خضر: المرأة تسعى إلى «المواطنة الكاملة»

19/02/2014

نظم مركز «الرأي» للدراسات بالتعاون مع وحدة تواصل وتمكين المرأة في هيئة شباب «كلنا الأردن»/ صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، جلسة بعنوان «واقع المرأة الأردنية.. أين نقف؟» قدمت فيها العين أسمى خضر ورقة نقاشية، وشارك في مداخلاتها مجموعة من شباب «كلنا الأردن» وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالمرأة.

 

وفي مستهل الجلسة، قال مدير مركز «الرأي» للدراسات د.خالد الشقران إن التشاركية مع هيئة شباب «كلنا الأردن» تأتي ضمن توجه المركز لطرح قضايا الوطن ورسم السياسات المتعلقة بتمكين المواطن بشكل عام، وبالمرأة الأردنية بشكل خاص.

 

من جهته، أوضح مدير عام هيئة شباب «كلنا الأردن» سامي المعايطة، أن الهيئة منفتحة على الشباب، وأن موضوع دعم المرأة يحظى باهتمام الهيئة، لذلك تم استحداث «وحدة تواصل وتمكين المرأة» لتمكين المرأة وتقديم الفرص لها لتكون مشاركتها فاعلة في مجالات الحياة المختلفة، وذلك إيماناً بدور العنصر النسائي في التنمية، ودور المرأة في المجتمع بوصفها شريكة في مواجهة التحديات العامة، وفي صياغة توجهات المستقبل.

 

وقالت منسقة وحدة تواصل وتمكين المرأة زمن الخزاعلة، إن هذه الجلسة هي باكورة النشاط الشهري للهيئة، حيث سيتم استضافة مجموعة من السيدات ذوات الخبرة على مدار العام بالشراكة مع مركز «الرأي» للدراسات، ومتابعة أثر التطورات التشريعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية على وضع المرأة.

 

 

 

أدارها: هادي الشوبكي

 

حرّرها وأعدها للنشر: جعفر العقيلي

 

شباط 2014

 

بدأت العين أسمى خضر ورقتَها بقولها إن قضية المرأة عادةً ما تُطرح من زاوية أن المرأة ضحيّة تحتاج إلى الانصاف، رغم أن المرأة الأردنية «وصلت إلى مواقع المسؤولية، وبلغت أعلى مستويات التعليم وحققت أفضل النتائج»، لافتة إلى أن التركيز يجب أن ينصبّ على «التكافؤ والعدالة» وليس على «التفوق والامتيازات».

 

وقالت خضر إن الدولة الأردنية ركزت على التعليم كمفتاح للتقدم، فأُنشئت المدارس في جميع المناطق، وأُنفق على التعليم بما يضمن فتح الأبواب أمام الشباب لدخول عالم الإنتاج وتحسين مستوى المعيشة.

 

وأكدت خضر أن المرأة الأردنية تحظى باحترام المجتمع، وأن قضية المرأة ليست قضية الصراع مع الرجل، بل إن قضيتها هي قضيته، فمعالجة قضية فقر المرأة تستدعي بالضرورة معالجة قضية فقر المجتمع، ومجابهة التحديات لا تتم بمعزل عن أيٍّ من الرجل والمرأة، والإبداع والابتكار والتصدي لتحديات المجتمع «لا يتم بإقصاء أي من الطرفين، فعلى كليهما التعاون من أجل الوصول إلى ما هو أفضل للجميع بشكل عام».

 

وتابعت خضر بقولها إن المرأة الأردنية اليوم، تشعر بالتحديات القائمة، وتدرك مسؤوليتها في مجابهة هذه التحديات، وتبحث عن دورها في التصدي لها، وهي لا تبحث عن وجود مظهري، بل عن «وجود فعليّ» يساعد على حل المشكلات وتحقيق التقدم. ولفتت إلى أن المرأة الأردنية ترغب في أن تكون مواطنة «كاملة الحقوق والمسؤوليات»، ما يتطلب نمطاً جديداً من ممارسة المواطنة يقوم على تمسكها بحقوقها واستعدادها في الوقت نفسه لأداء واجباتها.

 

وأوضحت خضر أن النسبة الغالبة من النساء في الأردن هن من الشابات، وبالتالي فإن أي تقدم لا يمكن أن يتم بعيداً عن هذه الشراكة الاستراتيجية بين هيئة شباب «كلنا الأردن» وصندوق الملك عبدالله للتنمية واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، وبقية الهيئات ذات الصلة.

