يقوم مجلس النواب بدور تشريعي ورقابي مهم فيما تقوم الحكومة بدور تنفيذي لا يقل أهمية عن دور مجلس النواب، وفي المحصلة يكمل كل منهما الآخر في رسم وتنفيذ والرقابة على السياسات العامة خدمة لمصلحة الوطن والمواطن التي تمثل الهدف الأسمى.
لكن المتتبع للعلاقة بين الحكومة ومجلس النواب يلاحظ ان هذه العلاقة تختلف باختلاف المراحل والظروف والمتغيرات المحلية والاقليمية والدولية , فتارة يسودها التعاون والتفاعل، وتارة يسودها التباين في وجهات النظر والمواقف، فيما يسودها تارة أخرى ولو بشكل غير رسمي الهجوم والهجوم المضاد.
بالامس القريب شهدنا الحكومة تضع مجلس النواب في صورة بعض المشروعات والخطوات التنفيذية التي قامت بها الحكومة كمشروع الديسي, وقرأنا اشادة بعض النواب بجهود الحكومة، بينما كان بعض النواب قبل واثناء وبعد ذلك يبدون نوعا من عدم الرضا عن اداء الحكومة.
وبالمحصلة نجد ان هناك في العلاقة بين النواب والحكومة تجاذبات وتكتلات وتحالفات قد يصب بعضها في خدمة المصلحة العامة .... لكن قد يصب بعضها الآخر في تعزيز اجواء التنافر وربما عدم الثقة ما بين الحكومة والنواب في بعض الاحيان، وفي ظل هذه الاجواء يقف المواطن حائرا بين الطرفين، فيما يحاصره الغلاء من جهة والضرائب والصعوبات الاقتصادية من جهة اخرى في الوقت الذي لا يلمس فيه أي تحسن ملموس على الدخل العام والمستوى المعيشي، هذا الوضع ألقى بظلاله على أداء كل من الحكومة ومجلس النواب على شكل معوقات او مثبطات انعكست سلبا على المخرج النهائي للعمل العام.
انطلاقا مما سبق فقد جاءت الندوة الحوارية التي عقدها مركز الرأي للدراسات تحت عنوان "العلاقة بين المجلس النواب والحكومة - إطار الشراكة الفاعلة ومعوقات العمل" وشارك فيها عدد من الوزراء والنواب، وقد توقف المشاركون أمام معادلة او نظرية تفسر العلاقة بين مجلس النواب والحكومة وفق شواهد من العلاقات التي توترت في الأشهر الأخيرة حتى وصلت الى مفصل يكاد يكون الأوحد منذ عودة الحياة النيابية للمملكة منذ عام 1989 ، حيث ذهاب كتلة نيابية الى الديوان الملكي الهاشمي العامر تشكو الحكومة ، في بادرة لألغاء دور قبة البرلمان الأردني أداة الفعل الدستورية في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية .
وفي هذه الندوة التي تناولت محاورها طبيعة العلاقة ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ومحددات هذه العلاقة واطر التعاون وبناء الشراكة الفاعلة، معوقات العمل بين السلطتين، وإشكالية الخروج من قوالب الفكر الجامدة إلى ديناميكية الحركة الفاعلة،والسلطة الرابعة حلقة واصل ام همزة قطع، فقد اقتربت " الرأي" كمراقب أيضا من تلمس واقع الكتل النيابية في البرلمان في محاولة لقراءة تشكيلها وحراكها وابراز القنوات المؤسسية للتفاعل بينها والحكومة، وبرغم من تركيز الحكومة والبرلمان على التخلص مما اصطلح على تسميته في البرلمانات العربية دون غيرها بـ "الثلث المعطل" الا اننا على ما يبدو قد وصلنا الى غالبية تعمدت التعطيل في الحراك النيابي المعتمد على مسألتين رئيسيتين كأساس للاستقواء على الحكومة ، وهما مشروع نقل مياه الديسي وتلوث مياهنا من قبل العدو الإسرائيلي .
وقد توقف المشاركون امام عنوان هذه الندوة رافضين ما اطلقه البعض من وصف لشكل العلاقة بين النواب والحكومة بالمناكفة، ومؤكدين على دقة المصطلحات المستخدمة في طروحات المركز حول الموضوع التي تصف العلاقة بأنها قائمة في المرحلة الحالية على التجاذبات بين الحكومة والبرلمان أو التغول والتدخل بعيدا عن المسؤولية المشتركة، فيما قال البعض الآخر أن النظام الداخلي لمجلس النواب لم يعد مناسبا ولا يجعل مجلس النواب مستقلا الأمر الذي ينذر بحدوث تراجع في دور السلطة التشريعية .
وشهدت الندوة نقاشا موسعا حول محددات العلاقة بين الحكومة والنواب ومناقشة المجلس لبيان الحكومة والتزام الحكومة بهذا البيان وطرح الثقة بالحكومة والاستجواب وغيرها .. وتطورت وتداخلت الأفكار إلى حد وصف مجلس النواب على انه رب العمل بإعتباره يمثل الشعب، والحكومة تعمل عند رب العمل ومسؤولة عن تنفيذ العمل فيما يمارس رب العمل دوره في إطار عملية الرقابة والتشريع التي تجري تحت القبة وليس في موقع آخر.
وقد اتفق المشاركون على ان الدستور الأردني المحدد والناظم الأهم لهذه العلاقة حيث يقول في مادته الأولى ان نظام الحكم " نيابي ملكي وراثي" أي ان السلطة التشريعية وبنص الدستور تأتي قبل التنفيذية ، فيما تبين مواده تفصل مواده الاخرى لكل من دور المجلس والحكومة في التشريع والرقابة والتنفيذ كما تبين حدود العلاقة وعملية التفاعل المؤسسي بينهما، مثلما انها تؤصل لدور مجلس الأعيان الذي يشكل الركن الثاني من اركان مجلس الأمة الاردني.
ادار الندوة : د.خالد الشقران
7/6/2009
السرور: مجلس النواب يمثل رب العمل
في بداية الندوة تحدث النائب المهندس سعد هايل السرور الذي قال :عند الحديث عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما يوجد قضيتين يجب التفريق بينهما تجنبا للوقوع باللبس: القضية الاولى وهي النصوص الدستورية الناظمة للعلاقة بين السلطتين التنفيذية والسلطة التشريعية، ومدى التعاون بينهما وحدود هذه السلطات، اما القضية الثانية: فما هو حاصل على ارض الواقع عملياً، فعند الحديث عن النصوص الدستورية يتبادر للذهن المقارنة بما هو موجود حالياً على ارض الواقع, والذي قد يقترب او يبتعد احياناً عن النصوص الدستورية للعلاقة بين السلطتين.
وحول الدستور الاردني ونصوصه والعلاقة ما بين السلطتين اضاف السرور : النص الواضح للمادة (51) من الدستور الاردني يقول بما معناه: ان مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون مسؤولية تضامنية امام مجلس النواب، وهذا النص في الواقع يعطي خلاصة لعلاقة واضحة ما بين السلطات، هناك بالطبع نصوص اخرى تحدد هذه الادوات الناظمة لهذه العلاقة، وترسم وتتحدد المسؤوليات الرقابية والتشريعية لمجلس النواب، وبالتالي تحدد العلاقة ما بين المجلس والحكومة، وعليه يمكن القول انه اذا تم تفعيل هذه المواد الدستورية فإن الحكومة ستكون ملزمة وبنص الدستور بتنفيذ كل ما يقره مجلس النواب، وان تمتنع عن كل ما يعارضه او يرفضه مجلس النواب، وهذا باختصار هو جوهر العلاقة الدستورية ما بين الحكومة ومجلس النواب، حيث الادوات المحددة دستورياً ابتداءً من مناقشة مجلس النواب لبيان الحكومة ومنهجها خلال توليها لمسؤولياتها حيث يحق لمجلس النواب ان يقر او يرفض هذا المنهج من خلال التصويت على الثقة بالحكومة، وهذا يعني ان مجلس النواب مسؤول مسؤولية كاملة عن سياسة الحكومة من خلال مناقشة البيان الوزاري والموافقة عليه او عدم الموافقة عليه, او من خلال مسؤولية المجلس المستمرة في مراقبة التز
ام الحكومة ببيانها.
وفي حال حادت الحكومة عن البيان الوزاري الذي وافق عليه المجلس فإن مسؤولية مجلس النواب تكمن في مناقشة هذا الانحراف عن البيان من خلال مجموعة من الادوات كالمناقشة العامة او السؤال او الاستجواب المنصوص عليها في الدستور او ربما استخدام حقه الدستوري في طرح الثقة بالحكومة.
واوضح السرور ان مجلس النواب بصفته ممثلا للشعب الاردني هو اشبه ما يكون بمثابة رب العمل وان الحكومة تقوم بتنفيذ العمل لصالح رب العمل الاصيل (الشعب) وممثل رب العمل الذي هو مجلس النواب في هذه الحالة مسؤول عن جودة هذا العمل اثناء ممارسة المنفذ (الحكومة) لهذا العمل، خاصة وان النصوص الدستورية تؤكد على ان مجلس النواب مسؤول قبل الحكومة عما يجري مسؤولية واضحة وصريحة من خلال سلطاته التشريعية التي ترسم للحكومة برنامج عملها من خلال التشريعات التي تحدد واجبات الجميع مواطنين وحكومة وايضاً من خلال مراقبة عملها.
لكن وللأسف لا زالت توجد فجوة كبيرة جداً بين النصوص الدستورية وبين ما يجري الآن, ان كان في عمل الحكومة او في مجلس النواب, على ان النقطة الاهم التي ينبغي ان يتنبه اليها الجميع هي انه من مصلحة الحكومة الذكية والقوية ان يكون هناك مجلس نواب قوي, ومجلس النواب الضعيف قد تكون من نتائجه وجود حكومة ضعيفة, وعليه فلا ينبغي ان يعتقد ان إضعاف مجلس النواب هو يأتي دائما لصالح الحكومة, اذ من الممكن ان يكون ذلك من مصلحتها في قضايا آنية وضيقه، ولكن في المحصلة على الحكومة ان تعمل لصالح الوطن, ومصلحة الوطن تكمن في وجود مجلس نواب قوي وفاعل، تتعامل معه الحكومة بشكل جاد من خلال شرح وتسويق قضاياها لتخرج بخلاصات ومواقف قوية.
