التوازن بين الحريات الإعلامية والشخصية

22/11/2008

ركز المتحدثون في ندوة التوازن بين الحريات الاعلامية والحريات الشخصية التي عقدها مركز الرأي للدراسات على اهمية الارتقاء بالمهنية الاعلامية، وممارسة الحرية المسؤولة المؤطرة بالقوانين والملتزمة بمواثيق الشرف، وتطوير التشريعات وتعزيز الثقافة الاعلامية والبعد عن اغتيال الشخصية والتجريح والتأكيد على المعلومة الصحيحة والرقابة على الاداء لوضع المسؤول بصورة الحدث اولاً بأول.

وزير الدولة لشؤون الاتصال والاعلام ناصر جودة بيّن اهمية الثقافة في الاعلام لانها تأتي من منطلق ان كل شيء في الوجود تحكمه وتنظمه ثقافة، رغم اهمية وجود التشريعات الاعلامية التي تم تغطيتها في كل من قوانين العقوبات والمطبوعات والنشر وقانون نقابة الصحفيين وقوانين اخرى حيث لا يوجد قانون في الاردن تحت اسم قانون اعلام، وإنما توجد قوانين مختلفة تنظم حياة المجتمع يدخل في اطارها الاعلام .

وقال مدير الندوة وزير الاعلام السابق والذي رأس ايضا المجلس الاعلى للاعلام إبراهيم عز الدين ان الصحافة تحتاج الى سقف متقدم ومرتفع من الحرية و المهنية حتى تستطيع تأدية مهامها وان التشريعات اساس الحرية الصحفية فهي ناظمة للاعلام .. ولتطوير عملية الصحافة فنحن نحتاج الى تشريعات تسمح بالكتابة وطرح القضايا ونحتاج الى مجتمع مؤسسي رسمي او مؤسسي اهلي يقبل بكثير من الطروحات التي يذهب اليها الاعلام.

اما الكاتب في العرب اليوم الزميل فهد الخيطان فقال ان المشكلة في موضوع التوازن بين الحرية والمهنية والحقوق الشخصية تتصل بالسلوك المهني وليس بالتشريعات بالدرجة الأولى، لأن تناول هذا الموضوع يجب ان يتركز على جانب الممارسة، حيث ان مستوى الحرية الاعلامية او المستوى المهني للاعلام في اي بلد، هو بالتأكيد صورة عن مستوى الحياة السياسية ومستوى تطورها وقال بان الحريات الصحفية في الاردن تراوح في منتصف الطريق .

وفي المداخلات كان التركيز على ضرورة رفع السوية المهنية والحرية المسؤولة، وعدم اغتيال الشخصية، وان تكون المنابر الاعلامية الحكومية والخاصة للجميع تستوعب الراي والراي الاخر والاتجاه نحو اعلام الوطن وليس الشخص او المسؤول مشددين على ان تطوير الاعلام يكون من خلال الحرية والمهنية والتشريعات والحصول على المعلومات .

ادار الندوة: د.خالد الشقران

22/11/2008

جودة: أهمية ثقافة الاعلام

قال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة أن الخلل الذي ظهر على السطح مؤخراً يندرج تحت وصف الخلل السلوكي وليس الجذري، ولم يتم بدء النقاش من نقطة الصفر خاصة وان الاعلام الاردني عريق يمتد الى عقود وسنوات طويلة وكان له الدور البارز في الدفاع عن الوطن، ولم يكن هذا النقاش يستهدف بشكل جاد تنمية الصحافة بفروعها المختلفة من صحافة تغطية الى صحافة استقصائية وغيرها من مختلف اشكال الصحافة.

واكد ان الاعلام الاردني يستند الى ارث عريق من العمل المهني المميز، لا سيما وانه بمجرد النظر الى الخريطة الاعلامية في العالم العربي سنجد ان بصمات الاردنيين موجودة بكل وضوح وتأثيرسواء في مجال الاعلام المقروء والمرئي والمسموع ومؤخراً الصحافة الالكترونية ومن خلال استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة المختلفة، وهذا بمجمله يدل على ان الاردنيين تميزوا وانشأوا واقاموا صروحا اعلامية في مختلف انحاء الوطن العربي وحتى في بلدان اخرى.

على ان الموضوع الاساس الذي يجب الانتباه اليه هو مسألة الثقافة الاعلامية وليس فقط التشريعات ومنظومة السلوك الموضوعي، وبنظرة سريعة على عنوان الندوة التوازن بين الحريات الاعلامية والحريات الشخصية فإنه يتبادر الى الذهن دون عناء تفكير ودون بحث ودراسات؛ القاعدة الشهيرة حول حرية السلوك بشكل عام وحرية الإعلام بشكل خاص تنتهي حريتك عند بداية حدود حرية الآخرين ، وعليه فإن أي انتهاك لحرية الآخر سواء أكان شخصاً او مؤسسة ام هيئة أو أي إنسان ذا اعتبار او شخصية عامة او شخصية خاصة يعتبر ابتعاداً عن الحرية المهنية، وهذا يؤكد ضرورة التركيز على وجود ثقافة الاعلام.

وبين جودة ان اهمية ثقافة الاعلام تأتي من منطلق ان كل شيء في الوجود تحكمه وتنظمه ثقافة، ورغم اهمية وجود التشريعات الاعلامية التي تم تغطيتها في كل من قانون العقوبات والمطبوعات والنشر ونقابة الصحفيين وقوانين اخرى حيث لا يوجد قانون في الاردن تحت اسم قانون اعلام، وإنما توجد قوانين مختلفة تنظم حياة المجتمع يدخل في اطارها الاعلام، ويُخطئ من يعتقد بانه يوجد قانون إعلام وان الصحفي او الاعلامي هو خارج عن القوانين الاخرى، فعندما حدثت النقاشات في اطار الالتزام بالرؤية الملكية للحرية الاعلامية، حول ضرورة الأخذ بعدم حبس الصحفيين والإعلاميين في قضايا الرأي، فإن ذلك لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يخالف الصحفي القانون او ان يرتكب جرائم تنظمها قوانين اخرى ويُميز او لا يخضع لهذه القوانين فقط لانه صحفي، وهو أمر غير موجود في اية دولة في العالم، من هنا تبرز أهمية الثقافة الإعلامية والصحفية والتي يجب ان تتضمن التشريعات والسلوك، وكذلك الممارسات الرادعة كنبذ المجتمع لمن يخرج عن قواعد وأخلاقيات المهنة الصحفية.

