المشروعات الصغيرة والمتوسطة: إشكاليات الواقع وتحديات المستقبل

17/10/2012

تستحوذ المشاريع الصغيرة على اهتمام شريحة واسعة من المجتمع الأردني كونها إحدى الرافعات الاقتصادية في مرحلة تستوجب العمل على تبني مشاريع اقتصادية تنموية في ظل تزايد نسبة الفقر والبطالة بحيث يتم من خلالها ربط التنمية بالمشاريع الصغيرة، ومن هنا خلص المشاركون في الندوة التي نطمها مركز «الرأي» للدراسات بعنوان «المشروعات الصغيرة والمتوسطة: اشكاليات الواقع وتحديات المستقبل»، والذين كانوا يمثلون العديد من الجهات المعنية في إدارة هذه المشاريع منها الإدارات المالية وصندوق التمويل وأصحاب مشاريع صغيرة ومتوسطة، إلى أهمية نشر ثقافة العمل بعيداً عن «ثقافة الوظيفة» عبر تحفيز الشباب نحو العمل بالمشاريع الصغيرة، متناولين أهم المشكلات والعقبات التي تواجه هذه المشاريع منها التمويلية والتسويقية، وكيفية التغلب عليها من خلال تنظيم هذا القطاع الحيوي، عن طريق انشاء هيئة مسؤولة عنه، وفي الوقت نفسه داعين الشباب الراغبين بالعمل في مثل هذه المشاريع إلى الابتعاد عن التكرار والتوجه نحو ابتداع أفكار جديدة تعود بالمردود المادي الجيد عليهم وعلى مجتمعهم.

وتالياً أبرز ما تناولته الندوة التي أدارها رئيس مركز «الرأي للدراسات» د.خالد الشقران:project

أعدها للنشر وحررها: جعفر العقيلي و بثينة جدعون

تشرين اول 2012

الخريشة: غياب التشريعات

استهل المدير العام لبرنامج «إرادة» المهندس محمد الخريشة، حديثه بقوله إن هناك تحديات تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الأردن، أبرزها عدم وجود تعريف دقيق لها، وغياب التشريعات الخاصة بها، إضافة إلى حرمانها من الإعفاءات والتسهيلات التي تقدَّم للمتنفذين وأصحاب المشاريع الكبيرة.

وأضاف أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل عماد اقتصادات دول متقدمة مثل أميركا، داعياً إلى تشجيع المواطن نحو إنشاء هذه المشاريع، بخاصة بعد إتخام القطاع العام وعدم إمكانية استيعابه لأعداد كبيرة من القوى العاملة، وازدياد رقعة الفقر ونسبة البطالة.

ورأى أن أصحاب المشاريع الصغيرة يصطدمون خلال استكمال إجراءات الترخيص، بشروط تضعها وزارة البيئة بعضها «يقتل الاستثمار».

ولفت إلى أن هناك حاجة ملحّة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة متأتية من مشكلتي الفقر والبطالة في الأردن، إذ إن هناك جيوب فقر موزعة على أنحاء البلاد، وهي تتطلب فهماً خاصاً للتعامل معها. مقرّاً بوجود معيقات في وجه مؤسسات المجتمع المدني وقدرتها على إدارة أموال المنح، حيث أن توزيع المشاريع غير عادل ويتمركز في عمّان والمدن الرئيسية، كما أن هناك عدم اهتمام بالعمل في الموارد الطبيعية المتاحة، لتوفير فرص عمل لأبناء المناطق.

وتوقف الخريشة عند طبيعة عمل برنامج «إرادة»، موضحاً أنه يشتمل على التوعية، وذلك بالتوجه إلى المجتمعات المحلية والتفاعل معها من خلال الزيارات للفعاليات المختلفة والاتصال بها، وجلسات العصف الذهني لتحديد الاحتياجات، والمحاضرات والجلسات التدريبية التي تركز على قيمة العمل وتحفز المواطنين نحو مباشرة مشاريعهم الخاصة بهم، ورفع ثقافة الاستثمار لدى المواطنين وتعريفهم بفرص الاستثمار، والتوعية في مجال المفاهيم الأساسية للجودة.

