سيناريوهات تشكيل الحكومات المقبلة

21/02/2012


ندوة في " مركز الرأي للدراسات " تناقش :

سيناريوهات تشكيل الحكومات المقبلة

اتفق مسؤولون وخبراء وحزبيون وناشطون سياسيون وأكاديميون، على أن الفترة المقبلة ستشهد تحولاً في آلية تشكيل الحكومات، لتكون حكومات «منتَخَبة»، لكن تباينات ظهرت في آرائهم حول مفهوم «الانتخاب» في هذا السياق: هل يتم بشكل مباشر من المواطن، أم عبر هيئة وسيطة?

جاء ذلك خلال الندوة النقاشية التي نظمها مركز الرأي للدراسات، بحضور رئيس التحرير المسؤول في «الرأي» الزميل عبد المجيد عصفور، وأعدّ لها الزميل ثامر العوايشة.

ولفت وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية حيا القرالة خلال مداخلته في الندوة، إلى ما سماه «ثورة تشريعية» في منظومة الإصلاح السياسي في الفترة الأخيرة، عبر قوننة مخرجات الحراك الشعبي بإصدار حزمة تشريعات تلبي مطالبه.

وتضمنت المداخلة ردوداً وتعقيبات على آراء المشاركين، تلتها جولة أخرى من النقاش المتبادل لتوضيح الأفكار المطروحة بشأن السيناريوهات التي يمكن أن تحتكم لها آلية تشكيل الحكومات.

وتطرقت الندوة لقضايا ذات صلة بآلية تشكيل الحكومة، من بينها قانونا الانتخاب والأحزاب، وما يثار حول عملية التجنيس، وفي هذا الصدد أكد الوزير أن الحكومة الحالية لم تقرر أي عملية تجنيس، وأضاف: «لا أوافق على عملية التجنيس سواء كانت جماعية أو فردية، ولا تسمح لي أخلاقي ومهنيتي ووطنيتي أن أقبل في عملية تجنيس لا تخدم المصلحة الأردنية».haya1

 

أدار الندوة: د.خالد الشقران

اعدها للنشر: هادي الشوبكي وجعفر العقيلي

أعدّ لها : ثامر العوايشة

شباط 2012

 

 

 

تالياً أبرز ما تضمنته الندوة:

النائبة أبو علبة: الحكومة المنتخبة هي الحل

بدأت النائبة عبلة أبو علبة حديثها بقولها إن موضوع التعديلات الدستورية وتداول السلطة وانتخاب الحكومات طرحت في برامج المعارضة وسياساتها – رغم أنها كانت محظورة – منذ العام 1974، وبقيت قيد التداول والتعبئة السياسية طوال عقود مضت.
وأوضحت أن موقف أحزاب المعارضة كان واضحاً ومحدداً بشأن لجنة الحوار الوطني بدءاً من طريقة تشكيلها مروراً بطبيعة الحوارات غير المعلنة، وانتهاءً بما آلت إليه الأمور.

وبيّنت أبو علبة أن أحزاب المعارضة رأت أن تضم اللجنة ممثلين عن الأحزاب السياسية أو نقابة المحامين، أي من فئات أخرى بعيداً عن الشخصيات التقليدية، فهناك كفاءات في المجتمع ويجب إشراكها. في تلك الأثناء كانت هناك حالة من الضغط باتجاه ضرورة تعديل جميع المواد الدستورية، بما ينقل البلاد إلى حالة نوعية من التطور الديمقراطي، وهذا لن يكون إلا بتعديل المواد التي تنص على طريقة تداول السلطة التنفيذية، لكن ما حدث أن 42 مادة أحيلت وأضيفت مادة واحدة من جانب الحكومة السابقة ليصبح هناك تعديل على مادة فقط، 43 وكان هناك ديوان التفسير الذي يمنع أيّاً من الجهات، تحديداً مجلسّي النواب والأعيان، من إضافة أي مواد أخرى للتعديل، وفي النهاية لم يحدث أي تعديل حول هذا الموضوع.

وقالت إن هذا يعني أن مطلب التعديلات الدستورية لدى القوى السياسية الناشئة أو القوى الاجتماعية بقي قائماً حتى اللحظة، داعيةً إلى الاستمرار بتعديل المواد التي تنص على التداول السلمي للسلطة، وهو أمر ما زال مطروحاً في الحراك الشعبي، رداً على مرحلة سياسية كاملة غابت فيها المشاركة الشعبية المنظمة عن صناعة القرار، والحلّ المطروح هو الحكومات المنتخبة.

وبشأن المشاركة الشعبية، قالت أبو علبة إن هناك نماذج مختلفة في البلدان العربية المحيطة، ولكن علينا في الأردن أن نتخذ نهج التعدد في موضوع المشاركة، بدءاً من تعديل قانون الانتخابات النيابية وانتهاءً بانتخاب الحكومات والتصويت عليها، فحجر الزاوية هو قانون الانتخابات النيابية الذي يجب أن يشكل أرضية صالحة لتكريس التعدد، وليس تكريس الحزب الواحد أو الثنائية السياسية.

ورأت أن الثنائية السياسية باتت موضوعاً يجب أن يثير قلقنا، لأن الشعارات المطروحة في الشارع، تتعلق بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية السياسية والكرامة والمساواة، وهي شعارات يمكن أن يدير نظامَها في أي مجتمع الإيمان بالتعدد وممارسة هذا التعدد واحترامه، وليس المقصود بالتعدد هنا تعدد الرأي، بل مشاركة كل تيار وفق حجمه في جميع الهيئات التشريعية. ودعت أبو علبة إلى وضع قانون انتخاب يعطي كل ذي حق حقه، وتختبر فيه القوى السياسية والاجتماعية وقواعدها وكوادرها وقياداتها وسلوكها السياسي في الشارع، لإعطائها الفرصة عبر قوائم.

وهذا لن يتحقق بحسب أبو علبة، إلا بوجود قانون انتخاب ديمقراطي يعطي مجالاً لمثل هذا التعدد ويؤسس له، وموضوع التعدد ليس مسألة أخلاقية، بل هو قضية سياسية وديمقراطية من طراز رفيع، فنحن نريد سلطة تنفيذية تتشكل على أساس ديمقراطي.

