خلصت الجلسة الحوارية المركّزة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات حول الانتخابات البلدية، إلى أهمية الانتقال من «وهم» الحكم المحلي إلى «واقعه» بهدف تطوير دور البلديات الذي يتطلب إدارة ورؤية سياسية للعملية الانتخابية وتنفيذ مطالب المواطنين على مستويات عدة (الخدمات، الصحة، التربية، السير، الشرطة والدفاع المدني..)، لأن الحكم الحالي هو بأهمية حكم المؤسسات العامة، وهو ما أكده جلالة الملك مؤخراً عند حديثه عن تنمية المحافظات وانعكاسها الإيجابي على الدولة.
ودعا المشاركون في الجلسة التي حملت عنوان «الانتخابات البلدية.. الحكم المحلي وتوسيع قاعدة المشاركة»، إلى تبني مشروع «مارشال» مالي لإنقاذ أمانة عمان والبلديات من أزمة المديونية خلال السنوات الخمس المقبلة، لافتين إلى أهمية تحفيز المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية للوصول إلى مجالس بلدية كفؤة وقادرة على إدارة الشأن العام.
وطالب المشاركون بمكافحة المال السياسي، مشددين على ضرورة تجاوز الأخطاء وصولاً إلى تحقيق الدور الحقيقي للبلديات، مقترحين البدء بإعادة النظر في التشريعات الناظمة للعمل البلدي، وتدشين حملات لتوعية الناخبين بمواصفات المرشحين الأكفاء للانتخابات البلدية التي تجري في أرجاء الوطن كافة في 27 آب الجاري.
وتوافق المشاركون على أن يكون للمرشحين برامج عمل قابلة للتطبيق، لا أن يقتصر اهتمامهم بإجماع العشيرة والتفافها حولهم.baladieat
تالياً أبرز ما جاء في الجلسة التي أدارها مدير وحدة الدراسات في المركز الباحث هادي الشوبكي:
حررها وأعدها للنشر: جعفر العقيلي وبثينة جدعون
آب 2013
تعزيز الأمن والاستقرار
قال أمين عمّان الأسبق والنائب السابق د.ممدوح العبادي، إن الانتخابات البلدية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحكم المحلي الذي له علاقة بالواقع والخدمات كالصحة والتربية والسير والشرطة والدفاع المدني.
وأضاف العبادي: «لسوء الحظ، تغولت السلطة التنفيذية في الأردن على البلدية وعلى الحكم المحلي الذي كان من واجباته رفع مستوى المعيشة لكل منطقة»، لافتاً إلى أن الحكم المحلي وُجد في الأردن قبل قيام الدولة ومنذ الحكم العثماني، إذ كانت هناك بلديات في مادبا وجرش والسلط يتم انتخابها، مشيراً إلى أن صلاحيات البلديات وخدماتها بدأت تتآكل تباعاً بمرور الوقت، حتى أصبحت عالة على الدولة والحكومة في إمكانياتها وموازناتها بسبب هيمنة الدولة.
وأوضح أن ديون البلديات تصل إلى 100 مليون دينار، مضيفاً أنه رقم ليس كبيراً، وقال في هذا السياق، إن أمانة عمان بدعوى أنها البلدية الكبرى أو الأم كانت تدعم بلديات الزرقاء وجرش وإربد والكرك، في حين أن دينها في الآونة الأخيرة وصل إلى ما يقارب 600-800 مليون دينار، واصفاً ذلك بـ «الأمر المفجع».
وتساءل العبادي: كيف تراجعت أمانة عمان مع أنه لم يكن عليها أي دين، مطالباً بتفسير لهذه الديون، وتحديد أين ذهبت الأموال وكيف أُنفقت.
