اتجاهات التنمية الاجتماعية بين النظرية والتطبيق

19/03/2012


تستحوذ التنمية الاجتماعية في الأردن على اهتمام واسع النطاق من المجتمع بمؤسساته المدنية والرسمية والتشريعية، كونها واحدة من أجزاء المنظومة المتكاملة سواء السياسية أو الاقتصادية، في مرحلة تستوجب العمل على تبني "مشروع حضاري للتمنية الاجتماعية" يتم فيه ربط التنمية بالأمن.

وانطلاقاً من دور مركز الرأي للدراسات في فتح نوافذ للحوار وتبادل الآراء ضمن التوجهات المختلفة بأبعادها العلمية والمجتمعية والتشريعية والاقتصادية، استضاف المركز وزيرة التنمية الاجتماعية نسرين بركات وممثلين عن القطاعات الأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني وخبراء اجتماع و"اليونيسف"، في جلسة حوارية حول "اتجاهات التنمية الاجتماعية بين النظرية والتطبيق"، وذلك في محاولة لتكثيف الجهود لرسم خريطة واضحة المعالم للعمل الاجتماعي، وتحقيق المزيد من الحماية والرعاية الاجتماعية لمن يفتقرون إليها.

وفي هذا السياق، أكدت الوزيرة بركات أن عمل التنمية الاجتماعية سيبقى في ازدياد إذا لم يكن هناك توجه "وقائي" يشمل التدخلات الاقتصادية ومعالجة المشكلات المجتمعية والتفكك الأسري. وكشفت أن الوزارة تعمل الآن ضمن خطة للانسحاب قدر المستطاع من الدور التشغيلي إلى الدور الإشرافي والرقابي.
وتوصل المشاركون في الحوار إلى ضرورة تفعيل العمل التنموي جنباً إلى جنب مع الدورَين الوقائي والإجرائي.

أدار الندوة: د.خالد الشقران

حرّرها وأعدّها للنشر: جعفر العقيلي

آذار 2012barakat


بركات: اتجاه للعمل الوقائي تجنّباً للمشكلات

بدأت الوزيرة بركات حديثها باستعراض تاريخي لمشاريع التنمية الاجتماعية في الأردن، فأوضحت أن العمل في هذا المجال بدأ في العام 1912، عندما أُسست الجمعية الأرثوذكسية، ثم صدر قانون العمل والشؤون الاجتماعية في العام 1956، تبعه نظام التنمية الاجتماعية في العام 1976.
وقالت بركات إنّ ما تقوم به وزارة التنمية الاجتماعية ذو صبغة رعائية، لكنها بدأت بشكل ممنهج منذ نهاية التسعينات لتفادي ما يمكن أن يحدث من مشاكل مجتمعية.

ومن الأمثلة على ذلك، الحضانات خاصة في السن المبكرة قبل المدرسة التي لها دور كبير في تهيئة الفرد وإعداده والحد من العنف الأسري، وقد بدأت تظهر منظمات في هذا الشأن.

وبينت أن عمل الوزارة يتوزع في مجالين؛ الأول الرعاية، حيث يجري التعامل مع شرائح قد تكون عُرضة للخطر، كالأحداث والنساء المعنفات والمسنين والمعاقين والأيتام، كما أُقرت تعليمات محاربة الاتجار بالبشر، وهي مسؤولية جديدة أُضيفت على التنمية الاجتماعية.

وتابعت الوزيرة أن الذي يرصد عمل التنمية الاجتماعية عبر السنوات، يجد أن حملها يزداد كل عام، وسيبقى في ازدياد إذا لم يكن هناك توجّه وقائي، بمعنى ما هي التدخلات التي يمكن القيام بها في الجانب الاقتصادي، لأن العمل التنموي الاجتماعي له علاقة مباشرة برفاهية المواطنين، وبالمشاكل المجتمعية والتفكك الأسري.
ففي مؤسسات الرعاية، غالبية الحالات الموجودة هي حالات تفكك أسري، أي أن الوالدين موجودان، لكن الأسرة مفككة وبالتالي يوضع الأطفال في دور الرعاية.