صالح العرموطي: محددات دستورية لتشكيل الحكومات

أكد نقيب المحامين الأردنيين السابق صالح العرموطي إن مبدأ الفصل بين السلطات هو لصيانة الحريات ومنع الاستبداد، فتركيز السلطة بيد واحدة لا يكون إلا في الدول الدكتاتورية والأنطمة المطلقة التي من شأنها إساءة استعمال السلطة وتنتهي بالقضاء على حريات الأفراد.
وأضاف أن مبدأ الفصل بين السلطات يكون كالسلاح لمواجهة الحكومات المطلقة التي تجمع السلطات بيدها، وحتى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1989 ينص على أن كل جماعة سياسية لا تحترم الحريات ولا حقوق المواطنين أو مبدأ الفصل بين السلطات، هي غير دستورية وغير حرة.
وأوضح العرموطي أن ليس كل ما لدى الأجنبي يمكن اتخاذه نموذجاً لنا، فليكن للأردن ديمقراطية ذات خصوصية، ولا يضيرنا أن نبقى نجلد الذات في ما يتعلق بالتجارب، فلدينا عاداتنا وتقاليدنا وذقنا الأمريّن من الترجمة الحرفية للقوانين والتشريعات التي لا تنسجم مع هذه العادات والتقاليد.
ورأى أن دولة المؤسسات والقانون التي نتغنى بها دائماً، يجب أن تنزع الصلاحيات من السلطة التنفيذية بما يتعلق بالتشريع والقضاء، فعندما كانت المادة 94 موجودة في العام 2001، كان هناك ما لا يقل عن 230 قانوناً مؤقتاً أقلقت القاضي والمحامي والمواطن، ففي الأصل يجب أن يكون هناك فصل بين السلطات الثلاث، ولا يضير أن يكون هناك تنسيق، وكشف العرموطي عن قناعاته بأن تعديل الدستور زاد عدد السلطات من ثلاث إلى خمس سلطات حيث أضيفت المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة.
وبيّن أن الذين رأوا أن التعديلات الدستورية هي خطوط حمراء، والذين قاطعوا النواب الذين طالبوا بتعديلات دستورية، شاء القدر أن يكون التعديل على أيديهم، فوُضعت تعديلات من لجنة لا يوجد في عضويتها فقيه دستوري واحد. واستذكر العرموطي ما حدث في عام 2005، عندما كلَّف الملك لجنة لإنشاء محكمة دستورية، إذ خلص هؤلاء إلى أن «لا ضرورة لإنشاء محكمة دستورية في لجان الأردن أولاً».

وقد نصّ الميثاق الوطني على أن تكون هناك تعديلات دستورية، وتم تشكيل لجنة الأردن أولاً والأجندة الوطنية، وكان العرموطي عضواً في لجنة التشريع التي صرّح رئيسها بأن التعديلات الدستورية خطوط حمراء. وأضاف نقيب المحاميين: «لم نر أن هناك تطوراً في الإصلاحات التي نسعى إليها، فالإصلاح لا يكون إلا في ظل الديمقراطيات، والديمقراطيات لا تكون إلا في ظل الحريات، واستكمال السلطة القضائية أساس للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي».

وبيّن أن لدينا حزمة من التشريعات في ظل التعديلات الدستورية تجاوزت 60 قانوناً، والآن بين يدينا مجموعة قوانين أساسية، هي: المحكمة الدستورية، والهيئة المستقلة، وقانون الانتخاب والقضاء الإداري. وهذه تتطلب توافر الإرادة لإنجازها وأن لا يتم خرق الدستور في تشكيل مجلس الأعيان مثلاً.
وقال العرموطي: معظم التعديلات التي طرأت على الدستور أنا معها قلباً وقالباً، ولا اعتراض سوى على تعديلين أو ثلاث، وهي جميعها غايتها الإصلاح، وأنها تنص على أن الأسرة قوامها المجتمع، وأضاف: كبت الحريات والاعتداء على حياة الأشخاص جريمة يعاقب عليها الدستور، ولكن الأمور على أرض الواقع خلاف ذلك.
وأضاف: كنت أتمنى على مجلس النواب أن يقف موقفاً صارماً من دسترة محكمة أمن الدولة، فالمواطن المدني والعسكري في دستور 1946 لا يحاكَم إلا أمام المحاكم النظامية، ولكن اللجنة القانونية في المجلس أجازت أن يحاكَم المدني أمام قاضٍ عسكري، في وقت تم فيه إلغاء محاكم أمن الدولة في العالم وأصبحت غير معترف بها.
وناقش العرموطي مسألة التمثيل النسبي، في ظل أن المادة 67 من الدستور تنص على أن مجلس النواب يتألف من أشخاص منتخبين انتخاباً مباشراً وسرياً وعاماً. ورأى أنه كان من الواجب في التعديل الدستوري أن يكون هناك نصّ على التمثيل النسبي، لأن نظام القائمة لا يكون إلا بالتمثيل النسبي، ولا يمكن الإقدم على عملية تمثيل نسبي في ظل المادة 67 من الدستور الأردني.

ودعا العرموطي إلى منح المواطن الحقّ في أن يتقدم بالطعن أمام المحكمة الدستورية، بدلاً من حصر ذلك في جهات بعينها.

وقال إن الحياة الحزبية كانت قائمة في الأردن وبشكل أقوى مما كانت عليه الآن، فقد زالت الأحكام العرفية في1991، لكن كيف يمكن لنا تحقيق الإصلاح السياسي في ظل تقصير النواب والحكومات، إذا أردنا إصلاحاً وتعددية، لا بد من إنشاء ديوان لإعادة النظر في التشريعات المعمول بها.
وأضاف: في الأصل أن تكفل الدولة فرص العمل للمواطنين، وأن يكون التعيين في الوظائف العامة على أساس الكفاءة والمؤهلات، وأن تقلد المناصب العليا يكون بالمساواة وأن تتقدم الكفاءة على العشائرية والفئوية.

وحول مطلب الأحزاب بتشكيل حكومات برلمانية، تساءل العرموطي: كيف يمكن لي أن أشكل حكومة برلمانية وأنا كرجل قانوني أؤمن بمبدأ الفصل بين السلطات؛ وأضاف: عندما أطلب تشكيل حكومة من مجلس النواب، لدي خياران: أن تشكلها الأكثرية أو أن يجري ائتلاف كما حصل في العراق. أنا ضد أن يكون الوزير، أو العين نائباً، وأرى أن مجلس الأعيان يجب إلغاءه نهائياً، أو أن يتم انتخاب الأعيان بالشروط الواجب توافرها، فإذا تم تشكيل حكومة من مجلس النواب من سيراقب هذه الحكومة؟ بمعنى أن الحكومة لا يمكن أن تراقبها أي جهة من الجهات، بعكس التمثيل النسبي، الذي يشارك فيه الضعيف والقوي من الأحزاب على حدّ سواء.
وأوضح العرموطي أن من سلبيات تشكيل الحكومات من قِبَل مجلس النواب نشوء صراعات أيديولوجية، لكن عند وضع شروط في الدستور، فإننا نضع محددات لاختيار رئيس الوزراء، بعد ذلك إذا جاء قانون انتخاب قوي واختير شخص قوي وعنده خبرة وله قاعدة شعبية لرئاسة الحكومة، لا يستطيع أحد أن يعترض عليه، ويمكن أن يُسقط المجلس الحكومة حتى بعد اليوم التالي من تشكيلها، لأن هناك قاعدة شعبية وجماهيرية ونواب منتخبون بحرية ونزاهة.

