لا تنحصر خلاصة الندوة التي نظمها مركز "الرأي" للدراسات حول "العنف الجامعي"، في مناقشة جدلية الأسباب، بل ذهبت نحو وضع مقاربات للحل بعدما أصبح هناك قلق من أن يتحول الأمر إلى ظاهرة يستعصي تفكيكها.
الندوة التي تحدثت فيها وزيرة التعليم العالي السابقة د.رويدا المعايطة، وعدد من رؤساء الجامعات الرسمية وعمداء شؤون الطلبة، ونشطاء في العمل الشبابي وطلبة، طرحت حلولاً ترتقي بالمنظومة التعليمية من أبرزها إطلاق مشروع "الإبداع والابتكار الطلابي".
وناقش المشاركون أسباب مشكلة العنف وأبعادها وتداعياتها، متفقين أنها ترتبط لا بالطالب وحده، وإنما بالمنظومة الجامعية المتكاملة، مقترحين أن تساهم الجامعات في الصناعات والاقتصاد الوطني، وأن تعود إلى تطبيق نظام التخصص الرئيس والتخصص الفرعي. وشددوا على أهمية تحويل قضايا المشاجرات الطلابية للقضاء.
ودعا المشاركون إلى تعيين مرشدين اجتماعيين في عمادات شؤون الطلبة، يتبنون معالجة القضايا الطلابية كما هي الحال في المدارس. وخلصوا إلى ضرورة أن يكون رسم خطط الجامعات وحل مشاكلها من خلال أصحاب الخبرة وضمن البيئة الجامعية، لا بالاستعانة بمن هم خارج هذا النطاق.
rrrrrأدار الندوة: د.خالد الشقران
أعدها للنشر: هادي الشوبكي وجعفر العقيلي
ايار 2012
• المعايطة: الإبداع والابتكار
بدأت وزيرة التعليم العالي السابقة د.رويدا المعايطة بالقول إن العنف في الجامعات غير مقبول، وتم إجراء الكثير من الدراسات والبحوث حول هذه الظاهرة. وأضافت: نادَينا قديماً بأهمية التعليم، واليوم يجب أن ننادي بأهمية الابتكار والإبداع لإشغال الطلبة. والحديث هنا ليس على مستوى البحث العلمي فقط، ولكن على مستوى السنوات أفقياً، والتكامل على المستوى العمودي على مدى السنوات جميعاً.
وتابعت المعايطة: هناك نوادي للطلبة، كنادي اللغات ونادي البيئة ونادي التنمية السياسية، لكننا لا نمتلك نوادي كافية للتكنولوجيا والإبداع والابتكار، وبذلك فإننا نحجز أنفسنا بإطار ولا نستغل الطاقات الكبيرة للطلبة التي أصبح بعضها يترجم بالعنف أو بالتزاحم مع الآخرين، لغياب الأنشطة التي تشغل العقل في البيئة الجامعية.
وتساءلت عن مدى مساهمة الجامعات في الصناعات وفي الاقتصاد الوطني، لافتةً إلى أن مستوى البطالة هو الأعلى بين خريجي الجامعات، ومستدركةً بأن هناك سعياً نحو تحسين الأوضاع في الجامعات وتطوير المستوى المتوسط بين الجامعات والمدارس (التعليم التقني).
وأشارت المعايطة إلى ضرورة الاستفادة من نظم كانت معتمدة في الجامعات قديماً، إذ كان هناك التخصص الرئيسي والفرعي، والذي كان معتمداً أيضاً في التوظيف، وكان له أثر كبير في إنتاج طلبة جيدين جداً، ورأت أن هناك استعجالاً في إلغاء التخصص الفرعي الذي كان على قدر من الأهمية.
وأوضحت أن هناك برنامجين في الجامعات، برنامج البكالوريوس العادي، وهو البرنامج الممنهج الموجود ضمن خطة موفرة للطالب وثرية جداً من ناحية الجانب العملي ويتحمل فيه الطالب مسؤولية كبيرة من الناحية التطبيقية، فلا يكون دور الأستاذ تقديم كل المعرفة، بل يكون الإنجاز الفعلي مرتبطاً بالطالب. أما البرنامج الثاني فيقوم الطالب باختيار المادة التي يرغب بها من أي من الكليات؛ وهو يوضح مدى الديناميكية التي تتمتع بها مثل هذه الأنظمة.
وقالت المعايطة إننا كلاسيكيون في هذا المجال، وإننا توقفنا عند بعض الأشياء تماماً، وأخذت الجامعات تنسخ البرامج بعضها عن بعض، وغابت روح المنافسة والابتكار والتمييز والتجديد وإلى جانب ذلك غابت البرامج التي تجعل الطالب يشعر بالالتزام.
وحول كون العنف الطلابي ظاهرة أم لا، قالت المعايطة إن هناك حوالي 250 ألف طالب في الجامعات الرسمية في الأردن و140 ألفاً في الجامعات الخاصة، وإن وعدد المتورطين في مشاجرات 845، وهو رقم لا يعد كبيراً ولكن الصدى لما يفعلونه أكبر، فلماذا لا نصنع صدى للابتكار؟
وتابعت: لدينا مبدعون يستطيعون تقديم المساهمة اللازمة في الاقتصاد الوطني، وهذا لا يتطلب نشاط الطالب وحده، إذ لا بد أن يبقى الطالب مركز الاهتمام، ولكن يجب على الإدارات الجامعية وأعضاء الهيئة التدريسية تغيير الثقافة الكلاسيكية الموجودة لنصل إلى ثقافة المستقبل والتنافسية العالمية التي تمثل الخيار الوحيد، فالاستثمار الوحيد في الأردن هو الاستثمار في رأس المال البشري.