أما صندوق المعونة الوطنية، فيواجه كل يوم نقاشات من مثل: لماذا أوقفتم المعونة؟ الراتب من وجهة نظر الصندوق هو معونة مؤقتة، ولمدة 3 أشهر أو 6 أشهر، ثم تجري إعادة دراسة الحالة، فمكافحة الفقر لا تكون بتقديم المعونات فقط.

وأوضحت الوزيرة أن هناك أشخاصاً يتلقون المعونة ويعتمدون عليها بوصفها حقاً مكتسباً، بينما الغاية من الصندوق الوصول إلى الاعتمادية والإنتاجية، وذلك بأن تتاح الفرصة للشخص لينهض بأسرته ككل، لا أن يحلّ مشكلة آنية فقط.

وتابعت بركات: الدولة ترعى المواطنين، وما نعمل عليه هو خدمات الرعاية لحماية هذه الفئة، والعمل معها لإخراجها من الوضع الذي هي فيه نحو الإنتاجية والمساهمة في المجتمع والأسرة.

وأقرّت بركات بوجود تحديات كبيرة في هذا المجال، ولذلك تقام شراكات خلال العمل مع مؤسسات المجتمع المدني.

ولأن الأسرة عماد المجتمع، فإن تركيز وزارة التنمية الاجتماعية على الممارسات العملية والأدوات التي تمكّنها من تمويل الفئة المعتمدة على الحكومة بالخدمات إلى فئة مساهمة في تقديم الخدمات للآخرين، أي أن تكون منتجة.

الخطيب: آلية صرف الأموال في الجمعيات

وقال الناشط في عمل حقوق الانسان د.إبراهيم الخطيب، إننا نعيش مرحلة المساءلة والمحاسبة، متسائلاً عن كيفية صرف الأموال في الجمعيات وآلية مراقبة هذه الجمعيات، ودور الوزارة والجهاز التنفيذي في هذا الجانب، خاصة في ظل ما وصفه بـ"المخالفات المتكررة التي تتمثل في عدم إنفاق الأموال على مستحقيها بشكل صحيح".

الجراجرة: رعاية المشاريع الصغيرة

وتساءل الكاتب الصحفي عيسى الجراجرة عن إمكانية رعاية وزارة التنمية الاجتماعية للمشاريع الصغيرة، لأن كثيراً من الاختراعات بدأ بمشروع صغير، فإذا استطاعت وزارة التنمية الاجتماعية تقديم الدعم للشباب ذوي الأفكار الإبداعية سيكون هناك مردود كبير.
كما تساءل عن جدوى الجمعيات الخيرية، موضحاً أن عدم جدواها يتطلب حلّها.

العتوم: لمن تُصرف المعونة؟

بدوره، تساءل الباحث وجيه العتوم: كيف نرفّه المواطنين في ظل البطالة والفقر؟ وما سبب حالات التفكك الأسري؟ هل هي الأوضاع الاقتصادية المتدنية للأسر؟ ولمن تُصرف المعونة الوطنية بالدرجة الأولى؟ فهناك عائلات تحصل على معونة أو تتلفى راتباً شهرياً دون وجه حق، لأن لديها أراضي وعقارات.

قراعين: زواج الفتيات القاصرات

ولفت الاقتصادي عيسى قراعين إلى ما وصفها بـ"الظاهرة الغريبة" في منطقة الأغوار، وهي زواج فتيات قاصرات برجال من جنسيات عربية مختلفة، نتيجة الفقر والبطالة، متسائلاً: كيف للمحاكم الشرعية أن تعقد مثل هذا الزواج؟

ناصر: استراتيجية بناء الإنسان

وبدأ أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية د.سري ناصر حديثه عن الإنسان، بتساؤله: كيف نستطيع أن نتقدم من دون أن يكون الإنسان قادراً على حمل الأعباء والمسؤولية. ليس لدينا استراتيجية أو طريقة لبناء الإنسان.
وتابع ناصر: الحضانات أمر جيد، فالإنسان يبدأ بالحضانة، لكن الحضانة ليست خارج الأسرة، لذلك نرجو من وزارة التنمية أن تدخل الأسرة والبيت والحضانة والمدرسة، وأن تتدخل في النظام الاجتماعي التربوي القائم، إذ يجب وجود علاقة متينة بين وزارة التنمية ووزارتََي التربية والتعليم والثقافة.