وأشار جودة الى ضرورة التزام الإعلاميين بالدور الهام المناط بهم كسلطة رابعة والابتعاد عن لعبة التلاوم، ورغم ان لكل إنسان الحق في أن يلجأ إلى القضاء، الا انه من المفترض ان يؤدي انتشار الثقافة الاعلامية الى خضوع الصحفي الى عملية رؤية ذاتية دون ان تصل الامور الى القضاء من خلال الاحتكام الى تشريعات ومواثيق الشرف ومنظومات السلوك، والأصل ان تكون الثقافة الاعلامية للصحفي وما يغطي من اخبار وتقارير وتحقيقات وقصص، وهذا لا يعني أن المسؤولية تقع في لعبة التلاوم على الصحفي فقط وإنما تقع في جانب منها على المسؤول أيضا، فمن حق الصحفي أن يسعى وراء المعلومة، وعلى المسؤول بمجرد أن يتبوأ موقع المسؤولية أن يكون منفتحاً على وسائل الإعلام وأن يقدم المعلومة الحقيقية وان يتحمل النقد، وهي ظاهرة موجودة حيث لا يتحمل بعض المسؤولين النقد خاصة عندما يكونوا في موقع المسؤولية فيأخذ أي انتقاد للعمل على انه مسألة شخصية، وعلى الأغلب يرجع ذلك الى انه يكون غير معتاد على التعامل مع وسائل الإعلام، وعليه فلا ينبغي ان يكون هناك حرج او خجل من خضوع هذا المسؤول الى نوع من التدريب على التعامل مع وسائل الاعلام، حيث هناك مشاهير من ساسة العالم من الذين كان م
جال عملهم ليس تحت الضوء، وبعد تحملهم مسؤولية معينة في زمن ما، يخضعون لعملية تدريب للتعامل مع وسائل الإعلام والتي استطاعوا من خلالها معرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه الإعلام، وكذلك معرفة حقوق وواجبات الصحفي، وذلك لأن المسؤولية مشتركة بينهما.

ممارسة الحرية والمهنية

وقال .. رغم الرؤية الملكية الحضارية والمتقدمة لمستقبل الإعلام،التي عبر عنها جلالة الملك بخطاب العرش السامي والتي يجددها جلالته باستمرار من خلال تركيزه على المهنية مقابل المسؤولية والحرية مقابل المهنية، إلا أننا لا زلنا نشاهد أحيانا بعض السلوكيات والممارسات على ارض الواقع التي تبتعد عن مفهوم ممارسة الحرية بشكل صحيح.

وحول الحريات الإعلامية بين جودة أن الاردن حقق انجازات مهمة في موضوع الحريات، لكننا لم نستطع حتى الآن السير بخط مواز في أسلوب ممارسة هذه الحرية، ولتحقيق تقدم في هذا المجال لا بد وان تقوم كل المؤسسات والأطراف المعنية بمسؤولياتها بدءاً من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بجناحيها (مجلس النواب ومجلس الاعيان) ومرورا بالجسم الصحفي نفسه ممثلاً بالنقابة، وانتهاءً بالمواطن، فالكل مطالب بالقيام بمسؤولياته خاصة في المواقف التي يكون فيها ابتعاد عن المهنية او عدم ممارسة الحرية بشكل سليم.

وحول مسألة الالتزام بالمهنية والتعمق في البحث، اشار جودة الى ضرورة واهمية الالتزام بقواعد المهنة بالنسبة للصحفيين خاصة ما يتعلق منها بالتعامل مع المعلومة اذ في كثير من الاحيان يستند بعض الصحفيين الى مجرد معلومة تمر على اسماعهم ويتعاملوا معها وكأنها حقيقة ثم يقوم بنشرها دون ان يجري ولو اتصالاً واحداً ليتابع دقة هذه المعلومة او مدى صحتها او مصدرها.

ويعلم الصحفيون في بلدنا ان التراجع عن الخطأ لا يكلف هنا اكثر من كلمة متأسف في حين ان هذا الكلام لا يجدي في بلدان اخرى حيث يخضع الصحفي والمسؤول للمساءلة وربما يتم رفع دعوى قضائية على الصحفي والصحيفة معا، وهنا اسمحوا لي ان اشير الى كلام جلالة الملك ان الرأي الشخصي لا يجب ان يشكل حقيقة بمجرد انه رأي شخصي ، وعليه فإننا مطالبون جميعا كمسؤولين واعلاميين ان نتعمق في البحث ونطرح الرأي والرأي الاخر.

وأكد جودة على ضرورة أن يكون هناك توازن بين الحرية والمهنية ، وان يتم الابتعاد عن الممارسات التي تخدش مهنية الصحفي، فعلى سبيل المثال نشاهد باستمرار موضوعاً ما يتم نشره ثم بعد النشر يتم الاتصال مع المعني في هذا الموضوع لسماع رأيه، الذي نعرفه في حين يتم الاتصال مع المعني في البلدان المتقدمة في هذا المجال قبل نشر المقال، أي بمعنى يهتم الإعلام بوجهة النظر ووجهة النظر المقابلة والرأي والرأي الآخر قبل نشر الخبر او المقال، ولا يتم نشر الخبر او المقال بدون وجهة النظر المقابلة حتى لا يحتوي على معلومة مغلوطة، وهذا يدلل على أهمية اتباع الإجراء السليم قبل عمليات النشر والمتمثل في التعمق بالبحث وطرح الوجهة المقابلة قبل نشر الموضوع الصحفي.