واكد السرور ان مجلس النواب لا يواجه تغول من السلطة التنفيذية, وانما جاء تغول السلطة التنفيذية نتيجة لتخلي مجلس النواب عن كثير من ادواره الدستورية, ولها أسباب عديدة ربما لا مجال لشرحها، مشيراً الى ان موضوع الدستور حساس جداً والى ضرورة وجود آلية للتحقق من سلامة تطبيق الدستور، خاصة في ظل وجود تشريعات يتعارض بعضها مع الدستور، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هنا ؛ من هي الجهة التي تحكم ذلك وتعمل على اصلاح الخطأ! اذا كانت الحكومة هي الجهة التي تصيغ هذه التشريعات ومن ثم تمر على مجلس الامة الذي يقرها ليكتشف لاحقاً ان هذه التشريعات غير دستورية، في حين تكون الجهة المخولة بهذه الامر في الدول المتطورة اما المحكمة الدستورية او المجلس الدستوري.
واشار السرور الى انه يرجح ضرورة وجود مجلس دستوري، والذي هو اشبه حسب رأيه بديوان المحاسبة، حيث رأى انه مثلما يراقب ديوان المحاسبة كل حركات الدولة المالية فان المجلس الدستوري يراقب ايضاً حركات الدولة الدستورية، وبوجود هذا المجلس فإنه لا يُدفع بقانون لمجلس الامة قبل ان يمر على رقابة هذا المجلس الدستوري الذي يبحث بمدى دستورية او عدم دستورية هذا القانون، كذلك يمكن للمجلس الدستوري ان يراقب كل الأعمال الكبيرة في الدولة من إجراءات الانتخابات الى اعلان مجلس النواب الى حل مجلس النواب، الى القوانين المؤقتة, لكن يشترط لضمان نجاح مهمة هذا المجلس أن يكون مستقلاً ويرتبط برأس الدولة وهو على سبيل المثال معمول به في فرنسا.
اقتراح القوانين
وكشف السرور عن قناعته بأن حق مجلس النواب في التشريع قد سُلب في الدورة العادية السابقة لمجلس النواب, بعد افراغ المادة التي تمنحه هذا الحق من مضمونها، حيث تقول المادة بأنه يجوز لعشرة او اكثر من اعضاء مجلس الاعيان والنواب ان يقترحوا القوانين ويحال الاقتراح الى اللجنة المختصة في المجلس لابداء الرأي ... الخ. فاذا وافق المجلس احال الاقتراح الى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس،
ما فُسر من قبل الحكومة وبعض الفقهاء في الدستور انه يقف دور المجلس عند ارسال المقترح، وان للحكومة تأتي بمقترح آخر جديد لا علاقة له بالمقترح الذي قدمه مجلس النواب وقد سبق وحصل مثل ذلك ، واذا ما اريد اعادة الحق الى المجلس في هذا المجال فيجب ان تكون العملية على النحو التالي : عندما يقترح مجلس النواب مقترحاً معيناً لمشروع جديد فعلى الحكومة ان تلتزم بوضع الصيغة القانونية لهذا المقترح فقط، دون ان تُغير في المضمون ولا بالمقترح، بغض النظر ان كانت تختلف او تتفق مع هذا المضمون وتدفع به الى مجلس الامة، متمنيا في هذا المجال على الخبراء في الفقه الدستوري ان يناقشوا هذه القضية وان يكون هناك رأي واضح فيها.
واختتم السرور حديثه بالقول :ان مما يضعف مجلس النواب تخليه عن حقوقه الدستورية، كما انه لا يجوز للحكومة ان تعطل قانون مشروع حتى ان كان الرأي العام ضده، فالحكومة ملزمة بقبول القوانين وعليها ان لا تعطل القوانين إلا عند إعلان الأحكام العرفية، ويجب على المجلس محاسبة الحكومة عند عدم تفعيل أي قانون وفي أي وقت من الأوقات، لكن الآلية المتبعة في المجلس النواب هي ليست دستورية، على ان اخطر ما تم في هذا الموضوع، - وليعذرني أخي رئيس المجلس – هو انه لا يجوز لرئيس المجلس الذي ينطق بإرادة المجلس ان يصرح بالقول بأن القانون مجحف، فهذه تحصل لأول مرة وهي مسألة وكبيرة وخطيرة جداً, فرئيس المجلس يجب أن يعبر فقط عن إرادة المجلس ولا يختلف مع هذه الإرادة.
العبادي: قوة المجلس يضمنها الدستور
من جانبه قال النائب الدكتور ممدوح العبادي: ان الدستور هو المحدد الرئيس للعلاقة ما بين النواب والحكومة حيث تقول المادة الاولى من الدستور ان نظام الحكم في الأردن نيابي ملكي وراثي، كما يقول إن الأمة مصدر السلطات، وميّز السلطات عن بعضها، فوضع اولاً السلطة التشريعية قبل السلطة التنفيذية، وقال ان السلطة التشريعية مناطة بمجلس الأمة والملك، اما السلطة التنفيذية فهي مناطة بالملك وينفذها من خلال الوزراء، بمعنى ان الدستور الذي يقول ان مصدر السلطات هي السلطة التشريعية وضع مادة في هذا الموضوع حددت بموجبها ماهية السلطة التشريعية كما تحديث المواد 24 و 25 من الدستور عن السلطة التشريعية وفي الواقع تم التطرق لهذه النصوص حتى يعرف المواطنون ما هو مجلس النواب وما هي وظيفته .
اما بالنسبة للمادة 51 التي جاء فيها ان رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون امام مجلس النواب مسؤولية مشتركة فهي تمثل جوهرالموضوع في العلاقة بين السلطتين، فيما تعطي المادة 53 من الدستور للنواب حق طرح الثقة بالحكومة او احد الوزراء اذا ثبت تقصيره في اداء واجباته فيستطيع مجلس النواب ان يطرح الثقة به، وتمنح المادة 56 لمجلس النواب حق اتهام الوزراء، فيما تؤكد المادة 61 على وقف الوزير الذي يتهمه مجلس النواب عن العمل الى ان يفصل المجلس العالي في قضيته.
وفي حين تلزم المادة 91 رئيس الوزراء بعرض كل مشروع قانون على مجلس النواب، ومن حق مجلس النواب من خلال وظيفته التشريعية قبول المشروع او تعديله او رفضه، تمنح المادة 96 لعضو مجلس النواب الحق في مساءلة الوزراء واستجوابهم على أي امر من الامور العامة، فالسؤال والجواب وطرح الثقة وحجبها مرتبطة مع بعضها البعض، ولا يؤاخذ النائب تحت القبة اثناء الجلسات على رأي ولا تصويت. لان اساس العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب هو الدستور الذي يعطي هذه التفاصيل.
وابدى العبادي سعادته بالمصطلحات والتعبيرات التي استخدمت في الندوة على حد تعبيره قاصدا بذلك الحديث عن التجاذبات والاختلافات ومبديا اعتراضه على كل من يستخدم كلمة المناكفة لان الذي يستعمل كلمة مناكفة في الاعلام حسب رأيه يريد دولة شمولية ومجلس نواب يصفق فيه المئة نائب للمسؤول عندما يدخل في حين يكون التصويت بالاجماع تأييداً للحكومة، وعليه فإن كلمة مناكفة تمثل اساءة لكل اختلاف، في حين يحق للمجلس وفقا لاحكام الدستور ان يختلف مع الحكومة مثلما يحق له ان يختلف مع نفسه، ويحق للنائب ايضا ان يختلف مع نفسه ومع زميله ومع الكتلة مع الاخرى، ولا يمكن القبول بتسمية ذلك بالمناكفة، فالمناكفة كلمة سيئة والا اتينا كبصيمة، ودور مجلس النواب هو مراقبة الحكومة لا ان يصفق بمناسبة وبغير مناسبة.
الذنيبات:
واكد العبادي على انه ليس بإمكان أي احد مهما كان ان يخالف الدستور حيث تشير المادة 95 الى انه يحال كل اقتراح من قبل النواب على اللجنة المختصة في المجلس لابداء الرأي واذا رأى المجلس قبول الاقتراح احاله على الحكومة، بمعنى ان رئيس المجلس لا يستطيع ان يخالف الدستور ويحول دون تقديم او رفع أي اقتراح يتقدم به عشرة نواب الى اللجنة المختصة، ومن ثم تقوم اللجنة المختصة بمناقشة هذه المقترحات واعادتها الى المجلس الذي يقرها او يرفضها او يعدل عليها ، ولذلك لا يجوز لرئيس المجلس ان يعطلها.
واقترح العبادي ان يتم تثقيف المواطن وتعريفه بالدستور، مشيرا الى اهمية تدريس الدستور الاردني في في المدارس والجامعات حتى يتعرف المواطنين على الادوار والمهام المناطة بكل من مجلس الامة والحكومة .
وحول العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية اضاف العبادي، الآن ان قسم كبير ممن تحدثوا في الندوة اشاروا الى ان البرلمان ضعيف، وعليه يمكن القول انه اذا كان هناك تغول من السلطة التنفيذية فإن السبب يكمن في ضعف مجلس النواب الذي يعلم الجميع كيف تم ايجاد هذا المجلس فلا يوجد احداً في الاردن لا يعرف ماذا حصل في انتخابات مجلس النواب الاخير وتحديدا ذلك الذي شهدته الدوائر الاولى والثانية والثالثة في عمان والزرقاء واربد وكذلك الامر في مناطق اخرى، فالذي اخرج هكذا مجلس هو أيضا مسؤول عن ضعفه.
باكير: الخلاف بين السلطتين امر صحي
بدورها قالت نانسي باكير وزيرة تطوير القطاع العام: ان الدستور الذي يعتبر بمثابة الوثيقة التي تحدد العلاقات بين الحاكم والمحكوم هو نفسه الذي يحكم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لا سيما وان دستور أي دولة هو بالأصل يمثل انعكاساً لفلسفتها وسياستها وثقافتها والقضايا الاجتماعية والاقتصادية لهذه الدولة، وبالعودة إلى الدستور المكون من 131 مادة ومقسم إلى فصول ومواد منها ما يتعلق بالسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وكذلك بمجلس الأعيان ومجلس النواب وهذه المواد بمجموعها تصل إلى نصف الدستور، والباقي أحكام عامة تتعلق بالمواطن وحقوقه وواجباته، ولما كانت نصف المواد في الدستور تهتم بشكل او بآخر بتوضيح العلاقة ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فإن ذلك يعني ان الدستور قد أولى اهتماما كبيرا بتنظيم هذه العلاقة من خلا مواده لاهميتها وأهمية تنظيمها في خدمة مصحلة الدولة والمجتمع.
