عقوبة الإعدام.. ما بين المؤيدين والمعارضين

إعداد :د. محمد سالم ملحم

كانون أول 2014

لمحة تاريخية:

قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) صدق الله العظيم.

ترجع عقوبة الإعدام في اصلها إلى المجتمعات القديمة حيث اعتبرت الوسيلة الفضلى لإقتلاع جذور الجريمة وتطهير النفس من الإثم الذي اقترفته. وخير عبره للآخرين. وقد اقترفت عقوبة الإعدام في تلك المجتمعات بأساليب التعذيب الجسدي في تنفيذها بالتحريق والتقطيع ودفن الإنسان حيا.

وقد أثارت عقوبة الإعدام نقاشا حادا حول مدى جدواها بعد بروز الاتجاهات الإنسانية والاتجاهات التأهيلية للعقوبات. ومنذ أجيال انقسمت الآراء بين الإبقاء عليها أو إلغائها في مختلف الأوساط ومن قبل مختلف الفئات والأشخاص رجال الفكر والفلاسفة وعلماء الاجتماع وغيرهم.كما كانت محل بحث الأوساط الفضائية والمؤتمرات القانونية والمؤسسات التشريعية في كثير من أنحاء العالم.

وقد كان الرأي في كل ذلك إن هذه العقوبة مختلف عليها، ومتباينة حولها الآراء بين مؤيدين لوجودها، ومطالبين بإلغائها وبين هذين الرأيين موقف ثالث يقول بالحد منها وتقليصها، بإلغائها من بعض الجرائم، وإبقائها في بعضها.

وهذه الآراء المغايرة مستقاة من منابع متباينة ومدارس فكرية مختلفة، هذا بالإضافة الى اختلاف المستويات الحضارية والأوضاع الاجتماعية بين بلد وآخر.

بعد هذه المقدمة التاريخية سنقسم هذه الدراسه الى قسمين :

 

أولا: أنواع القتل في القانوني الأردني:

قبل أن نتكلم عن أن أنواع القتل في القانون الأردني نود أن نبين أهم الجرائم التي يقرر القانون الجنائي الأردني عقوبة الإعدام وقد عرف القانون الأردني الإعدام بأنه شنق المحكوم عليه.

كذلك سنبين حالات سقوط الأحكام الجزائية والتي وردت في المادة 47 من قانون العقوبات الأردني والتي تشمل الوفاة والعفو العام والعفو الخاص وصفح الفريق المتضرر والتقادم ووقف التنفيذ وإعادة الاعتبار.

أما موانع العقاب فوردت في المادة 91 و92 و93 وهي حالات الجنون والسكر والتسمم بالمخدرات والسن أما الإعفاء من العقوبة والأسباب المخففة فقد وردت في المواد 95 و96 و97 و98 و99.

أيضا سنوضح جرائم القتل التي تقع على الإنسان في القانون الأردني في الحالات التالية :

1) القتل المقصود العادي

2) القتل المقصود المشدد

3) قتل الموظف العمومي

4) القتل الواقع على اكثر من شخص

5) القتل قصدا مع سبق الإصرار

6) وقوع القتل على الأصول

7) القتل المقصود المخفف

8) قتل الطفل المولود حديثا

9) قتل الوالدة لوليدها الذي لم يتجاوز السنة

10) قتل الوليد اتقاء العار

11) القتل حالة التلبس

12) القتل الناجم عن متاجرة

وقد أحسن المشرع الجنائي الاردني عندما نص في المادة (17/ 1) من قانون العقوبات استبدال عقوبة الإعدام للمرأة الحامل الى المؤبد بقولها في حالة ثبوت كون المرأة المحكوم عليها بهذه العقوبة حاملا يبدل حكم الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة.

 

ثانيا: أنواع العقوبات الجنائية في القانون الأردني

1) الإعدام

2) الأشغال الشاقة المؤبدة

3) الاعتقال المؤبد

4) الأشغال الشاقة المؤقتة

5) الاعتقال المؤقت

المادة 110 ( كل أردني حمل السلاح ضد الدولة في صفوف العدو عوقب بالإعدام )

المادة 111 ( كل أردني دس الدسائس لدولة اجنبيه أو اتصل بها ليدفعه إلي العدوان ضد الدولة أو ليوفر الوسائل إلى ذلك عوقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وإذا أفضى عمله إلى نتيجة عوقب بالإعدام ).

