الاطار القانوني لحرية الاعلام: التجربة الاميركية

20/09/2006

يمثل الاعلام جزءاً اساسياً من أي مجتمع ديمقراطي، فإلاعلام الحر ينمو ويتطور مع نمو وتطور المجتمعات الديمقراطية، وحيث ان الاعلام عاش ولا زال الازمات التي عاشتها الرأسمالية الليبرالية بشكل خاص والبشرية بشكل عام فقد مر بمراحل " الاعلام الموجه- والاعلام الايديولوجي" – "وقمع الاعلام وتدجينه" الى ان اصبح امبراطورية تمثل " سلطة رابعة" تنتقد وتراقب وتقيد اعتبارياً السلطات الثلاث .

وبدلا من ان تتقدم حريات الاعلام نحو تحقيق مزيدا من المكاسب فقد لوحظ ان هناك تراجعا في حريات الاعلام، فقد اعتدنا في العالم الثالث ان يكون الاعلام بشكل عام اعلام حكومي يعكس الى حد ما وجهة نظر الحكومات ويروج لقراراتها وسياساتها، لكن من المؤسف أننا بتنا نشهد ومنذ عقدين من الزمان تقريبا إلى الآن أن الإعلام حتى في الدول الليبرالية والديمقراطية تحول من سلطة رابعة تراقب وتنتقد وتقيد اعتباريا السلطة التنفيذية الى جزء من هذه السلطة يتبنى الترويج لسياساتها وقرارتها مع فروق بين بلد وآخر، حيث أن استقلالية وسائل الإعلام البريطانية أو الأوروبية بشكل عام لا زالت تتقدم كثيرا على استقلالية وسائل الإعلام في بلد يدعو إلى الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير كالولايات المتحدة، حتى ان بعض وسائل الإعلام من شدة تأثرها بالتوجهات السياسية لبلدانها باتت تتبنى مقولات مشكوك في صحتها او هي محل نقاش، بدليل تبني بعض وسائل الإعلام في الولايات المتحدة لفكرتي نهاية التاريخ وصراع الحضارات وأحيانا الترويج لها.

وامام هذه الحقائق فقد حاولنا من خلال هذه الندوة - التي استضاف فيها المركز الخبير الاعلامي والقانوني ديفيد ماكرو من صحيفة نيويورك تايمز وحضرها عدد من الساسة والمفكرين والمهتمين بمجال الاعلام- البحث عن اجابة لمجموعة من التساؤلات والتي كان من اهمها: - ماهي الضوابط او القوانين التي باتت تحكم عمل الاعلام في هذه المرحلة؟ وهل هناك في ظل المتغيرات الدولية الحالية حريات اعلامية بالمعني الحقيقي؟ ثم ماهي التأثيرات التي تركتها احداث 11 سبتمبر على حريات الاعلام؟ وهل بات ما يسمى بمكافحة الارهاب حجة شرعية للحكومات للحد من حريات الاعلام؟ وما هو تأثير قوانين مكافحة الارهاب التي باتت الدول تجتهد في اختراعها على حريات الاعلام؟ وما هي اسباب تغول الحكومات في العالم الثالث والمتقدم على حد سواء على حريات الاعلام في هذه الفتره؟ و ما هي الاسباب التي تقود وسائل الاعلام للوقوع في مصيدة التحيز والبعد عن الموضوعية؟ واخيراً يسجل للنيويورك تايمز اعتذارها بعد اكتشاف عدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق واعترافها بأنها كانت تنشر معلومات مضللة, لكن هذا بنظر الناس في هذه المنطقة غير كافٍ، وحتى ان كانت رؤوس الاموال التي تملك الامبراطوريات الاعلامية في الولايات المتحدة ترتبط بشكل او بآخر بالسياسة يبقى السؤال اين هي المسؤولية الاخلاقية للصحفيين او للاعلاميين العاملين في وسائل الاعلام الاميركية؟ وما الذي يجبر الاعلام الاميركي على الدفاع عن سياسات الحكومة في الولايات المتحدة حتى لو كانت خاطئة, رغم علمكم في الاعلام الاميركي ان هذا يمكن ان يقود الى تشويه صورة الولايات المتحدة لدى شعوب المنطقة؟

ادار الندوة : د.خالد الشقران

20/9/2006

ديفيد ماكرو: "نشر الحقيقة" جوهر العمل الاعلامي

وفي بداية الندوة تحدث الخبير الاعلامي والقانوني في صحيفة نيويورك تايمز الذي قال : اشكركم على هذا الترحيب وعلى هذه المقدمة وعلى هذه الاسئلة التحدي التي طرحتموها، وفي الحقيقة انها لتجربة رائعة ان ازور الاردن لاول مرة حيث تعلمت منها الكثير وهناك لا زال الكثير الذي سأتعلمه ايضاً من خلال هذه الندوة.