الابتعاد عن المبالغة

وشدد على ان المهنية تقتضي الابتعاد عن المبالغة حيث الرأي الشخصي لا يجب ان يصبح شيئاً عاماً او حقيقة عامة وكأنه مُسَلَمٌ به، وخاصة في الحالات التي يكون فيها لدى الصحفي مأخذ معين على مسؤول، وللاسف فإن هذا المأخذ غالباً ما يكون شخصياً ربما لان ذلك المسؤول لم يعين قريب الصحفي او لم يتم دعوته الى مأدبة عشاء او غير ذلك من الأمور التي تندرج تحت المصالح الشخصية، فيقوم الصحفي بإتهام ذلك المسؤول بالفساد وقد يتم نشر ذلك على الصفحة الاولى، والتراجع عن هذا الموضوع سهل، حيث يتردد المسؤول في ان يرفع قضية ويعلم الصحفي ان مجرد مكالمة هاتفية او جاهة ستنهي القصة بأكملها، لذا وفي ظل هذه الاوضاع تصبح العودة الى مفهوم المسؤولية المشتركة من قبل الجميع امراً ضرورياً وملحاً، ليتم تكريس الجهود في اتجاه اعادة احياء ثقافة الاعلام، التي يجب ان ينتمي اليها الجميع مسؤولين وغير مسؤولين - قطاعاً عاماً، قطاعاً خاصاً، ومواطنين، وتعتبر بنفس الوقت المظلة التي تغطي كافة الجوانب المتعلقة في العمل الاعلامي، علما بإن مفهوم المسؤولية المشتركة لا يعني المؤسسات المعنية في موضوع الاعلام فقط ولكن ايضاً يشمل دوائر ووزارات ومؤسسات اخرى كوزارة الثقافة، التر
بية والتعليم، المدارس والجامعات..الخ.

ومن الملاحظ ان بعض الجامعات تركز على ان يكون لدى طلبة الصحافة والاعلام جريدة او وسيلة اعلام كاذاعة محلية، في حين في البلدان الاخرى، تجد حتى طلاب المدارس الابتدائية توجد لديهم صحف يتدربون عليها - صحيفة للمدرسة او للصف او اذاعة صغيرة جداً- ولكنهم يتدربون على العمل الاعلامي وعلى التعاطي مع الخبر والتحري والتعمق في البحث، الامر الذي يؤدي في النهاية الى تخريج اجيال من الشباب القادر على معرفة اساليب التعامل مع وسائل الاعلام.

وبالرغم من ان اجراءات تطوير الاعلام والمهنة في الاردن ربما تكون معقدة الا اننا نملك بنى تحتية وامكانيات جيدة وموارد بشرية عالية الكفاءة نستطيع من خلالها عبر التكاتف والتعاون الالتزام بمبدأ المسؤولية المشتركة للوصول الى الهدف المنشود، لأن الخلل الذي نتحدث عنه في اعلامنا مهما كبر فهو يبقى استثناءً وليس القاعدة فهو خلل سلوكي وليس جذرياً مما يمكن المعنيين من اعادة مسار العمل الاعلامي الى الوجهة الصحيحة التي يسود التوازن فيها بين الحرية والمهنية من جانب واحترام حريات الآخرين بعدم انتهاكها من جانب آخر.

عز الدين : التشريعات اساس الحرية

وقال وزير الاعلام السابق والذي رأس ايضا المجلس الاعلى للاعلام إبراهيم عز الدين ان الصحافة تحتاج الى سقف متقدم ومرتفع من الحرية و المهنية حتى تستطيع تأدية مهامها وان التشريعات اساس الحرية الصحفية فهي ناظمة للاعلام ولتطوير عملية الصحافة فنحن نحتاج الى تشريعات تسمح بالكتابة والطرح ونحتاج الى مجتمع مؤسسي رسمي او مؤسسي اهلي يقبل بكثير من الطروحات التي يذهب اليها الاعلام.

واضاف اما بالنسبة للمهنية، فتحتاج الى ان نقبل الصحافة مهنة مثل الطب والهندسة في بعض الامور ولكنها تختلف عن الطب والهندسة فهي قضية تخاطب كل المجتمع، الطبيب لا يتعامل مع كل المجتمع، وكذلك المهندس يتعامل مع المشروعات، بينما الصحافة تخاطب كل الناس لذا فهي اصعب من اية مهنة اخرى، وهي مهنة بموجب القانون وهي مهنة بموجب التنظيم، ونقابة الصحفيين هي احدى النقابات المهنية ، واذا اردنا ان نقول بأن الصحافة مهنة، يجب على الصحفي ان يكون مهنياً.و هناك منظومة معترف بها في العالم للعمل الصحفي، وقواعد تُدرّس في الجامعات وفي المعاهد وتعقد دورات التدريب للتعريف بكيفية المهنية.

وقال اننا وصلنا الى شيء من التقدم في الحرية الصحفية، وفي معالجة موضوع المهنية والذي يتم عن طريق الدراسة والتدريب والعناية من قبل المؤسسات الصحفية بهذه المنظومة وخاصة الصحف الرئيسية، مشيرا الى ان لدينا عدداً من الصحف الرئيسية اليومية فاذا ما اعتنت هذه الصحف بالمهنية ووضعت سقفا جيدا لها وقامت باعطاء دورات تدريبية ومن منظومة سلوكية وهذه موجودة في كل صحف العالم، وهي ملزمة للصحفي الذي يعمل بها، ويتم محاسبته على اساسها ، وراعت هذه المنظومة ما هو سائد في العالم من حيث المحددات التي تحكم عملية الصحافة .

الخيطان: الحريات الاعلامية فـي منتصف الطريق

من جانبه قال الزميل فهد الخيطان ان المشكلة في موضوع التوازن بين الحرية والمهنية والحقوق الشخصية تتصل بالسلوك المهني وليس بالتشريعات بالدرجة الأولى، لإن تناول هذا الموضوع يجب ان يتركز على جانب الممارسة، حيث ان مستوى الحرية الاعلامية او المستوى المهني للاعلام في اي بلد، هو بالتأكيد صورة عن مستوى الحياة السياسية ومستوى تطورها، لكن المفارقة أحيانا في الأردن تكمن في أن بعض من يرى التجاوزات السافرة على الحرية والحياة الشخصية يعتقد ان سقف حرية الإعلام في هذا البلد عالية جداً حتى أنها تصل إلى درجة التعدي على الحرية الشخصية علما بإن الامر ليس كذلك على الاطلاق، وصحيح ان في الاردن درجة عالية من التجاوزات في المسألة الشخصية، لكن في الحريات الصحفية الحقيقية ووفق استطلاعات الرأي على الاقل فالحريات الصحفية في الاردن تراوح في منتصف الطريق، وهي بنسبة 5ر55% من خلال قياسها على مؤشر مكون من 10 درجات.