وختم العرموطي حديثه بقوله إن الحراك إيجابي، ولسنا بحاجة إلى نصوص، وإنما إلى تغيير في الصلاحيات والمشاركة في صنع القرار، لأن الهم همنا، والوطن وطننا بمواجهة المشروع الصهيوني ومخطط الوطن البديل.

د. سعيد ذياب: لا ديمقراطية دون تعددية

من جانبه، قال أمين عام حزب الوحده الشعبية د.سعيد ذياب، إن التغيير في طريقة تشكيل الحكومات مسألة فرضت نفسها موضوعياً بفعل التطور السياسي الشعبي المحلي والعربي، فلو لم يحدث هذا التطور لما طرحت فكرة التعديل لتغيير الآلية التي تشكَّل بها الحكومات ولا اقترح أي شكل من الإصلاحات.
وأضاف أن، علينا أن ننطلق من أن النظام السياسي في الأردن هو نظام برلماني، أي أن الصراع السياسي يجب أن يكون صراعاً حزبياً ديمقراطياً ولا يحتكم لصراعات ذات طابع شخصي، بمعنى أن الأحزاب تتقدم لتترجم رؤاها ارتباطاً بما تقدمه من حلول للمشكلات التي يعيشها الوطن.
وأوضح ذياب أن المجالس النيابية السابقة أفرزت حكومات، لم تكن بمستوى طموح المواطن. فالحكومات وإداراتها التنفيذية كانت تعكس مصلحة طبقة أو تحالفاً طبقياً.

وأضاف أن الحديث عن الحكومات لا يمكن التعامل معه من منطلق قانوني، بل يجب الحديث عن الحكومات من خلال رؤية سياسية، ثم العودة إلى طبيعة القوانين، فحتى الدستور الموجود هو نتاج رؤى سياسية وفكرية لقوى المجتمع توافقت على مواده وصاغتها بالتالي وفق قناعاتها
وإذا اعتمدنا النظام البرلماني، ستكون الحكومات متوحدة ومتضامنة ومنسجمة، سواء كانت تعبّر عن حزب واحد أو ائتلاف، أي أن الحكومة تصبح مرآة لواقع سياسي يجسّد أغلبية داخل مجلس النواب.
ورأى ذياب أن تغيير الحكومات سببه الإخفاق في الإجابة عن الأسئلة التي فرضها الواقع الأردني السياسي والاجتماعي. فالارتقاء بأداء الحكومات لا يمكن أن يتحقق إلا بتغيير عنصر آخر من مكونات العمل السياسي وهو قانون الانتخاب، هناك تداخل جدلي وجدي وحقيقي بين قانون الانتخاب وتشكيل الحكومات، التغيير في قانون الانتخاب مهم جداً لأنه سيحدث تغيراً في بنية مجلس النواب.

وقال ذياب: نعيش في الأردن منذ أكثر من 40 سنة بثبات النخب السياسية، إذ تم تثبيت هذه النخب بشكل واضح في المرحلة العرفية، وفي مرحلة الانفراج الديمقراطي التي ارتبطت بقانون الصوت الواحد وقانون الانتخاب، تم حسم طبيعة النخب السياسية.
وتساءل: ما قانون الانتخاب الذي نريد؟ مجيباً بقوله إن قانون الانتخاب المأمول هو ذلك الذي يوفر عدالة في التمثيل، ويساهم في تطوير الحياة الحزبية، فنحن نريد الوصول إلى حكومات ذات توجه حزبي، وإذا لم توضع المقدمات الأساسية العملية لتغيير بنية الأنظمة ويصبح الحديث عبثياً يصبح للاستهلاك المحلي ولخداع الذات.
أما كيف يمكن أن تتطور الأحزاب؟ فيرى ذياب أن ذلك ممكن بتعديل قانون الانتخاب. الذي يريد تطوير الأحزاب لا يقدم قانون الأحزاب بوضعه الحالي، فهو على درجة عالية من «التخلف والعرفية» بحسب تعبيره، فهل يعقل أن تعديل النظام الداخلي وتوحّد حزب على آخر، يتطلب استشارة من اللجنة المشرفة على الأحزاب؟ وتابع ذياب: «نحن نسير إلى الوراء، نحن محكومون بعقلية أمنية وليس بعقلية سياسية، علينا أن نواجه المشكلات بشكل واضح وصريح إذا أردنا الإصلاح».

وأكدّ أننا نحن بحاجة إلى التغيير في بنية مجلس النواب للوصول إلى حكومات تعكس طابع الأغلبية البرلمانية، وأنه لا يوجد نص في القانون يمنع من تشكيل حكومات ذات أغلبية برلمانية، ولكن لا يوجد ما يلزم، لو كان هناك نص لتغيرت آلية تشكيل الحكومات.
وختم حديثه بقوله إنه لا وجود لديمقراطية دون تعددية سياسية، أما وجود تعددية سياسية خارج البرلمان فمعناه خلق معارضة بالشارع، أي أن تكون هناك معارضة برلمانية ومعارضة بالشارع، وهذا ليس طبيعياً في الحياة الحزبية.

د. فارس الفايز: توزيع المكاسب التنموية بعدالة

وتساءل أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية والناطق الإعلامي باسم التيار الأردني 36 د.فارس الفايز: كيف تتشكل الحكومات وبأي مواصفات؟ وقال: منذ تأسست الإمارة في نيسان 1921 تشكلت أول حكومة في 12 نيسان، وآلية تشكيل الحكومات ما زالت كما هي، إذ تغولت السلطة التنفيذية على بقية السلطات، ولا يدري أحد ما المعايير التي يتم وفقها تشكيل حكوماتنا في هذا البلد.

وأضاف: بعد الحراك العربي، وفي الأردن على وجه الخصوص، نطلب أن تكون الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، تحمل همّ المواطن وتمارس عملها بشفافية، مع عدم تغولها على السلطات الأخرى، إذ أصبح هذا مشكلة مستعصية، وعلى الحكومة أن يكون لديها رؤية مستقبلية لعملية التنمية الشاملة.

وأورد الفايز شرطاً آخر، هو النزاهة ونظافة اليد التي يسبقها مبدأ إعلان الوزير عن أملاكه وثروته، وأن تتشكل الوزارة على أساس الاختصاصات، لا وفق اعتبارات أخرى مرفوضة عانى منها المجتمع، ولفت إلى أهمية أن تكون الحكومة قريبة من نبض الشارع وأن تنهج مبدأ العدالة في توزيع الميزانية، وأن لا يعود إلى الحكومات المقبلة من اتُّهموا بقضايا فساد أو قضايا تطبيع مع العدو الصهيوني, وأن تعمل الحكومة على مبدأ الفصل بين السلطات والتعاون مع البرلمان، وأن تضع نصب عينيها المصلحة الوطنية العليا في السياستين الداخلية والخارجية، وتعمل على تمكين الجبهة الداخلية في مواجهة الصهيونية بعد معاهدة وادي عربة. وأن تؤمن بتمكين العلاقات البينية مع العالم العربي وتمنحها الأولوية على عملية التطبيع.

