مركز الرأي للدراسات
اعداد : المحامي د. خالد الزعبي
ايلول 2012
يعتبر المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن، أحد أدوات الرقابة والتحقيق والدراسة والبحث في الشكاوى والانتهاكات والتجاوزات والأخطاء من مؤسسات الدولة كافة أو الأجهزة الأمنية أو السجون. ويعمل على تصحيح وتسوية الإشكالات بالطرق القانونية وضمن قانون مركز حقوق الإنسان في الأردن وبالتعاون مع تلك الأجهزة الأمنية بما يحقق مصلحة الأطراف دون إلحاق الضرر بهم وبما يخدم المصلحة العامة. والدعم الذي يتمتع به المركز من جلالة الملك ما هو إلا دليل واضح عن رضا جلالته عن أداء المركز الوطني ودوره ومساهمته في مجال حقوق الإنسان في الأردن ودعما لمصداقيته العالية التي يتمتع بها المركز كجهة رقابية مستقلة.
المركز الوطني وبروز دوره في تعزيز حرية الإنسان
– لقد برز دور المركز الوطني لحقوق الإنسان في الفترة الأخيرة وبرز نشاطه بشكل فعال وقوي في ممارسة عمله الرقابي باعتباره مؤسسة مستقلة غير خاضع لأي جهة رسمية. فهو يعمل على تعزيز حرية الإنسان وكرامتة ونشر ثقافة حقوق الإنسان بين الناس من خلال إقامة الندوات والورش القانونية والمشاركة في المؤتمرات المتعلقة بحقوق الإنسان. وقد عمل على إثبات وجوده ودوره كمركز وطني أردني يعالج كافة الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان الواقعة على الرجل والمرأة والطفل والأشخاص ذوي الاحتياجات والإعاقات الخاصة وكبار السن. إضافة إلى اهتمام المركز الوطني بحقوق الإنسان السياسية والمدنية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية.
فهو يعمل ضمن قانون المركز الوطني لحقوق الإنسان والدستور الأردني وميثاق هيئة الأمم المتحدة والمعايير الدولية لحقوق الإنسان في العالم.
– إن المركز الوطني لحقوق الإنسان ومنذ العمل على تأسيسه قبل عشر سنوات، أصبح يتمتع بالخبرة والمعرفة والقوة والنشاط بعد اطلاعه على مختلف الشكاوى والانتهاكات والتجاوزات وحلها بكل حيادية وموضوعية وفق المعايير الدولية وحقوق الإنسان والحقوق الدستورية والمصلحة الوطنية وذلك بشكل جاد ومحايد باعتباره مؤسسة وطنية تعمل بنشاط ليلاً نهاراً لترسيخ مفهوم ثقافة وحرية حقوق الإنسان من خلال مخاطبة الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية بالعمل على احترام الإنسان وعمل التقارير والتحقيقات الجادة لإظهار الحقيقة واطلاع الناس والعالم عليها بكل أمانة وإخلاص.
التعديلات الدستورية وأثرها على حرية وحقوق الإنسان
– إن التعديلات الدستورية الأخيرة التي أدخلت على الدستور الأردني المتعلقة بحقوق الإنسان، وبالحرية، والكرامة، والعمل، والتوظيف، والمناصب العليا، والحرية الشخصية، والحرية الصحفية، وحرية الرأي والرأي الآخر، وحرية وسائل الإعلام وحرمة المنازل، وحرية الإجتماعات، وتشكيل الأحزاب السياسية وعدم توقيف أو حبس أي فرد إلا بنص القانون. والأصل براء الإنسان (المتهم) من أي جرم حتى يثبت العكس. إضافة إلى كافة الحقوق الأخرى ذات الصلة المتعلقة بالتشريعات القانونية بحقوق المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن. فقد شكلت هذه التعديلات الدستورية والقانونية الأخيرة رافداً جديداً من روافد دعم مسيرة حقوق الإنسان كما ذكرها الرئيس معالي طاهر حكمت، حيث عملت على تعزيز منظومة حقوق الإنسان في الدستور الأردني. ومنحت المواطن الأردني كافة حقوق الإنسان وصونها وحمايتها وعبر عنها الرئيس بقوله (نكاد أن نقول أنها اكتملت بشكل شبه تام) بعد أن تم إحداث مرجعيات دستورية وقانونية ذات قوى قابلة للإنفاذ لملاحقة أي انتهاك لحقوق الإنسان.