الشرع: الشراكة مع المؤسسات التطوعية

وتوقف د.صالح الشرع عند موضوع الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، قائلاً: استطعنا الحصول على مساعدة لكفالة الأيتام ومعالجة الأسر الفقيرة، وراجعنا وزارة التنمية وفوجئنا بعدم الموافقة. فكيف تقول الوزيرة إنها تشجع التوسع في الشراكة مع المؤسسات التطوعية، بينما يحدث خلاف ذلك.
وأضاف أن المؤسسة التي رغبت بتقديم المساعدة، لها فروع في معظم الدول العربية والإسلامية، وأن إدارتها هنا ستكون أردنية وسيكون عملها بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية.

بركات: تسجيل 40 جمعية شهرياً

وفي معرض ردها على تعليقات الحضور وتساؤلاتهم، قالت بركات إن اليتيم هو كل من فقد الرعاية الأبوية والعائلية، وليس هناك من يساعده أو يرعاه.

وحول الجمعيات المحلية وآلية مراقبة وضبط المساعدات والتبرعات، أوضحت الوزيرة أن عدد الجمعيات يزيد على 2500 جميعة، وأن القانون أصبح مرناً بحيث يسهّل تسجيل الجمعيات، بعد أن كان هذا يتطلب وقتاً وجهداً وإجراءات كثيرة، لافتةً إلى أن تشكيل الجمعيات والأحزاب والنقابات حق كفله الدستور للجميع.

وأضافت أن دولاً مختلفة ترى في وجود قانون أو نظام أمراً مخلاًّ وفيه تقييد للجمعيات. وبيّنت أن موضوع التمويل الخارجي شهد نقاشاً كبيراً، حتى تم الإتفاق في النهاية على إشعار مجلس الوزراء قبل تلّقي التمويل، وإذا لم تتلق الجمعية جوَّاباً خلال فترة زمنية محددة في القانون. يعدّ التمويل موافقاً عليه فيجب معرفة أين تُنفق المبالغ ومَن يدعم الجمعيات وأين تذهب الأموال؛ هل هي للتنمية أم لإدارة الجمعيات.

وحول دور وزارة التنمية الاجتماعية على هذا الصعيد، أوضحت بركات أنه تمّ إنشاء سجلّ للجمعيات لتوحيد المظلة لجميع الجمعيات العاملة في المجال التطوعي، فما زالت مرجعية بعض الجمعيات إلى الآن لوزارة البيئة أوالثقافة أوالداخلية..

وبيّنت بركات أن الفرق بين الأمس واليوم أن التسجيل كان يتم في الوزارة المعنية. أما الآن فلا بد من تسجيل الجمعيات من خلال مظلة واحدة هي وزارة التنمية الاجتماعية، وهناك مجلس إدارة لسجل الجمعيات مع وجود ممثلين عن الوزارات المختلفة وعن مؤسسات المجتمع المدني.

وتابعت الوزيرة أن مرجعية الجمعية تتحدد وفق أهدافها، فإذا كانت تنموية خيرية تكون المرجعية هي التنمية الاجتماعية، وإذا كانت أهدافها سياسية تكون المرجعية وزارة التنمية السياسية، ومُنحت الجمعيات فترة من الزمن لتصويب أوضاعها، وأصبح هناك رقم وطني للجمعيات، من أجل تنظيم عملها، وبالتالي إذا قدمت الجمعية طلباً للسجل وتمّ رفضه، فهذا قرار مجلس الإدارة الذي يدرس الطلبات، وفي المجلس ممثلون عن وزارات الداخلية والثقافة والبيئة والسياحة والتنمية الاجتماعية. ويترأس السجل وزير التنمية الاجتماعية أو هو رئيس مجلس إدارة السجل.