وأشار إلى أنه تم ضم عدد من البلديات في العام 1987 لتكوّن أمانة عمان الكبرى، مضيفاً أن التعيين لأعضاء المجلس والأمين كان هو الغالب سابقاً، ثم أصبح نصف أعضاء المجلس يُختارون بالتعيين والنصف الآخر بالانتخاب، إلى أن انتهى الأمر بتعيين الثلث وانتخاب الثلثين. وأعرب العبادي عن أمله في أن يصبح المجلس منتخَباً بالكامل، ذلك أن أمين عمان ما زال يعيَّن من قِبَل أعضاء المجلس المنتَخبين وغير المنتَخبين، لافتاً إلى أن الأمين كان يُختار في السابق بطريقة مثالية وبعناية فائقة، وكان أغلب الأمناء من الذين سبق لهم أن تولوا الوزارة، أما الآن لم يعد الأمر كذلك.
وأضاف العبادي أنه يجب أن يكون هناك مشروع «مارشال» مالي لإنقاذ أمانة عمان والبلديات خلال السنوات الخمس المقبلة، مؤكداً أنه بغير ذلك فإن البلديات والأمانة لن تتقدم. وتابع: «يجب أن يكون هناك تحفيز وتهيئة وتحضير للانتخابات».
وكشف العبادي عن عدم تفاؤله بأن «تُخرج الانتخابات مجالس بلدية بالشكل الأمثل لتقوم بالإنقاذ في ظل ظروف صعبة جداً». ورأى أنه كان من الأفضل تأجيل هذه الانتخابات، وأن تُعطى الحكومة ستة أشهر للتحضير والتهيئة، فالحكم المحلي هو بأهمية حكم المؤسسات العامة كالبرلمان والحكومة، مستشهداً على ذلك بما أكده جلالة الملك مؤخراً حول أهمية تنمية المحافظات وانعكاسها على الدولة الاردنية.
وقال العبادي إن الشعب يطالب بخدمات أساسية مهمة، ومع تراجع أداء المؤسسة البيروقراطية والمؤسسات الإدارية عامةً ابتداءً من شرطي السير حتى مدير المنطقة، تراجعت هيبة الدولة، وتدنّى مستوى الخدمات والإدارة، وبالتالي ازداد مستوى الغضب والاحتقان الشعبي تجاه هذا الأداء.
وأكد العبادي أن الحكم المحلي بشكل عام والبلدي بشكل خاص، وُجد قبل الدولة الحديثة في مأدبا وإربد والسلط، مبيناً أن هذا الحكم تراجع وهيمنت عليه الدولة، فقد كانت المياه والصحة والمدارس والتطعيم والإطفائية من اختصاص البلدية، ثم بدأت بالانهيار تدريجياً. وأوضح أن لجنة الأقاليم ظلت تعمل على مدار سنة بمشاركة وزراء وأمناء عامين ومحافظين، لوضع استراتيجية للأقاليم، لكن جميع توصياتها ظلت حبراً على ورق، ولم تأخذ الدولة بمخرجات اللجنة لتطوير الحكم المحلي وتقسيم الأردن إلى ثلاثة أقاليم.
وتابع العبادي: «من المفروض أن يكون الأردن مشغولاً بالانتخابات البلدية التي تهم معيشة المواطن في كل مكان، فيما نجد اليوم بلدات مثل عيرا ويرقا لم يترشح فيها أي شخص للانتخابات»، ولفت إلى أن مشاركة القوى السياسية والشعبية والمحلية والوطنية في الانتخابات ينبغي أن تكون أكثر قوة وتأثيراً، رغم أن جميع هذه القوى ستشارك باستثناء الإخوان المسلمين.
وأكد العبادي أن الانتخابات البلدية تعزز الاستقرار، وأن إجراءها وفق التشريعات والقوانين يساعد على تحقيق الأمن، مشيراً إلى أن من واجب الدولة البحث عن أسباب العزوف (إن كان هناك عزوف بعد العملية الانتخابية) ومعالجتها بمساعدة الإعلام.
قوانين لتنظيم العمل
قال الكاتب د.محمد ناجي عمايرة إن البلديات وضعها متردٍّ جداً، سواء كانت أمانة عمان الكبرى أو البلديات في المدن والقرى، رادّاً ذلك إلى رؤية الدولة والحكومات المتعاقبة لدور البلديات، إضافة إلى التراجع الذي حصل خلال السنوات الأخيرة في هذا الشأن، مضيفاً أن الدولة أغفلت دور البلديات وساهمت في إضعافه.
