبتكرين. لذا نرى العديد من الإبتكارات التكنولوجية في عصرنا تعود إلى طلاب جامعة ستانفورد (Stanford University). ويقوم كبار الأساتذة والمخترعين والحاصلين على جائزة نوبل بتدريس وإجراء البحوث المشتركة مع طلاب السنة الجامعية الأولى (Freshman) لتحفيز هذه البذرة على الإقتداء بالإساتذة الأفذاذ بتشجيعهم على الإبتكار والمساهمة بأفكار خلاقة لحل مختلف المسائل كل حسب تخصصه.

3- يفضل من يرغب بالحصول على شهادة جامعية في لغة معينة أن يذهب لدراسة هذه اللغة ضمن البلد الناطق بها. ويفضل لمن أراد أن يدرس الفيزياء أو الكيمياء أو أي إختصاص آخر أن يبحث عن أفضل جامعة يتوافر فيها هذا الإختصاص مستعينا بتصنيفات (ترتيبات) الجامعات (University Rankings) المعروفة. وقد يتطلب خيار الدراسة في الخارج إلى ضرورة تعلم لغة أخرى وإجادتها. وعلينا أن نأخذ تكاليف الدراسة والإقامة بعين الإعتبار وبشكل يتلاءم مع إمكاناتنا المادية.

4- يدل إرتفاع إشتغال خريجي أي قسم (تخصص) ضمن أي جامعة في أغلب الأحيان على إيفاء هذا القسم بمتطلبات السوق وجودة التخصص.

5- يحتاج المتقدم للقبول في إحدى الجامعات العالمية في أغلب الأحيان إلى ميزانية تعينه على إكمال دراسته، إذ تتطلب الدراسة في معظم الجامعات التي تصنف ضمن أول أرقى 100-500 جامعة عالميا من قبل الطلاب الأجانب إلى تحمل تكاليف الدراسة والإقامة، وبغض النظر عن نوع الجامعة أكان حكوميا أو خاصا مثل جامعة هارفرد (Harvard University) وجامعة ييل (Yale University) ومعهد ماساتشوستس للتقنية (Massachusetts Institute of Technology) وجامعة نيويورك (New York University).. الخ.

تمثل هذه المقالة مقدمة بسيطة مقتضبة لموضوع إختيار الجامعة الأنسب لرغباتنا وقدراتنا العلمية والمادية.

 

الحلقة الثانية

واتس آب شاغل الشيب والشباب

سنتناول في هذه الدراسة برنامج التراسل والدردشة الذائع الصيت في مجتمعنا العربي ألا وهو برنامج واتس آب وهو برنامج أو تطبيق مجاني يماثل برنامج ياهو مسنجر الخاص بالمراسلة الفورية ولكنه يختص بالهواتف الذكية ( والمرتبطة بشبكة الإنترنت والمخصص لها رقم هاتف. ويتيح هذا البرنامج لمستخدميه إمكانية تبادل الرسائل النصية )، كما يمكن مستخدميه من التشارك في الصور (Images) والملفات الصوتية (Audio)، والملفات الفيدوية (videos). ويُمكن برنامج الواتس آب (مستخدميه من تحديد مواقعهم إعتمادا على الخرائط (Maps). وبذلك يستطيع مستخدمو هذا التطبيق تبادل الأفكار والمشاعر والتحيات والتهاني والتبريكات.

ويمتاز هذا التطبيق بقدرته على التعامل مع مجموعة كبيرة من أنظمة التشغيل (المنصات) الخاصة بالهواتف الذكية مثل نظام التشغيل أندرويد من إنتاج جوجل، ونظام تشغيل بلاك بيري، ونظام التشغيل أبل آي أو إس )، ونظام التشغيل سمبييان، وأنظمة تشغيل من إنتاج شركة نوكيا، ونظام تشغيل مايكروسوفت ويندوز فون ) وبلاك بيري 10.

ويواجه هذا التطبيق منافسة قوية من قبل عدد كبير من الشركات الآسيوية مثل شركة تليكرام وشركة لاين، وشركة وي جات والتي يبلغ عدد مشتركيها 271 مليون مشترك، وشركة كاكاوتوك.

