مركز الرأي للدراسات
المحامي د. محمد سالم ملحم
آب 2014
وجه جلالة الملك رسالة الى رئيس الوزراء قبل ايام طلب خلالها ان يتم اجراء تعديلات دستورية، وحدد في الرسالة ان يكون موضوع تعيين القائد العام للقوات المسلحة ومدير المخابرات من صلاحيات الملك دون التنسيب من مجلس الوزراء.
كذلك جاء في الرسالة أن يصبح اختصاص الهيئة المستقلة الاشراف على الانتخابات البلدية، والخاصة بالفقرة /2 من المادة (67) وتنص على:(تنشأ بقانون هيئة مستقلة تشرف على العملية الانتخابية النيابية وتديرها في كل مراحلها كما تشرف على أي انتخابات اخرى يقررها مجلس الوزراء).
بالاضافة الى تعديل المادة ( 127) والتي جاء فيها: تنحصر مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته، وأوردت النص بقانون طريقة التجنيد ونظام الجيش وما لرجاله من الحقوق والواجبات.
والنص بقانون نظام هيئات الشرطة والدرك وما لهما من اختصاص.
هذه الاقتراحات والطلب المباشر من جلالة الملك لاقى ارتياحا شعبيا كبيرا يعكس مدى حرص جلالته على السير في خطوات ثابته ومدروسة، من أجل التمهيد للحكومات البرلمانية مستقبلا او حتى في المستقبل القريب.
يؤيد ذلك، ان التعديلات التي اجريت عام 2010 على الدستور شملت ثلث الدستور الاردني وكانت ايضا توجهات عالية نحو الاصلاح ومن اهم التعديلات: انشاء محكمة دستورية، وقانون استقلال القضاء، ومحاكم الوزراء، والقوانين المؤقته، والهيئة المستقله للاشراف على الانتخابات وغير ذلك.
الا اننا وقبل الولوج في الموضوع نود أن نشير الى ان قانون المحكمة الدستورية الحالي لا يزال عاجزا عن تحقيق الطموحات الاصلاحية، وفي هذا الصدد نقترح توسيع صلاحيات الطعن بحيث تشمل الاحزاب السياسية والنقابات المهنية هذا على سبيل التوسع الاني، مع ان الطموح يتعدى الى حدود الطعن المباشر ليشمل الافراد، كذلك نأمل ان تكون الاحالة
مباشره الى المحكمة الدستورية في الطعن الجدي امام المحكمة ناظره الدعوى (يراجع بشان ذلك المادة 9 و11 من قانون المحكمة الدستورية).
وفي إطار الحوار الدائر حاليا بين القوى السياسية والمجتمعية المختلفة، يبرز تساؤل حول مدى قوة هذا التعديل في الولوج الى الملكية الدستورية؟ وهل هو مقدمة جيدة، وهل يندرج تحت بند الصلاحيات المطلقة؟.
للاجابة على هذه التساؤلات نشير الى أن اعرق الملكيات الدستورية، في بريطانيا مثلا، دستورها العرفي لا يستطيع مجلس الوزراء انهاء خدمات اي من قادة الاسلحة الجوية والبرية والبحرية الا بموافقة الملكة.
اما في الولايات المتحده مع ان الدستور الامريكي منح صلاحيات واسعة للرئيس لكنه امتنع عرفاً عن التدخل في تعيينات كبار قادة الجيش لان الولاء للولايات المتحدة وليس لآراء السياسيين والاحزاب.
وفي اليابان ايضا لا يملك مجلس الوزراء صلاحية انهاء وخدمات القائد العام مع ان القوات المسلحة اليابانية مكبله وفق معاهدة التسليم عام 1944 الموقعه مع الولايات المتحده من قبل الامبراطور السابق هيرهيثو.
اما بخصوص التساؤل حول اسناد صلاحية تعيين القائد العام ومدير المخابرات للملك، فان ذلك سينأى وبقوة الدستور عن طموح السياسيين والاحزاب السياسيه مستقبلا عن التدخل في شؤون القوات المسلحة والمخابرات، من حيث صلاحيات التعيين والاحالة وتجاذباتهم السياسية والذي سيشكل ضمانة قوية للحفاظ على روح تطبيق احكام الدستور في الملكية
الدستورية وقوة الارادة الشعبيه العامة بعيدا عن الاحزاب السياسية.