وأشار عمايرة إلى أن سوء الأوضاع المالية وتردي الإدارة، وغياب الحكم المحلي والترهل الإداري، كله «تحصيل حاصل» لعدم وجود استراتيجية حقيقية، كما أن الاستراتيجيات التي وُضعت للبلديات من خلال وزارة البلديات والجهات الحكومية ظلت من دون تطبيق.
ورأى عمايرة أن الاستراتيجية الأساسية هي في تأثير الحكم المحلي، ذلك أن للبلديات دوراً كبيراً في العالم المتحضر من حيث توفير الخدمات كافة سواءً الثقافية أو التنموية أو الإدارية، أما في بلادنا فإن مهمة البلدية تقتصر على خدمات النظافة وتوصيل المياه وبعض الخدمات الخاصة بالبناء.
وحول الحكم المحلي والمركزي، قال عمايرة: «هي ثنائية ما زلنا نفتقد إلى ترسيخها بشكل قانوني وتشريعي»، مضيفاً أننا بحاجة إلى قوانين تنظم عمل البلديات في إطار شامل للحكم المحلي، والتخفيف من مركزية الحكومة في عمّان، فالتركيز على العاصمة تم على حساب المحافظات الأخرى، ومن هنا تأتي أهمية المشروع الخاص بتنمية المحافظات. وشدد عمايرة على أهمية إنارة هذه القضية، وأن المطلوب أولاً تشريعات وقوانين وأنظمة وتعليمات تؤسس لحكم محلي، وأن تكون متكاملة مع التركيز على أمانة عمان الكبرى.
وأعرب عمايرة عن أمله في أن يتم تجاوز الأخطاء في العملية الانتخابية، وصولاً إلى تحقيق دور البلدية الحقيقي، لافتاً إلى أن الإشكالية تكمن في التشريعات أولاً، وفي التهيئة للانتخابات ثانياً، ثم في وعي المواطن لدور البلدية، فنحن بحاجة إلى توعية الناخب بالمرشح المؤهل لهذه المهمة، وأن يكون للمرشح برنامج، لا أن ينطلق من إجماع العشيرة فقط.
وأبدى عمايرة ملاحظات عدة حول موضوع المرشحين للانتخابات، منها أن بعض المناطق في المملكة شهدت ترشح عدد كبير من المثقفين والأطباء والمحامين والمهندسين الذين لديهم خبرة وحماسة، في حين أن كثيراً من مرشحي العاصمة يبدون غير معروفين وربما غير مؤثرين في مجتمعاتهم الضيقة.
وقال عمايرة إن تسييس العملية الانتخابية في البلديات يضر بها، وإن مقاطعة حزب أو اثنين للانتخابات البلدية لا يؤثر كثيراً مقارنة مع انتخابات مجلس النواب، ودعا العشائرَ إلى أن تكون صمام أمان في الانتخابات، لمحاصرة المشاكل الاجتماعية والعنف المجتمعي، وألاّ تنقسم كما حدث في انتخابات برلمانية سابقة.
وتساءل عن مدى نجاح الحكومة للتهيئة للانتخابات البلدية، في ظل القانون الحالي وأداء الإدارة وطبيعة الرؤية السياسية تجاه إدارة العملية الانتخابية، لافتاً إلى أن الحكومات المتعاقبة كانت تسعى إلى تأجيل الانتخابات كونها «استحقاقاً مزعجاً».
ولأن القوى السياسية والحزبية التحقت بالانتخابات مؤخراً، بحسب عمايرة، فإنها ليست مهيأة لتقديم برامج، لذا يبدو مفهوماً أن يكون مرشحوها من خلفيات عشائرية وليس حزبية. واستدرك عمايرة بقوله إن هناك مرشحين أكفاء ومؤهلين لإدارة البلديات أو المساهمة في إدارتها من خلال عضوية المجالس البلدية، لكن الأمر مرتبط بالعملية الإصلاحية المتكاملة، التي لا يمكن تجزئتها أو صرف النظر عن بقية الأطراف المؤثرة فيها.