 

وقالت إن الاستراتيجية الوطنية للمرأة التي أقرها مجلس الوزراء في 20/1/2014، كانت نتيجة جهود اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بالتشارك مع فئات المجتمع المختلفة من جميع المحافظات، على مدى عام ونصف العام، وقد وُضعت فيها ثلاث أولويات رئيسة: التمكين الاقتصادي، والتمكين السياسي، والتمكين الاجتماعي.

 

وبينت أن التمكين الاقتصادي يرتبط بوضع النساء في سوق العمل، بشقّيه الرسمي وغير الرسمي، فهناك نسبة كبيرة من النساء يعملن في أعمال غير رسمية، في البيت والزراعة وسوى ذلك، مثلما هناك العاملات وصاحبات الأعمال، واللواتي يُقمن المشاريع ويسهمن في عجلة التنمية ورفد الاقتصاد الوطني، ما يعني أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية تحتاج إلى مساهمة النساء.

 

ورأت خضر أن نسبة البطالة بين النساء هي ضعْفَ نسبة البطالة بين الشباب، فالشاب يستطيع العمل في أي وقت وفي أي مكان وفي أي ظرف، أما الفتاة فهناك أسباب ثقافية واجتماعية ومسؤوليات أسرية تحول دون ذلك.

 

وتوقفت خضر عند التمكين السياسي، موضحة أن بعضهم يعتقد أن المقصود بذلك هو المواقع القيادية في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بينما المقصود أن المواطن يشكل الحياة السياسية، فأي شاب يبلغ الثامنة عشرة يعدّ عنصراً فعالاً في رسم المشهد السياسي. وأضافت: «نحن عناصر سياسية فعالة نبحث عن توافق، ولذلك تم إنشاء الأحزاب، وعندما نذهب إلى صناديق الاقتراع فإن كلاًّ منا يتحمل مسؤولية خياره لأن له صوتاً ذا قيمة أسوة ببقية المواطنين».

 

وأوضحت خضر أن المشاركة الإدارية لا تعني الأمين العام والوزير والمدير فحسب، فالمشاركة الإدارية الوسيطة هي الأهم، ففي وزارة التربية والتعليم 70% من المعلمين هم من الإناث، و62 و% من الإداريين هم من الإناث أيضاً، ولكن نسبة الإناث في المواقع الإدارية العليا 10 % فقط، ومن أسباب ذلك: التقاعد المبكر الذي تُدافع عنه النساء! فهو يطرد المرأة من الوظيفة حينما تبدأ بقطف ثمار خدمتها الطويلة، فنخسر جهودها وخبرتها وهي في أوج العطاء، كما ينخفض راتبها بعد هذا النوع من التقاعد، لذلك فإن صمود المرأة في مواقع العمل يتطلب رفع سن التقاعد وتحقيق المزيد من العدالة والمساواة في الترقي، فالدستور ينص على أن التعيين في الوظائف العامة هو لجميع الأردنيين من دون تمييز، وعلى أساس المؤهل والكفاءة، وليس تبعاً للنوع الاجتماعي.

 

وبشأن محور التمكين الاجتماعي، فيشتمل وفقاً لخضر، على جوانب الصحة والتعليم والعنف ضد المرأة وحمايتها، ويشمل الفئات الخاصة من النساء ذوات الاحتياجات الخاصة صغيرات السن وكبيراته، والنساء المسؤولات عن الأسر، فهناك 15 % من الأسر تعولها نساء، وهي نسبة كبيرة.

 

واستعرضت خضر خمسة مجالات تقع في إطار الأولويات الثلاثة السابقة؛ أولها التشريع وتطويره، إذ تم إقرار قانون التقاعد المدني في مجلس الأعيان أخيراً، وأصبحت المرأة تورّث تقاعدها لزوجها وأبنائها، والمرأة العزباء تورّث تقاعدها لوالديها.. كما أنها لا تستطيع الجمع بين راتبين تقاعديين؛ راتبها من عملها والراتب من زوجها بعد موته.

