"القوى السياسية.. مقاربات في سبيل الإصلاح"

04/11/2013

لا تنحصر خلاصة الندوة التي نظمها مركز "الرأي" للدراسات بعنوان "القوى السياسية.. مقاربات في سبيل الإصلاح" في مناقشة جدلية فاعلية القوى السياسية في الحياة السياسية الأردنية، بل ذهبت نحو رسم مقاربات لمشاركة الجميع في عملية "إصلاح" الدولة لا "تغييرها".

 

الندوة التي شارك فيها سياسيون من الحركة الإسلامية والوسط الإسلامي وحزبيون ووزراء سابقون ونواب حاليون وسابقون وكتّابن ناقشت عنوان الإصلاح الشامل الذي بدأ عندما قال الملك إن الإصلاح و "الربيع العربي" هما استحقاق تاريخي.

 

وناقش المشاركون محاور عدة، منها القانون الانتخابي التوافقي، والسياسة التوافقية لإنجاز "إصلاح" الدولة لا "تغييرها"، وعمل الأحزاب وفق منهج الدولة، وعملية الإصلاح التي تشمل البرلمان أيضاً، مع تحديد الثوابت والمتغيرات.

 

ودعا المشاركون إلى ضمانة مخرجات الحوار، ووضع أسس وقواعد اللعبة الديمقراطية انطلاقاً من الثوابت الوطنية وبالاستفادة من الأوراق النقاشية الملكية، وتشكيل لجنة لميثاق وطني جديد، مع عقد مؤتمر وطني لرسم خريطة طريق أردنية، مؤكدين أن الأردن يمثل "أسرة واحدة".

 

أدارها: د.خالد الشقرانalqwa

 

حررها وأعدها للنشر: جعفر العقيلي وبثينة جدعون

 

تشرين أول 2013

 

• إرشيدات: قانون انتخابي توافقي

 

بدأ أمين عام حزب التيار الوطني والوزير السابق د.صالح إرشيدات حديثه متسائلاً: هل هناك إصلاح، أم هل تأخر الإصلاح؟ وما الأمور الناقصة في برنامج الإصلاح؟

 

وقال إرشيدات إن حزبه أعلن أكثر من مرة أن الإصلاح بحاجة إلى تضافر جميع الجهود، وإن هناك أجندة وطنية للإصلاح وُضعت مع بدايات ما يسمى "الربيع العربي"، إذ كانت القيادة الأردنية والقوى السياسية متوافقة على ضرورة الإصلاح، مضيفاً أن الإصلاح بدأ عندما قال الملك إن الإصلاح و"الربيع العربي" هما استحقاق تاريخي، فعندما يصدر هذا الكلام عن رأس الدولة فإنه يدل على رغبة حقيقية في الإصلاح.
وأضاف إرشيدات: لقد شاركنا في برنامج الإصلاح، ولكن لأسباب كثيرة، تأخرنا في إنجاز المفاصل الضرورية، مما أفقد الناس الثقة بعملية الإصلاح وجعلهم يعتقدون أنها "كذبة" أو "حيلة"، أو أنها غير موجودة.

 

وأكد إرشيدات أن الخطوات الأولى للبرنامج الإصلاحي تمثلت في الإرادة السياسية، ولجنة الحوار الوطني، ومن ثم التعديلات الدستورية، لكن في ما بعد ونتيجة تعاقب الحكومات لم تتواصل عملية الإصلاح.

 

وأضاف: لقد ساهم أعضاء جبهة العمل الإسلامي الذين انسحبوا من لجنة الحوار الوطني من دون مبرر حقيقي، في تعثر البرنامج الإصلاحي وفي انعدام الثقة فيه.

 

وقال إرشيدات إن ما ينقص الأجندة الوطنية هو قانون انتخاب توافقي، تُشارك فيه جميع الأطراف بما فيها جبهة العمل الإسلامي وأيّ قوى معارضة على الساحة، وإلاّ سنبقى ندور في الدائرة نفسها ومن دون توافق على الإصلاح.

 

وأوضح إرشيدات أنه يُسجَّل للجماهير والقوى السياسية خلال "الربيع الأردني" أنهم استطاعوا أن يعبّروا عن أنفسهم بسلمية ومن دون عنف، لافتاً إلى أن هذا يبين أن الشعب الأردني يتصف بالموضوعية والمرونة، وهذه فرصة للإدارة العليا (السلطة التنفيذية) لتبدأ بلقاءات وحوارات لطرح قانون انتخاب توافقي.

 

وأكد إرشيدات على ضرورة البناء على مخرجات لجنة الحوار الوطني التي كانت "غير بعيدة كثيراً" عن تطلعات حزب جبهة العمل الإسلامي، راداً المشكلة إلى عدم تطبيق هذه المخرجات، ومعتقاً بإمكانية تحقيق توافق مع الحزب في هذا المجال.

 

وقال إرشيدات إن نظامنا السياسي والبرلماني الملكي نظام ديمقراطي، وبالتالي فإن مشاركة الأحزاب في العمل السياسي والبرلماني ضمن آليات جديدة، تحقق هذه الرؤيا والرسالة، مضيفاً أنه من دون الأحزاب لا يمكن للتمكين أو التجذير الديمقراطي أن يتم، كون مهمة الأحزاب تأطير قضايا الناس وخلق وعي ورأي عام.

 

وأضاف أن برنامج الإصلاح لم يفعَّل بسبب عدم وجود قانون انتخاب توافقي ومؤشرات لمجلس نيابي قادر على تمثيل الإرادة السياسية الرسمية، إذ إن الأحزاب والقوى الوطنية لم تحظَ بالوصول إلى مقاعد في البرلمان.

 

وأكد إرشيدات أن الإدارة الأردنية ما زالت بحاجة إلى إصلاح وترشيد، وأنه لا بد من تفعيل المساءلة حول الحوكمة التي تتم حالياً عبر الحوارات، وضرورة تحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية والمساواة وتحسين فرص المواطن اقتصادياً.

 

وحول الوضع على الساحة الأردنية، قال إرشيدات: "لقد تخطينا مرحلة فقدان الثقة وأن هناك فساداً مالياً وإدارياً"، مضيفاً أن المساءلة والشفافية تتطور، وأن الإصلاح يحتاج إلى مراحل طويلة بحيث تبني كل مرحلة على ما قبلها.

 

وبشأن التعديلات الدستورية، قال إرشيدات إن ثلث الدستور قد عُدّل، مشيراً إلى أن الإعلام الرسمي والخاص والرأي العام لم يطّلع على هذه التعديلات بما فيه الكفاية، رادّاً ذلك إلى "الزخم الذي كان موجوداً في الشارع الأردني".