وهذا يعني ان المطلوب هنا ان يعي كل جانب هذه النصوص، فعلى السلطة التنفيذية ان تتفهم ما ورد في الدستور وتعرف دورها بشكل جيد، مثلما على السلطة التشريعية كذلك ان تعرف ما ورد في هذا الدستور لتعي دورها وتقوم بكل ما يتعلق به من أعمال، فمرجعية الوزير هي القوانين التي تحكم عمل وزارته، والأنظمة الصادرة عن هذه القوانين، وبإعتبار ان مجلس الامة هو من يجيز ويُشرع هذه القوانين فإن دور الوزير يمكن في تنفيذ التشريعات التي توضع وتقر وتجاز من قبل مجلس النواب، وهذا في الوقع انما يدلل على العلاقة القوية ما بين التشريع والتنفيذ، وبالتالي الرقابة على هذا التنفيذ، وفي حال حدوث اختلافات حول قوانين وأنظمة أو قضايا معينة فهنالك وبنص الدستورسلطة اخرى تقوم بهذه المهمة كالمجلس العالي لتفسير الدستور وغيره.
فالدستور هو الميثاق الذي يمنح السلطة للسياسيين، والاساس في العملية السياسية هو العدل والمساواة وتحقيق ارادة الشعب, والحمد لله فان الدستور الاردني يعتبر من ارقى الدساتير عالمياً وهو فعلاً دستور سابق عصره, فمواده تتحدث عن كل شيء، وتسعف الوطن والمواطن في كل شيء .
وأضافت باكير انه على الرغم من بعض التجاذبات التي تحصل في بعض الاحيان والتي تعود في اغلبها الى اختلاف في وجهات النظر او في اختلاف زاوية النظرالى الموضوع الا ان النقاش والحوار وإيضاح وجهات النظر تؤدي بالتأكيد إلى اكتمال الصورة ما بين التشريع والتنفيذ، لأن من يشرّع لا يرى العقبات التي تواجه عملية التنفيذ، وإنما الوزراء هم من يصطدموا بعقبات عديدة عندما ينفذوا هذه التشريعات ، وقد يؤدي الاصطدام في هذه العقبات إلى الإخفاق في تنفيذ هذه التشريعات وبالتالي دور الرقابة هو الافصاح عن هذه المعيقات وابداء الرأي حول هذه الامور، ولكن في النهاية السلطتين تعملان بهدف واحد هو خدمة الشعب وتحقيق احلامه.
واشارت باكير الى ان هذه الندوات مهمة جدا ومن المهم ايضا ان يشترك بها اكاديميون وباحثون من مركز دراسات واستطلاعات وضروري جداً ان يكون هناك جسم محايد موجود فيما بين السلطتين، ، وانا متأكدة ان الطرفين مهتمان ويتنظران صدور نتائج استطلاع الرأي الذي اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية للاطلاع عليها وفهم دلالاتها وابعادها .
وحول طبيعة العلاقة بين السلطتين قالت باكير من الطبيعي ان يكون في هذه العلاقة مد وجزر بين الطرفين، فيجب ان تكون هناك علاقة تعاون ويجب تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وعلى الخلافات الشخصية بالنسبة للطرفين, لان دور الطرفين في النهاية خدمة المواطن، كما يجب على الطرفين محاربة الفهم التقليدي القائم على افتراض ضرورة وجود علاقة غير صحية الى حد ما، يتناولها الاعلام عبر اخبار الاثارة، وبالمقابل يجب العمل على ترسيخ الفهم المتعلق بالنظر الى هذه الخلافات في وجهات النظر الكختلفة على انها امر طبيعي وصحي ، على ان تغير هذه الصورة لدى كل من الحكومة ومجلس النواب سيقود بالتأكيد الى تغيرها لدى المواطن وتفهمه اكثر لطبيعة هذه العلاقة التي هي بالاصل علاقة تعاون بين الطرفين، حيث ان كل سلطة من هذه السلطات لها دور ويجب ان تقوم به على اكمل وجه.
وحول تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية اوضحت باكير بأنها تتفهم الشعور الراسخ لدى البعض منح حيث وجود تغول للسلطة التنفيذية على السلطة التشريعية ، وربما يعود ذلك الى التاريخ الزمني الذي عاشته السلطتين, والذي يشير الى ان السلطة التنفيذية تمأسست قبل السلطة التشريعية وكان لها صولات وجولات وكان لها اختيارات عديدة للسلطة, لكن وبنفس الوقت فإن السلطة التشريعية تنمو وباضطراد مستمر وهي لها دور واضح في الحياة العامة، ومع ذلك يمكن القول ان قوة السلطة التشريعية هي من مصلحة السلطة التنفيذية، لان السلطة التشريعية اذا كانت ضعيفة او غير مؤهلة او مربكة وغير متفهمة لدورها فإنها في النهاية ستضعف الحكومة نفسها.
واضافت باكير ان ملاحظاتها الشخصية في هذا المجال التي شهدتها على الاغلب وليست بالمطلق على حد تعبيرها، هي ان الاقدر من النواب هم الذين كانوا ضمن خبراتهم التراكمية في مناصب وزارية، او الوزير الذي كان ضمن خبراته منصب نيابي، حيث اثبتت التجربة ان هؤلاء على الاغلب يكونوا الاكثر تميزاً، فالنائب الذي كان في مرحلة ما وزيراً يستطيع تناول الامور بفنية عالية وبحرفية اكثر، لكن الامر المقلق ما طرحه البعض من ان هناك تراجعاً لدى فئة الشباب الذين يذهبون الى صناديق الاقتراع وهذه في الواقع قضية يجب ان نأخذ على محمل الجد من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية, لا سيما وان ثلثا الشعب الاردني من فئة الشباب، والسؤال الملح في هذا المجال هو من اوما الذي اوصل الشباب الى ترك هذا التوجه، ولماذا فشلنا ضمن برامج المواطنة الى تعميق فهم الشباب لأهمية ممارسة حقه الديمقراطي والانتخابي.
واختتمت باكير حديثها بالتأكيد على ضرورة واهمية بذل مزيدا من الجهود في مجال التوعية بالدستور وبأدوار السلطات كافة للاطفال والشباب ولكن ليس بالضرورة ان يكون نصوص عبر التدريس وانما بممارسات اخرى وبرامج لا منهجية حتى يتفهم حقوقه وواجباته ويتفهم دوره.
حدادين : لا شراكة ولا تبعية
وفي مداخلته قال النائب بسام حدادين: ان الحديث عن الشراكة بين السلطتين هو غير علمي وغير دقيق، لان الاصل هنا مبدأ فصل السلطات، وفصل السلطات يقوم على التعاون وليس على الشراكة او على التبعية، وهذا الامر ينبغي ان يكون واضحا للجميع، لكن في العُرف الاردني والتقاليد السائدة ان البرلمان هو ظل الحكومات والحال واحد حيث اختلاط "الحابل بالنابل".
وبين حدادين انه وبالعودة الى النصوص الدستورية والى الإطارات والحوارات العامة ولان هذه الندوة لا تقوم على بحث نظري فقهي مجرد، فإن على المشاركين من السلطتين الاقتراب من الواقع ومناقشته على اساس الارضية التي عُرضت من قبل القائمين على الحوار والتي تعد كافية، وعليه لابد من مناقشة وتفحص الظواهر الموجودة مباشرة على ارض الواقع في هذا المجال.
وحول العلاقة بين السلطتين تساءل حدادين : هل هناك فصل حقيقي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؟ في الواقع ان الجواب لا وانما هناك تغول كبير من السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، ويبدأ هذا التغول من نقطة ان السلطة التنفيذية هي التي تُقر قانون الانتخاب وتخرج به كقانون مؤقت ويستمر هذا التدخل او التغول في اشكال مختلفة كالتدخل في العملية الانتخابية نفسها، والتدخل في الشؤون الداخلية وحديث المظلات. ومما يزيد في الامر سوءً ان النظام الداخلي في مجلس النواب لا ينظم دور السلطة التشريعية او مجلس النواب بطريقة ديمقراطية بشكل يجعله مستقلاً في اداء وظيفته البرلمانية حتى لو لم تكن الملاحظات الأولى واردة، فطبيعة النظام الداخلي لمجلس النواب تجعل منه شمولياً داخلياً، حيث السلطات المطلقة للرئيس، في حين تفتقر إدارة العملية البرلمانية الى الديمقراطية والتعددية ناهيك عن تغييب الرقابة بأشكالها المختلفة, بمعنى اننا امام سلطة تشريعية ومجلس النواب، مكبل ومتغول عليه ولا يمارس حده المتوسط من دوره الطبيعي في العلاقة بين السلطتين.
فصحيح ان هناك فصل على مبدأ القاعدة الدستورية بين السلطات الا ان هناك أشكال من التداخل الطبيعي يمكن أن تظهر في حال الحكومة البرلمانية على سبيل المثال لوجود أغلبية برلمانية حيث يُفترض أن يكون هناك تنسيق وتداخل مع الحكومة لتقديم وجبات تشريعية وتنسيق سياسات حتى تشتغل الحكومة بارادة الاغلبية البرلمانية مانحة الثقة, لكن في الحالة الاردنية فإن الاغلبية البرلمانية اغلبية متذيلة ليس لها شخصية سياسية اعتبارية او برنامجية او سلوكية اذ انها تمنح الثقة وتتحرر الحكومة بعد ذلك من أي التزام مباشر في العلاقة معها، لكن عندما تصبح ادارة البرلمان من خلال مفاتيح برلمانية نيابية او مقاولين برلمانيين تغيب عن العلاقة مظاهر التنسيق والتعاون البلوري الظاهر المحدد لقضايا الاختلاف والاتفاق، الامر الذي اضعف قدرة السلطة التشريعية حتى النهاية على ممارسة دورها الرقابي وحتى التشريعي .