وأكد الخيطان انه نتيجة للتطورات المختلفة التي شهدتها البشرية أصبح إعلام اليوم مختلفاً عنه قبل عشر سنوات، ومع دخول الانترنت لم يعد الاعلام ذاك الذي كنا نعرفه في الماضي، بمعنى آخر ان وسائل السيطرة والتأثير على وسائل الاعلام اختلفت مع الاختلاف الهائل في مستوى التطور التكنولوجي في السنوات الأخيرة، في حين انه في بداية التحول الديمقراطي في الاردن عام 1989، كانت الشكوى من الصحف الاسبوعية وتجاوتز بعضها على الحريات وعلى السلوك العام وعلى القيم، بينما أصبحت الشكوى اليوم من المواقع الالكترونية مع اختلاف في وسائل السيطرة التي كانت على الصحف الاسبوعية اذ لم تعد هي نفسها، حتى من الناحية القانونية هناك اشكالية في التعامل مع المواقع الالكترونية، ويدور جدل حول تصنيف المخالفات الالكترونية هل تتم معالجتها بموجب قانون المطبوعات والنشر ام قانون العقوبات.

وعزا الخيطان التجاوزات الإعلامية على السلوك العام التي يشهدها الأردن إلى الاضطرابات التي ترافق في العادة مسيرة الدول التي تتلكأ في التحول الديمقراطي، حيث اثبتت التجربة ان التلكؤ في أي تحول او تجربة ديمقراطية يرافقه أعراض مرض تظهر في الاعلام وكذلك في الحياة السياسية، وتظهر بعد ذلك اذا طالت حالة التلكؤ في كل جوانب المجتمع.

وأضاف الخيطان ان المسؤولية في الاشكاليات التي يعاني منها الاعلام الاردني لا تقع على الصحفيين وحدهم او على نقابة الصحفيين وانما تشترك معهم في تحمل المسؤولية أطراف كثيرة بما فيها الحكومات والنخب السياسية والتي تحرك في احيان كثيرة المعارك التي تدور عبر المواقع الكترونية وفي الصحف الاسبوعية وفي مواقع مختلفة،وهذا في الواقع بسبب التلكؤ في إنجاز التحولات الديمقراطية المطلوبة في المجالات كافة، وعليه فإن وضع الإعلام اليوم جاء كثمن لسياسات السنوات الماضية من التحول الديمقراطي في الاردن.

وحول حدود المشكلة وما اذ كانت تشمل كل وسائل الاعلام، أكد الخيطان أنه بالنسبة للإعلام الرسمي وعلى الرغم من انه لم ينخرط او يتورط في معركة اغتيال الشخصية او الاساءة، الا انه يعاني من مشكلة نقص الحرية، وكذلك الامر بالنسبة للصحف اليومية مع اختلاف بسيط في اتساع هامش الحرية والمتاح لها، في حين تنحصر جذور المشكلة في المواقع الالكترونية والصحف الاسبوعية، خاصة مع وجود البعد الجديد في المواقع الالكترونية المتمثل في الإعلام التفاعلي الذي بدأ يظهر في هذه المواقع، واخذت تظهر معه جوانب جديدة وخطيرة لهذه المشكلة عبر التعليقات والاراء التي تشهدها هذه المواقع والتي أصبحت هي الموضوع في الاعلام وليست القضية المطروحة في هذا الموقع او ذاك.

المشكلة الاخرى تكمن في قيام بعض الاطراف وبشكل متعمد بالخلط بين حرية النقد في الصحافة وبين الاساءة واغتيال الشخصية، لأن لديها هدفاً واحداً، هو اغتيال حرية الصحافة بحجة وقف التجاوزات على الحرية الشخصية، ومن هذا الباب، فقد شهدت الأسابيع والأشهر الماضية نوعاً من النقاش كان المستهدف فيه حقيقة وسائل إعلام مهنية ومستقلة وحرة وفي نفس الوقت تم استثناء وسائل الإعلام التي لا تتمتع بهذه المواصفات من ذلك الهجوم .

وحول رؤيته للحلول المقترحة وكيفية تطوير الإعلام بشكل يمكن معه المحافظة على المكتسبات ومعالجة التجاوزات الصحفية بين الخيطان إن المدخل الحقيقي إلى ذلك هو الحرية وممارسة نقابة الصحفيين لدورها الحقيقي وهما لحد الآن الوسيلتان والمجربتان لمحاصرة او إنهاء مثل هذه التجاوزات، حيث سبق وان جربنا تغليظ العقوبات، ولم تغير شيئاً في الواقع الاعلامي، بل ان التجاوزات ربما زادت في وسائل مختلفة، وتتحمل نقابة الصحفيين المسؤولية المباشرة في هذا الموضوع في ظل تقصيرها سابقا في لعب هذا الدور وعليـــــها أن تلعب دوراً أفضل في هذه المرحلة من حياة الإعلام .

توسيع عضوية نقابة الصحفيين

وقال.. يكمن مدخل النقابة لهذا الدور عبر توسيع دائرة العضوية ، حيث ينبغي فتح باب العضوية لكل العاملين في القطاع الاعلامي، بصرف النظر عن مسألة التفرغ او غيرها، وتوسيع الدائرة يعني وضع كل من يعمل في الاعلام تحت مظلة نقابية واحدة، يتوقع ان تسهم في تطوير الاداء وتضع الجميع تحت مظلة ميثاق الشرف الذي اعدته النقابة، وبالرغم من صحة ما يقوله البعض من انه أُعد تحت ضغوط حكومية، وانه لا يتمتع بالمعايير الدولية الكافية لجعله ميثاق شرف مقبولاً، لدى كل الاطراف، لكنه يشكـل أرضية جيدة يحتاج الإعلام إليها في هذه المرحـــــلة وهي بالمناسبة أفضل المتاح .

