حق الامتياز والحق الحصري «الانفرادي»

إعداد :العين محمد البندقجي

22 كانون أول 2014

اولاً: حق الامتياز

ينص دستور المملكة الاردنية الهاشمية في المادة (117) منه:

«كل امتياز يعطى لمنح اي حق يتعلق باستثمار المناجم او المعادن او المرافق العامة يجب ان يصدق عليه بقانون».

وعرف الفقه والقضاء عقد امتياز المرافق العامة بأنه:

«عقد اداري يتولى الملتزم - فرداً كان او شركة - بمقتضاه وعلى مسؤوليته، ادارة مرفق عام اقتصادي واستغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين، مع خضوعه للقواعد الاساسية الضابطة لسير المرافق العامة فضلاً عن الشروط التي تضمنها الادارة عقد الامتياز».

هذا وقد عرفته محكمة القضاء الاداري المصرية في حكمها الصادر في 25 مارس سنة 1956 بقولها: «.. ان التزام المرافق العامة ليس الا عقداً ادارياً يتعهد احد الافراد او الشركات بمقتضاه بالقيام على نفقته وتحت مسؤوليته المالية بتكليف من الدولة او احدى وحداتها الادارية، وطبقاً للشروط التي توضع له، بأداء خدمة عامة للجمهور، وذلك مقابل التصريح له باستغلال المشروع لمدة محددة من الزمن واستيلائه على الارباح، فالالتزام عقد اداري ذو طبيعة خاصة، وموضوعه ادارة مرفق عام، ولا يكون الا لمدة محدودة، ويتحمل الملتزم بنفقات المشروع واخطاره المالية، ويتقاضى عوضاً في شكل رسوم يحصلها من المنتفعين..».

كما عرف القضاء الاردني المرفق العام بأنه:

«حاجة جماعية بلغت من الاهمية مبلغاً يقتضي تدخل الحكومة لكي توفرها للافراد باستخدام وسائل القانون العام سواء أكان الافراد يستطيعون بوسائلهم الخاصة اشباع تلك الحاجة ام لا، اي ان العنصر الاساسي في المرفق العام هو ضرورة وجود خدمة عامة يهدف المشرع الى ادارتها من الحكومة مباشرة او بواسطة ملتزم تحت اشرافها لا فارق بين ان تكون تلك الخدمة تتعلق بنشاطات تجارية او صناعية او خلافها.

وان اعتبار اي مشروع مرفقاً عاماً هو من الامور التقديرية التي تدخل في اختصاص السلطتين التنفيذية والتشريعية بلا معقب عليهما بما فيها القضاء.

وان المرفق العام يجوز ان يكون محل امتياز طبقاً لاحكام المادة 117 من الدستور».

ويجمع الفقه بأن المرفق العام يجب ان يتضمن ثلاثة عناصر رئيسية وهي: خضوع المشروع الاقتصادي او المهني الى الادارة، واستخدامه وسائل القانون العام في نشاطه، واستهدافه اشباع حاجة عامة وتحقيق مصلحة عامة.

ثانياً: الحق الحصري (الانفرادي):

يعرف الحق الحصري (الانفرادي) بأنه:

«تعهد من جهة ما تمنح بموجبه الحق لجهة اخرى بعدم ممارسة محل العقد الا من خلال الاخيرة».

وقد يكون هذا التعهد بقانون او بمجرد عقد.

وعليه، فان كل امتياز يعطى لمنح اي حق يتعلق باستثمار المناجم او المعادن او المرافق العامة يصدق عليه بقانون.

وقد جرى العمل في الاردن على تصديق اتفاقيات الامتياز بقانون وذلك سواء من حيث المدة او الموضوع، كما هو الحال في اتفاقية الامتياز الموقعة بين حكومة المملكة الاردنية الهاشمية وشركة مصفاة البترول الاردنية المساهمة المحدودة لسنة 1957، والتي تم التصديق عليها بموجب قانون الامتياز الممنوح لشركة مصفاة البترول الاردنية رقم (19) لسنة 1958، او من حيث النطاق الجغرافي كما هو الحال في اتفاقية امتياز التنقيب عن البترول بين حكومة المملكة الاردنية الهاشمية وشركة هانبو الكورية للطاقة المحدودة، حيث تمت المصادقة على هذه الاتفاقية بموجب القانون رقم (35) لسنة 1992.

علماً بأن الامتياز في استثمار المناجم او المعادن او المرافق العامة يكون لمدة معينة وحصرياً (انفرادياً)، اي يتضمن الحق الحصري.

اما الحق الحصري فقد يكون بقانون او بعقد.