وأضاف حدادين ان السلطة التنفيذية هي المصدر الرئيسي للتشريع لا سيما وانها تزود المجلس بكل التشريعات، مع ان الدستور يعطي الحق لعشرة نواب بأن يقدموا اقتراحات تشريعات لكنها تذهب الى الحكومة باعتبارها صاحبة الولاية العامة لتقوم الحكومة بصياغة النص بما يتوافق مع المصلحة العامة كما تراه السلطة التنفيذية في تلك المرحلة، وعدم اقدام المجلس على استعمال هذا الحق يعتبر مؤشر وهن وضعف وعدم قدرة على ترجمة ارادته السياسية والاقتصادية والاجتماعية الى نصوص دستورية ونصوص قانونية، وحتى في المحاولات البسيطة التي جرت كانت السلطة التنفيذية تصيغ القانون على غير ما اراده المجلس، وفي حالات التداخل المشروع بين السلطات او التداخل المحكوم بنصوص دستورية, ، فينبغي ان لا يتحول هذا التداخل الى تغول.
وحول اطر التعاون وبناء الشراكة بين السلطتين بين حدادين انه كلما كان مجلس النواب مُنتخب بطريقة تمثل المجتمع ومكوناته اكثر، كلما انعكست نتائج ذلك ايجابا على علاقة السلطتين التنفيذية والتشريعية, لأنه حينما تكون السلطة التشريعية سيدة نفسها وتحتكم الى النصوص الدستورية فإنها ستكون قادرة بالتالي على ان تقيم وتنشئ علاقة صحية مع السلطة التنفيذية تقوم على التعاون والاحترام المتبادل وتسلح كل منهما بالنصوص الدستورية، والعكس صحيح, لكن في الحالة الراهنة يمكن القول ان مجلس النواب بتركيبته الراهنة فأن قدرته على ان يمارس دوره الدستوري محل كثير من الشكوك, في حين تكون قدرته على ان يغير في معادلة النخب السياسية الحاكمة هي صفر تقريباً, ولا يمكن ان تقوم علاقة تعاون متكافئة الا اذا تغيرت النخب السياسية التي صنعّت وولدت المجلس بل وتم استبدالها بنخب سياسية تحترم الدستور وتحترم ادوار السلطات.
واختتم حدادين حديثه بالقول : في الواقع ان هذه الندوة حقيقة تشكل نقلة نوعية خاصة وانه لاول مرة يوضع نواب ووزراء في ندوه كهذه لمناقشة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكن للأسف طغى على الحديث الجانب الفقهي والنظري وابتعد الحديث عن مناقشة الحالة الراهنة، مع اننا كنا نطمح الى تفاعل يأخذ شكل اشتباك سياسي حقيقي يسجل خلاله كل طرف ملاحظاته ويمتلك ويقدم الحجة في الدفاع عن نفسه في اطار هذا الموضوع.
الحضرمي: تعزيز أدوات المراقبة البرلمانية
الدكتور عمر الحضرمي قال في مداخلته: لقد اخذ موضوع الإصلاح الديمقراطي يشغل حيزا كبيرا في الحراك السياسي والاجتماعي في الأونة الأخيرة وذلك الحديث عن الحريات وحقوق الإنسان ودور البرلمانات في هذا الإصلاح الذي بدأ منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وفي هذه الفترة شهدنا عودة الحياة الديمقراطية للأردن بعد انقطاع (4عقود) في الوقت الذي شهد العالم تحولات سياسية ( النظام العالمي الجديد) اقتصادية ( العولمة ) ، هذا الأمر تطلب تعزيز دور البرلمانات كمؤسسات رسمية ذات فاعلية وأحدث ضغوطا كبيرة على مجتمعات الدول النامية . كون البرلمان يمثل إرادة الشعب او على الأقل غالبية الشغب ، فهو يشرع ويرسم حدود السلوك السياسي ويساعد في بناء ثقافة سياسية ومراقبة، لذلك غدت الفرضية تقول كلما زادت القناعة لدى السلطة التنفيذية بان البرلمان وجد من اجل ان تتعاون معه كلما انعكس ذلك ايجابا على الطرفين وبالتالي على المواطن.
وحول طبيعة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية اضاف الحضرمي ان العلاقة بين السلطتين هي أكثر ما يمكن ان يؤثر على دور البرلمان وعلى قدرته على المنافسة اذ ان العلاقة تنافسية وحتى نضع الأمر في السياق لا بد من مقاربة قدرة البرلمان على اختيار الحكومة وقدرته على مساءلتها وقدرة البرلمان على الاستقلال وبالتالي في صنع القرار السياسي، وقدرة البرلمان المساهمة في عملية الإصلاح تعديل الدساتير رفع سلطة القرار الأمني عن عاتق البرلمان تعزيز حالة حقوق الإنسان والحريات العامة وعدم تهميش مؤسسات المجتمع المحلي تفعيل الدور الرقابي التشريعي للبرلمان، وتمكين البرلمانيين من اداء عملهم وتأهيلهم لذلك وتحفيز استخدام التقنيات الحديثة وعقد دورات، وتحفيز العمل الجماعي، واخيرا قدرة البرلمان على تهيئة الهيئة الناخبة لأدراك معنى الأصلاح وأهمية الديمقراطية والتعددية السياسية .
واشار الحضرمي الى ان النفطة الاهم في الموضوع تتعلق بمفهوم التنافسية الذي هو مصطلح افرزته العولمة التي حولت النظام الدولي الى نظام اقتصادي سياسي، حيث اصبحت السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومات المتعاقبة وأذرعها صاحبة اليد العليا، مقابل عجز البرلمان عن القيام بدروه الفاعل والمهم في عمليات الأصلاح الديمقراطي والتنمية السياسية وهو مازال يخضع لهيمنة الحكومة ويستخدم لأضفاء الشرعية على اعمالهم وأنشطتها ولعل معظم ذلك قد جاء من التخوف الذي سيطر على النظام السياسي من تغول الحقوق الأساسية للأفراد وضمان حرياتهم العامة على الحريات العمة والصالح العام.
لقد اخذ الأردن بفصل السلطات ( التي مصدرها الأمة ) وشكلت السلطتين العامة من ثلاث هيئات تشريعية تناط بمجلس الأمة والملك . التنفيذية تناط بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه والقضائية يتولاها المحاكم، لكن السلطة التنفيذية لا تزال خارج ادارة السلطة التشريعية لغياب الأحزاب، ولم تكن كذلك الا في حالة واحدة أعقبت نتائج انتخابات 21/10/1956 التي جرت على اساس الكتل الحزبية حيث فاز الحزب الوطني ب 11 مقعدا من 40 عضوا لذلك عهد الملك حسب الى تكليف سليمان النابلسي رئيس الحزب بتأليف الوزارة ثم منعت الأحزاب من 25/4/1957 حتى صدر قانون الأحزاب رقم 32 سنة 1992، وبالمقابل لم يشترط النواب ان يكون رئيس الوزراء او الوزارة من النواب او الأعيان كما لم يمنع ذلك، علما بأن تعيين رئيس الوزراء منوط بالملك وكذلك الوزراء ( هذه صلاحية مطلقة تمارس بأرادة ملكية مباشرة لا يشترط توقيعها من رئيس الوزراء او وزير مختص لأنه لا يكون اصلا هناك وزارة، وليس هناك شرط ملزم امام رئيس الوزراء لاستطلاع رأي النواب التشكيل ولكن يأخذ برأيهم دون التزام، وإقالة الوزارة من اختصاص الملك ولكن المجلس يمكن أي يحجب الثقة عن الوزارة.
ويستطيع المجلس اقالة الوزارة حتى لو حصلت على الثقة ( 2003 اقيلت حكومة ابو الراغب بعد 3 اشهر من حصولها على الثقة 84/110 ، وهذا يعني ان الوزارة بمجملها مسؤولة عن اعمالها امام مجلس النواب وتعتبر هذه المسؤولية احدى اهم دعائم النظام البرلماني فهي التي تضبط عن احتكار الاختصاصات الواسعة في تنفيذ القوانين، وتشمل هذه المسؤولية المساءلة للسياسة العامة للحكومة متضامنة او كل وزير بشكل منفرد ومن هذه المسؤوليات المدنية ( دفع بدل الضرر) محاكمة الوزراء لمن نعتهم القانون فلمجلس النواب ( المادة 56 من الدستور ) حق اتهام الوزراء ولكن بأغلبية الثلثين، والمسؤولية السياسية هذه تعني سحب الثقة بالوزارة، أي ان الدستور اعطى للسلطة التشريعية حق المراقبة
الدستور الأردني والفصل المرن بين السلطات
وحول الفصل بين السلطات قال الحضرمي :في الأردن تملك السلطة التشريعية جميع وسائل المراقبة في النظم البرلمانية السؤال الأستجواب المنافسة العامة والأقتراع بالثقة، لجان التحقيق مناقشة بيان الوزراة، حيث الإطار الدستوري يحكم العلاقة بين السلطتين، وهو مبدأ فصل السلطات ( لو كان فصلا مرنا كما ذكر فالسلطة التشريعية تملك سلطة سن القوانين وسلطة الرقابة على السلطة التنفيذية التي اوكل لها تنفيذ القوانين وإدارة الشؤون العامة والدولة، والنظام السياسي في الأردن نيابي ملكي وراثي . أعطى لكل سلطة استقلاليتها دون حرمانها مع التعاون مع السلطتين الأخريين، ورغم ان امر السلطة التنفيذية منوط بالملك، الا ان الدستور فصل بين منصب الملك ومجلس وزرائه وحصانة من كل تبعه ومسؤولية رغم انها معا يشكلان السلطة التنفيذية كون الملك يمارس هذه السلطة عن طريق مجلس الوزراء المسئول امام مجلس النواب وان اوامر الملك الخطية والشفوية لا تعفي المجلس من المساءلة.
ان ممارسة ادارة السلطة التنفيذية لجميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية قد ارتبطت بثقة مجلس النواب الذي يملك حق منح الثقة او حجبها او سحبها، وهذا قد استعمل مرة مع سمير الرفاعي عام 1963 ومرة مع طاهر المصري قبل ان يشكل الوزارة لكن مقابل ذلك تملك السلطة التنفيذية حق التنسيب للملك بحل مجلس النواب وتحديد موعد اجراء انتخابات جديدة، وهنا الحكومة تحل محل مجلس النواب الذي لم يحدث ان استعمل حقه في سحب الثقة او عدم منحها بل يلاحظ تزايد اعداد النواب المانحين حتى يمكن ان نصل الى انقراض المعارضة ( هذا لان النواب يتخوفون من الحل بذلك غدت وكأن المجلس يبحث عن ثقة الحكومة.