ودعا الفايز الحكومات إلى توزيع المكاسب التنموية بعدالة، وتشجيع البحث العلمي في البلاد حتى نتمكن من التقدم والتنمية.

د. ناصر طهبوب: أولويات المصلحة الوطنيةhaya2

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية د.ناصر طهبوب إن أي حكومة عندما تسعى لتحقيق التنمية السياسية لا بد أن تراعي مؤشرين يمكن من خلالهما الحكم على مسيرة التنمية السياسية في أي دولة وهما: المشاركة السياسية، وتوزيع المكاسب.
وأضاف أن هذين المؤشرين يرتبطان بما يُعرف بالمساواة، حيث يجب مراعاة تحقيق العدالة والمساواة في المشاركة السياسية وفي توزيع المكاسب، إذ إن جميع الدول جمهورية أو ملكية، صناعية أو زراعية، خاضعة لهذين المؤشرين في قياس درجة التنمية السياسية.

وبيّن أن تحقيق التنمية السياسية التي تعود بالمنفعة على الدول والشعوب تطلب التركيز على عنصرين أساسيين هما: القيم والعادات والمعتقدات، والحداثة والتطور.
فالتنمية السياسية تطلب الاهتمام بهذين العنصرين وعدم إغفال أي منهما، وفي هذا السياق أشار طهبوب إلى التجربة التركية التي واجهت تحدياً كبيراً تمثل في تعارض النظام السياسي الغربي الذي طُبّق وقيم الشعب التركي ومعتقداته، الأمر الذي أدى إلى دخول تركيا بما يعرف بـ»أزمة الهوية».

ورأى طهبوب أنه من الصعب إبعاد القيم عند العمل على تحقيق التنمية السياسية، لأن عادات شعوبنا وموروثها التاريخي والثقافي نابعة من القيم العربية والإسلامية الموجودة منذ القرن السادس الميلادي.
ولفت إلى مقولة لـِ رالف بربانتي جاء فيها: «على المجتمعات أن تستغل ما تتمتع به من خصوصية في الثقافة والقيم من أجل تحقيق التنمية السياسية»، وإن «التنمية السياسية المتأتية من الموروث التاريخي والثقافي أكثر فاعلية من سواها».
وأضاف طهبوب أن العنصر الثاني الذي يجب مراعاته لتحقيق التنمية السياسية، هو التطور والتحديث، وذلك من خلال بناء المؤسسات، والمشاركة مع التأكيد على ضرورة تقييم وقياس أداء هذه المؤسسات لمعرفة مدى قدرتها على أداء دور مهم ومؤثر في النظام السياسي، وكذلك معرفة ما تتمتع به من توازن واستقلالية.
وفي ما يتعلق بالمؤسسية، أشار إلى مقالة شهيرة لـِ هنتنجتون بعنوان «التنمية السياسية والتآكل السياسي»، جاء فيها أن التحديث له أثر سلبي في التنمية السياسية، وقد يؤدي إلى التآكل السياسي، كما أن هنتنجتون نوّه إلى أهمية استقرار المؤسسات الحكومية وذلك من خلال المحافظة على التوازن بين المشاركة السياسية الشعبية وبناء المؤسسات الحكومية، كما أكد أهمية وجود المؤسسات كشرط من شروط التنمية السياسية، فالتنمية لا تتحقق إلا بوجود مؤسسات قوية ومستقرة وذات فاعلية.

واستند طهبوب إلى هنتنجتون في إشارة إلى أنه يمكن قياس قوة المؤسسة من خلال: قدرتها على التكييف، النضوج والتبسط، الاستقلالية والترابط بدلاً من التفكك.
ورأى أن عملية الإصلاح تتطلب دراسة شاملة لمتطلبات الدولة واحتياجاتها ومواردها ومعوقاتها، والعمل على ربط ذلك بإدارة التنمية، فالأهداف السياسية للدولة لا تقتصر على تحقيق الأمن والاستقرار، بل يجب أن تقوم بتلبية احتياجات الشعوب، لأن ذلك يكسبها الشرعية أيضاً، كما أن أي حكومة في العالم يجب أن تعمل على توزيع المكاسب السياسية، وأن تراعي العدالة والمساواة في ذلك منعاً لحدوث الاحتكاكات السياسية.

وقال طهبوب إن الدولة الناجحة يجب أن تركز على: مواكبة متطلبات التكنولوجيا من أجل البقاء اقتصادياً وأمنياً، وحماية الوطن وإشراكه في التشريع، ووضع قوانين وتشريعات تعكس القيم والمعتقدات من أجل المصلحة العامة، واستقلالية القضاء.
وختم حديثه بقوله إن الحكومات المستقبلية يجب عليها أن تنظر إلى عملية التنمية والمشاركة السياسية من خلال عدسة تركز الضوء على أولويات المصلحة الوطنية والأمن القومي السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

د. علي الحباشنة: المشاورات النيابية لتشكيل الحكومة

ورأى رئيس اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين د.علي الحباشنة أن المتقاعدين العسكريين سبقوا الربيع العربي، وأن بيانهم الأول طالب بشكل واضح وصريح بفصل السلطات والعودة إلى الدستور والحريات العامة وفتح الحياة الحزبية، علماً بأن كانت في السنوات الأخيرة التي شابتها عمليات الخصخصة والفساد شهدت اشتراك أحزاب في الحكومات وفي مجلس النواب، لكنها لم ترفع صوتها كما فعلت اللجنة خدمةً للوطن.

وقال الحباشنة إن الأساس في تشكيل الحكومات هو قانون الانتخاب الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بخصوصية الأردن بالنسبة للقضية الفلسطينية، فإذا لم يتم الأخذ بمخرجات قرار فك الارتباط فلن تتشكل حياة برلمانية حقيقية في الأردن.
وبشأن تشكيل الحكومات، قال الحباشنة: يجب ألاّ تقوم الحكومة بنسف مخرجات لجنة الحوار الوطني، حتى تتمكن من أن تضع قانون انتخاب، تتشكل من خلاله حياة برلمانية حقيقية، وحتى لا تنعدم الثقة بالحكومة.
أما قانون الانتخاب فيحافظ على الحقوق المكتسبة بقائمة مفتوحة على مستوى المحافظات، ويراعي البعد التنموي ومصادر الثروة والإنتاج، كما يرى الحباشنة، الذي أضاف أن ما نسمعه في الصحافة أن عمّان هي مصدر الإنتاج والزرقاء وغيرها، بينما مصادر الثروة الحقيقية والإنتاج موجودة في المحافظات.
وأبدى اعتراضه على من يقول إن المحافظات غير منتجة ، رافضاً فكرة تخفيض حصّتها في قانون الانتخاب.
وأضاف أن القائمة النسبية بمعدل 2 من كل محافظة، وليس هناك أي منطق بأن نُعد قائمة نسبية إذا لم يتم تحديد عدد الأعضاء من كل محافظة.