 

وبينت خضر أن المرأة الأردنية تشغل اليوم 15 % من مجموع المناصب القضائية، بينما في العام 1996 لم يكن في الأردن أي امرأة في القضاء، وكان يقال إنه لا يجوز تولي المرأة القضاء، مع أن عمر بن الخطاب ولّى امرأة القضاء قبل 1400 سنة! وتابعت خضر: الآن، هناك نساء رئيسات محاكم، وبعضهن مدعيات عامات، ولكن ليس لدينا قاضيات شرعيات في المحاكم الشرعية، مع أنه لا يوجد مانع قانوني يحول دون ذلك، ومع أن النساء يشكلن النسبة الأعلى في العمل القضائي بالمحاكم الشرعية في الدول العربية، لأنه المرأة تحتاج أن تستمع لها امرأة مثلها في هذا النوع من القضاء. ولفتت خضر إلى أن لدينا في الأردن نساء مؤهلات في الشريعة الإسلامية، وإحدى الفتيات حصلت على شهادة الدكتوراه في القضاء الشرعي.

 

ورأت خضر أن هناك تبايناً في نسبة الموظفات إلى الموظفين في السلطة التنفيذية، داعيةً إلى أن يكون هناك سياسة دائمة بحيث تكون نسبة الموظفات في كل وزارة 20 %، انطلاقاً من أن هناك 5 وزيرات من أصل 28 وزيراً في الحكومة (أي بنسبة 20 %). فالقانون لا يمنع ذلك إن كانت النساء مؤهلات لهذه المواقع.

 

وبينت خضر أن اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة تؤمن بالتدرج، فبعد أن كان في الأردن وزيرة واحدة في 1979، أصبح هناك 5 وزيرات، آملةً أن تكون هناك سياسة ثابتة في هذا المجال.

 

واستذكرت خضر أول دورة برلمانية بعد استئناف الحياة الديمقراطية 1989، حيث كانت هناك نائبة واحدة (توجان فيصل)، وقد تضمنت وثيقة «الأردن أولاً» توصية بالأخذ بنظام «الكوتا»، وتم الأخذ بها فخُصصت 6 مقاعد للنساء، وفازت 6 نساء بهذه «الكوتا»، وفي الدورة اللاحقة فازت 6 في «الكوتا» بالإضافة إلى نائبة واحدة بالتنافس، وفي الدورة التي تلتها زادت مقاعد «الكوتا» إلى 12، وفازت بالإضافة إلى الفائزات عبر «الكوتا» نائبة واحدة بالتنافس أيضاً. أما الدورة الأخيرة، فقد زادت مقاعد «الكوتا» فيها لتصبح 15، ففازت 15 نائبة عبر «الكوتا» إلى جانب ثلاث أُخريات (اثنتان عبر نظام القوائم، وواحدة بالتنافس الحر).

 

وأكدت خضر أننا كلما فتحنا الأبواب أمام المرأة كانت فرص زيادة حضورها أكبر، مستشهدة بما حدث في الانتخابات البلدية؛ فبعد تخصيص 25 % من المقاعد للنساء، فازت 35 % من النساء فعلياً في تلك الانتخابات، فوجود «الكوتا» شجّع النساء على خوض التجربة، وشجّع المجتمع على منحها الفرصة للمشاركة، وقد نجحت المرأة في أن تكون عضوة فعالة في المجالس البلدية.

 

وتوقفت خضر عند الإعلام، بوصفه عاملاً مهماً في تشكيل الرأي العام وتوجيهه، وفتح المجال لتبادل الآراء، مشيدةً بدور الإعلام بأشكاله ووسائله المختلفة في تقديم صورة إيجابية للمرأة، وهو ما يؤشر على نضج المجتمع وإدراكه أن قضية المرأة هي قضية الجميع.

 

ورأت خضر في «الثقافة المجتمعية» موضوعاً «عابراً للأولويات»، موضحةً أن العادات والتقاليد «ليست كلها سيئة، وبعضها نعتز به وعلينا أن نحافظ عليه، خاصة في الملابس والأكلات الشعبية وطقوس الأغاني والأعراس، إذ يجب أن نحافظ على هويتنا وثقافتنا وألاّ نضيع في الثقافة المعولمة»، مستدركةً أن «البالي من هذه العادات والتقاليد هو الذي يعيقنا، لذا لا بد أن نضعه بعيداً، وأن نسعى لتكون الثقافة ملائمة تجمع بين الأصالة واحتياجات الزمن المعاصر».

 

وشددت خضر على بناء قدرات منظمات المجتمع المدني، مبينةً أن لدينا مبادرات وجمعيات وهيئات لخدمة قضايا المرأة، وأن لها الحق في الوجود وإن كان لها وجهات نظر مختلفة بعضها عن بعض، لأن الأردن يمثل مجتمعاً ديمقراطياً وتعددياً.

