دوافع الربيع العربي وأدواته وأهدافه

23/04/2013

المحاضرة التي استضاف فيها مركز «الرأي» للدراسات النائب السابق والكاتب الصحفي حمادة فراعنة وضعت الربيع العربي على المحك في نقاش موضوعي مكاشف حول دوافع الربيع العربي وأدواته وأهدافه.

 

وهي محاضرة وقفت على كثير من النقاط التي تفرعت بحجم جمهورها النخبوي الذي أدار حواره مع الفراعنة مدير مركز «الرأي» للدراسات د.خالد الشقران.

 

شفافية المحاضرة التي حملت عنوان (الربيع العربي: الدوافع والأدوات والأهداف)، تناولت أسباب الثورة الشعبية ودوافعها بدءاً من افتقار الشعوب العربية للديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ورزوحها تحت ثقل الفقر والجوع وسوء الخدمات وصولاً إلى تحقيق أهدافها المتمثلة بالأنظمة الجمهورية، بحيث يكون رؤساؤها منتخبون عبر صناديق الاقتراع على قاعدة تداول السلطة، وحكومات الأنظمة الملكية برلمانية حزبية.

 

حررها وأعدها للنشر: جعفر العقيلي وبثينة جدعون

 

نيسان 2013

 

وتالياً أبرز ما جاء في المحاضرة:

بدأ النائب السابق والكاتب الصحفي حمادة فراعنة حديثه بقوله إن الثورة الشعبية العربية المعنونة تحت اسم «ثورة الربيع العربي» شكلت محطة انتقالية نوعية في مسار حركة التحرر العربية، التي بدأت في منتصف القرن الماضي، بعد الحرب العالمية الثانية، في سبيل الثالوث المطلوب والمتناغم (الاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية)، مستدركاً أن حركة التحرر العربية، أخفقت في استكمال الاستقلال، وتحقيق الديمقراطية وتوفير العدالة الاجتماعية.

 

وأضاف فراعنة أن الاحتلال الأجنبي استناداً للمعطيات القائمة، ما زال جاثماً على أرض فلسطين وسوريا ولبنان والعراق، إضافة إلى أن بلدان الخليج العربي محمية بالقواعد العسكرية والأمنية الأجنبية الأميركية والأوروبية، ومصر والأردن «مكبلتان» باتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة «المجحفتين».

 

وأوضح أن النظام العربي خالٍ من الديمقراطية وأدواتها الانتخابية (الأحزاب والبرلمان وصناديق الاقتراع وتداول السلطة)، فالهيمنة للقائد والعائلة والطائفة والقومية والديانة الواحدة على حساب المواطنة والتعددية والانتخابات وتداول السلطة وفق نتائج صناديق الاقتراع.

 

وتابع أن الشعوب العربية التي تفتقد للديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وترزح تحت ثقل الفقر والجوع والمرض وسوء الخدمات، قامت الثورة على أرضها ومن قبل شعوبها رداً على هذه العومل واحتجاجاً عليها، فقد بدأت في تونس واحتدمت في مصر، وتواصلت في ليبيا واليمن وسوريا، معتقداً أنها ستتواصل بأشكال مختلفة في البلدان العربية التي تفتقد للاستقلال أو الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية أو لمجموع هذه العناوين الثلاثة من التطلعات والأهداف. ولخّص فراعنة أسباب الثورة بعاملين أولهما: اقتصادي اجتماعي، أنتج الفقر والجوع وسوء توزيع الثروة وتدني الخدمات وانتشار البطالة وغياب حقوق المواطنة المعيشية العادلة.

 

وثانيهما: سياسي، يتمثل بغياب الديمقراطية وتدني مواصفات حقوق الإنسان، وعدم الاعتماد على صناديق الاقتراع، وعدم احترام نتائج الانتخابات وغياب تداول السلطة.

 

وصنّف فراعنة البلدان العربية من حيث قدرتها المالية والاقتصادية والأمنية وحاجتها للآخرين إلى ثلاثة أصناف، ليسهل التعامل معها والوصول إلى الاستخلاصات في الدراسة التي تضمّنها كتاب «الثورة الشعبية العربية أدواتها وأهدافها» الصادر في سلسلة قضايا عربيةً، عن دار الجليل (2012 ):

 

الصنف الأول: مجموعة البلدان العربية التي تحتاج للمساعدات المالية أو الاقتصادية من الدول المانحة (الولايات المتحدة وأوروبا)، وهذه البلدان هي موريتانيا والمغرب وتونس ومصر وجيبوتي واليمن والأردن ولبنان. وهي بسبب حاجاتها للمساعدات، تستمع بشكل أو بآخر للنصائح الأميركية الأوروبية.

 

والصنف الثاني: مجموعة البلدان الخليجية الستة التي لا تحتاج للمساعدات المالية، لكنها تحتاج للحماية الأمنية والعسكرية الأميركية والأوروبية، لذلك فأنها تستمع أيضاً للنصائح الأميركية الأوروبية.

 

أما الصنف الثالث: البلدان العربية التي لا تحتاج للمساعدات المالية والاقتصادية ولا تحتاج للحماية الأمنية والعسكرية، وهي بلدان ذات سياسات متمردة، لكنها تتوسل رفع أسمائها عن قائمة الدول «الشيطانية» أو «الراعية للإرهاب» وتتعرض لضغوط مختلفة وتواجه الحصار بأشكاله المختلفة، وهي الجزائر وليبيا والسودان والصومال والعراق وسوريا.