ويقدم البرنامج استشارات لمشاريع «إرادة»، وللدوائر التنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني. كما يقوم بإعداد دراسات حول الواقع الاجتماعي والاقتصادي لمناطق العمل، ودراسات أولية لمقترحات مشاريع خاصة بالجمعيات التعاونية، ودراسات قطاعية، ودراسات حول آفاق الاستثمار في بعض المناطق، ودراسات جيوب الفقر.

وبحسب الخريشة، يقوم برنامج «إرادة» بتطوير مبادرات مشتركة مع المؤسسات التمويلية لتوفير التمويل للمشاريع الإنتاجية، والتنسيق والتعاون مع الشركات الكبرى في القطاع الخاص بهدف دعم مشاريع صغيرة من قِبَل تلك الشركات في المجتمعات المحلية ضمن مسؤوليتها المجتمعية.

وحول دور البرنامج في مجال تأسيس المشاريع، أوضح الخريشة أنه يتم مناقشة فكرة المشروع، والكشف الحسي على موقع المشروع، ودراسة عروض الأسعار، وتوجيه المتعامل إلى الجهة التمويلية المناسبة، وإعداد دراسة الجدوى الاقتصادية، ومتابعة التمويل، والقيام بزيارات متابعة للمشروع أثناء التأسيس، وتدريب صاحب المشروع وموظفيه على المهارات الأساسية اللازمة لعمل المشروع.

ومما يُعنى به البرنامج، استدامة المشاريع، وذلك عبر زيارات المتابعة الدورية للوقوف على احتياجات المشاريع في مرحلة ما بعد التأسيس، وتقديم الاستشارات الفنية والمالية والإدارية، وخدمات الدعم الفني. كما يعمل على إعداد دراسات فنية تشخيصية وتقييمية وتقدير كلف، ويراجع مشاريع الجمعيات التي تواجه مشاكل فنية ومالية وإدارية.

ويهدف برنامج «إرادة» إلى إيجاد تجمعات مشاريع ذات عناقيد اقتصادية (صناعات وخدمات مكملة بعضها لبعض تشمل عناصر الإنتاج الكاملة للقطاع نفسه) تستفيد من الميزة التنافسية للمناطق الجغرافية، ومكملة لسلسلة القيم (value chain) للقطاع المستهدف.

كما يسعى إلى إدخال مفاهيم وتطبيقات الجودة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتوعية (Community Awareness)، وتدريب أصحاب المشاريع التي يتطلب تمكينها إدخال أنظمة إدارة الجودة (Quality Management Systems) على عملها، ومنح شهادات(ISO/HACCP) للمشاريع الريادية التي قدم لها (Pre-ISO) من قبل الجمعية العلمية الملكية، وتدريب أصحاب المشاريع التي تعمل في مجال التصنيع الغذائي وخدمات الطعام والشراب على الممارسات السليمة في سلامة وأمن الغذاء وذلك لتحسين نوعية المنتج/ الخدمة لهذه المشاريع وزيادة إيراداتها وضمان استمرارها.

وحول الدعم الفني، أوضح الخريشة أن البرنامج يقوم بتدخلات فنية تهدف إلى معالجة مشاكل الإنتاج، وتطوير المنتج/ الخدمة لتعزيز القدرات التنافسية، ووضع مواصفات مصنعية للمنتج.

وفي مجال التسويق، يتم تقديم الخدمات لعناصر التسويق التي تشمل: المنتج (Product)، السعر (Price)، قنوات البيع (Place)، الدعاية (Promotion) وخدمة العملاء (People).

ويطلق البرنامج مبادرات تنسجم مع الواقع الإنتاجي في بعض المناطق بهدف النهوض ببعض القطاعات الإنتاجية مثل زيت الزيتون واستخداماته، عسل النحل، قطاع الزراعة، قطاع السياحة، التصنيع الغذائي، البوزولانا، والحرف اليدوية. إلى جانب التواصل والتنسيق في جميع المجالات مع الجهات ذات العلاقة من أجل الوصول إلى تفاهمات واتفاقيات من شأنها تحقيق أهداف مشتركة لبرنامج «إرادة» وهذه المؤسسات.