وأوضحت أن لأي جمعية الحق في تقديم الاعتراض أو اللجوء، لكن القرار يكون مدروساً من خلال سجل الجمعيات.

وحول عدد الجمعيات، قالت الوزيرة إنه يجري تسجيل حوالي 40 جمعية شهرياً، وهو عدد كبير، لذلك فإن التحدي الكبير أمامها يتمثل في الشراكة التنموية والعمل مع المجتمعات المحلية، كما يجب أن تكون للجمعية رؤيا، وأسباب لوجودها، وأهداف لتحققها، وأن تكون مصادر تمويلها واضحة ومعروفة.

وأضافت الوزيرة: لدينا جمعيات رائعة تقوم بعمل ممتاز، ونقوم بشراء خدمات بعضها، مثلاً لا تريد الوزارة فتح باب رعاية لليتيم، فتقوم بوضع أطفال لدى جمعية ويُدفع راتب شهري دعماً للجمعية.

وتابعت أن كل جمعية مطلوب منها دفع إيجار مقرها، ورواتب موظفيها، فهذا ليس عملاً تطوعياً، وعلى كاهل التنمية الاجتماعية مسؤولية كبيرة جداً في ظل أن مواردها قليلة، لذا إذا كنا نريد إدارة رشيدة، فمن الأوْلى توجيه الموارد للفئة التي تحتاجها.

مشروع الأسر المنتجة

وبشأن رعاية المشاريع الصغيرة، قالت الوزيرة: لا نريد أن نهتمّ بالجانب الرعائي فقط، بل يجب أن نعيل أولئك الذين يعيشون ظروفاً صعبة، وإعدادهم للعمل.

وتابعت أن المشاريع الصغيرة أداة رائعة وممتازة، ومن الأمثلة عليها مشروع الأسر المنتجة، حيث يتم إعطاء الأسرة قرضاً حسناً بحد أعلى 4 الآف دينار، كما أُنشئت من خلال الجمعيات ومراكز المجتمع المحلي صناديق ائتمان لمساعدة تمويل مشاريع صغيرة للأسر والأفراد. وجرى في العام 2011 تمويل 319 أسرة من الرديات، وبأقساط ميسرة، ويقوم هؤلاء بتسديد الأقساط، ليتم تدوير الأموال لتمويل مشاريع لأسر أخرى.

ولفتت الوزيرة إلى أن صندوق التنمية والتشغيل يمنح قروضاً لحد 15 ألف دينار، وهناك أيضاً مؤسسات المشاريع التابعة لوزارة الصناعة والتجارة، كما أن المؤسسة الأردنية للمشاريع تدعم الشركات حتى تنمو وتكبر.

وكشفت أن معظم مراجعي وزارتها كانوا يطلبون وظائف، وحين تحدثت بهذا الشأن مع وزير العمل، قال لها: اسأليهم هل زاروا مكتب العمل؟ متحدّياً أن يكون كثير منهم قد فعل ذلك.

وقالت الوزيرة إن المرأة في الأردن غير نشيطة اقتصادياً، رغم أن الأرقام تكشف أن التوجّه نحو التعليم أعلى بين الإناث مقارنة بالذكور، بمعنى أن هذه فرصة ضائعة على الاقتصاد والمجتمع، فلماذا لا تخوض المرأة سوقَ العمل؟

وتابعت: التفكك الأسري ليس سببه الفقر.. التسول سببه الفقر، والمتسولون الذين يجري القبض عليهم يدفعون كفالات بمبالغ ويخرجون ليمارسوا التسول مرة أخرى، فهل هؤلاء فقراء؟ هذ لا يعني أن هناك حالات صعبة أدت إلى انهيار الأسرة ككل، ويجب أن تكون هناك تدخلات سريعة من الحكومة لحماية هذه الأسر.