 

وأضاف فراعنة أن هناك ثلاثة عوامل مجتمعة إضافة للعوامل السابقة، أدت إلى نضوج عملية التغيير وإنجاحها وهي أولاً: الاحتجاجات الجماهيرية وقادتها مؤسسات المجتمع المدني التي تملك القدرة على استعمال الشبكة العنكبوتية، وتدعو إلى الديمقراطية والعصرنة، ولديها علاقات دولية تحميها، كما تتوفر لها القدرة المالية والإعلام.

 

وردّ فراعنة مبادرةَ مؤسسات المجتمع المدني في هذا المجال إلى ضعف الأحزاب اليسارية والقومية وغياب الأحزاب الليبرالية، إضافة إلى عدم مبادرة الأحزاب الأصولية نظراً لتفاهماتها مع الأميركيين، وعودة التحالف بينهما والذي كان سائداً طوال مرحلة الحرب الباردة بين الأحزاب الأصولية والولايات المتحدة الأميركية.

 

ولفت فراعنة إلى أن العامل الثاني هو الجيش الذي لعب دوراً مزدوجاً في مصر وتونس، فقد عمل على حماية المتظاهرين من القمع من جهة، وحمى مؤسسات الدولة من الانهيار من جهة أخرى، حتى لا تتكرر «التجربة العراقية».

 

أما العامل الثالث بحسب فراعنة فهو القرار الدولي الأميركي الأوروبي، ولولا رفع الغطاء الدولي عن نظاَمي حسني مبارك وزين العابدين بن علي لما استطاع محمد حسين الطنطاوي أن ينفذ مطالب المحتجين ويقول لرئيسه :»روّح»، وهو ما سبقه إليه التونسي رشيد عمار.

 

وبيّن فراعنة أن القرار الدولي نحو البلدان الصديقة لأميركا جاء نتيجة لقيام هذه البلدان بالمساس بالمصالح الأميركية عبر «الأصولية والتطرف والإرهاب والعداء للغرب»، راداً ذلك إلى فقدان الديمقراطية في هذه البلدان، وشيوع الفقر، وسوء الخدمات، وغياب العدالة الاجتماعية، لافتاً إلى أن الغرب الأميركي الأوروبي هو الذي دعم الدكتاتوريات العربية وساندها طوال مرحلة الحرب الباردة.

 

كما بيّن أن هذه البلدان تستمع للنصائح الأميركية لحاجتها للمساعدات المالية والأمنية من واشنطن، لذلك جاء التغيير استجابةً لمطالب الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات التي قادتها مؤسسات المجتمع المدني بما لا يتعارض مع المصالح الأميركية المتمثلة بأربعة عناوين: «استمرار تدفق النفط، أمن إسرائيل، محاربة الإرهاب، السوق والمال العربيان»، مضيفاً إلى ذلك عودةَ التفاهم الأميركي مع حركة الإخوان المسلمين، الذي كان سائداً طوال الحرب الباردة في مواجهة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفياتي وحلفائه في العالم العربي، مشيراً إلى أن هذا التفاهم كان واضحاً وملموساً في ذروة «الربيع العربي»، فقد لعب كل من خيرت الشاطر نائب المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين وعصام العريان، دوراً في هذا المجال بوصفهما مسؤولَين عن ملف العلاقات الأميركية والدولية في مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين.

 


التفاهم الأميركي مع الإخوان المسلمين

 

قال فراعنة إن القوى السياسية في العالم العربي، من ذوي الاتجاهات الوطنية والقومية واليسارية، تُسجّل مأخذاً على حركة الإخوان المسلمين بوصفها أقوى الحركات السياسية العربية «العابرة للحدود»، وتسعى لإدانتها تحت حجة إعادة تحالفها مع الولايات المتحدة الأميركية.

 

وأضاف: بالرغم من أنهم يرفضون خيار هذه الحركة كما كان خلال سنوات الحرب الباردة، إلا أنهم يسلّمون بأنها نجحت في أن تكون أقوى الحركات السياسية العربية بفعل تحالفها مع الأميركيين وحلفائهم وأصدقائهم في العالم العربي، بدلالة نتائج صناديق الاقتراع في تونس والمغرب ومصر ومن قبلها في فلسطين، ورأى أن الانتخابات لو أجريت بشفافية لكانت حصيلة دورهم متقدمة في الأردن وسوريا واليمن أيضاً.

 

وأوضح فراعنة أن التفاهم بين واشنطن وحركة الإخوان، جاء نتيجة كونه يخدم مصالح الطرفين، من خلال محورين: حق الحركة وفروعها في المشاركة في الحكم، أو في إدارته وفق نتائج صناديق الاقتراع، كما حصل في تونس والمغرب ومصر، واعتماداً على حصيلة شراكتهم في الجزائر والصومال والسودان والعراق، حيث أثبتوا بالأفعال حُسن سلوكهم وتفهمهم للظروف الإقليمية والدولية، وواقعيتهم، وفتحهم آفاق التعامل والتعاون الأميركي الأوروبي معهم.