المادة 112 ( كل أردني دس الدسائس لدى العدو أو اتصل به ليعاونه بأي وجه كان على فوز قواته على الدوله عوقب بالإعدام )

المادة 135

1- كل من اعتدى على حياة جلالة الملك او حريته يعاقب بالإعدام.

المادة 136 ( يعاقب بالإعدام كل من يعمل على تغيير دستور الدولة بطرق غير مشروعة).

المادة 131 :

1- كل فعل يقترف بقصد إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور يعاقب عليه بالإعدام.

2- إذا نشب العصيان عوقب المحرض وسائر العصاة بالإعدام.

المادة 148/ 4 ويقضي بعقوبة الإعدام في أي من الحالات التالية:

أ. اذا افضى الفعل الى موت انسان

ب. اذا افضى الفعل الى هدم بناء بصورة كلية أو جزئية وكان فيه شخص او اكثر.

ج. إذا تم ارتكاب الفعل باستخدام المواد المتفجرة او الملتهبة أو المنتجات السامة او المحرقة او الوبائية أو الجرثوميه أو الكيمائيه او الاشعاعيه أو ما شابهها
المادة 158:

3. ويحكم بالإعدام على ما اقدم منهم تنفيذا للجناية على القتل أو انزل بالمجني عليه بالتعذيب والأعمال البربرية.

المادة 292/ 2: كل شخص اقدم على إغتصاب فتاة لم تتم الخامسة عشرة من عمرها يعاقب بالاعدام.
المادة 328 ( يعاقب بالإعدام على القتل قصدا):

1) إذا ارتكب مع سبق الإصرار يقال له القتل العمد

2) إذا ارتكب تمهيدا لجناية أو تسهيلا أو تنفيذا لها أو تسهيلا او تنفيذا لها أو تسهيلا لقرار المحرضين على تلك الجناية أو فاعلها أو المتدخلين

3) إذا ارتكبه المجرم على أحد أصوله

نلاحظ أن القانون الجنائي الأردني قد أوقع عقوبة الإعدام في حوالي 21 جريمة.

وبعد أن بينا أنواع الجرائم وأقسامها وأنواع العقوبات وإستكمالا لعقوبة الإعدام بين المؤيدين والمعارضين.

ثالثا: آراء المعارضين من عقوبة الاعدام:

أولا :

إن المجتمع لا يهب الإنسان الحياة حتى يكون من حقه سلبها منه.

وقد إنتقد هذا بأن من حق الهيئة الاجتماعية فرض هذه العقوبة لانه لو كان المجتمع لم يعط حق الحياة، فهو لم يعط حق الحرية لأحد، فكيف يجاز له سجن الناس ومنعهم من الحرية، فضلا على أن الإنسان له حق الحياة، كما له حق الحرية، فالاعتراض على شرعية الإعدام يقضي معه الاعتراض على شرعية كل العقوبات التي تمنع الحرية مع الاعتراف بان الحياة هي اثمن من الحرية.

ويرى آخرون أن القتل يعد مشروعا من الوجهة القانونية والفلسفية في حالة الدفاع الشرعي، وفي حالة الحرب الدفاعية وعقوبة الإعدام إذا كانت ضرورية فهي صورة من الدفاع الشرعي تسلكه الجماعة ضد من يعتدى عليها، ومحافظة على سلامتها.

أما في الشريعة الإسلامية فلا مجال لهذا الأمر حيث أن الله سبحانة وتعالى هو الذي وهب الحياة للإنسان، وهو الذي انزل تشريعه في قوله تعالى :

( كتب عليكم القصاص في القتلى ). (4)

وقوله تعالى:
(من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل ).

واتى به رسوله صلى الله عليه وسلم في الحديث « العمد قود « ومعناه أن موجب العمد وهو القصاص، وحديث لا يحل دم امرئ إلا بإحدى ثلاث منها النفس بالنفس.

ثانيا:

يستند المطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام على أساس أن هذه العقوبة يستحيل إصلاحها إذا ثبتت براءة المحكوم عليه.