وأضاف أن المشكلة الأساسية تكمن في كيفية خروج وزارة البلديات أو الحكومة من مأزق مشروع دمج البلديات والتراجع عنه بعد أن ثبت فشله في مناطق عدة، كما أن هناك مطالبات بفك الدمج، وكثير من المواطنين يطالبون بإعادة التركيبة القديمة.
ورأى أن الانتخابات تمثل ما يشبه إضاءة شمعة في الظلام الدامس.
جزء من عملية الإصلاح
قال الوزير الأسبق والكاتب الصحفي سميح المعايطة إن الانتخابات يجب أن يتم التعامل معها بوصفها جزءاً من عملية الإصلاح, وأن تكون جزءاً من تصور تنموي خدماتي شامل، بخاصة أننا في «ربيع عربي» ومسار إصلاحي أردني.
وأضاف المعايطة أن العملية الانتخابية بدت «من دون أب أو مرجعية سياسية»، معتقداً بوجود «تردد» في إجراء الانتخابات في وقت سابق، بسبب ما دعاه «الأداء المرتبك والتسريبات عن إمكانية التأجيل وإرسال قانون الانتخابات البلدية إلى المحكمة الدستورية».
وقال المعايطة إن الناس في القرى والأماكن البعيدة يشيع بينهم نوع من التفاؤل، في حين أن الدولة «فقدت فرصة الاستفادة من الانتخابات كحالة سياسية وجزء من مسارها الإصلاحي العام». ورأى أن العملية الانتخابية تتطلب «التحريض الإيجابي للمشاركة» وتأطير الانتخابات ضمن مسار تنموي أو حكم محلي أو سياسي، متسائلاً عن مدى تحقق ذلك في واقع الأمر.وحول موضوع الحكم المحلي، أوضح معايطة أن اللامركزية تختلف عن مشروع الأقاليم، وبيّن أننا فقدنا فرصة القيام بعملية تنموية سياسية كان يمكن أن تكون مؤثرة أكثر في الحياة السياسية.
وقال المعايطة إننا بحاجة إلى فكر تنموي خدمي جديد، متسائلاً: هل نحن مع الهويات التنموية والخدماتية الفرعية، والعودة إلى البلديات الصغيرة التي يمكن أن تكون أكثر خدمية، أم إننا مع فكرة الخدمات البلدية الأوسع من خلال الأقاليم واللامركزية؟ مطالباً بإجابات أردنية عن هذه المسائل، والبناء على أساسها لشكل الإدارة والتشريعات التي تحكم بناء الإدارات والخدماتية المستقبلية.
وأضاف أنه من دون وجود أموال، لا تستطيع أن تقدم الخدمات، لذا لا بد من حلول للمشكلات المالية للبلديات، فقدرة البلديات على تقديم الخدمة بصرف النظر عن الشخص الفائز، مرتبطة بالأموال. وأكد أهمية تحديد الهوية التنموية الخدماتية في المحافظات لنبني عليها التشريعات والأنظمة، فقد بدأنا بتفكير علمي في الأقاليم، وتراجعنا لاعتبارات أخرى، مضيفاً أن بعضهم قال إننا «سنضمّ الأنبار والضفة»، وبالغنا في التحليل والظنون وأفشلنا كل المشاريع من قِبَل النخب السياسية الموجودة، رغم أن هذه الخطوة كان يمكن أن تكون مفيدة.
إعادة الثقة بدور البلدية
أكد الكاتب الصحفي جهاد المحيسن أهمية العمل على توعية الناس بدور البلديات وحثهم على المشاركة، إذ إن هناك عزوفاً عن العمل الانتخابي يتعلق بالبعدين الاجتماعي والاقتصادي، وضعفاً في فهم دور المجالس البلدية والنيابية على السواء، فقد أصبح يُنظر إلى المجلس التشريعي نظرة سلبية، ما أضعف دوره، وانعكس هذا الأمر على البلديات أيضاً.