وفي سياق «الزمالة»، يتم إعداد الأفراد الباحثين عن عمل وتأهيلهم بإثراء خبراتهم الشخصية والعملية من خلال إعطائهم فرصة للحصول على تدريب عملي، من خلال ممارسة العمل لدى مؤسسات مستضيفة في القطاع الخاص وفق آلية وأسس وإجراءات واضحة ومحددة، وذلك بالتعاون والتنسيق ما بين برنامج «إرادة» والمؤسسات المستضيفة التي يتم الاتفاق معها لهذا الغرض.

ويعمل البرنامج على مساعدة مؤسسات المجتمع المدني في مجال المشاريع من خلال إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية، إجراء دراسات فنية وتقييمية للمشاريع المتعثرة، إعداد مواصفات فنية للمواد والتجهيزات الخاصة بالعطاءات، تقييم عروض الأسعار، والمشاركة في استلام أعمال العطاءات.

وبيّن الخريشة أن عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تأسست خلال الفترة التعاقدية (1/1/ 2006 لغاية 30/9/2012) كان 3556 مشروعاً، وبلغ حجم الاستثمار فيها 79 مليون دينار، وحجم العمالة المستحدثة وصل إلى 11 ألف عامل.

أما عدد المشاريع المنزلية المنفذة، فبلغ 911، بحجم استثمار يبلغ 747 ألف دينار، وبتوفير 991 فرصة عمل.

كما بلغ عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي حصلت على قروض 2721 مشروعاً، وإجمالي حجم القروض الممنوحة نحو 3 ملايين دينار، وبلغت نسبة الإقراض إلى حجم الاستثمار 56 %.

وحول التوزيع القطاعي للمشاريع المنفذة (الصغيرة والمتوسطة)، بلغ عدد المشاريع المنفذة 3556 مشروعاً، وكما يلي: القطاع الصناعي 512، الزراعي 218، التجاري 1370، قطاع الخدمات 1380، الحرف الايدوية 21، والقطاع السياحي 55.

أما عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة وفق الجنس، فبلغ 2537 مشروعاً للذكور، و775 للإناث، وهناك 244 مشروعاً لمنظمات مختلفة.

وبلغ عدد الذين أنهوا التدريب ضمن برنامج «الزمالة» 2175 شخصاً، وهناك 513 متدرباً تحت التدريب. وزاد عدد الجلسات التدريبية على 2700 جلسة، شارك فيها 5403 شخصاً، أما عدد الندوات والمحاضرات فبلغ نحو 16 00، شارك فيها نحو 35 ألفاً.

وجرى تدريب 3300 من أصحاب المشاريع، وتقديم حوالي 800 إجراء دعم فني، وتقديم خدمات لـ 273 جمعية وبلدية وهيئة.

وقام «إرادة» بتطبيق وتوثيق نظم إدارة الجودة لمشاريع مختارة بما يتطابق مع متطلبات مواصفة الآيزو 9001 لعام 2008، وتوثيق مبادئ الآيزو (Pre-ISO) لمشاريع مختارة، وتوثيق وتطبيق نظام أمن وسلامة الغذاء بهدف حصول المشاريع المستهدفة على شهادة (HACCP)، وتطبيق مبادئ نظام (Pre-HACCP).

الرفاعي: ثقافة الإنتاج

من جهته، رأى مدير عام شركة «تمويلكم» زياد الرفاعي، أن من أبرز المشاكل التي تواجه قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، عدم وجود ثقافة الإنتاج وثقافة المشروع لدى المواطن، مشدداً على أن هذه الثقافة «مسؤولية جماعية يجب بالاهتمام بها منذ المراحل الدراسية الأولى للطلبة»، مستدركاً أن هناك مبادرات كثيرة ومتنوعة على مستوى المدارس والجامعات، لكنها «مبادرات مؤقتة وليست دائمة».

وحول مسألة التمويل، بيّن الرفاعي أنه لا توجد مشكلة تواجه قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في ما يتعلق بالتمويل، فالبنوك التجارية التقليدية تقدم قروضاً بكفالات ورهونات، كما أن قطاع التمويل الأصغر يقدم القروض أيضاً، عبر عشر مؤسسات تمويلية من خلال 85 فرعاً في المملكة، وما يقارب 1800 موظف في هذا القطاع.