 

أما المحور الثاني فهو: «احترام» حركة الإخوان المصالحَ الأميركية في المنطقة العربية، والمتمثلة بتسهيلات تدفق النفط للاحتياجات الأميركية والأسواق العالمية، وبقاء الأسواق العربية مفتوحة للبضائع والسلع الأميركية، وكذلك الحفاظ على أمن إسرائيل وعدم تهديدها، إضافة إلى محاربة «الإرهاب» ونبذه ورفع الغطاء عنه وتعرية أصحابه ومنفذيه، مشيراً بذلك إلى تقاطع تصريحات قادة الحركة وبياناتهم من المغرب وتونس ومصر، وتماثلها مع بعض، إذ تحمل المضمون نفسه، وإن اختلفت التعابير والمفردات؛ من احترام الاتفاقات الدولية، إلى التأكيد على الخصوصية المحلية والأولويات الوطنية وغيرها، والتي تعكس تفهماً للمعطيات القائمة، وتعكس حسهم بالمسؤولية ورغبتهم في نجاح إدارتهم أو مشاركتهم في الحكم، سواءً تم ذلك بقناعة نتيجة التغيير في قواعد اللعبة، أو لأسباب تكتيكية براجماتية تمليها رغبة «الإخوان» في تسويق أنفسهم، بعد هزيمة اليسار العربي والشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفياتي في الحرب الباردة، إضافة إلى فشل التيار القومي في تقديم نموذج يُحتذى به، بعد احتلال العراق وحصاره وإسقاط نظامه، وكذلك فشل سوريا في تحرير أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي، وعدم قدرة نظامها على توسيع قاعدة الشراكة والتعددية والجبهة الوطنية.

 

ورأى فراعنة أن الوطنيين والقوميين واليساريين لا يملكون تسجيل الرفض على تحالف الإخوان المسلمين مع الأميركيين، كون أنظمتهم لم تكن بريئة من هذه التفاهمات، فالعراق تفاهمَ مع الأميركيين واعتمد عليهم وعلى الخليجيين طوال حربه مع إيران، وسوريا شاركت في «حفر الباطن» تحت الراية الأميركية لتحرير الكويت وحصار العراق.
وبيّن أنه يمكن الحكم على سلوك التيارات والأحزاب من خلال موقفها من مضامين أهمها: التمسك بالديمقراطية وصناديق الاقتراع وتداول السلطة، والإلتزام بمعايير حقوق الإنسان المدنية والسياسية، إضافة إلى توفير العدالة الاجتماعية للمواطنين على قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص، بصرف النظر عن الدين أو القومية أو الجنس.
وأوضح أن الثورة الشعبية المدنية في «الربيع العربي» قامت في سبيل التعددية السياسية والحزبية والفكرية والاجتماعية والقومية والدينية، وفي سبيل إنهاء الظلم والتسلط والفساد واحتكار الثروة ومراكمتها بيد حفنة من المتنفذين، ومن أجل توزيع خيرات الوطن على مجموع أبنائه على أساس العدالة وتكافؤ الفرص في التعليم والعمل والسكن والعلاج والحماية الاجتماعية من المرض والشيخوخة وويلات الزمن المتقلب.

 

وأضاف فراعنة:لم تعد الشعارات الثورية، وطنيةً أو قومية أو يسارية أو دينية، لائقةً في ظل الأزمات والجوع، فقد ورثت أنظمة ما بعد الربيع العربي مشاكل مستعصيةً تحتاج لمعالجات اقتصادية بحتة وقوانين برلمانية تخدم هذه المعالجات وتراقبها، وهناك حاجة لأنظمة تحتكم لنتائج صناديق الاقتراع والأغلبية البرلمانية، مبيناً أن هذا هو التحدي الذي سيواجه حركة الإخوان المسلمين في إدارتها الحكم أو من خلال الشراكة فيه، وهو التحدي نفسه الذي سيواجه القوى الوطنية والقومية واليسارية وهي تقود المعارضة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.

«القرار الأميركي»

 

قال فراعنة، إن الحكام العرب «صِحْيُوا» متأخرين، بعد أن نصحهم أصدقاؤهم في الغرب، بضرورة إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية لبلدانهم ولشعوبهم بعد نجاح الثورة الشعبية في أوروبا الشرقية وسقوط نظام الحزب الواحد واللون الواحد و»القائد الملهم» مع نهاية الحرب الباردة، مضيفاً أن الرئيس بوش الابن هددهم بـ « الفوضى الخلاقة» كونهم لم يتجاوبوا، وذلك بعد عمليات «أيلول» في قلب الولايات المتحدة (نيويورك وواشنطن) على أيدي تنظيم القاعدة، لكن الحكام العرب بحسب فراعنة لم يستمعوا للنصائح ولم يفهموا الدعوة الأميركية لسببين: أولهما فشل برنامج بوش في أفغانستان والعراق رغم الاحتلال الأميركي لهما ورغم إسقاط نظامَي الحكم فيهما.

 

وثانيهما: اعتقاد الحكام العرب أن حاجة الغرب لهم أقوى من تطلعاته لتغيير أنظمتهم، إضافة إلى وجود أجهزة أمن قوية بين أيديهم، الى جانب عدم قدرة الجيش على القيام بانقلاب كون القرار الدولي لم يعد يسمح بالانقلابات، والقوى المحركة في المجتمعات العربية من يساريين وقوميين وليبراليين ضعيفة، وقواه المحركة تكاد تكون معدومة، إضافة إلى أن التيار الأصولي الإسلامي «غير مرغوب فيه» عالمياً، ويمكن وصمه بالتطرف والإرهاب ليتم عزله.