الدولة الأردنية وعدم وجود نقداً دولياً صارخاً
– إن الدولة الأردنية تعمل على احترام حقوق الإنسان وحريته وكرامته وتعمل على سيادة القانون، والمساواة بين الناس، فالدستور الأردني الجديد بعد إدخال التعديلات الدستورية الأخيرة، أصبح من أفضل الدساتير في العالم العربي والأوروبي وأمريكا.... – وقد أشارت كثير من الجهات والمنظمات والمؤسسات الدولية والعالمية بالتعديلات الدستورية الأخيرة وبحقوق الإنسان في الأردن. وبعدم وجود انتهاكات صارخة أو فاضحة في مجال حقوق الإنسان. ولذلك لا نجد نقداً دولياً للأردن صارخاً من تلك المؤسسات الدولية، ويكاد يكون هذا النقد بسيطاً أو قليلاُ وهامشي مقارنة ببعض الدول العربية والإفريقية والأوروبية الأخرى. وهذا لا يعني أنه لا يوجد تجاوزات وانتهاكات لكنها لا تذكر مقارنة ببعض الدول.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وموقف الأردن الدولي
– حقوق الإنسان في الأردن أصبحت تحتل مكانة مرموقة ومحترمة خاصة وأن العالم أصبح يمنح موضوع حقوق الإنسان أهمية كبيرة ويكسبه يوماً بعد يوم مكتسبات جديدة تعزز من مكانة الإنسان وكرامته وحياته وعمله وعيشه ومسكنه وحقوقه وبعدم الاعتداء عليه وعلى إنسانيته بعد أصبحت الأمم المتحدة راعية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم اعتماده من قبل الهيئة العامة في 15/12/1948. والذي جاء في ديباجته (...إن جميع أعضاء الأسرة البشرية تتمتع بالكرامة والأصالة وحقوق متساوية وثابتة بشكل أساسي وتتمتع بالحرية والعدل والسلام في العالم، ويجب أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني الدولي....الخ).
– وفي المادة (7) من الإعلان العالمي تنص (الناس جميعاً سواء أمام القانون وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دون تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز).
– وفي المادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفياً).
– وفي المادة (10) من الإعلان تنص (لكل إنسان على قدم المساواة العامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً منصفاً وعلنياً، للفصل في حقوقه والتزاماته، وفي أي تهمة جزائية توجه إليه).
– وفي المادة (19) من الإعلان تنص (لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية).
– و ما نراه يومياً على شاشات الفضائيات في العالم من حروب وقتل ودمار وانتهاك حقوق الإنسان وحريته وكرامته يؤكد أن مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونصوصه ونصوص ميثاق الأمم المتحدة تنتهك يومياً من قبل الخارجين على القانون والنظام من الحكام والزعماء والجيوش والبلطحية والشبيحه والعصابات، ضاربين عرض الحائط بكل المواثيق والأعراف الدولية بحقوق الإنسان وحريته وكرامته.
– إن الأردن أصبح يحتل موقعاً دولياً متقدماً في مجال حقوق الإنسان واحترامه لكافة الحقوق المدنية والسياسية وتعتبر نصوص ومواثيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي نفس النصوص تقريبا التي جاء بها الدستور الأردني الجديد ونصوص المركز الوطني لحقوق الإنسان وهذا يدل دلالة واضحة على الانسجام والتطابق باحترام الأردن للقواعد الإنسانية والأخلاقية والمنظومة الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
حقوق الإنسان.. والخطاب السياسي
– إن حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية وكرامة الإنسان والمحافظة على صيانة مسكنه وعيشه وعمله وحرية الرأي والحقوق السياسية والمدنية أصبحت جزءاً من الخطاب السياسي الأردني والدولي للأغلبية من الزعماء والقادة وقادة الرأي السياسي والمدني والناس والأحزاب السياسية والحركات الشعبية، خاصة في ظل الربيع العربي بعد أن ارتفعت الأصوات المطالبة بترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، فالناس سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات احتراماً لنصوص الدستور وترسيخاً لمبدأ الديمقراطية وحرية التعبير وحرية الاجتماع السلمي لأي إنسان أو جماعة من الناس أو الأحزاب السياسية دون إخلال بالأمن أو الاعتداء على حياة الناس وحقوقهم وممتلكاتهم، أو على أمن واستقرار الوطن، فحقوق الإنسان جوهرها المحافظة على المصالح الوطنية وحقوق الناس وحياتهم، فتقدم الدول حضارياً يقاس بمدى تقدم حقوق الإنسان واحترامها ومكانتها في الدولة، فهو شهادة على شرعية الحكم السياسي للناس والزعماء والقادة والأحزاب السياسية.