 

ولفتت إلى أن هذه الهيئات قد لا تمتلك المعرفة والمعلومة والخبرة أحياناً، وأن تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة تساعد في هذا الشأن بصورة أسرع وأقل كلفة، لكن المهمّ ألا نغرق في بحر المعلومات التي تتدفق من كل مكان، لأن كثرة المعلومات تصبح مشكلة إن لم نعرف كيفية الانتقاء منها وتوظيفها.

 

وقالت خضر إن اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة أصدرت في العام 2013 تقرير تقدم المرأة الأردنية في ثلاثة مجالات: القانوني والاقتصادي والسياسي، بالإضافة إلى إحصاءات تبين وضع المرأة الأردنية بالتفصيل. كما وضعت اللجنة خطة تنفيذية ذات أهداف تفصيلية ومؤشرات قياس مرتبطة بالعامل الزمني. وفي الموقع الخاص باللجنة (www.women.jo) هناك معلومات عن اللجنة وتاريخ تأسيسها ومسؤولياتها وإنجازاتها، وعلاقتها بفئات المجتمع ومنظمات المجتمع المدني المختلفة.

 

أسئلة ومداخلات

 

• تمكين المرأة

 

قالت سهام العجالين (من هيئة شباب كلنا الأردن/ مادبا) إن التقاعد المبكر للمرأة ناتج عمّا أسمته «الضمور الفكري» في أوساط المجتمع، داعيةً إلى العمل على تمكين المرأة.

 

• مخالفات شرعية

 

تساءل أشرف عضيبات (من هيئة شباب كلنا الأردن/ جرش)، عن سبب توقيع الأردن على اتفاقية «سيداو» في ظل وجود مخالفات شرعية صريحة في هذه الاتفاقية. كما تساءل عن عدم توقيع بعض الدول على الاتفاقية، من مثل أميركا.

 

• دور الشباب

 

أوضحت سارة أبو الغنم (من هيئة شباب كلنا الأردن/ مادبا) أن المرأة بحاجة إلى الاحترام أكثر من حاجتها إلى الحرية، وأن العلاقة بين الرجل والمرأة ينبغي أن تكون تكاملية. وتابعت بقولها إن الجميع يشددون على أن الشباب لهم دور، لكن لا يتم إعطاؤهم الفرصة للعب هذا الدور. داعية إلى تسهيل عمل فريق المدربين في الهيئة وتيسير الإجراءات أمامهم ليقوموا بدورهم.

 

•الشهادة والخبرة

 

قالت ياسمين الزعبي (من هيئة شباب كلنا الأردن/ إربد)، إن تجمع لجان المرأة يحاول «إقصاء» السيدات في المحافظات عن طريق عدد من البنود في نظامه الأساسي، منها أن تكون المنسقة حاصلة على شهادة علمية أعلى من الثانوية، رغم أن هناك الكثير من السيدات لديهن خبرة وشاركن في مؤتمرات، لكن الشرط السابق لا ينطبق عليهن.

 

ردود العين أسمى خضر

 

بشأن مفهوم «حق المرأة»، قالت العين أسمى خضر إن مصدر حقوق الإنسان هو الطبيعة الإنسانية، وأن الشرائع السماوية والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، لا اختلاف فيها بين المرأة والرجل، بل إنهما يتكاملان.

 

واستدركت خضر: الحق في المساواة لا يعني التطابق والتماثل، فالمرأة مرأة والرجل رجل، ومثلما أن هناك فروقات فردية بين الناس، هناك فروقات بيولوجية بين الذكر والأنثى. وعند القول بالمساواة، فليس المقصود أن تصبح المرأة رجلاً والرجل امرأة، وإنما المقصود المساواة في القيمة الإنسانية والحقوق الفطرية والطبيعية لبني البشر، والمساواة أمام القانون في صفة المواطنة والحقوق والالتزامات المقررة بموجب هذا القانون.