وأكدت المعايطة على وجوب أن نمتلك أدوات لإيقاف العنف الذي يجب ألاّ يكون صفة للمنتج الذي نضاهي العالم به، كما يجب دعم الطلبة ومساعدتهم للمضي في طريق الإبداع. وأشارت إلى أنه من المؤسف في موضوع العنف أن يكون بعض الموظفين في الجامعات جزءاً من العنف وهذا ما لا يقبله أحد.
ودعت إلى القضاء على العنف "بيد من حديد"، بصرف النظر عمّن يقوم به، سواء كان في أعلى مرتبة في الجامعة أو في أدناها. وإلى جانب الإبداع والابتكار، تطرقت المعايطة إلى أهمية الحوار مع الطلبة، متسائلة عن أسباب انقطاع الإدارات الجامعية عن الطلبة إذا كانت موجودة لخدمتهم.
كما أشارت إلى موضوع التسجيل، إذ يقوم الطلبة بالتسجيل المباشر والدفع عن طريق الكمبيوتر، لكن هذا لا يلغي دور الأساتذة والإدارات في الإرشاد ودعم الطالب، فأخلاقيات المهنة تفرض التواصل مع الطالب.
وبحكم عملها وزيرة للتعليم العالي في الحكومة السابقة، أشارت المعايطة إلى أن هناك مجموعتين في الوزارة تعملان على موضوع العنف الطلابي، الأولى تحضر لحوار وطني حول العنف تحت مظلة مؤتمر لكي يتم التواصل مع الأهالي، على أن يمتد هذا الحوار من الشمال إلى الجنوب ولا يتركز في منطقة معينة. والمجموعة الأخرى تعد استراتيجية للتعليم العالي، بالإضافة إلى أن كل جامعة كُلّفت بإعداد خطة عمل خاصة بها على هذا الصعيد.
وأكدت المعايطة على ضرورة أن يكون التفكير في وضع الاستراتيجيات والسياسات إبداعياً ابتكاراً، لافتةً إلى أن العنف يشمل ممارسات عدة، منها ممارسة بعض الطلبة للغش في الامتحانات، و تزوير الرسائل الجامعية، لذلك قامت الوزارة بمراجعة بعض السياسات مثل امتحان السنة الرابعة في الجامعة، وإلزام الطلبة بتقديم مقالتين في مرحلة الدكتوراه ومقالة واحدة في مرحلة الماجستير، هناك مجموعة في هذا السياق تعد آلية حول تقييم الرسائل الجامعية لمرحلتي الماجستير والدكتوراه.
كما أن هناك لجنة أخرى قدمت تقريرها حول الإبداع والابتكار الذي يوصي ببرنامح يطبَّق على مستوى السنوات، وهناك لجنة أخرى يترأسها د.عدنان بدران حول تصنيف الجامعات والبرامج، وتركز على الإبداع والابتكار في جميع التخصصات جميعها ولجميع السنوات.
• الطراونة: إحالة قضايا المشاجرات إلى القضاء
أوضح رئيس الجامعة الأردنية د.اخليف الطراونة أن الوقاية من العنف تكمن في معالجة أسبابه، والتي من أهمها الفراغ السياسي والثقافي الواضح، فكثير من الطلبة في الجامعات ليسوا على إطلاع بالمعلومات السياسية، حتى البسيطة منها.
ومن العوامل المهمة أيضاً كما يرى الطراونة، العامل الاقتصادي المتمثل بالفقر والبطالة وتدني مستوى الأجور، فكل ذلك يؤثر في نفسية الطالب وبالتالي فإنه يلجأ إلى أساليب بعيدة عن استخدام العقل، وهناك أيضاً عدم العدالة الاجتماعية وضعف المناهج الدراسية بشكل عام في الكليات كافة، والتي أصبحت أقرب إلى التلقين، وضعف النشاطات اللامنهجية، على كثرتها، وعدم مراعاتها الفروقات الفردية بين الطلبة وعدم توزيعها على الفصل الدراسي، وانحصارها في فترة معينة.
ومن الأسباب التي أوردها الطراونة: ضعف التواصل بين الإدارة الجامعية وأعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية من جهة، والطلبة من جهة أخرى، وضعف التشريعات الجامعية وعدم ربطها بقانون العقوبات الأردني، إذ نشهد جرائم تحدث في الجامعات يتم فيها إطلاق عيارات نارية واستخدام أدوات حادة وينتهي ذلك كله بعقوبة الإنذار أو الفصل دون أن تحال للمحاكم للتحقيق فيها واتخاذ العقوبة المناسبة لها.
وأضاف الطراونة أسباباً أخرى، منها: أن البيئة الجامعية بشكل عام غير مهيأة لاستقبال أعداد كبيرة من الطلبة أو غير مهيأة لاستقبال الأنشطة، فإما أنها بيئة فقيرة، أو أنها متباعدة أحياناً، أو أنها مزدحمة في أحيان أخرى. وهناك أيضاً ضعف الإرشاد التربوي والأكاديمي والنفسي وانعدامه في معظم الحالات. وعدم استقرار تشريعات قبول الطلبة، سواء من خلال الخطط أو التعليمات أو الأنظمة وتبدل الإدارات الجامعية باستمرار على مستوى رؤساء الأقسام ونواب العمداء والعمداء ونواب الرئيس والرؤساء، ما يسبب اختلالاً في المنظومة الحاكمية على المستويات كافة.
