الانتخابات الإسرائيلية وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي

28/03/2006

يرى بعض المحللين السياسيين المتابعين للشأن الإسرائيلي أن انتخابات الكنيست السابعة عشر تعتبر من أهم الانتخابات الإسرائيلية والأشد منافسة، فهي ستأخذ إسرائيل، كما يشير المحللين، إلى مرحلة سياسية جديدة.

تجري اليوم الانتخابات الإسرائيلية لإنتخاب أعضاء الكنيست (120 نائبا) للدورة السابعة عشرة، يتنافس فيها 31 قائمة ويشارك فيها أكثر من خمسة ملايين ناخب، منهم حوالي 650 ألف ناخب عربي فلسطيني.

ومن الملامح البارزة في المشهد الإسرائيلي الانتخابي أن الانتخابات قد تحررت من الثنائية الحزبية بين الليكود والعمل وسيطرتهما على الحياة السياسية في إسرائيل إلى ما يزيد عن ثلاثين عاما، و تبدو معالم الخارطة السياسية الجديدة للتنافس السياسي والحزبي أن يكون محصورا بين معسكر اليسار ممثلا بحزب العمال والوسط الإسرائيلي ممثلا بحزب كاديما، إضافة إلى حزب الليكود اليميني الذي يسجل تراجعا واضحا في هذه المعركة.

وتشير تحليلات المراقبين إلى أن ظهور كاديما سيعيد ترتيب الخارطة الحزبية والسياسية في إسرائيل، في المقابل سيحاول حزب العمل بزعامة عامير بيرتس استعادة موقعه السياسي والاجتماعي الذي تراجع خلال حقبة ما بعد رابين، وهو ما يستدعي تغييرا في الخطاب الإيديولوجي سواء على صعيد القضايا الداخلية أو الخارجية.

وقد سجل حزب شينوي، الذي شغل موقعا وسطيا منذ عام 1992، تراجعا كبيرا في حين نشهد عودة الليكود إلى معسكره السابق الذي كان عليه عام 1977 أي إلى حزب حيروت، و الاندماج مع بعض القوى اليمينية كالاتحاد القومي الديني والمفدال، بينما سيتم دمج الأحزاب اليمنية الصغيرة مثل يهوديت هاتوراه والمفدال والصهاينة المتدينين والاتحاد الوطني مع الليكود في القوائم الانتخابية لمواجهة العزلة السياسية، وفي المقابل تعمل هذه الأحزاب الصغيرة من أجل الوصول إلى صيغة اتفاق لتشكيل جبهة في مواجهة خطر هيمنة الليكود على أصوات المعسكر اليمني، وهناك بوادر لإعادة الاتحاد بين يهوديت هاتوراه وأغوديت يسرائيل للحفاظ على أصوات المتدينين الغربيين في حين يحاول حزب شاس الديني ممثل اليهود الشرقيين البحث عن قيادة تستقطب أصوات الشرقيين.

عموما هذه التطورات أدت إلى إحداث تغيير حقيقي في الخارطة السياسية الإسرائيلية وأخذت ملامح المشهد السياسي في التغير، مما اعتبره البعض انقلابا في الخريطة السياسية الإسرائيلية.

تفيد استطلاعات الرأي العام على أن كاديما سوف يأتي في المرتبة الأولى وحصوله على 35 40 مقعدا مقابل 25 30 مقعدا لحزب العمل بينما سوف يتراجع الليكود إلى المرتبة الثالثة بنحو 15 مقعدا. في حين ستحصل الأحزاب العربية على 10 مقاعد.

إن الأحزاب الإسرائيلية تلعب دورا هاما في الحياة السياسية في إسرائيل، وتشكل أساس النظام وفي صناعة القرارات ورسم السياسات، وهي حجر الزاوية في النظام السياسي سواء في الحكم أو المعارضة، وهي التي تفرز قيادات «الدولة» وتلعب دورا حيويا في صياغة البرامج والخطط في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتقود الحكم فيها.

وهذه الندوة مخصصة لإلقاء الضوء على الواقع السياسي الإسرائيلي الراهن وتحولاته وتداعياته وتأثيراته في انتخابات الكنيست السابع عشر والتعرف على طبيعة التحالفات ووضع الأحزاب العربية في الخارطة السياسية وانعكاس ذلك على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعربي الإسرائيلي وتأثيره على العلاقات الإسرائيلية الإقليمية.

وشارك في الندوة نخبة من المختصين في الشأن الإسرائيلي من باحثين وأكاديميين وخبراء. . وقد تقدم فيها ثلاث أوراق، ورقة للأستاذ سالم جبران من الناصرة بعنوان «الانتخابات البرلمانية في إسرائيل .. وما بعده» وورقة الأستاذ غازي السعدي مدير دار الجليل بعنوان «الأحزاب ألإسرائيلية تتماثل في البرامج وتتهرب من مواجهة المشاكل الحقيقية» والورقة الثالثة قدمتها الدكتورة نارمين غوانمة الاستاذ في جامعة اليرموك بعنوان «قراءة ملامح الخارطة الحزبية : برامج الأحزاب .. التقديرات والتوقعات».

ادار الندوة : يوسف الحوراني

28/3/2006

سالم جبران

يتفق المراقبون المحليون والعالميون على ان الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري اليوم بأنها ليست انتخابات عادية، روتينية بل هي انتخابات تأتي بعد أزمة عميقة، وهي انتخابات لها ما بعدها.

قبل 100 يوم قام ارئيل شارون قبل ان يذهب في غيبوبته بخطوة غير مسبوقة، فقد اعلن انسحابه من حزبه الليكود ودعا مؤيديه ان يلحقوه وخلال شهر انشق عن الليكود اغلبية الوزراء واغلبية اعضاء الكتلة البرلمانية لليكود واعلن شارون عن تشكيل حزب (كاديما). لقد ضاق شارون ذرعا بالقوى المتطرفة داخل الليكود التي شكلت معارضة عنيفة له وعارضت سياسته وعارضت حتى اقتراحاته للتعديل الوزاري.

ولكن لانشقاق شارون سببا اخر سياسيا فقد اتخذ هذه الخطوة بعد الانسحاب الكامل من كل قطاع غزة والتلويح بأنه سينسحب من مناطق واسعة من الضفة الغربية وقال انه من غير الممكن استمرار احتلال الشعب الفلسطيني وقال: علينا ان نعترف ان الاحتلال مرفوض فلسطينيا وعالميا.

هناك محللون يقولون ان شارون أجرى هذا التعديل في سياسته تمشيا مع رياح التطور العالمي الرافضة للاحتلال وبالاساس مع السياسة الامريكية المعزولة بشكل خانق في العالمين العربي والاسلامي.

الان اصبح واضحا ان (كاديما) حزب يمين وسط يميل الى التكيف مع العالم، بينما الليكود زاد تطرفا احتلاليا، وتطرفا يمينيا من الناحية الاقتصادية ايضا، وهو الحزب الرئيسي في اليمين المتطرف مع ان هناك احزابا اكثر تطرفا من الليكود مثل (اسرائيل بيتنا) برئاسة العنصري الترانسفيري افغيدورليبرمان، وتحالف الاتحاد القومي مع الحزب القومي الديني برئاسة بيني ايلون وآفي ايتام، وحزب حيروت.

اما في اليسار فقد عزز حزب العمل مكانته السياسية بعد ان انتصر في انتزاع زعامة الحزب عامير بيرتس، قائد النقابات المهنية (الهستدروت) وهو يهودي من اصل مغربي شرقي كما جرى تغيير عدد من القادة في واجهة الحزب بقادة جدد مثل:

البروفسور ابيشاي برافرمان وشيلي يحيموفتش والبروفسورة يولي تمير. وقد وضع ثلاثة عرب في امانة مضمونة هم: نادية حلو وغالب مجادلة وشكيب شنان.

والاهم ان الحزب يعلن انه اصبح حزبا اشتراكيا ديمقراطيا ذا برنامج اجتماعي يساري عمالي كما طور موقف حزب العمل من مستقبل العلاقات الاسرائيلية الفلسطينيه.

وهناك احزاب دينية ايضا هي «شاس» - حزب اليهود الاصوليين الشرقيين بزعامة الزعيم الروحي عوباديا يوسف وحزب اغودات يسرائيل.

يذكر ان حزبا دينيا معتدلا اسمه «ميماد» يقيم تحالفا وقائمة مشتركة مع حزب العمل اضافة الى حزب «مبرتس» وهو على يسار حزب العمل.

كذلك تشارك في الانتخابات ثلاث قوائم عربية: الجهة الديمقراطية للسلام والمساواة (الحزب الشيوعي) التجمع الوطني الديمقراطي، القائمة العربية الموحدة التي تضم الجناح الجنوبي في الحركة الاسلامية والحركة العربية للتغيير.

استطلاع يوم الجمعة 24/3/2006 اعطت النتائج التاليه: حزب (كاديما) 36 نائبا، العمل -22 نائبا، الليكود 15 نائبا، ميرتس -6 نواب، شاس -9 نواب، اسرائيل بيتنا (لبرمان) -12 نائبا وحصلت الاحزاب العربية الثلاثة على 9 نواب.