ويرد المطالبون بإبقائها أن خطورة تنفيذ عقوبة الإعدام نتيجة لخطأ القاضي تماثل خطورة الخطأ في عقوبة الحبس، ويحتمل ذلك كثيرا في الأحكام التي تصدر بإدانة المتهم من محكمة الموضوع ويبقى بالسجن لحين إعلان براءته من المحكمة العليا. وتؤثر عقوبة السجن في صحة الفرد، بل يرى البعض في عقوبة السجن المؤبد ضررا أكثر من الإعدام.

ثالثا:

يرى المعارضون أن المجتمع لا يستفيد شيئا من إعدام الجاني بل أن مصلحته إصلاح حاله ورده إليه عضوا صالحا.، حيث يجب أن يكون الغرض من العقوبة إصلاح المجرم وتقويمه كما تقرر المدرسة الحديثة في العقاب والعلماء الاجتماعيون وسواهم. فالإعدام ليس وسيلة للإصلاح والتقويم بل في الواقع اثر من آثار الثأر.

يرى المنادون بإلغاء عقوبة الإعدام في الغرب إلى فقدان هذه العقوبة لقوتها كرادع وان الدلالات الإحصائية ما زالت غير واضحة. وخاصة توقيعها يمثل أثرا رادعا أمام مرتكبي الجرائم الانفعاليه والعاطفية على وجه الخصوص، وإنها تفتقر إلى أي اثر عملي ايجابي.

ويبرر شراح القوانين المؤيدون لإبقاء عقوبة الإعدام إنها وسيلة صالحة لمقاومة الأجرام، ولإستئصال المجرمين الخطرين على الجماعة، وهي نفس المبررات التي قال بها فقهاء الشريعة الإسلامية.

 

رابعا: اراء المؤيدين من عقوبة الاعدام

إلا ان المؤيدين لإبقاء عقوبة الإعدام يرون ان وجودها مفيد للمجتمع، وإن الوقائع الماضية وتاريخ الأجرام والعقاب والأحصائيات تدل على هذه النتيجة، بتصور عدد الجرائم التي منعت وجود هذه العقوبة ارتكابها، حيث لا يمكن حصره، لانه سلبي، وإن كانت الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام ما زالت تقع رغم هذه العقوبة فيجب تقدير كم يقع منها لو ان عقوبة الإعدام لم تكن معروفة على تلك الجرائم ؟ كما يتساءل حسين جميل.

بالإضافة الى ان الثأر يتم بقصد إشباع غريزة حب الانتقام، والذي يرى فيه الأمام محمد أبو زهره ان طبيعة البشر، وخاصة في الجرائم التي يكون حق العبد غالبا فيها كجرائم القتل، بان العقوبة تشفي غيض أولياء الدم.

يرى المؤيدون لأبقاء عقوبة الإعدام، أن في تنفيذ عقوبة الإعدام تأكيد بأنه لن يكرر جريمته تلك.


خامسا: الخاتمة

وهذه الاراء وغيرها من الافكار التي يعتنقها المعارضون والمنادون بالغاء عقوبة الاعدام من اساسها دفعت بعض الدول الى الغائها في جميع الجرائم حيث لا تنص قوانين تلك الدول على فرض عقوبة الاعدام في اية جريمة كانت وقد بلغ عددها 35 دولة وقامت بلدان أخرى بالغاء عقوبة الاعدام الواردة على الجرائم العادية فقط وابقت العقوبة على الجرائم الاستثنائية كتلك المرتكبة في ظل القانون العسكري او ظروف استثنائية كجرائم الحرب وعددها 18 بلدا.

وهناك بلدان تحتفظ في قوانينها بعقوبة الاعدام على الجرائم العادية، لكنها عمليا لم تعدم احدا منذ عشر سنوات أو أكثر وعددها 27 بلدا ومقاطعة.اما البلدان التي تحتفظ بعقوبة الاعدام في قوانينها وتستخدمها في الجرائم العادية يبلغ عددها حوالي مائة دولة.

وفي الختام نقول لقد احسنت الحكومه الاردنية بأن قامت في هذا اليوم 21/ 12/ 2014 بتنفيذ عقوبة الاعدام على (11) شخصا حيث كانت ردة الفعل في الشارع الاردني مؤيدة لتنفيذ عقوبة الاعدام بأكثر من 95/% بعد أن تعطل تنفيذها منذ عام 2006