مشروع اولمرت والحل الأحادي

24/04/2006

سياسة فرض الامر الواقع هذه هي الاستراتيجية الاسرائيلية الواضحة تجاه كل القضايا الشائكة, ذات البعد العربي وهذا ما اعتادت اسرائيل الدولة الصهيونية ان تفعله وتصر دوما على تنفيذه كلما شعرت بأن الظروف الاقليمية والدولية مواتية، وكيف ستتوانى اسرائيل عن المضي قدما في مثل هذه الخطط وثمة فرصة ذهبية امامها تتجلى صورتها في الوهن والتراجع العربي الملحوظ في هذه المرحلة حين غياب وحدة الصف العربي وتشتت الموقف العربي وانهماك كل دولة في اعادة ترتيب ما افسده الدهر من اوضاعها الداخلية. مشروع اولمرت للحل وترسيم الحدود الاحادي الجانب - والذي كان قد عبر عن ملامحه في اكثر من مناسبة وكان اخرها تصريحه للاذاعة الاسرائيلية الذي قال فيه "ان اسرائيل سترسم حدودها بعد اجراء مشاورات داخلية ومع امريكا ولن تأخذ رأي الفلسطينيين بالاعتبار"- هو آخر واحدث محاولات تغيير الحقائق على الارض عبر سياسة فرض الامر الواقع على العرب من جانب وفي نفس الوقت ايهام المجتمع الدولي بأن اسرائيل تبذل اقصى طاقاتها لتوفير الدولة المنشودة للفلسطينيين، والتبرير أمن اسرائيل والسلام في ظل غياب الشريك الفلسطيني الذي لم ينجح الشعب الفلسطيني في افرازه حتى الان على حد تعبير
الحكومة الاسرائيلية لا سيما وان المطلوب حسب الرغبة الاسرائيلية هو شريك ذو مواصفات خاصة يكون مؤهلا تأهيلا خاصا لقيادة عملية السلام عن الجانب الفلسطيني.

ولتسليط الضوء على هذا الموضوع اجتهد مركز الرأي للدراسات من خلال هذه الندوة لمحاولة التعرف على مختلف جوانب هذه القضية, حيث انطلق من مجموعة من التساؤلات التي يمكن ان تفسر ماهية وابعاد هذا المشروع والتي كان من اهمها: ما هي خطة رئيس الوزراء الاسرائيلي بالوكالة اولمرت? وما هي ابعاد وتأثيرات وانعكاسات هذه الخطة على المستوى المحلي (الاردني) والفلسطيني بشكل خاص وعلى المستويين الاقليمي والدولي بشكل عام? وما مدى مخالفة هذه الخطة لقرارات الشرعية الدولية? ثم ما مدى اقترابها او ابتعادها من مضمون خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية/ بيروت? وما مدى التزامها او مخالفتها للاتفاقيات والمعاهدات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي والاردني الاسرائيلي?

ثم هل يحق لاسرائيل ان تقوم بتنفيذ مثل هذه الخطة من جانب واحد? وما هو تأثير تنفيذ مثل هذه الخطة على الامن والسلام والاستقرار في المنطقة? وهل هذا يعني تدعيما وتعزيزا للاءات اسرائيل المعروفة - لا للتخلي عن القدس ولا لعودة اللاجئين ولا لازالة المستوطنات ولا للانسحاب لحدود عام 1967 ولا لازالة جدار الفصل العنصري? وهل يمكن اعتبار هذا المشروع محاولة اسرائيلية لاستغلال فرصة وجود المحافظين الجدد على رأس السلطة في الولايات المتحدة من اجل تحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب وتثبيت الواقع على الارض في صالحها? واخيرا هل هذه الحلول والاجراءات والخطط والمشاريع هي استباق للمفاوضات حول قضايا الوضع النهائي? هذه التساؤلات وغيرها شكلت محاور اساسية لنقاشات هذه الندوة التي استضاف فيها مركز الرأي للدراسات كلا من دولة الدكتور فايز الطراونة رئيس الوزراء الاسبق واصحاب المعالي مروان دودين ونايف القاضي وصالح قلاب وجمع من الكتاب والصحفيين والمعنيين واستمرت زهاء الساعتين.

ادار الندوة : د.خالد الشقران

24/4/2006

وقد بدأ الدكتور فايز الطراونه حديثه بالقول ان الرفض العربي لمشروع اولمرت للحل الاحادي والذي تم التعبير عنه بالقرار الصادر عن قمة الخرطوم الاخيرة هو بمثابة اختصار للاءات العربية الثلاث في لا واحدة معبرة جاءت في مكانها توقيتا وموضوعا, لا سيما وان هذا الرفض العربي على مستوى القمة لموضوع ترسيم الحدود وما يسمى بالحل الاحادي انما جاء من باب التمسك بخيار السلام والعملية السلمية بما فيها من معاهدات واتفاقيات وحقوق والتزامات.

ففي بيروت كانت القمة العربية قد اصدرت مبادرة سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز والتي سميت بالمبادرة العربية لقمة بيروت والتي اكد فيها القادة العرب مجددا على ان المضي في طريق السلام هو خيار استراتيجي للامة العربية والمبني على الاعتراف الجماعي باسرائيل مقابل الانسحاب من كل الاراضي العربية التي احتلتها اسرائيل في عام 1967 وما بعده وبالتالي فان الرفض العربي لهذا المشروع الاسرائيلي الجديد يعني التمسك بالسلام وليس الخروج عنه.

واضاف الدكتور الطراونة انه من الواضح تماما ان هذه الخطة الاسرائيلية للحل الاحادي الجانب ابتداء من تعريفها وانتهاء بشكلها ومضمونها انما هي خروج فعلي عن عملية السلام, لأن كلمة سلام تعني ان هناك تفاوضا بين اطراف متنازعة للوصول الى حلول وسطية او شي يرضى عنه ويتفق عليه الطرفان فقد تضطر الدولة اي دولة للخروج عن مبادئها او للخروج عن ما تريد ولكن من خلال التفاوض يتم التوصل الى نتيجة نهائية, وطالما ان كلمة سلام تعني كما اشرنا ان هناك مفاوضات وانها عملية بين طرفين فبمجرد ان يبدأ طرف من الاطراف بفرض حل من جهة واحدة او فرض ما يريد دون الاعتراف بوجود الشريك فان ذلك يصبح فيه نوع من التعدي على حقوق الاخرين.

واكد الدكتور الطراونة انه بالرغم من ان هذا المشروع قد حمل اسم اولمرت الا ان المتتبع للخطوات الاسرائيلية فيما يتعلق بتطورات الصراع العربي الاسرائيلي والقضية الفلسطينية يدرك تماما انه ليس مشروع اولمرت وان فكرة هذه الخطة كانت قد بدأت منذ زمن طويل من خلال اشكال مختلفة, حيث ان كل الطروحات الاسرائيلية السابقة على هذا المشروع والتي كانت اسرائيل تحاول ان تفرضها اما على الطرف الفلسطيني او على الاطراف العربية او المجتمع الدولي تحمل نفس الطابع, واذا استذكرنا بدايات عملية السلام سنجد انهم طرحوا غزة اريحا اولا ثم بعد ذلك طرحوا فكرة ال(13%) من الضفة الغربية واذكر انه حصل نزاع حول هذه النسبة, لكن كل ذلك كان يختلف عن مشروع اولمرت بأنه كان يدخل ضمن اطار عملية المفاوضات والتفاوض اما في كامب ديفيد او واشنطن او واي ريفر او طابا وكانت تحصل خلافات وكان يعلن حتى ايام تشدد نتنياهو ان هذه هي مرحلة ووجه من اوجه التفاوض باتجاه الوصول الى ما يسمى بمفاوضات الوضع النهائي.