وكل الدلائل تشير الى ان اولمرت سوف يشكل الحكومة القادمة من احزاب «كاديما»، «العمل»، «مبرتس»، «شاس».

وهناك اهمية لتصريحات اولمرت المرشح لرئاسة الحكومة بأنه سوف يضع في الخطوط العريضة لسياسة حكومته الانسحاب من مناطق واسعة في الضفة الغربية وكل حزب سيدخل الحكومة يجب ان يوقع بالموافقة على الخطوط العريضة لسياسة الحكومة.

من الواضح ان حزب «كاديما»، حزب شارون اولمرت، لايريد ادخال الليكود الى الحكومة بل يريد مواصلة الصراع ضد هذا الحزب برئاسة بينامين نتنياهو.

ويتوقع المراقبون الاطاحة بالاخير اذ حصل الليكود على اقل من 15 نائبا، وعندها يتزعم الحزب سلفان شالوم وزير الخارجية السابق، في حكومة شارون.

خط شارون اولمرت: خط تكيف

مع احتياجات السياسة الاميركية

لا شك ان اكثرية المجتمع الاسرائيلي ايدت انسحاب شارون من قطاع غزة وتطوير الانسحابات من الضفة الغربية ويبدو ان اكثرية الشعب الاسرائيلي تعبت من الحرب المستمرة ومن الصراع الدموي مع الفلسطينيين. ان تحول شارون من اليمين المتطرف والاستيطاني الى اليمين الوسط لقي قبولا من اكثرية المجتمع اليهودي في اسرائيل.

ولكن الخبراء يقولون ان شارون تساوق تحوله نحو «الاعتدال» مع السياسة الامريكية في الشرق الاوسط التي ترى في استمرار الاحتلال الاسرائيلي عقبة في وجهة المشاريع الامريكية في العالم العربي والاسلامي وتريد واشنطن التجاوب ولو جزئيا مع الدول العربية والاسلامية التي تسميها واشنطن «معتدله» مثل مصر، دول الخليج، الاردن، المغرب، تونس، اندونيسيا وغيرها.

ان حنكة شارون، وبعده اولمرت في أنهما أدركا ما هي حاجات السياسة الأمريكية، وما هي متطلبات المرحلة الجديدة وهناك تخوف انه بعد انتهاء ولاية بوش، سوف يعود الحزب الديمقراطي الى الحكم في اميركا مما يعني اندفاع اميركا نحو سياسة اكثر سلمية واقل عدوانية من سياسة الحزب الجمهوري واسرائيل تنفع نفسها، اذا عرفت كيف تتكيف مع المتغيرات المقبلة.

خطة اولمرت

ايهود اولمرت يعلن من الان قبل الانتخابات، انه يريد خلال السنوات الأربع القادمة اقرار «الحدود الدائمة» لدولة اسرائيل، خصوصا انه لا يوجد طرف فلسطيني للتفاوض معه.

وخطة اولمرت تتضمن: ضم منطقة غوش عتسيون (بين بيت لحم والخليل) ضم مدينة ارئيل في قلب الضفة، ضم مدينة معاليه ادوميم (الخان الاحمر) شرقي القدس، وضم كل القدس العربية الى «القدس الموحدة» وضم غور الاردن بكامله باعتباره الحدود الشرقية الامنية لدولة اسرائيل.

ان هذا يعني اغتصاب مناطق واسعة من الضفة الغربية و استحالة اقامة دولة فلسطينية مستقلة مع المناطق المتبقية وهذا يعني ببساطة دفن «خارطة الطريق»، ودفن تفاهمات اوسلو وبالتالي هيمنة الدولة اليهودية على اكثر من 40 بالمئة من الضفة الغربية.

ان تهجم اليمين المتطرف جدا على شارون واولمرت يجعل من الأخير امام العالم «معتدلا» مناهضا لاستمرار الاحتلال متجاوبا مع المطلب العالمي ولكن هذا قمة الخداع فحكومة اولمرت آخذة بالاعتبار المعطيات القائمة وضم اوسع ما يمكن من مناطق الضفة الغربيه.

ولا شك ان حكومة اسرائيل تستغل الان نجاح حماس في الانتخابات الفلسطينية للقول بأنه لا يوجد طرف فلسطيني للتفاوض معه.

علينا ان نقول لحكومة حماس وللشعب الفلسطيني وللامة العربية ان ما هو على بساط البحث ليس الغاء اسرائيل عن خارطة الشرق اوسطية بل هناك خطر ضعيف بالغاء الحلم الفلسطيني في اقامة دولة فلسطينية مستقلة. ان الذين يرفضون حل الدولتين، الفلسطينية واليهودية قد يجدون انفسهم امام وضع تشطب فيه الدولةالفلسطينية عن خارطة المستقبل في الشرق الاوسط.

على ضوء ذلك، فأن المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا، ومصلحة السلام، ومصلحة العالم العربي تتطلب اوسع تحرك سياسي ودبلوماسي سريع لمقاومة الضم من طرف واحد لمناطق فلسطينية وإعادة المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته بإقرار خطة سلام تلغي نتائج احتلال حزيران 1967 وتقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية في إطار حدود 4 حزيران 1967.

ان تصريح اوساط رسمية اسرائيلية بأن شمعون بيرس سوف يعمل لاقناع العالم بالحدود التي سيفرضها اولمرت (مع اقتطاع مساحات واسعة من الضفة) هو ناقوس خطر يجب ان يوقظ الشعب الفلسطيني والعالم العربي على الاخطار الداهمة والتي قد تكون كارثة جديدة للشعب الفلسطيني تضاف الى كوارثة السابقة.

الامتناع عن المشاركة شطب سياسي للذات

اشتد النقاش بين الفلسطينيين مواطني دولة إسرائيل عشية الانتخابات الحالية، كما عشية معارك الانتخابات السابقة حول جدوى المشاركة في الانتخابات.

بطبيعة الحال. كل الأحزاب السياسية حبذت وتحبذ المشاركة في الانتخابات، فهذه الأحزاب معنية مباشرة بمشاركة الشعب بالانتخابات، وبدون ذلك لا يصل نوا ب عن هذه الأحزاب إلى البرلمان الإسرائيلي.

ولكن دائما كانت قوى سياسية تعلن بصوت عال وحازم «عدم الفائدة» من الانتخابات وبعضها اعتبر المشاركة في التصويت تعبيرا عن «الأسرلة» فكيف نصوت كفلسطينيين لبرلمان الدولة اليهودية؟ نشطت دائما ضد المشاركة في التصويت حركة «أبناء ا لبلد» القومية الراديكالية، كما نشطت أيضا الحركة الإسلامية، الجناح الشمالي برئاسة الشيخ رائد صلاح.

لا شك أن التمييز الصارخ والتهميش للعرب يدفع البعض إلى الشك بجدوى المشاركة في الانتخابات. ولكن، أحقا، إذا لم نشارك في الانتخابات يصبح وضعنا أفضل؟ هل إذا قاطعنا الحياة السياسية في إسرائيل يتحسن وضعنا؟ أحقا المقاطعة هي عامل ضغط على النظام الإسرائيلي؟ إن عدم مشاركتنا في الانتخابات يعني أن لا يكون لنا ممثلون يحملون همومنا ويرفعون صوتنا ويطلقون صرختنا ضد كل المظالم التي نعاني منها.

ويجب أن يقال ان أعضاء الكنيست العرب بالتعاون مع أعضاء كنيست ديمقراطيين ويساريين وإنسانيين من اليهود تمكنوا في حالات كثيرة أن يحققوا مكاسب أو أن يلغوا مظالم.خلال سنين طويلة كانت مؤسسة التأمين الوطني تمنح الأطفال اليهود مخصصات أكبر من المخصصات المعطاة للأطفال العرب. فقط من خلال إئتلاف واسع من الديمقراطيين اليهود والنواب العرب تم مسح هذا العار العنصري وتحقيق المساواة.

كذلك يشكل البرلمان ساحة، إذا قمنا باستعمالها بشكل لائق ومقنع، فإننا ننقل احتجاجنا وتذمرنا وغضبنا إلى الرأي العام داخل إسرائيل ونوصل للرأي العام العالمي الصورة الحقيقية لمعاناتنا، الصورة الحقيقية للظلم الصارخ والتمييز الشامل الذي نعاني منه.

الأقلية القومية، في كل دولة، لديها مصلحة حقيقية في المشاركة، على الساحة البرلمانية وعلى الساحة النقابية، ولها مصلحة أن تصل إلى الإعلام المكتوب والمرئي والمذاع. إن المعركة على كسب تأييد الرأي العام هي جزء أساسي من المعركة لإلغاء التمييز القومي والإجتماعي ولترسيخ البقاء في الوطن وللصراع ضد العنصرية والكراهية التي تبثها القوى اليمينية والفاشية ضد الأقلية القومية.

الأقلية الفلسطينية تعيش في مدنها وقراها، تعيش في وطنها الذي لا وطن لها سواه ولا تقبل بديلا عنه. الوطن ليس حقيبة وليس سيارة. الوطن مثل الأم، هناك أم واحدة للإنسان وبالضبط هناك وطن واحد للإنسان. ولذلك فإن تمسكنا بالأرض كان ملحمة بطولية أسطورية، ورسخنا بقاءنا في وطننا، في ظروف بالغة التعقيد. بقاؤنا لم يكن أمرا بديهيا، قائما من تلقاء نفسه بل كان إنجازا لنضالنا الوطني والإنساني الموحد، بالتعاون مع قوى ديمقراطية وعقلانية وإنسانية في المجتمع اليهودي أيضا.