وتدل التجارب على ضعف استخدام السلطة التشريعية لكثير من صلاحياتها مقابل تفرد السلطة التنفيذية باستخدام صلاحياتها الى الحد الأبعد مما قصده المشرع، خاصة وان السلطة التنفيذية تملك صلاحيات اضافية لا تقل عن قوة الحل اهمهما صلاحية اقتراح مشاريع قرارات الى جانب البرلمان صلاحية المصادقة على القوانين وأصدارها وحق الدعوة الأنتخابات مجلس النواب والأشراف على عملية الأنتخاب وأعلان النتائج وحق اصدار القوانين المؤقته وحق حضور جلسات البرلمان والأشتراك في المناقشات وصلاحية دعوة البرلمان الى الأنعقاد وفض دوراته او الدعوة الى دورة استثنائية وحق تمديد الدورة وتمديد المجلس ( سنة ثم سنة) كل ذلك عن طريق الملك
وقد اعطت التعديلات الدستورية للسلطة التنفيذية الكثير من التفوق على السلطة التشريعية فبالرغم من مسؤولية الوزارة امام البرلمان الا ان ذلك لا يعني اشتراكه في اعمال السلطة التنفيذية بل يقتصر على التعاون معها في مباشرتها لأعمالها ورقابته عليها وفي المقابل لم يمنع الدستور السلطة التنفيذية من ان تشارك السلطة التشريعية في وظيفتها وتساهم في بعض جوانب العملية التشريعية بدءا من اجراء الأنتخابات او تأجيلها وأنتهاء بحل البرلمان، واضافة لما سبق فإن موافقة المجلس على مشروع القانون لايعني تعذر امكانية ابطاله ( التنسيب للملك بعد التصديق عليه ، التخلف عن نشره في الجريدة الرسمية ).
وحول الوظائف التشريعية اكد الحضرمي ان الدستورالاردني اعطى الحق للسلطتين باقتراح مشاريع القوانين ولكن المجلس لم يسن قانونا مقدما لو انه قدم اكثر من مئة مرة مشروع قانون من المجلس 11-14 لكن ايا منها لم يصل بصياغته على شكل قانون ( من المجلس 11-14) كان ارتضى مجلس النواب (14) مثلا الذي تلقى قوانين حكومة ابو الراغب بأن يناقش هذه المشاريع فاجتمع 124 مرة اقر خلالها 258 قانونا!! وهذا وقت قصير جدا نسبة الغياب كانت كبيرة لذا جاء الأقرار دون روية.
ومع ملاحظة تنامي قوة النخب السياسية، الا ان دور السلطة التشريعية في التشريع يرتبط عادة بالسلطة التنفيذية ، ناهيك عن ان مجلس الأمة لم يستخدم صلاحيات التشريع وأكتفى بمناقشة مشاريع الحكومة لذا فانها صاحبه رؤية فيها فتساهم بفاعلية في مناقشة القوانين ومن ثم اقرارها، وذلك لضعف الرقابتين الادارية والقضائية وكان المفروض ان تصبح الرقابة اهم وسيلة بيد البرلمان.
وعن وظائف النواب الخدماتية قال الحضرمي تسللت هذه الوظيفة عبر وظائف صنع القوانين وإقرار القواعد العامة التي تحكم الدولة وتحكم الرقابة وأخذت تتداخل معها وتتعاظم الى درجة انها أصبحت هي الوظيفة الأهم بالنسبة للنائب والناخب وأكثر من ذلك اصبح النائب يسخر بل ويستغل على حساب وظائفه التشريعية والرقابية وذهب النائب الى ابعد من ذلك فمن خلال التشريع والرقابة راح النائب يتبنى المشكلات ويثير لها ليضغط على الحكومة وعلى السياسات العامة، مع علمه بصعوبة تمرير ذلك الا انه يهدف الى الحصول على منافع وخدمات لناخبيه. وقد ساعد على ذلك ضعف الأحزاب وقانون الانتخابات ونظام تقسيم الدوائر اذ ادت هذه بمجموعها الى ان يلتفت النائب الى تقديم الخدمات الفردية الأمر الذي جعله تحت رحمة الحكومة، وللأسف أصبحت هذه الوظيفة رغم سلبياتها الكثيرة مقبولة اجتماعيا وسياسيا 78% من النواب وضعوا اولوية 8% وضعوا التشريع اولى 16% وضعوا الرقابة وبذلك
اصبح الناخب يبحث عن المصلحة الفردية ونسي تماما ان المسألة الخدماتية هي من وظيفة الحكومة وليس النواب النائب مصطفى العماري 18/7/2004 العرب اليوم النائب محمد ارسلان 19/7/2004 الحدث.
وحول اطر التعاون وبناء الشراكة الفاعلة اضاف الحضرمي من السهل تحقيق ذلك بشرط اعادة صياغة مفهوم حدود كل سلطة وان يكون الهدف الأساس الوصول بالدولة بالمواطن الى المرتبة الأفضل وان لا تهمل اية سلطة وظيفتها ما حدث عندنا في الأردن ان السلطة التشريعية غفلت عن كثير من وظائفها وكذلك فعلت السلطة التنفيذية. وبدأت السلطتان بالتنافس والتناحر في سبيل تحقيق مكاسب ذاتية حتى لو ادي ذلك الى ضعف هنا وضعف هناك، حتى اصبحنا نتحدث عن قدرة البرلمان على المنافسة وليس على التعاون او حسن الأداء، لذلك يجب اعادة المجلس لهيبته عن طريق الخروج من مأزق الوظيفة الخدماتية وتفعيل أدوات المراقبة من السؤال، الأستجواب والتحقيق، ومن خلال متابعة حثيثة لمفاصل أضافت وسائل مراقبة اخرى مثل المناقشة العامة والاقتراح رغبة والشكاوى والعرائض ولجان التحقيق.
واختتم الحضرمي حديثه بالقول انه لتجاوز معوقات العمل بين السلطتين يجب مراجعة الأطار القانوني في اتجاه تشجيع مجلس النواب للقيام بدوره،واعتماد مبدأ المنافسة بين السلطتين،وتطوير البرنامج الأعلامي للمجلس،وزيادة قدرة البرلمان على اختيار الحكومة ومساءلتها، وتعزيز استقلالية البرلمان تشريعيا ورقابيا وابعاده على التدخل في الوظيفة الخدماتية، وتعزيز مساهمة المجلس في عمليات الأصلاح والتنمية الشاملة، وتقليص التفاوت بين صلاحيات السلطتين على السلطة التشريعية، والعمل على الزام الحكومات للقيام بمتابعة احوال الدوائر ليس منّة منها ولكن واجب، وتعزيز البرلمان لأدوات المراقبة المتوفرة لديه.
الزعبي: التوازن بين ادوار السلطتين
وقال غالب الزعبي وزير الدولة للشؤون البرلمانية انه لا يوافق على قراءة الوضع الحالي للعلاقة بين النواب والحكومة من خلال رؤية سوادوية, خاصة وانه وعلى حد قوله قد مارس ادوارا في المحطتين (نائب ووزير) , مشيرا الى ضرورة الاعتزاز بالدستور الاردني (حام الحريات) الذي يعتبر من الدساتير المتقدمة، حيث ان فكرة الدساتير اساساً في العالم ما انبثقت الا لترسخ وتحمي الانظمة الحرة, وقد شهد الدستور الاردني تطوراً عظيماً من عام 1928 حيث كان منحة من رأس الدولة الى دستور 48 و52 حيث اصبح علاقة عقدية بين الامة والملك، ويقصد بالامة في هذا السياق ممثلوها الذين وضعوا الدستور, ويجيز الدستور الاردني في حال غياب الملك ان ينوب عنه نائباً في البرلمان،فكل هذه النصوص تؤكد على ان الدور المعطى للسلطة التشريعية هو دور سام على الاقل في الجانب النظري القانوني الدستوري .
واضاف الزعبي ان هناك توازنا بين الادوار وبين السلطات الممنوحة لكل سلطة، او بين المكنات الممنوحة لكل سلطة, فالسلطة التنفيذية ربما تنسب بحل البرلمان, ولكن السلطة التشريعية او مجلس النواب يمكنه ان يسحب الثقة او يحجب الثقة عن الحكومة فُرادى او مجتمعة, ويحاكم البرلمان الوزراء ويتهمهم, في حين ان مبدأ فصل السلطات المعمول به في الاردن صيغ وفق التطور المعاصر لمبدأ فصل السلطات، حيث ان مبدأ فصل السلطات ليس عزلاً جامداً بل هو فصل مرن، لان العزل الجامد يعني حالة القطيعة، بالأمس فقط سمعنا ان عريضة توقع في البرلمان بالغاء نص بقانون الثقافة المتعلق بفرض رسم 5% لصالح الثقافة على الاعلان، واحتراماً لهذه الرغبة وقبل ان يصل الأمر الى الحكومة بادرت الحكومة بتنسيب تشريع لإلغاء هذا القانون وهو مدرج في جدول أعمال الدورة الاستثنائية المقبلة.
وأكد الزعبي ان الدستور الأردني الذي يسمو على كل ما سواه من التشريعات يتضمن حرصا شديدا على تعزيز التعاون بين السلطات، ورغم قول البعض من انه لا شراكة بين السلطتين الا اننا نؤكد ان هناك شراكة حقيقية في التشريع وكذلك في الادوار المكملة لبعضها البعض, ولا يقتصر التعاون والشراكة بالتشريع على توقيع جلالة الملك للقانون بل تشارك الحكومة بديوان التشريع ولجنتها القانونية وتدفع بالنصوص والتشريعات الى البرلمان، يمكن القول ان 90% من مشروعات القوانين لم يأت من البرلمان, كما تقوم الحكومة بدور الدفاع عن هذه التشريعات بعد صياغتها، وقد كنت رئيساً للجنة القانونية واعرف حجم الجهد المشترك الذي يبذل من النواب والحكومة في سبيل وضع نصوص لابناء الشعب الاردني, هذه النصوص ليست لمشاكسة المجلس للحكومة ولا لمشاكسة الحكومة للمجلس بل لانها امانة ومسؤولية تقع على عاتق السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وحول إمكانية إسقاط الحكومة ان من حق مجلس النواب إسقاط الحكومة التي تقف معهم على سوية واحدة من الدستور الذي وضع حدوداً دستورية لهذه السلطات بما فيها حقه في اسقاط الحكومة , فالكل يقف عند حدوده الدستورية ليس وجلاً وانما ايضاً احتراماً للدستور واحتراماً للآخر ايضا، واذا لم يحترم كل من الطرفين الآخر فعندها قد تحدث هناك فجوة ويقسو كل واحد على الآخر ويصبح التلاقي والتوافق على المصطلحات الوطنية والهموم الوطنية صعب المنال، فيوجد في الأردن عُرف دستوري, ، والعلاقة بين السلطات في الاردن ليست محكومة فقط بالنصوص الدستورية بل أيضا محكومة بالعُرف الدستوري، علما بأن العُرف الدستوري يعمل به في كل الدول الديمقراطية والدول القائمة على النظام الحر .