وأوضح أن حجم تمويل المشاريع متناهية الصغر، ومنها المنزلية، أو المشاريع المرخصة والقائمة، يبلغ 100 مليون دينار سنوياً من هذه المؤسسات. مؤكداً من خلال ذلك أن التمويل متوفر، لكن فكرة المشروع تكون غير موجودة أو غير ناضجة، إضافة إلى المخاطر العالية لتطبيقها.

وأكد الرفاعي أن المؤسسات التمويلية متوفرة على المستويات كافة، حكومية مثل «التنمية والتشغيل» و»الإقراض الزراعي»، وشبه حكومية مثل «تمويلكم» و»إقراض المرأة»، وغير حكومية مثل «الأهلية» و»الشرق الأوسط».

وحول الجهود المبذولة من وزارة التنمية الاجتماعية، قال الرفاعي إن هذه الجهود تعاني من عدم التنسيق، فثمة مناطق تتلقى الدعم والمنح من أكثر من جهة وهو ما يجعل أبناءها غير متحفزين للعمل، بموازاة مناطق أخرى تفتقر إلى ذلك.

ودعا الرفاعي إلى نشر الوعي بين المواطنين حول النجاحات المتحققة على مستوى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، منوهاً إلى أن إحدى المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع، أن المشاريع المستمرة التي تبلغ نسبتها 60 % لا تتوسع أو تتطور لتوفّر عدداً أكبر من الوظائف.

وأشار إلى قلة عدد المؤسسات التي تتبنى دعم المشاريع المتوسطة، وهي المشاريع التي تحتاج إلى 50 ألف دينار أو أكثر. أما الأغلبية السائدة، فتمنح ما معدله 1000 دينار للمشاريع المنزلية، إلى جانب عدم إمكانية إعطاء قروض من دون ضمانات.

وأوضح الرفاعي أن شركة «تمويلكم» التي يديرها، لا نستطيع إطالة زمن سداد القروض، نظراً لالتزامها مع البنوك التي تقترض منها والتي لا تمنحها بالمقابل فترات طويلة للسداد. وفي هذا المضمار، دعا البنوك إلى لعب دور في توجيه الدعم الاستراتيجي للمشاريع الصغيرة، فهناك دول تقوم البنوك المركزية فيها بتقديم تسهيلات للبنوك الأخرى في سبيل دعم المشاريع في هذا القطاع وتحسين شروط نجاحها.

المحاريق: روح الابتكار

وأوضح مدير المخاطر في البنك الوطني لتمويل المشاريع الصغيرة سامح المحاريق، أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تفتقر إلى روح الابتكار، فالأفكار عادةً ما تكون متشابهة ومكررة، لافتاً إلى أهمية العمل على تطوير ثقافة هذه المشاريع بوصف ذلك خطة استراتيجية وليست إجرائية.

وقال إن هذه المشاريع تمثل تحدياً بالنسبة للأردن، من حيث أهمية وجودها، وما تُنتجه من أمور مميزة تساعد في إبراز هوية الدولة كالأشغال اليدوية.

ولفت إلى أن الكفالات والضمانات التي تطلبها المؤسسات التمويلية تبقى أقل من تلك التي تطلبها البنوك. لكن المشكلة في الأردن تتعلق بالمعلومات الائتمانية وعدم إنجاز نظام بخصوصها رغم حاجتنا إلى ذلك منذ فترة طويلة.

الخلفات: مشاريع صغيرة مشتركة بين الشباب الأردني وشباب الخليج العربي

أوضح استشاري التنمية البشرية د.قيس جمال الخلفات، أن مشكلة المشاريع الصغيرة أنها غير موجهة، أي أنه لا توجد لدينا خطة رئيسية تعبّر عن احتياجاتنا من هذه المشاريع كي يتم توجيه المؤسسات لتمويلها، وينطبق الأمر نفسه على الجمعيات الخيرية والتعاونية. وأضاف أن غياب الإجابة عن تساؤلات تتعلق بهذا القطاع مرده عدم وجود مظلة تشريعية واحدة للمؤسسات التي تقوم على تمويل المشاريع الصغيرة ودعمها وتدريبها. في حين أن المشاريع المتوسطة تحظى بنموذج كامل لإدارة الأعمال.