وتابع أن المشاورات النيابية وفق الأسلوب اللبناني هي الطريق الأمثل للوصول إلى التشكيلة الحكومية، إذ تجري مشاورات بين أحزاب ومستقلين في مجلس النواب لتسمية رئيس الحكومة والوزراء، كما يجب الفصل بين البرلمان والوزارة، فمجلس الأمة بشقيه المنتخب وغير المنتخب هو الذي يحدد الوزراء ويسمّيهم من خارج مجلس النواب.

موسى المعايطة: توحيد الناس حول الهوية الوطنية

وقال وزير التنمية السياسية السابق موسى المعايطة إن هناك رسالة واضحة وتوجيهات من جلالة الملك، لضرورة الوصول إلى برلمان ذي تشكيل حزبي، من أجل تشكيل حكومة حزبية، وهناك اختلاف على مصطلح «حكومة برلمانية حزبية»، لكن المهم أن تشكّل الأغلبية البرلمانية الحكومة بصرف النظر هل هي حزب واحد أم ائتلاف أم كتل حزبية.

ورأى أن التعديلات الدستورية مهمة، فوجود دولة من دون برلمان، مسألة انتهينا منها أيضاً، وانتهينا من القوانين المؤقتة، فهناك هيئة مستقلة ومحكمة دستورية، بالإضافة إلى النصوص القانونية في ما يتعلق بقضية تجريم المساس بالحريات الشخصية وحقوق الإنسان، وهذه نصوص تضاف إلى الدستور للمرة الأولى وهو ما يفتح الآفاق لتشكيل حكومات ذات أغلبية برلمانية.

وتابع المعايطة: عملياً في معظم دول العالم، لا يوجد نص في الدستور يقول إن الملك أو رئيس الجمهورية عليه أن يكلف هذا أو ذاك، لكن الواقع السياسي هو الذي يفرض ذلك و»سلطة الشعب» تعريف مثالي جداً، الكل متفق على أنه يجب أن تتغير آلية تشكيل الحكومات، وتتحمل الناس مسؤولية خيارها..
وعدّ المعايطة قضية فصل السلطات مفهوماً نظرياً، موضحاً أن الحكومات في الدول الديمقراطية، تتشكل من أغلبية برلمانية حزبية، أي أن الحزب ذا الأغلبية هو الذي يشكل حكومة، ويكون عنده 51 %، وهذا ما يجري في بريطانيا وفرنسا مثلاً.
وحول وجوب وجود مادة في الدستور تنص على أن الحزب الذي يفوز هو الذي يشكل الحكومة، قال المعايطة إن هذا النص موجود في المغرب لكن في 90 % من دساتير العالم غير موجود، ففي كثير من الأحيان قد يكون الحزب فائزاً بـ 25 % من الأصوات، لكنه لا يستطيع تشكيل حكومة، وهذا ما جرى مثلاً في رومانيا حيث حصل حزب رئيس الجمهورية على المركز الثاني في عدد المقاعد بفارق 7 %، فتم تكليف رئيس الحزب لتشكيل حكومة وحصلت على أغلبية برلمانية، وفي العراق هناك مثال آخر. فالقضية ليست بالنصوص، فالدستور يسمح بذلك ما دمنا حددنا صلاحيات السلطة التنفيذية في موضوع القوانين المؤقتة.

وتساءل: هل يعني الانتخاب المباشر عدم وجود هيئة وسيطة؟ فقد سئل مجموعة من الخبراء وقالوا أن المقصود أن يقوم الشخص بالانتخاب مباشرة، من دون وسيط، أي يمكن أن أطلب من نقابة المهندسين مثلاً أن تختار واحداً منها، وهناك وجهة نظر تقول غير ذلك، وقد طُرح هذا السؤال في مجلس النواب أثناء مناقشة التعديلات الدستورية وتمت الإجابة عنه، ووافق المجلس على تفسير «الانتخاب المباشر» الوارد في نص الدستور، على أنه يعني أن المواطن ينتخب مباشرة سواءً انتخب شخصاً أو قائمة.
وأضاف: نحن لسنا بحاجة إلى قوائم نسبية، وهو ما أكده مجموعة من المعنيين وتم نقاشه في البرلمان، ولسنا بحاجة إلى أي تعديل في الدستور من أجل تشكيل حكومات ذات أغلبية برلمانية حزبية إذ نستطيع أن نصل إلى حكومات يختارها البرلمان، مع المحافظة على المكاسب ووجود قائمة نسبية.

ورأى المعايطة أن قانون الانتخاب يجب أن يساهم في تطوير تعددية سياسية حقيقية وطنية تمثل المجتمع والعدالة في التوزيع وعدم المساس في المكتسبات الموجودة وعدم خلق مخاوف لأي مكون من مكونات المجتمع وفي النهاية يجب أن يساهم القانون في توحيد الناس حول الهوية الوطنية، ورفض الهويات الأولية.

ضرغام هلسة: ..في المسار الصحيح

ورأى مسؤول منطقة الجنوب في حزب الوحدة الشعبية ضرغام هلسة أننا بحاجة إلى تحديد ما نريد، مضيفاً أنه تعلم الكثير في العام المنصرم (عام الحراك الشعبي)، لأنه اقترب من الشعب ومن نبضهم.

وقال هلسة إن مطالب شعبنا تدور حول كيفية تحقيق بناء فوقي يستند إلى أن المبدأ الدستوري القائل: «الشعب مصدر السلطات». فلدينا سلطات ثلاث ولدينا مؤسسة العرش، ويجب الفصل بين هذه السلطات وبشكل جدلي على أن تترابط موضوعياً لخدمة مصلحة الوطن بالنَّص والفعل، وأوضح: «توصلنا أن تكون مؤسسة العرش رأساً للدولة، ونعتقد أن هذا الموضوع بحاجة إلى قراءة دقيقة ومعمقة في كيفية بناء هذا الأداء مع الأخذ في الحسبان الواقع المعاش، وحقيقة أن العدو الصهيوني عامل داخلي في واقعنا الوطني».

وتابع هلسة: «أصبحت لدينا قناعة بأن البناء الفوقي انعكاس للبناء التحتي، الذي يشمل الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. ضمن هذا الفهم فإن الواقع الاقتصادي لهذا الوطن هو واقع بالهيكلية متراجع، وبنيوياً متراجع، اقتصادنا هو اقتصاد تابع، فهو لا يستطيع أن يُنتج قراراً سياسياً سيادياً.
وبيّن هلسة أن الإصلاح «عملية متدحرجة» تنحكم لتراكم الخبرات التي بين أيدينا، فقد كنا على وشك بناء مدرسة في المؤسساتية، في مرحلة حكومة سليمان النابلسي، وهذه الحكومة كانت ائتلافية (11وزيراً): (6 للحزب الوطني الاشتراكي، و3 مستقلين، و1 بعثي، وآخر من الجبهة الوطنية التي كانت محسوبة على الشيوعيين). واستطاعت الحكومة أن تتقدم بمجموعة من البرامج وتم إسقاطها لا لعجز في أدائها، وإنما لإقامتها تحالفاً مع الاتحاد السوفياتي وبعد صفقة الأسلحة مع تشيكوسلوف يا..