واضاف ماكرو: كما ذكرت في اللقاءات السابقة هنا في عمان اود ان اشكر وزارة الخارجية الاميركية والسفارة الاميركية في عمان لدعوتهم لي وتمكيني من الحضور هنا الى عمان واود ان اشكر ايضاً مؤسسة نيويورك تايمز التي اعمل بها على سماحها لي بالحضور, ولكن اود ان اقول انني هنا الآن اتحدث كشخص مهتم بالاعلام والحريات الاعلامية لا كناطق باسم اي مؤسسة رسمية اميركية ، وصراحة عندما اتصلوا بي من وزارة الخارجية الاميركية ودعوني الى فكرة الحضور الى عمان تفاجأت بأن الحكومة الاميركية قد دعتني لأن علاقتي بها هي تقتصر فقط على رفع الدعاوى ضدها, وبالتالي فهم بالأصل غاضبون مني لرفع قضايا ضدهم كما حدث في السنة الماضية, فأنا كبير المستشارين القانونيين لجريدة النيويورك تايمز، ولكنني مسرور جداً للحضور الى هنا والحديث امامكم حول هذا الموضوع المهم.

وسأحاول ان اتحدث بشكل مختصر لأنني موجود هنا بينكم لاسمع واتعلم منكم واطلع على تجربتكم الاعلامية وحول الوضع في الاردن، وسأكون مسروراً للاجابة على اسئلتكم فيما يتعلق بالتجربة الاميركية لحريات الصحافة وخاصة الحريات الصحفية بعد احداث 11 سبتمبر، وسأتحدث قليلاً عن خلفيتي وتجربتي السابقة وعن بعض المواضيع الاخرى, كما سأطرح امامكم ثلاثة قضايا كنت اناقشها مع الآخرين الذين التقيتهم في عمان من صحافيين وسياسيين ورجال قضاء وحكوميين.

واشار ماكرو بأنني كقانوني في مؤسسة بنيويورك تايمزا وكمحامٍ فان عملي يتركز في ثلاثة مجالات اولها متابعة الامور القانونية للصحيفة وجمع المعلومات والاخبار للصحيفة ومتابعة المسائل القانونية والقضائية والقضايا التي قد ترفع ضد الصحيفة في المحاكم، ويتعلق المجال الآخر في عملي بتمثيل الصحيفة في بعض القضايا امام الحكومة وفي المحاكم للحصول على المعلومات حسب قانون حق الحصول على المعلومات في الولايات المتحدة ثم محاولة الحصول على المعلومات او الوثائق من خلال رفع القضايا في المحاكم، اما المجال الثالث الذي اعمل فيه فهو يتعلق بالعاملين في الصحيفة من فنيين وصحفيين واداريين والادلاء بالشهادات في المحاكم سواء من المحكمة او الصحيفة، وقد كانت آخر قضية لنا في المحاكم مع الحكومة الاميركية قضية الصحفية جوديت ميلر.

ومن خلال هذه التجربة واللقاءات التي قمت بها مع اشخاص من الاردن فان الفكرة انني ليس هنا لاقدم التجربة الاميركية كنموذج لحرية الصحافة ولكن لاعطاء فكرة فقط لأنه بالتأكيد لكل دولة انظمتها وقوانينها وتجربتها والحدود التي تناسبها في مجال حرية الصحافة، وبالمقابل, هناك فكرة تعزيز وتمكين حرية التعبير عن الرأي والتي ابرم حولها العديد من الاتفاقيات الدولية, وفي العديد من الحالات فانا لا اتفق مع بعض القوانين الاخرى في بعض الدول التي تدعم ايضاً حرية التعبير والرأي مثل بعض القوانين في بريطانيا وفرنسا، ومن الامثلة على ذلك لو دخلتم الى موقع النيويورك تايمز يوم الاثنين الماضي (82/8/6002) لرؤية الخبر المتعلق بتوقيف احد عشر مشتبهاً به في قضية تفجير الطائرات في مطار هيثرو في بريطانيا, ففي اميركا تدخل على الموقع فتقرأ القصة كاملة ولو دخلت عليه في الاردن ايضاً تقرأ القصة كاملة لكن لو كنت في بريطانيا لن تقرأ القصة ولن يفتح معك الموقع على نفس الخبر بل ستجد انه يظهر عليك تحذير يقول لك بأن القانون البريطاني يمنع نشر هذه القصة، وقد حدث نفس الشيء في الاسبوع الماضي حيث كان هناك اعلان في النيويورك تايمز على صفحة كاملة ونشر في الاردن ايضاً وهو اعلان مجموعة الخرافي بينما لم يسمح بنشره في صحيفة اخرى تملكها النيويورك تايمز وهي "الانترناشيونال هيرالد تريبيون" والتي تطبع في باريس حيث لم يتمكنوا من نشره لأن القوانين الفرنسية تمنع نشر مثل هذا الإعلان بحجة انه قد يدعو إلى العنف والكراهية لدى بعض المجموعات العرقية.