 

• قشوع: سياسة توافقية لإنجاز الإصلاح

 

قال النائب والأمين العام لحزب الرسالة د.حازم قشوع، إننا لن نستطيع أن نقوم بالإصلاح أو نصل إلى توافقية حول قانون انتخاب يوائم بين الجغرافيا والديمغرافيا، إلا إذا تحققت ثلاثة عناوين: أولها، تحويل روافع المجتمع لتكون مدنية الطابع، وهذا لا يتأتى إلا بوجود أحزاب سياسية قادرة على تولّي زمام الأمور، موضحاً أننا لا نستطيع التحدث عن الحزبية في غياب الأحزاب، وأن المطلوب هو تمكين "العمل الحزبي"، وأن يكون هناك اعتراف فعلي ومباشر -كاعتراف الدستور والقانون- بدور الأحزاب في الحياة العامة بدءاً من الجامعات ومروراً بالبرلمان وانتهاءً بتشكيل الحكومات البرلمانية، للوصول إلى حالة قريبة من النموذج المغربي.
وأضاف قشوع أن العنوان الثاني هو تهيئة المناخ السياسي الذي نستطيع من خلاله تحقيق حالة التوافق المنشودة، مؤكداً أن الأخذ برؤى الملك حول الحكومة البرلمانية يتطلب قانون انتخاب مبني على قوائم وأحزاب فاعلة تشارك في الانتخابات، و"إنهاء الفردية في الأداء، والانتقال لحالة الجماعة والبرنامج والحيثية".

 

أما العنوان الثالث فيتعلق بكيفية توظيف الإرادة السياسية، مشيراً إلى أن الدستور بعد التعديلات التي جرت عليه يعدّ أفضل من الدستور المغربي في جوانب كثيرة، بخاصة في طريقة اختيار النواب في المجلس النيابي، واختيار الوزراء، ومنح الثقة على برنامج الحكومة.

 

وأكد قشوع أن ما نحتاجه هو "أرضية عمل مشتركة" يتفق عليها الجميع إيذاناً بالانطلاق إلى أفق أوسع، والمواءمة بين سيادة القانون وهيبة الدولة من جهة وبين الحالة الحزبية والديمقراطية من جهة أخرى، واصفاً ما حدث سابقاً من تسيّب وإساءة للإدارة العامة والإضرابات بأنها "تعدًّ على هيبة الدولة وسيادة القانون"، مضيفاً أن هناك مطالب مشروعة، لكن لا داعي لطرحها في الشارع ما دامت طاولة الحوار مفتوحة.
ودعا قشوع إلى ضرورة التأكيد على الثوابت عند الحديث عن الإصلاح، فالدستور وهيبة الدولة والثقة بمؤسسات الدولة من الثوابت، مضيفاً أنه ليس مقبولاً من أحد أن يتعدى على هيبة الدولة ومؤسساتها وأولها البرلمان، وكان ينبغي على مجلس النواب ومؤسسات الدولة التفكير بكيفية استعادة ثقة المواطن بهذه المؤسسات.

 

ولفت قشوع إلى أن علينا أن نصلح ضمن سياسة "تراكم الإنجاز"، فالإصلاح يأتي ضمن سياسة توافقية بما يمكن إنجازه ضمن إمكاناتنا، ثم يتم البناء على ما تم إنجازه.

 

وأكد أن واجب الجميع دعم مكانة الدولة والوصول إلى القواسم والجوامع المشتركة التي تحفظ للدولة ديمومتها وحضورها وأداءها، مشيراً إلى دور الإعلام في تسليط الضوء على النقاط الإيجابية وليس السلبية فقط، فالإعلام كما يرى "يتناسى الإنجازات الكبيرة على أرض الواقع".

 

• الكوفحي: "إصلاح" الدولة.. لا تغييرها

 

قال منسق الشؤون السياسية في مبادرة "زمزم" د.نبيل الكوفحي إن الوصول إلى حالة توافق يعدّ من الأولويات الأساسية التي يُنتظر أن تخلقها الحوارات، وهو أمر أصبح مسلّماً به ومطلباً للكل، إذ لا يمكن لأحد أن يبني الدولة منفرداً.

 

وأضاف أننا أمام هذه الحقيقة ليس لنا وسيلة أو مخرج إلا الجلوس والتحاور للوصول إلى توافقات حقيقية، والتنازل عن الاختلافات والابتعاد عن الخصومات.

 

وأوضح الكوفحي أن الحركة الإسلامية كانت وما زالت تقدم رسائل إيجابية، وأن معارضتها ليست مطلقة، فهي لم تلمس جانباً إيجابياً إلا وأشادت به.

 

ولفت إلى أن الحركة الإسلامية ليست على سوية واحدة، لكن هناك إجماع فيها، بأشكالها المختلفة، على ضرورة "إصلاح الدولة" وليس "تغيير الدولة"، كما أن هذه الحركة تعاطت مع أي تصريح سواء كان من الملك أو من الحكومة بإيجابية، لكن التجارب في السنوات الأخيرة كشفت أن هذه التصريحات والنوايا الطيبة تفتقر إلى "المصداقية العملية"، بدءاً من تزوير الانتخابات بعد التعهدات أمام الرأي العام بأن تجري بنزاهة.
وأضاف الكوفحي أن محاربة الفساد "انتقائية"، لافتاً إلى أن التعاطي مع هذا الملف بهذا الشكل يقلل من مصداقية محاربة الفساد.

 

وتابع الكوفحي بقوله إن الحركة الإسلامية رحّبت بالتعديلات الدستورية مع أنها "لم تكن كافية"، فقد كان للحركة ملاحظات كثيرة عليها، ومنها أن المواد الرئيسة والمفصلية التي تؤسس لعمل سياسي جاد ومتطور لم توضع، إلى جانب أن هناك تعديلات سلبية.
وبيّن أن الحركة الإسلامية تطالب في الوقت نفسه باحترام الدستور، فقد "تغولت السلطة التنفيذية والحكومات على البرلمان والقضاء"، والأمثلة كثيرة على حد تعبيره.

 

وأكد الكوفحي على ضرورة وجود اتجاهين في الإصلاح؛ أولهما الذي توافَقَ عليه الأردنيون وهو مثبت بشكل نصوص تشريعية في الدستور ولا بد من احترامه، موضحاً أن الإسلاميين كانوا ضد "الصوت الواحد" ومع ذلك خاضوا هذه التجربة في دورات 1993 و2003 و2007، لكن مشاركتهم هذه لم تُحترم بأن تجري الانتخابات بنزاهة.
وأضاف: "نسمع عن ظواهر مثل انتشار المخدرات وسرقة السيارات وعمليات غش جماعي في امتحان التوجيهي، وهناك بعض القطاعات لا تدفع فواتير الكهرباء، وهذه التصرفات ليست ذات دلالات سياسية، لكنها خطيرة"، مشيراً في سياق متصل إلى أن الحراكات الشعبية لم تعتدِ على مال عام أو خاص، وفي المقابل نجد في ظل "الربيع العربي" أن الاعتداء على أموال عامة متمثلاً بإحراق مباني بلديات ومتصرفيات وأكشاك شرطة لم يُعاقَب أحد عليها، متسائلاً: ألا تعلم الأجهزة الأمنية من قام بهذه الأعمال؟
وشدد الكوفحي على الحاجة إلى إرادة جادة في الإصلاح، وأن تكون هناك جهة موثوقة تلتزم بالاتفاقات، مشيراً إلى أن الحركة الإسلامية قاطعت لجنة الحوار لأنها "ليست على حجم حصة (الإخوان)"، ولاقتناعها بأن هذه التوصيات "لن تجد آذاناً صاغية".