على أن المطلوب من النخب السياسية إذا كانت تريد فعلاً حياة اعلامية جيدة وحياة سياسية جيدة متطورة عليها ان تقوم بدورها وأن تترفع عن الاساليب غير المشروعة وغير القانونية في التعامل مع وسائل الاعلام.

وبالرغم من كل ما سبق يمكن القول إن الاعلام تطوربشكل كبير، وهناك جهد ايضا قد بُذل في مجال رفع مستوى المهنية وادى الى نتائج جيدة حتى في المواقع الالكترونية وفي الصحف الاسبوعية، والحديث عن بعض المشكلات التي يعاني منها الاعلام في هذا الجانب لا يتنافى بالضرورة مع الدور والفائدة التي تتحقق للمجتمع من وراء هذه الصحف وهذا المواقع.

وقال الخيطان نعم هناك تجاوزات تتعلق بالسلوك لكن هناك تقدماً وتطوراً ملموساً وينبغي المضي قدما في الحوار بين مكونات الوسط الصحفي للقضاء على هذه التجاوزات، كما ينبغي ان تأخذ نقابة الصحفيين -البيت الواسع لكل أبناء هذه المهنة- دورها وتمارسه بشكل جاد عبر تفعيل مجالس التأديب التي وجدت اصلا لضبط السلوك ومتابعة اعضاء النقابة وحتى الآن يلاحظ ان دور هذه المجالس محدود وينبغي تطويره اكثر، كما كان هناك فرصة بأن يلعب المجلس الاعلى للاعلام دوراً هاماً في هذا الاطار، وكان هناك لجان تم تشكيلها في المجلس، وكان من الممكن ان نستفيد من هذا الدور، باعتبار ان المجلس جهة مستقلة محايدة محصّنة بارادة ملكية وبدعم ملكي، لكن الامر لم يتحقق وتراجع دور المجلس لاسباب عديدة، وللاسف تم الغاؤه.

مداخلات واسئلة

وفي مداخلة للسيد موسى العبداللات قال يبدو إن الحديث في هذه الندوة يأخذ طابع الايجابية والمثالية، لكن سؤالي هو هل توجد تنمية سياسية واصلاح حقيقي في البلد؟ وهل توجد حريات حقيقية في الاعلام الحكومي؟ وأقول ربما يكون الأستاذ الخيطان قد جامل حين قال ان هناك نقصاً في الحريات الصحفية او إننا في منتصف الطريق في هذا المجال لأن هذه تعابير قد تكون فضفاضة، والسؤال الآخر المباشر هو طالما أن الإعلام الحكومي يدار من قبل حكومات وما دام التلفزيون والإعلام هو للدولة فلماذا لا يُسمح للرأي الآخر بالمشاركة الحقيقية؟ وبالتالي لكل أطراف المجتمع واطراف المعادلة في هذا المجتمع بالمشاركة ايضاً. لكن الواضح فيما يتعلق بالاعلام الحكومي، ودور الفضائيات كالجزيرة وقناة الحوار وقنوات اخرى لها باع واضح في نشر الحرية من داخل الساحة الاردنية، وهذا واقع معاش.

واضاف العبدلات اما على مستوى الحريات الصحفية، تُحال بعض القضايا الى محكمة امن الدولة، كما ان هناك صمتاً او سكوتاً عن اساءات واضحة تجاه الرأي الآخر او الأطراف الاخرى في المعادلة، فلا يتحرك المسؤول او صاحب القرار الا باتجاه اطراف المعارضة، او باتجاه الاشخاص الذين يكتبون نقداً لرأي الحكومة، وافضل ان تكون هناك شفافية للتعامل مع الحرية الاعلامية.

واوضح ان هناك الاغلبية الصامتة، تقرأ الصحف وتتابع الفضائيات هي تؤخذ فوق هذه المعادلة فيما يتعلق بموضوع الحريات، هناك قسوة على بعض الصحفيين الذين يسمونهم مشاغبين ويُترك بعض الصحفيين الآخرين احراراً.

أداة فساد ام اصلاح

السيد نصوح المجالي / وزير الاعلام الاسبق والكاتب في جريدة الرأي قال في مداخلته اعتقد ان المسألة مرتبطة بالاخلاق المهنية مثلما هي مرتبطة بقانون، وقد تكون مرتبطة بالاخلاق المهنية والشخصية وربما أكثر من القانون. فما الذي يغري الصحفي لتناول الاشخاص قبل الحقائق والاحداث، اذكر صحفياً قال: انا عليّ الاتهام وعلى الطرف الثاني ان يثبت العكس..! هنا يوجد ظلم كبير.

الصحفي له وظيفة مهنية ولكنها ايضاً اخلاقية، ولها مقومات، فهو ناطق صحفي باسم الناس والمجتمع، والتزامه بالحقائق والدفاع عن الحقيقة يشجع ثقافة التمسك بالحقيقة في المجتمع. وعندها يكون اداة من ادوات الاصلاح اما القفز عن الحقائق والحكم سلفاً على الاشخاص ففيه مجافاة لروح العدالة، فيه اسقاط للتحيز احياناً والكراهية والتعصب، او الغرض الشخصي، والنزعة لاصدار حكم اجتماعي سلفاً على الاشخاص وذلك ينافي روح العدالة، ويجعل الصحفي اداة من ادوات الفساد بدل ان يكون وسيلة اصلاح .

وبين المجالي ان الحس المهني والحس الاخلاقي متلازمان في العمل الاعلامي، وكذلك احترام حرية وحقوق الاخرين، مثلما ينادي الصحفي بالحماية وعدم التعسف بحقوقه، وهو يؤدي واجبه، الوجه الآخر ان لا يتعسف بسمعة وحقوق الاخرين وحرياتهم، فلا تستقيم حقوق الصحفي بدون احترام حقوق الاخرين، ولذلك عليه ان يسير على خط موازٍ بين هذا وذاك، والصحفي يحتاج ان يكون في قلبه وضميره منادٍ يهديه للحقيقة ولحس العدالة واحترام القانون واحترام الناس.