وهذا في الواقع حسب ما قاله ماكرو يبين لنا انه مهما كانت حريات التعبير عن الرأي وحريات الصحافة متطوره في الدول المختلفة سواء أكانت في الولايات المتحدة او الاردن او فرنسا او اسبانيا ورغم ان الكل يتحدث عن حريات الصحافة وحريات التعبير عن الرأي, فان كل بلد تضع حدودها الحمراء الخاصة بها.

واكد ماكرو انه بالنسبة لي فان ما يهمني في هذا المجال هي ثلاثة مواضيع مهمة اساسية وهي توسيع النقاش العام فيما يتعلق بالقضايا التي تهم المواطنين, وان يكون هناك سيل من المعلومات متوفرة للجميع, وان تكون الحقيقة هي التي تنشر.

ولأنهي الحديث أود ان أعود للحديث حول الاسئلة التي طرحت عليّ في الاردن خلال الايام القليل الماضية وحتى افتح المجال للحوار معكم في هذه الندوة والتي من اهمها سؤال الرقابة حيث ان المشكلة في الاردن حسب علمي لا تكمن بوجود قوانين تفرض الرقابة على الصحفيين وانما هي في الصحفي نفسه الذي يفرض رقابة ذاتية على نفسه خارج اطر القوانين او ضغط الحكومة، اما الموضوع الثاني فهو يتعلق بالسؤال فيما اذا كان الاردن سيغدو بوضع افضل بدون قانون المطبوعات والنشر، اي انه في حال غياب هذا القانون هل سيكون حال الصحافة والنشر افضل وتتوسع حرية التعبير والرأي.

واختتم ماكرو حديثه بالقول اما الموضوع الثالث الذي سمعته من خلال اللقاءات والمحاضرات التي اجريتها هنا هذا الاسبوع فهو يتعلق بسؤال كيف يمكن تحسين وضع الصحافة ووضع الصحفيين في الاردن? فهل يمكن ان يحدث ذلك من خلال حرية اكثر ام من خلال تدريب اضافي ام من خلال تحسين التكنولوجيا ام التقليل من سرية المعلومات بالنسبة للحكومة, فبرأيكم ما هو الأمر الذي تعتقدون انه افضل لحرية الصحافة في الاردن، والآن وحيث انني قمت بما يجب على المحاضر الجيد ان يقوم به حيث اجبت على الاسئلة الثلاث التي طرحها رئيس الجلسة باسئلة ثلاثة اخرى لكي افتح المجال لحديثكم معي.

خروب: الإعلام الأمريكي ومسألة الانحياز

وفي مداخلته قال الزميل الاستاذ محمد خروب انا في تقديري ان مسألة القوانين وخصوصية القوانين في كل دولة لها بعد لدينا في الشرق الاوسط، ام بالنسبة لتغطية وسائل الاعلام الاميركية بشكل عام لقضايا المنطقة . وهذا يندرج تحت باب الاجابة على الاسئلة التي طرحت عليك مع بداية هذه الندوة، نلمس انه في الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان لم يكن هناك توازن في تناول الاخبار وان هناك وضوح في انحياز الاعلام الاميركي في تغطيته لاحداث هذه الحرب, حيث كان من الواضح بأن هناك مبالغة وتضخيم للخسائر الاسرائيلية بينما كان هناك مزاعم اميركية فيما يتعلق بضحايا الحرب من اللبنانيين بأننا لا ننشر حجم الدمار وصور الضحايا استناداً الى القوانين المعمول بها في الولايات المتحدة، والسؤال هنا هو لماذا تتكرر هذه المعضلة باستمرار خاصة في القضايا العربية وعندما يتعلق الامر بالحريات العامة او بالديمقراطية.

د. الحموري: النقاش العام في الاعلام الامريكي مسيطر عليه من قبل اناس لا يتقبلون انتقاد اسرائيل

من جانبه قال الدكتور محمد الحموري اود بداية ان اشكر المحاضر على هذا التوضيح الجيد ولكن قبل أن ابدأ بحديثي او ان اسأل المسؤولين في الرأي هل سينشر هذا الحوار كما نقول أم انه سيخضع لرقابة الجريدة ويتم حذف ما تريد وفق توجهات حكومية معينة، والحقيقة ان هذا الموضوع مرتبط بسؤال اوجهه للسيد الضيف، ام فيما يتعلق بالرقابة فهي في كثير من الاحوال ليست من الصحفي او من كاتب العمود وانما من الصحيفة نفسها التي تخضع في بعض الاحيان الى رقابة داخلية اكثر مما لو كان هناك رقابة حكومية عليها, ولذلك ارجو من المحرر ان يعطينا بعض الحرية وخاصة اننا نتحدث في بيت الرأي.