وحول القوانين المؤقته قال الزعبي من موقعي كوزير بالحكومة اعتقد جازماً بأنه لا يوجد نائب في أي دولة يرحب بالقوانين المؤقتة، لأنها تُسن في حالة ضرورة ونتمنى ان لا نتعرض لحالة ضرورة تتطلب سن قوانين مؤقتة، وفهمي لحالة الضرورة هو أنها قوة قاهرة وظروف لا تحتمل التأخير, وان ما ما حدث في عام 2001 هو امر شيء غير مسبوق وحالة نأمل ان لا تتكرر حيث تم سن (211 ) قانوناً مؤقتاً خلال حقبة زمنية قصيرة أُستثمرت فيها غيبة البرلمان, وقد كنت احد الناس الذين شاركوا اخواننا النواب بحمل هذا العبء الكبير الذي القي على كواهلنا، علما بأن الدستور ينص على ان هذه القوانين المؤقتة التي تكون دائماً مشوبة بالتغول ومشوبة بالتفرد في اتخاذ القرار يجب ان تعرض على المجلس في اول دورة تعقب فترة الانقطاع .
ذنيبات: اختباء الوزراء خلف جلالة الملك
بدوره تساءل النائب عبدالحميد ذنيبات عن السبب في غياب دور مراكز الدراسات في تنمية الحياة السياسية في الاردن عبر مثل هذه الحلقات النقاشية والدرسات التي يمكن ان تثري الفكر السياسي الاردني في هذا المجال، منطلقا من اعتبار ان مراكز الدراسات في دول العالم تصنع رأياً عاماً وتنور وتثقف في حين انها في الاردن لا زالت تغيب عن القيام بمثل هذا الدور.
وأضاف ذنيبات انه لا يختلف اثنان في الأردن على وضوح نصوص الدستور الأردني نصوصه والنقاط المهمة جداً التي تضمنها والتي سبقت عصرها من حيث التفصيل والتأصيل لادوار وواجبات ومسؤوليات كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هو ما مدى وجود هذه النصوص في الحياة البرلمانية في العلاقة بين السلطتين؟
وحول النصوص الدستورية قال ذنيبات انه توجد حقوق وقضايا كثيرة وجميلة اعطاها الدستور للنائب, النائب يسأل، النائب يستجوب، يحجب الثقة, يتهم حسب اجراءات معينة, ولكن ما انعكاس ذلك على علاقته مع السلطة التنفيذية؟ فعندما يقوم نائب بتوجيه سؤال لوزير معين حسب النصوص الدستورية فعلى الوزير ان يتقبل السؤال بصدر رحب, مع انه لا يجب ان يهم النائب ان تقبله بصدر رحب ام لا، الا ان ذلك ينعكس سلباً على هذه العلاقة ، حتى ان بعض الوزراء يطلب من النواب الذين لديهم تساؤلات ان لا يطرحوها تحت قبة البرلمان وانما عبر حديث شخصي بينهما، الامر الذي بات يفقد السؤال مضمونه والقصد منه، بينما اذا استوجب النائب وزيراً فان الامر يصبح اكبر بكثير, علما انها لم تحصل في هذا المجلس الا مرة واحدة مع النائب عواد الزوايدة،
واكد ذنيبات ان من مصلحة الوطن والمواطن وجود مؤسسة تشريعية قوية تشرع وتراقب وتسأل وتستجوب حول كل ما يتعلق بالمصلحة العامة، وعليه فإن كل من يعمل وكل من عمل على اضعاف المؤسسة التشريعية الاردنية اخطأ في حق الوطن، والواقع انه لا يمكن اخفاء حقيقة ان مجلس النواب الحالي ضعيف، لكن السؤال ما هو سبب هذا الضعف؟ السبب هو تغول السلطة التنفيذية على دور وواجبات السلطة التشريعية، فقبل قليل تحدث وزير الشؤون البرلمانية وهو نائب وزميل سابق عن القوانين المؤقتة واذا كان اهم قانون في الحياة السياسية الاردنية ( قانون الانتخاب) هو قانون مؤقت فكيف يمكن اصلاح هذه العلاقة! وما هو دور جميع الاطراف في هذا الموضوع ، فإذا كانت هناك ارادة سياسية حقيقية لتنمية الحياة السياسية في الاردن فيجب اصلاح هذا الامر, والمشكلة الاكبر انه حتى لو تم القبول بقانون الصوت الواحد فتبقى مشكلة تطبيق هذا القانون بنزاهة ودون تدخل في الانتخابات ودون الدخول في معارك ، واسمحوا لي هنا ان اتحدث عن تجربتي الشخصية ففي كل انتخابات اجد نفسي في معركة ولا اكون في انتخابات سواء امام دائرة الاحوال المدنية في تبديل البطاقات اوعند الحاكم الاداري والاجهزة الاخرى المختلفة.
وهذا بطبيعة الحال تغول من قبل السلطة التنفيذية في عملية اجراءات الانتخاب وما يتبع ذلك من تركيبة مجلس النواب الناتج عن هذه الانتخابات وهذه بداية الضعف في مجلس النواب، مما جعل الناس الآن فاقدين للثقة بالمجلس، الامر الاخر وبصراحة سيكون على شكل سؤال وهو هل يصل احد الى سدة رئاسة مجلس النواب دون تدخل؟ والجواب الواضح ( لا ) بل انه اذا لم يوجد رضى وترتيب مسبق لن يتحقق ذلك لاحد! وهذا يدفع للقول بأن تغول السلطة التنفيذية وتدخلها في الشأن واضح جداً.
اما عن قانون دعم الثقافة فيمكن طرح التساؤل التالي اذا كان مجلس النواب قد رفض القانون في المرة الاولى ، فهل كان من المصادفة ان يوافق عليه المجلس عليه في الجلسة التالية بالاغلبية ؟
واضاف ذنيبات ان النظام الداخلي للمجلس يعتبر سببا مهما من اسباب اضعاف المجلس، وقد شاركت شخصيا في صياغة ثلاثة قوانين قُدمت عن قانون الغاء اتفاقية وادي عربة, واقتراح بتعديل قانون الاحزاب, واقتراح بتعديل قانون الاجتماعات العامة, لكن للاسف لم يعرض أي منها على المجلس، ولم تحول الى اللجنة وحتى لم تخرج من درج رئيس المجلس، وهذا عائد بالطبع لضعف النظام الداخلي الذي جعل السلطة كلها بيد رئيس المجلس.
على ان اهم اسباب تغول السلطة التنفيذية بحسب الذنيبات هي التي تملك القوة المحركة للنواب بالاتجاه الذي ترغبه الحكومة هي الخدمات، فإذا كان دور النائب الحقيقي الرقابة والتشريع, فكيف لهذا النائب المجبور على العيش ضمن منطقة عشائرية ان يكون حرا في ابداء رأيه في الحكومة ومراقبتها وهو يعلم انه بحاجة اليها من اجل تحقيق الخدمات لناخبيه؟ علما بأن نواب المعارضة عندما يطلبون الخدمات من الوزراء يجيبونهم بأنكم حجبتم الثقة عنا فلماذا تأتون الينا؟
واختتم النائب الذنيبات حديثه بالقول ان النقطة الاهم وللأسف هي ان الوزراء والحكومة يختبئون خلف جلالة الملك, وهذه في الواقع مصيبة، فاذا اراد احد النواب ان يعارض قانوناً تجد انهم يداهمونه بالقول ان هذا القانون يمثل رؤية جلالة الملك، وفي هذا يمكن القول انه على الرغم من ان جميع الاردنيين لا يختلفون على مكانة واحترام جلالة الملك الا ان جلالته لا يقبل ان لا يمارس مجلس النواب دوره ومسؤولياته الحقيقية في خدمة الوطن, ومثال الاقاليم ليس عنا ببعيد حيث كان يقال لكل من عارض المشروع بأنكم تعارضون جلالة الملك، الى ان قرر جلالة الملك بناء على متابعته الواضحة للنقاش والحوار الذي شهده المجتمع الاردني حول هذا الموضوع بالتدخل وتعديل الفكرة .
وبناء على كل ما سبق يمكن القول انه اذا اردنا مؤسسة تشريعية برلمانية قوية فيجب البدء من عدة نقاط من اهمها اجراء بعض التعديلات الدستورية، حيث توجد بعض القضايا الدستورية التي تحتاج الى تعديلات حتى يعود مجلس النواب فاعلا ومؤثرا، اضافة الى وضع قانون انتخاب عصري حقيقي تتفق عليه كل اطياف المجتمع الاردني ، علما بأنه يوجد في الاجندة الوطنية اقتراح لقانون اتفقت عليه كل الهيئات الاردنية، واخيرا عدم التدخل انتخابات المجلس ورئاسته وتطوير النظام الداخلي للمجلس حتى لا تصبح السلطة كلها منوطة برئيس المجلس.
العجارمة: حكومة قوية وبرلمان ضعيف
واشار الدكتور نواف العجارمة أستاذ القانون العام في الجامعة الاردنية الى ان المشرع الدستوري الأردني قد نظم في دستور سنة 1952 العلاقة ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية: حيث اخذ الدستور الأردني بالنظام النيابي البرلماني والذي يرتكز أساسا على وجود رئيس دولة غير مسؤول(المادة 30 من الدستور) وبرلمان منتخب(المادة 67 من الدستور) ووزارة مسؤولية أمام البرلمان المادة (51) من الدستور ، مثلما اخذ أيضا بمبدأ الفصل ما بين السلطات حيث أناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة وجلالة الملك، كما أناط السلطة التنفيذية بجلالة الملك يتولاها بواسطة وزرائه وفق أحكام الدستور، كما قرر استقلال السلطة القضائية.