وقامت شركة فيسبوك والبالغ عدد مستخدميها 1.2 مليار مستخدم بشراء شركة الواتس آب ( بمبلغ 19 مليار دولار أمريكي، على الرغم من صغر شركة الواتس آب ) والتي يبلغ عدد موظفيها 55 موظفا فقط بضمنهم 25 مهندسا مسؤول عن تقديم الخدمات بلغات مختلفة مثل اللغة الإنكليزية والإسبانية والألمانية والهندية وماندراين الصينية...ألخ. وستعيد هذه الصفقة توازنها ووجودها في أغلب بقاع المعمورة، فعلى سبيل المثال إن عدد مشتركي شركة فيسبوك ) في قارة أمريكا اللاتينية قليل جدا، في حين نجحت شركة الواتس آب في إستقطاب العديد من مستخدمي تطبيقها في قارة أمريكا الجنوبية، وفي أوربا والهند والشرق الأوسط. وبهذا سيصل مجموع مستخدمي التطبيقات التي تعود ملكيتها إلى فيس بوك إلى 2 مليار مستخدم، مما يزيد من إيرادات شركة الفيسبوك من خلال الإعلانات التي توفرها لمستخدميها.

أما عن حجم المعلومات التي يتم تداولها من خلال هذا التطبيق فتشير آخر إحصائية منشورة بأن أعلى كم من الرسائل التي وصلت إلى الواتس آب ) في اليوم الواحد قد بلغ 64 مليار رسالة، وهذا الرقم القياسي لا يمثل المعدل اليومي. أما معدل الرسائل التي ترسل يوميا من خلال الواتس آب فيبلغ 19 مليار رسالة، أما عدد الرسائل التي تصل يوميا إلى الواتس آب ) فيبلغ 34 مليار رسالة. أما معدل عدد الرسائل الصوتية ( المرسلة بشكل يومي فيبلغ 200 مليون رسالة صوتية، أما عن معدل عدد الرسائل الفيديوية المرسلة بشكل يومي فيبلغ 100 مليون رسالة فيديوية. وقد ألحق هذا التطبيق أبلغ الضرر بشركات الهاتف والتي حرمها من عوائد الرسائل القصيرة والمعروفة إختصارا بالـ (SMS). وهذه الحالة تماثل الضرر الذي ألحقه تطبيقي إسكايب وفايبر التي يبلغ عدد مستخدميه 100 مليون، واللذان حرما شركات الهاتف من عوائد المكالمات الدولية.

أما معدل عدد المستخدمين الفاعلين خلال شهر نيسان من العام الحالي فقد تجاوز الـ 450 مليون مستخدم فاعل، والمقصود بالمستخدم الفاعل هنا هو المستخدم لتطبيق الواتس آب لمرة واحدة على الأقل خلال الشهر، وهذا يختلف عن عدد المستخدمين المسجلين والذين عادة ما يفوق عددهم عدد المستخدمين الفاعلين. ويستخدم هذا التطبيق ما نسبته 70 % من مستخدمي الواتس آب بشكل يومي. وينضم لهذا التطبيق مليون مستخدم جديد يوميا.

ويأمل الرئيس التنفيذي لشركة الفيسبوك مارك زوكربيرج أن يبلغ عدد المستخدمين الفاعلين ( في وقت قريب مليار مستخدم. وبالمناسبة فإن عدد مستخدمي الواتس آب يفوق عدد مستخدمي تويتر والذين من المتوقع أن يبلغ عددهم 241 مليون مستخدم نهاية سنة 2014.

 

الحلقة الثالثة

بزوغ فـجـر الـتـعـلـيـم الـمـجـانـي الـعـالـي الـجـودة

أصبحت شبكة الإنترنت الشغل الشاغل للكثير منا بما توفره من خدمات وتطبيقات وألعاب ومواقع مختلفة، وأصبح الكثير منا يمضي أوقاتا طويلة مع هذه الشبكة أكثر مما يمضيه مع أهله وأصدقائه وأفراد أسرته. ويمضي العديد من أبنائنا الطلبة معظم وقته مع هذه الشبكة

أكثر من الوقت الذي يمضيه على درسه. لذا سأحاول من خلال هذه السطور تسليط الضوء على المشاريع العالمية والمحلية غير الربحية (Non profit)، والمخصصة للنهوض بقطاع التعليم وجعله بمتناول كل مُحب للعِلم والتكنولوجيا وبغض النظر عن إمكاناته المادية.