معيار اغتيال الشخصية

وتحدث المحامي عبد الهادي الكباريتي عن اغتيال الشخصية، وقال الى متى سنبقى هكذا؟ وما هو المعيار لاغتيال الشخصية موضحا انت تقول لي احضر الوثائق التي تثبت الفساد ، الوثائق ليست بيد المواطنين، الوثائق التي تدين موجودة في حوزة الحكومة ، اخرجوها وافرجوا عنها.

وتكلم عن الصحافة والاعلام معتبرا ان المادة التجارية تطغى على المادة السياسية او المادة الاعلامية، ولا توجد صحافة تكون لساناً للوطن.

وعرض الاستاذ جميل المومني من صحيفة الفجر للحالة الاعلامية وما تعيشه من خلل مشيرا الى العديد من قضايا الحريات وحقوق الانسان التي تنتهك في صحافتنا.

وسأل سمير عنز عن التوازن بين الحريات الاعلامية والحقوق الشخصية ومحددات مهنة الصحافة وهل يكون توسيع مظلة العضوية في نقابة الصحفيين على حساب المهنية.

وقال الكاتب محمد الصبيحي في مداخلته ان موضوع الندوة التوازن بين الحريات الاعلامية والحريات الشخصية النص في قانون المطبوعات والنشر يقول: واحترام الحياة الخاصة للآخرين، وما اود ان اسأله ما هو الحد بين الحياة الخاصة للآخرين وبين الحرية الاعلامية،.

واضاف ان المشكلة مزدوجة بالتشريعات والممارسات معاً، لأن التشريعات القانونية وضعت بطريقة تنم اما عن خبث قانوني واما عن جهل تشريعي، فلا احد يستطيع ان يحدد بالضبط المسألة، ساعطي مثالاً : لنفرض ان وزيراً في حكومة او مديراً عاماً في مؤسسة كبيرة شوهد في مطعم يتناول العشاء مع سكرتيرته او مع موظفة او مع مديرة تنفيذية في وزارته بأجواء رومانسية، اذا تناولنا الموضوع هل هذه حياة خاصة له ام حياة عامة؟.

مواقع خلل

وتساءل عيسى جراجرة ، هل هناك حرية حقيقية في الاعلام الحكومي.. هل الاعلام الحكومي وانا اسميه اعلام القطاع العام وصل لدرجة الكمال بل نحن على العكس نعترف باستمرار ان هناك مواقع خلل ويجب ان نطور من اداء هذه المؤسسات وندعمها بالامكانيات والمعدات والطواقم والتقنيات المطلوبة حتى ترقى الى الاداء المتوقع منها في ظل هذا التنافس الهائل الذي نشاهده في القطاع الاعلامي في الاردن.

واضاف بأن اعلام القطاع العام لا يطرح الرأي والرأي الآخر باعتقادي وهذا الكلام غير دقيق.. فهو يطرح الرأي والرأي الآخر يمكن ان يكون مطلوباً منه المزيد من الطرح والجرأة اما ان نقول انه صفر فهذا كلام غير صحيح.. ونقول انه ممتاز وهذا غير صحيح ايضاً.. نعترف ان هناك مجالاً للتحسين والتطوير والمطلوب منه ان يقوم بهذا الدور.

وفي مداخلة للمحامي عبدالهادي الكباريتي:

.. عندما نتحدث عن الهيومان رايتس ووتش، نتحدث عن تقصير من الاعلام كله، سواء أكان قطاعاً عاماً ام خاصاً، الهيومان رايتس ليست المرة الاولى التي تصدر تقريراً عن السجون، فالمطلوب المزيد من التعمق والجهد من قبل القطاع الاعلامي فالمطلوب البحث الاستقصائي، الصحافة الاستقصائية ونعالج بعض هذه القضايا، وهذا لا يعني ان الاعلام الرسمي يتخلى عن مسؤوليته، يجب ان يقوم بدوره .

المحامي موسى العبداللات/ عضو في لجنة الحريات العامة في جبهة العمل الاسلامي، تكلم عن تقرير هيومن رايتس وعن السماح بزيارة لجان الحريات والاعلاميين للسجون واعتبرها ايجابية.

الحرية مسؤولية

وفي مداخلة للزميل حسين بني هاني مدير عام المرئي والمسموع قال للأسف الشديد اننا نتكلم عن التوازن ولم نشخّص الحالة حتى نقارن بين قتل الشخصية ومن ثم الحرية الصحفية، مصيبة ان يكون السمكري طبيباً وهذا سهل اكتشافه، ويلفظه الجسم الطبي من اول تجربة، ولكن المصيبة ان يكون هناك سمكري داخل الجسم الصحفي ثم يتحدث عن الحرية وهو لا يملك من ادواتها شيئاً.

وللأسف منذ عام 1989 وحتى هذه اللحظة دخل على هذا الجسم كثير من السماكرة، ويطالبون بالحرية ولكن ايضاً بلا مسؤولية، للأسف الشديد جداً، الحديث عن الحريات يجب ان يرافقه مسؤولية ولكن الكلام ينحصر دائماً في اطار السلوكيات .

الدكتور صالح المعايطة

ما هي الضوابط على الاعلام وبالنسبة للمواقع الالكترونية، ما هو دورنا بضبطها؟ المواقع الالكترونية التي تعتبر ثورة جديدة في الاعلام التفاعلي، فنحن نقضي 99% من الوقت نتحدث على بعض من خلال الاعلام التفاعلي، من خلال الصالونات السياسية من خلال النخب و10% نتحدث مع بعض، متى نقلب هذا المثلث، ان نتحدث مع بعض بنسبة 99% وعلى بعضنا 1% ، ونلغي كل المسافات .