نضال الأقلية العربية الفلسطينية في داخل إسرائيل له أشكال متعددة: الإضرابات، الإعتصامات، المظاهرات، المظاهرات أمام الدوائر الحكومية وأمام البرلمان، العمل من خلال السلطات المحلية في مدننا وقرانا دفاعا عن حقوقنا، والنضال البرلماني. إننا لا نفوت فرصة للإتصال بأجهزة الإعلام العالمية ومراسليها في إسرائيل لقول الحقيقة حول حالتنا، ولدحض الدعاية الحكومية الرسمية.

إن شعبا يريد الحياة وا لتقدم والحرية والبقاء الوطني تعلمه الحياة أن يسلك كل الطرق، أن يستخدم كل الأساليب، أن يستعمل كل أدوات النضال السياسي والثقافي والاجتماعي والوطني دفاعا عن حقوقه المدنية والوطنية.

ليست هناك ذرة منطق أو ذرة مصلحة أن نتطوع للتنازل عن منبر يمكننا الوصول إليه. لذلك فإن كل القوى الوطنية والديمقراطية والعقلانية والواقعية ترى في المشاركة في الانتخابات للبرلمان مصلحة حيوية وأداة للنضال المنظم دفاعا عن حقوقنا وعن مستقبلنا في وطننا.

غازي السعدي

عند الحديث عن الانتخابات للكنيست الاسرائيلية، لابد من التطرق الى نظام الانتخابات، وكيف تجري هذه الانتخابات ، حيث يبلغ عدد اصحاب حق الاقتراع ، خمسة ملايين و14الفا و622 ناخبا ، بينهم نحو نصف مليون ناخب من المواطنين العرب داخل الخط الاخضر، سيتوجهون يوم غد لانتخاب (120) نائبا وهو مجموع عدد نواب الكنيست ، واللافت ان نسبة الناخبين من مجموع عدد سكان اسرائيل البالغ 6 ملايين و986 الفا و300 نسمة حتى نهاية عام 2005، عالية، ويشكل اليهود 76%من مجموع تعداد السكان ، والعرب 20%، وهناك 4%يصنفون بالاخرين،وهم من المهاجرين الروس والفلاشا، من مسيحيين او غير معترف بيهوديتهم حسب الشريعة اليهودية،ومع ان نسبة المواطنين العرب كما ذكرنا 20%، فان نسبة المقترعين منهم لا تتجاوز 13%لان نسبة الاولاد دون السن القانوني المحدد للمشاركة في الانتخابات عالية داخل الاسر العربية، كما ان هناك مواطنين عربا حرموا من الجنسية الاسرائيلية، والجنسية والعمر شرطان اساسيان للمشاركةفي الانتخابات.

لقد تقدم للانتخابات الحالية(31) قائمة انتخابية، منها :(11) قائمة تمثل الاحزاب القديمة،و(20) قائمة جديدة ، وخمس قوائم عربية ، ولتقليص عدد الاحزاب او القوائم ، جرى رفع نسبة الحسم من 5,1% الى 2% ، وان معظم القوائم الجديدة لن تحصل على نسبة الحسم ، لأن على القائمة ، للدخول في عملية توزيع المقاعد ، الحصول على 79305 من الاصوات كحد ادنى للحصول على مقعد واحد ، في حالة ان نسبة المشاركة العامة وصلت الى 75%من المقترعين ، ولكي تحصل القائمة على مقعد ثان تحتاج الى 33044 صوتا اضافية ، اما اذا كانت نسبة التصويت70%فعلى القائمة الحصول على 74018 صوتا ، لتجاوز نسبة الحسم او الحصول على مقعد واحد وللحصول على مقعد ثان عليها الحصول على 30841 صوتا اضافيا .

واذا ما ألقينا نظرة سريعة على البرامج السياسية لابرز الاحزاب الاسرائيلية ، مع ان هذه البرامج لاتتجاوز الحملة الانتخابية ، لان الخطوط العريضة للائتلاف الحكومي الذي يتفق عليه، تشكل الاساس والسياسة الرسمية للحكومة ، ومع ذلك فان كلا من «كديما» و «العمل» و«الليكود» يعتبرون القدس الموحدة ستبقى عاصمة اسرائيل الازلية وتحت السيادة الاسرائيلية ، بينما يختلف العمل قليلا فمن اجل الحفاظ على الطابع اليهودي للقدس يقترح التنازل عن الاحياء ذات الاغلبية العربية للدولة الفلسطينية خلال التسوية الدائمة ، اما بالنسبة للحدود ، فان «كديما» يريد ضم المناطق المطلوبة لامن اسرائيل ، والاماكن المقدسة لليهود ، والكتل الاستيطانية للدولة العبرية، كما ان «العمل» يؤيد ايضا ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة لاسرائيل ،اما «الليكود» فان موقفة يطالب بأن تشمل حدود اسرائيل الدائمة ، غور الاردن وصحراء القدس، والقدس الكبرى، والكتل الاستيطانية، والمناطق الساحلية التي تسيطرعلى مطار بن غوريون ، وطريق القدس - تل ابيب الجديدة والكتل الاستيطانية الكبيرة، وبالنسبة لحق العودة، فان «كديما» و«العمل» يعتبران ان حل قضية اللاجئين يجب ان يتم في الدولة الفلسطينية ، اما

الليكود فانه يعارض عودة اللاجئين كليا ، فالتمايز بين برامج هذه الاحزاب محدود ، وما يحكم المستقبل يبقى تحت تاثير الراي العام الاسرائيلي ، والموقف الامريكي ، والتاثير العربي المفقود ، واخيرا فانني لا ارى حلا جذريا للقضية الفلسطينية على المدى المنظور بل اتوقع حلولا مرحلية اخرى غير محددة بزمن، فهذا الصراع الطويل سيستمر الى اجل غير معروف.

وتتميز الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية للكنيست التي ستجري اليوم (28/3/2006) بان الأحزاب تتهرب من التعرض لإيجاد الحلول للمشاكل الحقيقية ونعني الصراع العربي - الإسرائيلي، وبخاصة القضية الفلسطينية كذلك بللا مبالاة من هذه الانتخابات، فهذه الأحزاب التي تعتمد على ذاكرة الناخب الضعيفة، ونسيانه لأوضاعه الحياتية والأمنية والوعود التي تقطعها الأحزاب على نفسها، تحاول إجراء غسل دماغ لسرقة آراء وأفكار الناخبين، لعدم رغبتها في الدخول لطروحات حقيقة كحلول سياسية لهذة المشاكل، بل تحاول أبعاد الناخبين عن هذه القضايا، تحت مزاعم التهديدات الخارجية، مع أن التهديد الداخلي للإسرائيليين، خاصة مشاكل الإسرائيليين الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، تشكل التحدي الأهم للمجتمع الإسرائيلي، ولا حل أو استقرار لهذا المجتمع، طالما لم تجد القضية الفلسطينية تشكل صلب مشاكل إسرائيل الداخلية.

السؤال الذي علينا الإجابة عليه، هل هناك فوارق جوهرية بين برامج الأحزاب الإسرائيلية؟ والجواب كلا، مع أن هناك فوارق في رؤية هذه الأحزاب لحل الصراع، لكن جميع الطروحات، حتى المعتدلة نسبيا منها، لا تلبي الحد الأدنى للتطلعات الفلسطينية، ولقرارات الشرعية الدولية، فالخارطة الحزبية ـالسياسية الإسرائيلية، منقسمة لثلاثة اتجاهات، ما بين جمهور الوسط وهو الأقوى، واليسار واليمين، مع أن ثلث مصوتي اليمين السابقين، انجرفوا نحو الوسط وبالتحديد إلى حزب «كديما»الذي أسسه «آرئيل شارون» ويتزعمه اليوم «أيهود اولمرت».

أحزاب اليمين لا تتصارع مع بعضها البعض، بل تسعى لكي تشكل سدا منيعا أمام حزب «كديما» في محاولة لعرقلة تشكيلة حكومة ائتلافية مع أحزاب اليسار، وبالتالي تنفيذ انسحاب أحادي، أو فك ارتباط في الضفة الغربية، فاستطلاعات الرأي العام، تعطي لأحزاب اليمين، الفوز ما بين 50-52 نائبا، فهذا اليمين الذي اخذ في التقدم مؤخرا، يسعى للوصول إلى (60)نائبا، أي نصف عدد أعضاء الكنيست، ليتحكم ويؤثر في تركيبة الحكومة القادمة، لكن هناك تشككا في مثل هذه الإمكانية.