وسنركز على المشاريع التعليمية المجانية القائمة على شبكة الإنترنت.لا بد لي أن أبين بأن شبكة الإنترنت بشكل عام بمختلف خدماتها تمثل وسطا محايدا (Neutral)، يُمكِن إستخدامها في الخير أو الشر، وبالطبع إن التسلية والتعلم يقعان في جانب الخير، لكن

التسلية إن زادت عن حدها إنقلبت إلى شيء مضر بالمستخدم، وتحولت من الترويح إلى الإدمان والإضرار بالمستخدم.

أما إستخدام اليوتيوب للتعليم فهو شيء مفيد بدون جدال، ويساهم برفد العديد من مستخدميه بكل ما هو جديد وقديم ومفيد من العلوم على إختلافها.

سنستهل هذا المقال بنبذة إحصائيات تبين ضخامة موقع اليوتيوب (YouTube) الخاص بالأفلام الفيديوية والذي يحتل الموقع الثالث ضمن قائمة المواقع الأكثر زيارة على نطاق الأردن والعالم على حد سواء، أما الموقع الأكثر شعبية في الأردن فهو موقع

الفسيبوك (Facebook) يليه موقع جوجل الأردن (google.jo) الذي يحتل المرتبة الثانية. يزيد عدد مستخدمي موقع اليوتيوب شهريا على المليار مستخدم، ويزيد عدد الساعات المشاهدة للأفلام على 6 مليارات ساعة شهريا، ويتم رفع (Upload) ما مجموعه 100 ساعة فيديوية في الدقيقة الواحدة، ويوفر هذا الموقع خدماته لمستخدميه حول العالم من خلال 61 لغة حية، ويساهم أكثر من مليون شخص في صناعة الأفلام الخاصة بهذا الموقع. وتبلغ نسبة مشاهدة أفلام هذا الموقع من خلال الأجهزة النقالة (Mobile) ما نسبته 40%.

ولعل سائل يسأل عن إمكانية إستثمار الأفلام التي نرفعها (Upload) أي نخزنها على موقع اليوتيوب (YouTube)؟ ويتلخص الجواب بالإيجاب، إذ يُمكن لأي مُستخدِم لموقع اليوتيوب (YouTube) أن يَجني دخلا من الأفلام التي يُخزنها ضمن قناته على اليوتيوب (YouTube channel) من خلال إعتماده على واحد من الأسلوبين التاليين.

يتلخص الأسلوب الأول بما يُعرف بالقنوات المدفوعة (paid channels) والتي توجب على المشاهد دفع إشتراك شهري أو سنوي ليتمكن من مشاهدة الأفلام الفيديوية الخاصة بهذه القناة، أما الأسلوب الثاني فيعتمد بالأساس على الإعلانات الدعائية، ولتحقيق إيرادات مالية للقناة من خلال الإعلانات يتوجب إنشاء قناة يوتيوب خاصة بالمستفيد، وعليه تنبه إلى ضرورة إستخدام الكلمات المفتاحية (keywords) التي تتلاءم مع محتوى القناة، ويفضل إستخدام إسم مستخدم (user name) يتصف بصغره ليسهل تذكره من قبل زائري القناة وبالتالي يسهل الوصول إليها.

ويفضل أن تضم القناة أفلاما قصيرة ذات جودة عالية جديدة ومتجددة. ويتوجب القيام بحملة إعلانية مُصغرة من خلال إرسال الفيديوات إلى موقعي التواصل الإجتماعي فيسبوك (Facebook) وتويتر (Twitter)، وتتضمن هذه الخطوة عملية الرد على آراء وملاحظات مشاهدي أفلامك الفيديوية. وأخيرا وليس آخرا يلزم ربط المادة الفيديوية الموجودة ضمن موقع اليوتيوب مع برنامج ادسينس (AdSense) القائم على الإعلانات. ويُمكن موقع اليوتيوب (YouTube) صاحب الأفلام من الإطلاع على التحليلات الدقيقة الخاصة بمشاهدي كل مادة فيديوية موجودة ضمن قناته.

