المخاض الصعب لولادة ديوان المظالم

07/05/2009

أكد رئيس ديوان المظالم بالوكالة علاء الدين العرموطي خلال الندوة التي عقدت في مركز الرأي للدراسات حول ''ديوان المظالم'' إن الدنمارك اوفت بالاتفاقية التي من خلالها قدمت الدعم لمشروع إنشاء ديوان المظالم من خلال دعم انشاء الوحدة الفنية لتأسيس ديوان المظالم وذلك بتقديم الدعم الاستشاري وتمويل رواتب موظفي الوحدة وانتهى مفعول الدعم بانتهاء مفعول اتفاقية الدعم من شهر 12 العام الماضي بعد إصدار قانون الديوان وتعيين رئيس له.. وأضاف لم تقم الدنمارك في أي وقت من الأوقات بالتعهد رسمياً بتمويل انشاء الديوان . وشارك الحضور حول مدى الجدوى من إنشاء هذا الديوان .

وأشاروا الى ان الملمح العام هو الأجهزة الرقابية مهما كان نوعها يتم تفريغها من مضمونها من خلال التشريعات.

ادار الندوة : هادي الشوبكي

7/5/2009

ديوان المظالم مؤسسة مستقله

قال رئيس ديوان المظالم بالوكالة علاء العرموطي: لقد بدأت فكرة ديوان المظالم بمفهومها الحديث في دولة السويد عام 1805، تحت مسمى ''الأمبودزمان''، أو حامي حقوق الشعب.

وليس في الأمر مبالغة ولا تجن على الحقيقة إن قلنا مفاخرين بتاريخنا الإسلامي أن الفكرة هي ''بضاعتنا وقد ردت إلينا''.

وأضاف: تم إقرارالقانون في السنة الماضية رغم الخلاف على بعض مواده . وظهر المشروع عام 2004 ضمن مؤتمر دولي دعا إلى وجود مؤسسة أو ديوان للمظالم في الأردن. ويفخر الأردن بوجود عدد من المؤسسات التي تُعنى بمراقبة وحماية الحقوق وتحقيق العدالة والمساواة، وهناك العديد من الأبواب المفتوحة أمام المواطنين بدءاً من الديوان الملكي الهاشمي العامر ورئاسة الوزراء الى البرلمان وإلى كافة المؤسسات العامة، سواء المتخصصة منها (مثل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد) او غير المتخصصة ويقابل هذا الزخم عدد من مؤسسات المجتمع المدني التي تراقب اداء المؤسسات العامة وتدافع عن حقوق المتضررين.

واشار العرموطي الى أن هناك حاجة ماسة الى ديوان المظالم الى جانب المؤسسات التي تنظر في شكاوى المواطنين في الأردن .. وأن ما نتطلع للحصول عليه هو مؤسسة مستقلة يتم من خلالها وضع آليات تعالج شكاوي المواطنين المتعلقة باداء المؤسسات الحكومية ومدى التزامها في القيام بواجباتها المنصوص عليها حسب القوانين والأنظمة السارية، ومدى مراعاتها لمبادىء العدالة والإنصاف في قراراتها وممارساتها الإدارية، ومدى التزامها بمعايير الادارة الجيدة.

وقال: ولقد سعت الحكومة وضمانا لتوفير كل متطلبات النجاح لهذه التجربة الجديدة والرائدة في منطقتنا العربية الى الاستفادة من دروس الاخفاقات السابقة والتي تمثلت بتجربة دائرة ديوان المظالم التي تشكلت في رئاسة الوزراء بموجب نظام رقم 23 للعام 199 الى التفويض الواضح والاستقلالية اللازمة وكما سنذكر هنا ديوان الرقابة والتفتيش الذي انشىء بموجب نظام عام 1992 ثم الغي به لاحقا لأسباب متداخلة.. وفي ضوء ما سبق فقد ارتأت الحكومة ان تقوم بصياغة قانون لديوان المظالم يضمن استقلاله ويحدد اختصاصاته ووظائفه وارتباطاته وصلاحياته.وأكد العرموطي ان ديوان المظالم جاء وفق خطوات الاصلاح والتطوير والتنمية الشاملة المستدامة وليس بفعل ضغوط دولية، وأي كلام غير هذا الاطار يكون محض افتراء على الأردن ولقد تبين ان عشرات الآلاف من الشكاوى والتظلمات التي كانت تتلقاها رئاسة الوزراء وغيرها من الادارات العامة من المواطنين لم تكن تجد طريقها الى الحل بل لم يكن يتم اشعار المواطن بتلقي شكواه او بالاجراءات المتخذة عليها وهو ما يدلل على ان انشاء الديوان تعبير عن حاجة وطنية تتجاوب مع متطلبات الاصلاح واستكمال لمنظومة نظام النزاهة.

