إعداد: مازن الساكت
يستعد مجلس الأمة لمناقشه قانون اللامركزية وهي القضية التي تم تناولها وتشكيل لجان لوضع مقترحات وصياغة مشاريع قوانيين حولها, وحتى إجراء تطبيقات تجريبية فيها في العديد من المراحل السابقة ومن قبل معظم الحكومات.
ولا بد بداية من التعريف بأن اللامركزية هي اسلوب ونهج في ادارة الدولة يعني التحول من منهجيه «تفويض الصلاحيات» الى منهجية إنشاء الصلاحية بالقانون.
وفي حوكمةالادارة العامة تعني قوننة المشاركة الاهلية في رسم السياسات المحلية واتخاذ القرارات من خلال الهيئات واللجان المختلفة وعن طريق التمثيل الذي قد يأتي من خلال العمليات الانتخابيه للقطاعات المختلفة و/او التقسيمات الادارية.
ولا جدال في أن اللامركزية في اداره الدول هي نهج تطلبته عمليات التحديث والتطوير في الادارةالعامة لتوسيع المشاركة وتقليل الروتين وتسريع الانجاز. والاهم انه نهج لابد منه لبناء مؤسسات الحكم المحلي والتنمية المحلية وككل عمليه انتقال الى صيغ أكثر تقدما» في الادارة والاقتصاد والتكنولوجيا فأن عملية التأهيل وموائمة الواقع الثقافي والعلمي والمهني والاجتماعي والسياسي هي شروط لابد منها لنجاح عمليه الانتقال والتقدم الى الامام. وبعكسها فأن النتائج السلبية وحالات التشويه لما هو جديد او رفضه ومقاومته ستكون ذات أثار ضارة ونكتشف اننا انتقلنا الى حالة تغيب فيها المحددات والمعايير والضوابط وتكون نتائجها الاقتصادية والسياسية والاداريه بالغة الخطورة على واقع تطور الدولة.
وقد يقال بأن هذه المخاطر رغم صحتها هي مبررات لمنع التطور والتحديث وأن التقدم الى الامام يحتاج الى شجاعة القرار وأن التجربة والممارسة كفيلة بالتعامل مع تحدياتها.
إن المغالاة في هذا القول ينبع من كون مانتحدث عنه هو عملية تطور جوهرها اجتماعي ثقافي حضاري لايتم التغيير فيه والتقدم الى الامام بمجرد اقرار القوانين والتشريعات بل هو فعل تراكمي عميق وشامل له برامجه ومراحله وآلياته.
إن واقعنا المركزي لا يزال يشير الى ضعف كفاءة البرامج,وضعف كفاءة تنظيم الموازنات بالأهداف والنتائج والى ضعف الحياة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والى ضعف نتائج العمليات الانتخابية البرلمانية والبلدية.فهل يعقل أن نذهب الى لا مركزية التقسيمات الادارية بمشكلاتها الجغرافية والاقتصادية ومواردها الضعيفة والاجتماعية وبمؤسساتها العشائرية والجهوية وضعف كفاءه الموارد البشرية في بعضها.
وبالمقابل فأن التقدم بأتجاه اللامركزية يتطلب مراجعة لواقع المشاركة والصلاحيات في الادارة العامة,وفحص مدى ماتحقق من تطور من خلال ماسمي بتفويض الصلاحيات ومراجعةالتشريعات والانظمة واعادة توزيع الصلاحيات بقوه التشريع والانظمة وعدم الاكتفاء بأسلوب التفويض, وحمايه تلك الصلاحيات من عمليات الاتهامية والتشويه, وتوسيع المشاركة الشعبيه من خلال الممثلين المنتخبين (البلديات,النقابات,غرف الصناعة والتجارة,الاحزاب,......)قبل الدخول في مرحلة الانتخاب المباشر,المعروفة النتائج سلفا».
وإعاده بناء وتنظيم المجالس الاستشارية (المحلية في المحافظات) ورفدها بكفاءات من ذوي الاختصاص والخبرة.واعطائها صلاحيات حقيقية في وضع الاولويات للمشاريع وتمكينها من الدفاع عن موازناتها وتطوير الخدمات العامة. ودعم الاستثمار.
ان برنامجا» بهذه المواصفات هو مرحلة ضرورية للانتقال بواقع ادارة الدولة والوصول الى صيغ اللامركزية والحكم المحلي الذي يجب ان يبدا بتوسيع صلاحيات البلديات ودعمها ودعم موازنتها بشكل جدي وحقيقي وهذه المرحلة تحتاج الي بناء جهاز مراقبة ومتابعة فعال والى التوجيه والاسناد كما المساءلة والمحاسبة.
انني اعتقد ان الشرط الاهم في الوصول الى ادارة لامركزية ناجحة والى تطوير وتفعيل الادارة العامة والمشاركة الشعبية والتنمية المحلية يكمن في العودة الى ماطرحه جلالة الملك عبد اللة الثاني عندما طرح فكرة الاقاليم.
ان القسيم الاداري هوحجر الزاوية في نجاح التنمية المحلية واللامركزية,لأن الشروط الموضوعية للتنمية ولوضع البرامج والموازنات والمشاريع... تتمثل في ان تكون المساحة الجغرافية والموارد المادية والبشرية والامكانات المتاحة تسمح بوضع خطط على المستوى المحلي والاستراتيجي قابلة للتنفيذ وتتوفر لها كفائة الادارة ومقومات النجاح, بل أعتقد جازما» أن أحدأهم أسباب تواضع وضعف نجاح خطط تنميه المحافطات جاءت نتيجه هذا الواقع.
إن التشكيل التاريخي للتقسيمات الادارية في الدولة الاردنية غلب عليها الطابع الجغرافي والعشائري والمطلبي,وكان الدافع الاول وراء إنشائها ايجاد مؤسسات حكومية وفرص عمل وظيفيه واعتداد جهوي بالنفس.
إن مناقشه قانون اللامركزية فرصة لإعادة النظر وبشكل شمولي في واقع الادارة العامة وانظمتها وتقسيماتها الادارية وادوارها واعادة النظر في ادوار البلديات وتمكينها وفي أدوارمؤسسات المجتمع المدني المختلفة.