ضمن هذا الفهم أوضح هلسة أن الأردن بموقعه ينحكم للواقع العربي ومتغيراته، مضيفاً أننا الآن أمام مرحلة حقيقية بالإصلاح، لأن نضال الشعب التاريخي وضعنا على السكة الصحيحة في كيفية معالجة قضايانا الوطنية، لقد اخترنا الطريق الإصلاحي والسلمي وعلينا أن نكمل مشوارنا، الذي سيطول لأننا يجب أن نبني بناء فوقياً يخدم شعبنا، وهو ما يعني تفعيل مبدأ الشعب مصدر السلطات، من خلال قوننة المخرجات الشعبية لكي تكون جزءاً من البناء الفوقي من المجتمع، وبالتالي نستطيع تشكيل إدارة الدولة، ويجب بالضرورة أن تكون الحكومة برلمانية، كي يكون التعامل مع برنامج وليس مع أشخاص، وأي حكومة لا تستطيع أن تفي ببرنامجها سيكون هناك حراك شعبي يقول لها: «توقّفي..».

وختم هلسة بقوله أن الشارع الآن يلعب دوراً في تغيير موازين القوى، «شعبنا في المسار الصحيح، وطريقنا في المسار الصحيح.. أتمنى أن نستمر..».

د. غازي ربابعة: تغيير المنهج

وقال أستاذ العلوم السياسية د.غازي ربابعة إن الأردن يعيش في بيئة تثار حولها العواصف السياسية، كما أننا نعاني من ضائقة مالية بالإضافة إلى المال العام الذي امتدت له الأيدي، لكننا نسعى إلى الإصلاح والمحافظة على الوطن قيادة وشعباً وتيارات.

وأكد أننا ينبغي أن نخفف من حدة مهاجمة النظام السياسي حتى يستعيد أنفاسه ويستطيع أن يرتب الأمور بشكل أفضل، وعلينا أن نسّلم أن التعديلات الدستورية جيدة وأعادت الإصلاح للدستور، ولكن حتى لو عدَّلنا الدستور دون وجود منظومة تشريعية وجهاز قضائي نظيف ومستقبل يطبق هذه التشريعات تبقى هذه القوانين والدساتير حبراً على ورق.
وتابع ربابعة: لدينا قانون انتخاب مبني على أساس جغرافي وندعو في الوقت نفسه إلى حياة حزبية، ثمة تضارب بين حياة حزبية ترتكز على المعطيات الجغرافية وأخرى تكون مبنية على الفكر والتوجه.

ورأى أن وجود مجلس أعيان ظاهرة صحية، فهم أهل الحل والعقد، وإذا أردنا وضع ضوابط ففي الإسلام توجد جماعة الحل والعزم، ولكن لنقم بعملية فلترة وتحسين لهذا الوضع، مع وجود مجلس نواب، وهنا تبرز مشكلة أن من لا يملك مالاً لا يستطيع الوصول إلى البرلمان، وهذه قضية خطيرة.
وقلّل ربابعة من شأن التخوفات من وصول الإسلاميين إلى السلطة، وذلك الأردن سبّاق في التعايش مع الحركة الإسلامية وكان نموذجاً في ذلك، ففي دول عربية أخرى يُذبح الإسلاميون ويتم تشريدهم، أما في الأردن فهناك تناغم معهم.
وقال: بلغ عدد الحكومات في عمر النظام السياسي الأردني 100 حكومة، بمعدل حكومة واحدة كل 10 شهور، والوزير خلال 10 أشهر لا يستطيع إنجاز شيء، وبالتالي فإن أسس الإختيار بحاجة إلى تعديل. وتابع: «في الأردن نتمتع بهامش من الحرية غير موجود في أقطار عربية أخرى ونسجل ذلك للنظام السياسي الأردني، ولا يوجد عندنا سفك دماء، ونعتز بوجود قيادة وسطية معتدلة تنتمي إلى شرف النبوة، ويهمنا إصلاح الفساد وإزالة مواطن الخلل، ويكون ذلك عن طريق الحوار، واعتماد مقولة: «لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها».

وأوضح ربابعة أن الأحزاب السياسية في إسرائيل سابقة على عمر الدولة اليهودية، وعدد الأحزاب السياسية هناك يعادل عدد الأحزاب السياسية في الأردن، لكن عمر الأحزاب السياسية لدينا قصير، كما أن تغيير الحكومات لا يعني تغيير الوجوه فقط، وإنما لا بد من تغيير «المنهج، بحيث تتبوأ الأيدي النظيفة الوظائف لإصلاح ما أفسد الدهر..

نمر العساف: المشكلة ليست في النصوص

وأكد عضو المكتب التنفيذي نائب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي نمر العساف أن الحركة الإسلامية لا تسعى للمغالبة السياسية بتاتاً، بل هو واقع يراه الناس في تونس والمغرب، أما الأردن فالحركة الإسلامية لم تَسْعَ للمغالبة منذ العام 1989، لا بل كانت هناك ائتلافات مع آخرين، وأكثر عدد مرشحيها لمجلس النواب كان 36 مرشحاً، إيماناً بأن المشاكل التي يعاني منها الشعب في هذا البلد ويعاني منها الكيان الأردني ككل تحتاج إلى تكاتف الجميع، ولا تستطيع فئة أياً كانت أن تقوم بأعباء هذا الإصلاح، بل يجب أن تتكاتف كل مكونات هذا الشعب من أجل عملية الإصلاح، ووقف الهدر في مقدرات الوطن، وإلا لن يكون هناك إصلاح. لذلك، فالحركة الإسلامية بحسب ما أكد العساف، لن تغالب في هذا الوطن ولا في غيره من أجل أن تقصي آخرين، مدللاَّ في لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة منذ العام 1995، التي قبلوا فيها التداول على الرئاسة مع بقية الأحزاب المنضمّة لهذه اللجنة، لذلك هي ممارسة، كما أن الإسلاميين في مصر لن يترشحوا للرئاسة مع قدرتهم على ذلك، وهو ما يتكرر في تونس أيضاً، ولذلك فإن «إثارة مثل هذه التخوفات هي شمّاعة لوقف الإصلاح فقط».

وحول كيفية تشكيل الحكومات المستقبلية، أوضح العساف أن الإسلاميين يؤمنون بنظام انتخابي مختلط، أن يكون 50 % للقائمة النسبية و50% للقائمة الفردية، لأن القائمة النسبية بحسب ما يرى هي الكفيل الوحيد لتوفير حياة حزبية سياسية حقيقية في هذا البلد، وهي لن تمكّن أحداً من أن يستولي على السلطة، بل يجب أن يشارك وبالتالي سيشارك الجميع تقريباً بصرف النظر عن الضَعف أو القوة، وأوضح العساف: «النظام الفردي أنفع لنا كحركة إسلامية في هذا الوقت، لذلك نحن لا ندعو للفردي وندعو للنسبي إيماناً منا بأنه يجب تقوية الحياة الحزبية في هذا الوطن».