واكد انه لا يمكن ان يكون له لديوان المظالم دور فاعل إلا بتوافر بعض المعايير المهمة، منها الاستقلالية والقدرة والفعالية ووجود بعض السلطات التي تتيح له الوصول إلى الحقيقة وكفاءة العاملين على هذا الجهاز والاستقلالية، ويوفر القانون هذه العناصر الثلاثة ونتيجتها أن تم إقرار القانون رغم أن هناك خلافاً على بعض المواد.

وأضاف: لا يمكن الحكم على ديوان المظالم الا بعد فترة زمنية طويلة.

وقال: بالرغم من الصعوبات التجهيزية تم إعلان عمل ديوان المظالم في 1/2/2009 وبدأ باستقبال الشكاوي من المواطنين وتم عمل اتفاقية مع البريد الأردني ليتقدم المواطن بشكواه من خلاله دون أي مقابل . وذلك بتعبئة نموذج خاص يحدد فيه مفاصل الشكاوى بطريقة منظمة .

واضاف: يتم التعامل مع هذه الشكاوى بذات الجدية التي يتم التعامل فيها مع الشكاوى التي يقدمها المواطنون للديوان مباشرة، وتم انشاء غرف استماع تقدم للمواطن المساعدة القانونية اللازمة ويمارس ''الواسطة النزيهة'' لحل مشكلة المواطن مع أي وزارة او دائرة حكومية .

وألمح الى ان ديوان المظالم معني بالإدارة العامة ونشاطها والذي فيه تماس مع المواطن .

وإذا لم تكن كذلك فهي خارجة عن اختصاصنا أي كل ما هو خارج عن تعريف الإدارة العامة يخرج عن اختصاصنا وأي شكوى على قطاع خاص أو سلطة قضائية أو أفراد تخرج عن اختصاصنا.

وهو معني بضمان تطبيق القانون ومبادئ العدالة في نشاط الإدارة العامة، وتعاطيها مع المواطنين.

وأشار الى أن حدود الانفصال والالتقاء لديوان المظالم، تعتمد على الشكاوى المقدمة من المواطنين ويستثنى من ذلك ما له علاقة بالقضاء او يخضع للسلطات والهيئات الاشرافية .

وأضاف: انه بالنسبة للخدمات الحكومية فالديوان ليس معنياً بالخدمات الحكومية ولكن يفترض في عمل ديوان المظالم أن يؤدي إلى النتيجة بالتراكم إلى ارتقاء الخدمة الحكومية لأنه معني بأن تقدم الإدارة اداء متفقاً مع القانون والعدالة وهو يراقب على أداء السلطة للإدارة العامة، والقضاء فقط معني بالمراقبة على مشروعية القرار الإداري للنهاية.

وأكد العرموطي انه ليس هنالك تعارض بين عمل الديوان وبقية المؤسسات المعنية بالقضاء وحقوق الانسان؛ لأن لكل مؤسسة عملاً خاصاً تقوم به وقام القانون بتحديد اختصاصات الديوان بشكل يمنع الخلط بين اختصاصاته واختصاصات الأجهزة كما جاء في نص المادة 15 من مشروع النظام وجاء الديوان ليغطي المنطقة التي فيها اتساع لنشاط الادارة التي يظهر فيها مشكلات عدة تخص المواطن، والذي يقوم بدوره بطرح تلك القضايا من خلال البرامج الصباحية في الاذاعات المحلية، ويقوم الديوان بمتابعة تلك القضايا مع كافة المسؤولين .

وأضاف: ان هنالك حالات وافرة العدد من الشكاوى لا تدخل في اختصاص المحاكم، إما لأنها لا تكون ناشئة عن قرار اداري او عن اجراء او ممارسة ادارية او انها تنشأ عن قرار اداري قد يبدو موافقا للقانون ولكنه يفتقر الى العدالة والانصاف او عناصر الملاءمة الادارية، كالتأخير في انجاز المعاملة او المحاباة او الاهمال، او تكون ناجمة عن خلل في التعليمات او النظام او القانون، او محاباة لروح القانون هذه هي في الأعم الأعلى من حالات التظلم التي لا تجد لها حلاً ضمن الأطر التقليدية المشار اليها.