ويقف اليوم على رأس هذه الأحزاب حزب «الليكود»، بزعامة «بنيامين نتنياهو»، ولهذا الحزب ثلاث لاءات الأولى:رفض التفاوض مع الفلسطينيين بعد صعود «حماس» وعدم إجراء أية انسحابات جديدة، الثانية:رفض إعادة مستحقات الضرائب المالية للفلسطينيين، أما الثالثة فهي رفض السماح بدخول وتشغيل العمال الفلسطينيين في إسرائيل هذا بالإضافة لبقاء القدس موحدة عاصمة إسرائيل الأزلية، وبقاء المستوطنات، بل ونقل جدار الفصل العنصري شرقا في أعماق الضفة، وكذلك إبقاء هضبة الجولان تحت السيادة الإسرائيلية، وبعد جميع هذه الاشتراطات، يزعم هذا الحزب بأن إسرائيل تطمح إلى حل الصراع مع الفلسطينيين، لن كون هذا الحل يشكل مصلحة قومية لإسرائيل، كما يزعم بأن إسرائيل لا ترغب السيطرة على حياة الفلسطينيين، لكنه يعتبر خارطة الطريق أصبحت غير قابلة للتنفيذ، بزعم عدم وجود شريك فلسطيني.

إن حزب الليكود، يعتبر «معتدلا» إذا ما قورن بأحزاب اليمين الأخرى، فحزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة «اافيغدور ليبرمان» الذي يعتمد في قوته على أصوات المهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق، فان برنامج السياسي يقضي بترحيل جزء كبير من فلسطيني الداخل الذين يعتبرون مواطنين في إسرائيل إلى الخارج، خاصة مدن وقرى وادي عارة، وعلى رأسها مدينة أم الفحم، بحجة تهديدهم الديمغرافي، وينادي هذا الحزب، بإقامة الدولة الفلسطينية في الأردن، كذلك يعارض مع آخرين من أحزاب اليمين نمنح فلسطينيي الداخل الحقوق المدنية ومشاركتهم في الانتخابات، ومنعهم من الترشيح لانتخابات الكنيست، ويلي هذا الحزب «الاتحاد الوطني» المؤتلف مع الحزب الوطني الديني ثم حزب «تسومت»، الذي يرفع شعار السلام مقابل السلام مع الدول العربية، يرفض فكرة إقامة دولة فلسطينية، ثم حزب«حيروت»، القديم ـالمتجدد، باعتبار إن حزب حيروت التاريخي الذي كان يتزعمه «مناحيم بيغن»، انحرف عن مبادئه، وهذا الحزب يرفع أيضا شعار السلام مقابل السلام كبديل عن الأرض مقابل السلام، ويشجع هذا الحزب الفلسطينيين على الرحيل إلى الدول العربية، باعتبار أن دولة إسرائيل تمتد من البحر إلى النهر، وهناك حزب أخر يحمل اس

م «الجبهة اليهودية» وهو امتداد لحزب «كهانا» الذي يدعو إلى ترحيل الفلسطينيين ليحققوا طموحاتهم القومية في الدول العربية، فجميع هذه الأحزاب عنصرية فاشية من الدرجة الأولى، بينما يغلف حزب «كديما» عنصريته بأساليب مختلفة.

في الجانب الآخر، يقع حزب «كديما» الوسطي الليبرالي، الذي وضع في صميم برنامجه السياسي، ترسيم حدود إسرائيل النهائية من جانب واحد، لعد وجود شريك فلسطيني يمكن التفاوض معه، فخطة هذا الحزب تشمل الانسحاب من ما بين 42% حتى 50% من الضفة الغربية لإعادتها إلى الفلسطينيين، ضمن معاهدة سلام دائمة مع بقاء القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، أما بالنسبة لحق العودة فان هناك إجماعا بين جميع الأحزاب الصهيونية على الرفض القاطع لهذة العودة.

أما حزب «العمل» فإن زعيمه «عمير بيرتس» الذي رفع شعارات حمائمية في بداية حملته الانتخابية، وجد أن هذه الشعارات ستفقده أصوات أعداد كبيرة من الناخبين، يطمح بالتعويض عنها من أصوات المواطنين العرب، مع أن هذا الحزب يؤيد إقامة دولة فلسطينية بحدود عام1967، مع تعديلات طفيفة على هذه الحدود، وضم الكتل الاستيطانية الكبيرة لإسرائيل، وإعادة تقسيم القدس من منطلق المحافظة على أغلبية يهودية، ومن اجل ذلك إعادة الأحياء العربية إلى الدولة الفلسطينية.

أما الأحزاب الأخرى، ومنها «القوائم العربية»، وحزب «ميرتس-ياحد»، فإنهم ينتمون إلى معسكر اليسار، وهناك حزبان دينيان هما: «شاس» و«يهودت هتواره»، فإنهما متشددان دينيا، لكنهما اقل تطرفا سياسيا، وهما ما بين اليمين والوسط قد يشاركان في حكومة الأمر الواقع، إذا استجابت لمطالبهما المالية، وشروطهما الدينية، وللتذكير فإن حزب «شاس» سبق وان أيد اتفاق «اوسلو»، كما شارك مع «أيهود باراك» في بداية تشكيل حكومته عام 1999، ثم انسحب منها على خلفية الموازنات والصلاحيات.

تشارك (31) قائمة انتخابية، بينها أربع قوائم عربية، في هذه الانتخابات، وقد بلغ عدد أصحاب حق الاقتراع (622,014,5) ناخبا وفقا لسجل الناخبين الصادر عن وزارة الداخلية الإسرائيلية، بينهم نصف مليون ناخب عربي، مع أن مجموع عدد سكان إسرائيل يبلغ نحو سبعة ملايين نسمة، يشكل المواطنون العرب 20% وهناك 4% من الإسرائيليين الذين يوصفون بالآخرين، وهم من المهاجرين الروس والفلاشا، من مسيحيين أو غير معترف بيهود تهم وفقا للشريعة اليهودية، ومع أن نسبة العرب كما أسلفنا 20%، إلا أن نسبة أصحاب حق الانتخاب منهم لا تتجاوز 13%، لأن نسبة الأولاد دون السن القانوني المحدد للانتخابات عالية داخل الأسر العربية.

إن مؤشرات نتائج هذه الانتخابات، تتحكم بها حاليا حرب استطلاعات الرأي العام، التي تعطي لحزب «كديما» بين 35-37 نائبا وللعمل بين 18-21 نائبا، ولليكود بين 14-16 نائبا وهناك نحو 20% من الناخبين لم يقرروا لمن سيدلون بأصواتهم يشكلون نحو (25) مقعدا كما أن نحو 205 من اليهود لن يذهبوا للإدلاء بأصواتهم بينما نحو 40%من المصوتين العرب لن يذهبوا للتصويت، وهذا يضر بالقوائم العربية، اذ أن نسبة الحسم ارتفعت إلى 2% أي أن على القائمة الحصول على نحو (70) ألف صوت لتجتاز نسبة الحسم، أما الصراع بعد اليوم الذي سيلي الانتخابات ومعرفة النتائج، فإنه سيكون حول تشكيل الائتلاف الوزاري، ومع أن المؤشرات بأن الحكومة القادمة ستشكل برئاسة «ايهود اولمرت» من كديما، وبمشاركة «العمل» وربما«ميرتس» و«شاس» و«يهودت هتوراه» إلا أن اولمرت سيسعى إلى المناورة بين هذه الأحزاب، مع أحزاب اليمين كي يخفض من طلبات وشروط وطموحات الأحزاب التي ستشارك في الحكومة وهناك توقعات باعتزال «نتنياهو» زعامة «الليكود»، إذا لم يحقق انتصارا، وفي مثل هذه الحالة فقد يخلفه «سلفان شالوم»، وزير الخارجية السابق، الذي سيسعى إلى عودة لحمة «الليكود» مع «كديما» ذات الأصول الليكودية، وقد

يسبب مثل هذا الاحتمال، انشقاقات داخل الحزبين، وكيفما ستكون نتائج الانتخابات وشكل الحكومة القادمة فليس هناك بشائر للسير نحو حلول جذرية بالنسبة للعملية السياسية وتحقيق السلام، وان الحلول الجزئية أو المرحلية تبقى الاحتمالات الوحيدة للمرحلة القادمة ن فالاستقرار في الشرق الأوسط ما زال بعيد المنال.

د. نارمين غوانمة

أصبح من المؤكد ان المشهد الحزبي الإسرائيلي بعد ان كان محكوما لنظام الحزبين لمدة تقارب ثلاثة عقود خلت بين يمين قومي بزعامة الليكود ويسار وطني بقيادة العمل، أصبح الآن ثلاثي بعد أن انتقل شارون من اليمين إلى اليمين الوسط على راس حزب كاديما الجديد، وبالتالي فأن الاصطفاف الحزبي داخل إسرائيل سيكون على الشكل التالي:

الليكود يمين قومي يمثل: الإتحاد الوطني، يهودايت هاتوراه، المفدال، المستوطنون عموما، بقيادة الليكود وبزعامة نتنياهو.

كاديما يمين وسط بقيادة شارون بعد ان انضم اليه مجموعة زعماء الليكود امثال ايهود اولمرت، شاؤول موفاز، وهنغبي، سيفيمون لفني، ومجموعة أخرى من أحزاب العمل (شمعون بيرس، حاييم رامون، وداليا ايتسيلغ).

عمل اليسار ممثلا بكل من حزب العمل، شينوي، ميرس، الأحزاب العربية لذا فان البرامج التي ستكون للأحزاب الثلاثة ذات فروقات نسبية إلى حد ما.