 

وبشأن «سيداو» (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)، دعت خضر إلى العودة إلى الاتفاقية التي تم عرضها في الأردن على دائرة قاضي القضاة ووزارة الاوقاف، وتم اعتماد ما تم اعتماده بمعرفة هذه الجهات وسواها. وبينت أن هناك أطرافاً تعادي هذه الاتفاقية وتقول إنها مخالفة للشريعة الإسلامية، وأن هناك تحفظين عليها؛ الأول على المادة 15 التي تقول إن للمرأة الحق في اختيار مكان السكن والتنقل، وقد تم رفع التحفظ عن هذه المادة 15 لأن وجود رجل محرم لم يعد شرطاً لتنقل المرأة حتى في الحج، إذ تستطيع المرأة أن تذهب إلى الحج مع نساء، كما أن الدستور الأردني نص على أن للأردنيين الحق في مغادرة البلد والعودة إليه من دون قيود.

 

وبينت خضر أن قانون الأحوال الشخصية لعام 1976 وُضع قبل الاتفاقية التي وُضعت سنة 1979 وصادق الأردن عليها في العام 1991. وأن المادة 40 من ذلك القانون على أن للمرأة أن تشترط ما شاءت من الشروط في عقد زواجها، كأن لا يتزوج زوجها عليها أو أن تستمر في عملها أو أن تختار السكن.

 

وردت خضر على الذين لا يريدون أن تسكن النساء وحدهن، بقولها إن هذه المسألة تخضع للالتزام الأخلاقي والأدبي واجتماعي، فإذا كان لدى المرأة سبب مبرر لتترك منزلها بسبب ضرب زوجها لها أو عدم تلبية احتياجاتها الطبيعية، فمن حقها أن تفعل ذلك بحسب قانون الأحوال الشخصية الذي كان موجوداً قبل اتفاقية «سيداو».

 

وتوقفت خضر عند مفارقة أن هناك من يهاجم اتفاقية «سيداو» مع أن الدستور الأردني الصادر سنة 1952 ضمِنَ للمرأة حق التنقل، مستدركةً أن سكن المرأة وحدها ليس بالضرورة أن يكون ناتجاً عن «تمرد»، ففي بعض الأحوال تسكن بعض الفتيات وحدهن بسبب الدراسة وبمعرفة أهلهن.

 

أما التحفظ الآخر على الاتفاقية بحسب خضر، فهو متعلق بالأردنيات المتزوجات من أجانب، فقد تم تعديل قانون الجنسية الذي صدر في العام 1984 والذي كان ينص على أن زوجة الأردني أردنية وزوجة الأجنبي أجنبية، من دون تقديم طلب أو مرور زمن معين، وجاء القانون الجديد تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة التاسعة في اتفاقية «سيداو»، فألغى التأثير التلقائي للزواج في جنسية المرأة، فمن حق المرأة الاحتفاظ بمواطنتها، ذلك أن الزواج شيء والمواطنة شيء آخر، وأصبح القانون الجديد ينص على أنه إذا تزوج الأردني من غير أردنية، فإنها تستطيع طلب الجنسية بعد ثلاث سنوات إذا كانت عربية، وبعد خمس سنوات إذا كانت أجنبية. وأن المرأة الأردنية التي تتزوج أجنبياً لها الحق في الاحتفاظ بجنسيتها، وفي حال تخلّيها عنها، فإنها تستطيع استردادها إذا طُلقت أو رُمّلت.

 

ودعت خضر إلى أن يكون للمرأة الأردنية التي تخلت عن جنسيتها الحق في استردادها في أي وقت، ذلك أن «الأم هي التي تزرع الانتماء». ثم استعرضت الفقرة الثانية من المادة التاسعة في اتفاقية «سيداو»، والمتعلقة بجنسية الأبناء، موضحة أن في الأردن ثلاثة أسس لتجنيس الأبناء، إذ تقول المادة الثالثة من قانون الجنسية إن أبناء الأردني أردنيون أينما وُلدوا، وتنص المادة الثانية من القانون نفسه على أن الأردني كل شخص حاز الجنسية الأردنية بموجب أحكام هذا القانون.

 

وأضافت خضر أن هناك بعداً سياسياً وُضع في الحسبان، فقد تعرض الأردن لسلسلة من الهجرات المتتالية وبأعداد كبيرة، ورغم هناك نحو 90 جنسية لأزواج الأردنيات من الأجانب، إلا أن 60 % من الأردنيات المتزوجات من أجانب أزواجهن من الفلسطينيين، وهذا الأمر لا يمكن فصله عن مجريات القضية الفلسطينية ومسائل الهجرة واللجوء وحق العودة. ورأت أن ما يهم هو أن يكون لدى الأردن القدرة على السيطرة السياسية ومواجهة الظروف الإقليمية المحيطة، ولكن في الوقت نفسه ينبغي عدم التمييز بين المرأة والرجل، فهناك رجال أردنيون تزوجوا فلسطينيات وتم منحهن الجنسية الأردنية، فإذا كان المنطلق هو الحرص السياسي فلا بد أن يتم تطبيق ذلك على الطرفين لا على أحدهما دون الآخر.