وأكد العرموطي أن السلطة التشريعية معنية بدور ديوان المظالم كعناية السلطة التنفيذية بها ولا يقل عن ذلك. فحسب قانون ديوان المظالم يرفع تقرير الديوان إلى مجلس الوزراء وبدوره يرفعه الى مجلسي الأعيان والنواب.

وقال: في الواقع، هذا نوع من التمرين على تحريك آلية المساءلة السياسية للحكومة عبر تقرير ديوان المظالم الذي يعطي صورة واضحة جداً عن الإدارة العامة.

وحول موضوعات الشكاوى التي يقبلها الديوان او التي تدخل في نطاق عمله قال: ان المادة (3) من تعليمات تقديم ونظر الشكاوى لدى ديوان المظالم حددت الأختصاص الموضوعي للديوان بنظر الشكاوى المتعلقة بالإدارة العامة.

ديوان المظالم مجرد من السلطة وغير مستقل

وحول تقييم واقع تجربة ديوان المظالم بين الدكتور نوفان العجارمة استاذ الحقوق بالجامعة الأردنية انه من حيث المزايا فان الرقابة التي يمارسها ديوان المظالم تدخل ضمن إطار الرقابة الإدارية والتي تتصف:

1_ بأنها رقابة بسيطة وغير مكلفة بالنسبة للمواطنين، فهي لا تحتاج الى محام أو دفع رسوم لغايات فحص التظلمات التي يتقدم بها المواطن،خلافاً للرقابة القضائية.

2_ إن الرقابة الإدارية تطال كافة الممارسات والتجاوزات الإدارية صغيرة كانت أم كبيرة، خلافاً للرقابة السياسية أو الرقابة البرلمانية والتي تسلط الضوء عادة على التجاوزات الكبيرة.

3_ إن سلطة الإدارة تجاه القرار المعيب، سلطات واسعة، فالإدارة تملك سحب قراراتها المعيبة وإلغاءها وتصحيحها حسب مقتضى الحال، فيما يقتصر دور الرقابة القضائية على مجرد إلغاء القرار الإداري، دون أن يذهب القاضي الإداري الى دور أبعد من ذلك احتراماً لمبدأ الفصل بين السلطات.

أما من حيث العيوب، قال العجارمة: بعد دراسة الإطار التشريعي المنظم لعمل ديوان المظالم نقف حائرين عند جملة من التساؤلات، والتي ستنتهي بسؤال حول مدى الجدوى من انشاء هذا الديوان؟ ومن خلال الواقع العملي نقف عند الحقائق التالية: إن صلاحيات الديوان معطاة بشكل أو بآخر إلى عدد من المؤسسات والدوائر الحكومية مثل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد والمركز الوطني لحقوق الإنسان. أعلم أن إنشاء هذا الديوان جاء كمتطلب لمعايير الشفافية الدولية، ولكن يبقى التساؤل ما هي النتائج التي يحققها هذا الديوان في ظل وجود مؤسسات تؤدي نفس الغرض؟

ولقد تلقى ديوان المظالم منذ افتتاحه في 1/2/2009 حوالي 1450 شكوى.

وبين العجارمة أن هنالك حوالي 80% من مقدمي هذه الشكاوى سبق لهم أن تقدموا بذات الشكوى إلى هيئة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة والمركز الوطني لحقوق الإنسان، وهذا بدوره يحدث ازدواجية وإرباكاً في العمل وإهداراً لوقت وجهد أكثر من مؤسسة في آن واحد ولا علم لي بعدد الشكاوي التي حلت عن طريق الديوان.

- هنالك مبدأ مستقر في علم الإدارة العامة، وهو اقتران السلطة بالمسؤولية، ومن خلال استقراء قانون ديوان المظالم نجد أن هذا الديوان مجرد من السلطة، والديوان بوضعه الحالي مجرد ساعي بريد مجاني بين مقدم الشكوى والدائرة الحكومية المشتكي عليها.

- لأن الديوان لا يملك أية أدوات قانونية لإلزام المؤسسات الحكومية بتصويب الأوضاع، لذا ما ثبت إن هنا مخالفة لإحكام القانون.

ما الجدوى من طرق باب الديوان، إذا كان الديوان مجرداً من السلطة، فديوان المظالم بوضعه الحالي مجرد مؤسسة حكومية جديدة انضمت إلى جهاز الإدارة العامة في الدولة، يحمّل خزينة الدولة نفقات مالية باهظة، دون جدوى تذكر. لذا ومن باب زيادة فاعلية الإدارة العامة - اقترح إلغاء هذا الديوان، لأن قانون الديوان لم يستحدث أية مهام جديدة، ومهام الديوان تباشر حاليا من قبل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد.