ولم يأخذ الدستور الأردني بمبدأ الفصل ما بين السلطات كعقيدة مجردة بل اوجد تعاونا وتعاضدا ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، أو ما يعرف بالفصل المشرّب بالتعاون حيث جعل مجلس النواب يملك حق الرقابة السياسية ومساءلة الحكومة عن طريق السؤال والاستجواب ولجان التحقيق البرلماني ، ويملك حق إسقاط الحكومة عن طريق سحب الثقة منها إذا أخلت بواجباتها أو خالفت القوانين التي سنت عن طريق البرلمان.و بالمقابل ، تملك السلطة التنفيذية حق حل البرلمان ، ولم يحرم السلطة التنفيذية من حق الاشتراك أيضا في وظيفية السلطة التشريعية حيث تسهم بشكل مهم– من الناحية العملية- في اقتراح القوانين وتقديمها للبرلمان، وحق تصديق القوانين وأصدارها، وحق سن القوانين المؤقتة في حالة الضرورة، ومن مظاهر رقابة السلطة التنفيذية على البرلمان دعوة البرلمان إلى الانعقاد في دورة عادية أو إلى الانعقاد في دورة استثنائية ، كما لها حق ارجاء وتأجيل اجتماع البرلمان، بينما ومن مظاهر التعاون ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية جواز الجمع ما بين عضوية مجلس النواب وعضوية مجلس الوزراء.
واضاف العجارمة : لقد حاول المشرع الدستوري وضع الإطار القانوني لما يعرف بدولة المؤسسات من حيث الأخذ بمبدأ الفصل ما بين السلطات وتنظيم العلاقة ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، على ان هذا الإطار سوف يبقى إطارا نظريا، مفرغا من معناه ، إذ لم تكن هناك ضمانات حقيقية لتدعيم هذا المبدأ ، وإرساء بما يعرف بدولة المشروعية أو الدولة القانونية بحيث تصبح السيادة للقانون، علما بأن توفر أو عدم توافر ما يعرف بمقومات الدولة القانونية يتطلب وجود عدة ضمانات مجتمعة من اهمها:
1. وجود دستور مكتوب للدولة تنزل السلطات الثلاثة عند أحكامه، كونها سلطات أنشئت بموجب هذا الدستور .
2. وجوب فصل ما بين مهام هذه السلطات واحدة تشرع وواحدة تنفذ وأخرى تفصل بالمنازعات التي تحدث ما بين الإفراد أو ما بين الأفراد والإدارة.
3. وجود رقابة حقيقة وفعالة على أعمال السلطات الثلاث بالدولة:
- رقابة على أعمال السلطة التنفيذية: ويأتي على رأس هذه الرقابة رقابة القضاء الإداري هذا بالإضافة إلى الرقابة السياسة(رقابة البرلمان) والرقابة الشعبية ممثلة برقابة الرأي العام .
- رقابة على أعمال السلطة التشريعية: وهذا يتطلب بالضرورة وجود محكمة دستورية تراقب مدى دستورية القانون الصادر عن السلطة التشريعية، إضافة إلى رقابة السلطة التنفيذية.
4. رقابة على أعمال السلطة القضائية: من خلال سن التشريعات الكفيلة التي تضمن فاعلية وكفاءة قيام هذه السلطة بواجباتها، إضافة إلى الأخذ بمبدأ تعدد درجات التقاضي ، مع ضرورة التوسع بالعفو الخاص لتصحيح بعض الاخطأ والعيوب في أحكام المحاكم .
5. وأخيرا ، وحتى نكون أمام دولة مؤسسات أو دولة قانونية لابد من أن تكون كل سلطة ندًا حقيقيا للسلطة الأخرى، بحيث تستطيع أن توقفها إذا ما خرجت على أحكام الدستور أو قصرت أو أخلت بواجبها ، لان وجود سلطة ضعيفة بالدولة (سواء كانت تشريعية أم تنفيذية أم قضائية) يعني اختلالا بمبدأ الفصل ما بين السلطات ، نظرا لتغوّل السلطة القوية على السلطة الضعيفة .
واختتم العجارمة حديثه بالقول ان مبدأ الفصل ما بين السلطات الذي جاء به الفقيه منتسكيو في القرن السابع عشر في مؤلف روح القوانين جاء لكي يوقف سلطة الحكام المطلقة ، والتي كانت تستند إلى نظرية التفويض الإلهي في حينه، ولم يكن هناك فصل ما بين شخصية الدولة وشخصية الحاكم . لذا يجب أن تكون كل سلطة قوية وفعالة حتى توقف السلطة الأخرى، إذا ما خرجت على أحكام الدستور أو أهملت أو قصرت في واجباتها، ومن خلال المتابعة كباحث يمكن القول إن أفضل برلمان عربي من حيث الأداء السياسي هو البرلمان الكويتي ، لكن بالمقابل أحكام المحكمة الدستورية الكويتية ليست بالمستوى المأمول و المطلوب ، وفي مصر ، القضاء متقدم لاسيما القضاء الإداري و القضاء الدستوري ، بالمقابل أداء مجلس الشعب ليست بالمستوى المطلوب ، و في لبنان البرلمان قوي و الحكومة ضعيفة ، وفي الأردن الحكومة قوية والبرلمان ضعيف من حيث الأداء ،
وعليه، إذا لم يكن هناك تكافؤ ما بين السلطات لا يمكن الزعم بوجود دولة مؤسسات أو الدولة القانونية.
التل: الامة غير راضية على اداء مجالس النواب
اما الدكتور نواف التل مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية فقال: ان مصطلح الشراكة يجب ان لا يكون موجودا فيما يتعلق بالعلاقة بين الحكومة والنواب، لانه في النهاية لا يجوز ان يكون المراقب شريكا حيث ان دور مجلس النواب هو رقابي على الحكومي فلا يجوز ان يكون شريكها، وفيما يتعلق بفصل السلطات فيجب ان يكون هناك فصل للسلطات, ولكن ذلك لا يعني انتفاء التفاعل ما بين السلطات بمقتضى الدستور الذي يحدد مكانه وزمانه وموضوعه .
الامر المقلق في العملية البرلمانية الأردنية هو ان 80% من نواب المجلس منذ عام 1989 وحتى الآن هم نواب جدد مما يشكل سببا مهما في ضعف مجلس النواب، اما فيما يتعلق بفكرة ان مجلس النواب هو رب العمل, فيمكن القول ان الذي يملك مصدر العمل هو الأمة، ومن الواضح ان الامة غير راضية على اداء مجالس النواب منذ عام 89 وحتى الآن، بدليل ان 80% من النواب لا يعاد انتخابهم ويحل مكانهم نواب جدد، وهذا يترافق بنفس الوقت مع الانخفاض المستمر عدد المقترعين، الذي يعتبر الوسيلة الوحيدة لمحاسبة النواب على أدائهم من قبل الشعب، وبالتالي إذا الشعب لم يعد انتخاب نائبه فإن ذلك يعني وجود خلل في ادائه.
وكشف التل عن ما تشير اليه الدراسات المتعلقة بتقييم اداء مجلس من ان الثقة المؤسسية لمجلس النواب تنخفض باستمرار، حيث ان الثقة بالحكومة على تدنيها تمثل ضعف الثقة بمجلس النواب.
وحول الانتخابات قال التل ان الانتخابات الماضية لم تكن تخلو من الشوائب، وهذا امر طبيعي في ظل انه لا توجد أي انتخابات نيابية خالية من الشوائب منذ عام 192 وحتى الآن، وهذه الشوائب كان يمكن ان تنسى لو كان الأداء أفضل، لكن العكس من ذلك هو الصحيح، يلاحظ ان اداء مجلس النواب الحالي ضعيف وبدرجة غير مسبوقة في تاريخ الدولة الأردنية, والنائب لا يتكلم الا عن تغول السلطة التنفيذية، في حين يتغنى البعض بأداء المجلس الحادي عشر في الوقت الذي تشير الدراسات الى ان مجلس النواب المنتخب عام 2003 هو المجلس الحاصل على اعلى واكثر ثقة بدون وجود تفسير علمي لهذا التقييم من قبل الناس.
واضاف التل بأن مجلس النواب الحالي لا يقوم بمهامه وهذا يشكل خللاً لا ينبغي المرور عنه خاصة وان الصلاحيات الدستورية موجودة، وفيما يتعلق بالقوانين المؤقتة فقد كانت محصورة بحالة الحرب والطوارىء لكنها اصبحت على عموميتها مثلما كانت موجودة في دستور عام 1958 مع ان الهدف كان ساميا آنذاك وقد تم تعديلها في حين لا زالت القوانين المؤقته موجودة برغم انتفاء الاسباب مثل الاسباب السامية سابقة الذكر.
وفيما يتعلق بالتعديلات الدستورية, قال التل انه لا توجد حاجة لاجراء تعديلات دستورية ذلك لان الدستور الاردني شاف وواف, بل انه توجد بعض الميزات المهمة مثل الميثاق الوطني ومجلس اعادة تفسير الدستور الذي هو محكمة دستورية لكنها غير مفعلة، صحيح ان هناك بعض الصعوبات التي تتعلق به مثل ما القدرة على الوصول اليه، في حين ان المحاكم الدستورية في العالم يصعب على المواطن ان يصل اليها حيث ان المحاكم الدستورية مختصة في النزاعات بين السلطات وهو اساس عملها, وقدرة المواطن على الوصول اليها تكون بنسبة 1 الى مليون، بينما اذا تم ادخال بعض التعديلات في الانظمة الداخلية لمجلس النواب ومجلس الاعيان، فقد يساعد ذلك على تفعيل مجلس اعادة تفسير الدستور، وعليه يمكن القول انه ليس من المطلوب ان يكون جميع المواطنين قارئين للدستوراو فقهاء دستوريين لكن المواطن لن يتعرف على دور مجلس النواب ولو تم عمل حملات توعية، لأن المواطن فقط سوف يعلم ذلك عندما يرى امامه، فالاصل ليس بالتوعية وانما في الممارسة التي يجب ان يراها امامه، ونفس الشيء فيما يتعلق بالديمقراطية.. في النهاية اذا الممارسة غائبة فلن يتعلم الناس السلوك الديمقراطي.