 

ودعت خضر إلى وضع مجموعة من «القيود العادلة» في التشريعات لتحمينا من التداعيات الإشكالية السابقة، مقترحةً تعديل قانون الجنسية، بحيث يصبح الأردني تلقائياً هو من يولد لأب وأم أردنيين، وإذا كان أحد الأبوين أجنبياً، فلا تُعطى له الجنسية إلا بشروط معينة، مثل أن يولَد في الأردن، أو أن يقيم بشكل مستمر أو لفترة معينة في الأردن، كما يمكن إعطاؤه جواز سفر حتى يبلغ الثامنة عشرة وبعد ذلك يتم تخييره.

 

وتوقفت خضر عند فقدان الجنسية الذي يوضع في خانة «العقاب». إذ تنص المادة 18 من قانون الجنسية أن الشخص يجرَّد من الجنسية في حالة الخيانة العظمى بعد المحاكمة، أو الخدمة في جيش معادٍ أو الخدمة في جيش غير أردني من دون موافقة مجلس الوزراء. ودعت إلى العدالة وإنصاف الأردنيات، في حال أصبحت المرأة الأردنية التي تزوجت رجلاً من جنسية أخرى مهجورة أو أرملة، من دون أن يعني ذلك تخلياً عن مصلحة الوطن ومبدأ السيادة. أو أن توضع قيود في المطْلق بالنسبة للأردني والأردنية المتزوجين من جنسيات أخرى، مع الحفاظ على الموقف الوطني من دون تعصب، والتشبث بحق العودة وتثبيت المواطنين الفلسطينيين في وطنهم، فهذه مسائل «يتفق عليها الجميع».

 

وتوقفت خضر عند ما دعته «مبدأ أولوية الحق»، مع التدرّج في تغيير ثقافة المجتمع وتبديل قناعاته، «فإقرار الأمور رغم إرادة المجتمع سيولّد ردّ فعل سلبياً».

 

وعرضت خضر لنموذجين من الأخطاء التي قد تنطوي عليها التشريعات، فالمادة 6 من الدستور التي تقول إن الأردينين سواء أمام القانون لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الدين، كان من الممكن أن يضاف إليها «أو الجنس» أيضاً، حتى لا يظل الجدل دائراً في هذه المسألة. أما النموذج الآخر فتمثله مادة في الدستور تتعلق بالقوات المسلحة تقول: «يحدد القانون حقوق وواجبات رجال القوات المسلحة والأمن العام والأجهزة الأمنية». وأوضحت خضر أن هناك مقترحاً جرى تقديمه على هذه الصيغة: «يحدد القانون ما لأفراد أو منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من حقوق وواجبات»، لأن هناك نساء في القوات المسلحة، لكن المشرع لم يأخذ بالاقتراح.

 

وشددت خضر في هذا الجانب، على أهمية نشر الوعي والثقافة القانونية.

 

وبشأن التحفظات على المادة 16 من اتفاقية «سيداو»، أوضحت خضر أن التحفظات تتعلق بالميراث والمساواة في حق التطليق وإنهاء عقد الزواج، وأن هناك اجتهاداً يرى أن هذا يخالف الشريعة، رغم أن الشريعة «عادلة»، ففيها 16 حالة ترث المرأة فيها تماماً كالرجل، و11 حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وحالة واحدة يرث فيها الرجل أكثر من المرأة.

 

وأضافت أن الحكمة من توزيع الأنصبة الإرثية في الشريعة على هذه الشاكبلة ارتبط بالمسؤولية في الإنفاق، وأن اتفاقية «سيداو» هي حول التمييز ضد المرأة وليس التمييز بالمطلق، فإعطاء إجازة أمومة للمرأة لا يُعدّ تمييزاً ضد الرجل، لأنه يقوم على أسس عادلة من حيث المبدأ.