وأوضح الطراونة أن الوقاية من العنف تتمثل في تصويب الأسباب، أي القيام بمعالجة سياسات المناهج والقبول، ومعالجة التشريعات وربطها بقانون العقوبات، وتنسيق كل هذه الجوانب من خلال خطة استراتيجية واضحة لكل جامعة أو على مستوى التعليم العالي أو على مستوى الوطن، بحيث تضمن الوضوح في كل الجامعات وفي كل الأحوال.
أما عن العلاج، فيرى الطراونة أنه يتمثل بتطبيق الأنظمة والتعليمات بشكل حرفي بالمعنى، والتحويل إلى المحاكم في الحالات التي تستدعي وجود رادع قوي، لأن صدور قرار بتغريم أو تجريم الفعل من شأنه ردع مثل هذه الممارسات، وقد نجح ذلك في جامعة البلقاء، كما نجح في الجامعة ضمن الأنظمة التي تجيز الإحالة إلى المحاكم.
وأشار إلى موضوع الضابطة العدلية للأمن الجامعي، كون الأمن الجامعي غير محمي في الأنظمة والتعليمات، وغير محمي جسدياً حتى في حال تعرضه للإيذاء وذهابه للمستشفى، فتغيبه لفترة تزيد على المدة القانونية قد يُفقده وظيفته، وبالتالي قد لا يقوم بالدور المنوط به خوفاً على رزقه.
وفي السياق نفسه، قال الطراونة إن جزءاً من الأمن الجامعي غير مؤهل، وبالتالي يُفترض أن يؤهل في الجهات الأمنية لكي يصبح قادراً على القيام بدوره. وأشار إلى أهمية تحويل الطلبة الحاصلين على عقوبات إلى الدراسة الخاصة حتى لو كانوا حاصلين على مكرمات، بحيث ألاّ تمنع المكرمة حدوث ذلك، وحث على إشراك الاتحادات والجمعيات والأندية الطلابية لضبط إيقاع الشارع الطلابي، مشيراً إلى تجربة تمت في الجامعة الأردنية حيث كُلف 80 طالب بتشكيل مجموعات لتوعية الطلبة بالعنف بالإضافة إلى الإبلاغ عن أسماء المتسببين بالعنف.
• اربيحات: خلل البرامج الجامعية
وقال وزير التنمية السياسية الأسبق د.صبري اربيحات إن المشكلة تبدأ في المراحل التي يمر فيها الطالب قبل دخوله للجامعة وتستمر حتى تخرجه فيها، فالطالب في الأردن يعاني من "حمى التعليم الجامعي"، ويتباهى الآباء في جلساتهم بعدد أولادهم الذين في الجامعات، بالإضافة إلى مدخلات اعتبار التعلم "غنيمة للأسرة، لذا فإن هناك حالات يصل فيها الطلبة إلى التوجيهي بالغش، وغصباً عنهم"، أملاً في الحصول على علامات عالية.
ودعا اربيحات إلى النظر لهذه المدخلات المتمثلة بالطلبة غير المؤهلين الذين يلبون رغبات ذويهم في اختيار تخصصات هم لا يرغبون بها، مع نظام قبول موحد يفرز الطلبة وفق المعدل مع وجود مكارم تسمح بنفاذ طلبة يتم قبولهم على أسس عشائرية وجهوية، وبالتالي تكون النتيجة عبئاً كبيراً على الجامعات والمدرسين، بالإضافة إلى أن الوقت المستمر الذي يقضيه الأساتذة مع الطلبة في الجامعة محدود، كما أننا لا نجد صورة للطالب المنهمك في التعلم، بالإضافة إلى أن الخطط الدراسية أصبحت هزيلة، حتى إن بعض الأساتذة لا يقدم خططاً دراسية، بينما المفترض أن تستهلك الخطة الدراسية وقت الطالب.
وتابع اربيحات: لدينا طلبة أنهوا الدراسة الجامعية والبرنامج الجامعي دون أن يستعيروا كتاباً ودون أن يقرأوا أي شيء، معتمدين على الملخصات فقط، لذا فإن المشكلة تكمن في الطالب وفي البيئة الجامعية معاً.
وقال اربيحات: معظم جامعاتنا تسير في أفق وسوق العمل في أفق آخر، ولو لم يكن ذلك موجوداً لما كان بيننا 750 ألف عامل أجنبي، لذلك لا بد من التطابق بين الجامعات وسوق العمل حتى يكون التعليم مجدياً، وعدم وجود هذا الربط يولد شعوراً لدى الطالب بالضياع بعد التخرج، كما ينتج عنه إحباط شديد.
وتابع اربيحات: الطلبة لا يتغيرون داخل الجامعات، بل يبقون على حالتهم، وتصبح الجامعات واجهات عشائرية، وتنعدم فيها أي جهود مبذولة لبناء الذوق العام، فلا نجد مجموعة تعزف أو ترسم مثلاً.. ومع الأسف فإن للحكومة سياسات متضاربة ومزعجة جداً على هذا الصعيد.
وتساءل عن الأسباب الكامنة وراء الخلل في البرامج التي تقدمها الجامعات، وتوقف عند أهمية استخدام أساتذة الجامعات للساعات المكتبية بفاعلية، والتفاعل مع الطلبة، ودور المرشدين، والقدرة على الانفتاح على الآخر.
ورأى أن الهاجس الذي يوجه معظم عمادات شؤون الطلبة هو "هاجس أمني" بما يصنف الطلبة إلى وطني وغير وطني، متدين أو غير متدين، دون التركيز على ثقافات التنوع والتعددية.
وختم اربيحات حديثه بدعوته إلى ضبط الطلبة ومتابعتهم، واستثمار الأفواج الجامعية المتعاقبة بتهيئة البيئة الجامعية من النواحي العلمية والثقافية والاجتماعية، بحيث تكون متنوعة وذات مردود.