 

وهكذا استكان الحكام العرب، ولم يكونوا يتوقعون أن شباب «الفيس بوك» ومجرد مظاهرات واعتصامات يمكن أن تطيح بهم، ولم يكونوا يتوقعون أن «رشيد عمار» التونسي، و»حسين الطنطاوي» المصري، يمكن أن يملك شجاعة القرار والنطق بكلمة المنتفضين ويقول لرئيسه الخالد وربّ نِعمَتهِ وصاحب قرار وظيفته: «لقد انتهى دورك...ارحل».

وأوضح فراعنة أن المدقق بمسار الأحداث في العالم العربي يمكنه تسجيل ملاحظات منها:

 

تكامل العوامل الثلاثة في مصر وتونس لإنجاز الثورة (أي: الاحتجاجات الشعبية والجيش والقرار الدولي)، و فشل الاحتجاجات الشعبية في كل من ليبيا واليمن وسوريا من تحقيق أهدافها كون المؤسسة العسكرية ممسوكة بيد الرئيس وأبنائه وعائلته وحالت دون تحقيق التغيير المطلوب، فكان التدخل العسكري مباشرة لإسقاط النظام الليبي الذي قاتل حتى أخر جندي في حين تمت الاستجابة في اليمن للضغوط الداخلية والخارجية، وجرت التسوية بخروج الرئيس وإجراء الانتخابات الرئاسية البديلة.

 

أما في سوريا، وبسبب غياب القرار الدولي وانقسامه، فقد فشلت الولايات المتحدة في توفير الغطاء الدولي للتدخل العسكري، وانقسم المجتمع الدولي بين معسكرين: الولايات المتحدة وأوروبا ومعهم تركيا والخليج لدعم المعارضة المسلحة؛ وروسيا والصين وإيران والعراق في دعم النظام عسكرياً ومالياً، وتوفير مظلة حماية له،ولذلك لم يتوفر غطاء دولي للتدخل الأجنبي في سوريا، كما سبق وحصل في العراق وليبيا.

 

أما في المغرب والأردن، فرأى فراعنة أنه تم التجاوب مع «الاستحقاقات المطلوبة»، بحيث بادر كل من الملك عبد الله والملك محمد السادس، لإجراء الاصلاحات الدستورية والقانونية.

 

فقد أعلن ملك المغرب مبادرته، وطرح الاستفتاء على الدستور، وجرت الانتخابات، وأصبح يحكم المغرب الآن حكومة حزبية برلمانية مشتركة.

 

وأما في الأردن، فقد طرح الملك في خطابه يوم 12حزيران2011، مبادرته للحوار، وتم تشكيل ثلاث لجان: دستورية برئاسة أحمد اللوزي، وللحوار برئاسة طاهر المصري، واقتصادية برئاسة هاني الملقي، وتم تحقيق تعديلات دستورية جوهرية وصفها الملك بأنها «غير نهائية»، أي يمكن إجراء المزيد من التعديلات، وكما تحقق قانون انتخاب وصفه الملك على أنه «غير مثالي» وطالب بتطويره، وهكذا جرت الانتخابات يوم 23/1/2013، في ظل قانون جديد يتضمن ثلاثة عناوين مهمة: هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات، وجود قائمة وطنية توحد الأردنيين في التصويت، والاعتراض على النتائج أمام المحاكم.

 

وختم فراعنة حديثه بقوله إن ثورة الربيع العربي، تسير بشكل واضح من أجل تحقيق أهدافها المتمثلة بالأنظمة الجمهورية، بحيث يكون رؤساؤها منتخَبون عبر صناديق الاقتراع على قاعدة تداول السلطة، والأنظمة الملكية بحيث تكون حكوماتها برلمانية حزبية.

«الربيع» والصهيونية

 

تساءل الكاتب والمحلل السياسي د.محمد أبو سمرة: لماذا لم يبحث المحاضر عن السبب الأصيل للربيع العربي؟ ولماذا لم يتحدث عن السبب وراء رغبة الصهيونية العالمية في تحطيم القوى الجديدة التي ظهرت على الساحة والتي تخطط للقضاء على إسرائيل، وهي إيران وحزب الله؟

«ركوب الموجة»

 

قال الصحفي العراقي سعد الكناني إننا لا نختلف في القراءات حول الربيع العربي، مشيراً إلى أن ما تناقله فراعنة حول الموضوع كان سريعاً ولم يحسب التسلسل الزمني لهذا الحراك الشعبي. واستنكر الكناني وصف المحاضر لتنظيم القاعدة بـ «الثوري»؟، وتساءل: لماذا عزا فراعنة الظهورَ الإسلامي إلى تغطرس الحكم العربي، ولم يُشر إلى سياسات أميركا وإسرائيل في المنطقة؟

 

وأوضح الكناني أن الحراك الشعبي في الدول العربية يعود إلى أن هناك أهدافاً معروفة، منها الدكتاتورية والعامل الاقتصادي وفقدان العدالة الاجتماعية، في حين أن مؤسسات المجتمع المدني جاءت متأخرة، والحراكات كانت عفوية، مضيفاً أن الأحزاب السياسية جاءت وركبت الموجة وتحديداً في مصر، وأن المتتبع لخطابات وتصريحات الإدارة الأميركية حول مصر يجد أنها تؤيد الحراك الشعبي فيها، فهناك مصالح للولايات المتحدة في المنطقة، مطالباً فراعنة بتفسير لذلك؟

لا استقلال

 

قال عضو المكتب السياسي لحزب جبهة العمل القومي كمال المحيسن: لا توجد دولة عربية مستقلة استقلالاً حقيقياً، فالزعماء تأتيهم رسائل وتعليمات من السفارة الأميركية. مشيراً في نفس الوقت إلى نجاح اسرائيل بالتغلغل في بعض الدول العربية غير المستقرة سياسياً وأمنياً، ومعتقداً أن مقولة حدود إسرائيل من الفرات إلى النيل قد تحقق.