ولابد لنا في هذا المقال أن نشير إلى مبادرة أوبن كورس (OpenCourseWare (OCW التي أطلقها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في سنة 2002، والمتلخصة بجعل جميع المقررات (المساقات) التعليمية لمراحل البكالوريوس والدراسات العليا متاحة مجانا لجميع مستخدمي الإنترنت.

وأدت هذه المبادرة إلى إقتداء 250 مؤسسة تعليمية أخرى بها. ويمكن لأي شخص يود الإطلاع على أرقى المقررات (Courses) بزيارة موقع (http://ocw.mit.edu/index.htm)، وسيجد الزائر لهذا الموقع المنهج المقرر (Course Syllabus)، وأفلاما للمحاضرات، البرمجيات اللازمة لبعض المقررات، الكتب المقترحة، الواجبات البيتية،...ألخ. ويفتقر هذا المورد التعليمي القيم إلى مواد باللغة العربية، في حين تتوافر ترجمات بلغات كالصينية والتايلندية والإسبانية والبرتغالية لهذا المورد التعليمي الهام.

أما المشروع التعليمي المجاني الذي لاقى رواجا وشهرة كبيرين فيتمثل بأكاديمية خان (Khan Academy) والتي تعتبر الأبرز والأكبر اليوم على النطاق العالمي. تمثل هذه الأكاديمية مؤسسة تربوية مجانية، خيرية، غير ربحية (non-profit) والتي تم إنشاؤها في عام 2006 من قبل سلمان خان، لتقدم خدماتها التعليمية المجانية لزوراها عبر شبكة الإنترنت. ولايتجاوز عدد العاملين في هذه الأكاديمية العالمية الأوسع إنتشارا وإستخداما الـ 60 شخصا. والهدف من إنشاء هذه الأكاديمية الخيرية هو قلب مفهوم التعليم، بجعله مجانا لكل شخص يطلب العلم، والذي لا تسعفه إمكاناته المادية على تحمل تكاليف الدراسة. وهو متوافر للجميع سواء أكانوا طلابا أو أساتذة أو مدربين.

فقد تمكن هذا المُعلم سلمان خان من مكتب صغير داخل منزله في كاليفورنيا من إنتاج ما يزيد على 5500 فيديو تعليمي تشتمل على مختلف المساقات الأكاديمية مع التركيز على الإختصاصات العلمية والرياضيات، مثل الرياضيات، والطب، والعناية الصحية، والفيزياء، والعلوم المالية والمصرفية، والكيمياء، والأحياء، والفلك، والإقتصاد...ألخ، إضافة إلى حلولا لمائة ألف مسألة (100,000 exercise problems). ويزور هذه الأكاديمية قُرابة الـ (10 مليون) طالب شهريا، يطلعوا خلالها على (380 مليون) محاضرة شهريا.

ومن الملاحظات الغريبة التي وردت إلى سلمان خان وفاجأته فتتلخص بأن المتعلمين يحبون ويفضلون حضور دروسه من خلال الفيديو على الأسلوب التقليدي المتمثل بإلقاء الأستاذ والدكتور والمعلم محاضرته على الطلاب مستخدما الأسلوب التقليدي. أما سبب التفضيل هذا فيعود إلى إمكانية إيقاف المحاضرة من قبل المتعلم في أي وقت يشاء، وإعادتها حسب الرغبة، كما إن هذا الأسلوب لا يلزم المتعلم حضور المحاضرة في وقت وتاريخ محددين. ويُعد هذا الأسلوب توثيقا لجهد المحاضر، لا يلزمه على إعادة محاضراته مع كل فصل جديد.