فبرنامج حزب الليكود والذي قدمه للانتخابات يهدف بالدرجة الأولى إلى ترهيب الشارع الإسرائيلي من حركة حماس ومحاولة إفشالها فجاءت شعاراته كالتالي:

حزب الليكود أقوى من حركة حماس.

حماس هنا يعني أن إيران هنا.

حماس دخلت الى القدس وسياسة الانسحابات المجانية انهارت.

حزب الليكود ونتنياهو هو الامثل.

أما البرنامج السياسي كما هو معروف ومنذ انتخابات 1977 م، ما زال يعتبر المبادىء الأساسية لحزب الليكود والذي يمثل باللاءات التالية:

لا للعودة الى حدود 1967 م

لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر

القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل

لا مفاوضات مع حركة حماس إذا كانت تترأس الحكومة الفلسطينية ولم تعترف بإسرائيل.

الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية في الضفه الغربية من فلسطين وضمها إلى إسرائيل.

أكمال بناء الجدار العازل بين إسرائيل والفلسطينيين.

برنامج حزب العمل

فحزب العمل كان وما زال يمثل عامة الجمهور الإسرائيلي ولهذا فان زعماء الحزب يهتمون ويركزون في كل المجالات الدولة والمجتمع.

وبرنامجه السياسي ركز على ما يلي:

دولة يهودية ديمقراطية أي التأكيد على دولة إسرائيل والمحافظة على الهوية اليهودية وتوثيق العلاقة مع يهود الشتات.

ترسيم حدود دولة إسرائيل وإقناع العرب بهذه الحدود.

أما بالنسبة إلى الجانب السياسي والأمني:

فالحزب ينادي بإقامة تسوية سياسية لأنه يعتقد أن هذه التسوية هي مصلحة قومية لدولة إسرائيل لأنها ستعمل على زيادة النمو الاقتصادي وتحسين الوضع الاجتماعي

سيعمل الحزب على استئناف المفاوضات السياسية التي ستجرى في خضم النضال الحازم ضد العنف والإرهاب.

استكمال بناء الجدار الأمني في غضون سنة.

المحافظة على تفوق إسرائيل وإذا سادت حالة جمود سياسي ستلجأ إسرائيل إلى اتخاذ خطوات مستقله تضمن مصالحها الأمنية والسياسية.

أما المفاوضات في حزب العمل فستستند إلى المبادىء التالية:

دولتان لشعبين ترسم حدودها في مفاوضات بين الطرفين.

ضم كتل الاستيطان الكبيرة في يهودا والسامره إلى دولة إسرائيل.

أما المستوطنات المعزولة التي لا تقع ضمن كتل الاستيطان المضمومة لإسرائيل فسيتم إخلاؤها.

ج- القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل وتبقى الاماكن اليهودية فيها تحت السيطرة الإسرائيلية.

برنامج حزب كاديما

هذا الحزب الذي أسسه شارون أدى إلى إحداث تحولات وتغييرات في الخارطة السياسية الحزبية فقد قامت أهدافه ومبادئه عل النحو التالي:

الحفاظ على وجود دولة إسرائيل كبيت قومي للشعب اليهودي.

إضفاء مضمون قومي على طابع دولة إسرائيل.

المساواة الكاملة في كافة الحقوق لجميع الأقليات غير اليهودية.

تثبيت حدود إسرائيل الأبدية من جانب واحد.

تحليل البرامج للأحزاب الثلاثة

نلاحظ التشابه في برامج هذه الأحزاب الثلاث و ليس هناك أي تغيير جوهري، التغيير الوحيد والجذري في السياسة الإسرائيلية هو قبول اليمين الإسرائيلي الانسحاب من جزء من الضفة وغزه وإقامة الدولة الفلسطنيية نتيجة المقاومة الفلسطينية والصمود الفلسطيني والاختلاف بين هذه الأحزاب واقع حول المساحة الواجب الانسحاب منها وحول طبيعة وحجم السيادة المعطاه للفلسطينيين والكيفية التي يتم فيها ذلك فكل حزب له معياره ومقاسه الذي يريد أن يمليه على الطرف الفلسطيني حسب المصلحة الصهيونية وحسب ما يراه كل حزب من زاويته.

فالأحزاب الرئيسية الثلاثة لم تطرح شيئا جديدا جوهريا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

فنتيناهو يصر على وقف المقاومة قبل أي تفاوض أما زعيم حزب العمل بيرس فلم يأت بجديد فهو مع التسوية الدائمة ولكن بدون مناقشة حق العودة للاجئين او الانسحاب الكامل او أقامة دولة فلسطينية ذات السيادة، اما بالنسبة للقدس فقد أعرب عن رأ يه في مقابلة له في صحيفة معاريف فقال «من الواجب تحديد خطوط القدس ولكن ليس التفاوض حولها أي أن الأمر يخضع للرؤية الصهيونية لمدينة القدس وليس لحق الفلسطينيين فيها».

أما كاديما فقد ركز على الحل الأحادي الجانب مع تجاهل الطرف الفلسطيني وإكمال جدار الفصل العنصري وضم المستوطنات في الضفة الغربية وتهويد القدس وترسيم الحدود الدائمة.

أذن فالأحزاب الثلاثة ما زالت تجمع على تهويد القدس ورفض السيادة الفلسطينية حتى على شطرها الشرقي ورفض عودة اللاجئين الفلسطنيين وان كان ذلك في الضفة وغزة ورفض الانسحاب من أراضي عام 1967 م.

اما الفروقات بين برامج الأحزاب الثلاثة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ليست جوهرية في البرامج الانتخابية سوى أن حزب العمل سيضع الأمر على راس اولوياته وأجندته الحزبية كمدافع عن الفقراء بالدرجة الأولى.

أما فيما يتعلق بفرص الفوز في انتخابات الكنيست السابعة عشر، فكما هو واضح فان حزب كاديما ستكون له الفرصة الأكبر في الفوز من العمل والليكود وذلك لعدة أسباب:

- أن شارون كان يتراس هذا الحزب صاحب الشخصية الكرازمية الجاذبة للجمهور الاسرائيلي.

- أن الحزب يجمع شخصيات من اليمين مثل وزير الدفاع شاؤول موفاز وأفى دختر (رجل الاستخبارات) وايهود اولمرت نائب رئيس الوزراء بالاضافة إلى شخصيات من حزب العمل مثل شمعون بيرس ودالياالتسلع وحاييم رامون.

- وباستطلاع الراي التي نشرته صحيفة معاريف في 20-12-2005 فقد حاز حزب كديما على 42 مقعدا وحزب العمل بقيادة ميرتس على 22 مقعدا وحزب الليكود برئاسة نتيناهو على 13 مقعدا.

الا أن استطلاعا اخر نشر قبل أيام اظهر تراجع شعبية حزب كديما حيث حصل ما بين 43-36 مقعدا، وحزب العمل جاء في المركز الثاني وحصل ما بين 17-21 مقعدا، اما المركز الثالث فلحزب الليكود المتشدد فقد حصل على 14 مقعدا.

فهذه الاحزاب ومن خلال برامجها غير مهيأة لقبول السلام العادل وما زالت تعيش في حالة قلق وخوف وسوف تتسبب في ضياع فرصة تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وسوف يبقى باب الصراع مفتوحا. ان عملية حل الصراع العربي الصهيوني وحل القضية الفلسطينية من خلال فوز اليمين او يمين الوسط او حزب العمل لم يتم لان مع الاختلاف الذي حصل في الشكل والهيكل الخارجي فقد احتفظوا بذات البرامج والجوهر تجاه الحقوق الفلسطينية والقضايا العربية، فمنذ مفاوضات مدريد 1991 م أي 15 سنة وصل الحكم معظم الساسة الاسرايئليين من أحزاب اليمين واليسار على شكل ائتلاف، فقد وصل اسحاق /رابين/شمعون بيرس /اليهود باراك/ ومن الليكود اسحق شامير ونتنياهو وشارون ولكن ماذا فعلوا في التنيجة هل تم حل القضية الفلسطينية.

اما الأحزاب التي يقف على رأسها متطرفون قادمون من الاتحاد السوفيتي واهمه حزب «إسرائيل بيتنا» فسوف يأتي في المركز الرابع ويرجح فوزه ب 10-12 مقعدا وهذا الحزب ينادي بطرد العرب الفلسطينيين الى الاردن وعدم السماح لعرب 48 بالبقاء في اسرائيل واذا كان طردهم يسبب مشكلة لاسرائيل فانهم يقترحون مقايضة مناطق في المثلث والجليل ذات اغلبية عربية بالمستوطنات ليتم ابقاء اسرائيل دولة يهودية نقية.

وهذا الحزب يتهيأ زعيمه افيغدور ليبرمان بالمشاركة في الحكومة القادمة رغم انه عارض الانسحاب من غزة.

اما الأحزاب الاخرى مثل يهوديت هتوراه المتشدد والاشكنازي فسيحصل على 6 مقاعد، وبيرس اليسارى العلماني فقد يحصل على عشرة مقاعد كما تشير الاستطلاعات.