واضاف الدكتور الحموري اريد هنا ان اتحدث عن الولايات المتحدة ولكن بحدود معينة واتوجه الى ضيفنا واقول له انه منذ نشأة الدولة الاميركية وبحكم حرية الاعلام وحرية التعبير وحرية الصحافة التي جاءت في المبادىء الأولى، والتي لا يجوز وفقها للكونجرس الاميركي ان يسن تشريعات تحد من حرية التعبير وحرية الصحافة والنشر او حق المواطنين في عقد اجتماعات عامة او مخاطبة الحكومة في انصافهم تجاه ما يلحق بهم من ظلم وقد كان هذا عام (1971) ولم يعدل حسب علمي، - وانت قانوني - كما علمت من تقديمك وتعلم ان هذا النص لم يعدل حتى الآن - لكن الواقع الاميركي الآن وكأن هناك قانون متعارف عليه وغير مكتوب اسمه التخويف وخاصة بالنسبة لموضوع حساس بالنسبة لنا طرحه صديقنا الاستاذ محمد خروب بسؤاله الذي افتتح به الحوار. يقول (اريك اولترمان) ان النقاش العام في الولايات المتحدة مسيطر عليه من قبل اناس لا يتقبلون انتقاد اسرائيل وقد ظهر بأن هناك واحداً وستين شخصاً من كبار كتاب الاعمدة والمعلقين الاميركيين محسوبون على اسرائيل ويدعمونها بشكل لا ارادي وبدون شروط، ويقول روبرت بارتليا المحرر السابق في وول ستريت جورنال يقول عن قادة "إسرائيل ما نصه ان ما يريده هؤلاء

الرجال هو اكثر من جميل وجيد بالنسبة لي". ناهيك عن ان صحف محترمة نعتبرها في العالم مثل وول ستريت جورنال وشيكاغوا والواشنطن تايمز تطلق بشكل منظم في افتتاحيات غير معقولة تأييدها لاسرائيل، وهناك الكثير من المجلات ايضاً مثل دكومانتري نيوز و ذاويكلي ستاندرد التي تدافع بحماس عن اسرائيل.

واضاف الدكتور الحموري – موجها حديثه للضيف - انت تعمل في النيويورك تايمز التي تضم ماكس فرانكلين المحرر السابق الذي يقول "كنت مخلصاً بعمق لاسرائيل اكثر من شجاعتي لقول الحق وانطلاقا من معرفتي باسرائيل ومالي من علاقات الصداقة هناك فقد كتبت معظم تعليقاتنا الخاصة بالشرق الاوسط وباعتراف القراء العرب - هكذا يقول - اكثر من القراء اليهود فلقد كتبت هذه التعليقات من منظور مؤيد لاسرائيل" . اما الاذاعات الامريكية فانني اعلم كم هي رسائل الاعتراض التي تصلهم عندما يقولون فقط كلمة حق تجاه الوضع في فلسطين وهي بالاف ويكون هناك دعوات للناس لمقاطعة هذه الاذاعات واحيانا تحجب عنها المساعدات الحكومية, والسؤال هنا أليس الفلسطينيون بشرا مثلكم؟!

غيشان: النموذج الامريكي ليس هو المثال ليس هو المثال بالنسبة لنا على الاطلاق

فيما قال الزميل الاستاذ نبيل غيشان نائب نقيب الصحفيين الاردنيين: في الحقيقة انه لدي بعض الملاحظات البسيطة وانا سعيد جدا هنا ان اسمع من محاضر امريكي انه يقول ان الهدف من زيارته وعقد هذه الندوة ان لا يقدم التجربة الامريكية كنموذج لانه بالاصل رغم اننا في الاردن نعتبر دولة من دول العالم الثالث ورغم بعض النواقص في حرياتنا الاعلامية الا ان النموذج الامريكي ليس هو المثال بالنسبة لنا على الاطلاق، اما النقطة الثانية فهي اننا لا نريد من الاعلام الامريكي والسياسيين الامريكيين او الادارة الامريكية ان يكونوا عادلين لدرجة 50% معنا و50% مع الاسرائيليين بل اننا نكتفي بان يكونوا مع اسرائبل 70% وعمنا فقط 30%.

