جهود «جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين» في إطار السياسة الخارجية الأردنية

08/01/2017

جهود «جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين» في إطار السياسة الخارجية الأردنية تجاه الولايات المتحدة الأميركية والقضية الفلسطينية (في حقبة الرئيس باراك أوباما)

 

اعداد: هيثم عريقات

 


مرت السياسة الخارجية الأردنية منذ عقد الخمسينات من القرن الماضي، تجاه الولايات المتحدة الأمريكية بعدة مراحل، وقد استندت إلى مدى معرفة صانع القرار السياسي في المملكة الأردنية الهاشمية بأهمية دور الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، بشكل عام، ومدى تأثيرها في القضايا العربية، وأهمها دورها في القضية الفلسطينية بشكل خاص. وكان أبرز أهداف السياسة الخارجية الأردنية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، خدمة القضية الفلسطينية، والمحافظة على حقوق الشعب الفلسطيني، وتلبية تطلعاته للوصول إلى السلام العادل، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني.

إن «البعد التاريخي للعلاقة والارتباط الهاشمي بالقضية الفلسطينية، ودور السياسة الخارجية الأردنية تجاه القضية الفلسطينية»، يبين مدى العمق والاهتمام الذي تحظى به القضية الفلسطينية في مؤسسات صنع القرار في المملكة الأردنية الهاشمية، وعلى رأسها العائلة الهاشمية وهو ما شكل ابرز الأسس التي انطلقت منه السياسة الخارجية الأردنية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية خدمة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وهي رسالة السلام التي آمن بها «الملك الحسين بن طلال» رحمه الله–تعالى – ويعمل على تحقيقها «جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين» حفظه الله ورعاه.

ومن أجل هذا الهدف المنشود جنَّد «الملك عبد الله الثاني»، أدوات مختلفة من أدوات السياسة الخارجية، وذلك بهدف دعم وتعزيز الدور الإيجابي الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية في إدارة عملية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، حيث تمثلت الأداة الدبلوماسية بالزيارات واللقاءات والاتصالات مع أعضاء الإدارة الأمريكية، ومن خلال اللقاءات الصحفية والتلفزيونية، ومن خلال اللقاءات مع وسائل الاعلام المختلفة، ولقاءات قادة الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية في نقل القضية الفلسطينية إلى أجندة وأولوية الإدارات الأمريكية.

- جهود «الملك عبد الله الثاني»، تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل القضية الفلسطينية في عهد الرئيس الأميركي «باراك أوباما».

حَدًّدت إدارة الرئيس «باراك أوباما»، شكل علاقتها مع العالم العربي، ومنطقة الشرق الأوسط، من خلال الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي «أوباما»، في جامعة القاهرة فبتاريخ 4 يونيو 2009، حيث قال:» أتيت إلى هنا للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، استناداً إلى المصلحة المشتركة، والاحترام المتبادل، وهي بداية مبنية على أساس حقيقة أن أمريكا والإسلام لا يعُارض بعضهما البعض، ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما، بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة، يلتقيان عبرها ألا وهي «مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان» وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال:» فلا يمكن نفي أن الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين قد عانوا أيضا في سعيهم إلى إقامة وطن خاص لهم. وقد تحمل الفلسطينيون الام النزوح على مدى أكثر من ستين سنة، حيث ينتظر العديد منهم في الضفة الغربية وغزة والبلدان المجاورة لكي يعيشوا حياة يسودها السلام والأمن، في هذه الحياة التي لم يستطيعوا عيشها حتى الآن. ويتحمل الفلسطينيون الإهانات اليومية صغيرة كانت أم كبيرة، والتي هي ناتجة عن الاحتلال. وليس هناك أي شك من أن وضع الفلسطينيين لا يطاق، ولن تدير أمريكا ظهرها عن التطلعات المشروعة للفلسطينيين، ألا وهي تطلعات الكرامة، ووجود الفرص، ودولة خاصة بهم».

لقد سعى «الملك عبد الله الثاني»، ومن خلال الجهود التي قادها على توفير البدائل والإمكانيات لدعم ومساندة القضية الفلسطينية، وتطلعات الشعب الفلسطيني، في نيل استقلاله، وحقوقه، وإقامة دولته الفلسطينية، وبناء مؤسساتها، حيث عمل «الملك عبد الله الثاني»، ومن خلال الزيارات واللقاءات والقمم التي عقدها مع الإدارة الأمريكية في حقبة الرئيس «باراك أوباما»، على حث الإدارة الأمريكية على القيام بدور أكثر فاعلية تجاه عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما كان لجولات ولقاءات «الملك عبد الله الثاني»، في الولايات المتحدة الأمريكية، ولقاءاته مع الإدارة الأمريكية، الأثر الطيب على الأرض، حيث نجحت هذه الجهود، ولأكثر من مرة بوقف الانتهاكات والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وتوفير الطرق لوصول المساعدات المختلفة للشعب الفلسطيني، كما نجحت دبلوماسية «الملك عبد الله الثاني»، بإقناع الإدارة الأمريكية أن هناك شريكاً فلسطينياً يسعى إلى السلام والاستقرار، وضمان أمن المنطقة، ويسعى إلى حل الدولتين.