وقد طرح هذا المبدع نموذجا متميزا في التعليم أطلق عليه إسم الصف المعكوس («flipped classroom» Model)، ويعود سبب هذه التسمية إلى ضرورة إطلاع الطالب على المحاضرات الخاصة بأي مقرر دراسي في البيت وعليه حل المسائل المختلفة داخل الصف الدراسي. ويُمًكِن هذا النموذج كل مُتعلم أن يتعلم وفقا لإمكاناته الشخصية وإحتياجاته، ويُركز هذا النموذج على الإتقان للأفكار الأساسية، ويشجع هذا النموذج على تفاعل المتعلم وزيادة حبه للإستكشاف وبالتالي إجباره على التعلم التطبيقي وإنجاز المشاريع.

وقد يسأل سائل كيف يمكن لمثل هذه المشاريع التعليمية الخيرية أن تستمر وتصمد، لا سيما وأن صاحب هذه الأكاديمية قد ترك وظيفته وتفرغ لهذه الأكاديمية منذ سنة 2009. تتلقى أكاديمية خان مساعدات مالية من قبل عدد من الجهات العالمية مثل مؤسسة بيل وميليندا غيتس (Bill & Melinda Gates Foundation) والتي تبرعت بمبلغ (1.5) مليون دولار في سنة 2010، ومؤسسة ليمان (Lemann Foundation) وشركة جوجل (Google)، وقد تبرعت شركة جوجل في سنة 2010 لهذه الأكاديمية بمبلغ (2) مليون دولار لتمكين الأكاديمية من إضافة المزيد من المواضيع، وترجمة المواد الدراسية الأساسية (core library) إلى اللغات الحية الأكثر إستخداما. وتبرعت مؤسسة كارلوس سليم الحلو (Carlos Slim Foundation) لهذه الأكاديمية مقابل توسعة المكتبة الفيديوية الناطقة باللغة الإسبانية. ولابد لنا إن البعض من المتعلمين العرب قد تطوع لترجمة عدد من المحاضرات القيمة إلى اللغة العربية.

كشفت شركة جوجل (Google) هذه السنة وفي يوم المعلم (Teacher Appreciation Day) تحديدا عن منصة تعليمية (Education platform) مجانية مخصصة لمساعدة المُعلمين تحمل إسم صف جوجل الدراسي (Google Classroom) عرفانا منها بدور المعلم. وتخلو هذه المنصة من أية إعلانات، وبإمكان أية مَدرَسة أو كلية أو جامعة ترغب في تبني هذه المنصة أن تستخدمها مجانا. وتساعد هذه المنصة المعلمين على إنشاء وتنظيم الوظائف البيتية (Assignments).

وسيؤدي إعتماد هذه المنصة إلى التقليل من الأعباء الملقاة على كاهل المعلمين والمدرسين وإلى تنظيم العملية التعليمية. وستسهل وتسرع هذه المنصة من عملية التفاعل ما بين الأساتذة من جهة وطلبتهم من جهة أخرى. وأوضحت الشركة بأن هذه المنصة تتصف ببساطتها وسهولة إستخدامها، مما يوفر لمستخدمها المزيد من الوقت لتعليم الطلاب والمزيد من الوقت للطلاب للتعلم.

وتدمج هذه المنصة ما بين مجموعة من تطبيقات جوجل مثل مستندات جوجل (Google Docs) ومحرك جوجل (Drive)، وبريد جوجل الألكتروني (Gmail). ويؤدي إستخدام هذه المنصة إلى توفير إستخدام الورق، ويمكن للمعلم أن يعرف المقصرين عن أداء الوظائف البيتية، ومخاطبته بشكل مباشر. وتتيح هذه المنصة للطلاب أن يوجهوا ملاحظاتهم وأسئلتهم إلى الأساتذة بشكل مباشر.

وأخيرا وليس آخرا لا بد لنا أن نشير إلى الإهتمام المتزايد بقطاع التعليم العالي في المملكة، فعلى النطاق الرسمي تتصدر المشهد جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية (JUST) والجامعة الأردنية (JU)، أما بالنسبة للجامعات الخاصة فتتصدر المشهد جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا (PSUT) وهي جامعة غير ربحية تتبع للجمعية العلمية الملكية، وجامعة البتراء (Uop) والزرقاء (ZU).

*متخصص بإسترجاع المعلومات ومواقع التواصل الإجتماعي وجودة التعليم