واكد الزميل غيشان بأن الادارة الامريكية الان في مأزق تاريخي في المنطقة وهذا المأزق يشبه ما لحق ببريطانيا وفرنسا ايام الحربين العالميتين الاولى والثانية بعد ان غابت شمس الاستعمار في الدولتين، بل اعتقد ان الادارة الامريكية تواجه الان مفترقا تاريخيا لان الشعب الامريكي نعرفه شعب جيد، حيث زرت الولايات المتحدة ودخلت بعض بيوت الامريكيين وباعتقادي ان المشكلة تكمن في السياسة الامريكية لاسيما وان افعال الادارة الامريكية لا تنسجم مع خطاب الحريات وخطاب الديمقراطية، فنحن على قناعة تامة بان الادارة الامريكية لا تريد الديمقراطية في المنطقة, خاصة وان تورط الولايات المتحدة بشكل او بآخر في تكريس العدوان على لبنان قد اضر بسمعة كل دعاة الاصلاح والديمقراطية في الوطن العربي وهذه ستتجلى لاحقا في الكثير من التراجعات في الحرية والديمقراطية في المنطقة.

واضاف الزميل غيشان اود ان اؤكد كنائب لنقيب الصحفيين الاردنيين بان الانطباع الذي خرج به الضيف حول ان الصحفي يفرض رقابة ذاتية على نفسه وليس الحكومة هو انطباع غير صحيح، لان لدينا مشكلة ولا بد ان نعترف بها ولدينا ايضا بعض القوانين التي تحد من الحرية، وقد تم الآن إعداد مشروع قانون ينهي او هو محاولة لانهاء مسألة توقيف وحبس الصحفيين، لكن في المقابل ما زال هناك حبس للصحفيين في الولايات المتحدة اكثر منه في الاردن على الرغم من اننا دولة في العالم الثالث، بدليل انه لم يسجن في الاردن منذ الخمسينات الا صحفي واحد يعمل في احدى الصحف الاسبوعية كان قد تطاول على احد الرموز الدينية بالنسبة للمجتمع.

وما اود ان اقوله هنا اننا في الاردن لا يوجد لدينا رقيب في كل صحيفة, فانا اعمل في صحيفة اعتقد ان سقفها عال جدا وبرغم اننا قد نتلقى في اليوم التالي للنشر عتابا الا اننا يوجد لدينا رقيب مباشر في الصحيفة، ولكن الصحفي في النهاية يجب ان يدفع ثمن جرأته وهذه الجرأة هي التي اودت بزميلتكم جوديت ميلر الى السجن قبل فترة لانها رفضت الكشف عن مصدر معلوماتها، وسؤالي الاخر الذي اوجهه للسيد الضيف هل يمكن ان يكون وجودك القانوني في صحيفتك يجعلك ان تقوم بدور الرقيب الداخلي في الصحيفة لمنع السقف العالي خوفا من رفع قضايا ضد صحيفتكم والتي قد تقيمها الادارة الامريكية او بعض المؤسسات او الاشخاص؟.

د. الفانك: المشكلة في الرقابة على الاعلام ذاتية وليست حكومية

وفي مداخلته قال الدكتور فهد الفانك : تساءل محاضرنا عن الاجراءات التي يمكن عملها لتحسين مستوى الصحافة الاردنية هل هي الحرية ام التكنولوجيا ام التدريب ام الثقافة? فانا اعتقد اننا بحاجة الى التدريب لان الصحافة كمهنة يبدأها الانسان من الصغر ويتطور تعلمه من خلال ممارسة عمله اليومي وهو بالتالي بحاجة الى تدريب على المستويات كافة ابتداءً من رئيس التحرير وحتى الصحفي المبتدىء, وهو بحاجة الى اللغة ليطل على تجربة الصحافة العالمية.

وباعتقادي انه لا توجد مشكلة لدينا في الحرية الحكومية او القانونية بالنسبة لعملنا كاعلاميين لان القوانين تسمح بقدر كاف من الحرية ولكن الرقابة الذاتية موجودة وهي اساس المشكلة، فانا وبرغم من انني رئيس مجلس ادارة هذه الصحيفة فانني امارس الرقابة الذاتية واقرأ مقالتي عدة مرات حتى لا اغضب احدا ورغم انني متهم بانني صاحب اعلى سقف حرية بين زملائي الا انني لست حرا مئة بالمئة،

علماً بأنه لا يوجد صحفي اردني واحد بالسجن لكن الخوف الاساسي ليس من الحكومة والسجن, وانما هو من مراقبة الصحفي لنفسه خوفاً من الناس والقراء والشارع, فالحكومة هي بكل الاعتبارات ارحم من الناس والشارع الاردني والشارع العربي في الحكم على الصحفي فمثلاً اذا اتخذت موقفاً ضد حماس الناس فانه سيتم الحكم عليك بأنك عميل للولايات المتحدة او اسرائيل.