وأضاف: «التجارب الإنسانية هي مكتسب لكل الناس، وليس لفئة معينة، التجارب الإنسانية في معظمها اتفقت في الديمقراطيات التي عانت منذ مئات السنين حتى وصلت إلى هذا المستوى، أن الحكومة يجب أن تكون برلمانية، لذلك فدستورنا شبيه بالدستور البلجيكي عام 1930».

وتابع العساف بقوله: «إذا أردنا أن نقول إن الحكومة البرلمانية ليست هي السبيل فهذا ليس من مكتسبات التجارب الإنسانية، مع إصرارنا على المحافظة على الحقوق المكتسبة لكل فئات الشعب، وفي النهاية عند حصول حوار حقيقي بين السلطة وأصحاب القرار وبين من يطالب، وعندما تكون النية صادقة للوصول إلى نتائج، أعتقد أن هذا أمر سهل، ويصبح الوصول إلى قانون الانتخابات الذي يحافظ على كل هذه الأشياء أمراً سهلاً وسلساً».
ورأى أن المشكلة الحقيقية ليست في النصوص، بل هي في «التسلط والتزوير»، وأضاف: «تزوير إرادة الشعب الأردني يعدّ جريمة، هناك مجموعة تسلطت على الشعب وزورت إرادته، تستحق أن يكون لها عقاب صريح، فما فعلوه يساوي الاحتلال، والاحتلال يعني حجب إرادة شعب في أرضه، فعندما تأتي سلطة معينة تزور تستحق أن تحاسَب».

والركن الأساسي في الإصلاح كما يعتقد العساف، «أن تقوم كل السلطات والأجهزة الأمنية بدورها الحقيقي وفق الدستور كما أن الأساس في تشكيل الحكومات لا يكون بقانون انتخاب وحده، يقول العساف، بل بأن يكون هناك شعب حر، يستطيع أن ينتخب من يمثله، مورداً أنه سمع أن النخبة «لا تقبل أن يحاسب الشعبُ الحكومة»، فكيف نرفض فكرة أن الشعب يحاسب الحكومة؟.

وتابع: هناك تسلل على الدستور، الذي ينص على أن الشعب هو مصدر السلطات، وأي نص آخر يعاكس هذا التوجه يجب أن يزال من الدستور، حتى يتقدم البلد. وأوضح أنه ليس هناك توجه حقيقي للإصلاح: «ما أراه لعبة جديدة كما حدث في عام 1989؛ انتخابات حرة نزيهة وقانون جيد، وتشكيل مجلس نواب ممتاز، حر وممثل، وبعد 4 سنوات (تعود حليمة إلى عادتها القديمة)، لأنه ليس هناك نصوص دستورية تحمي هذا التغيير، ولا يمكن أن يتم إصلاح حقيقي ويتشكل مجلس نواب حقيقي إلا إذا كان محمياً من الحل وأن يُشكل هو الوزارة».

هلسة: الخشية من الفوضى

وقال هلسة: «أعتقد أن هناك من يعمل لتدمير مفهوم المؤسسات، وهذا قد يؤدي إلى عدم إمكانية قيام إصلاح وإلى الفوضى. استمعت مؤخراً إلى كريم بقردوني وهو يتحدث عن أنه تم الانقلاب في الحكم الذي حدث في لبنان ما بين مجموعات الشهابيين وسليمان فرنجية، فقد كان الاستهداف الأول ضمن التداخلات الإقليمية والدولية، ضرب جهاز الاستخبارات والجيش ما دفع إلى الفوضى».

حيا القرالة : لا تباطؤ في الإصلاح

بدوره، قال وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية حيا القرالة، إن مواد الدستور تنص على أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي، وإن رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب، والمادة 51 تقول إن رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب، والمادة 52 من الدستور تؤكد أن الحكومات البرلمانية مباحة. كما أن المادة 53 تؤكد أن الحكومات يجب عليها أن تتقدم لمجلس النواب ببيان وزاري خلال 30 يوماً لنيل ثقته. وأضاف القرالة: كنت في زيارة إلى كندا ووجه إلينا سؤال حول أن، جلالة الملك هو من يعين رئيس الوزراء، فقلنا إن هناك شرطاً هو حصول الثقة من مجلس النواب، وهذا الأمر موجود أصلاً وهو ليس من التعديلات الدستورية الجديدة، إضافة إلى أن المادة 23 من الدستور والمعاهدات التي ترتب أي أموال على خزينة الدولة الأردنية أو المساس في حقوق الأردنيين، لا بد من موافقة مجلس النواب عليها.

وأكد الوزير أن مجلس النواب دوره مُفعّل بشكل رئيسي في الدستور الأردني، قبل التعديلات الدستورية الأخيرة.

مضيفاً أنه كان عضواً في مجلس النواب الرابع عشر، وتمّ سن قوانين عدة بعضها قوانين سيئة السمعة منها قانون الاجتماعات العامة، ثم قال مجلس النواب السادس عشر بتعديله، وفي مجلس النواب الرابع عشر رُفع عدد المنتسبين إلى 500 شخص في قانون الأحزاب، وأضاف القرالة: «لنكون منصفين وواقعيين، ما تم خلال عام إنجاز أردني بامتياز، بدءاً من تعديل قانون الانتخاب، مروراً بالاستجابة إلى مطالبات وطنية مثل مطالبة المعلمين، وظهرت نقابة المعلمين إلى حيز الوجود، وهذا إنجاز لا يمكن إنكاره، وكانت هناك فتاوى دستورية بعدم جواز تأسيس نقابة للمعلمين، وهناك استجابة من جلالة الملك لما يجري في الشارع، وكان هناك مبادرة ملكية بتشكيل لجنة الحوار الوطني، ولكن كان لي تحفظات كثيرة على التشكيلة، فقد كانت من طيف واحد ولم تضم الأطياف كافة، فغاب عنها د. علي الحباشنة الذي يقود حراك العسكريين، الذين لهم السبق في طروحات تقدمية وقوية وفاعلة، غاب الشيخ عبدالمجيد الذنيبات وغاب مصطفى الرواشدة. لا أرى عدالة في التمثيل، لم يتم الالتفات إلى الرأي الآخر، فلم يكن التمثيل في محافظة الكرك مُرضياً لي وللفئات الأخرى. لكن اللجنة قطعت شوطاً كبيراً وبذلت جهداً كبيراً للوصول إلى المحافظات والاستماع إلى آرائهم وخرجت بمخرجات نحترمها.