 

ورأت خضر انه ليس هناك مشكلة في الإبقاء على التحفظات قائمة ما دامت حول قضايا تثير قلقاً في المجتمع، لافتة إلى أن «سيداو» وقّعت عليها 186 دولة، ولم توقّع عليها 6 دول، وإلى أن اتفاقية حقوق الطفل لم توقّع عليها الصومال مثلما لم توقّع عليها أميركا! إذ تقول الولايات المتحدة أنها منحت حقوقاً للمرأة أكثر مما جاءت به الاتفاقية، في حين أن التصديق على الاتفاقية لا يمنع منح حقوق أكثر. وتابعت خضر في هذا السياق أن أميركا لم توقّع أيضاً على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، لكنها ليست ضد المبادئ الموجودة بها، وأن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أقرت تلك الاتفاقيات وسواها تتألف من كل دول العالم وأغلبيتها دول إسلامية، أي أن الاتفاقية لم تقرّها الولايات المتحدة أو دول الغرب.

 

وشددت خضر على أن الحرية كلما زادت كانت المسؤولية أعلى، وأن الإنسان بحاجة إلى الاحترام لأن الأساس هو الكرامة، يقول الله تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم»، وأن الاتفاقيات تجيء نظراً للكرامة المتأصلة في كل إنسان.

 

أسئلة ومداخلات

 

• الإيمان بالشباب

 

قال مدير عام هيئة شباب كلنا الأردن سامي المعايطة، أن إجراءات الهيئة في التعامل مع المبادرات تنحصر في الضوابط المالية، وأن قوة الهيئة هي في غياب الإجراءات الروتينية، وأن الهيئة تدعم وتتبنى أي مقترح يصلها من أي محافظة.

 

وأضاف أن الشباب يفرضون أنفسهم ويحققون وجودهم بالفعل والقدرة على التأثير في المجتمع، وأن الانتخابات كشفت عن مدى تأثيرهم في حث الناس على المشاركة، مشيداً باهتمام جلالة الملك بالشباب، إذ لا يخلو خطاب لجلالة الملك من حديث عن الشباب وإيمانٍ بهم. ودعا المعايطة المسؤولين إلى الاقتداء بجلالة الملك في إعطاء الشباب المساحة المناسبة في المجتمع والحياة العامة.

 

ورأى المعايطة إلى تحديد الأولويات في المجتمع، مبيناً أن كثيراً من الجدل في أوساط النخب ليس من أولويات الشباب، فالشباب يعانون الفقر والبطالة والمخدرات والعنف والتطرف، وهناك أيضاً خطر الإرهاب المستمَد من الخارج، وهو ما يستدعي تمتين الجبهة الداخلية ومعالجة القضايا بجدية، وهذا لا يمكن لجهة واحدة أن تتعامل معه، بل يتطلب تضافر جهود الجهات جميعاً.

 

وذهب المعايطة إلى القول إن هناك من يتقن «صناعة الأزمات»، وإن المحافظات أصبحت مرتبطة في أذهان بعضهم بالعنف والتطرف والعصبية والقبلية، داعياً إلى هوية وطنية جامعة، وموضحاً أن هيئة شباب «كلنا الأردن» تؤمن بالحقوق السياسية وبحق الدولة في الحفاظ على مصالحها العليا والاستراتيجية، وهي تدعم أبناء الشعب الفلسطيني لضمان حق العودة وحقوق اللاجئين. وأن القضايا الخلافية «لا تخدم إلا العدو».

 

وشدد المعايطة على أهمية أن ينخرط الجميع في الدفاع عن الجبهة الداخلية وحمايتها من أي اختراق على صعيد القيم والعادات، لافتاً إلى ضرورة الحفاظ على عاداتنا الإيجابية ورفض السلبية.

 

• تمكين المرأة

 

قالت ياسمين أبو سالم (من تجمع لجان المرأة) أن محافظات الشمال تعاني بسبب وجود اللاجئين السوريين، وأن المشكلة التي تواجه النساء هناك هي تمكينهن اقتصادياً، متمنيةً إقامة مشاريع خاصة للنساء في محافظة إربد.

 

• ثقافة المساواة

 

دعا سلطي فاخوري (من إربد) إلى تكريس ثقافة المساواة بين الرجل والمرأة في موضوع المشاركة تمهيداً لإلغاء «الكوتا» النسائية.

 

• المادة 308

 

قالت مشاركة (من جرش) إن قانون العقوبات ينص على أن كل عنف هو إيذاء ويعاقب عليه القانون حتى لو كان لفظياً، وبالتالي فإن ما نصت عليه المادة 308 من قانون العقوبات منافٍ لقانون العقوبات نفسه.