حواتمة: الاعلام وكشف الفساد
الزميل الاعلامي جورج حواتمة قال في مداخلته ان هناك اسئلة حيوية ومثيرة ومهمة عن علاقة مجلس النواب بالاعلام وليس عن علاقة الاعلام بالحكومة حيث يعلم الجميع ان أي حكومة بالعالم تريد من الاعلام ان يساندها ويدعم موقفها مهما كانت بل وربما ان يكون من ادواتها التي تمكنها من تحقيق بعض اهدافها، وفي هذا الاطار يمكن الحديث كذلك عن مجلس الاعيان الذي اتخذ قراراً بعدم ادخال أي صحفي عندهم الا من يرونه مناسبا حسب معاييرهم .
الجانب الآخر ويتعلق بالسؤال الرئيسي عن دور الاعلام وهو هل هذا الدور يتضمن مراقبة مجلس النواب؟ وهذا السؤال يتبعه سؤال آخر هو اذا كان مجلس النواب يراقب الحكومة فمن سيراقب مجلس النواب؟ واذا كان هذا الامر من دور الصحافة الاصيل والمركزي فما الذي يعيق هذا الدور؟ وعلى الجانب الآخر ماذا يريد مجلس النواب من الاعلام؟ وماذا فعل مجلس الخامس عشر؟ هل قام الاعلام بواجبه بتقييم ادائه من حيث المنشأ ومن ناحية النضج ومن ناحية الانجازات ومن ناحية التوجه؟
واضاف حواتمة ان المطلوب من الحكومة الحديث عن مشروعية الرد على الاتهامات والشكوك او حتى الافكار التي يتداولها المجتمع حول دور مجلس الامة، اما بالنسبة لتغييب هذا المجلس او الذي سبقه فيمكن القول ان هذا الامر ليس حالة اردنية بامتياز بل يحصل في كل دول العالم، فتذهب مارغريت تاتشر لتوقع اتفاقية مع الصين حول هونج كونج دون ان تستشير مجلس النواب وهذا يدلل على ان العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية دائما يوجد بها تجاذب واختلاف ومناكفة، ولكن السؤال الاكبر في سبيل تحقيق ديمقراطيتنا او تعزيزها.. او تحسينها هو من سيتقوي بالاخر؟ وهل الاعلام يقوم بدوره بكشف الفساد؟ وهل سيتقوي الاعلام بمجلس النواب لأن عندهم حصانة دستورية ام انه مثلما شاهدنا في الفترة الاخيرة, عندما خرج علينا رئيس مجلس النواب ليقول ان الاعلام هو الذي سرب المعلومات عن موضوع الديسي.
وبين حواتمة ان صورة مجلس النواب سيئة لدى الناس ويجب ان يتصدى النواب بأنفسهم لتحسين هذه الصورة من خلال تحسين ادائهم وانجازاتهم التي تصب في خدمة المصلحة العامة، وهذا لا يعني انه لا يوجد نواب فاعلون لكنهم لا زالوا قليلي العدد ، وبالمقابل فإن على الاعلام مساندة اداء المجلس ومتايعة اعماله ومناقشتها وطرح القضايا المختلفة التي تتعلق بعمل المجلس على الرأي العام حتى يتعرف على الاداء الحقيقي للمجلس ليكون قادرا على تقييم ادائه وفقا لبيانات ومعلومات صحيحة.
محادين: يجب التوقف عن سن القوانين المؤقته
وقال الزميل الاستاذ خالد محادين: اسمحو لي بداية ان أسجل ملحوظة على اصحاب المعالي الذين غابوا عن هذه الجلسة فجعلونا مثل العائلة التي ضرب افرادها بعضهم بعضاً ثم جلسوا ليبحثوا كيف سيحسنوا علاقتهم مع الجيران، كما كنت اتمنى ان يتم البحث في العلاقات الحسنة والسيئة بين النواب انفسهم،كما انه في أي بلد في العالم يجب ان لا يكون النواب والحكومة متفقين باستمرار ولا مختلفين باستمرار، انما يكون المعيار للاختلاف والاتفاق هي المصلحة العامة.
ولو انعقدت هذه الندوة قبل جلسة دولة الرئيس مع النواب حول الديسي لكان الحوار مختلفاً.. لكن المشكلة ثبتت لا الحكومة تعطي معلومات كاملة لمجلس النواب, ولا مجلس النواب عندما لا يكون عنده معلومات يخترع معلومات، فمن الواضح من خلال رد الرئيس بعض الامور التي اشير اليها لم تكن صحيحة.
نشرت وسائل الاعلام نقاشا موسعا دار مؤخرا حول غياب النواب عن الجلسات, والتفكير في معاقبتهم واعطاء مكافأة رمزية للنواب الذين يحضرون, وفي الواقع انني كنت اتمنى ان لو كانت الثقة بمجلس النواب سنوية, النقطة الاخرى هي انه على الرغم من تغني النواب بالدستور الا ان اكبر عدوان يقع على الدستور هو من النواب والسلطة التنفيذية التي تصدر القوانين التي ليس فقط لا تعبر عن عدم احترام الدستور ولكن عن ازدراء الدستور مثل قانون منع الاجتماعات، الذي يخالف نصوص الدستور التي تؤكد حق المواطن في التعبير عن رأيه سواء في التظاهراو في التجمع.
واضاف محادين ان الطرف في موضوع مجلس النواب الاردني هو ان كل كتل العالم مبنية على امور سياسية وفكرية الا في الاردن وكما قال البعض " اجتمعوا وتعشوا في الليل وخرجوا لم يعرفوا بعضهم" وهنا يمكن التساؤل هل يجوز بان يكون زعيم كتلة رئيساً للمجلس، والصحيح ان عليه ان يقدم استقالته من كتلته وان يتوقف طالما هو رئيس للمجلس عن ممارسة التأثير على كتلته ، لان وجود كتلة بنصف عدد النواب بالتأكيد ستكون معطلة لاداء المجلس لدوره الحقيقي.
خزاعلة: وضوح الرؤيا في ظل القواعد الدستورية
وفي مداخلته قال وزير الدولة للشؤون القانونية سالم خزاعلة: ان العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب لا تقوم على أساس حسن النوايا وانما على اساس من القواعد الدستورية، والمهنية، والسياسية ووضوح الرؤيا في اطار مبدأ فصل السلطات، وهنا لا بد من أعادة تعريف الدور الإجرائي للسلطات بوضوح في القواعد الدستورية والقانونية في ذهن السلطات وليس على صعيد ما نص عليه الدستور فقط بل وضوح في الممارسات ووضوح الساحات التي تعمل عليها كل سلطة وان يكون تعريف هذا الدور مكتوبا ومؤسسا على قاعدة من الممارسات والأسس المهنية والأعراف والقواعد الدستورية واصول وفنيات وميكانزمات ممارسة هذا الدور على الصعيد التشريعي والرقابي، الامر الذي تبرز معه الحاجة الى تأطير القواعد المرجعية للممارسة النيابية السليمة المستندة الى مدونة للسلوك ووجود آلية مؤسسية كلجنة دائمة في البرلمان تراقب وتدقق على الممارسات او بعض السلوك الذي يفسر احيانا انه خروج عن الوظيفة او الدور النيابي كل ذلك سوف يساعد على تعزيز ودعم الصورة المشرقة للبرلمان التي يجب ان نحرص عليها جميعا.
واضاف الخزاعلة انه لا بد من إزالة الضبابية وعدم الوضوح والتخويف بين الأطراف والذي قد يكون سببه أزمة تاريخية اصابت بعض النخب السياسية واتجاهات الرأي العام والذي أصبح يعيش حالة من الشك والريبة من هذا الواقع المتشابك الذي يحمل احيانا قصصا تؤدي الى تشويه الصورة وبما لا يحقق الصالح العام، اضافة الى اعادة التوازن بين السلطات الى مرحلة تؤدي الى تنشيط الحياة السياسية وبث الروح الدستورية وتعزيز العناصر الإيجابية الفعالة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية باتجاه بناء عصري للدولة الديمقراطية الأردنية.
واشار الخزاعلة ضرورة وجود دراسات محايدة ومهنية التي تكرس مسيرة راسخة من التجربة والقواعد السياسية والأعراف الدستورية والممارسة الجيدة فعلى سبيل المثال بخصوص الأسئلة النيابية – هل توجد دراسة عن مخرجات ونتائج الأسئلة البرلمانية واثرها على المسار الدستوري والسياسي في البلاد – وكذلك عن اتجاهات الأسئلة النيابية وتعبيرها عن الرؤيا سياسة واضحة عامة.
وقال الخزاعلة ان الحديث عن المحكمة الدستورية يجب ان يراعى مدى الحاجة وهل يوجد اساس دستوري لذلك فالوضع الدستوري القائم حدد آلية التشريع وإصداره وطريقة تعديله وقد لا نكون بحاجة الى ذلك اذا استثمرنا الآليات التشريعية القائمة فالتشريع يمر بعدة مراحل بدءا من السلطة التنفيذية الى النواب والأعيان، وتصديق جلالة الملك وإصدار التشريع فقد يمارس مجلس الأعيان دورا رقابيا دستوريا قبل إصدار التشريع، ودون ان نغفل الآليات القضائية وخاصة الدفع المتفرغ عن الدعوى الأصلية وكذلك دور المجلس العالي لتفسير الدستور كما يمكن خلق مهمة او مكتب استشاري في اطار البرلماني يعطي رأيا استشاريا للبرلمان أثناء مناقشة التشريع.
وعطفا على الحديث عن نسبة الا 5% في صندوق الثقافة قال الخزاعلة ان الحوار يجب ان يتم قبل البحث في اطار السياسات ومدى الحاجة في البعد الدستوري ومدى جواز فرض تكليف مالي لا يقع في اطار الرسم والضريبة او بدل الخدمات المنصوص عليها في الدستور بحيث يقتطع من جزء من المواطنين ليودع في صندوق يصرف منه مباشرة دون ان يدخل الخزانة العامة ومن ثم يخصص وفق إحكام قانون الموازنة العامة .