مؤتمر" الدولة الأردنية على مشارف المئوية الأولى" 2

12/04/2019

مؤتمر مئوية الدولة يؤكد على الوحدة وبناء التماسك الوطني خلف القيادة الهاشمية

بناء قاعدة إسناد عربي للتخفيف من آثار (صفقة القرن) على الأردن وتبعات الغطرسة الإسرائيلية

التأكيد على أهمية سيادة القانون وتحقيق المساواة بين الجميع

 

دعا مشاركون في مؤتمر (الدولة الأردنية على مشارف المئوية) إلى تكثيف الجهود لحشد الدعم الشعبي لموقف جلالة الملك عبد الله الثاني لخلق قوة مجتمعية قادرة على مواجهة ما يعرف بـ (صفقة القرن)، التي لابد من التعامل معها بحكمة و دراية، وإرساء قاعدة إسناد عربي للموقف الأردني للتخفيف من آثارها، وتفعيل تحرك دبلوماسي أردني لمواجهة تبعات الغطرسة الإسرائيلية.

وأكدوا في ختام أعمال المؤتمر أمس الذي نظمه مركز الرأي للدراسات و كلية الأمير الحسين بن عبد الثاني للدراسات الدولية تحت شعار (حكمة العقود وقصة الصمود) على أهمية الوحدة الوطنية وترسيخها وبناء تماسك وطني يقف خلف النظام و القيادة الهاشمية لما تتطلبه المرحلة الحالية.

وأشار المشاركون من سياسيين وأكاديمييين وخبراء في توصياتهم إلى أهمية سيادة القانون وتطبيق المساواة بين الجميع، الأمر الذي من شأنه التغلب على الكثير من التحديات التي يواجهها الأردن.

وأوصوا على ضرورة وجود ثقافة أردنية جديدة تتعاطى مع الواقع الذي نعيشه، مشيرين إلى أن ملامح الثقافة الأردنية الجديدة هي ثقافة القانون، داعين إلى العمل على تعزيز الهوية الأردنية الوطنية الجامعة وزراعتها في قلوب وعقول الشباب الأردني، وصياغة منظومة للإصلاح الاجتماعي والثقافي لدى الشباب.

وواصل المؤتمر الذي جاءت فكرة انعقاده بهدف التوصل لحلول من الممكن الاستفادة منها في كيفية التعامل مع الواقع السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي، في ظل التحديات والأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة، واستشراف المستقبل، أعماله لليوم الثاني وقد تصدر جلساته الحديث عن السياسة الخارجية الأردنية والمتغيرات الإقليمية والدولية، والتحديات التي تواجه الدولة ومقترحات عملية لمواجهتها.

 

الجلسة الأولى

وفي الجلسة التي ترأسها الدكتور أمين المشاقبة، كان أول المتحدثين المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور موسى بريزات، الذي أوضح في ورقته التي حملت عنوان (السياسة الخارجية الأردنية: فرص وتحديات) أن الأردن في فترة قريبة كان يدير سياسته الخارجية في بيئة داخلية وخارجية مقبولة حيث التحديات معقولة، لكن الأمور في الأونة الأخيرة قد انقلبت رأسا على عقب لطبيعة الأحداث التي عصفت في المنطقة وانعكست على المواقف السياسية لبعض الدول.

وقال إن هناك تحديات أمام صانع السياسة الخارجية الأردنية، فبعد أن كانت العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية مصدر قوة للأردن، باتت السياسة الأميركية في سبيل دعمها لإسرائيل تشكل عامل ضغط على الأردن، ما يترتب أخذ موقف، مشيرا إلى أن الفرص المتاحة محدودة كلعب الدبلوماسية دورا في استخدام المتناقضات، وتوفير مبدأ التوازن مع السياسات الخارجية.

وأكد أهمية بناء الديمقراطية وإعادة النظر بدور المجتمع والقوى الداخلية والرأي العام، للتمكن من مواجهة التحديات التي تواجه الدولة الأردنية. في حين، أنصف في مداخلته رئيس الديوان الملكي والوزير الأسبق عدنان أبو عودة الأردن في علاقته مع القضية الفلسطينية وسياسته الخارجية في ظل الضغوطات التي ترتبت عليه جراء ذلك.

وقال إن العامل الجغرافي بالعموم يلعب دورا رئيسا في السياسة الخارجية وبخاصة العلاقات الدولية وهو ما يصطلح عليه بالجيوسياسي، وبالنسبة للاردن، فالجغرافيا لعبت وما تزال دورا مركزيا في صياغة العلاقات الفلسطينية الأردنية سواء كانت الاثنتان تحت الانتداب البريطاني أو بعد استقلال الأردن عام 1946، وقيام دولة اسرائيل وحتى يومنا هذا.

وأضاف أن الجغرافيا ليست وحدها التي تشكل السياسة الخارجية الأردنية نحو فلسطين بل هناك التاريخ الذي يلعب دورا جوهريا ليس فقط بسبب التفاعل التاريخي بين الشعبين الأردني والفلسطيني، بل أيضا بسبب الأسرة الهاشمية التي تحكم الأردن وارتباطها برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث إن هذين العاملين في حالة السلام يلعبان دورا مهما في التجارة والاقتصاد والتنمية.