وقال المحيسن إن الانكفاء على الذات سبب رئيس لولادة العنف، مشيراً إلى أن تاريخنا في الحكم البلدي تعود جذوره إلى نحو قرن من الزمان، فالبلديات كانت جزءاً أساسياً في حل المشكلات التي تواجه الناس، وكان رئيس البلدية وسيطاً بين الدولة والمجتمع، ومع ذلك لم نستطع أن ننجز في هذا القرن وعياً لأهمية المؤسسة المحلية وذلك بسبب تحويلها إلى مؤسسة حكومية، وهذا يعني إصابتها بالترهل والفساد والبيروقراطية، ما أدى إلى تعامل الناس مع البلديات ضمن هذا السياق.
وأضاف أن شبح العنف المجتمعي، ينعكس على كل مفاصل الدولة، وأننا بحاجة إلى «محاربة سلطة المال» الدخيلة على مجتمعنا، والتي فرّخت أشخاصاً غير كفؤين ولا يملكون سوى القيم المادية، فأصبحنا أمام ظاهرة استطاعت أن تغير وعي الناس وتهمّش مؤسساتهم التي يلجأون إليها.
وطالب المحيسن بإعادة الثقة بالبلدية، بوصفها مؤسسة عريقة ذات طابع مدني متطور يتم بالانتخاب، لها تقاليدها التاريخية ولها امتداداتها، وليست ظاهرة طارئة على المجتمع.
وأشار المحيسن إلى أننا نتحدث عن بلدات ذات وجود تمثيلي من قواها المجتمعية الحية، مضيفاً أن ما حصل عندما تم تعطيل البلديات وتعيين مجالس بلدية، ساهم في رسم صورة سلبية في أذهان الناس عن البلديات، مؤكداً أن علينا أن نكون موضوعيين وأن ننقد ما يحدث في مجتمعاتنا بعلم، وأن نعمل على إعادة تركيب الأحجار التي تم خلعها عنوة من هذا البناء الاجتماعي لنستطيع أن نقدم رئيساً موثوقاً به، ومواطناً رقيباً على العمل، ليكون منتجاً في مجتمعه.
ودعا إلى التعامل مع المواطن ليصبح مشاركاً، لذلك ظهرت المبادرة الشبابية «صوتك بغيّر»، و»شارك في الانتخابات البلدية لتكون طرفاً في المشاركة».
وقال المحيسن إن الدولة يجب أن ترفع يدها عن الحكم المحلي ما دامت تتحدث عن اللامركزية، وأن تعطي المجالس البلدية القدرة على وضع برامجها التي تتواءم مع المناطق التي تعمل في إطارها، مشيراً إلى أهمية تبني مفهوم جديد في القيم يؤسس لهوية جامعة.
نواة الحكم المحلي
قال وزير البلديات الأسبق توفيق كريشان إن البلديات تُعَدّ نواة الحُكم المحلي والتنمية المحلية، كما أنها ركُن رئيس في المُشاركة الشعبية لاتخاذ القرار، وفرز مجالس بلدية كفؤة ومؤهلة، إلى جانب دورها في إثراء الحياة السياسية والديمقراطية.
وأوضح كريشان أن الأردن يعدُّ من الدول المُتقدمة في قيادة العمل البلدي في المنطقة، حيث كانت البلديات تمثل مؤسسات الحُكم المحلي قبل تأسيس الإمارة، ابتداءً من تأسيس بلدية إربد في العام 1881 التي تعد أول بلدية، مروراً ببلديات السلط والكرك ومعان وانتهاءً بتأسيس بلدية عمّان في العام 1909.
وأضاف كريشان أن الأردن كان في مقدمة الدول التي أصدرت قانوناً للبلديات، وذلك في العام 1925، وقد أجريت أول انتخابات بلدية في العام نفسه، قبل أن يُقَرّ قانون الانتخابات النيابية (التشريعية) في العام 1928، مبيناً أن هذا يدّل على أن الأردنيين أولوا العمل البلدي أهمية كبيرة، لما له من دور مهم في قيادة المجتمع المحلي، مشيراً إلى أن البلديات كانت المسؤولة عن تقديم الخدمات للمواطنين، بما فيها ذلك التعليم والصحة والأوقاف والمياه، وغير ذلك من خدمات سُحبت منها لاحقاً، أما الآن فقد تقلّصت خدمات البلديات واقتصرت على النظافة والصيانة وتعبيد الطرق داخل حدودها.