• عضيبات: تغليب مفهوم الوطن..
قال الأكاديمي د.عاطف عضيبات إن ثمة دراسات وُضعت وجهوداً بُذلت، لكنها لم تحمل نظرية متكاملة تفسر كيف يحدث العنف الجامعي ولماذا؟
وأضاف أن أسباب العنف مرتبطة بالبيئة الجامعية الداخلية والبيئة الخارجية. التي تبدو فاعلة في العنف الجامعي، إذ لم تنجح النظم التربوية بتكريس فكرة المواطن بقدر ما كرّست "ابن العشيرة"، لذلك فإن الطالب يدخل الجامعة بعقلية العشيرة لا بعقلية الوطن.
وأوضح أن من العوامل الضاغطة في هذا المجال غياب العدالة في عملية قبول الطلبة في الجامعات.
أما عن الحلول، فلخصّها في ضرورة احترام القوانين من جميع الأطراف، وتغليب مفهوم الوطن على مفهوم العشيرة، وإعادة النظر في سياسات القبول، وإلغاء "الكوتات" واعتماد مبدأ الكفاءات، فضلاً عن الاتفاق على المحددات الرئيسة، وأخيراً الإقرار بأن حالة الإحباط تولد العنف.
وعلى صعيد الحلول داخل الجامعة، فهي متعددة كما يرى عضيبات، منها: إعادة النظر في المناهج، وتحديد قدرات الطلبة، وتفعيل الأنشطة الطلابية، فنسبة كبيرة من الطلبة لم يمارسوا هذه الأنشطة.
وأشار عضيبات إلى الأسباب الكامنة وراء الفراغ السياسي لدى الطلبة، رادّاً إياها إلى عامل الخوف من الانخراط في الأحزاب السياسية، إلى جانب التدخلات الأمنية، وعدم وجود حوارات بينية، وقال إن ثمة قناعات لدى الطلبة بوجود خطوط حمراء، وهذا كله يتطلب من الجميع إعادة النظر بالمناهج الدراسية والطاقم التدريسي والأنشطة.
• شتيوي: حلول وقائية
قال مدير مركز الدراسات الاجتماعية في الجامعة الأردنية د.موسى شتيوي: إن العنف مرده أزمة داخل الجامعات أنفسها، وهناك أسباب أخرى خارجها، مضيفاً أن الحلول يجب أن تكون وقائية أولاً، فالعنف يعكس البيئة الحالية التي تولده، وتاريخياً فإن الدور التنويري والفكري يتعزز في القاعات التدريسية، وخارجها يتم عبر الأنشطة.
ورأى شتيوي أن الجامعات فقدت دورها التنويري، وأن ثمة صعوبة في فهم رسالة الجامعات، فهناك ضغوط في التعليم العالي، وغموض في الأهداف، وأشكال التمييز متعددة ومختلفة، ومن بينها القبولات الاستثنائية، إضافة إلى ترهل في الجامعات وتمييز في العلامات.
وأضاف أن البيئة الجامعية "غير صحية" لإنتاج طالب ذي شخصية متنورة، وهناك لجوء للواسطة، ولفت إلى أن مادة التربية الوطنية بالطريقة التي صُممت بها تحمل إشكاليات، ولا تحمل أي إضافة.
واستعرض شتيوي مجموعة من النقاط ضمن ما وصفه "التدخل الاستراتيجي لمنع العنف لدى الطلبة"، ومنها: إلغاء جميع أشكال التمييز في الجامعات ومنها القبولات، بحيث يتم القبول استناداً إلى المنافسة شريطة أن يكون التحوّل ضمن خطة زمنية؛ إحداث آلية لمنع تفشي الواسطة والمحسوبية وإظهار الشفافية في عمليات تصحيح الإجابات والعلامات وتعزيز المساواة بين الطلبة بعيداً عن المعتقد والمذهب والجنس والجهوية؛ استحداث مدونة سلوك لأعضاء هيئة التدريس تبين الحقوق والواجبات، ومثلها للطلبة، وتضم قوانين وأنظمة وقيماً، وجميعها قابلة للمساءلة؛ وخلق بيئة جامعية تنويرية معرفية تركز على صقل مهارات الطلبة وشخصياتهم وتفاعلهم مع الإدارات الجامعية.
وقدم شتيوي مقترحات ذات صلة، ومن بينها إحداث الكفاءات اللازمة لعمادات شؤون الطلبة، وخلق بيئة أكاديمية وتربوية وإعادة النظر بأساليب التدريس، وزيادة التفاعل بين الطلبة والهيئة التدرسية، إلى جانب سير عملية انتخابات مجالس الطلبة بشفافية مع تدخل من المجتمع المدني، ومعالجة القضايا النفسية والاجتماعية للطلبة.
وشدد على ضرورة تعزيز الانتماء للجامعة والوطن، وتنظيم ورش عمل للطلبة على جميع المستويات، فضلاً عن تعزيز السلوك الجامعي، وضرورة إعادة النظر في مادة التربية الوطنية لتحمل في طياتها الجانب المدني لجهة الحديث عن حقوق الوطن والمواطنة والواجبات والمسؤوليات، داعياً إلى وجود قوانين واضحة ومحددة الأهداف تحفظ الحقوق والواجبات.