العراق والربيع العربي

 

تساءل السياسي العراقي د.عبد الكريم هاني عن الدور الخارجي في أحداث الربيع العربي، سواءً في التكذيب للربيع العربي أو في نتائجه؟ وأين يضع فراعنة ما جرى في العراق بالنسبة إلى الربيع العربي؟

الأحزاب العربية

 

توقف الباحث مصطفى حجو خرما عند ما جاء به فراعنة من أن مبادئ القومية العربية للأحزاب هي العدالة والحقوق، في حين أن هذه الأحزاب انضوت تحت مظلة الحكام المستبدين، ولذلك «حرقوا أنفسهم» كونهم ينادون بمبادئ تناقض تلك التي تبناها الحكام الذين يقعون تحت مظلتهم.
وأضاف خرما أن حكام الدول العربية من الخليج إلى المحيط يستمعون للنصائح الأميركية، وكلّ له أسباب؛ إما لمصلحة شعبه أولمصالحه الخاصة.

 

وتساءل خرما: لماذا حلالٌ على الحكام أن يستمعوا للنصائح الأميركية، وحرام على الإخوان المسلمين ذلك؟

رابحون وخاسرون

 

قال الباحث محمود دباس إن هناك رابحين وخاسرين من الربيع العربي، فالرابح الأول هو أميركا التي عادت صورتها مشرقة بعد أحداث 2001، فنتيجة لمساندة أميركا لإسرائيل المغتصِبة لفلسطين، ودعمها للأنظمة السلطوية التي تضيق الحريات على الشعوب، تغيرت القاعدة الاجتماعية لمؤيدي أميركا في الوطن العربي، وصارت قاعدة النظم الحاكمة تكره أميركا خشية من إسقاط أنظمتها التي كانت مستفيدة منها، كما أصبحت القوى الشعبية التي كانت تكره أميركا مؤيدة لها، وذلك بعد أن وجدت أن الحلم الأميركي قد تحقق.

 

وأضاف دباس أن الرابح الثاني هو إسرائيل، فقد «صدقت نبوءة شمعون بيريز»، مشيراً إلى ما يرمز له العلم الإسرائيلي بأن دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، مضيفاً أنه عندما ظهر في التسعينات مصطلح «الشرق الأوسط الجديد»، تبدّل شعار إسرائيل من «إسرائيل الكبرى» إلى «العظمى»، فكل الأقطار المحيطة بدولة إسرائيل أصبحت تعاني من الهوية الوطنية، ولم تعد القضية الفلسطينية هي الأهم، فكل دولة انشغلت بقضاياها الداخلية.

 

وتابع: أما الرابح الثالث، فهو تركيا التي يراد لها أن تكون قائداً للإسلام السني، وأن تكون كل الدول العربية تابعة لها.

 

وبيّن أنه إذا كان المخطط يجري بحسب نظرية صدام الحضارات لـ «همنتنغون» الذي رشح تركيا أن تكون قائدة للعالم الإسلامي، فقد احتاجت تركيا لتنظيف الطريق من النظم القُطْرية التي تتولى الأيديولوجية في المنطقة الغربية لكي تدخل إلى المنطقة العربية، عبر إسقاط نظام البعث العراقي والبعث السوري، ولتكون تركيا أمام الدولة الشيعية (إيران).

 

وفي موضوع الإخوان المسلمين قال دباس إن الإخوان المسلمين في الدول القُطرية العربية المنحازة للغرب الأميركي كانوا أيام الحرب الباردة على علاقة سلمية مع النظم، وعندما عارض عبدالناصر أميركا وقع صدام بينه وبين «الإخوان»، مضيفاً أن العلاقة عادت مع الإخوان عندما عاد السادات إلى حضن أميركا، بمعنى أنه لا يوجد خلاف سياسي حقيقي بين الإخوان والغرب.

 

أما في مسألة الأكراد السوريين وعدم السماح بتعلم لغتهم، قال دباس: إن الأكراد في الأردن يطالبون بمقعد نيابي أسوة بالشيشان والمسيحيين، متسائلاً عن رأي المحاضر بذلك.

ثورات عنوانها الدماء

 

ورأى الناشط السياسي علي الخوالدة أن ما جرى في معظم الدول العربية هي ثورات ضد أنظمة شمولية ودكتاتورية، مضيفاً أن الأمور تأخذ مساراً مختلفاً في كل دولة، فالمسار في مصر وتونس مختلف عنه في سوريا واليمن، إذ لم يكن للأحزاب السياسية أو مؤسسات المجتمع المدني أي دور في مصر، والذين قاموا بالثورة هم مجموعات شبابية مثقفة، ثم استغلت الأحزاب ما يجري.

 

وقال الخوالدة إن الحراك لم يكن سياسياً في البداية، وخصوصاً في الأردن، فقد بدأ مطلبياً واجتماعياً، مضيفاً أن الحراك في الأردن بدأ مبكراً ممثلاً بالمعلمين وعمال الزراعة، كما أن مؤسسات المجتمع المدني والتي تعمل في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية كان دورها ضعيفاً.