واضاف الفانك انه صحيح ان الصحفي يجب ان يقبل بدفع ثمن جرأته, لكن ليس كل الصحفيين مستعدين لذلك, وعليه فان جزءاً آخر من الرقابة الذاتية هدفه المصلحة الشخصية, حيث ان الصحفي يريد ان يصل الى مركز معين او يريد ان يرضي صاحب القرار بحيث يحبه ويوصله وهذا موجود ايضاً في الولايات المتحدة فعلى سبيل المثال لماذا اصبحت كارين هيوز شخصية مهمة في وزارة الخارجية الاميركية؟! الجواب هو لأنها معجبة بشخصية الرئيس بوش وتمتدحه باستمرار فتم تعيينها في ذلك المنصب.

وفيما يتعلق بموضوع الشفافية قال الفانك ان هناك قصور مشترك, فالمسؤول بدوره يخفي المعلومات خوفاً من النقد, واظن ان هذا حاصل في الولايات المتحدة حيث تخفى المعلومات بحجة أمن اميركا مع ان الامر ربما يكون متعلق بحماية سمعة الرئيس, وفي الصحافة الاميركية كما في الصحافة الاردنية هناك نوع آخر من الرقابة يتمثل في المعلنين الذين يستطيعون ان يؤثروا على السطر النهائي للارباح والخسائر.

واختتم الفانك فيما يتعلق بالسياسة الاميركية بالقول ان نشر خطاب ابن لادن والظواهري يومياً لن يكون له نفس مقدار التأثير الذي تركه موقف الولايات المتحدة من الحرب الاخيرة والذي تمثل في منع وقف هذه الحرب لا سيما وان حكومة لبنان حكومة صديقة وبذلك ضربت مثلاً بأنها تتخلى عن اصدقائها في المنطقة وانه لا يوثق بها.

ابو عودة: اصبحت صورة الولايات المتحدة سيئة لدى شعوب المنطقة

وفي هذا الاطار قال عدنان ابو عودة: عندما قدم السيد المحاضر نفسه وقدم مهمته بقوله ان وزارة الخارجية الاميركية هي التي اتصلت به ليأتي الى هنا, وكان هذا مفتاح فهمي لمهمته, التي تشير باعتقادي الى موضوع يتعلق بصورة الولايات المتحدة في هذا المنطقه بالذات, وقد اختارت الاردن لاجراء مثل هذه الدراسة وهذا امر نفهمه ونقدره وهو الذي سيجعلني اتحدث لكم بصراحة لكي نفيد - المحاضر – حول حقيقة الوضع في المنطقة.

واضاف ابو عودة اود بداية ان اقول لك منطلقاً من هذا الموضوع ان صورة الولايات المتحدة في منطقتنا لم تكن واحدة منذ ثمانين عاماً بل لقد تبدلت خلال الثمانين عاماً الاخيرة, حينما كانت ترى الولايات المتحدة اولاً من خلال الطلاب العرب الدارسين في الجامعه الاميركية في بيروت، وقد كانت مؤسسة علمية وثقافية, لم يرَ المثقفون العرب الا صورة جميلة للولايات المتحدة, صورة الدولة التي تتحدث عن حق تقرير المصير والتي يمثلها الدستور الاميركي الذي كان في رأي هؤلاء المثقفين يعكس صورة بهية وزاهية في مرحلة الثلاثينات والاربعينات لانه يمثل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وكل المثل العليا التي يتوق اليها البشر حتى في هذه الايام، لكن هذه الصورة تغيرت, فصورة الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الثانية غير صورتها بعد الحرب العالمية الثانية، ففي مرحلة ما بعد الحرب حينما تورطت الولايات المتحدة في المنطقة لتخلف الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا بدأ الناس يرون في صورة اميركا ما تفعله اميركا، اي ما هي السياسة الاميركية في المنطقة وليس ما ينص عليه الدستور الاميركي وفق ما تعلموه في الجامعة الاميركية, فالصورة تغيرت واصبحت صورة اخرى تقاس بالفعل ال
اميركي، فاصبح هناك صورة اميركا التي تبشر بحقوق الانسان والتي لها ذلك الدستور العظيم ثم وصورة اميركا السياسية.

كما اصبحت الولايات المتحدة ايضاً ترى من خلال الصحافة الاميركية, فالصحافة في الخمسينات كانت ايضاً تعطي صورة رائعة عن اميركا باعتبار انها حرة وتستطيع ان تحاسب وتقوم بدور السلطة الرابعة بكفاءة في داخل الولايات المتحدة, واستطيع ان اقول ايضاً ان هذه الصورة عن الصحافة الاميركية قد بقيت حتى السبعينات فمثلاً قصة ووتر غيت وتناول الصحافة لها بالشكل الذي تناولته اكدت لنا نحن الذين نعيش في المنطقة ان في اميركا ما زال هنالك حرية وقوى تستطيع ان تحاسب، لكن هذه الصورة تمزقت بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1990 ، حينما اصبحت الولايات المتحدة هي القطب الاوحد في العالم فأصبحت ترى عارية دون صحافة ودون دستور، واصبحت لا ترى فقط الا من خلال سياساتها.