وقالت الوزيرة إنه تم تعديل قانون الأحوال الشخصية، حيث أن عدد الإناث المتزوجات بعمر أقل من 18 لا يزيد على 1 % من عدد المتزوجات في الأردن. لكن المشكلة تكمن في اغتيال طفولة الفتاة وحقها في التعليم، فضلاً عن أنه كلما كانت الفتاة المتزوجة صغيرة كانت حالات الطلاق أعلى.

أما حول زواج الفتيات الأردنيات من الأجانب في مناطق معينة، فردّته الوزيرة إلى أن العمالة الوافدة تتركّز في المزارع والمصانع، لافتةً إلى أن النقاش مستمر حول إمكانية إيقاف سوق العمالة الوافدة. بخاصة أن قطاعات مثل الزراعة والإنشاءات والألبسة تعتمد على هذه العمالة بشكل كبير.

وشدّدت بركات على أهمية العامل الوقائي المتمثل في التدخل في الأسرة والبيت، ما يدفعها إلى التساؤل: هل أنا وزيرة تنمية أم وزيرة عمل أم وزيرة صحة؟ بسبب اضطرار وزارتها إلى التدخل علاجياً. ففي مجال التربية والتعليم تفع فئة المعاقين عقلياً تحت مسؤولية التنمية الاجتماعية، وتنتشر توجد مراكز "المنار" في كل أنحاء المملكة تتعامل مع التوحد والإعاقات العقلية البسيطة والمتوسطة ، ومراكز ايوائية تعمل مع الاعاقات المتوسطة والشديدة، وجميعها تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية.

وبينت أن الوزارة تدرس وضع الأسرة التي تطلب مساعدة، ولا يتم تقديم المساعدة إلا إذا كان رب الأسرة متدنياً من الناحية الاقتصادية. وأوضحت أن بعض الفئات تحصل على المعونات من أجل التأمين الصحي، وأن مراكز الإعاقة الشديدة تحتاج إلى كادر تمريضي، وأن أصحاب الإعاقات العقلية لديهم قدرات، عندما تدربهم وتعطيهم فرصة تكون النتائج إيجابية، ولذا يجب عدم الحكم على الإعاقة العقلية بأنّ صاحبها غير مفيد للمجتمع، كما أن عملية العزل قرار خاطئ.

وكشفت الوزيرة أنّ هناك بعض الأسر لديها حالات إعاقة تقوم بإخفائها، لذا يجب علينا أن نواجه أنفسنا وأطفالنا كآباء وأمهات وأسر، وأن نعرف مسؤولياتنا مجتمعنا، فلن تكون هناك مجتمعات رفاء ما دام أن هنالك سلبيات في الأسرة.

دنصار: تقصير في الدور الرقابي

قالت الأستاذة في جامعة البلقاء التطبيقية د.هاجر ناصر إن الدور العلاجي مهم، والدور الوقائي مهم أيضاً، لكن هناك تقصير في الدور الوقائي مع أنه أقل تكلفة على الوزارة، لذا يجب وضع سياسات عمل في الجانب الوقائي من خلال التركيز على المتطوعين.
ودعت نصار إلى إعادة إحياء بعض القيم في المجتمع، مضيفةً أن الجزء غير المتفكك من المجتمع لم يقم بدوره على أكمل وجه تجاه الجزء المتفكك.

الحمصي: ليس لدينا منظومة متكاملة اجتماعية

ورأت مديرة مشروع اليونسيف د.مها الحمصي أن المشاكل التي تحدث نتيجة غياب رؤية اجتماعية تقع على كاهل وزارة التنمية، وأنه ليس لدينا منظومة متكاملة البنى التي نعرف من خلالها احتياجات الأسرة، من صحة وتعليم وحماية من الفقر.