 

وأشار الخوالدة إلى مقالة لكاتب أجنبي جاء فيها أن الثورات في العالم أخذت منحى «أجمل» مما أخذته في وطننا العربي، إذ كانت الدماء عنوانها الرئيس في بعض الدول العربية. مضيفاً أنه بالرغم من ذلك فإن القواسم المشتركة بين هذه الثورات هي العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والحريات.

 

وأضاف أن الغرب بمراكزه الدراسية والأكاديمييه فشلوا بالتنبؤ بالثورات العربية، بل لم تكن هناك أي تنبؤات، وبعد أن انطلقت الثورات بدأوا بتقديم دراسات، لكنها غير صحيحة.

فلسطين والربيع العربي

 

تساءل الإعلامي يوسف غزال، أين الحراك الفلسطيني من هذا الربيع العربي، في ظل معاناته من احتلال أرضه وما تضمنته اتفاقية أوسلو من بنود ضد وجوده على أرضه وإقامة دولته؟ كما تساءل: هل يمكن للرئيس محمود عباس، وبعد أن قام بخطوات جريئة، أن يطالب بإعادة النظر ببنود اتفاقية أوسلو وإلغاء بند تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى (ألف وباء وجيم) والإصرار على تراجع قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى خطوط 4 حزيران 1967؟

رد المحاضر

 

قال فراعنة، إنه كانسان كان يشعر بالأذى مما كان يجري في العراق في عهد صدام حسين من غياب للديمقراطية وحقوق الناس، مضيفاً أنه مثل قطاع واسع من العراقيين لا يقبل أن يتم تغيير النظام في العراق على أيدي الأميركيين و»الناتو»، وكذلك الأمر في ليبيا، مؤكداً أهمية الاستقلال بالنسبة للدول.

 

وأضاف فراعنة أنه يرى المسائل بحسب وجهة نظر أصحابها، سواءً كانوا قوميين أو من الإخوان المسلمين أو اليساريين، لافتاً إلى أننا نعيش في واقع واحد ضمن حدث واحد رغم كل اختلافاتنا، فنحن جميعاً شركاء.

 

وأوضح أنه حاول أن يقرأ المسائل بعيداً عن رؤيته الذاتية، قاصداً بذلك الأزمة في سوريا، إذ تجد فريقين أحدهما يقول إن هناك قمعاً وبطشاً، والآخر يقول إن هنالك إرهاباً يُمارس.

 

وبيّن أنه كان يرى الأذى من قبل المسلمين والعرب اتجاه الأفارقة والمسيحيين، وكذلك اتجاه الأكراد، ففي سوريا يمنع عليهم تعلم لغتهم، مشيراً إلى أن ما حصل في البلاد العربية مرده وجود التمييز والتفرقة، وغياب الاستقلالية.

 

وأشار إلى أن الخليجيين –وقطر خصوصاً– يتخذون قراراتهم من أميركا، إذ لم تدفع قطر الدعم للفلسطينيين إلا بعد قرار أميركي بذلك، وبعد أن دفع أوباما للسلطة الفلسطينية 500 مليون دولار، وفرض على نتنياهو إعادة الأموال الفلسطينية، في حين أن قطر تدفع شهرياً 4.5 مليون دولار إذا أجريت مقابلة مع محمد حسنين هيكل
أجاب فراعنة عن سؤال دباس حول مقعد للأكراد، أن المشرّع الأردني ما دام سمح لنفسه بتوزيع المقاعد فلا بد من قبول أن يكون للأكراد مقعد في البرلمان، مضيفاً أن الأكراد موجودون في 3 أماكن بارزة في الأردن هي: الأزرق والرصيفة والجبل الأخضر.

 

وفي السياق طالب فراعنة بإلغاء «الكوتات»، مضيفاً أنه منحاز للقائمة الوطنية كونها عملت على إعادة توحيد الأردنيين، بعد أن قسمت القوانين المؤقتة الأردنيين، لذلك بقي التشرذم والتقسيمات فمن حق الأكراد الحصول على مقعد، داعياً إلى «لملمة الوضع» بعيداً عن التقسيمات الجغرافية أو الدينية أو القومية، وأن يتم توحيد المواطنة على أساس الدستور.

 

وأكد فراعنة أن الكل مجمعون على كره السياسة الأميركية بسبب انحيازها ودعمها للمشروع الاستعماري التوسعي ولأنها مع الدكتاتوريات العربية.

 

وأضاف أن الدوافع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغياب الاستقلال والتدخلات الأجنبية في العالم العربي، هي التي أدت إلى «هذا الانفجار»، ولا فضل لطرف على آخر في ذلك، فليس الفضل للجماهير وحدها، بأنها فجرت الثورة وانتصرت، فالجيش لعب دوراً أساسياً كذلك، مضيفاً أنه لولا القرار الدولي لسحق الجيش المصريين والتوانسة بالدبابات و»لم يسأل عنهم أحد»، فالقرار الدولي رفع الغطاء عن زين العابدين بن على مع أنه صديق جداً للأميركيين والأوروبيين وكذلك كان حسني مبارك، والآخرون.