وأضاف أن النصوص 4-5-6-9-10-11 من قانون ديوان المظالم لأنها تخالف المادة 120 من الدستور وأصبح رئيس ديوان المظالم موظفاً عاماً. وكل تلك السلبيات ناجمة عن التشريع نفسه.

تعديل التشريعات لمنع الأزدواجيه

وفي مداخلته قال الدكتور طالب السقاف، المستشار في ديوان المظالم، ان الحديث حول ديوان المظالم في المستوى الأول هو مستوى التشريعات والسؤال هنا هل التشريعات التي تحكم عمل هذه المنظمات وهذه المؤسسات واضحة وكافية لمنحها حق ممارسة الولاية والمهام الموكلة إليها؟! وهل ذات التشريعات هي التي تقيم الازدواجية في العمل ؟ فإذا كان الأمر كذلك فيجب العمل على تعديل التشريعات ذات الصلة في عمل الديوان، ومنها تشريعات هيئة مكافحة الفساد والمركز الوطني لحقوق الإنسان، وأبعد من ذلك اللجان الوطنية لأنها في المعايير الدولية تعتبر كلها منظومة عمل واحدة تسمى المؤسسات الوطنية المستقلة والهدف من ذلك إزالة التعارض بين صلاحيات هذه المؤسسات، وهي مسألة أساسية ومطلوبة عند إحداث كل مؤسسة أو قبل التفكير في احداثها. ومع ذلك لا بد أن يحدث تداخل في ضوء أن هناك مؤسسات تملك ولايات عامة واسعة وأخرى تملك ولايات صغيرة ومحدودة ولكن الدول التي أخذت بهذه النظم المتعددة للرقابة والأعمال والإدارات أخذت بنظام المؤسسة الوطنية مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان، وأخذت بنظام تخصيص الأجهزة القضائية لأن هناك قضاء ونيابة عامة متخصصة بالفساد وغيرها بالبيئة كلها ضبطت الا
ختصاصات واعادت توزيعها ، وعليه يمكن القول ان هناك دولاً تعمل فيها كل أنواع المؤسسات ولا تتعارض ولا تتداخل صلاحياتها مع بعضها البعض.

واشار الى أن المشكلة في الأردن تكمن في أن 80% من هذه الشكاوي مكرر وهذا لا يرجع إلى الأسباب التي نبحثها في المستوى التشريعي وإنما يرجع إلى وعي المواطن وثقافة الشكوى عند المواطن الأردني، وهذا قد يكون مؤشراً ربما الى عدم ثقة المواطن بكل نظم الانصاف الوطنية المتاحة بما فيها القضاء وهذه المسألة خطيرة، وعليه يجب إزالة الازدواج ومعالجة أسبابه وأن لا يحمل النص القانوني المنشىء للديوان التكرار والازدواج.

وأضاف السقاف: اما على المستوى الثاني فالتعامل مع هذه المؤسسات وقياس إمكانية نجاحها أيضاَ له معايير حددتها الأمم المتحدة وغيرها الكثير من المؤتمرات الدولية المهمة بهذا الخصوص. وأشهر تلك المعايير ما يعرف بمبادئ التعريف التي تحكم عمل المؤسسات الوطنية المعنية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، فبموجب هذه المعايير يفهم أن أول مسألة تحتاج لها المؤسسة هي الاستقلال.. والاستقلال على عدة أنواع يبدأ بالاستقلال التشريعي الذي يعني أن يكون كل تشريع مستقلاً يحكم عملاً صادراً وفق الأوضاع العادية لإصدار التشريعات. وبعدها نتحدث عن الاستقلال التشريعي وعن استقلال المؤسسة في وضع التشريعات التي تحكم عملها في الداخل.

وأيضاً في مطلب الاستقلال هناك الأستقلالان المالي والإداري، وهذا يعني تخصيص مخصصات للديوان في الموازنة العامة مما يقود الى الاستقلال المالي بحيث لا تتحكم الحكومات بمعيار الإدارة.

ولفت الى ان الاستقلال الإداري موجود اصلاً في حالة الديوان، وذلك من خلال التعيين، حيث اختار الديوان طريقة مبتكرة وشفافة في التعيين حيث أنه كلف لجنة مستقلة من غير الديوان لمقابلة الأشخاص الذين تقدموا لشغل الوظائف في الديوان، كما قام في هذا المجال بوضع برنامج تدريبي مكثف وشامل لكل كوادر الديوان، لتدريبها على أعمال نظر الشكاوى والتعامل مع حقوق المواطنين بموجب الدستور والقوانين.