ولفتت إلى غياب التنسيق بين المؤسسات بوصف ذلك مشكلة أخرى تعاني منها وزارة التنمية، فهناك العديد من المؤسسات التي تعنى بالمشاريع المدرّة للدخل، لكن لا يوجد تنسيق في الأدوار، كما أن اختيار البرامج التي تنفَّذ غير موفّق أحياناً، ولا يتم تدريب الأسر لتنجح في تطبيق المشاريع التي اختارتها، خاصة تلك المشاريع الصغيرة التي تحتاج إلى الدعم.

كما أن هناك غياباً واضحاً لدور الجامعات، فلا يوجد فيها عمل اجتماعي، وهي لا تخرّج عاملين حقيقيين اجتماعيين ليساعدوا الوزارات للقيام بأدوارها، وهذا يُضْعف قدرة الوزارات.

وأكدت الحمصي هناك تغييراً جذرياً في عمل وزارة التنمية الاجتماعية، إذ بدأ الجانب الوقائي يَظهر بشكل واضح، ومن الأمثلة على ذلك برنامج التوعية الوالدية، الذي شمل 160 ألف أسرة من خلال الشركاء المختلفين في التوعية في أساليب التربية، وكيفية تنمية شخصية الإنسان، وتنمية استقلاليته وروح الاكتشاف لديه.

وقالت إننا بحاجة إلى رؤية متكاملة للحماية الاجتماعية، وإلى منظومة تبدأ من التعليم والصحة لحماية جميع الأسر، مضيفةً أن صندوق المعونة يغطّي جزءاً بسيطاً من احتياجات الأسر الفقيرة، ويوجد خللاً في آلية الاستهداف، وهناك محاولات لمعالجته، فعندما أتوجه إلى فئات المعاقين أو الأسر التي بلا معيل، فإنه يتم حرمان الأسر التي تضم عدداً كبيراً من الأطفال من تلقي المعونة.

وختمت الحمصي بقولها إن على الجمعيات الوطنية العمل بتنسيق أكبر، وإنه يجب تعزيز دور العمل الاجتماعي بشكل كبير، فلا يوجد لدينا أي عامل اجتماعي حقيقي، ولا يوجد لدينا خريجون في العمل الاجتماعي. ورغم أن وزارة التنمية الاجتماعية تحمل هموم المواطن، إلا أن موازنتها من أقلّ الموازنات في الحكومة.

الشوبكي: مشروع حضاري للتنمية الاجتماعية

ودعا الباحث هادي الشوبكي إلى تبني مشروع حضاري للتنمية الاجتماعية، وأن تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بتنفيذ هذا المشروع بوجود خبراء وعلماء الدين.

ناصر:كيف نبني مؤسسات حديثة بمجتمع قبلي؟

وتساءل د.سري ناصر: كيف يمكن أن نبني مؤسسات حديثة بمجتمع قبلي؟ وأضاف: نحاول في الجامعة أن نغيّر وجهة النظر أو طريقة الحياة السائدة، ولكن لا نستطيع أن ننجح في التعامل مع طالب الجامعة لأن تأسيسه كان خاطئاً، لذا من الصعب تخريج طلبة يتحملون المسؤولية، بينما الذين يدرسون خارج الوطن العربي تبدو نظرتهم مختلفة كلياً، ولديهم انفتاح أكثر. وتابع ناصر: تقاليدنا البالية تمثل عائقاً هي تقاليدنا البالية، إضافة إلى مفهوم بعضنا للدين. نحن نقوم بزراعة الخوف في نفوس أبنائنا، حتى يصبحوا غير قادرين على اتخاذ قرار أو المخاطرة، نحن بحاجة إلى إنسان قادر لديه الجرأة على المواجهة والتحدث بحرية وبمسؤولية.