لكن - والحديث هنا للدكتور الطراونة - منذ ان سقطت كامب ديفيد طابا في آخر ايام باراك وسقط معها باراك بدأت اسرائيل وخصوصا بعد وصول شارون الى سدة الحكم عن انه لا يوجد شريك فلسطيني للتفاوض معه وهنا وبمجرد ان ترفض الشريك فانك تكون قد رفضت عملية التفاوض وبالتالي عملية السلام.

واضاف الدكتور الطراونة انه بالرغم من ان الحكومة والمسؤولين الاسرائيليين بصرحون باستمرار بالتزامهم بما تم الاتفاق عليه في اوسلو والتزامهم بمرجعية مدريد نفسها (242) وآلية تنفيذها (338) الا ان هذه التصريحات تكون دوما مغلفة بتعبيرات وتفسيرات مختلفة عن ما قد يفسر حتى من الامم المتحدة صاحبة القرار وهذا هو من الاسباب الاساسية في تصاعد الامور ووصولها الى ما وصلت اليه الان.

ولعل النقطة الاكثر اهمية في تفسير سلوك المسؤولين الاسرائيليين في هذا المجال حسب ما ذكر الدكتور الطراونة هي انه برغم ان اسرائيل ومعها الولايات المتحدة تعلمان تماماً بأن ملف المفاوضات الفلسطيني كان بيد منظمة التحرير الفلسطينية وتحديداً بيد رئيسها ومهندس عملية اوسلو (ياسر عرفات) الذي اصبح رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المنبثقة عن اوسلو والمنتخبة ايضاً من الناس انتخاباً جعلها ديمقراطياً الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني, وبالرغم من ان ياسر عرفات من خلال دوره الفاعل في كل مرحلة من مراحل المفاروضات بدليل ان الفريق الفلسطيني المفاوض في بدايات عملية السلام في مدريد الى قبل اوسلو لم يكن يتمتع بحرية كبيرة في الحركة لأن منظمة التحرير التي كانت في تونس آنذاك لم تكن قد دخلت بعد في عملية التفاوض مباشرة الى ان برزت اوسلو واصبحت اوسلو هي الاساس وبالنتيجة تطورت الامور بشكل كبير - فبرغم كل ذلك فقد حوصر عرفات وضرب مقره في رام الله واعلنت اسرائيل ان عرفات لم يعد شريكاً في عملية السلام بل هو عقبة في طريق هذه العملية.

واضاف الدكتور الطراونة انه بعد ذلك وباستلام شارون لرئاسة الحكومة الاسرائيلية ورفضه ومحاصرته للشريك الفلسطني بدأنا نسمع بمشاريع الحل من طرف واحد و اعلن عن الانسحاب من غزة دون عملية تفاوض ودون توقيت ودون وضع شكل للمرحلة التي تلي عملية الانسحاب من غزة, مع ان فكرة الانسحاب كفكرة وخروج اسرائيل من اي ارض عربية هو امر مقبول ومرغوب فيه من حيث المبدأ لكنه مرفوض من حيث المنتهى بمعنى اذا كان هو النتيجة فقط, فمثل ما كان هناك خوف من البدايات بأن غزة اريحا اولاً ربما تعني غزة اريحا آخراً لكن كلمة اولاً لا تعني بالضرورة آخراً , ففي تلك الفترة كنا قد قبلنا بهذا الامر لانه بداية على أن يتبع خطوات تكمل المسيرة السلمية وصولاً الى وضع المفاوضات النهائية التي كان يتوقع منها حسب ما كان مرسوم ان تعيد الى الدول العربية كل حقوقها التي اغتصبتها اسرائيل,

واسمحو لي هنا ان اعرج بمناسبة هذا الحديث على ما يصل اليه بعض الاخوان من شطحات فكرية عندما يقولو بأن الاردن اولاً تعني انه ليس هناك ثانياً وليس هناك اعتراف بالعمق العربي وبأن الثانياً تعني اطرافا اخرى داخل الاردن لكن بالطبع هذا الكلام غير منطقي وغير عقلاني, لكن شارون في الموضوع الفلسطيني لم يقل غزة اولاً وانما قال سأنسحب من غزة, وعندما سئل هل سيكون هناك ثانياً قال بوضوح لا ولكن الثانياً هو تنفيذ مباشر لخارطه الطريق, وطبعاً هذا الكلام انما جاء من باب ايهام اطراف المعادلة والدول الراعية لخارطة الطريق بأن هذه ليست نهاية الطريق لكن في حقيقة الواقع هي بالفعل حسب الفهم الشاروني نهاية الطريق.

والسؤال الذي يمكن ان يطرح هنا حسب ما قال الدكتور الطراونة هو لماذا? وهنا سأدخل في التفسير ففي الضفة الغربية كان الإسرائيليون حريصين وبحجة امن اسرائيل كلما سنحت لهم الفرصة لابراز معالم الحل الاحادي الجانب، حيث كانت باستمرار هناك معادلات تبين المستوطنات التي يمكن حلها وازالتها وهي بالطبع المستوطنات الهامشية, وما هي كذلك المستوطنات التي ستبقى, واين غور الاردن من هذا الموضوع واين المساحة الجغرافية التي تأتي عند الخاصرة الضيقة لاسرائيل - منطقة طولكرم والاراضي المحيطة بمساحة 10 كم عن البحر المتوسط - والتي هي من اغنى الأحواض المائية في الضفة الغربية, وحتى جاء الجدار العازل والحقيقة انني شخصياً لا استطيع ان اتخيل في ذهني بأن هذا الجدار وجد ليزول او انه فقط آنى ومؤقت, فمن الواضح انه حدود ويطابق الى حد كبير شكل الخارطة التي وضعها شارون في عام 1997 حين كان وزيراً للخارجية.

واكد الدكتور الطراونة بأن تخوفي في هذه المرحلة بأن يكون جدار الفصل يعني ان المنهجية الاسرائيلية الآن باتت تتطلع الى تثبيت عملية الفصل ما بين الاسرائيليين والفلسطينيين خوفاً من الديموغرافيا في الامد البعيد حيث يعتقد انه بعد عشرة الى خمس عشرة سنة سيكون عدد الفلسطينيين على ارض فلسطين التاريخية اكثر من عدد الاسرائيليين وبالتالي لا بد من العزل الذي يعني اخذ اكبر مساحة ممكنة من الارض بأقل عدد ممكن من السكان، فالجدار العازل وتعزيز المستوطنات الحيوية لاسرائيل ورفضهم لوجود شريك استراتيجي في عملية السلام وانسحاب اسرائيل من غزة احادياً كلها خطوات تعزز هذا المفهوم - مفهوم الحل الاحادي الجانب - وهي بالتالي عملية لا يمكن القول بأنها تبدأ باولمرت او بالانتخابات الاخيرة التي شهدتها اسرائيل.