 

ورداً على سؤال غزال، قال فراعنة إن علماء السياسة والثورة يجمعون أن أهم عامل لقيام الثورة هو وجود العامل الأجنبي أو الاستعمار، ثم الصراع الطبقي والجوع، ويلي ذلك الديمقراطية، فالثورة بحاجة دائماً إلى عاملين: الأول الموضوعي وهو المحرك للثورة ممثلاً بالدوافع والأسباب، والعامل الثاني هو العامل الذاتي، مضيفاً أنه على الرغم من وجود تنظيمات قوية وجماهيرية في فلسطين وخصوصاً فتح وحماس، لكن الانقسام قائم والخلاف جوهري في الموقف السياسي، يضاف إلى ذلك عامل آخر مدمر وهو الاحتلال، فكل ذلك أدى إلى تعطّل التفاهم على مواجهة الاحتلال.

المداخلات

 

إلغاء الكوتات

 

قال النائب د.رائد حجازين إنه مع إلغاء «الكوتات» شرط إلغاء «دِين الدولة» في الدستور، مضيفاً أن المسيحي له الحق أن يكون قائداً للجيش ورئيساً للوزراء ومحافظاً، وكذلك الشركسي أو الكردي ما دام مواطناً أردنياً.

 

وحول قول فراعنة إن الربيع العربي «وقف عند سوريا»، تساءل حجازين: ماذا نحن فاعلون بهذه «القنبلة الموقوتة» في مخيم الزعتري والتي تمثل مليوناً و250 ألف لاجئ، والمتوقع أن يصبحوا 2 مليون لاجئ في ظل وغلاء المحروقات وارتفاع الأسعار؟

 

ورأى حجازين أن الربيع العربي دوافعه «ذاتية».

التيار السلفي

 

قال المهندس أيمن النسور إن المحاضر أغفل الحديث عن التيار السلفي، واصفاً هذا التيار بـ»القنبلة الموقوتة»، مضيفاً أن الأزهر كان يقود السنّة في العالم العربي حتى العام 1979، حين قامت الجمهورية الإيرانية، وأن الولايات المتحدة رأت أن الإخوان المسلمين يمثلون حركة ناعمة، لذلك فهناك حاجة بالمقابل إلى حركة سنية متشددة تكافئ المشروع الإيراني، وبالتالي فإن دولة مثل مصر فيها مهد الإخوان المسلمين، أصبح حزب النور السلفي يزاحم «الإخوان» فيها، وهو تيار قوي وفاعل، والمخابرات السعودية تنظر إليه على أنه ذراع لها، كما أنهم يرون التيار السلفي امتداداً للتأثير السعودي في المنطقة العربية، مشيراً إلى ما حصل في العراق على يده، وفي مصر، وفي سوريا أيضاً ممثلاً بجبهة النصرة.

 

ورأى النسور أن «الربيع العربي» انحرف عن مساره، وذلك لافتقار الثورات إلى قادة الرأي، فالثورات العربية قامت بها مؤسسات المجتمع المدني، وكانت لغتها المشتركة هي لعن الظلام ولم تعرف كيف توقد الشمعة، في حين أن من يوقد الثورات هم قادة الرأي.. معتقداً أن الأجهزة الأمنية في الدول العربية استهدفت قادة الرأي.
وأكد النسور أن أميركا وإسرائيل هما اللتان تدعمان الأنظمة الدكتاتورية، وأن انحياز أميركا الوحيد هو لمصالحها فقط، لذلك اتخذت هذا الموقف مما أسمته «الربيع العربي»، خاصة في مصر.

الأقليات

 

قال الكاتب علي القيسي إن أسوأ أمر في هذا «الربيع» هو القتل، فهناك مئات الآلاف يموتون من أجل هذا «الربيع»، مضيفاً أن المواطن العربي لو كان يعلم أن «الربيع العربي» سيؤدي الى دمار شامل وجرائم قتل فإنه بالتأكيد لن يشارك فيه.

 

أما الأقليات، فقال القيسي إن هنالك خوفاً عليها في المجتمع العربي، وخاصة المسيحيين والأكراد، كما أن الطوائف الأخرى تخشى من نتائج الربيع العربي على مستقبلها.

 

وأضاف أن الموقف الروسي في مجلس الأمن، يساهم بطريقة أو بأخرى في قتل الشعب السوري، لذلك على الشعوب العربية أن تقف ضد الموقف الروسي لنختصر هذه المأساة ونحقن الدماء السورية.

تغيير أدوار

 

قال محمد عابور إنه لا يوجد «ربيع عربي»، إذا لم يكن هناك استراتيجية ثابتة لتحرير فلسطين، مضيفاً أنه دون استراتيجية سيكون هناك «تغيير أدوار»، فمنذ العام 1970 إلى الآن لم يحدث أي تغيير.

أكثر فعالية

 

أوضح الناشط السياسي من حزب حشد محمد فراعنة أن قطار الربيع العربي لم يقف في سوريا، بل ما يزال متفاعلاً في تونس ومصر، راداً ذلك إلى أن حركة الإخوان المسلمين التي تسلمت السلطة لا تؤمن بالتعددية ولا تؤمن بالآخر، لذلك سيكون هناك «ربيع عربي أكثر فعالية».

 

وفي ما يتعلق بالملف السوري قال فراعنة: إن النظام في سوريا حافظ على أمن اسرائيل منذ العام 1967، لذلك عندما زار أوباما إسرائيل، قال بكل وضوح: إن أمن اسرائيل ملف حيوي بالنسبة للأميركيين.