واضاف ان الاستقلال الأخير هو الاستقلال الواقعي، وهو يعني أن لا تمارس ضغوطات على هذه المؤسسات من قبل أي جهة أو من قبل أصحاب مصالح وللإنصاف يمكن القول انه في مسيرة الديوان منذ بدء أعماله للآن لم تمارس أية ضغوط من قبل أي جهة حكومية على هذا الديوان وقد تتعارض التقارير مع وجهة نظر الحكومة ومع ذلك لا تمارس مثل هذه الضغوط ضده ولا يلاحق المركز أو الديوان أو القائمون عليه.

واما المسألة الأخيرة - قال السقار - فهي تتعلق بمعايير النجاح، والكفاءة التنفيذية للديوان وتقتضي أن يتبنى نظم ادارة محببة ومبتكرة ويكون بمقدورها كشف عيوب نظم الإدارة المعتمدة في الدولة، وأن يكون لديها قدرة على الرصد وبالتالي كشف العيوب التي تبدأ بالإدارة العامة مع الأخذ بالإعتبار أن بعض العيوب الإدارية التي تتعلق بالكفاءة التنفيذية لا يتم اكتشافها إلا مع الزمن.

وقال السقاف: يجب ان يكون العنوان الكبير هو هل يملك ديوان المظالم الصلاحيات الكافية لتحقيق أهدافه؟!

تعدد هيئات الشكاوى إيجابي للمواطن

من جانبها قالت د. رلى الحروب ''جريدة الأنباط'': إن تعدد الهيئات المعنية بالنظر في شكاوى المواطنين سواءً كانت متعلقة بالفساد أو متعلقة بترهل أو بيروقراطية أدارية في مكان ما أو ربما انحياز شخص من قبل المسؤولين ضد بعض المواطنين، فلا ضير في تعدد الهيئات، لأن في المجتمعات الراقية هناك أكثر من مؤسسة ربما صلاحياتها متشابكة ولكنها لا تتعارض مع بعضها، يعني ما العيب في أن يذهب مواطن إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان ويقدم شكوى ويذهب أيضاً إلى ديوان المظالم أن لم تسفر هذه الشكوى عن نتيجة؟!.

ورأت الحروب أن توحيد المرجعيات في مرجعية واحدة فيما يتعلق بالشكاوى يحولنا مرة أخرى إلى سلطة أو سيف المرجعية الواحدة التي لا يُعترض على قرارها.

واضافت: المسألة ليست بوجود أكثر من هيئة تمارس صلاحيات متشابهة إلى حد ما . وانما المشكلة في ان تكون هذه الهيئات غير مفعلة كما ينبغي، وأصبح المواطنون يتحدثون عن الفساد في الشارع مما جعل الفساد أخطر ما يهدد كيان الدولة الأردنية وأي دولة في العالم . لأن الفساد ينتج الفقر وينتج عدم الرضا وعدم الأمن وعدم الاستقرار فعندما يشعر المواطن أن الفساد موجود وأن دولته لا تتصرف بما فيه الكفاية لأخذ إجراءات جادة للتخلص من الفساد واقتلاع جذوره من التربة، فإن هذا المواطن يبدأ بالشكوى والتذمر وتتفاقم هذه الشكوى الى أن تأتي لحظة من اللحظات ولا تعلم تبعاتها كيف يمكن أن تنفجر على المستوى البعيد حسب نظرية الانفجار الانفعالي لتراكم الطاقة.

وأكدت الحروب ان المشكلة الحقيقية هي قضية الفساد الإداري والفساد المالي وإلا لماذا يشكو المواطن الأردني الذي يستيقظ من نومه كي يشكو. ويقوم بالاتصال من الصباح مع كل الإذاعات الموجودة ويبدأ بالشكوى، هذا دليل أو مؤشر على أن لدينا نوعاً من البيرقراطية وأنواعاً من الترهل في عمل الإدارات العامة في الدولة . ومن ثم هذا مبرر لأن يمارس المواطن الشكوى التي اصبحت ثقافة.