 

• الفرصة السكانية

 

دعا مروان الدباس إلى اغتنام الفرصة السكانية، موضحاً أهمية تحقيق التمكين الاجتماعي والاقتصادي، وإلاّ «سنبقى نراوح مكاننا»، فبعد 15 عاماً سيشكل العاملون ما نسبته 65 % من عدد السكان، وستكون هناك حاجة إلى 250 ألف فرصة عمل في القطاع العام ناهيك عن القطاع الخاص.

 

ورأى الدباس أن النتائج جاءت عكسية رغم المبالغ التي أنفقتها المؤسسات التنموية بأطيافها المختلفة، على موضوع التنمية وتحديث المشاريع، وأن البطالة زادت، بالتزامن مع انخفاض مستوى الدخل وندرة فرص العمل.

 

• إلغاء «الكوتا»

 

وتساءل مراد خوالدة (من المفرق)، عن إمكانية وضع نظام انتخابي يلغي «الكوتا» التي أوصلت نساء إلى البرلمان بحصولهن على نسبة قليلة من الأصوات.

 

• لبس في طرح قضايا المرأة

 

ورأى محمد الإبراهيم (من إربد) أن المجتمع الأردني ليس فيه ظلم للمرأة، وأوضح أن هيئة شباب «كلنا الأردن» قدمت مشاريع للنساء، مبيناً أن هناك لبساً في طريقة طرح قضايا المرأة، إذ تبدو كأن حقها مهضوم وأنها ترزح تحت الضغوطات.

 

• «الكوتا» وحافز المشاركة

 

قالت علا القضاة (من عجلون)، إن «الكوتا» كانت الخطوة الأولى لترشحها للانتخابات البلدية، وأنها فازت بـ»الكوتا» بحصولها على 700 صوت، وهو ما دفعها إلى التفكير بخوض الانتخابات مرة أخرى بالتنافس للوصول إلى منصب رئيس بلدية.

 

ردود العين أسمى خضر

 

قالت العين أسمى خضر أن أساس المشاركة السياسية هو أن نرسي مفهوم «العدالة». واتفقت مع من يقول إنه ليس لدينا مستوى تعليمي جيد، موضحةً أن المدارس عادت إلى نظام الفترتين بسبب ظرف اللاجئين السوريين. وأقرّت خضر بأن الأردن بحاجة إلى الاهتمام بنوعية التعليم وبما يقدمه المعلم، وبالنشاطات اللامنهجية.

 

وحول «إلغاء الكوتا» بيّنت خضر أن الهدف النهائي هو أن يكون الأشخاص الذين يمثلوننا سياسياً قد تم انتقاؤهم بناء على برامجهم وليس بناء على البعد العشائري أو الجهوي أو الديني أو الطائفي أو النوع الاجتماعي، وبذلك تصبح الحياة السياسية قائمة على سيادة القانون والمساواة في المواطنة، وعدم الحاجة إلى التدخلات من أجل الإنصاف.

وأضافت أن «الأقليات» لن يكون لها فرصة في الجو المفتوح، لكننا ما زلنا ننتخب بناء على المعايير التقليدية.

 

وتابعت خضر بقولها إن التنمية تحتاج إلى إيمان بالإنتاجية، في سياق حديثها عن أن كثيرين قادرون على العمل يحصلون على المعونة الوطنية! وأضافت أن الدولة لا تستطيع أن تخلق وظائف، لأن هناك اتجاهاً نحو تقليص القطاع العام وتوسعة رقعة القطاع الخاص. وأن العدالة تستدعي أنّ من يبذل جهداً أكبر يحصل على مردود أكثر، وحينئذ تصبح التنمية قابلة للتحقق.

 

ولفتت إلى أن دولاً مثل ألمانيا وإيطاليا فتحت أبواب الهجرة إليها لأنها تعاني من وجود نسبة عالية من الأطفال وكبار السن، وقلة نسبة الشريحة المنتجة فيها.

 

وأكدت خضر أن هناك مطالبات بإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات، وأن هذا يتطلب ضغطاً من الرأي العام، فهذه المادة تنص على أن الرجل الذي يغتصب فتاة يُعفى من المحاكمة إذا تزوجها، وهو ما رأت فيه خضر مزيداً من الإيذاء وتشجيعاً على ارتكاب الاعتداءات الجنسية، بخاصة أن في ثقافتنا وتقاليدنا ما يفيد ذلك بحسب التعبير الشائع: «استرها وضبها».