وأضاف أن المسؤولية المجتمعية أو الاجتماعية للشركات الكبرى أحد التحديات التي تواجه هذا القطاع، إذ إن الشركات تعتمد في تلبية بعض احتياجاتها التكميلية للصناعة والتجارة والخدمات على مشاريع قائمة، لكنها لا تتجه نحو تمويل أو دعم مشاريع صغيرة جديدة لتستكمل احتياجاتها.

ودعا الخلفات إلى وجوب إنشاء هيئة قد تكون شركة مساهمة أو شركة قابضة من شأنها تنظيم قطاع المشاريع الصغيرة، و مسؤولة عن تنظيم هذا القطاع لأغراض الدعم و التمويل بحيث تملك كل المشاريع الصغيرة التي يرغب أصحابها الاندماج فيها ضمن الشركة الأم، ما يقود إلى الديمومة والاستمرارية وإتاحة فرصةً أكبر لتوليد مشاريع صغيرة جديدة في هذا القطاع.

ولفت الخلفات أن هناك استنزافاً غير استثماري واضح في أموال التنمية، إذ إن 21 % من المبالغ المصروفة للتنمية أُنفقت على مشاريع مزدوجة أو مكررة، إضافة إلى إشكاليات تتعلق بتوفير ضمانات لتمويل المشاريع.

وفي ما يتعلق بـ»صندوق تنمية المحافظات»، قال الخلفات إن هذا الصندوق يسعى إلى أن تصبح المجتمعات المحلية شريكاً مكافئاً للقطاع الخاص، مبيناً أن ذلك لا يتحقق إلا بتوفير ثقافة الأعمال لدى ممثلي المجتمع المحلي في هذه الشراكة، مضيفاً أنه يجب على الجهود والبرامج الوطنية أن تتوجه لترسيخ ثقافة المشروع الصغير بدلاً من الوظيفة كخيار استراتيجي مهم من ضمن الخيارات الموجهة لمكافحة الفقر والبطالة، وفي هذا السياق دعا الخلفات أن تخصص الحكومة جزءاً من المساعدات التي تأتينا من الدول الشقيقة لدعم المشاريع الصغيرة وفق آلية واستراتيجية واضحتين، مع تشجيع الاطلاع على تجارب الدول الأخرى بهذا الخصوص.

واقترح الخلفات على وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في فرع التخصص التجاري لامتحان الثانوية العامة بحيث يصبح اسم و مضمون هذا التخصص هو «إدارة مشاريع صغيرة» بحيث يكون 50 % من برنامجه الدراسي تطبيقياً.

ورأى الخلفات في ختام مداخلته أنه يجب التعامل مع المشاريع الصغيرة بطريقة استراتيجية من خلال الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، مبيناً أن إحدى ادوات التقليل من ثقافة العيب وتحفيز الشباب الأردني للعمل يكون بتوسيع قاعدة المشاريع الصغيرة بدلاً من التوجه إلى الوظيفة في القطاعين العام والخاص. داعياً في نفس الوقت إلى توسيع سوق المشاريع الصغيرة خارج الأردن من خلال استثمار علاقاتنا الجيدة مع دول الخليج العربي وفي مقدمتها السعودية لخلق مشاريع صغيرة مشتركة بين الشباب الأردني و الخليجي.

السيد: الحاجة إلى المهارات

قالت صاحبة مشروع «منزلي» هالا السيد محمد علي، إن مسؤولية فشل المشروع أو نجاحه، تقع على عاتق صاحب المشروع أولاً.. وأضافت أن المشاريع المنزلية تحتاج إلى المهارة والدافعية والرغبة في العمل، والتميز في اختيار نوع المشروع، أكثر من احتياجها للتمويل.

عباسي: شروط صعبة

من جهته، أوضح مستشار جمعيات الأعمال المهندس زياد عباسي، أن البيئة الاستثمارية في الأردن ممتازة مقارنة مع الدول الأخرى، مبيناً أن الأعمال الحرة الناجحة لا تزيد نسبتها على 20 % على الصعيد العالمي، وبالتالي ليس مطلوباً من الأردن أن تنجح فيه النسبة المتبقية من الأعمال الحرة!

وأشار عباسي إلى أن هناك مشاريع أثبتت نجاحاً كبيراً، كتلك التي حوّلت الأردن من مستهلك إلى مصدّر لزيت الزعتر البري.