أما حزب المفدال فسيحصل على 7 مقاعد والاحزاب العربية ستحصل على 10 مقاعد كما تشير الاستطلاعات، اما حزب شاس فهو يحاول وباي طريقة ان يكون في الحكومة القادمه خاصة بعد خروجه من حكومة سنه 2002 م، فهذا الحزب يعتمد على الايويولوجية الدينية، ومن المرحج ان تفوز شاس ب (11) مقعد كي يتمكن من دخول الحكومة القادمة.

وأمام هذه التغييرات في الساحة الحزبية من خروج شارون من الليكود وتأسيسه لحزب جديد ثم مرضه وغيابه عن الساحه الحزبية ثم الانسحابات الكثيرة والعديدة من الأحزاب الأخرى والتوجه إلى كاديما والى بعض الأحزاب الأخرى خصوصا بعد عملية الانسحاب من قطاع غزه وفك الارتباط كل هذا جعل الكثيرين من الاسرائيليين في حيرة من امرهم هذه المرة فهم لا يعرفون من سينتخبون وهل سيتنخبون حزب كاديما صاحب المستقبل غير المعروف ام سينتخبون من انتخبوهم

في السابق رغم تيقنهم من أن هذه الأحزاب لم تفعل أي شيء لهم، لم تف بوعودها الانتخابية خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

عريب الرنتاوي

لقد هيمنت الأحادية الإسرائيلية من خلال تصريحات أولمرت قبل الانتخابات والتي تمس بشكل أو آخر الأردن وصورته ومصالحه. وأن موضوع الغور الغربي هل هو ضم أم سيطرة ؟ وهذا مرفوض من قبلنا ولا نثق بالسيطرة الإسرائيلية على الغور وتجاوز مرحلة الحل النهائي في العملية السياسية لأن التاريخ الإسرائيلي معروف على هذا الصعيد.

إن موضوع اللاجئين سيبقى موضوعا ساخنا ومتجددا وهو يؤثر على الأمن الإقليمي ن ومن هنا فان أي حل لا يستجيب للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني سيزرع بذور الأزمات اللاحقة وسيغرس دوامة جديدة ويخصب الأرض لإنتفاضة فلسطينية ثالثة وإذا استمرت إسرائيل في مشروعها فانها ستجني أكثر من إنتفاضة قادمة بعد عام أو عامين، وأن مواجهة هذا المأزق يقتضي يقظة ورؤى فلسطينية وحوار استراتيجي فلسطيني فلسطيني وفلسطيني أردني، وأن المواجهة التقليدية لهذا المشروع سوف يعيق عملية السلام وتقدمها.

القمة العربية الجارية في الخرطوم سوف تعيد التأكيد على المبادرة التي أطلقتها في بيروت دون أن تضيف إلى ذلك آليات جديدة لوقف هذا الخطر، وتكرار هذه المواقف المعتادة في وقت يجري فيه الضم والزحف والاستمرار في هضم الحقوق وتآكل مشروع الدولة الفلسطينية يوم بعد يوم وهو إن لم يكن يعبر عن العجز، فإنه تعبير عن التواطؤ.

إن أخطر ما نراه في المشهد الإسرائيلي العدوانية والتوسعية الأحادية الإسرائيلية والتي تجري ليس وفق صمت دولي ولكن أيضا بتفهم وقبول.

إن مصادرة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والإجهاز على فرص قيام الدولة الفلسطينية يتم وسط ترحيب وقناعة دولية، والمسؤول عن ذلك ليس إسرائيل وإنما العرب والفلسطينيين، وما يجري داخل المجتمع الإسرائيلي من تحولات عميقة والتي تعبر عنه تياراته السياسية والفكرية والحزبية إنما نتاج وردود فعل لنتائج الانتخابات الفلسطينية والعجز والانقسام في صفوف القوى الفلسطينية، فنحن دون شك أمام استحقاقات بالغة الأهمية.

غازي ربابعة

الاهتمام الذي نبديه في الأحزاب الإسرائيلية وبرامجها يأتي كردود فعل أكاديمية، فهذه الأحزاب، تاريخيا، قائمة قبل قيام دولة إسرائيل ولم تتغير برامجها عبر التاريخ إلا في نطاق تكتيكي محدود، وبالتالي فإن الرؤية الإستراتجية لهذه الأحزاب تحكمها هذه المعتقدات التي تعبر عنه في سياساتها وبرامجها.

إن الرؤية الأخيرة الإسرائيلية ترى أن غور الأردن والذي يشكل 35% من مساحة الضفة الغربية سيكون ضمن الحصة الإسرائيلية والأحزاب الإسرائيلية لم تقرر شيئا، وانتقال بعض القيادات الإسرائيلية من حزب إلى آخر لا يغير من المعتقدات والسيطرة على غور الأردن ليس مشروعا جديدا فقد سبق وطرحه حزب العمل من خلال مشروع يغال آلون عام ،1967 والجديد في الأمر أن إسرائيل ببنائها جدار الفصل العنصري تقتطع ما مساحته 58% من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ومصادرة الأحواض المائية في شمال فلسطين، وتسعى في المرحلة القادمة لإيجاد دولة نقية خالصة وانكفاؤها خلف الجدار هو جزء من هذا المشروع وأن ترحيل الفلسطينيين لن يكون من الضفة الغربية وإنما من الأراضي المحتلة عام 1948 وبالتالي سيكون هناك تجمعا بشريا كبير في الضفة الغربية سيؤثر على الأردن عند التسوية السياسية .

عن انسحاب إسرائيل من غزة بتأثيرات الانتفاضة والذي استثمرته السلطة الفلسطينية على أنه مشروع سلمي حققت فيه نجاحا، كما حدث في لبنان حينما اضطرت إسرائيل للانسحاب من جنوبه بفعل ضربات المقاومة اللبنانية الموجعة.

إن الرهان على وحدة الموقف والأمم المتحدة والرباعية وغيرها من المشاريع السياسية هو مجرد لعب في الوقت الضائع.

إسرائيل تعير اهتماما للجانب الأمني وخاصة في ما يتعلق بملف إيران النووي الذي يشكل خطرا دائما عليها دون أن تظهر أدنى اهتمام إلى الموضوع الفلسطيني، وهناك تعاون عربي بشأن الملف مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل لمواجهة الخطر الإيراني.

إن الأحزاب الإسرائيلية الرئيسية تلتقي جميعها حول ثلاث مسائل أساسية وهي القدس الموحدة العاصمة الأبدية والغور والمستعمرات لإسرائيل وعدم عودة اللاجئين، والحديث عن التسوية كمن يتحدث عن كثبان متحركة.

إن وجود حكومة ائتلافية بين كاديما والعمل هو أمر محتمل وهو ما يعني وجود حكومة إسرائيلية قوية، وبالمقابل فإننا نأمل أن تلتقي حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية ليشكلوا قوة فلسطينية مقابلة، وعلى الأطراف العربية أن تعطي حماس الفرصة ليرى الجميع خياراتها على الأرض، وهناك جيل جديد من الشعب الفلسطيني بما فيهم حماس وغيرها ومن حقهم ممارسة دورهم وأن يخوضوا تجربتهم، وإذا أردنا أن ندافع عن أمننا الوطني والقومي يجب أن نعظم من شأن المقاومة وأن لا نعول على التسويات السياسية.

د. أحمد نوفل

من المناسب أن نتناول الانتخابات الإسرائيلية وانعكاساتها على القضية الفلسطينية وعلى الصراع العربي الإسرائيلي، وعلينا أن لا نحمل هذه المرحلة بما هو بعيد عن الواقع الموضوعي.

والسؤال الذي يدور في البال ما الحكمة من الضغط على السلطة الفلسطينية بزعامة حماس للاعتراف بإسرائيل وتغيير مواقفها السياسية !؟ هناك بعض الأقلام والسياسيين العرب أشاروا إلى أنه لا بد لحماس من أن تجري تغييرات في سياساتها ومواقفها وكأن البعض يرى أن ذلك سيؤدي إلى أن يجري الطرف الأخر تغييرا في مواقفه وسياساته وبرامجه إزاء القضية الفلسطينية ! في وقت لا نلمس أن هناك تغيرا ايجابيا في برامج هذه الأحزاب بما فيها حزب العمل، وليس هناك أي أمل يمكن البناء عليه سواء من قبل حماس أو غيرها.

إن مواقف الأحزاب الإسرائيلية لا تشجع الطرف الفلسطيني بقيادة حماس على الاعتراف بالاتفاقيات السابقة.

إن مسألة الوحدة الوطنية الفلسطينية مهمة جدا وخاصة في الظروف الراهنة ويجب عدم التركيز على السلبيات وتغليب التناقضات الثانوية على الرئيسية وخاصة بين حماس وحركة فتح فالصراع مع إسرائيل هو صراع وجود وهو أكبر من أي تناقض ثانوي، فالخلافات بين الأحزاب الإسرائيلية هي أكثر بكثير مما هي بين الفصائل الفلسطينية.