 

وبيّن الكوفحي أنه يحق لخُمس البرلمان في فرنسا الطعن في أي قانون أمام المحكمة الدستورية، حتى لا تُحرم الأقلية من حقها في الطعن، أما في الأردن، لو اتفقت الأحزاب كافة على الطعن فإنه لا يحق لها ذلك، إلا في حال أوصت المحكمة المختصة بذلك.

 

وطالب الكوفحي بتشديد الرقابة على المال العام لإثبات المصداقية.

 

• الشناق: عمل الأحزاب وفق منهج الدولة

 

تساءل الأمين العام للحزب الوطني الدستوري د.أحمد الشناق عن حقيقة وجود استراتيجية برؤية وطنية مستقبلية لمشروع المملكة الرابعة في الأردن وفق ما يطرحه الملك من خلال أوراقه النقاشية، مضيفاً أن هذه الأوراق لم تناقَش ضمن حوار حقيقي وجاد.

 

وقال الشناق إن الأصل في الأحزاب أن تكون أحزاب دولة، وأن يُعتمد النظام الحزبي في إدارة شؤون الدولة، متسائلاً حول جدية الدولة الأردنية باعتماد النظام الحزبي في إدارة شؤونها كنمط استقر عليه الفقه الديمقراطي في الدول الديمقراطية الحديثة؟

 

وأضاف الشناق: عندما تُعتمد الأحزاب كآليات في هيكل الدولة السياسي، فإن هذا يتطلب منها العمل وفق منهج الدولة لتحقيق غايات الدولة وأهدافها.

 

وتابع الشناق تساؤلاته: هل سعت الدولة الأردنية لأن تكون أحزابها معبرة عن طبيعة النظام السياسي فيها، وأن يكون الحزب حزباً برلمانياً ملكياً؟ كما تساءل عن نمط الحزبية الذي يجب اعتماده في الأردن؟ مضيفاً أن هذه الجدلية لم تناقَش بعد.

 

وأضاف أن الحكومات المتعاقبة تعاملت مع الأحزاب على أساس تكتلي وشمولي (وفق عدد الأعضاء)، في حين أن نظام الحكم برلماني، أما الأحزاب فهي أحزاب مؤازَرة أو جمعيات، أو أحزاب "السوبر ماركت".

وأوضح الشناق أن تعريف الحزب ما زال غائباً في الأردن، فالأصل في الحزب أن يكون آلية شعبية للوصول إلى البرلمان، ما يعني أنه لا بد من اعتماد نظام انتخابي بأن تكون الحزبية آلية ما بين الشعب وصولاً للبرلمان، وبالتالي يكون دعم الدولة للبرنامج الذي يُقبل عليه الشعب وليس للحزب نفسه.

 

وأشار الشناق إلى التجربة السياسية النادرة في التاريخ المعاصر للدولة الأردنية في عام 1997، حيث التقت أحزاب عدة في ما يسمى "حزب الوسط" الذي أتى من تجربة حزبية عالمية على مدى قرون، تجمع بين اليمين واليسار. وأضاف أن أحزاب الوسط في الأردن جميعها أحزاب وطنية، وأن ذلك العام لم يبقَ فيه حزب وسطي في الساحة، فقد اندمجت تسعة أحزاب معاً في "الحزب الدستوري"، وصيغ برنامج بالقضايا والشؤون كافة تحضيراً للانتخابات، لكن هذا الحزب واجه –للأسف- معركة من أشرس المعارك التي يواجهها حزب وطني نابع من الوقائع الأردنية.
وبيّن الشناق أن قضية الاندماج والائتلاف بين الأحزاب تتحقق عندما تصبح الأحزاب آليات في هيكل الدولة السياسي من خلال الوصول إلى البرلمان. كما بيّن أنه يتفق مع مخرجات لجنة الحوار الوطني التي تطرقت إلى جميع الشؤون التفصيلية للدولة والشعب، آملاً أن تجد هذه المخرجات طريقها إلى التنفيذ، مشيراً إلى أن نقطة الضعف تكمن في عدم تفعيل المواد الدستورية.
وأضاف أن الإصلاح يتطلب مراجعة الدستور في بعض جوانبه، إذ توجد مواد دستورية لا بد من معالجتها حتى يكتمل النظام البرلماني بأركانه، مثل المادة التي تنص على أسباب حل البرلمان.

 

ورأى الشناق أن الحزبية هي مصنع القيادات، وأن القيادات تنطلق من وقائع أردنية تنهي القرار والاجتهاد الفردي في الدولة، كما تنهي إشكالية الجغرافيا والديمغرافيا التي تعد مشكلة مستقبلية وعقبة في طريق الإصلاح، فالحزبية تعمل على برامج وليس على أسس جهوية أو انطلاقاً من المنابت والأصول.

 

وقال الشناق: "وفق تجربتنا مع الحكومات، فإننا ذاهبون باتجاه قانون انتخاب بالمحاصصة"، آملاً أن يبقى تسجيل الأحزاب وترخيصها في وزارة الداخلية أو في دائرة المخابرات.

 

وطالب أن تكون مرجعية الأحزاب القصر الملكي وليس الحكومات، كون الحكومات تتغيّر، أما نظام الحكم فهو"نيابي ملكي"، وكلاهما (النيابة والملكية) ثابت، فالمعني فيه هو النظام السياسي الأردني، أي "جلالة الملك".

 

وشدد الشناق على موضوع المرجعية كي لا تذهب أوراق النقاش الملكية سدى، وكي لا يظل الرأي العام مشتتاً جراء عدم الثقة بالحكومات، داعياً إلى أن يكون اللقاء بين الأحزاب والملك لتنفيذ الرؤى الملكية.

 


• المعايطة: المحافظة على الدولة

 

قال الوزير السابق والكاتب الصحفي سميح المعايطة إن الدول والمجتمعات عموماً تشوبها النواقص والسلبيات، وإن عملية الإصلاح تعالج هذه النواقص، مضيفاً أن المطلوب هو أن نقتنع أن الإصلاح سيعالج المشكلات المتعلقة بالممارسات السياسية من جانب الحكومات، والنقص في التشريعات والدستور.

 

وأضاف المعايطة أن المجتمعات التي شهدت "الربيع العربي" ما زالت تحاول الكثير لتعالج بعض مشكلاتها. ورأى أن فترة "الربيع العربي" (2011-2013) شهدت ثلاثة توجهات داخل الدولة الأردنية، فبعد سقوط النظام في كلٍّ من تونس ومصر، صار المسار المحدد للدولة الأردنية الحفاظ على استقرار الدولة والمسير نحو الإصلاحات، وكانت الجدية والإرادة موجودتين، كي لا يحدث عندنا ما حدث عند سوانا، لذلك كان المسار هو المحافظة على الدولة وعدم الانزلاق إلى الفوضى الأمنية والسياسية ولغة الدم وخسارة الدولة.
وأضاف المعايطة أن الملك تحدث بالفطرة عن الإصلاح، ثم سرنا في تعديلات دستورية وتشريعات زاد حضورها عندما اتخذت الأمور في الإقليم مساراً أصعب، مثل تجربة الدم في سوريا وليبيا.