• بريزات: برامج عملية للجامعات
قال المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان د.موسى بريزات، إن المركز طرح قضية العنف الطلابي داخلياً، بالإضافة إلى طرحه في إطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
ورأى بريزات أن الحديث عن البيئة الجامعية والبيئة المجتمعية يجعل من الصعب وضع كل الحلول المطروحة في موازنة واحدة، لأنها جميعاً تشكل حلقات ضمن سلسلة من الصعب تشكيلها، ذلك أن مشاجرة عادية قد تحصل بين طالبين يمكن أن تتحول إلى مشاجرة عصبوية، ما يكشف عن وجود نزعات للعنف سواءً على مستوى المجتمع أو النفس البشرية أو غير ذلك، وهو ما يجعل أسباب العنف متعددة، من الدافع الذاتي إلى الأسباب الداخلية أو حتى عوامل البيئة الخارجية، وهي عوامل صعبة التحديد.
واقترح بريزات دراسة ظاهرة العنف عن طريق تخصيص فريق للبحث في أسباب كل مشاجرة على حدة لاستخلاص النتائج وتحديد مكامن القصور.
وأشار إلى أن من الصعب تغيير المجتمع ككل، لذلك فإنه، ولمعالجة هذه الظاهرة، يتوجب تصور علاج للمشكلة في حالة تكرارها في جامعة معينة، ذلك أن اعتبار العنف الجامعي مسرحاً اجتماعياً كاملاً ودراسته أمر جيد نظرياً وفكرياً، لكنه يواجه عقبات كثيرة عند التطبيق والتنفيذ.
كما اقترح بريزات تقديم المشاركين المباشرين في أحداث العنف الجامعي إلى المحاكم الجزائية، بالإضافة إلى معاقبة المشاركين غير المباشرين بعقوبة مضاعفة لردعهم وللتخفيف من مشاكل "العصبوية" و"الفزعة"، والتي بدورها تؤثر لا في العنف الجامعي فقط، وإنما في السلوكات المنتشرة في المجتمع أو حتى على مستوى أداء المواطن وإنتاجيته في الاقتصاد.
وأبدى بريزات استعداد المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان للمساهمة في إعداد برامج عملية تتعلق بالجامعات.
• المعايطة: إشكالية "جامعة البلد"
قالت المعايطة إنها وخلال دراستها مع الزملاء في الجامعة، لاحظت أن "الشلة الطلابية" ليست مقتصرة على أبناء عشيرة واحدة، بل كانت متنوعة. أما حالياً، فإن كل جامعة في المحافظات أصبحت "جامعة البلد"، بسبب اقتصارها على أساتذة وطلبة من المنطقة نفسها، حتى إن الأساتذة من المناطق الأخرى "يتواسطون" لإرجاعهم إلى الجامعات في مناطقهم.
ورأت المعايطة أن الجامعات لم تعد تقوم بالدور الواجب عليها، وأن الحالة التعليمية تدهورت، وأن مفهوم الجامعة الذي يعني الجمع بين الأفراد المختلفين للعمل معاً والتحاور تم تغييبه، وأصبح المجتمع يقود الجامعة وليس العكس، لذا غاب الدور التنويري الذي يجب على الأستاذ القيام به.
وحول موضوع الضابطة العدلية التي يجب أن تكون بموجب قانون، أوضحت المعايطة أنه تم إقرار هذه الضابطة في التعليم العالي حديثاً.
ودعت المعايطة إلى التوقف عن لوم الجهات الأمنية وجعلها "شمّاعة" تعلّق القضايا عليها. وأوضحت أن هناك تدخلات لا علاقة لها بالجهات الأمنية، وأن العنف لم يعد يقتصر على الكليات الأدبية، بل شمل كليات الهندسة أيضاً.
• حجاج: اعادة هيكلة الجامعة
رأى عميد شؤون الطلبة في جامعة آل البيت د.خليل حجاج أن ما سمعه في هذه الجلسة "غريب جداً" ويكشف بشكل واضح مقدار بعد المشاركين فيها عن الجامعات رغم كونهم يعملون في التعليم الجامعي. وتابع: يظهر من الحديث كأنه لا يوجد أنشطة أو أندية أو رياضة أو مكتبة في الجامعات، داعياً إلى إعادة هيكلة الجامعات، فعميد شؤون الطلبة يعمل للتخطيط لشؤون الطلبة، وهو مسؤول عن دخول الطلبة وخروجهم وعن الضبط الجامعي أيضاً، فلماذا لا تتولى كلية القانون هذه المسألة.
واقترح أن يكون هناك هيئة عدلية للجامعات، ويكون عميد شؤون الطلبة هو من يقدم الطالب للمحكمة، ويكون هناك قضاة تنتخبهم وزارة التعليم العالي، مما يسهم في حل مشكلة العنف الطلابي. وكشف أن المرحلة السابقة "أفسدها النواب"، فقد كانوا يتواسطون لدى رؤساء جامعات لتعيين أساتذةكثير منهم لا يستحقون التعيين. وتساءل: لماذا لا نحدد حاجاتنا للمدرسين، ونطلب من التعليم العالي تعيينهم، فتطلق الوزارة مسابقة وطنية لتزويد الجامعات بهم.
وتابع الحجاج: طالبنا لغاية الآن لا يميز بين مرحلة المدرسة وبين الجامعة، كأنما انتقل من مدرسة ثانوية إلى مدرسة ثانوية مختلطة.. مقترحاً أن يكون هناك كلّيتا صيدلة في الشمال والجنوب، وكليتان أو ثلاث للطب، لكي نجبر الناس على عدم الاحتجاج على دراسة أبنائهم في مناطق بعيدة نظراً لعدم توفر التخصص المطلوب في منطقتهم، لأن هذا أدى إلى قيام طلبة المنطقة الواحدة بالاعتداء على الطلبة الغرباء.