وقال كريشان: «ونحن نقف على أعتاب إجراء انتخابات بلدية للعام 2013 فإن المرحلة تتطلب مشاركة كبيرة وفاعلة لاختيار المجالس البلدية التي ستُمثل كل الأردنيين، في أنحاء المملكة كافة بمدنها وقراها وبواديها ومخيّماتها، ما يستدعي أن نُعظّم العمل الديمقراطي الأردني، وأن نُسهم كناخبين في توسيع آفاق العمل السياسي والتنموي تحت مظلّة العمل البلدي، إلى جانب إتاحة المجال أمام الكفاءات والخبرات الأردنية لقيادة هذا العمل».ورأى أن الانتخابات البلدية تُشكّل مرحلة مهمة في الإصلاح الشامل، بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورافعة تنموية قوية لخدمة المجتمع، رادّاً ذلك إلى كون الأردن يقود مرحلة الإصلاح الحكيم في العالم العربي.
وبيّن كريشان أن البلديات تحتاج إلى مجالس بلدية تُمثل شرائح المُجتمع كافة، داعياً جميع الناخبين لتغليب مصلحة الوطن ومصلحة البلديات على أيّ مصالح شخصية أو مصالح عشائرية أو مناطقية، عبر انتخاب الأكفأ والأجدر، كون العمل العام في البلديات والذي هو تكليف وليس تشريفاً، يُلزمنا أن نختار الأفضل والأقدر على تقديم خدمات جليلة للمواطنين.
وأشاد كريشان بقرار رئيس هيئة الأركان المُشتركة باتخاذه «قراراً وطنياً مُهماً بعدم إقحام القوات المُسلّحة الأردنية في هذا الشأن، وذلك لتواصل دورها الوطني المُشرّف في أن تكون عيناً ساهرة لحماية الوطن وحدود الأردن، ولننعم بالأمن والاستقرار الذي نحظى به بفضل القيادة الهاشمية الحكيمة، وقواتنا الباسلة وأجهزتنا الأمنية، والشعب الحكيم الذي يعي مخاطر المرحلة، في ظل (الربيع العربي) المصبوغ بالدم والقتل والدمار والتشريد»، مضيفاً أن القانون الأردني لم يمنع العاملين في القوات المسلحة من المشاركة في الانتخابات البلدية، لكن «حكمة القوات المُسلحة جعلتها تنأى بنفسها عن المُشاركة، لترسيخ الشفافية والديمقراطية بأسمى وأفضل صورها».
وأكد كريشان من خبرته وزيراً للبلديات غير مرة، وكونه أشرف على إجراء أول انتخابات بلدية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني في العام 1999، أن البلديات مؤسسات وطنية تتحمل على عاتقها مهمة النهوض بالوطن، مشيراً إلى معضلة مديونياتها الناتجة عن سوء إدارة الحكومات المُتعاقبة للملف البلدي، ما أعاق البلديات عن أداء رسالتها وواجبها الوطني بشكل أقوى وأفضل.
ودعا الناخبين ليكونوا على قدر المسؤولية الوطنية، والمجالس البلدية أن تكون عند حُسن ظن الناخبين، كون العمل البلدي يحتاج إلى إخلاص في العمل، وصدق في الإنجاز. كما دعا إلى التركيز على الدور التنموي للبلديات حتى تكون عاملاً مهماً في مكافحة الفقر والبطالة.
ورأى كريشان أن على الحكومة أن توجه المجالس البلدية القادمة للاستفادة من الميزة النسبية لكل بلدية في إقامة المشاريع التنموية، لضمان عدم الازدواجية في إقامة هذه المشاريع، إلى جانب إقامة مشاريع مُشتركة للبلديات المُتجاورة