وبين الدكتور الطراونة إن ما عزز هذا الموضوع الانتخابات التشريعية الفلسطينية, فلعدة اسباب موضوعية وغير موضوعية كان هناك نتيجة لهذه الانتخابات وبغض النظر عن لماذا انتهت الانتخابات بهذه النتيجة فإن اطراف معادلة خارطة الطريق - الولايات المتحدة والاوروبيين وروسيا والامم المتحدة- كانوا كلهم مراقبين للانتخابات الفلسطينية وصدرت تصريحات عن هذه الدول اثناء عملية الاقتراع وفرز الاصوات بأن الانتخابات ديمقراطية ونزيهة بخيار كامل وبدون ضغوطات على الفلسطينيين, وبمجرد أن ظهرت النتائج النهائية التي أفرزت حماس بدأت سلسلة المقاطعات حيث أعلنت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مقاطعتهم لحكومة حماس قبل أن تعطى لحكومة حماس فرصة لالتقاط الأنفاس.

واشار الدكتور الطراونة انه من المؤسف حدوث مثل هذا الامر الذي عوقب فيه الضحية بالمقاطعة, والسؤال المطروح هنا هو طالما ان عملية الانتخابات كانت عملية نزيهة باعتراف أطراف خارطة الطريق فما الذي تريده هذه الدول بالتحديد? هل يريدون ديمقراطية (تفصيل)? اذا كان الامر كذلك فكان الاولى بهم ان يعلموا الشعب الفلسطيني بما يريدون ! لكن طالما هذا كان خيار ديمقراطي وتعتبر دول خارطة الطريق من اكثر الفاعلين في المجتمع الدولي مطالبة بتحقيق الديمقراطية في دول العالم الثالث فانني استغرب ان يعاقب كل الشعب الفلسطيني فقط لانه اختار ديمقراطياً حماس.

وبين الدكتور الطراونة انه عندما نأتي على ذكر خارطة الطريق على اعتبار انها الفكرة الاحدث على طاولة المفاوضات فينبغي التأكيد على المبادرة العربية التي تعزز هذه الفكرة لا سيما وانها المبادرة الوحيدة منذ قرار 242 حتى يومنا هذا التي تضع نقطتين رئيسيتين هما:

اولاً: انها مبادرة من الطرف العربي باتجاه اسرائيل وتعني الاعتراف الجماعي العربي باسرائيل مقابل الارض.

ثانياًِ: انها المبادرة الوحيدة التي تحدد حدودا ، ففي حين ان الحدود في كل المبادرات الاخرى كانت متروكة للمفاوضات فان المبادرة العربية تقول "بالاعتراف العربي الجماعي باسرائيل مقابل عودة الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 والقدس الشرقية والجولان ومزارع شبعا مع ضرورة ايجاد حل عادل لقضية اللاجئين. ومن المفروض من حيث المبدأ ان هذه الدول الحضارية التي تهتم بحقوق الانسان والعدالة الدولية والقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة والمعاهدات الدولية وبالذات معاهدة جنيف الرابعة التي تحدد اسرائيل كقوة احتلال يجب ان يعلموا تماما انه لا يزال ملف التفاوض في يد السلطة الوطنية الفلسطينية التي هي منظمة التحرير ورئيسها ابو مازن ولكن عوقبت كل التركيبه الفلسطينية من خلال نجاح حكومة لها برنامج آخر، مع ان هذا البرنامج لم يفرض حتى الان على كل الساحة الفلسطينية بعد, والاجدى اعطاؤهم فرصة اطول ويتم النظر بعد ذلك في سلوك هذه الحكومة واطلاق الحكم عليه بالمقاطعة او غير المقاطعة.

لكن المشكلة الرئيسة حسب وصف الدكتور الطراونة في هذه المرحلة ان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي يقفان مواقف مختلفة, فاسرائيل في عملية الفصل تصر على التأكيد على هاجسها الرئيسي وهو الامن الذي من وجهة النظر الاسرائيلية يتقدم على السلام ومن هنا تدعى ان طروحات الحل الاحادية هي افضل وسيلة للوصول الى السلام، وبالمقابل فان حماس قد تقبل بالدولتين ولكن لا تريد الاعتراف على ما يبدو باسرائيل وبالتالي تريد سلاما لكن دون الاعتراف وعليه لن يحقق ذلك المطلب الاسرائيلي المتمثل بالامن فطرف يريد امن بدون سلام والآخر يريد سلاما بدون أمن.

فإذا كانت العملية السلمية كلها تقوم على السلام والأمن باعتبارهما ركنين اساسيين اضافة الى الركن الثالث وهو الأرض، فكيف يمكن المضي قدما في عملية السلام طالما أن الخلاف واضح وجذري وأساسي بهذا الشكل خاصة في ضوء التبعية الدولية والإقليمية المستغربة في هذه الحالة, فانا استغرب تماما الموقف الاوروبي لا سيما وانني من المتابعين للموقف الاوروبي منذ عملية مدريد وكنت ألمس باعتباري مترئساً لكل مجموعات العمل الاردنية في المفاوضات متعددة الاطراف الموقف الاوروبي المتوازن بما فيه بريطانيا حليفة الولايات المتحدة فيما يتعلق بالفلسطينيين والقضية, وكان للاردن دور كبير في اقناع الولايات المتحدة بأن لا تنفرد برعاية عملية السلام خاصة بعد 11 سبتمبر وان من الأفضل إدخال أطراف أخرى في العملية، وتم بالفعل تسمية أوروبا وروسيا والأمم المتحدة أطرافا في العملية السلمية رغم أن إسرائيل لديها حساسية خاصة من وجود هذه الأطراف في العملية السلمية, وأصبح بناء على ذلك لأوروبا دور سياسي ولكن مرة أخرى استغرب الموقف الأوروبي القاطع والسريع من الحكومة الفلسطينية, وبتقديري أعزو ذلك إلى عدد كبير من الأسباب منها الفوضى العارمة داخل الأراضي الفلسطينية سواء ما
تعلق منها بالانفلات الأمني أو بانهيار الإدارة الفلسطينية إضافة إلى عدم الاكتراث العربي بسبب تراجع القضية الفلسطينية بعد الموضوع العراقي وتحديات التنمية ومشكلات النفط وغيرها من الإشكاليات التي يعاني منها الوطن العربي, وبتقديري انه في ضوء هذه الأوضاع فان أوروبا ربما شعرت ان اتخاذها هذا الموقف من الحكومة الفلسطينية الجديدة لن يؤثر على مصالحها وعلاقاتها في العالم العربي ولن يتأثر بذلك الحوار العربي الأوروبي ولا الشراكة العربية الأوروبية ولن يكون هناك ضغط عربي في هذا المجال, وفي نفس الوقت ترضي الولايات المتحدة واسرائيل.

وقال الدكتور الطراونة انه استناداً الى كل ما سبق فان مشروع الحل الاحادي الجانب ليس بجديد ولكن أبعاده وتأثيراته خطيرة وكبيرة في هذه المرحلة بالذات، فهو يمثل انعطافا في عملية السلام ولو انها تكاد تكون ميتة حيث لم يعد هناك من يتكلم بمعادلة مدريد وقرار الأمم المتحدة رقم 242 ولا مفاوضات الوضع الثنائي بل أصبح المجتمع الدولي ينتظر ماهر تحرك إسرائيل القادم وفق ما يناسبها في المرحلة التالية.