وقال عباسي إن المشكلة الظاهرة في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة تكمن في أن بعض الدول المانحة مثل الدول الأوروبية، تفرض شروطاً صعبة أمام طالبي المنح، مثل طلب إعداد دراسة من 50 صفحة باللغة الإنجليزية عن المشروع وجدواه، الأمر الذي لا تستطيع المؤسسات الوسيطة المساعدة في إنجازه. داعياً إلى وجوب إنشاء هيئة من شأنها تمويل قطاع المشاريع الصغيرة.

بنات: التطوير والتسهيلات

حول موضوع القروض، قال مدير مصنع «عالم الفلاتر» عامر بنات إنه لا وجود لقروض شخصية من دون كفالات، مشيراً إلى أن المشاكل التي تواجه المشاريع المتوسطة أكثر من تلك التي تواجه الصغيرة، نتيجة لازدياد عدد العمال والمنافسة الشديدة مع تجار السلع الصينية، مؤكداً أن توفّر الدعم المالي بفوائد قليلة مع فترات سماح طويلة من شأنه أن يعمل على تطوير المشاريع المتوسطة.

حمد: مفاهيم الإدارة الحديثة

قال الاختصاصي في الموارد البشرية د.زهير حمد إن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل ما نسبته 90 % من المنشآت، كما أن نسبة التوظيف في هذه المشاريع تتراوح بين 50 و60 % من الموارد البشرية في العالم.

ورأى أن التحدي الأكبر يتمثل في مفاهيم الإدارة الحديثة وأساليب التسويق والإنتاج وإدارة الأسواق، فهي بحاجة إلى تطوير سريع. إضافة إلى كيفية إيجاد التلاؤم المستمر في عالم متغير، ومواجهة ذلك بالتخطيط السليم.

يونس: التركيز على جيوب الفقر

بدورها، قالت ممثلة الصندوق الأردني الهاشمي مريم يونس، إنه لا بد من التركيز على جيوب الفقر، لتكثيف المشاريع المقامة فيها، وتشغيل أبناء المنطقة وتدريبهم قبل حصولهم على القروض من خلال مبادرة حكومية كبيرة.

زوانة: معالجة المشكلات

اعتبر الاقتصادي و المصرفي زيّان زوانة أن قضية المشاريع المتوسطة والصغيرة هي جزء من مفهوم التنمية الاقتصادية الشاملة وجزء من منظومة مكافحة الفقر والبطالة، ومركزاً على قضيتين سابقتين هما قضية تسويق محصول البندورة ودور البنك المركزي الأردني في المشاريع التنموية، مدللاً إلى الطريقة التي اتبعتها الحكومة في ثمانينات القرن الماضي في معالجة مشكلة فائض محصول البندورة الذي تم من خلال انشاء مصنع لتصنيع رب البندورة، وبعدها بـ 18 عام قامت الحكومة ببيع المصنع بثمن بخس، متسائلاً ومستغرباً في الوقت نفسه إذا ما كانت باقي المشكلات التي يتم حلها تتبع مثل هذا النموذج في الحل؟!

و أكمل زوانه حديثه حول النموذج الآخر وهو ما ذكر في دافوس حول دور البنوك المركزية عملية التنمية الاقتصادية، والبنك المركزي الأردني يعد عنصراً أساسياً فيها لمدة 15 سنة، إلى أن أوقف هذا الدور، مبيناً أنه كان لدينا مؤسسات متخصصة كالإقراض الزراعي والبنك الإنمائي الصناعي الذي كان عبارة عن مؤسسة رائدة أردنياً وعربياً في تمويل القطاع الصناعي، وبالأخص في ما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة فقد كان هناك صندوق في البنك المركزي يقدم تمويلاً متناهي الكلف للمشاريع الصناعية الصغيرة، و بحسب زوانة أشار إلى أن هناك ما يقارب 15 مؤسسة تعمل بالتمويل والتنمية الاقتصادية والاستثمار في الأردن؟ وهي تشكل عبئاً على المواطن الأردني الذي يفكر في انشاء مشروع صغير، و الميزانية العامة أكثر مما تخفف.

و اقترح زوانة أن تكون هناك مظلة تشريعية واحدة أو قانونية تملك خطة رئيسة واحدة خاصة لكل محافظة، تساعد على معالجة القضية الاقتصادية في هذه المناطق.