• المجالي: أزمة تربويه وتعليمية
ورفض مدير مركز "انطلاق" للدراسات والأبحاث خالد المجالي، مصطلح "العنف المجتمعي" سواءً أكان مفهوماً أم مصطلحاً أم ظاهرةً أم عنواناً، فلا يوجد عنف مجتمعي في الأردن، لأن المجتمع الأردني متسامح وطيب ونقي، والدليل على ذلك "الهجرات العربية الوافدة إلينا".
وقال المجالي إن المناهج "ليست أردنية"، وكأنما تم استيرادها، لذا أنتجت طالباً متعباً ومدرساً متعباً ومدرسة متعبة، وكذلك الحال في الجامعات، ولفت إلى الأثر السلبي الناتج من القيام بإلغاء الكثير من المفاهيم والمعايير التربوية، فإذا ضرب المعلم الطالبَ يُسجن المعلم مثلاً، كما لفت إلى حالة الإحباط التي يعيشها الطالب نتيجة عدم توفر فرص العمل بعد تخرجه
وقال المجالي: نحن منذ 30 سنة نعيش تجميداً للعملية التربوية، ننحدر كل عام للأسفل أكثر بلا كوابح، نافياً الحاجة إلى دراسات بهذا الشأن، وداعياً إلى وضع برامج وطنية شاملة وبرامج شبابية جديدة يتم تطوريها لترقى بالشاب الأردني.
ومن المشاكل الموجودة وفق المجالي، افتقارنا إلى مهارات الاتصال، سواءً في الجامعة أو البيت، وأضاف أننا في الأردن نعيش نمطاً اجتماعياً يتولى فيه الوالدان مهمة اختيار كل شيء للابن، فهم يريدونه طبيباً أو مهندساً، فيكبر دون أن يقرأ شيئاً عن التاريخ مثلاً ودعا المجالي إلى محاربة هذا النمط السائد وإلغائه، فلماذا لا يدرس الطالب الموسيقى أو الرسم أو أحد التخصصات التي ما تزال العادات والتقاليد تمنعها.
• العضايلة: نريد "جامعات وطن"
رأى عميد شؤون الطلبة في جامعة البلقاء التطبيقية د.عدنان العضايلة، أن هناك اعتقاداً بأن عميد شؤون الطلبة يعمل كأنه الدركي الجالس في دبابته ويمثل "قوات التدخل السريع" وهذا ليس هو الواقع.
وتساءل العضايلة: مَن مِن رؤساء الجامعات قام بتخصيص جلسة واحدة لمجلس العمداء وللحديث عن الشأن الطلابي المباشر، وكيفية التعامل معه بمنأى عن الخطة والمنهاج مستدركاً أن قلة قليلة جداً فعلت ذلك.
وقال العضايلة إن معظم العنف الجامعي هو عنف مجتمعي، مشيراً إلى خلل في أسس القبول، لافتاً إلى أن المكرمات ساعدت في وجود هذا الخلل.
والحل أن يتم توحيد أسس القبول في الجامعات وفق المعدلات بصرف النظر عن الجهة الداعمة.
وأشار العضايلة إلى أهمية التنوع، فالجامعات لدينا هي جامعات "مدن" وليست جامعات "وطن"، لأن الطالب والمسجل والحارس الذي يقف على الباب والمدرس والإداري من المنطقة نفسها لذا لا بد من التنوع وانتقال طلبة كل محافظة لينتشروا في المحافظات الأخرى.
ومن المشاكل التي لفت إليها العضايلة، زيادة أعداد المقبولين في ظل عدم وجود دعم حكومي للجامعات، بالإضافة إلى نوعية المقبولين.
وحول منهاج التربية الوطنية أكد العضايلة أن هذا المنهاج قد أُفرغ من مضمونه، فهو عبارة عن كتاب تاريخ من المهم فيه أن نعرف متى استقل الأردن أو متى تم وضع الدستور الأردني لأول مرة، ولكن هناك غياب للحالة التي نعيشها اليوم، وأضاف أن مضمون المادة غير مناسب، وربما كان من الأفضل ألاّ يكون هناك منهاج وأن لا يجري تقييم الطالب بعلامات، بل بـ"ناجح" أو "راسب" ويحاسب فيها الطالب على الحضور والغياب فقط.
وأشار إلى قيام مواقع إلكترونية بتهويل ما يحدث في الجامعات بين الطلبة فمشاجرة عادية نجدها في بعض المواقع تحولت إلى "حمامات دماء"، مبيناً أن هذه مشكلة حقيقية كونها تؤجج الموقف وتهوله. وحتى الأغاني الوطنية تعمق مفهوم العنف من خلال كلماتها، وكذلك الأفلام الكرتونية التي تدعو إلى العنف، لهذا وجه العضايلة رسالة إلى الإعلام بضرورة مراقبة وسائل الإعلام.
• حياصات: "الهوية الوطنية الجامعة"
أشار عضو هيئة التدريس في جامعة البلقاء د.علي حياصات، إلى أن الكثير من النقاشات السابقة قد حللت الأسباب وقدمت الحلول الناجعة، وجميعها قابلة للتطبيق والتنفيذ وبإمكانها حل جزء كبير من المشكلة.
وتطرق حياصات إلى قضية تختلف عن القضايا الإجرائية التي طُرحت وهي قضية "الهوية الوطنية الجامعة"، فإذا أردنا القضاء على مسألة العنف الجامعي من جذورها، فلا بد من أن نستشعر وجود "عدو مشترك" يجمع الأردنيين كافة فيتكاتفون نحو القضاء عليه، وهذا "العدو المشترك" لا نحتاج لصناعته مثلما صنعت أميركا "القاعدة"، فهو موجود من الغرب والشرق والمطلوب توجيه المجتمع الأردني نحوه بدل الاعتداء بعضنا على بعض.