وواصل الدكتور الطراونة بالقول انه لو كان هماً واحداً لاحتملته ولكنه هم وثان وثالث, ان ما يدور في الضفة الغربية من تصعيد كبير خاصة وان فلسطين خاصرة قريبة ومهمة للأردن هو شيء مؤسف, فعدم وجود شيء واضح للمستقبل يؤثر علينا بشكل مباشر، فبمجرد تناقل وسائل الإعلام للأوضاع التي تجري في الداخل فان ذلك يؤثر على أوضاع الاستثمار والسياحة وحتى على الجانب النفسي للناس داخل الأردن, لأن الشعب الأردني مندمج وجدانياً بما يدور في الضفة الغربية, فمن أي مدينة في غرب الأردن ترى أسوار القدس والخليل, ناهيك عن ما يحدث في الشرق، اضافة الى ما قد يحدث في الشمال فكلها تشكل عبئا نفسيا له تأثير مباشر على الأوضاع داخل الأردن, فمثلاً خبر بسيط كالذي صرح به وزير المالية الفلسطيني بأن الخزينة خاوية وان مديونية السلطة الوطنية مليار وثلاثماية مليون منها 600-700 مليون تم اقتراضها من البنوك المحلية و600 مليون من البنوك الاقليمية, فماذا تعني كلمة البنوك المحلية اذا ما عرفنا ان هناك داخل الضفة الغربية وغزة حوالي (61) فرعاً لبنوك أردنية, وإذا ما عرفنا انه سيصل الى الفلسطينيين فقط 50 مليونا من اصل 150 مليونا, وهو الدعم الذي قررته القمة العربية الأخيرة ف
ي الخرطوم وهذا المبلغ بالطبع لا يكفي للرواتب المتأخره, فمعنى ذلك انه سيكون هناك تأثير مباشر على البنوك الأردنية، ناهيك عن كثير من صادرات المنتجات الاردنية التي تعتمد الى حد كبير على السوق الفلسطيني والمنافذ الفلسطينية التي تخرج من خلالها, فهذا كلها تأثيرات واضحة ومباشرة على الاوضاع في الاردن.

وبالاضافة الى ما سبق, فان دخول الفلسطينيين الآن الى الأردن يتم بشكل منتظم ومقبول, لكن فيما اذا استمر تعرض الفلسطينيين في الداخل الى ضغط زائد فانه ربما تحدث عملية دفع باتجاه الاردن ويحدث ضغط نفسي وانساني ودولي على الاردن من اجل استقبال هؤلاء الناس ويقولوا لك ذلك بحجة حقوق الانسان لكن لما قطع المجتمع الدولي المساعدات عن الفلسطينيين ما كانت حقوق الانسان التي يتحدثون عنها تؤخذ في الاعتبار، ورغم ان اسرائيل تعلم تماماً انه بموجب معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية لا يحق لها ان تحدث الهجرة القسرية للفلسطينيين باتجاه الاردن ورغم ان الاردن متنبه لخطورة مثل هذا الامر, لو حدث لا سمح الله ولن يقدم اي تنازلات لأن هذه القضية تتعلق بالكيان والمصير والمستقبل الا اننا هنا سنتأثر بشكل او في آخر بذلك، وفي حقيقة الحال, ان كل هذه الامور توحي لنا بأنه اذا كنا نرى في السابق بأن هناك ضوءا في نهاية النفق يمكن اخيراً رغم كل المعاناة الوصول اليه فان مثل هذه المشاريع وغيرها قد تضيع النفق كله ونحتاج حينئذ الى اعادة بناء نفق جديد ونضع نوراً في آخره, ونبدأ بالأمل للوصول الى هذا النور.

من هنا أقول : صحيح ان الاعلام متجه شرقاً نحو العراق لسوء الاوضاع بشكل عام هناك، لكني اعتقد جازماً ان الكارثة الاكبر الآن هي غرباً حيث تتصاعد الامور نحو الاسوأ بشكل كبير دون البحث بشكل جاد عن حلول جذرية لهذه المسألة التي على ما يبدو انها تزداد تعقيداً.

وفيما يتعلق بالتأثيرات المباشرة لتنفيذ خطة الحل الاحادي الجانب على الأردن قال الطراونة انه في هذا المجال يمكن الحديث عن ثلاث قضايا أساسية أولها الحدود فصحيح ان المسار الفلسطيني في عملية السلام من وجهة النظر الاردنية هو مسار مستقل في اجندته وممثليه لكن عندما انهى الاردن معاهدة السلام مع اسرائيل لم يقبل بترسيم ولا حتى تخطيط الحدود مع اسرائيل, اذ عندما احضر لنا الجانب الاسرائيلي الخارطة التي رسمت فيها الحدود باللون الاحمر المتواصل رفضنا هذا الامر وابقيناها بالرسم المقطع - دلالة على انها غير محددة او متفق عليها بشكل نهائي - لاننا هنا في الاردن لن نقبل برسم وتحديد الحدود مع الضفة الغربية الا مع الفلسطينيين وبغير هذا فان ذلك سيكون اعترافا بالاحتلال، لا سيما وان الاردن لا يعترف الا بحدود عام 1967 فيما يتعلق بالفلسطينيين, وبناء على ذلك لن يوثق الاردن حدوده مع الضفة الغربية في الامم المتحدة الا مع الفلسطينيين, لأن هذه حدود اردنية مع الدولة الفلسطينية, وحتى لو وافق الفلسطينيون في المستقبل على ان يقوم الاردن بترسيم وتوثيق هذه الحدود مع اسرائيل فان الاردن لن يوافق على ذلك واسرائيل تعلم ذلك جيداً, لأن ذلك واضح ومذكور في
المعاهدة الاردنية الاسرائيلية.

القلاب: هناك تحول في الفكر الاستراتيجي الاسرائيلي

وفي مداخلته قال الكاتب الصحفي صالح القلاب ان طرح موضوع ترسيم الحدود من جانب واحد او ما يسمى بالحل الاحادي الجانب يعني عدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية. وهذا في الواقع ليس بالامر الجديد لا سيما اذا علمنا ان الفكرة الاساس عند اليمين الاسرائيلي هي ان هناك جالية عربية تعيش على جزء من ارض فلسطين وهي جالية بدون حقوق الدولة وبدون حقوق الشعب الكامل, وقد تعززت هذه الفكرة بعد مقتل رابين واستيلاء اليمين الاسرائيلي على رأس السلطة في اسرائيل بعد تراجع حزب العمل.

ولا ينبغي لنا هنا ان نغفل نقطة اخرى على جانب كبير من الاهمية وهي انه بعدما حدثت عملية التحول في الفكر الاستراتيجي الاسرائيلي بعد مقتل رابين, كما اشرنا وصولاً الى شارون واولمرت فقد لوحظ انه ربما حدث نوع من الالتقاء ما بين حركة المقاومة الاسلامية حماس واليمين الاسرائيلي على تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية, الامر الذي يثير الدهشة والتساؤل في آن معاً, لماذا حدث هذا الالتقاء? واسمحوا لي في معرض البحث عن اجابة لهذا السؤال ان استذكر حادثة كنت شاهداً عليها, حيث بعد احداث 11 سبتمبر ذهبت بمعية جلالة الملك الى واشنطن وكان من المفروض في تلك الزيارة ان يذهب بوش الى الأمم المتحدة لاعلان قيام الدولة الفلسطينية من هناك واعلان اعتراف الولايات المتحدة بها كدولة تقوم على ارض فلسطين الى جانب دولة اسرائيل, وحيث ان جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين كان ذاهبا الى واشنطن من اجل هذا الموضوع فقد تحدث مع المسؤولين ووسائل الاعلام الاميركية على اثر ذلك عن ان هناك الان محاولة لقلب المعادلات في العالم وان هناك جبهة سلام وجبهة ارهاب ويجب على الحركات والتيارات والفصائل الفلسطينية ان لا تضع الشعب الفلسطيني في خانة الارهاب، واثناء تواجدنا في واشنطن بدأت العمليات الانتحارية داخل فلسطين وكان ذلك سببا كافيا لمنع بوش من المضي قدما في مشروع اعلان الدولة الفلسطينية سابق الذكر، الامر الذي كان له نتائج سلبية على مصير الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية.