 

وبيّن أن الدولة الأردنية كانت تسير وعينها على ألاّ يتكرر النموذجان السوري والليبي بالساحة الأردنية. مضيفاً أن إصرار الملك على الانتخابات كان إصراراً إصلاحياً وليس إدارياً، فذهبنا بهذا الاتجاه، لكن ما جرى ليس هو المأمول، كما أن الأوراق النقاشية الملكية كانت تتحدث عن رؤية للمستقبل. ولفت المعايطة إلى أن الملك في خطابه أمام مجلس النواب طلب تعديل قانون الانتخاب، ما يدل على عدم رضاه عما جرى.
وأشار المعايطة إلى أن جزءاً من الحركة الإسلامية بالغَ في أوهامه إلى حد بدأ يفكر فيه بمرحلة ما بعد الدولة الأردنية والنظام السياسي الأردني. ورأى أن ما خرج من الحركة كان بعضه بطريقة غير موفقة بحيث أشاع الخوف والقلق، مشيراً إلى أن مبادرة "زمزم" واحدة من مخرجات الجدل الإسلامي، وأن الناس بعامة يؤكدون على نهج الإصلاح والمشاركة.
وقال المعايطة إن بعض الرسائل التي أُرسلت من أطراف الحركة الإسلامية لم تعبر عن النهج الذي تؤمن به تلك الحركة، وبعضها ذهب في منحى ربما بعث الخوف وعزز لغة المحافظة الشديدة.

 

وأضاف أن هنالك توجهاً ثالثاً تمثّله أحزاب سياسية وحراكات وقوى شعبية لديها وجهة نظر، وقدمت رؤيتها، لكن لم تكن لديها قوة دفع، كما أن بعض ممثلي هذا الاتجاه شارك في الانتخابات لكنه لم يصل إلى المجلس لعدم وجود رافعة تنظيمية له، مبيناً أن هؤلاء "موجودون، ويجب النظر إليهم باحترام".

 

وأوضح المعايطة أننا نحتاج إلى إطار سياسي وطني تكون أرضيته الأوراق النقاشية الملكية ورؤية الملك، لنرسم ملامح المرحلة القادمة ونضع شروط العملية السياسية المقبلة ونحسم موضوع الانتخاب والمشاركة والأطر السياسية، لافتاً إلى أن علينا أن نرسم خريطة طريق لمرحلة ثلاث سنوات أو أربع، فالعملية السياسية بحاجة إلى هذا الاطار الجدي، وليس إلى نظام المحاصصة، لأن الحياة السياسية ليست أحزاباً فقط، إذ يوجد ستة ملايين أردني خارج إطار الحكومات والأحزاب.
وبيّن المعايطة أن الإسلاميين بحاجة إلى مراجعة المرحلة الماضية ليعرفوا إن كانوا على خطأ أو صواب، وأن يقدموا أنفسهم عبر نهج المشاركة والإصلاح وليس عبر نهج لم يرضَ عنه البعض، مضيفاً أن الدولة والقوى والأحزاب السياسية يمكنها أن ترسم خريطة طريق محددة وفق رؤية ملكية لبناء مجلس نيابي جديد.

 


• العماوي: الإصلاح البرلماني

 

بدأ النائب د.مصطفى العماوي حديثه بتأكيده على ضرورة إصلاح مؤسسات الدولة وأولها البرلمان، مضيفاً أن البرلمان خطا في إصلاح نظامه الداخلي خطوات متقدمة حتى لو كانت بطيئةً، مستدركاً أن هناك بعض المواد في هذا النظام "لم تشْفِ الغليل" من حيث الإصلاح البرلماني. وتابع: "إذا لم يصلح البرلمان نفسه بنظامه ودستوره، لا يمكن أن يكون هنالك إصلاح في التشريعات الخاصة بالأحزاب والانتخابات.
ورأى العماوي أن الأحزاب يجب أن تكون الأقرب إلى البرلمان، وأن تضم نخباً تشارك في إيجاد تشريع توافقي في قانونَي الانتخاب والأحزاب، لافتاً إلى أن الحكومات تغولت على التشريعات والقوانين التي كانت "تمرّ" بتنسيق مع الحكومة أو بشكل شخصي وليس بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني.

 

ودعا العماوي إلى أن يكون هناك مبادرة في هذا الاتجاه من الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وبمشاركة الإعلام، مشيراً إلى أهمية تضمين النظام الداخلي لمجلس النواب مادة تنص على أن يكون الشهر الأول من عمر البرلمان تأهيلياً ليعرف النائب واجباته ويتعرف على النظام الداخلي للمجلس وعلى الدستور، وذلك لأن بعض أعضاء المجلس كانوا ضد التعديلات الدستورية رغم أن الملك أمر بإجرائها، وفُتح الباب على مصراعيه لتعديل الدستور، فعُدلت مواد وما زالت هناك مواد مبتورة، منها أن مدة رئاسة المجلس سنة واحدة، ما يجعل الرئيس مكبلاً أمام المجلس، وبالتالي تدخل الشللية والواسطة والمحسوبية في انتخاب الرئيس.
وقال العماوي إن الأحزاب تحكمها قوانين وأنظمة داخلية، وإن هناك ثوابت وطنية لا يمكن التخلي عنها. ورأى أن البرلمان في وادٍ والأحزاب في واد آخر، لكن مجموعة من النواب قد تصل إلى ثلثي المجلس تتعاون مع الحياة الحزبية في الأردن ليكون هناك إصلاح ديمقراطي سياسي وطني وفق ثوابت متَّفق عليها.

 

وأكد العماوي أن الشعب الأردني حافظ على الوطن في مرحلة "الربيع العربي" أكثر من مؤسسة الحكومة، كون الحكومات "كانت تسعى لخلق أزمات صعبة تواجه فيها المواطن"، مضيفاً أن هناك تصريحات جيدة صدرت عن الأحزاب والنقابات في مواجهة الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة، فقد كان هدف الحكومات إرضاء قائد الوطن حتى وإن كان ذلك بالتضليل، ما انعكس سلباً على الوطن، مبيناً أن مجتمعنا اجتماعي وليس أمنياً شرطياً، وأن عاداتنا وتقاليدنا الأردنية والإسلامية التي نعتز بها هي التي فرضت علينا المحافظة على الوطن في أوقات الأزمات وفي ظل التهاب الإقليم من حولنا.
وأشار العماوي إلى أن الأزمة السورية هي الأخطر في محيط الأردن، فهناك مثلاً 60 ألف طالب سوري في المدارس الأردنية، ما يتطلب خطوات من الحكومة لحل هذه الأزمة الخطيرة التي تؤثر في المجتمع، مضيفاً أن الحكومة بدلاً من ذلك تقدّم تسهيلات لخلق مشاكل اجتماعية، فأصبح القضاة الشرعيون يزوجون اللاجئين واللاجئات من دون وثائق، وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء أن منطقة الشمال "منطقة منكوبة"، فإنه لم يقدم أي شيء من طوارئ وإسعافات ومستشفيات ومدارس للتخفيف من حدة المشكلة.
وتوقف العماوي عند لجنة النزاهة التي تشكّلت مؤخراً، متسائلاً: نزاهة مَنْ؟ هل هي نزاهة الأشخاص أم المؤسسات التي يرأسها رئيس الحكومة؟ وأضاف: عند تفعيل التشريعات وتطبيق النظام والقانون، تتحقق العدالة وتسود النزاهة.