الشقران: التركيز على تعليم السلوك

وقال د.خالد الشقران إن علينا أن نعمل على تعليم السلوك أكثر من اهتمامنا بالإطار النظري، فطلبة الجامعات الأميركية مثلاً يعملون لساعات يومياً في المطاعم والأسواق، فمن الذي زرع هذا السلوك في نفوسهم؟ لا أعتقد أن الكتب وحدها تفعل ذلك، بل هناك نظام ركز على تنمية هذا السلوك.
وتابع الشقران: نحن بحاجة لإصلاح تشريعي، ولبحث أعمق في جدلية العلاقة بين التنمية والتشغيل ومفهوم الأمن بمعناه الشامل. هل نستطيع أن نخرج بشيء مشترك من كل ذلك؟ كيف يمكن إنشاء منظومة تركز على التعليم السلوكي في قطاع التربية والجامعات؟

العتوم: ضبط إيقاع الجمعيات

وقال وجيه العتوم إن وزارة التنمية الاجتماعية تقوم بصرف معونات الأشخاص بناء على معلومات خاطئة، وقد وصلت انتقادات بهذا الشأن إلى الوزارة ولم يحصل شيء.

وحول أن هناك 40 جمعية جديدة في الشهر، قال العتوم إن كل جمعية لها عزف منفرد، في وقت نحن بحاجة فيه إلى ضبط إيقاع هذه الجمعيات، فلماذا لا تقوم الوزارة بإيقاف الجمعيات غير المنتجة؟ وتابع تساؤلاته: أيهما أفضل للوزارة، صرف معونة شهرية، أم إيجاد فرص عمل للباحثين عنها؟

الوزيرة: نعمل على استراتيجية الفقر

وفي ردها على التعقيبات والاستفسارات، قالت بركات إن وزارتها تعمل على استراتيجية الفقر، وإنها تحاول العمل مع مختلف الجهات التي تعنى بالحماية الاجتماعية ليكون هناك وضوح في الأدوار بخصوص عملية التنمية الاجتماعية، فالحماية جزء من التنمية، ويجب العمل على موضوع التنمية الاجتماعية، التي هي جزء من التنمية الإنسانية.
ورأت الوزيرة في العمل التنموي جانباً مهماً أسوة بالدورين الوقائي والإجرائي. وكشفت أن ما تعمل عليه وزارتها الآن هو الانسحاب قدر المستطاع من الدور التشغيلي، والاتجاه للتعاون مع الجمعيات التي تُعتمد وتُرخص للقيام بهذا الدور، وذلك تحت إشراف الوزارة ومراقبتها.

وأوضحت الوزيرة أن هناك دراسة للبنك الدولي قبل 3 سنوات، كشفت أن نسبة دقة الحالات بحسب التعليمات تصل إلى 95 %. وتابعت: لدينا قواعد بيانات، وقد قمنا بالتشبيك مع مؤسسة مع الضمان الاجتماعي، ومديرية التقاعد العسكري ودائرة الأراضي، وغرفة الصناعة والتجارة وجهات أخرى. وقبل أن نوافق على تقديم معونة، يتم إدخال البيانات في 40 مكتباً و36 مديرية في الميدان، وهذا بمثابة الفلترة الأولى.

أما الثانية بحسب الوزيرة، فتتمثل في طلب الفلترة الثاني طلب الوثائق. وأضافت: لا أدّعي أننا مثاليون في عملنا، لكننا نعمل بنهج شمولي ورؤيا تكاملية للعمل في داخل هذه المجتمعات.

بالنسبة لضبط إيقاع الجمعيات وإيقافها، أوضحت بركات أن وزارتها تراقب على الجمعيات، التي يشترط عليها تقديم تقارير مالية وإدراية، وأن تمارس أنشطتها على أرض الواقع، ويكون لها مقرات.

وتابعت أن الرقابة تكون سنوية على الجمعيات، فإذا لم تمارس نشاطها أو نشاطات خارج اختصاصها، أو لم تعقد اجتماعاتها، تقوم الوزيرة بتوجيهها وتمنحها فرصة للتعديل، وبعد ذلك توجّه لها إنذاراً، ثم تحلّ الهيئة الإدارية وتعيين هيئة إدارية أخرى، قبل دعوة الهيئة العامة للاجتماع، وإذا لم تحلّ المسألة يتم حلّ الجمعية، وتؤول أمورها إلى صندوق دعم الجمعيات.