من جانب اخر لا تعترف كل من حماس واسرائيل بان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني علما بان إسرائيل كانت قد اعترفت بالسلطة الوطنية عندما وقعت معها اتفاقيات اوسلو لكنها تراجعت عن ذلك عندما أعلنت انه لا يوجد شريك فلسطيني وان ياسر عرفات هو ليس فقط لا يصلح ان يكون شريكا وانما هو عدو ومعطل لعملية السلام, اما فيما يتعلق بالحل الاحادي الجانب فانه من الواضح تماما انه عندما تغيب الشريك الاساسي في اي حل فانك لا تعترف بهذا الشريك ولا بالشعب الذي افرزه وبالتالي فان اسرائيل لا تزال بعقلية الضم التلمودية التوراتية القائمة على الضم النهائي من البحر الى النهر اي بمعنى الدولة التوراتية.

واضاف القلاب انه حسب المعلومات المتوافرة لدي بأن حماس توافق على خطة الحل الاحادي الجانب ذلك ان حماس تقول انا لا اريد ان افاوض اسرائيل وعليه لندع اسرائيل تنفذ انسحابها من طرف واحد وانا ارتب اموري على اساس ما ينتج عن هذا الانسحاب من نتائج في المستقبل من خلال هدنة طويلة الاجل, وعليه فلتنسحب اسرائيل كما انسحبت من غزة وهذا بحد ذاته يمثل مكسبا من دون مخاطر بالنسبة لحماس, لا سيما واذا علمنا ان انسحاب اسرائيل من غزة كان قد لعب دورا مهما في فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية الاخيرة, ومثل ذلك فان انسحاب اسرائيل من الضفة الغربية سيجعل حكومة حماس تأتي على نتائج قائمة دون الاضطرار للدخول في مفاوضات لا تريدها مع اسرائيل.

والحقيقة انه يجب علينا في الاردن ان تتوقف طويلا عند هذا الموضوع فعندما يعلن احد قادة حماس القول "باننا لا نعترف بفك الارتباط بين الاردن والضفة"، فان السؤال الذي يمكن ان يطرح هنا هو هل هنالك تنسيق ما بين الطرفين? والجواب بالطبع لا ، لكن هناك طرفا معادلة وكل واحد منهما يعلم توجهات الطرف الاخر والصحيح انه من الافضل بدلا من ان نشغل انفسنا باطلاق مثل هذه التصريحات ان يعمل كل طرف على خدمة مصالح وتوجهات الطرف الاخر اذا كان اللقاء متعذرا, فهذا هو فقط ما يمكن الى تهيئة المناخ لمواصلة واستمرار العمل على اساس التوافق الذي نأمله بين الاردن والفلسطينيين.

واضاف القلاب انه في احدى جلساتي مع شمعون بيريس قلت له بان امام اسرائيل الان فرصة تاريخية لتصبح جزءا من الشرق الاوسط ولكن اذا سلمتم قيادة اسرائيل لليمين فانه من الطبيعي جدا ان ينبت يمين عربي اشد من اليمين الاسرائيلي وبالتالي لن تكون اسرائيل جزءا من الشرق الاوسط. من هنا فان الحلول المفروضة لا يمكن ان تعمر واذا ارادت اسرائيل ان تفرض هذا الحل على الشعب الفلسطيني وهو ما تراهن عليه حماس اذ ان حماس لا يمكن ان تعترف بالحلول المفروضة وهو ما يعطيها حسب تفكيرها نوعا من حرية الحركة في المستقبل للتنصل من اي اتفاقيات, فهي ستتعامل مع نتائج هذا الحل المفروض لكنها ترفضه ولا تعترف فيه, فاسرائيل هي التي فرضت الحل وهذا الحل بالنسبة لحماس مثله كمثل الاحتلال مرفوض بالنسبة لها, وهنا اود ان اؤكد على ضرورة ان يفهم الاسرائيليون ذلك الامر وذلك التوجه لحكومة حماس, وكذلك الامر بالنسبة لنا نحن في الاردن, فيجب علينا ان نتحدث مع الاسرائيليين ونبين لهم ان هذه الحلول المفروضة بالقوة لا يمكن ان تعمر ولا يمكن ان تقبل بها الاجيال القادمة وانها بالطبع لا توفر العدالة بالنظر الى حجم التنازلات التي قدمها العرب والفلسطينيون لهذه القضية التاريخية.

فقد حاولت كل من المانيا زمن هتلر والامبراطورية الرومانية وفرنسا في السابق فرض حلول وحدود احادية بالقوة لكن هذه الحلول والحدود سقطت عندما تغيرت موازين القوى وليعلم اليمين الاسرائيلي ان الولايات المتحدة لن تبقى الى الابد دولة ضامنة لاسرائيل.

واضاف القلاب باننا الان في عام 2006 ولو عدنا الى قبل مئة عام سنجد انه كان هناك خمس امبراطوريات قائمة وكانت هذه الامبراطوريات ترسم الحدود وتفرض الحلول في العالم كله ومع ذلك, فان هذه الامبراطوريات قدانهارت وعليه فان هذا الحل لا يمكن ان يكون لمصلحة الاسرائيليين على المدى البعيد وانما من مصلحتهم الحقيقية على المدى البعيد ان يبنوا سلاما متفاوضا عليه مع طرف فلسطيني كشريك اساسي, وطرف عربي تمثله مبادرة السلام العربية وذلك حتى يصبحوا جزءا من الشرق الاوسط واما الحدود والحلول المفروضة فانها لن تدوم, ومن جانب اخر يجب على حماس ان لا تفكر بهذه الطريقة لانه في مثل هذا الصراع التاريخي اذا كان الحل المنشود يمكن ان يؤمن في مئة عام فانه من الواجب عليّ انا كطرف قومي ووطني ان اسهم في تقليص المدة لتصبح عشرين عاما وان امكنني ان ابذل مزيدا من الجهود لجعلها تصل الى الحل في خمسة اعوام.

واعتقد انه اذا استمرت حماس بهذا النهج فان ذلك سيكون بمثابة عمى سياسي وربما سيؤدي في النهاية الى كوارث على المدى القصير واذا ما حدث ذلك فان الشعب الفلسطيني رغم ما هو معروف عنه من تمسك بالارض ربما يضطر تحت الضغط النفسي الى القيام بعملية هجرة وفرار جماعي من الارض لانه ربما لا يستطيع تحمل نتائج هذا الضغط الذي قد يصل الى درجة التضييق على عيش الناس في الداخل خصوصا في ظل مقاطعة الكثير من دول العالم وقطعها للمساعدات عن الشعب الفلسطيني.