 

ورأى العماوي أن التوافق من أجل الإصلاح يجب أن يبدأ من النخب، ثم تتبعهم الأحزاب.

 


• أبو زيد: تحديد الثوابت والمتغيرات

 

رأى منسق عام حزب الاتحاد الوطني زيد أبو زيد أن العملية الإصلاحية في البلاد تواجه إشكالية تحديد الثوابت والمتغيرات، يتبعها تحديد آلية هذه المتغيرات. وأضاف أن الثوابت في حزبه التي لا يختلف عليها مع أيٍّ من مكونات الشعب، هي "الله والوطن والملك"، ودون ذلك يحق الاختلاف مع الجميع، ومع الحكومة وبرامجها غير الثابتة.
وأضاف أبو زيد أن هنالك أزمة سياسية خلقتها الحكومات المتعاقبة التي تغولت على المواطن وجارت على الوطن وأخلّت بميزان الإصلاح، وتعاملت مع قضايا الوطن بالقطعة، ولم تُقدم برنامجاً إصلاحياً واحداً ينظر بشمولية إلى هذه القضايا.

 

وبيّن أبو زيد أن قانون الانتخاب جزّأ المجزأ وقسّم المقسّم، ما أدى إلى إجهاض عملية إصلاح حقيقية عندما قام مجلس النواب السادس عشر بإقرار قانون القائمة الوطنية بدلاً من القائمة الحزبية. واستدرك أن قانون الانتخاب متغير، وأن قانون الانتخاب النهائي بالنسبة للأردنيين لم يحن موعده بعد، كما أن حزب الاتحاد الوطني اقترح أن يكون للقائمة الوطنية 75 % من عدد مقاعد مجلس النواب، لكنها نسبة غير نهائية، فهذا مرتبط بالنضج في كل مرحلة سياسية، وما يتوافق معها من قوانين ناظمة للحياة السياسية، مثل قانون الاجتماعات العامة وقانون الأحزاب وقانون الانتخاب، مشيراً إلى أن هذا "لا يكون بمعزل عن إصلاح اقتصادي واجتماعي شامل".
وقال أبو زيد إن العلاقة بين الحكومات المتعاقبة والقوى السياسية لها مرجعية تاريخية من عدم الثقة، وإن القضايا التي تتشارك بها جميع الأحزاب واحدة، فالجميع يريد الإصلاح، مضيفاً أن الخلاف هو في كيفية التعامل مع آليات هذا الإصلاح.

 

ورأى أن بعضهم ينحّي نفسه جانباً عن المشاركة الفعلية بالإصلاح بحيث يعلّق الأخطاء على قوى بعينها، أي الحكومات المتعاقبة، ولا يريد أن يكون مشاركاً حقيقياً أو أن يغير من موقع التغيير الحقيقي (أي عبر السلطتين التشريعية والتنفيذية).

 

وأكد أبو زيد الحاجة للإصلاح، مبيناً أن بداية الإصلاح تكون بأن تعترف الحكومات أنها أساءت للقوى السياسية، وأنها لم تتعامل بالأصول والتقاليد الحقيقية مع تلك القوى، وذلك بتمييع الحوارات التي تجريها معها، وتوسيع حلقة الحوار كي ينتهي بلا نتيجة.

 

وأشار أبو زيد إلى دور الحزب السياسي والفرق بينه وبين دور مؤسسة المجتمع المدني، لافتاً إلى أن التعامل مع القوى السياسية عند تشكيل الحكومات يكون شكلياً و "بروتوكولياً"، إذ تنخرط في ذلك الأحزاب، إضافة إلى الحراكات والنقابات والأندية والاتحادات النسائية مع أنها ليست ذات اختصاص بالإصلاح السياسي.

 

وبيّن أبو زيد أن الملك حدّد في الورقتين النقاشيتين الثالثة والرابعة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكيف يجب أن تكون؟ وفي الورقتين الأولى والثانية تحدث عن الحكومات البرامجية الحزبية، إما أن تكون من رحم الأحزاب أو أن تتحول الكتل إلى أحزاب. ورأى أبو زيد أنّه للآن لم تترجم الأفكار الملكية إلى واقع مجسد على الأرض باستراتيجيات وبرامج حقيقية تستطيع أن تخلّصنا من الأزمة التي يمكن أن نتركها خلفنا إذا اتجهنا فوراً إلى عملية إصلاح حقيقية تنطلق من هذه الأوراق النقاشية، ومما ورد في خطابات العرش الأخيرة.

 


• غرايبة: مرحلة بناء الدولة

 

قال القيادي في الحركة الإسلامية والمنسق العام لمبادرة "زمزم" د.رحيّل غرايبة، إن العمل الحزبي السياسي يمثل حالة من النضوج المجتمعي وثمرة تقدمية من إدارة الواقع السياسي. وأضاف أننا يجب أن نُقر جميعاً -حكومةً وأحزاباً وقوى سياسية ومجتمعية- أننا في مرحلة انتقالية، وأننا لم نصل إلى مرحلة التنافس الحزبي والبرامجي، لذا فإن علينا أن نتعاون للوصول إلى هذه المرحلة.
وتابع غرايبة: "إذا اتفقنا أن هذه مرحلة انتقالية، عندها يجب أن نخضع لمقتضياتها من مشروع إعادة بناء الدولة، وإعادة بناء المؤسسات وتوصيف شكل الدولة القادم، وكذلك الاتفاق على قواعد اللعبة السياسية قبل الذهاب إلى صندوق الاقتراع والوصول إلى مرحلة التنافس، مؤكداً أن هذا المشروع للجميع وليس لفئة أو حزب أو مكوّن معين، وأننا يجب أن ننخرط جميعاً في مشروع بناء الدولة وإعادة بناء المؤسسات، وأن نتفق على صيغة إبداعية تستوعب جهود الأحزاب والمكونات والأفكار التي يختزنها المجتمع الأردني على مستوى الجامعات والمفكرين.
وشدّد غرايبة على أهمية الاتفاق على توصيف للدولة، مبيناً أنه ليس لدينا أحزاب بالمعنى الحقيقي للكلمة، كما أننا نتمترس في خنادق وأحياناً نمثل أيديولوجيا أو نمثل فكراً قومياً أو نكون أتباعاً لأفكار أخرى أو نفكر بمكاسب للأحزاب، مضيفاً أن الجميع بلا استثناء يسعون إلى الاستحواذ ولا أحد يريد أن يقبل بالآخر.