وتابع: منذ أن ضيعنا "العدو المشترك" تقسَّم المجتمع أفقياً وعامودياً، وهذه القضية بحاجة إلى إرادة سياسية من أعلى المستويات، لافتاً في سياق متصل إلى أهمية تطبيق "سيادة العدالة".
• الطراونة: بيئة جامعية فقيرة
وأوضح عميد شؤون الطلبة في جامعة مؤتة د.مصلح الطراونة أن عمادات شؤون الطلبة في معظم الجامعات الأردنية تعاني من البيئة الجامعية الفقيرة، بما يحول دون إشراك الطلبة في الأنشطة اللامنهجية كافة، وذلك سبب الظروف المادية الصعبة والمرافق العامة، يضاف إلى ذلك ضعف الأمن الجامعي أو ترهله لدرجة أن الكثير من حالات العنف في الجامعات كان بالإمكان احتواؤها لو كان هناك أمن مؤهل، والسبب في ذلك أن موظفي الأمن الجامعي من كبار السن مقترحاً الاستعانة بشباب مؤهلين من الأمن العام ليقوموا بـ"الأمن الناعم"، ويحافظوا على استقرار الجامعة.
وأقرّ الطراونة أن معظم الكوادر في الجامعات الأردنية هرمة بسبب وقف التعيينات.
وتابع: نعاني كعمداء شؤون طلبة من عدم تعاون أعضاء في هيئة التدريس، فإذا أراد الطالب الغياب عن محاضرة ليقوم بنشاط لا منهجي، يكون رد المدرس برفض العذر.
• نصير: معايير ضبط الجودة
قال عميد شؤون الطلبة بجامعة العلوم والتكنولوجيا د.أسامة نصير، إن انتخابات اتحادات الطلبة هي نموذج "للأمور المحزنة"، وبين أن عمداء الكليات ورؤساء الأقسام يقللون من شأن الدور الذي تقوم به عمادات شؤون الطلبة، فعلى سبيل المثال قد لا يعتمد العميد العذر الذي يقدمه طالب شارك في نشاط تنظمه عمادة شؤون الطلبة، بالإضافة إلى أن بعض رؤساء الجامعات عندما يريد التخلص من موظف مشاكس يقوم بنقله إلى عمادة شؤون الطلبة، وما يؤثر سلبياً في الطلبة.
وأكد نصير ضرورة تطوير عمادة شؤون الطلبة وإعادة هيكلتها، حيث أن الصورة النمطية لها قد تغيرت، لافتاً إلى أن هناك تحولاً وتنوعاً في الأنشطة واستقطاباً لأنواع مختلفة من الطلبة، كما أن هناك مبادرات من الطلبة أنفسهم بحاجة إلى إمكانيات تكون الجامعة قادرة على تحملها.
وتطرّق نصير إلى العلاقة بين الجامعة وكل من القطاع الصناعي والمجتمع المحلي، مشيراً إلى أن عمادة شؤون الطلبة في جامعته بدأت عقد اتفاقيات مع "المولات" والأسواق في مدينة إربد لتوظيف الطلبة، بما يؤدي إلى تأمين الدخل لهم، وبالتالي سيقضي الطالب وقتاً في الجامعة ليحضر المحاضرات ومن ثم يغادر للعمل.
وأوضح نصير أنه يجب أن يكون هناك في كل كلية، وخاصة عمادة شؤون الطلبة، معايير لضبط جودة البرامج والخدمات التي تقدمها، بحيث تسمع آراء الطلبة من أجل تطوير أدائها، كما يجب أن تكون هناك طريقة تفاعلية من خلال المواقع الإلكترونية لإتاحة تواصل الطلبة مع عمادات شؤون الطلبة، فأحياناً يتردد الطالب من تقديم مشكلته مع أحد أعضاء الهيئة التدريسية، وكذلك الطالبات في مسائل التحرش مثلاً.
• الشرعة: سنة تحضيرية
تساءل عميد شوؤن الطلبة في الجامعة الأردنية د.نايل الشرعة: هل الاستثناءات سبب رئيس في العنف الجامعي؟ مقترحاً أن تقوم وزارة التعليم العالي بتطبيق "السنة التحضيرية" المعمول بها في جامعات دول الخليج، والتي يدخل الطالب فيها "أمياً" تقريباً ويتعلم مهارات التواصل والرياضيات والمنطق واللغة الإنجليزية بالإضافة إلى الأبعاد التربوية والسلوكية والمعرفية. حيث أن هذا يمثل برنامجاً تأهيلياً يمكن تطبيقه لمدة فصل أو فصلين دراسيين، سيهيئ الطالب بشكل أفضل للجامعة.
وبالنسبة لعضو الهيئة التدريسية رأى الشرعة أن إدارة الجامعة وعمادة شؤون الطلبة على حد سواء لا تقومان بدورهما لمساعدة هذا العضو.
• الحروب: مرشد اجتماعي للطلبة
وقال رئيس اتحاد طلبة جامعة مؤتة مخلد الحروب إن تنفيذ العقوبات على الطلبة وتحويلهم للمحاكمة وتشكيل ضابطة عدلية، يجعل الجامعة تصبح مكاناً للعقاب، داعياً الجامعات إلى دراسة الدوافع وراء قيام ممارسي العنف الجامعي وإشراكهم في دورات تأهيلية، مشدداً على ضرورة وجود مرشد اجتماعي في عمادة شؤون الطلبة يتبنى معالجة القضايا الطلابية كما هو موجود في المدارس. وأوضح الحروب أن أكثر المشاكل الموجودة في جامعة مؤته ناتجة عن أسس القبول في التعليم العالي التي رأى أنها مبنية على المناطقية.