واختتم القلاب مداخلته بالقول اذا ما استمرت حماس باتخاذ مثل هذه المواقف فان الدول التي كانت تعطيها في السابق سوف تتخلى عن تقديم الدعم لها لان كلمة السر في واشنطن في ضوء الموقف الاميركي من حماس وعليه فانه ينبغي على حماس ان تبتعد عن السلوك السياسي والتصريحات المتخبطة حيث يعلنون تارة بانهم يريدون الحل بدولتين ويقولون تارة اخرى بأنهم لا يعترفون باسرائيل وتارة ثالثة يعترفون وعلى حماس ان تدرك ان الوضع اخطر مما يمكن ان تتصور كما ارجو ايضا ان نتخلى نحن في الاردن عن الشكليات الصغيرة وان ندرك جيدا الى الانهيار في القضية الفلسطينية يمكن ان تكون نتائجه خطيرة وكارثية علينا في الاردن واستنادا الى ذلك لا بد لنا من الحركة باتجاه تصويب الاوضاع في هذا المجال لتأخذ مجراها الصحيح.

دودين: وصول الايديولوجيا الى السلطة في المنطقة عملية خطيرة

من جانبه فضل مروان دودين تناول الجانب الايديولوجي الفلسطيني من الموضوع حيث قال: ايديولوجيا لا يوجد فلسطيني ولا عربي مسلم او مسيحي يقبل في داخل وجدانه ايديولوجيا فكرة ان فلسطين كلها ليست ملكا لنا، وبالمقابل لا يوجد حزب اسرائيلي صهيوني من الذين انشأوا الدولة ابتداء بالوكالة اليهودية الى اليوم يقبل فكرة ان فلسطين ليست كلها لهم, بدليل انني عندما كنت مع الوفد الاردني لمفاوضات السلام كنت اقول الشعب الفلسطيني بينما المفاوض الاسرائيلي كان يصر على استخدام كلمة الجالية الفلسطينية مما يدلل بغير شك على وجود هذه الفكرة في وجدانهم كيهود.

وعندما سئل شامير لماذا ذهب الى مدريد اجاب بأنني اولا اذهب الى مدريد مرغما لانه كان واضحا ان ادارة بوش الاب كانت جادة في المضي قدما في عملية السلام, وثانيا انني انوي في داخلي جعل هذه المفاوضات والعملية السلمية تمتد وتأخذ اشكالا مختلفة ربما تصل الى عشرين عاماً, وهذا في الواقع يدل على ان كل الحديث في هذه القضية مبني على قناعات جمعية, اذ بينما يستند الاسلاميون الى النصوص الاسلامية لتدعيم فكرة أن ارض فلسطين هي ارض وقف لا يجوز التفريط فيها وحتى العلمانيون العرب لا يقبلون بالتنازل عن هذه الارض فيما يستند اليهود الى النصوص المقدسة لديهم لتدعيم فكرة عدم التفريط بأرض اسرائيل.

من هنا يتضح ان هناك ايديولوجيتين تلعبان دورا رئيسياً في ادارة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في هذه المرحلة احداهما تؤمن ايمانا توارتيا او ايمانا صهيونيا بأن هذه البلاد فيها جاليات تقلبت عليها خلال فترة غياب اليهود عنها وها هم اليهود قد عادوا مجدداً الى ارضهم فلتذهب هذه الجاليات عن هذه الارض والحقيقة ان هذا هو منطقهم كيهود وافضل مثال حزب العمل واقطابه الذين كنا نعتبرهم حمائم في حين انهم كانوا يدافعون بقوة عن فكرة الجدار الفاصل حيث كانوا يقولون لنا ان هؤلاء الناس اي الفلسطينيين ليسوا منا ولسنا منهم وان من الافضل ان يكون بيننا وبينهم حدود قوية ومنضبطة, ولا يوجد حزب واحد في اسرائيل يعارض هذه الرؤية او يختلف معها لانه بالنسبة لهم فلسطين هي ارض الميعاد.

واضاف دودين انه فيما يتعلق باولمرت وشارون والذين كانوا على ما يبدو قد اتجهوا من اليمين المتشدد الى يمين اقل تشدداً فبدأ شارون بتنفيذ الحل الاحادي عندما طرح ونفذ فكرة الانسحاب من غزة والتي سوقها للعالم على انها تضحية كبيرة تقدمها اسرائيل في سبيل السلام على اعتبار ان الخروج من غزة انما جاء كجزء من تنفيذ خارطة الطريق التي تنص فعلا على الخروج من اراضي احتلت عام 1967 وسوف نقوم بعد ذلك بتفكيك المستوطنات وعندما يصل الامر الى الضفة الغربية يمكن ان نرى ماذا يمكن القيام به في هذا المجال.

وبين دودين انه بالرغم من معرفتنا المسبقة بتحيز الولايات المتحدة الواضح فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لاسرائيل الا ان هذه الادارة وعلى لسان مسؤوليها كانت قد صرحت بأنها لا تفضل الحلول الاحادية الجانب، حيث كانت رايس قد صرحت بأنه على الرغم من انها ترحب بأي انسحاب اسرائيلي من اراض فلسطينية مثل الانسحاب من غزة الا ان الادارة الاميركية تفضل ان يتم ذلك من خلال المفاوضات, وهذه في الواقع اشارة واضحة من الادارة الاميركية تفيد عدم تفضيل الولايات المتحدة للحلول الاحادية الجانب.

اما فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني فقد قال دودين اعتقد ان الاخوة في الداخل كانوا قد انقسموا الى معسكرين احدهما بقيادة المرحوم ياسر عرفات ومنظمة التحرير والذي قبل بالسلام والحل على اساس وجود دولتين على ارض فلسطين وقبل ان تقوم الدولة الفلسطينية على ارض الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس, واما المعسكر الثاني فهو بقيادة حماس التي لم تنجح في الانتخابات فقط لأن منظمة التحرير كانت فقط لديها نوع من سوء الادارة وعدم ادارة دفة الحكم بالشكل الصحيح لكن هناك عوامل اخرى اكثر اهمية حسب اعتقادي ولن ادخل هنا في الحديث عن الخط السري الذي بدأ يربط بين حماس وحزب الله, ولكن على الاقل اسمحوا لي ان اطرح التساؤلات التالية وهي هل حقاً ان الانتخابات الفلسطينية الاخيرة لم يدخل فيها اي عامل? وما معنى ان يذهب عباس مسرعاً الى واشنطن ليطلب من بوش تأجيل الانتخابات الاخيرة حتى يكون لدى السلطة الوطنية فرصة لاصلاح ما يمكن اصلاحه واعادة ثقة الشارع الفلسطيني بالسلطة الوطنية, فيصر الرئيس الاميركي على رفض تأجيل الانتخابات وعلى ضرورة عقدها في موعدها! وهل عودة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى الايديولوجيا الحقيقية هي جاءت بمحض الصدفة.