لقد ارتكز الأردن من خلال السياسة الخارجية المعدة تجاه التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية في فترة إدارة الرئيس «باراك أوباما»، على الأداة الدبلوماسية لتطوير شكل التعاون مع الإدارة الأمريكية، ومن أجل تحقيق الأهداف المرجوة، وخدمة القضايا العربية بالشكل العام، والقضية الفلسطينية بالشكل الخاص.

وعمل «الملك عبد الله الثاني»، وفيما يخص القضية الفلسطينية على إجراء العديد من الزيارات إلى الولايات المتحدة الأمريكية بهدف حثَّ إدارة الرئيس «أوباما»، للقيام بدور أكثر فاعلية تجاه عملية السلام، وكما سعى الملك في زياراته إلى العمل على تعزيز الموقف الفلسطيني المنادي بالحرية والاستقلال.

ولدوره البارز وحكمته ولقدرته على وضع التصورات المناسبة ومعالجة القضايا المصيرية، التي تجعل المنطقة أكثر أمناً، وأكثر استقراراً وازدهاراً، عمل أعضاء الإدارة الأمريكية على زيارة الأردن من أجل اللقاء «بالملك عبد الله الثاني»، من أجل الاستماع إليه، ووضع الحلول التي توفر السلام والاستقرار وتبني المستقبل المشرق للأجيال.

- لقاءات ومباحثات «الملك عبد الله الثاني» في الولايات المتحدة الأميركية مع إدارة الرئيس «باراك أوباما».

ضمن جهود المملكة الأردنية الهاشمية التي قادها «الملك عبد الله الثاني»، من أجل توفير البيئة الآمنة والمستقرة لشعوب المنطقة، من خلال إنهاء الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وحث الإدارة الأمريكية بإدارة الرئيس «أوباما»، بقياده الرئيس الأمريكي» باراك أوباما»، على الانخراط السريع في عملية السلام، أجرى «الملك عبد الله الثاني»، زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في شهر نيسان2009، كأول زعيم عربي يزور الولايات المتحدة الأمريكية بعد استلام الرئيس «أوباما»، مقاليد الحكم، وعقد «الملك عبد الله الثاني»، خلال الزيارة سلسله من اللقاءات مع الإدارة الأمريكية، ومع مجموعة من القيادات المختلفة، حيث استهلَّ «الملك عبد الله الثاني»، لقاءاته بعقد مباحثات مع الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، من أجل إيجاد السبل للخروج من حالة الجمود الحاصلة في عملية السلام، ولحث الأطراف للعودة إلى طريق المفاوضات؛ للسير فيها، وصولاً إلى حل الدولتين، واتفق الزعيمان خلال المباحثات على إطلاق مفاوضات غير مباشرة، بهدف تقريب وجهات النظر بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، تقود فيما بعد إلى مفاوضات مباشرة وصولاً إلى حل الدولتين، وكما ركَّزت الاجتماعات مع باقي القيادة الأمريكية على جهود دعم عملية السلام.

-أهمية لقاءات ومباحثات «الملك عبد الله الثاني»، بالإدارة الأميركية في عهد الرئيس «باراك أوباما»:

كان لمساعي «الملك عبد الله الثاني»، الدبلوماسية أعظم الأثر على منع إسرائيل من الاستمرار في انتهاكاتها ضد الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، وضد الشعب الفلسطيني، كما نجحت دبلوماسية «الملك عبد الله الثاني»، في جمع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على طاولة المفاوضات، ونزع إفتيل الأزمة لأكثر من مرة، كما حققت دبلوماسية «الملك عبد الله الثاني»، أهم المكاسب وذلك بدفع الولايات المتحدة الأمريكية ولأكثر من مرة بتأكيد التزامها بحل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني، وفق قرارات الشرعية الدولية، ووفق حل الدولتين.

كما كان للقاءات «الملك عبد الله الثاني»، بالإدارة الأمريكية المختلفة الأثر الطيب على توجهات ورؤى بعض الساسة في الولايات المتحدة. ولما يتمتع به «الملك عبد الله الثاني»، من حنكة وثبات رؤية وصدقً للوعد الذي يقود الأردن والمنطقة إلى بر الأمان.