أما المكرمات والقبولات الاستثنائية فيرى الحروب أنها تمثل هضماً لحقوق الطلبة. ويضيف أن جامعة مؤتة عملت على تشكيل استراتيجية تحت عنوان "كفى صمتاً عن العنف"، ووضعت حلولاً منها اقتراح إعادة النظر في سياسة القبول في الجامعات، وربط معالجة العنف الجامعي بالابتعاث بحيث يقوم الطالب المبتعث بالتوقيع على تعهد خطي على أن تلغى بعثته في حال مشاركته أو تسببه في العنف بالإضافة إلى ذلك تأهيل كوادر عمادات شؤون الطلبة والأمن الجامعي والدوائر الأخرى التي تتعامل بشكل مباشر مع الطلبة عن طريق عمل دورات في التواصل مع الجمهور، وتفعيل الأنظمة المعمول بها في الجامعة والمتعلقة بالعقوبات التي تنفذ بحق الطلبة، وعدم السماح بالتداخلات من المتنفذين والتداخلات العشائرية، بالإضافة إلى تحفيز أعضاء هيئة التدريس للمشاركة في أعمال تطوعية مع الطلبة على نطاق المجتمع المحلي، واعتماد هذه المشاركة لأغراض الترقية، بخاصة في ظل شكاوى من عدم تعاون بعض أعضاء الهيئة التدريسية واقتصار دورهم على التلقين لدرجة تكرار أسئلة الامتحانات وعدم تحديث كتب المناهج.
ورأى الحروب في طرح متطلب إجباري لخدمة المجتمع أمراً ضرورياً، وأضاف أنه ليس هناك تواصل بين الطالب وهيئة التدريس بحيث يشجع الأستاذ الطلبة على إبداء آرائهم في المحاضرات أو استخدام أساليب الحوار في إعطاء المعلومات.
ودعا الحروب إلى تعزيز الوازع الديني عند الطلبة، من خلال نشاطات تقوم بها وزارة الشباب على سبيل المثال، مؤكداً أن هناك مسؤولية على عاتق جميع الوزارات في ما يتعلق بعمل جولات ميدانية بين الطلبة لتثقيفهم بتخصصاتهم ومستقبلهم الوظيفي في أجهزة الدولة.
• القرعان: النشاطات اللامنهجية
تساءل عميد شؤون الطلبة في الجامعة الهاشمية د.ماجد القرعان عن ماهيّة العنف الجامعي؛ وهل يقتصر فقط على المشاجرات والتراشق بالحجارة؟ مضيفاً أن المبالغة في الحديث عن هذا العنف جعلته في ازدياد، كما تساءل عن دور العمداء ومسؤولي الكليات الإنسانية في وضع خطط إبداعية، حيث أن مسؤولية عمادات شؤون الطلبة في الأساس تتمثل بإعداد النشاطات اللامنهجية على مستوى الجامعة، ومن غير المنطقي إقحامها في حل مشكلة العنف الجامعي بكل تعقيداتها.
• كفاوين: تجربة شخصية "إبداعية"
قال الطالب في جامعة البترا عبدالله الكفاوين إن السبب الرئيس لظاهرة العنف الجامعي هو التهميش الذي يعاني منه الطلبة عند محاولتهم الخروج بأفكار جديدة وإبداعية.
وأوضح أن الصورة النمطية والثابتة لعمادات شؤون الطلبة كمشاركة الطلبة أنفسهم في معظم الأنشطة، تجعل منها أنشطة غير جاذبة لبقية الطلبة، ولفت إلى وجود خلل في تعيين أعضاء هيئة التدريس وتأهيلهم للقيام بدورهم.
وأضاف الكفاوين أنه ليس من الضروري أن تحدد المدخلات الجامعية نوعية مخرجاتها، واستشهد بتجربته الشخصية كطالب دخل الجامعة بمعدل متدنٍّ، إلى أن خرج كأول طالب أردني صنع سيارة متكاملة، بالإضافة إلى فوزه بالمرتبة الثانية ضمن فريق في شركة إنتاجية على مستوى الوطن العربي.
• العبادي: الحل من الداخل
قال الزميل الصحفي في "الرأي" حاتم العبادي إن أكبر مواسم العنف الجامعي تتمثل في انتخابات اتحادات الطلبة، وأضاف أن تشخيص هذه الظاهرة لا يكفي لحلها، دون البدء بالتطبيق وبمسؤولية جماعية من الطالب الذي هو نتيجة للسياسات الجامعية، ومن عضو الهيئة التدريسية والكليات والجامعة.
وتابع: أن رسم خط الجامعات وحل مشاكلها يجب أن يتم من خلال أشخاص موجودين ضمن البيئة الجامعية ومن أصحاب الخبرة، لا بالاستعانة بمن هم خارج هذا النطاق.
• الشقران: فريق داعم
قال د.خالد الشقران إن من أهم الأمور التي يجب على التعليم العالي الاهتمام بها، تشكيل فريق من الإعلاميين، حيث أن المؤسسات الدولية عندما تعمل في قضية ما فإنها تشكل "فريقاً داعماً" للجهود في مجال هذه القضية. ومن الملاحظ أن الجامعات غير مهتمة بتكوين فريق يستخدم الوسائل المرئية والمسموعة والإلكترونية للعمل كجزء فاعل على تنفيذ الخطط المتعلقة بأي من مشاكل التعليم العالي القائمة.