إن الصراع طويل ومستمر وليس بالضرورة أن تحمل هذه الانتخابات حلول، فبرامج الأحزاب الإسرائيلية مكررة ولا جديد فيها خاصة في ما يتعلق بالقضية والموضوع الفلسطيني، وعلينا أن نأخذ بالاعتبار أن شارون لم يطرح في برنامجه في الانتخابات السابقة مشروع الانسحاب الأحادي من غزة، إلا أنه غير في مواقفه، ومن الممكن في ضوء ذلك أن تتغير بعض المواقف الإسرائيلية، وليس من الضروري أن يبقى كاديما على مواقفه المعلنة عشية الانتخابات، ولكن علينا أن ندرك أن تغيير المواقف يحتاج إلى تعديل في موازين القوى، وإذا ما توفر موقف عربي وفلسطيني شجاع وصلب في مواجهة العنجهية الإسرائيلية المدعومة من قبل الولايات المتحدة وممارسة كافة الضغوط الجادة ودعم نضال الشعب الفلسطيني بكافة الوسائل الممكنة فربما نلمس تغيرات في السياسات الإسرائيلية.

كيف من الممكن أن نحافظ على الثوابت الوطنية الفلسطينية على الرغم من كل هذه الضغوط التي تمارس على الحكومة الفلسطينية الجديدة والتي في معظمها ضغوط عربية، إن الأمر يتطلب جهود كبيرة واستقطاب عربي وتفهم دولي.

إن التحالف المحتمل بين كاديما والعمل يمكن مواجهته من خلال موقف عربي موحد يستند إلى مبادرة الملك عبد الله عاهل المملكة العربية السعودية والى المبادرة العربية في قمة بيروت، وهو ما يمكن مطالبة حماس الالتزام به شريطة اعتراف إسرائيل بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفقا للقرارات الدولية وعندها على حماس الموافقة على الاعتراف بدولة إسرائيل.

فيما يتعلق بعزوف الناخب العربي عن المشاركة في انتخابات الكنيست يشير إلى أنه، أي الناخب العربي، يدرك جيدا أن هذه الانتخابات لا تقدم له شيئا وهو لا يزال يمارس ضده أشكالا من التمييز العنصري والحرمان من كثير من الحقوق الأساسية، ومع ذلك نقول أن المشاركة أفضل من العزوف.

د. أمين مشاقبة

إن الموقف الإسرائيلي من يمينه وحتى يساره معروف جيدا لدى الجميع، وبالنظر إلى الصراع العربي الإسرائيلي بإطاره الشمولي وضمن واقع المنطقة العربية والمخطط المرسوم لها من قبل الولايات المتحدة وما يجري الآن وما جرى في السنوات الخمس أو الست الماضية هو ضمن حالة من التحالف أو التوحد بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل بشأن تصفية القضية الفلسطينية، وما رؤية بوش في إقامة دولتين يعيشان بسلام والتي جاءت عشية الاحتلال الأمريكي للعراق، إلا أكذوبة لتضليل الرأي العام العربي والدولي

إن «الفوضى البناءة» وإعادة تفكيك وتركيب المنطقة والخطاب الأخير للرئيس الأمريكي الذي أعلن من خلاله عن استعداده لاستخدام القوة العسكرية للقضاء على المشروع النووي الإيراني من أجل حماية إسرائيل، ما هو إلا دليل ساطع على حقيقة الموقف الأمريكي.

إن المعادلة واضحة وبالتالي فإن الحل الأحادي من الجانب الإسرائيلي يدلل على العقلية الإسرائيلية عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، أي تثبيت الأمر على أرض الواقع وبعد ذلك يمكن التفاوض.

إن الأمر في هذه المرحلة مختلف تماما حيث هناك فرضا للحل على الطريقة الإسرائيلية وبصرف النظر عن النتائج التي يمكن أن تفرزها الانتخابات القادمة للكنيست الإسرائيلي.

ما ستفرزه القمة العربية هو تجديد المبادرة العربية والتأكيد على الموقف العربي القائم على التعميم دون تفصيلات دقيقة وآليات وأدوات لهذا المشروع العربي (الأرض مقابل السلام و الإنسحاب مقابل التطبيع)، وفي مواجهة الصراع العربي الإسرائيلي في ظل الحل الأحادي يفترض أن يكون هناك موقف عربي آخر غير هذه المواقف الباهتة منذ مؤتمر قمة بيروت.

أما ما تعلق بالحالة الفلسطينية، فإن كاديما والعمل والليكود فإنها جميعا تعمل على إفشال أي توجه نحو حل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية، وبالتالي فإن الحديث عن عملية سياسية لحل الصراع العربي الإسرائيلي لن تتحقق بالحل الأحادي ولا بأي شكل إلا بالصيغة التي قبل بها العرب وذلك بالانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 مع بعض التنازلات والتسويات من قبل الجانبين في موضوع الأراضي وهو الحد الأدنى المقبول. إن الحل الأحادي قد ينهي على الجانب الإسرائيلي جميع القضايا النهائية المتعلقة بحل القضية الفلسطينية سواء في القدس أو الحدود أو اللاجئين أو المستوطنات ولكنها لن تخدم عملية السلام والاستقرار في المنطقة.

إن التحذير الذي أبداه البعض من ضرورة أن تدوي الصرخة في عمان لأن الأردن سيكون الأكثر تضررا مما يجري على الساحة الفلسطينية وبالتالي فإن الآثار المترتبة على الحل الأحادي هي أثار كبيرة على الواقع الأردني،

د. ذياب مخادمة

المتابع لاستطلاعات الرأي العام التي تجريها المراكز والصحف الإسرائيلية يلاحظ أن الليكود يعاني من حالة التراجع البطيء، كما يلاحظ أيضا حالة من التراجع في حزب كاديما وخاصة بعد غياب شارون، حيث تؤكد الاستطلاعات على تراجع عدد المقاعد التي يمكن أن يحصدها كاديما في الكنيست القادم من 46 مقعدا إلى 39 مقعدا وفي المقابل هناك، كما تشير إليه الاستطلاعات، تقدما لحزب العمل فقفز عدد مقاعده من 15 إلى 25 مقعدا، وهذا يؤشر على أن حزب العمل يتقدم.

كما أن كاديما لا زال غير واضح وغير مستقر ويفتقد إلى الإطار التنظيمي الواضح، وبالتالي فمن المتوقع أن تقع بين صفوفه انسحابات أو انشقاقات خاصة وأنه لم يتبلور تنظيميا وأيدولوجيا كحزب ولا زال هناك تنافسا على قيادته، وفي المقابل فإن حزب الليكود يعاني من حالة انهيار أو تراجع، وعلى ضوء هذه المعطيات من الممكن أن يحتل حزب العمل الموقع المتقدم ويصل إلى السلطة في الدورة القادمة.

وعلى الجانب الفلسطيني من الملاحظ أن حماس متمسكة بالسلطة وهذا يعني على المدى المتوسط أن تكون السلطة في إسرائيل «عملا» وفي فلسطين «حماسا»، وإن ما يجري من مفاوضات حول الشأن الفلسطيني يتم بين الولايات المتحدة وإسرائيل دون أن يكون للعرب دور فيها.

وحول ما أثير عن عزوف عرب فلسطين عن المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية لها ما يبررها، إضافة إلى الدور الذي تقوم به لجنة مقاومة المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية في التحريض على عدم مشاركة العرب فيها.

د. حسن البراري

ليس لدى اسرائيل أي مشروع للسلام، لديها مشروع أمني، فمشروع السلام، من الوجهة الإسرائيلية، بحاجة الى شريك، ومن وجهة المركز السياسي الإسرائيلي أن المصلحة الوطنية الإسرائيلية تقتضي الانفصال لأن ذلك يضمن هوية الدولة اليهودية والذي استطاع أن يحتل هذا المركز هم القادمون من حزب العمل وحزب الليكود وشكلوا حزب كاديما واستطاعوا أن يقودوا المجتمع الإسرائيلي خلفهم الى سياسة الانفصال الأحادي الجانب.

هناك ميل لدى الأكاديميين والباحثين العرب بتشخيص الواقع من خلال نظرة جامدة وكأن البرامج الإسرائيلية برنامج واحد منذ ما قبل قيام الدولة وحتى الوقت الراهن. وهذا طرح سطحي لا يرى الواقع وتحولاته، فهناك لحظات تنازلت فيها إسرائيل كما جرى في اتفاقيات كامب ديفيد.

ومن أجل فهم الطرف الآخر بشكل موضوعي يجب أن يكون تحليلنا في إطار الفهم الموضوعي والواقعي وليس في اطار النضال. ومن هنا يحدد الأردن مصلحته واتفقت النخب الأردنية على المصلحة الوطنية الأردنية التي تقتضي إقامة دولتين لشعبين. يجب دعم نضال الشعب الفلسطيني ولكن أي نضال؟ هناك توازن قوى يسمح بنوع من النضال ولا يسمح بأشكال أخرى.

الانسحاب الاحادي من لبنان كان له ما يبرره، فلم يكن هناك ضرورة لحجم الخسائر الإسرائيلية في لبنان ولم يكن هناك مستوطنات ولم يكن هناك موقف داخلي منقسم بشكل رئيسي فيما يتعلق بلبنان، وجنوب لبنان ليس جزءا من أرض إسرائيل التوراتية كما هو الحال بالنسبة للأراضي الفلسطينية. وبالتالي فان تكرار تجربة لبنان فيما يتعلق بالضفة الغربية بحاجة الى دراسة.