وأشار إلى أن هناك عاملا ثالثا زرع في الاقليم العربي مثيرا للنزاعات بعد الحرب العالمية الأولى وهو الحركة الصهيونية (...) وانه بعد تسلل الأحداث وتمكن اسرائيل من تأمين الأرض، أصبحت جسما غريبا مزروعا في الجسم العربي والذي بسبب ضعفه لم يتمكن من لفظه منتظرا استعادة قوته ليفعل ذلك فكانت حرب 1967 التي انتصرت فيها اسرائيل للمرة الثانية واستكمل بواسطتها احتلال كامل لأرض فلسطين لتنتقل بعد ذلك نحو تأمين الديمغرافيا: أي إخراح العرب الفلسطينيين من أراضيهم.

وتابع أبو عودة إنه وبحكم كون الأردن دولة عربية كان من الطبيعي أن يكون شريكا رئيسا في مقاومة الجسم الغريب، لذا عمل بإخلاص مع جامعة الدول العربية وواصل عمله في الإطار القومي العربي حتى هذا اليوم، مستشهدا بخطاب جلالة الملك

عبد الله الثاني في مؤتمر القمة العربي التي عقدت في تونس قبل أيام، حينما أكد فيه أنه لا بد من الاتفاق على أن أولويتنا كأمة واحدة ذات هم مشترك وتحديات واحدة هي القضية الفلسطينية التي كانت وستظل الهم الأول الذي يشغل الوجدان العربي.وأن التعاطي معها لابد أن يكون ضمن الثوابت العربية، أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية والأولى.

أبو عودة وفي حديثه، أشار إلى السياسة التي اتخذتها الإدارة الأميركية الحالية لتربك موقف الدولة الأردنية تجاه القضية الفلسطينية، والنشاط الدبلوماسي غير المسبوق لجلالة الملك للاستعداد لمواجهتها بالقرار السياسي الذي يؤثر على الأردن من حيث مساره السياسي في المستقبل القريب والبعيد، وبسبب الغموض في القادم المجهول، مؤكدا ضرورة تأمين تماسك وطني خلف القيادة الأردنية وخلف جلالة الملك.

رئيس جمعية العلوم السياسية الدكتور محمد المصالحة، تناول في، «ورقته السياسة الخارجية الأردنية في البيئة الإقليمية» والتي تنطلق من الإمكانيات الداخلية للدولة وتداعيات البيئة الخارجية.

وقال إن الأردن بالمجمل لا يميل إلى تبني سياسة التدخل في الشؤون الخارجية للدول، ويحترم القانون الدولي ويعمل على تنفيذه ويحترم عضويته في المنظمات الدولية، واعتماده الدبلوماسية القائمة على التفاوض وقد كان له دور بارز في التصدي لحل كثير من الأزمات العربية في المجتمع العربي.

وأوضح مصالحة أن الحاجة الاقتصادية للأردن تشكل عامل ضغط على سياسته الخارجية، كما تأثر الأردن بكثير من تداعيات الربيع العربي مثل ظاهرة تنظيم داعش وظاهرة اللجوء التي أثرت على العامل الاجتماعي والاقتصادي وخصوصا فيما يتعلق ببنيته التحتية، ما جعله يتوجه للمجتمع الدولي لطلب الدعم منه، ولذا على الأردن أن يوازن بين تلك التجاذبات.

أستاذ السياسة في كلية الأمير الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدولية الدكتور محمد خير عيادات، تناول في ورقته الحديث عن (التغيير في النظام الدولي والإقليمي وأثره على السياسة الخارجية الأردنية) وقال إن التحول الأساسي في النظام الدولي هو هيمنة اعتبارات المنفعة والمصالح الأمنية وغياب التعاطف السياسي، الأمر الذي جعل من بعض الدول الصغيرة ومنها الأردن عرضة لهذا التراجع والشعور بعدم وجود ارتباطات دولية يمكن الاعتماد عليها.

وأضاف أن تراجع الأهمية النسبية للمنطقة بالنسبة للدول الكبرى أدى إلى تسارع وتيرة التنافس الإقليمي وخاصة بين الدول الإقليمية الأساسية منها تركيا وإيران وإسرائيل والسعودية، وهذا التنافس والمزاحمة الإقليمية قائمة على اعتبارات ذاتية خاصة بكل طرف، وهو كذلك جعل إمكانية التحالفات الاقليمية وأن تكون طرفا فيها أمر صعب.

وأكد عيادات أن بإمكان الأردن تطوير مشروع إقليمي قائم على مرتكزات أخلاقية سياسية منها إعادة تقييمه لمفهوم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتبني فكرة المواطنة وتفعيل مبدأ حق تقرير المصير على مستوى الإقليم، حيث إن كل تلك المعطيات قائمة على القناعة الأساسية بأن استقرار الدول الداخلية لا يمكن فصله عن الاستقرار الإقليمي، وأن الأردن مؤهل بقيادة جلالة الملك لطرح المشروع والدعوة إليه.

 

عمان - الرأي