واشارت الى ان الخطورة التي تهدد عمل هذه المؤسسات ومنها ديوان المظالم ليست التشريعات بحد ذاتها ولكن كيفية تطبيق هذه التشريعات وأهمها مبدأ الاستقلالية الواقعية المفقود لدينا، حيث هنالك ضغوط دائماً تمارس على أصحاب القرار في هذه المؤسسات والمطلوب أن نصل إلى آلية ما في التشريع تجعل مبدأ الاستقلال الواقعي واقعياً لأنه حتى هذه اللحظة هو غير واقعي وفي معظم الحالات التي ترد كمثل هذه المؤسسات.

استراتيجية اعلامية واضحة للديوان

وفي مداخلته تحدث الزميل الدكتور خالد الشقران حول الاستقلالية الواقعية، والسؤال المطروح هو كيف يمكن تحقيق الاستقلالية الواقعية بشكل فعلي في الوقت الذي يتم فيه تعيين رأس الهرم الوظيفي لديوان المظالم من قبل السلطة التنفيذية؟ واما حول الإجراءات التنفيذية تساءل الشقران هل الديوان يستطيع مخاطبة الدائرة المعنية المباشرة وفي حالة عدم استجابة هذه الدائرة ماهي الإجراءات التي تتبعها؟ واقترح الشقران ان تكون هنالك استراتيجية اعلامية واضحة للديوان.

قانون غير اصلاحي ..والتبعية للسلطة التنفيذية وبين النائب محمود خرابشة أن هنالك تحسساً من الأجهزة الرقابية في كل مؤسسات الدولة عندما يتم الحديث عن أي جهاز رقابي خاصة لدى السلطة التنفيذية .

وأشار الى ان الملمح العام هو ان الأجهزة الرقابية مهما كان نوعها يتم تفريغها من مضمونها من خلال التشريعات .

وفيما يتعلق بديوان المظالم فإنه وجد لمحاربة الفساد والواسطة والمحسوبية على أساس تعزيز نبع المساءلة والشفافية وهذه المبادئ حقيقة يلتقي فيها مع دائرة مكافحة الفساد.

والخطوط الفاصلة بين ديوان المظالم وبين هيئة مكافحة الفساد كجهتين رقابتين غير واضحة تماماً خصوصاً إذا تم تصفح قانون كلتا المؤسستين على حدة.

واضاف الخرابشة: ''حتى الأجهزة الرقابية لا تعطى لها صيغة فعالة حتى يمكن لها ان تؤثر في نوع عمل الإدارة العامة أو في مجال مكافحة الفساد والواسطة وبالنتيجة فإن عمل هذه الأجهزة هو توجيه أو عمل استشاري، لا يجد ما يلزمه ولا يوجد ما يحقق الهدف سواء كان ديوان المظالم أوغيره''.

واشارت الى أن ديوان المظالم هو من المؤسسات الاصلاحية التي ينبغي ان يكون لها قانون إصلاحي لكن بالصفة التي تم إقرارها من قبل السلطة التشريعية أضفت عليه طابع البيروقراطية مما رتب عليه عبئاً مالياً وادارياً.

واضاف: عمل الديوان جزء لا يتجزأ من عمل المؤسسات الإصلاحية ونأمل أنه قد يحقق بعض الأهداف المرجوة من تحسين مستوى عمل الإدارة العامة ومعالجة بعض الاختلالات التي نشكو منها نحن المواطنين في عمل الإدارة العامة ويوجد كثير من القضايا التي تحتاج الى معالجة رقابية على عملها والأهداف التي وجدت من أجلها.

وهناك مسألة اخرى تتعلق بحق الشكاوى التي تقدم إلى الديوان اذ ينص القانون على ان للديوان الحق في أن يقبلها أو لا يقبلها وهذا الأمر بحد ذاته غير منطقي .

وبخصوص التجربة الدنماركية قال الخرابشة: انها تجربة ناجحة لأن هناك مفوض برلمانياً على رأسها ولها سلطة قوية بمتابعة كل أنواع الشكاوى حتى تصل إلى مبتغاها ويصدر قرار بحلها. ولكن إذا اللجنة الإدارية لم تلتزم ما الحل؟! والقانون مثلما جاء أفرغ مضمون الكثير من القضايا وكان له الكثير من المخالفات. التي قد تلفت انتباه أعضاء المجلس إلى ضرورة الأخذ فيها حتى يصار لإقرار قانون له شيء من الالزامية أو الواقعية والمنطق.