واختتم دودين حديثه بالقول ان اعطاء الايديولوجيا في هذه المنطقة منافذ هي عملية خطيرة لانها يمكن ان تؤدي الى كارثة والكارثة في فلسطين بالطبع ربما والى حد كبير ستقود الى كارثة علينا نحن هنا في الاردن لن ننجو منها, واعتقد ان افضل طريق شيء يمكن فعله لاصلاح الاوضاع على الساحة الفلسطينية هو العودة الى الالتزام بالحس الائتلافي ما بين التيارات والفصائل الفلسطينية مع استيعاب الحركة الاسلامية هناك على نفس النهج الذي تسير عليه في الاردن من اجل الحصول على الحل المنشود عن طريق المفاوضات والمضي قدماً في عملية السلام في هذه المرحلة التاريخية لأنني اعتقد ان طبيعة العلاقات الدولية متغيرة وفقا لتغير القوى العظمى التي تسقط وتلك التي يظهر نجمها وتبعاً لذلك تتغير الاشياء على الارض وانا واثق بأن المستقبل فيما بعد سيغير الاشياء على الارض.

القاضي: إسرائيل المستفيد الأول من تشتت الموقف الفلسطيني

وفي مداخلته قال السيد نايف القاضي باعتقادي ان الرفض العربي لمشروع اولمرت للحل الاحادي الجانب في مؤتمر قمة الخرطوم الاخير كان قد انطلق من فهم عميق للواقع العربي والدولي وادراك حقيقي لمخاطر وابعاد هذا المشروع وانعكاساته وتداعياته على القضية الفلسطينية والنزاع العربي الاسرائيلي برمته.

واضاف القاضي ان علينا كعرب وعلى الفلسطينيين بالذات الانتباه الى مسألة غاية في الخطورة وهي ان اسرائيل هي دائما واولا المستفيدة من تشتت الموقف العربي عموما والموقف الفلسطيني بشكل خاص, والحقيقة انني اريد ان اذكر هنا بأن اسرائيل ومعها المجتمع الدولي الاوروبي والاميركي عندما يلاحظون ويلمسون ان هناك موقفا عربيا موحدا ومتماسكا حول قضية عربية معينة فإن طريقة تعاملهم وتعاطيهم مع هذه القضية يأخذ شكلا واسلوبا مختلفاً ويكون اكثر اقترابا او حتى انسجاماً مع هذا الموقف العربي, وعندما ذهبنا كأردنيين وفلسطينيين وعرب الى مدريد ثم واشنطن وكان هناك موقف عربي موحد وموقف فلسطيني متماسك واحتضان اردني بالكامل للموضوع والحق الفلسطيني لم تستطع اسرائيل ومعها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ان تتجاهل حقائق هذا الموقف والمشهد, وعليه فقد بدأنا المفاوضات مع اسرائيل في واشنطن بشكل جدي واضطرت اسرائيل للتفاوض مع وفد فلسطيني مستقل بعد ان بدأت التفاوض مع وفد اردني اسرائيلي مشترك واستطاعت الوفود العربية انتزاع الكثير من المكاسب في تلك المفاوضات سواء في واشنطن او تلك التي كانت تتم بين اسرائيل والفلسطينيين سرا. وكنا قد لاحظنا كيف استطاعت مصر بعد
حرب 1973 وبعد مفاوضات كامب ديفيد استعادة اراضيها وحقوقها بالكامل, بسبب وضوح وقوة الموقف المصري وكان الامر كذلك بعد مفاوضات الاردن مع اسرائيل والوصول الى معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية التي استعدنا بها حقوقنا الاردنية واراضينا بالكامل, بفضل وحدة موقفنا في الداخل والدعم العربي والدولي لمطالبنا وحقوقنا.

وفيما يتعلق بالمعاهدة الاردنية الاسرائيلية بين القاضي ان من يقرأ نصوص المعاهدة وما احتوته من مواد كرست الكثير من المكاسب للجانب الاردني يدرك بان اسرائيل ومهما حاولت لا تستطيع ان تبقي نفسها خارج اطار الارادة الدولية اي بمعنى انها لا تستطيع ان تستمر في السباحة ضد التيار واثبتت الوقائع والاحداث بان من شأن الموقف العربي والموقف الدولي اذا كانا جادين ان يجبرا اسرائيل على الجلوس على طاولة المفاوضات والاستماع الى آراء ومطالب الفلسطينيين والآخرين والاعتراف بحقوقهم التي اعتدت عليها والخروج معهم بنتائج مرضية او على الاقل مقبولة وتتماشى مع الواقع في هذه المرحلة التاريخية المتحركة التي يشهدها العالم.

وحول ما تطرق اليه البعض في هذه الندوة من التقاء اليمين الاسرائيلي واليمين الفلسطيني بقصد او بغير قصد على اضعاف او انهاء منظمة التحرير الفلسطينية, قال القاضي اود ان اختتم حديثي بملاحظة هامة ربما تفسر الى حد ما هذا الموضوع ، فقد كنا مع الوفد الاردني للمفاوضات في واشنطن واثناء تعرضنا في الحديث عن المشكلة التي برزت في بداية مرحلة المفاوضات حيث قامت اسرائيل بابعاد مجموعة من الناشطين من الحركة الاسلامية الفلسطينية في ذلك الحين الى منطقة مرج الزهور على الحدود مع لبنان قال لي احد المفاوضين الفلسطينيين من اصحاب الرؤيه انني ارى ان هناك جهودا تبذل من قبل إسرائيل والولايات المتحدة لإحلال هؤلاء الناس محل منظمة التحرير أي استبدالنا بهم لاننا لن نقبل في النهاية الا قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة.

واضاف القاضي مختتما ولا ادري اذا كان الذي حصل للمرحوم الرئيس عرفات هو جزء من هذه المحاولات التي استهدفت تدمير واستبدال منظمة التحرير الفلسطينية على الرغم من ان المرحوم عرفات ومعه القيادة الفلسسطينية قد قدموا وفعلوا الكثير وشاركوا مع رابين بهدف الوصول الى حل مشرف ودائم للقضية الفلسطينية، ولا ادري اذا كان ذهاب هؤلاء بعد كل الذي قدموه ووصول قيادة الحركة الاسلامية الى السلطة بديلا او استمرارا، ولكن ذلك لا ان نقوم نحن في الاردن بالتحدث مع حكومة حماس وافهامها انه باصرارها على مواقفها المتشددة ربما ستقود فلسطين والمنطقة الى نتائج ربما لا تحمد عقباها.

الشوبكي: الحل الاحادي الاسرائيلي ناقوس خطر يدق من جديد

من جانبه قال الزميل هادي الشويكي انه من المؤكد ان اسرائيل تنظر الى الصراع العربي الاسرائيلي من جانب ايديولوجي ومصلحي لانهم يعتبرون الديانة اليهودية نفسها اول الديانات واساسها وذات الموقع الاهم نظرا لان الله نظر الى الشعب اليهودي على انه شعب الله المختار, ومما يزيد من خطورة هذه النظرة ان الغرب وبالاخص واشنطن هي من تقود تأجيج هذا الصراع وبوحي من المثلث الحديدي في ادارة بوش. هذا المثلث الذي يضم في عضويته اليهود الصهاينة, المحافظين الجدد واليمين المسيحي والذي يجتمع على الولاء المطلق لاسرائيل ودعم خططهم الاجرامية (آخرها خطة اولمرت) والعداء المطلق للأمة العربية والاسلامية وهضم حق الشعب الفلسطيني.

لا شك في ان الحلول الشارونية التي يستمر اولمرت في الاخذ بها بعد غياب شارون تنطوي على جرائم من نمط جديد, مما تستدعي من العرب وخاصة الاردن موقفا رسميا واضحا خاصة ما يتعلق بتصريحات اسرائيل حول غور الاردن لأن ناقوس الخطر قد دق باتجاه لا يحمد عقباه بالنسبة لفلسطين والاردن.