الاعلام الالكتروني

ووجه الصحفي محمد عمر .. موقع البوابة سؤال موجه للزميل فهد الخيطان، عندما نتكلم عن المهنية وحقوق وواجبات الصحفيين، فكل المشكلة الاخيرة انفجرت من الاعلام الالكتروني، ، فنحن عندما نتكلم عن اعلام الكتروني يتطور بشدة فهناك مليون مستخدم اردني لشبكة الانترنت، فمثلاً قراء الرأي على الانترنت تزيد بنسبة 25% من النسبة العامة لقرائها العاديين، وكذلك العرب اليوم والغد، نحن نتكلم عن ظواهر اسوأ، حالياً يوجد عندنا 16 موقعاً الكترونياً اخبارياً وايضاً اكثر من 20 الف مدوّن، ولا يوجد عندنا سمكرة ، اليوم يوجد 20 الف مدوّن اردني، توجد عندنا ظاهرة عصر الجماهير ولا يوجد صحفي محترف، وتوجد ظاهرة الصحفي المواطن، فهؤلاء لا نستطيع ان نضمهم الى نقابة الصحفيين ولا نستطيع ان نخضعهم لقانون، ولا نستطيع ان نَنظمُهُمْ، فلا توجد مشكلات في الصحف اليومية في اغتيال الشخصية، نحن نتكلم عملياً عن اعلام جديد، فلا اعتقد ان الرأي عندها مشكلة في اغتيال الشخصيات، ولا يوجد عندها اتهام للناس جزافاً .

اما اميلي نفاع فقالت انا برأيي ان الصحفي اذا ما اراد ان يكتسب ثقة الجمهوريجب ان يتمكن من الحصول على المعلومة، للأسف الشديد الحصول على المعلومة لا زالت تواجهه صعوبات في بلدنا، صحيح ان هناك قانوناً ولكن هناك استثناءات عديدة، في داخل القانون نفسه لا تساعد على الحصول على معلومة.

الاعلام وامزجة الحكومة وقال الزميل رئيس تحرير جريدة المدينة عمر عبنده اعجبني الاصطلاح الذي اثاره الاستاذ الخيطان بمسألة التلكؤ في التطور الديمقراطي، وباعتقادي ان التلكؤ كان له مبرراته، لأنه بعد عام 1989 تهورنا في مجال الاعلام ولا اريد ان اتكلم عن مجالات اخرى، قانون المطبوعات والنشر عام 1993 لم يرتقِ عن قانون عام 1953، لكن نحن كشعب فهمنا مسألة الديمقراطية بطريقة خاطئة.

سأتكلم في ثلاث ملاحظات اثرت تأثيراً مباشراً على تذبذب مسألة الحريات والسلوكيات، المسألة الاولى: السقف كان يرتبط ارتباطاً مباشراً بأمزجة الحكومات المتعاقبة وخاصة في الفترات التي كان فيها وزراء اعلام، وزير الاعلام المستنير، رئيس الوزراء المستنير، كانت الحرية دون توجيهات ترتفع، رئيس الوزراء المرتبك كانت الحريات تُضغط سواء في الاعلام الرسمي او في القطاع الخاص.

ايضاً بعدما الغي منصب او مرجعية وزير الاعلام فيما يخص كل المؤسسات الاعلامية وليست فقط الاعلام الرسمي، تعددت المرجعيات وتعددت التدخلات في السياسات وفي سقوف الحريات في كل وسائل الاعلام، وهذا اثمر عن شيء آخر وهو الحيرة، وايضاً اثمر عن معرفة دخلاء في المهنة .

والملاحظة الثالثة، وهي ملاحظة البدعة التي احضرناها من الخارج ولم نستطع تطبيقها، وهي الناطقون الاعلاميون في الدوائر والوزارات الحكومية، للأسف لا معلومات لدى الناطقين الاعلاميين الا بقدر يسير وبالقدر الذي يريده المسؤول في كل دائرة من الدوائر، نحن طبقنا هذه الفكرة، دون ان نفهم بعدها ودون ان نفهم قيمتها، وكثير من الناطقين، اصبحوا علاقات عامة وليسوا مزودي معلومات.

ايضاً اصدرت الحكومة قانون ضمان حق الحصول على المعلومة، للأسف الشديد تخلت فوراً عن دورها في التوعية، لدرجة ان احد مراكز مؤسسات المجتمع المدني ممول من الخارج، بدأ بالتحرك لعقد دورات لتوعية المسؤولين في الوزارات والدوائر عن كيفية حق الحصول على المعلومة .

بالنسبة لنقابة الصحفيين، يجب ان تتوسع مظلة شمول العاملين في المهنة، ومظلة ملاحقة الناس المخالفين كي لا نستحي يوماً ان نقول اننا صحفيون.

للأسف الشديد المواقع الالكترونية الآن والاسبوعيات في الماضي من يعمل بها هم غير صحفيين، لكن اتيح لهم المجال للدخول الى هذا الباب، 90، 95، 96 من العاملين في الصحافة الاسبوعية وعددهم 53 صحيفة ليسوا اعضاء في نقابة الصحفيين.

وقال جمال زهران .. في مداخلته: الأصل في المهنية هي الحرية والديمقراطية والقانون، فما نشهده من اغتيال شخصية او من ردح، او من سلوك صحفي منفر، هو في الاصل لغياب الحرية، فالمزيد من الحرية والديمقراطية والمهنية هي التي تعطي الحصانة للصحفي لكي يقول ما هو نافع للوطن وللمواطن.

وقال عمر الحضرمي / المدرس في الجامعة الاردنية ودبلوماسي سابق.

مشكلتنا في المصطلح، ما هي حرية الصحافة، وما هي حرية الشخصية، اين تبدأ واين تنتهي.

وكثيراً ما يكتب في الصحافة يُهمل، وهناك مصطلح في المؤسسة الحكومية يقول دعه يكتب حتى ينفس عن نفسه، فلن يرد عليه احد .

ردود على المداخلات

وفي اجابته على تساؤلات المشاركين قال ناصر جودة:.

ان المسؤول عندما يتبوأ موقع مسؤولية، محاسب ومراقب ويسأل عن ادائه وكذلك في تصرفاته الشخصية المرتبطة بالوظيفة.. مسؤول يجلس في مطعم في وضع مشبوه، هذه ليست حرية شخصية، حقيقة يجب ان يلتزم بالاخلاقيات وما يترتب عليه من سلوكيات بسبب هذا الموقع الذي يتبوأه .