ويخالف الخرابشة الأكثرية من أعضاء اللجنة فيما ذهبت إليه، حيث يفترض أن يرسل ديوان المظالم تقاريره إلى مجلس النواب وأن يكون ذراعاً رقابياً إدارياً لمجلس النواب كما هو ديوان المحاسبة ذراع رقابة مالياً. وبين ان المادة 119 تضمنت نصاً لديوان المحاسبة لمراقبة إيرادات الدولة ووقتها وطرق صرفها.

وبما أن هذا جهاز جديد هدفه الأول والأخير الارتقاء بمستوى الإدارة العامة وتعديل السلبيات والأخطاء التي تحد من عملها فيجب أن تكون هذه الذراع رقابية إدارية تزود مجلس النواب بالمخالفات الإدارية التي تحصل في مختلف المؤسسات ودوائر الدولة.

وتحدث أن كثيراً من دول العالم تتبع ديوان المظالم إلى مجلس النواب وليس إلى السلطة التنفيذية فمن أعمال الديوان الرقابة على أعمال الوزارات والمؤسسات ودوائر الدولة، وليس كما هو معمول في الأردن من أن الديوان يرسل تقاريره للسلطة التنفيذية وليس لمجلس النواب، وهو ما يعتبر مخالفة دستورية. خصوصاً انه لا توجد آلية من مجلس النواب وديوان المظالم ورئاسة الوزراء بالعمل مع بعضها البعض .

وحسب المادة (5) من قانون الديوان يتم اختيار رئيس ديوان المظالم عن طريق وزير العدل ورئيس ديوان المحاسبة وعضوان من مجلسي الأعيان والنواب وقاضٍ بالدرجة العليا. ونريد اختيار رئيس الديوان لضمان المصداقية والنزاهة.

وبين ان ديوان المحاسبة جهاز متخصص ونوعي، وهو مخالف للدستور فانا لا أريد أن يتبع لي الديوان وأن يكون هناك تنسيق بين السلطات الثلاث ولا يصل الى التشابك والتناحر بينهم.

واضاف ان مجلس النواب أصبح يضيق على نفسه سلطاته الدستورية لذا نحن بحاجة الى إعادة نظر حول ما ''مفهوم الدستور''. وللأسف نحن من خلال الهيئة الوطنية للأردن أولاً والتي أوصت بتشكيل محكمة دستورية كما أوصى جلالة الملك، لم يرَ المشروع النور. واللجنة التي تم تشكيلها من بعض القضاة ورؤساء محاكم التمييز السابقين قالوااأن نظامنا الدستوري والقانوني يكفي ولسنا بحاجة إلى هذه المحاكم.

ولا يمكن أن تتحدث عن نزاهة في القضاء دون هذه المحاكم، لأن المحكمة الدستورية هي التي تعزز الانتماء الدستوري لك. والمادة (59) تصدر قرارات المجلس العالي بأغلبية ستة أشخاص، فكيف يمكن الحديث عن ديوان المظالم ولا توجد استقلالية حقيقية، مثال على ذلك لو كنت رئيس وزراء وقام رئيس ديوان المظالم بنقدي أقبله فوراً، وهذه حقيقة.

وبالاضافة لذلك تحولت مرجعية ديوان المظالم من البرلمان الى الحكومة . لان الماده 121 من الدستور وفق تفسير المجلس العالي لتفسير الدستور ''الحكومة هي التي تقوم بتعيين رئيس الديوان وليس البرلمان الذي نتمنى ان يعين على الطريقة الدنماركية.

واضاف أن من ضمن الأهداف التي جاء الديوان من أجلها هي تحسين العلاقة بين الإدارة الحكومية والمواطنين خصوصاً ان المواطن الأردني يشكو دائماً من الظلم الواقع عليه ولا توجد أجهزة لمتابعة قضاياه. واعتقد أننا بحاجة لإعادة النظر بكل أجهزتنا الرقابية.

مرجعية ديوان المظالم

وحول تساؤل الزميل عبدالله العتوم عن كيفية تحول مرجعية ديوان المظالم من البرلمان الى الحكومة قال الخرابشة: حدثت مناقشات مهمة بين النواب حول قانون ديوان المظالم، خصوصاً في قضية المادة (120) من الدستور التي تبين ان كل تعيين للموظفين بمن فيهم بالتوصية او التنسيب او غير ذلك من اختصاص السلطة التنفيذية، ومن هنا بعد اقرار القانون الحالي تم تحويل مرجعية الديوان الى السلطة التنفيذية. وقد خالف الأكثرية النيابية بعدم ارسال الديوان تقاريره لمجلس النواب حيث ان هذا يفقد القانون مضمونه ومحتواه خاصة وان كثيراً من العالم تتبع ديوان المظالم لمجلس النواب وليس للسلطة التنفيذية.