 

ورأى غرايبة أننا لسنا متفقين لا على قواعد الدولة ولا على شكلها ولا على مقتضياتها ولا على بناء المؤسسات، متخوفاً من أننا نسير نحو المأزق نفسه الذي سارت عليه بلدان عربية أخرى، كوننا لم نتفق على معالم المرحلة القادمة، وعلى مشروع بناء الدولة الذي يعد مشروعنا جميعاً، وليس مشروع حزب أو فئة معينة، فما يحصل في مصر هو نتيجة عدم اتفاق جميع الأطراف على شكل النظام القادم بعد أن اتفقوا على إزاحة النظام السابق.
كما رأى غرايبة أن الأحزاب تعدّ أولوية في الوقت الحاضر، شرط أن تكون وطنية، مضيفاً أنه يجب التعامل معها بمسؤولية من قِبَل جميع الأطراف. وأكد أننا نعيش في مرحلة تستدعي وجود كل الأطراف، والتنازل عن الخصوصيات، ليس عن الثوابت، إذ إن ثوابت الدولة يجب أن يخضع لها الجميع، وأن تراعى المرجعية الوطنية العليا، بحيث لا يكون هناك "اختلاف على الدولة", لافتاً إلى أن الأردن فيه "قدر من التعايش" يجب أن نحافظ عليه.
وقال غرايبة إنه ليس مع هدم ما تم سابقاً من إنجازات وأفكار، وفي الوقت نفسه هذا لا يعفي من الاستجابة لمقتضيات التوافق الضروري على المرحلة الجديدة، فالمصلحة الوطنية العليا يجب أن تكون فوق المصلحة الحزبية والتوجهات الفكرية لأيّ حزب.

 

وأكد أننا في مرحلة لا يمكن لأي جهة أن تستفرد بها في القيادة وحدها، وأننا نحتاج إلى الاتفاق على صيغة تكون فيها المشاركة لكل القوى في الانتخابات وفي بناء المؤسسات واستقرارها، وهذه أولوية تسبق أولوية الحديث عن البرامج الحزبية والتنافس الحزبي الذي لم نصل إليه بعد.

 

كما شدّد غرايبة على ضرورة اتفاق الجميع، ليس فقط على قواعد الحوار ومبادئه ومضامينه، وإنما على الأمور التي تسبق الحوار وتعد العوامل الكفيلة بنجاحه، مبيناً أن الحوار الوطني تم فيه فَرَضَ شخصيات معينة من دون استشارة الجهات التي يمثلونها، كما حدث مع الحركة الإسلامية.

 

وأضاف أنه ينبغي ألاّ تكون هناك وصاية على طريقة الاختيار أو على الأجندة والمخرجات، وأن يعرف المتحاورون أن نتائج حوارهم ستذهب إلى التنفيذ، وإلاّ ستضاف إلى "كلنا الأردن" و"الأجندة الوطنية" و"الميثاق الوطني" و"الأردن أولاً".

 

وأشار غرايبة إلى أنه شارك في بعض الحوارات في البحر الميت، وتم تقسيمهم إلى ورشات وغرف متسائلاً: أين ذهبت هذه التوصيات وما مقدار الجدية في التعامل معها؟ ومن هو الطرف المعني بمتابعة مخرجات هذا الحوار والتوافقات التي تمت، وكيف نجد الضمانات؟

 

وبيّن غرايبة أن الثقة بين الأطراف الفاعلة في الدولة تهشّمت، وأنه لا يوجد ثقة بين الأحزاب والحكومات، وأن هناك تدهوراً في الثقة أيضاً بين المكونات الحزبية نفسها، فمثلاً جبهة العمل الإسلامي لا تجتمع مع لجنة التنسيق العليا للمعارضة منذ ثلاثة شهور، ولا تتواصل معها، مما يزيد الخلافات والانقسامات، وهذا ليس في مصلحة الشعب أو الدولة أو هذه المكونات. فالأولوية الآن هي في كيفية زيادة مساحات التوافق والتقليل من منسوب التوتر والانقسام السياسي الذي يؤدي إلى انقسام مجتمعي.

 


• المعايطة: أهمية الأوراق الملكية

 

أكد الناشط السياسي والوزير الأسبق م.موسى المعايطة أن الإشكالية في العالم العربي تكمن في كوننا غير متفقين على شكل الدولة المطلوبة أو الدولة الوطنية المدنية، بصرف النظر عن التفاصيل، مضيفاً أنه لا يحق لأيٍّ كان أن يقرر وحده مضمون الدولة وشكلها من دون تفويض من الشعب وعبر الاقتراع.

 

وتابع أن الحوار ضروري للاتفاق على ثوابت شكل الدولة، ومن بعدها تسهل الأمور وتُحَلّ الإشكاليات.

 

وأكد المعايطة على أهمية ما جاء في الأوراق النقاشية الملكية وفي الورقة الرابعة تحديداً، إذ إنها تقرّبنا من الواقع الأردني، عادّاً هذه الأوراق مرجعية وطنية يجب التمسك بما جاء فيها والبدء بالحوار على أساسها لأنها تحدّد جميع الثوابت.

 

كما أكد أن هذا الحوار يأتي من أجل تحقيق أهداف أساسية منها المواطنة وإشكالية تطوير المجتمع التي لا تتم إلا بتطوير الديمقراطية والتعددية السياسية، مضيفاً أنه حتى الحكومة البرلمانية لا نجاح لها إلا بوجود أحزاب سياسية مفعّلة وليست شكلية، فالحزب السياسي هو وسيلة لحل الإشكالات وتمثيل المجتمع وتوحيده، بدلاً من الاختلاف على أسس عشائرية أو إقليمية، فالمواطنة توحّدنا ولا تفرقنا.
وقال المعايطة إن هناك قضيتين لا بد من التركيز عليهما: تطبيق سيادة القانون وإعادة الهيبة له، فلا يوجد ما يسمى "هيبة الدولة" بل "هيبة القانون"، وثانياً: كيف نطور ديمقراطية قائمة على التعددية السياسية لنصل بالنهاية إلى تشكيل برلمانات ذات أغلبية حزبية منطلقين من الثوابت الوطنية الأردنية؟

 

وأضاف المعايطة أن علينا الاستفادة مما جرى في دول "الربيع العربي"، فالأغلبية تعني احترام الأقلية ورأيها ومشاركة الجميع، ولا تعني "أخذ كل شيء".

 

وشدّد المعايطة على أهمية الاتفاق على الثوابت وإنهاء القضايا الإشكالية قبل البدء بالحوار، مشيراً إلى أن التعديل الذي طال الدستور كان إيجابياً بالرغم من وجود نواقص فيه، وتابع: المادتان 34 و35 من الدستور يجب الحفاظ عليهما، لأنهما تشكّلان ورقة عمل لإصلاح سياسي تدريجي آمن، ولا تمنعان من تشكيل حكومات برلمانية ذات أغلبية حزبية.. مضيفاً أن النصوص لا تغير الواقع السياسي، لكن الواقع السياسي هو الذي يغير النصوص، لذلك علينا البدء بالواقع السياسي، وبالحوار على الثوابت، وعندها سيتطور الدستور مستقبلاً، ويمكن البدء بقانون انتخاب توافقي يساعد في تحقيق هذه الأهداف.