- أهمية الاتصالات والبرقيات بين «الملك عبد الله الثاني»، والإدارة الأميركية:

هدفت الاتصالات والرسائل والبرقيات التي تمت وتلقاها «الملك عبد الله الثاني»، من الإدارة الأمريكية على تعزيز التنسيق والتشاور، وبهدف التواصل في التطورات التي تشهدها القضايا ذات الاهتمام المشترك، وبالأخص القضية الأهم للأردن وهي القضية الفلسطينية. فمن خلال الاتصالات تم وقف العديد من الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وتم ترتيب اللقاءات التي تنهي حالة التوتر، وتعيد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، وأيضا من خلال الاتصالات والبرقيات تم وضع التصورات للحلول التي تقود للوصول إلى السلام العادل والشامل، والذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية، على التراب الوطني الفلسطيني، بجانب دولة إسرائيل، ويضمن إعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتجنب المنطقة الفوضى والدمار. وتم التأكّيَد من خلال الاتصالات والبرقيات المختلفة على الحرص على العمل المشترك ما بين المملكة الاردنية الهاشمية وإدارة الرئيس «أوباما»، لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة وفق المرجعيات المعتمدة التي تضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.

- أهمية المقابلات التلفزيونية والصحفية في عهد الرئيس «باراك أوباما»:

استطاع «الملك عبد الله الثاني»، ومن خلال المقابلات التلفزيونية والصحفية من الوصول إلى مُختلف شرائح المجتمع الأمريكي، مقدماً لهم المعلومات الدقيقة والصحيحة والتي تصب في خدمة القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فكان لهذه المقابلات الأثر الطيب في المجتمع الأمريكي، لفهم حقيقة ما يجري من أحداث، وما يُرافق القضية الفلسطينية من تفاصيل يومية، كما كان لهذه المقابلات الأثر الطيب في شرح صورة الإسلام السمحة للمجتمع الأمريكي.

- أبرز النتائج التي تم تحقيقها من خلال لقاءات ومباحثات «الملك عبد الله الثاني» بإدارة الرئيس «باراك أوباما»:

يعد «الملك عبد الله الثاني»، أول زعيم عربي زار الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتخاب الرئيس الأمريكي «أوباما»، وسعى «الملك عبد الله الثاني»، إلى أن تنخرط الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية في جهود تحقيق السلام، لما يعود من فائدة ومصلحة على شعوب المنطقة، وفيما يلي أبرز ما أنجزه «الملك عبد الله الثاني»، دعماً ومساندة للقضية الفلسطينية، ولعملية السلام في زياراته للولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس «باراك أوباما»:

1- انخراط الإدارة الأمريكية السريع في عملية السلام، تلبية لدعوة «الملك عبد الله الثاني».

2- بناء الإدارة الأمريكية توجهاتها ومنطلقاتها على ما تم انجازه في السابق من خلال الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

3- قيام الإدارة الأمريكية بالضغط على إسرائيل؛ لوقف انتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني، ووقف بناء المستوطنات، والأشكال الأخرى المتعددة للانتهاكات الإسرائيلية.

4- قبول الولايات المتحدة الأمريكية للأفكار والمقترحات التي تدعو إلى إعادة الحقوق الفلسطينية.

5- تقديم رسالة الإسلام السمحة إلى المجتمع الأمريكي بطريقة حضارية.

6- جعل الرؤى الأردنية من أجل الوصول إلى السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قاعدة من الممكن البناء عليها في توجهات الإدارة الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.

7- دعم المواقف الفلسطينية، والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني من الضياع.

8- تقديم الصورة الحقيقية للقضية الفلسطينية وما بتعرض له الشعب الفلسطيني من قمع الاحتلال للرأي العام وللمجتمع الأمريكي.

لم تقتصر جهود المملكة الأردنية الهاشمية التي يقودها «الملك عبد الله الثاني»، الساعية لإحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وإعادة الحقوق الفلسطينية للشعب الفلسطيني، على اللقاءات والاجتماعات والزيارات، فكانت القضية الفلسطينية حاضرة يومياً في أجندة أعمال «الملك عبد الله الثاني»، وكان يسعى باستمرار لإيجاد الحلول للأزمات، ولوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وحماية المقدسات في مدينة القدس الشريف. ومن أجل تحقيق الهدف المنشود استخدم «الملك عبد الله الثاني»، أدوات الاتصال المختلفة، سواء كانت من خلال الاتصالات الهاتفية، أم من خلال البرقيات والرسائل؛ من أجل الإبقاء على التنسيق المستمر مع الإدارة الأمريكية؛ وذلك لمعالجة أي مستجدات قد تطرأ على الموقف من القضية الفلسطينية.

القدس الشريف