حيث اجاز القانون للادارة العامة ان تبرم عقوداً مع المستثمر تتضمن الحق الحصري، دون ان تدخل في نطاق الزامية التصديق عليها المنصوص عليه في المادة (117) من الدستور ومن الامثلة على تلك العقود الحصرية التي تنشأ بموجب القانون:

1- ما جاء في قانون الخدمات البريدية رقم (34) لسنة 2007، حيث خول القانون هيئة تنظيم قطاع الاتصالات التعاقد بموافقة مجلس الوزراء مع جهة سميت وفقاً للقانون باسم المشغل العام للبريد، ومنحت المادة (12) من القانون الحق الحصري للمشغل العام بنقل البعائث التي لا يزيد وزنها على (500) غرام داخل المملكة وخارجها وطباعة طوابع البريد المقررة او ان يعهد الى الغير بطباعتها بموافقة مجلس الوزراء وبالشروط التي يحددها، وتركيب صناديق ايداع بريدي في اماكن عامة وتقديم خدمة صناديق البريد الخاصة.

2- ما جاء في قانون الاتصالات وتعديلاته رقم (13) لسنة 1995، حيث اجازت المادة (25) منه لمجلس المفوضين ان يقرر ترخيص انشاء وتشغيل وادارة شبكات اتصالات عامة او تقديم خدمة الاتصالات لجميع انحاء المملكة او لجزء منها، وان تصدر الرخصة بقرار المجلس على ان ينظم عقدا ذا صفة ادارية.

3- ما جاء في قانون مؤسسة سكة حديد العقبة وتعديلاته رقم (22) لسنة 1972 الملغي بالقانون رقم (10) لسنة 2007 حيث تم تحويل المؤسسة الى شركة مساهمة عامة، حيث اعطي مجلس المؤسسة الحق بابرام اية اتفاقيات او عقود مع المؤسسات المحلية او الاجنبية لادارة الخط وتشغيله وصيانته على ان تقترن الاتفاقيات التي تعقد مع المؤسسات الاجنبية بموافقة مجلس الوزراء.

4- ما جاء في المادة (28) من قانون سلطة المياه وتعديلاته رقم (18) لسنة 1988، حيث جاء فيها:

5- «أ-لمجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير ان يعهد بأي من مهام السلطة او بأي من مشاريعها او بتنفيذ مرحلة من مراحله او بأي منه الى اي جهة اخرى من القطاع العام او الخاص او الى شركة مساهمة عامة او شركات محدودة المسؤولية مملوكة كليا للسلطة او تساهم في جزء من رأسمالها ويجوز ان يشمل ذلك نقل ادارة هذه المشاريع او تأجيرها او نقل ملكيتها مؤقتا الى اي من هذه الجهات وذلك وفق شروط ولمدد تحدد في العقود التي تبرم معها لهذا الغرض، شريطة مراعاة الاحكام القانونية النافذة المتعلقة بالايجار ونقل الملكية.

ب-يجوز في حالات ابرام عقود لنقل ادارة المشاريع او تأجيرها تضمين قرار مجلس الوزراء تخويلاً لموظفي الجهات المتعاقد معها لممارسة بعض الصلاحيات المسندة الى موظفي السلطة بمقتضى التشريعات النافذة فيما يتعلق بتنفيذ هذه العقود».

5-ما جاء في المادة (17) من قانون سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وتعديلاته رقم (32) لسنة 2000، وما جاء في المادتين (3و4) من قانون التخاصية رقم (25) لسنة 2000 واجاز القرار الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين الموقر بتاريخ 27/5/1999 اعطاء حق التشغيل الحصري وايراده هذا الحق في العقود التي تبرمها وفقاً للقانون دون الحاجة الى التصديق على الاتفاقية او العقد بقانون.

الخلاصة:

1- هنالك بعض القوانين الخاصة اعطت لجهات ادارية معينة حق ممارسة التعاقد مع الجهات الخاصة لتنظيم او تشغيل او ادارة المرافق العامة، ودون ان تدخل العقود نطاق الزامية المصادقة عليها بقانون، ويكون ذلك لمدة معينة وبحق حصري.

واجاز التفسير الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين والاجتهاد القضائي ذلك.

2- في عقود (اتفاقيات) الامتياز في المناجم والمعادن، فلا بد من التصديق عليها بقانون، وفي عقود الاستثمار في المرافق العامة التي لم يرد نص قانوني يعطي الادارة العامة حق التعاقد فيها، فلا بد من التصديق عليها بقانون.

3- من حق السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية اعتبار انشاء وادارة بعض المصانع من المرافق العامة التي يتوجب ادارتها تحت اشرف الحكومة، ويصادق على عقودها التي تتضمن الامتياز بقانون.

4- يكون حق الرقابة في عقود الامتياز والحق الحصري للادارة.

5- تعتبر عقود الامتياز والحق الحصري من العقود الادارية القابلة للتعديل والانهاء من قبل الادارة، ويكون من حق المتعاقد المطالبة بالتعويض فقط، ان كان للتعويض مقتضى.