 

• الحباشنة: ولاية الحكومة

 

قال عضو الهيئة التأسيسية المؤقتة لحزب المؤتمر الوطني د.علي الحباشنة، إن "العائلة الهاشمية هي الضمان الوحيد لاستقرار الوضع في الأردن"، وإن هذا أمر لا يختلف عليه اثنان.

 

وأضاف أن الأحزاب التي نشأت منذ عام 1992 شاركت في مجالس النواب والحكومات على مدى 22 سنة، وكان الفساد السياسي والاقتصادي منتشراً وهي تعرف ذلك، لكنها لم تحرك ساكناً.

 

وتابع الحباشنة: طالبنا بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية قبل "الربيع العربي" بسنة، كما طالبنا بأن تكون الحكومات صاحبة الولاية وفق الدستور، وأن يُحسم موضوع "المواطنة" من باب الحرص.

 

وواصل الحباشنة: خرجنا في أول مسيرة تطالب بالإصلاح أمام المسجد الحسيني، وللأسف فإن "الإخوان المسلمين" لم يشاركونا في ذلك، على اعتبار أننا "قوة طارئة على القوى السياسية"، لكن المفاجأة أن هذه المسيرة كانت كبيرة، واكتشفنا أن الشعب متعطش لعملية الإصلاح، فقامت القوى المجتمعية والمتقاعدين والعمال بقيادة حركة الإصلاح، في حين بقيت الأحزاب بمنأى عن ذلك، ولم تقم بأي نشاطات حقيقية على أرض الواقع.
وحول الاعتداء على المال العام، قال الحباشنة: "كيف نلوم هؤلاء وهم يرون وجود فاسدين بيننا؟ فلا يمكن أن تطلب من المواطن أن يحترم القانون، في حين أن الدستور نفسه لا يوجد احترام له".

 

وأضاف أنه طالب في لجنة الحوار الوطني بقائمة وطنية، وواجه معارضة كبيرة جداً داخل اللجنة، إلا أن القائمة الوطنية تحققت في النهاية، لكن الحكومة "لعبت" بها واستدرجت القوى السياسية والمجتمعية إلى الانتخابات، و "لعب" المال السياسي دوره، فظهرت 61 كتلة على أساس عشائري وجهوي، وتابع: "كنا نقصد من القائمة الوطنية خلق قيادات شعبية حقيقية من خلال الانتخابات".
ورداً على من يقول إن الحراك توقف، قال الحباشنة إن الحراك لديه من الوعي الشيء الكثير، وإن القوى الوطنية تضع مصلحة الأردن فوق كل المصالح، وعندما شاهد الحراكيون ما يحصل في الجوار، وخاصة في سوريا، خافوا أن تنتقل هذه العدوى إلينا، إذ لا يتطلب ذلك سوى اللعب بورقة مثل (أردني-فلسطيني)، لكن الحراك الشعبي لدينا يتحلّى بالمسؤولية.
ولفت الحباشنة إلى أن تكرار إضرابات العاملين في الوزارات والدوائر أخطر من حراك الشارع.

 

• الرواشدة: الحوار بين الأحزاب والنواب

 

أكد النائب السابق م.وصفي الرواشدة أن الأحزاب أخفقت في التعامل مع الحراك الشعبي، وأن كثيراً منها حاولت ركوب الحراك لتحقيق بعض مصالحها.

 

وقال الرواشدة إن الدولة تعاملت مع الحراك بطريقة "خاطئة"، إذ حاولت القضاء عليه من خلال التخويف والابتزاز، وأحياناً بـ "الدفع من تحت الطاولة"، بدلاً من التعامل معه على أنه بوصلة توجهها نحو إخفاقاتها.

 

وأضاف أن جلالة الملك "صادق في توجهاته في عمل الإصلاح"، مشيراً إلى أنه إذا تمت عملية إصلاح حقيقية فإن هناك بعض الرموز الموجودة على الساحة لن تكون لها حياة سياسية، كونها ستخضع لعملية "فلترة" تمنع وصول الأشخاص "غير النظيفين" إلى الحياة السياسة، وتفرز قيادات واعية وصادقة للأردن.

 

ورأى الرواشدة أنه غير مؤمل من مجلس النواب بتشكيلته وقوانينه الحالية "أيّ دور"، وأضاف أن التعديلات الدستورية "فيها قصور في نقاط عدة"، مؤكداً أن "إنقاذ" هذا الوضع يتم بتشكيل مائدة مستديرة تدعى إليها جميع الأطراف، ليكون "الخروج من المتاهة ومن الخندقة" عبر التوافق.

 

ولفت إلى أن كل مجلس نيابي تتوافر فيه "قيادات واعية" يمكن أن يتم الحوار معها، موضحاً أنه كان يتأمل خلال عضويته في مجلس النواب أن يكون هناك حوار بين الأحزاب السياسية، فقد كان يُنظر إلى المجلس من قِبَل أي حزبي على أنه "غير شرعي" ويخلو من القيادات.

 

وبيّن أنه كان وما زال ضد قانون الانتخاب الذي تم تشريعه، وأن كل لجان الحوار التي تعهّد بها جلالة الملك وكان الضامن لمخرجاتها لم يتم الالتزام بها، مؤكداً على "ضرورة وجود البطانة التي تعين الملك".

 

وسجّل الرواشدة عتبه على جميع الأحزاب، وعلى رأسها جبهة العمل الإسلامي التي كان يُفترض بها تقديم مشروع قانون للانتخاب، متسائلاً: أين الحزب الذي قدم لنا مشروع قانون حتى ندرسه ونقول إنه يلبّي ما نرنو إليه؟

 

• التوصيات

 

- ضمانة مخرجات الحوار

 

قال القيادي في الحركة الإسلامية والمنسق العام لمبادرة "زمزم" د.رحيّل غرايبة إنه يقترح للاندماج الفاعل ومشاركة الجميع بمسيرة الإصلاح، مبادرة تجتمع عليها كل القوى السياسية والأحزاب ومؤسسات الاجتماعية المدني بمشاركة الملك والجانب الرسمي، للاتفاق على شكل الدولة وثوابتها وقواعد اللعبة السياسية.
ورأى أنه يمكن للحوار أن يكون متواتراً وبصدور مفتوحة ومن دون وصاية، للخروج بمضامين تأخذ طريقها للتطبيق بضمانة رأس الدولة.

 

- اللعبة الديمقراطية

 

اقترح الناشط السياسي والوزير الأسبق م.موسى المعايطة حواراً يشارك فيه الناس والقوى المجتمعية كافة، بحيث يكون حواراً لبناء أسس قواعد اللعبة الديمقراطية انطلاقاً من الثوابت الوطنية وبالاستفادة من الأوراق النقاشية الملكية.