اضف الى ذلك، إن القائد الاعلى هو الادرى والاعلم بأشخاص القوات المسلحة المرموقين لاستلام المناصب العليا وينطبق ذلك على المخابرات.
اما تفعيل دور وزارة الدفاع فإنها ستتفرغ كليا للاعمال الادارية الاخرى مثل الاسكان العسكري، المؤسسة الاستهلاكية، الخدمات الطبية، الثقافه العسكرية العطاءات العامة، شؤون سلاح الهندسة التنموي الى غير ذلك من المجالات الحيوية.
بالتالي، فإن ذلك سيحقق طموح الملك بان تتفرغ القوات المسلحة للإحترافية العسكرية الاكثر امتيازا، خاصة اذا علمنا ان القوات المسلحة الاردنية بوضعها الحالي تقع في مصاف الجيوش المتقدمه جدا والمحترفة من حيث التدريب والجاهزية القتالية،(يراجع بذلك منشورات وزارة الدفاع الاميريكية اغسطس 2013 التقرير النهائي).
اما موضوع دائرة المخابرات العامه وتعيين المدير من قبل الملك شخصيا فهو يحقق نفس النتائج التي اشرنا اليها والتي بالنتيجة تنعكس الايجابيات على أمن واستقرار المملكة داخليا وخارجيا، مع اقتراح ضم الجهات العسكرية الامنيه لها مثل الامن العسكري، الاستخبارات العسكرية، الاستطلاع بحيث تصبح جزءا مهما من دائرة المخابرات، ذلك سيقوي ويدعم
الاحترافيه مع أن هناك تنسيق قائم لكن هذا التنسيق لا يأتمر مباشرة بجهاز المخابرات العامة.
ونرى بأنه عندما يكون القائد العام مسؤولا عن الامن العام والدرك والدفاع المدني بالاضافة الى القيادات البريه والبحرية والجوية، والتي من شانها اعادة هيكله القوات المسلحة من وتوزيع المهام واسناد الواجبات تحت مظله واحده هي القيادة العامه ومسؤوليه القائد الاعلى، فإن ذلك سيمنح الشعب الاردني الراحه والطمائنية وسيبعد القوات المسلحة والمخابرات
العامه عن الشان السياسي ويبقى الجيش الحامي لثرى الاردن.
اما بخصوص تعديلات الهيئة المستقله للانتخابات فإن السلبيات التي حصلت في انتخابات عام 2012 سيتم معالجتها وفق انظمة وقوانين عصرية بحيث يتحقق فيها طموحات القيادة والشعب في آن واحد.
وفي هذا السياق نقترح اضافة تعديلين اضافيين،الاول: منصب رئيس القضاء، والثاني: الغاء وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية واستبدالها بوزارة الشؤون الدينيه ويكون تعيين الوزير بالاضافة الى رئيس القضاء من صلاحيات الملك وذلك للاسباب التالية:
اولا: أن منصب رئيس القضاء لا يقل اهمية عن منصب القائد العام ومدير المخابرات وحتى لا يكون هذا المنصب محط «ابتزاز» أوتجاذبات سياسيه بين الحكومات البرلمانية والاحزاب السياسيه في المستقبل وبما يطبق مبدأ استقلال القضاء.
ثانيا :ان القيادة الهاشمية هي سليلة آل البيت، هي عمليا حامية العتبات الاسلاميه والحفاظ على الرساله المحمدية السنيه الطاهرة.
ثالثا: ان هذه المسؤولية الادبية والواقعة متحققة مع استمرارية النهج الهاشمي في هذا البلد، لكون وزارة الشؤون الدينية العتيدة ستعنى في تطبيق نص المادة (2) من الدستور الاردني والذي جاء فيه (الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية).
رابعا: ان هذا الامر يشكل القوامه والرقابة المستقبلية للقيادة الهاشمية على جميع العتبات الاسلامية اينما وجدت داخل الاردن او خارجه.
خامسا: تكون وزارة الشؤون الدينية مرتبطه بفكرها وجوهرها مع الملك مباشره ويخضع لها دائرتي الافتاء العام والقوات المسلحة وهيئة صندوق الزكاه وملفات فلسطينيه واضرح الصحابه وميزانية الائمة والوعاظ والدعاه ضمن موزانه مستقلة.