التقرير الصادر عن المركز الوطني، الاقتراحات والتوصيات
– إن التقرير الذي صدر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان الأردني هو جهد وطني ضخم ومحترم يحمل في طياته تحسن كبير للحريات العامة وانخفاض عدد الشكاوى وانعدام حالات التعذيب في مراكز الإصلاح والسجون والمراكز الأمنية إضافة لشموله أهم الإصلاحات الدستورية الأخيرة وانعكاس الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة على حياة الناس وغياب الرقابة القضائية الفعالة على أماكن التوقيف الإداري للرجال والنساء في المحافظات والمراكز الأمنية والسجون.
التقرير جاء واضحا وقد طالب بتعزيز سلطة القاضي وتدعيم استقلال السلطة القضائية وحمايتها وبناء دار القضاء العالي وتعزيز الشفافية والنزاهة والمساواة في تقلد الوظائف العامة واحترام الجنسية وعدم نزعها أو سحبها من أي شخص إلا وفقا لأحكام القانون وللقرار الصادر من المحكمة، كما طالب بتعزيز احترام حقوق المتزوجين من غير الأردنيات والعكس، و كذلك باحترام حقوق اللاجئين والسياسيين.
لقد عالج التقرير قانون البلديات وقانون الانتخاب وطالب بعدم تأجيل الانتخابات النيابية دون مبرر أو قوة قاهرة وطالب بإشراف الهيئة المستقلة على الانتخابات النيابية بكافة مراحلها، وأوصى هذا التقرير بالعمل على الارتقاء بحرية الرأي والتعبير والحريات العامة وحرية الصحافة ووسائل الإعلام وأوصى باحترام المسيرات والاعتصامات والعمل على اتخاذ الإجراءات لحمايتها، وأكد على احترام حقوق المواطنين في تأسيس وتشكيل الأحزاب السياسية ودعمها واحترام قانون التربية والتعليم والطلاب والأطفال ودعم المرحلة الأساسية لتعليم كافة أبناء الأردن.
هذا التقرير، يحمل اقتراحات وتوصيات وقد سلمت نسخ منه لجلالة الملك عبد الله الثاني ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والأعيان. وقد أظهر واقع الأردن وشعبه وطموحاته وخصوصيته واحترام معالجة تلك الأمور ضمن القانون والمعايير الدولية. بعد أن رصد من خلال عمله كفريق مدى تأثير سياسات الدولة على حقوق الإنسان من كافة النواحي الاقتصادية والسياسية والإجتماعية والمدنية وأداء الحكومة والانتهاكات حول حقوق المرأة والطفل وكبار السن. وقد أراد المركز الوطني لحقوق الإنسان أن يضع تلك الجهات الرسمية، الملك، الحكومة، النواب، الأعيان، تحت المسؤولية الإنسانية بالعمل على الاطلاع عليه والأخذ بالمقترحات والتوصيات ما أمكن ذلك لخدمة ومعالجة التشريعات القانونية الناظمة لحقوق الإنسان وحريته وكرامة الإنسان الأردني.
والسؤال هل تعمل تلك الجهات على تحمل مسؤولياتها بعد استلامها التقرير؟؟ أم أنها سوف تضعه على الرف أو الدرج أو المكتبات؟؟ التقرير يحتاج إلى جهد وطني كبير ونشكر المركز الوطني لحقوق الإنسان والقائمين عليه على إنجازه وإعداده.