 

- لجنة ميثاق وطني

 

قال الأمين العام للحزب الوطني الدستوري د.أحمد الشناق إن التغيرات التي طرأت في الإقليم "المشحون بالتقلبات والمفاجآت"، وضعت الأردن في "نقطة اللا عودة إلى الوراء، وفي الوقت نفسه في نقطة اللا انتظار".

 

وأضاف أن حرص الأردنيين على الدولة هو أحوج ما نكون إليه في ظل التحولات التاريخية، وأن علينا أن نتجاوز مفهوم "جلسة حوار"، فالأردن بحاجة إلى لجنة ميثاق وطني تعيد إنتاج المفاهيم السياسية للدولة على اعتبار أن الأحزاب والتعددية السياسية نقطة قوة للنظام السياسي وليست نقطة ضعف.

 

وبيّن الشناق أن نجاح الدولة على المستوى الداخلي يكون بإيجاد رجال دولة على مستوى الوطن عبر العمل الحزبي بآليات شعبية متوافَق عليها كالأحزاب، مضيفاً أن الدولة القوية هي الدولة الفاعلة على مستوى الإقليم والعالم، وإننا لا نريد أن يضيع موقع الأردن من خلال تغيير مفهوم الدولة الفاعلة. فالأردن تاريخياً لا يتجاوز المنعطفات الحادة إلا بوجود الدولة القوية.

 

- مؤتمر وطني

 

أكد أمين عام حزب التيار الوطني والوزير السابق د.صالح ارشيدات أهمية عقد مؤتمر وطني شبيه بلجنة الميثاق الوطني 1990، مشيراً إلى أن حزب "التيار الوطني" كباقي الأحزاب، لم يشارك في الحراك لاقتناعه بالأجندة الإصلاحية التي طرحها الملك، ولأنهم بانتظار انتهاء الحوار الوطني والتعديلات الدستورية، مضيفاً: "لم نُرِدْ أن نكون في موقفين مختلفين تماماً، خصوصاً أن الحراك طرح شعارات غير مسؤولة أحياناً كنا ضدها، وتحديداً في ما يتعلق بجلالة الملك وبدوره الدستوري".

 

- أسرة أردنية واحدة

 

قال النائب والأمين العام لحزب الرسالة د.حازم قشوع، إن من سمات القائد أن يكون خطابه جامعاً، وأن يقرأ الحالة كما يجب، وأن يدرك أنه عندما يرتجل خطاباً فإنه سيصل إلى كل الأردنيين.

 

وأضاف أن أي عنوان مرحلي قادم، من أبرز أولوياته أن نعترف ببعضنا بعضاً، بوصفنا مكونات الشعب الأردني الواحد، وأن ننطلق من الثوابت الوطنية، وليدرك الجميع أننا أسرة أردنية واحدة، لا تمييز بيننا.

 

وأكد قشوع أن البداية تكون ببوصلة إصلاحية تبدأ بالحوار والتوافق لمساعدة صانع القرار، ومن ثم يتم الانتقال إلى قانون الانتخاب وكيفية تمكين الأحزاب وإصلاح البرلمان.

 

وشدد على أن الحركة الإسلامية "جزء أصيل من نسيجنا السياسي والمجتمعي، نعتز به"، موضحاً أن الأصوات التي خرجت من هذه الحركة في فترة "الربيع العربي" لم تتحدّث إلا عن الإصلاح وهذا يُحسب ويُسجل لها. ورأى أن الأردن اجتاز المرحلة بسياسة حكيمة راشدة، وأنه لولا انتقال السياسة الأردنية الخارجية من موقع ردة الفعل إلى موقع الفعل المباشر لما استطعنا الوصول إلى ما وصلنا إليه من أمن واستقرار.

 

- خريطة طريق أردنية

 

قال الوزير السابق والكاتب الصحفي سميح المعايطة إنه توجد روافد لحالة "الربيع العربي" خلال السنوات الثلاث الأخيرة لا بد من التخلص منها سواءً أكانت مرتبطة بعدم الثقة أو بعدم المصداقية، إضافة إلى خطاب بعض الجهات وبعض الكوامن التي تحملها الدولة، ودعا إلى وضع إطار وطني لرسم خريطة طريق أردنية إلى حين موعد استحقاق الانتخابات النيابية القادمة.

 

- مبادرة "زمزم"

 

دعا منسق الشؤون السياسية في مبادرة "زمزم" د.نبيل الكوفحي إلى الحوار من أجل الوصول لتوافقات وطنية في ما بين جميع الأطراف، مقترحاً أنه بعد اتفاق الجميع يتم إشراك الملك أو الحكومة في ما يتم الوصول إليه، مبيناً أن القوى السياسية بحاجة إلى رسائل طمأنة وترطيب أجواء عملية من أصحاب القرار، إذ ما زالت الرسائل العملية غير مطمئنة بالرغم من الرسائل النظرية التي تقدّرها القوى السياسية وترحّب بها.
وقال إن مبادرة "زمزم" تعدّ دعوة جادة وبرنامج عمل لحوار وطني جاد للوصول إلى حالة توافق.

 

- إصلاح قانونَي الانتخابات والأحزاب

 

أكد منسق عام حزب الاتحاد الوطني زيد أبو زيد أن جميع القوى السياسية جزء من الحراك، لأنهم مؤمنون بالديناميكا ويتحركون بشكل منظم وبشكل برامج في مجلس النواب وفي الشارع وفي الملتقيات، فالجميع يؤمن بالحراك المنظم الذي يؤدي إلى "نتائج حقيقية".

 

وأضاف أن التغيير سهل، فعند وقوع "ربيع المنظومة الاشتراكية" كان المخرج سهلاً، كما أن الانتقال من الشمولية إلى التعددية موجود في جميع الديمقراطيات، وليس هناك خلاف على ضرورة الإصلاح الاقتصادي، بل الخلاف على ماهية الشكل الديمقراطي الذي نريد. مضيفاً أن مصنع الديمقراطية هو البرلمان، والأدوات هي الأحزاب، فلا إصلاح من دون إصلاح قانونَي الأحزاب والانتخاب.

 

- دور الإعلام

 

دعا النائب السابق م.وصفي الرواشدة إلى التركيز على دور الإعلام الذي يوفر البيئة اللازمة لإنجاح أي ندوة أو مائدة مستديرة لتحقيق أهدافها المنشودة للخروج من الأزمة التي يشهدها الوطن.

 

- دعوة للحوار

 

قال النائب د.مصطفى العماوي: بما إننا متفقون على شكل النظام وثوابت الوطن، فلا بد أن نتداعى جميعاً، وأن نكون متساوين ونعترف ببعضنا بعضاً.. مبدياً استعداده وبالتنسيق مع زملائه في مجلس النواب لتبني مخرجات هذه العملية، بحيث يكون هناك ممثلون عن كل حزب أو قوة إصلاحية.

 

- الإراده السياسية

 

أكد عضو الهيئة التأسيسية المؤقتة لحزب المؤتمر الوطني د.علي الحباشنة على ضرورة توافر الإرادة السياسية للإصلاح والتغيير، مشدداً على الانتهاء من موضوع "المواطنة".