ربيع شعبي عفوي

 

قال د.صالح الشرع، إن الحراك العربي في تونس ومصر بدأ بشكل شعبي عفوي، وليس وفق نظرية الاتهام والموالاة للغير كما يعتقد بعضهم، مضيفاً أننا سلّمنا هذا الحراك لأميركا طوع إرادتنا، رغم أنه حراك شعبي ضد أنظمة دكتاتورية شمولية، ويجب أن يستمر حتى تتحرر الشعوب.

 

وأضاف الشرع أننا ما زلنا نتفاخر بما فعله فارس الخوري في سوريا وصلاح الدين الأيوبي الكردي وهما يعدّان من الأقليات، إذن لا خوف من انتصار الشعوب العربية على الأنظمة الديكتاتورية.

الردود

 

قال فراعنة إن الأساس هو المواطنة فالوطن للجميع، مضيفاً أن الوطن يجب ألاّ يكون تحت رحمة الأغلبية، فالعديد من الأوطان ترزح تحت رحمة الأقلية.

 

وأجاب فراعنة على سؤال حجازين بقوله: يجب أن نحاكم الناس على برامجهم، فمثلاً د.يعقوب زيادين «الشيوعي المسيحي الكركي»، حصل في العام 1956 على المركز الأول في القدس في انتخابات البرلمان وتفوق على داوود الحسيني، مضيفاً أن ما يحدث الآن يعكس مدى الانحدار الذي وصلنا له، مطالباً أن نعامل كأردنيين، بصرف النظر عن قوميتنا أو ديانتنا.

 

وأكد فراعنة أن العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغياب الاستقلال، هي المحرك الأساس للاحتجاجات والثورة بعيداً عن المؤامرات، مضيفاً أن فلسطين ما زالت محتلة وهناك اتفاقيات مجحفة مع مصر والأردن، وغياب للديمقراطية والاستقلال والعدالة الاجتماعية.

 

كما أكد فراعنة أننا أصحاب القرار والحق، كما أننا الأداة والهدف، مضيفاً أن هذا لا يتعارض مع المصالح الأميركية كما يرى بعضهم، فالأميركيون يعرفون مصالحهم جيدا.

 

وأضاف فراعنة أننا ما زلنا نتعلم أين هي مصالحنا، ونتصادم مع من يمسها. ولخّص مصالح أميركا بأربع مفردات هي: «النفط وأمن إسرائيل ومقاومة الإرهاب والسوق العربي للبضائع والسلع الأميركية»، فهناك اتفاق استراتيجي بين أميركا وإسرائيل، لذلك فإن عداءنا للسياسة الأميركية نابع من هذه الرؤية التي تتعارض مع مصالحنا كعرب.

 

وقال فراعنة: أنه بالرغم من الظروف الصعبة والقاسية، ومرارة ما يجري في سوريا، وتخبط التجربة التونسية والمصرية، فإن هذا لا يعني أن التجربتين وصلتا لنهايتهما الإيجابية والمعهودة، فهنالك تفاعلات ستؤدي في نهاية المطاف إلى الاحتكام لصناديق الاقتراع.

 

وأوضح أن حركة الإخوان المسلمين كغيرها من الأحزاب الأصولية الفاعلة في الوطن العربي، لا تؤمن بالديمقراطية أو التعددية أو احترام الآخر، مضيفاً أن ما حصل من عمليات اغتيال، هو تعبير عن غياب هذه التعددية، كما أن قطاعاً واسعاً من الكتّاب والمراقبين لا يتوقف عند التجربة الفلسطينية بحكم وجود الإسلاميين في قطاع غزة، ووجود تصادم مع الاحتلال، فالانقلاب الذي جرى في غزة في 14 حزيران 2007 والذي ما يزال مستمراً حتى الآن يثبت أنه لا توجد انتخابات أو تعددية، مؤكداً أن المستقبل «سيكون للتعددية».

 

واتفق فراعنة على ما أشار إليه الخوالدة من أن لكل بلد عربي خصوصيته، بدلالة ما يحدث في سوريا منذ أكثر من عامين، فهنالك مذابح متبادلة وجرائم يشترك فيها النظام والمعارضة المسلحة، مضيفاً أن ما يجري مأساوي، ومن السهولة أن يرفع المرء صوته لإدانة النظام، ويدين المعارضة المسلحة، وفي كلتا الحالتين فإن الشعب السوري هو الذي يدفع الثمن.

 

وعلى صعيد التجربة الأردنية، أشار إلى أن الأردنيين انكفأوا عن الحراك الشعبي، لأنهم شاهدوا ما يجري في بعض البلدان العربية، مضيفاً أن مطالب الأردنيين تنحصر بـ: التعددية والحكومات البرلمانية التي تنبع من صناديق الاقتراع، والسياسات النزيهة بحيث يبقي «القصر» مرجعية لكل الأردنيين.

 

وقال إن هناك عوامل ليست محلية تتحكم بمسار الربيع، مضيفاً أن القيادة الخلاّقة الذكية تدرك كيفية تجميع القوى وبناء الجبهات الوطنية لمواجهة الخصم وحصره في الزاوية من أجل تحقيق النتائج، وأن يكون هناك استقلال كامل وديمقراطية حقيقية وعدالة اجتماعية.

 

وختم فراعنة محاضرته بقوله إنه قضى معظم حياته في السجون والمعتقلات العربية في مصر وسوريا والأردن، ورغم ذلك فإنه منحاز للنظام الملكي الدستوري والنظام النيابي الملكي وفق الدستور، إذ إن ذلك يحمي البلد ويوفر له الأمن والاستقرار.