ورداً على الحباشنة نفى القرالة أن تكون الحكومة نَسفت ما بنى عليه، فقد التزمت بمنظومة قوانين إصلاحية، وأخذت بالديباجة ومقترح قانون الأحزاب مع إجراء بعض التحسينات، وأضاف: «نحن الآن بصدد وضع النظام الانتخابي، وتم التوافق على ذلك، هناك في لجنة الحوار أكثر من رأي، وظلّ بعض أعضائها مصرّاً على رأيه، لكن لا يمكن إعلان فشل لجنة الحوار، فهناك توافق، ونحن نحترم كل الآراء ونجلّها».

وبيّن القرالة أن تصريح رئيس الوزراء أسيء فهمه عندما قال خلال لقائه بلجنة الحوار أن مخرجات اللجنة غير ملزمة لنا بتفاصيلها، وأكد القرالة ما ذهب إليه رئيس الوزراء، فقد أجريت على قانون الأحزاب تحسينات، والسبب في ذلك وجود نص دستوري يعطي الحكومة الولاية العامة على جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية.
وتابع الوزير: «بعد أن انتهينا من موضوع لجنة الحوار، تم تكليف نخبة نحترمهم»، وردّاً على ما قاله العرموطي من أن اللجنة لم تضم دستوريين، أوضح القرالة أن اللجنة فيها خبرات عالية في التشريع، وأحد أعضائها رئيس مجلس قضائي سابق. مؤكداً أن المحكمة الدستورية تحتاج إلى قضاة دستوريين على مستوى عالٍ. ففي المجلس الرابع عشر عندما سنّ قانون غسيل أموال، كان في مجلس الأعيان نخبة خيرة من القانونيين، وتمت دعوة د. يحيى الجمل الذي يعدّ عميد الفكر القانوني الدستوري في الوطن العربي للوصول إلى فتوى في مشروع القانون.

وحول ما تحدث به ذياب عن التغيير في قانون الانتخاب وثبات النخب السياسية، أكد القرالة أنه لم يكن في الدولة الأردنية ثبات في النخب السياسية، والدلالة على ذلك أن مجالس النواب الخمس الأخيرة بقي فيها بمعدل 20-25 والآخرون يتغيرون.
أما قانون الأحزاب، فإن اندماج حزب مع آخر، يتطلب وضع اللجنة المشكلة لإدارة الأحزاب بصورة ما يحدث، وهو أمر جيد. والمادة 29 تنص على إخطار اللجنة.

أما بشأن عملية التجنيس، فأكد الوزير أن الحكومة الحالية لم تحدث فيها أي عملية تجنيس، وأضاف: «لا أوافق على عملية التجنيس سواء كانت جماعية أو فردية، ولا تسمح لي أخلاقي ومهنيتي ووطنيتي أن أقبل في عملية تجنيس لا تخدم المصلحة الأردنية».
وتابع: «مجلس النواب الذي يمثل الشعب في انتخاب مباشر هو من يقرر مصير الحكومة في بقائها أو استمرارها». لافتاً إلى ما حدث من قوننة لمخرجات الحراك الشعبي، فقد طالب الناس بهيئة مستقلة ومكافحة الفساد وانتخابات نزيهة ومحكمة دستورية، وكل هذه الأمور نُظر عند نقاشها وإقراراها إلى الحراك والاجتماعات وما يدور في الشارع.

وقال الوزير: إذا حللنا مجلس النواب فلن نملك في غيابه أن نصدر قانوناً مؤقتاً.
أما موضوع نقل محاكمة الوزراء من مجلس النواب إلى القضاء المدني، فرأى فيه القرالة إنجازاً، مؤكداً أن جميع التعديلات الدستورية التي أقرّت هي تعديلات جوهرية.
ولفت إلى أن هذه أول حكومة تلتزم بتواريخ محدودة، فقد انجزت خلال أربعة شهور خمسة قوانين ضمن منظومة الإصلاح السياسي، وهي تؤسس إلى مرحلة قادمة، وما تم هو ثورة تشريعية بالمعنى الحقيقي.
وأكد أن الحكومة لا تتباطأ في موضوع الإصلاح، وأن مجلس النواب لا مصلحة له في التباطؤ. ولكن لا مصلحة أيضاً في «سلق القوانين سلقاً»، وما تم إنجازه لا بد للأردنيين أن يفخروا به.

نمر العساف: المواطن والمحكمة الدستورية

وأوضح العساف أن مطالب الشعب أفرغت من مضمونها، مستشهداً بأن المواطن لا يستطيع أن يتوجه إلى المحكمة الدستورية وأنه أصبح «تحت رحمة قاضي استئاف».
وكذلك الحال بالنسبة للهيئة المستقلة، ففي مشروع القانون يتم تعيين أعضائها من قبل رئيس الوزراء ورئيستي مجلس الأعيان والنواب ورئيس المجلس القضائي، أي أن ثلاثاً من هذه الجهات مستفيدة في العملية الانتخابية.

د. علي الحباشنة: منطلق قوي

وبيّن الحباشنة أن الحديث عن قرار فك الارتباط جاء من منطلق قومي، لحماية الهوية الفلسطينية قبل الهوية الأردنية.

د. خالد الشقران: جدل الهوية والمواطنة

ورأى مدير مركز «الرأي» للدراسات د.خالد الشقران أن طرح جدل الهوية والمواطنة في الأردن لن يُحسم ما لم تُقَم الدولة الوطنية الفلسطينية على التراب الفلسطيني، أي أن من يريد البقاء في الأردن فهو أردني ومن يحب العودة إلى فلسطين فليعد.

عمر العساف: الحفاظ على الهوية الفلسطينية

وتحدث العساف عن الهوية الفلسطينية، قائلاً إن الاعتراف بالدولة لا يشكلها، وعدم الاعتراف بها لا يلغيها، وإن المسألة أن هناك مخططات لتصفيتة هذه الهوية وحل القضية الفلسطينية على حساب الهوية الأردنية. فإذا تشكلت الدولة الفلسطينية لن تحل المشكلة، فهناك إجراءات وممارسات وسياسات حكومة وغير حكومية، أضرّت في الهوية الوطنية الفلسطينية ووضعتها على المحك وفي خطر، لذا يجب الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية وتعظيمها.

حيا القرالة : الانتماء للدولة

وأوضح القرالة أنه تم تشكيل لجنة بطلب نيابي لبحث موضوع سحب الأرقام الوطنية، لافتاً إلى وجود تطرف ومغالاة في سحب هذه الأوراق.
ولفت إلى ما يحدث من محاولات استقواء على الدولة، موضحاً أنها تتنافى مع الانتماء، فالدولة تمر في أصعب ظروفها، داعياً إلى إمهال الحكومة أشهراً عدة حتى تعبر الأزمة التي بها هل يعقل أن أعمل إعادة هيكلة تكلف 100 مليون، ويأتي المعلمون بطلب علاوة 100 %، مع أنه تقرر منحهم العلاوة على ثلاث سنوات.