أعتقد أننا نعمل في فراغ وبالتالي يجب أن نأخذ مصالح الدول الكبرى في الاعتبار ويجب أن نفهم أن من يمتلك مفاتيح الحل في المنطقة هي اسرائيل والولايات المتحدة ويجب أن نصيغ استراتجياتنا بناء على هذا الفهم وليس بناء على العنتريات.

د. عمر الحضرمي:

من الواضح أن السباقات التي كانت محصورة بين العمل والليكود وكانت الأحزاب الصغيرة تلعب دورا في التحالفات وفي التوازنات السسياسية والحزبية، الا أن وجود حزب ثالث قوي مثل كاديما غير في المعادلة الحزبية وان أي تحالف بين أي اثنين منهما سيؤدي الى أغلبية تقلل من قيمة الأحزاب الصغيرة.

إن الأحزاب الدينية مؤثرة على مستوى تأمين الأغلبية لكن ليس لها تأثير على مستوى القرار السياسي فجل إهتمامهم تأمين الأموال للمدارس الدينية وإعفاء الطلبة من الخدمة العسكرية واقصى طموحاتهم أن يكونوا في الوزارات الخدمية.

إن هذه الأحزاب المتطرفة تمثل «بيضة القبان» وتوجههم الأساسي أن لا تقوم دولة فلسطينية أبدا.

إن كاديما يواجه أزمة قيادة وأزمة استقرار، فشارون لم يمت ولكنه غير موجود أي أن الحزب سيكون عرضة للتخبط والارتباك قبل أن تستقر أوضاعه ولكننا سنكون أمام برنامج شارون الذي توج مؤخرا بالخطة التي أعلن عنها وهي «الانفجار الكبير» كبديل لخطة «خارطة الطريق».

وفي حال فوز الليكود فإننا أمام حكومة متطرفة متحالفة مع يمين متطرف تمثله الأحزاب الدينية وسنكون أمام برنامج سياسي ليكودي أبرز شعاراته «أرض إسرائيل الكاملة» و«إعادة احتلال غزة» و«ترحيل أكبر عدد من الفلسطينيين» و«التوصل الى تسوية ولكن على أساس أرض أكثر وسكان أقل».

وفي حال فوز العمل بزعامة عامير بيرتس، فإن الفرص والاحتمالات السياسية التسووية ستختلف، رغم أن البرنامج السياسي لبيرتس الذي أعلن عنه يلتقي جوهريا مع برنامج شارون، ولكن وجود شمعون بيريس مع كاديما ربما يضيف أمكانية تحالف قوي بين العمل وكاديما.

لا يمكن تجاهل الحقائق الجديدة التي تشكلت على الأرض الفلسطينية ومن ذلك فوز حماس. لذا لا بد من تغير على البرامج السياسية للأحزاب، ومن المتوقع أن يكون التركيز على المخططات احادية الجانب، وستزيد حدة الخطاب اليميني بزعامة الليكود.

بعد نجاح حماس في الانتخابات الفلسطينية شهدنا تخبطا في حزبي كاديما والعمل وصمت رئيس الوزراء بالوكالة اولمرت ولم تصدر الحكومة بيانا الا في منتصف الليلة التالية، اما حزب العمل فقد تلعثم زعيمه عامير بيرتس الا أنه عاد فأكد رفضه المطلق لأي مفاوضات مع حماس.

أما أولمرت واستظل بالمظلة الدولية وليس الأمريكية فحسب وقال أننا سنواصل التنسيق مع أمريكا ومع الأسرة الدولية في كيفية التعامل مع ما جرى على الساحة الفلسطينية.

الانتخابات الإسرائيلية تواجه مجموعة من التحديات والمفاجآت، ومن ذلك انشقاق شارون عن الحزب الذي أسسه ثم تشكيله لحزب جديد، ثم مرضه، والانتخابات الفلسطينية، والشعور الفلسطيني أن اسرائيل غير صادقة في موقفها معهم انطلاقا من فوز حماس لأنهم يعتقدون ومنذ 12 عاما أن اسرائيل لم تعطهم شيئا وصدت الأبواب أمام العملية السلمية الأمر الذي دفعهم لإنتخاب حماس، ودعم موسكو لحماس أو على الأقل استقبالها لهم والتأييد الفرنسي للمبادرة الروسية، إضافة الى موقف الرباعية التي اشترطت اعتراف حماس بإسرائيل، أي أنها لم ترفض مباشرة التعامل مع حماس، والمواقف العربية المؤيدة لخيار الشعب الفلسطيني.

من جانب آخر أخذت الولايات المتحدة تتراجع عن مواقف متصلبة فتحدثت عن تبلور موقف جديد خلقه التفهم الإسرائيلي لمبادرة بوتين. بالرغم من أن الازدواجية الأمريكية لا تزال قائمة.

الحكومة الإسرائيلية القادمة سيكون من قادتها اولمرت وموفاز وستكون لها خارطة جيوسياسية تستمد خطوطها ومضامينها ومساحتها الأساسية من مشروع شارون «فك الارتباط» والأهم أن الخارطة الجديدة ستنفذ عبر اجراءات احادية الجانب، وليس من المتوقع أن يقف الحراك الإسرائيلي عند حد فالمطلوب سلام يؤدي الى الاعتراف بإسرائيل كونها البيت الوطني للشعب اليهودي. الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. الأعتراف بالحدود الدائمة الإسرائيلية. انهاء المطالب المتبادلة. حل مشكلة اللاجئين دون حق العودة. ضمان عدم المس بإسرائيل من قبل الدولة الفلسطينية. التعاون الأمني والاقتصادي والثقافي بين الطرفين.

د. خالد الشقران

من خلال قراءة بسيطة لبرامج وافكار الاحزاب المتنافسه على الانتخابات الاسرائيلية وبإستثناء بعض الاختلافات في الطرح حول بعض المشكلات والقضايا التي تخص الشأن الاسرائيلي فأنني وحسب اعتقادي لا ارى فرقا بينها فيما يتعلق بمشكلاتنا كعرب مع اسرائيل اذ انها كلها تجمع على رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين وان القدس عاصمة ابدية لاسرائيل لا يمكن التنازل عنها وان كل الحدود بما فيها الغور يجب ان يبقى تحت السيطرة الاسرائيلية.

من جانب آخر فإن كل هذه الاحزاب تتنافس لتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب على حساب الجانب العربي في ظل الوهن العربي وتربع المحافظين الجدد على سدة الحكم في الولايات المتحدة، وطالما ان الوضع كذلك فأعتقد ان المصلحة العربية تتطلب نجاح الاحزاب اليمينية في اسرائيل في الانتخابات لانها يمكن ان تبقينا متنبهين كعرب لخطورة المخططات الصهيونية في المنطقة وتبعدنا من جانب آخر عن الانجرار خلف التيارات الاسرائيلية الاخرى التي تدعي الوسطية وتأخذنا بالتصريحات الدبلوماسية وهي حقيقة ابعد ما تكون عن ذلك وربما تكون في حقيقتها اخطر من الاحزاب اليمينية التي تعلن على الملاء عدائها للعرب.

د. صالح المعايطة

من الواضح، بعد تجربة أكثر من نصف قرن أن إسرائيل لا تريد السلام لأسباب لم تعد مجهولة، فلا زال الدور للعسكريين (الجنرالات) هو البارز في رسم السياسات الخارجية والداخلية لإسرائيل، وقد رفضت هذه الدولة منذ نشأتها وحتى الآن كل المشاريع والقرارات التي تدعوا للاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما في ذلك رفض شارون للمبادرة العربية في قمة بيروت.

إن إسرائيل تتبنى إستراتجية وعقيدة تقوم على أن الحرب نائمة والنزاع متواصل وعلى أساس هذه العقيدة تستمر في التعامل مع القضايا المحلية والإقليمية والدولية وفي ضوء إستراتجيتها هذه تعزز النجاح.

ولتعزيز النزعة العدوانية ورفض السلام قامت إسرائيل مؤخرا بشراء غواصتين نوويتين من المانيا وهي لا زالت تمارس الضغوط على بوش لعزل إيران دوليا وإسقاطها عسكريا واقتصاديا، وكما لاحظنا خلال زيارته الأخيرة إلى الهند وباكستان الضغط على الأخيرة لمنع مرور أنبوب الغاز الإيراني المار في الأراضي الباكستانية.

إن إسرائيل تعمل على إقناع العالم أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية وليس لها بعد سياسي وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل ذلك وهذا يشكل تحد للموقف العربي الذي يؤكد على البعد السياسي والإنساني معا ويرون أن الحل هو في إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة والقابلة للحياة.

إن إسرائيل تتفوق على دول المنطقة في البعد العسكري والنووي ولكن ما حققته المقاومة الفلسطينية هو التوازن فغي الرعب بحيث أصبح المواطن الإسرائيلي أكثر رعبا من المواطن الفلسطيني ويجب أن يستثمر ذلك في الضغط على الرأي العام الإسرائيلي.

إن إسرائيل لم تتغير ماضيا وحاضرا وفي المستقبل لأن المنهجية واضحة، والصراع داخل إسرائيل هو على خدمة الدولة وأمنها وليس صراعا على السلطة.