واضاف ابو عودة : والولايات المتحدة ربما لسوء حظها او لسوء حظنا او لسوء حظ الاثنين ان معظم سياساتها الخارجية تتركز على منطقة الشرق الاوسط لغنى الشرق الاوسط بالمشكلات، فمشكلاتنا الي تهم الولايات المتحدة كثيرة ابتداء من ارتفاع النفط واسعاره مروراً بالواقع الاقتصادي الذي يحتاج الى بيع الاسلحة للمنطقة والقضية الفلسطينية والآن دخلت قضايا اخرى مثل مكافحة الارهاب ثم الحرب على افغانستان ثم احتلال العراق واخيراً الحرب الاسرائيلية على لبنان، فكل هذه المشكلات جعلت الولايات المتحدة فاعل حي نشط في المنطقة نراه كل يوم ونسمع كلامه كل يوم بل ولا نبيت في فراشنا قبل ان نسمع ماذا قالت السيدة كونداليزا رايس، وما هو آخر تصريح لها لنطمئن او لا نطمئن لما سيحدث في اليوم التالي، او ماذا قاله رامسفيلد او ما قاله الرئيس بوش.

وقال ابو عودة ان صورة الولايات المتحدة في هذه الفترة من التاريخ قد اصبحت صورة سيئة، والامر الذي اريد ان اقوله لكم والذي فاجأنا نحن الذين ندعي بأننا مثقفون ونعرف اميركا، هي قضية المواطنة، فكيف ربطت الصحافة الاميركية حريتها وتقييد حريتها بمفهوم المواطنة, لقد كان ذلك امراً مفاجئاً وصادماً لنا ان تنحرف هذه الصحافة عن القوانين الاساسية في حرية الرأي تحت زعم مفهوم المواطنة, انت تعرف سيدي الضيف ان هذا المفهوم حتى ايام الرئيس بوش الحالي هو الذي انتج قانون المواطنة وهو قانون جديد تم تشريعه, فكيف يمكن ان تقول لي ان هناك حرية صحافة في الولايات المتحدة يصاحبها قانون المواطنة، وهذا الامر انما جعل الولايات المتحدة في وضع لا يختلف كثيراً عن اي وضع في بلدان العالم الثالث, حيث تستطيع ان تستخدم قانون المواطنة كذريعة للحد من حرية الصحافة.

اما الموضوع الثاني الذي اريد الحديث عنه – حسب ما ذكر ابو عودة - رداً على السؤال الذي طرحه مدير هذه الندوة وتناوله الدكتور الفانك فهو حالة الرقابة الذاتية التي لا نفتخر بها، وهي حالة ادانة لتاريخنا السياسي, بمعنى اذا اردت ان ادين تاريخنا السياسي باسلوب مهذب فاقول حقيقة ان لدينا بعض الرقابة الذاتية, لماذا لأن الرقابة الذاتية هي خلاصة تجربتنا في هذا الموضوع وقد كنت انا وزيراً للاعلام حيث كنت ممن صنعوا حالة الرقابة الذاتية ولا ابرىء نفسي من هذا الامر, فأنا شريك في تكريس هذه الحالة, وعليه فان حالة الرقابة الذاتية هي عنوان لمرحلة مهمة وتصلح كعنوان لفصل كبير في مفاهيم الحرية، وهو كيف تتكون مثل هذه الظاهرة نتيجة لتراكم سياسات قمعية من قبل الدولة على الصحفيين،

واذكر انه في احد المرات كنت مع وزيرة لحقوق الانسان في جلسه وسألت عن موضوع الرقابة فاجابها الوزير المعني بالموضوع انه ليس لدينا رقابة حكومية وانما لدينا رقابة ذاتية!.

واخيرا اوافق الدكتور الفانك على ما يحتاجه الاعلام في الاردن، واضيف اننا بحاجة الى تدريب والى ثلاثة امور اخرى هي التكنولوجيا والتدريب على هذه التكنولوجيا اضافة الى الحرية التي اعتبرها ضرورية لتطوير الاعلام.

العتوم: سياسة الولايات المتحدة تحرج الدول المعتدلة في المنطقة

وفي مداخلته قال الزميل عبدالله العتوم رئيس مركز الرأي للدراسات ان اسرائيل ما زالت دولة محتلة تحتل اراضي ثلاثة اقطار عربية هي فلسطين وسوريا ولبنان, وللأسف فان الولايات المتحدة ايضا اصبحت دولة محتلة تحتل العراق وافغانستان رغم اننا كنا قد ودعنا عهود الاستعمار منذ خمسينات القرن الماضي، والغريب انه يتم الحديث في وسائل الاعلام الاميركية عن ثلاثة جنود مأسورين لدى حزب الله وفي غزة رغم ان السجون الاسرائيلية تكتظ بما يزيد عن عشرة الاف سجين فلسطيني وعشرين اسيراً اردنياً ولم نشعر بأن الصحافة الاميركية قد اشارت الى هذا الموضوع ولو بشكل بسيط.