وبالنسبة للاعلام الحكومي نحن نعترف باستمرار ان هناك مواقع خلل ويجب ان نطور من اداء هذه المؤسسات وندعمها بالامكانيات والمعدات والطواقم والتقنيات المطلوبة والتدريب حتى ترقى الى الاداء المتوقع منها في ظل هذا التنافس الهائل الذي نشاهده في القطاع الاعلامي في الاردن.

وان الحديث حول ان اعلام القطاع العام لا يطرح الرأي والرأي الآخر غير دقيق.. فهو يطرح الرأي والرأي الآخر، يمكن ان يكون مطلوباً منه المزيد من الطرح والجرأة .

من جانبه، قال عزالدين ان الخوض في الحياة الخاصة في الصحافة او في غير الصحافة من اي انسان يحدده القانون كالتحقير والذم والقدح، فعندما اقرأ المادة في القانون هي مادة رياضية فيها كثير من الدقة، تحدد ما هو التحقير وما هو الذم وما هو القدح، وتفرق بين ذلك وبين النقد، وهذا يعني اذا كان الصحفي او غير الصحفي، يستطيع ان يأتي بالوثيقة التي تؤكد ما يقوله فعند ذلك لا يصبح ذما وعندها لا يوجد خوف، وادعو الاخوة والاخوات الى دراسة اعدها المجلس الاعلى للاعلام حول الصحافة والقضاء الاردني فيها عدد كبير من القضايا التي حكمت بها المحاكم وقد ميزت تمييزاً واضحاً بين ما يطاله القانون وبين النقد المباح، وهناك كثير من الاجتهادات الواضحة التي ارجو ان ترجعوا اليها .

اما بالنسبة للمعلومات وكيفية الحصول عليها . ففي الاردن كما في جميع دول العالم النامي توجد اشكاليات في الحصول على المعلومة، يوجد ضيق في اعطاء المعلومة سواء من الاجهزة الرسمية او من القطاع الأهلي، فاذا ذهبت الى اية جمعية تريد معلومات فلا احد يعطيك اياها بشكل او بآخر، ودائماً يتم الحديث عن قانون حق الحصول على المعلومات، قانون حق الحصول على المعلومات المقصود به ليس للصحفي انما هو للمواطن العادي الذي سيحصل على معلومات ولا يستطيع ان يحصل عليها، فالقانون بجانب يحمي المعلومات الشخصية وبجانب اخر يتيحها لاصحابها، ويتيح المعلومات العامة لمن يريدها ضمن منظومة محددة من الاحكام القانونية.

وبين عزالدين ان الصحفي يلجأ الى هذا القانون، ولكن عليه ان يستخدم مهنيته للحصول على المعلومات، عليه ان يستخدم علاقاته، عليه ان يستخدم وضعه بشكل او بآخر، فلا اتصور ان صحفياً يقدم طلب الحصول على معلومة ويعود اليه بعد شهر، فهذا ليس مطلوباً.. فقضية الحصول على المعلومات في العالم كله، المعلومات الرئيسية او الطروحات الرئيسية، خصوصاً بالصحافة الاستقصائية والتي عملت ضجة في العالم كله لم تأت من الحكومة، فالحكومة كانت تغطيها، فالحكومة لم تنشر اشياء تمت معرفتها من اطراف مختلفة وبأساليب مختلفة، استطاعت الصحافة ان تنشرها، فلذلك يتوقع الانسان ان هذا الصحفي يستطيع الحصول على المعلومات الصحفية وهذا للمواطن العادي، و في نفس الوقت بالنسبة للمجتمع.

واشار... في الصحافة الدولية اذا ما سئل مسؤول ولم يجب، يقولون لم يجب، واذا سألوه مرة اخرى ولم يجب، فيقولون بأنه لم يجب مرة ثانية، وهذا احراج له وتهرب من جهته، ويستطيعون بالصحافة الاردنية ان يقولوا هذا الشيء، فالمسؤول الذي لا يجيب على الهاتف او على المقابلة عندما يمكن القول اننا طلبنا منه التعليق على هذا الموضوع فرفض الاجابة فالمهنية تتطلب ان ترجع الى مرجعيته وسؤاله فاذا رفض فأنت في حل بنشر هذه المعلومات ان كنت متأكداً منها.

بالنسبة لسقف متقدم من المهنية وسقف متقدم من الحرية، هاتان معادلتان للصحافة، ولا شيء غيرهما، لانه بلا حرية لا يوجد صحافة، واذا اغفلت فلا توجد صحافة، والمهنية هي التي تحمي منظومة الامن القومي، فالمهنية تحدد انك لا تنشر خبراً الا اذا كان موثقاً، لا تنشر خبراً الا ضمن اطار معين، ثم القانون يحمي هذه المنظومة، فالثقافة الخاصة للانسان وشعوره بالانتماء وشعوره بالمسؤولية هو الذي يحمي القضية.

بدوره اجاب الخيطان على مداخلات المشاركين بالقول:.

لا يمكن تحت اي ظرف من الظروف ان تضع الاعلام الالكتروني تحت اي شكل من اشكال الرقابة، ولا يمكن السيطرة عليه، وحتى المواقع الالكترونية اليوم، بوسع مواطن من خارج الاردن ان يؤسس موقعاً الكترونياً، ولا تستطيع ان تعرف عنوانه ومن هو صاحبه، ومن هو رئيس التحرير الذي ستحوله الى المحكمة .

واذا كان هناك ثمة مشكلات فيما هو قائم من وسائل الاعلام فان الحل هو المزيد من الحرية وتطبيق القانون ومساعدة الناس لرفع مستوى المهنية.

واضاف لا اعتقد ان نقابة الصحفيين تحد من الحريات الصحفية او تضغط على الصحفيين حتى تحد من حرياتهم، ولا تلعب النقابة هذا الدور، بل على العكس انها تدّعي انها تدافع عن حرية الصحفيين، والحرية لا تقررها النقابة، وانما الجسم الصحفي نفسه أحد اهم مسؤوليات النقابة هي ان تدافع عن حريات الصحفيين .