المناقشات

وحول ما أثاره الخرابشة قال العرموطي: لا أختلف مع النائب كثيراً والحكومة نفسها قدمت نفس المشروع الذي أشار إليه وقد كان أكثر تقدماً ولكن لو تم توجيهه للبرلمان لكان أكثر فعالية.

وأضاف أن المادة (121) تتكلم عن أنظمة وليس عن قانون، والقانون يتمتع بخصائص فريدة وهذا ما أخالف فيه النائب فهو يحتوي على مواد لو استطعنا تطبيقها فمثلاً رئيس الديوان يتمتع باستقلالية كاملة ولا سلطان عليه سوى القانون.

وأنا أعترف أن هناك ضعفاً في عملية التعيين، ولكن رئيس الديوان محصن، فلا تستطيع أي جهة أن تقيله ويعين لمدة 4 سنوات ويجدد له لمرة واحدة. فهذه النصوص يمكن استثمارها وهي مؤشر على اداء جميع الحكومة تنفيذاً لرغبة جلاله الملك الذي أراد أن يكون هناك ديوان مظالم يتم فيه تحقيق المعايير الدولية التي من أولها الاستقلالية. وهناك بعض النصوص التي يستطيع رئيس الديوان أن يستثمرها ويحقق الكثير من خلالها ..

وبالنسبة لموضوع فعالية قانون الديوان قال العرموطي: إنه لا يجوز أن يكون موضوعاً استشارياً وليست سلطة زجر بل يجب ان يكون هو سلطة حقيقية، فكل قوانين العالم لا يملك أحد سلطة الزجر والمعاقبة سوى القضاء، وإذا أردناه كذلك تصبح محكمة.

وأضاف: يجب تشكيل هيئة تنسيقية بين سلطات الرقابة لعمل'' نظام للإحالة''.

وهذا النص حذف، وهذا لا يمنع بأن يحدث فنحن نبذل جهودنا لإيجادها لوضع قانون للإحالة .

وبين في كل العالم هناك ثلاث تجارب فشلت لأنه كان من السهل جداً إختراق الديوان من قبل السلطة التنفيذية.

واكد ان هذا الديوان يمتلك أساليب حديثة غير تقليدية ومن المهم أن يتمتع القائم على هذا الديوان بالحنكة والاستقلالية . وقرارات الديوان تستمد قوتها من القدرة على الوصول الى المعلومة بالاضافة لذلك يجب أن يكون التقرير مبنياً على طريقة مقنعة. ويخضع تقريره السنوي للشفافية الإعلامية الذي يرسل الى البرلمان دون وجود أي سرية بينهما .

انهيار منظومة المدافعه والمناصره ..

وفساد منتشر

ومن جانبه قال الكاتب خالد محادين ان ديوان المظالم لم يرفع الظلم عن المواطن ولم يقم ديوان المحاسبة بالبحث عن الفساد ومحاسبته. ونحن للأسف في كل يوم نسمع عن ضرب معلم وضرب ممرض وطبيب وكانت هنالك قوانين صارمة كان يحكم فيها المواطن لستة شهور بالحبس اذا صرخ بوجه أي موظف عام.. فالسؤال الى اين وصلنا؟!. بالاضافة لذلك لم يعد هناك هيبة للمسؤول او احترام للقوانين.

وبين العجارمة ان تفسير الدستور يختلف عن تفسير القانون العادي، فما نص عليه الدستور مباح وما لم ينص عليه محذور . واضاف انه لا يتفق مع التفسير الذي صدر بالنسبة لتعيين رئيس ديوان المظالم والتفسير لم يكن تفسيراً صائباً .

وبين الدكتور محمد ابو هزيم ان الباحث يشعر في اداء ديوان المظالم كأداة رقابية بأن هناك تناقضاً في كيفية الرقابة على اعمال الادارة والسلطة التنفيذية عموماً وبين التبعية الادارية والتنفيذية لسلطة رئيس الوزراء بأحقية تعيين رئيس الديوان وهذا يشكل تناقضاً كبيراً ما بين الرقابة على اعمال الادارة والسلطة الادارية المباشرة من السلطة التنفيذية ولذلك ارى بأن تعيين رئيس ديوان المظالم يفترض ان يكون منتتخباً من قبل السلطة التشريعية وليس السلطة التنفيذية وذلك اقتداءً بما هو معمول به في القانون الدنماركي.