وفي معرض اجاباته على تساؤلات ومداخلات بعض المشاركين قال الدكتور فايز الطراونة انا لا اتفاءل كثيرا بالمقولات التي ترى بان انكماش الولايات المتحدة على نفسها او ضعفها سيؤدي الى انهيار او ضعف اسرائيل وان الاوضاع على المدى الطويل ليست في صالح اسرائيل, بل على العكس فانني ارى ان التراجع في الظرف العربي اسرع من اي ظروف يمكن ان تؤدي او تقلل من قوة اسرائيل، فاذا كان ضعف او انكماش الولايات المتحدة سيؤدي الى تراجع في الوضع الاسرائيلي قليلا فيبقى التراجع العربي اسرع بكثير. واسمحوا لي هنا ان ابدي عدم ارتياح للرؤية الاستراتيجية عند بعض الدول التي ترى او تقول بان الحل النهائي للقضايا العالقة يمكن ان يؤجل لتنظر فيه الاجيال القادمة وذلك على اساس انها لا تستطيع ان تتحمل عبء تقديم اي تنازلات, والسؤال هنا هو لماذا هذا التأجيل وهل بالضرورة بان يكون الوضع العربي بعد خمسة اجيال افضل مما هو عليه الآن ويكون الوضع الاسرائيلي اكثر سوءا?! في الحقيقة لا بد لنا في هذه المرحلة من رفع درجة التضامن العربي والدفاع المشترك الموحد عن قضايانا بشكل اكثر جدية، وان لا نركن الى مسألة ان التراجع في الوضع الاميركي ربما سيؤدي بالضرورة الى تراجع في الوضع
الاسرائيلي لانه ربما يكون التشرذم العربي حينها اكبر من ذلك وحقيقة لا يوجد ضمانة حسب مؤشرات الوضع الحالي لان يكون الوضع العربي غير ذلك.

فقد كان العرب في السابق يشكلون مجموعة واحدة ثم انقسمنا الى مجالس تعاون اقليمي متعددة كمجلس التعاون العربي والخليجي والمغاربي اما الان فاصبحنا حتى الدولة الواحدة منقسمة في داخلها بل والاسوأ من ذلك ان هناك ثلاث رؤساء وزارات لا يوجد تنسيق بينهم وبين ورؤساء دولهم.

اما بالنسبة لقضية العودة للايديولوجيات نعم صحيح ان هناك عودة للايديولوجيات على ما يبدو فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لكن من الواضح ان كل طرف يحاول البحث عن الصيغ التي يمكن ان تساعده على تحقيق مصالحه لكن المشكلة الكبرى في القضية الفلسطينية أل التعريف التي ادخلناها بحيث اصبح الاسم منظمة التحرير الفلسطينية والاصل ان يكون الاسم منظمة التحرير - فلسطين لان ذلك كان سيبقي النضال مفتوحا لكل عربي وان لا تقتصر القضية على الفلسطينيين فجاء العرب وقال ما دام الامر كذلك اي ان القضية للفلسطينيين فاذهبو ايها الفلسطينيون ودافعوا عن قضيتكم.

واضاف الطراونة انه في السابق كانت القضية الفلسطينية القضية الاولى عربيا لكن بعد الحرب العراقية الايرانية وقصة البوابة الشرقية للوطن العربي تراجعت القضية الفلسطينية للمرتبة الثانية, وانا اتفق مع الحضور في موضوع الواقعية فكان من الاجدى على القمة العربية ان تسأل الجانب الفلسطيني (رئيس السلطة ورئيس الوزراء الفلسطيني) هل انتم موافقون وملتزمون بالمبادرة العربية والاستراتيجية العربية وهل الحكومة منسجمة مع منظمة التحرير? واذا كانت حماس قد حصلت على الاغلبية البرلمانية وشكلت الحكومة عبر انتخابات ديمقراطية مثلث خلالها الشعب الفلسطيني, فهل حماس تعترف بانها جزء من الامة العربية? فاذا كان الجواب نعم فيجب عليها ان تقبل بالمبادرة العربية والاستراتيجية العربية المتمثلة بخيار السلام مع اسرائيل , واذا كان الجواب لا فعلينا نوقف المبادرة العربية لان المبادرة العربية انما جاءت لفلسطين اصلا.

كما تمنى الدكتور الطراونة على العرب بأن يأتوا على ذكر المبادرة العربية عندما يطلبوا من اسرائيل الالتزام بتنفيذ استحقاقات ما جاء في خارطة الطريق لا سيما واننا لا نسمع عن هذه المبادرة الامن قمة عربية الى اخرى.

وفيما يتعلق بتأثير الحل الاحادي الجانب وترسيم الحدود على الاردن قال الطراونة ان موقف الأردن كان ولا زال واضحا في هذه المسألة فهو يرفض الحل الاحادي الجانب, كما ان بين الاردن واسرائيل معاهدة سلام استطاع خلالها ارجاع اراض وحقوق مائية وتثبيت الحدود الشرقية لاسرائيل وكل ذلك موثق في الامم المتحدة ولا عودة عنه ويمنع على اسرئيل دوليا ان تتوسع شرقا, فللاردن منه مكسب من عملية السلام لا يستطيع ان يضعها في مهب الريح ارضاء لرغبات الاخرين حيث لا ينبغي ان يتم تقديم اي عامل اخر على المصلحة الوطنية, ولا ننسى ان المعاهدة الاردنية عندما حدث الحصار الاسرائيلي للشعب الفلسطيني كانت قد سمحت للاردن بتزويد الشعب الفلسطيني بالامدادات الغذائية والطبية.

فعملية السلام الاردنية لا يعكف ربطها لا بالحل الاحادي الجانب ولا يغيره من ما يستجد من اوضاع على الساحة ونحن في الاردن لا نتدخل في الشأن الفلسطيني ومع ذلك لا نستطيع ان نوافق على كل الحلول والتي يمكن ان تطرح ان كان فيها مساس لثوابتنا, فمنذ اليوم الاول كانوا يريدون, يضعونا مع الوفد الفلسطيني المفاوض في غرفة واحدة وخلط جدول اعمال المفاوضات, فاعترض الاردن وتغير الوضع واصبح هناك مساران اردني اسرائيلي وفلسطيني اسرائيلي لانه بغير ذلك كان من الممكن ان يحدث خلط في الاوراق لا سيما وانه هناك ممثل للشعب الفلسطيني وعليه فقد تم وضع جدول اعمال خاص بكل مسار مع التنسيق الكامل ما بين الاردن وفلسطين.

واختتم الطراونة حديثة بالقول نرجو ان لا يحمل الاردن اكثر من طاقته وقدرته على تغيير مجرى احداث كاملة, وان لا نربط المعاهدة الاردنية الاسرائيلية بأي شأن اخر فهذه الاتفاقية شأن اردني ولكن ايضا لها ارتباطات تحول دون قيام اسرائيل بتنفيذ من هذه الخطط وخاصة فيما يتعلق بترسيم الحدود واللاجئين والقدس اي بمعنى مفاوضات الوضع النهائي التي لا بد حسب المعاهدة الاردنية لاسرائيلية ان يكون الاردن طرفا فيها.