وأضاف العتوم: الاغرب من ذلك ان ايران كانت قد سمحت للطيران الأمريكي بالعبور الى أفغانستان وسمحت لهم كذلك باحتلال العراق وساعدتهم لوجستيا، والأكثر من ذلك فإنه رغم أن كل من الأردن ومصر والسعودية تعتبر دولا صديقة للأمريكان ولها علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وهي دول عقلانية ومعتدله ومع ذلك فإن مؤسسات مثل هيومان رايتس ووتش لاتزال تستهدفها بإستمرار في تقاريرها.

الشوبكي: الولايات المتحدة لاتقوم بواجبها الاخلاقي تجاه الشعوب المقموعة

من جانبه قال الزميل هادي الشوبكي اود في بداية حديثي ان اطمئن السيد الضيف بأن ما سمعه ليس هي فقط اراء المثقفين والشعب الاردني والشارع العربي حول صورة الولايات المتحدة وعدم استقلالية الصحافة الاميركية بل ان هناك من ابناء الولايات المتحدة الذين يحملون نفس الصورة المشوهة عن حكومة واعلام الولايات المتحدة، ومنهم البروفيسور باولو فرايدي والذي قمنا باستضافته هنا في مركز الرأي للدراسات في ندوة حول الارهاب حيث اكد لنا بأن الصحافة الاميركية هي فعلا غير مستقلة، ونحن بدورنا نضم صوتنا الى صوت فرايدي بأن الصحافة الاميركية تنتهج وبتوجيهات من جهات متعددة داخل وخارج الولايات المتحدة سياسيات تساعد على تأجيج مشاعر الناس في المنطقة ضد الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بما تسميه مكافحة الارهاب، حيث تنظر الى كثير من الشعوب والدول على انها ارهابية، في حين لا تلتزم بدورها الاخلاقي في نصرة الشعوب التي تتعرض للقمع بشكل منظم وممنهج في فلسطين والعراق وتنحاز الى جانب الجلاد " اسرائيل".

الخرابشه: اين الاعلام الامريكي من ممارسات جيشه اللااخلاقية.

النائب محمود الخرابشة بدوره تساءل عن سياسيات الولايات المتحدة الخاطئة في المنطقة حيث قال: يدعي المحاضر بأنه يتابع القضايا المرفوعة من قبل الصحيفة ضد الحكومة الاميركية وانا اتساءل: بأنه تحقيقاً للعدالة وبصفتك محام لماذا لا ترفع قضية ضد الولايات المتحدة الاميركية جراء سياستها الارهابية في المنطقة وجراء ما تقوم به من دمار واذى لشعوب المنطقة من خلال دعمها اللامحدود لاسرائيل سواء أكان في فلسطين او في العراق؟ .. وأتساءل اين انتم من رفع القضايا على بعض الممارسات اللااخلاقية التي يمارسها الجيش الاميركي في سجن ابو غريب او في غيرها من السجون خاصة وانكم تنادون بأنكم سادة وحماة حقوق الانسان؟،

واضاف النائب الخرابشه انه بالنتيجة ان النموذج الاميركي اصبح نموذجاً سيئاً وليس هو النموذج الذي تتمنى الشعوب ان يكون سائداً سواء في هذه المنطقة او غيرها، بل اصبحنا نعتقد بأن حرية الصحافة وحرية الاعلام هي حرية لكم داخلية لكنها ليست حرية للدفاع عن حقوق الانسان في كل مكان، اوالدفاع عن الانسانية وممارسة هذه الحرية بشكل حقيقي، وعليه فاننا نعتقد ايضا أن هذه الحرية اصبحت مزيفة وكما هو الحال بالنسبة للديمقراطية التي قال رئيسكم بانه يريد تصديرها الى منطقتنا ويا ليته لم يفعل، لانها جلبت لنا الدمار والاذى والضرر وخلقت حالة من عدم الاستقرار والاذى في صفوف شعوب هذه المنطقة.

واسطرد الخرابشه حديثه بالقول ماذا يمكن لنا ان نقول عندما تستغل امريكا ما يسمى بالارهاب بعد احداث 11 سبتمبر وتضغط على دول العالم لوضع قوانين الارهاب التي هي بالنتيجة تقيد الحريات سواء أكانت العامة او الحريات الخاصة او الصحفية، وتقوم امريكا بمعاقبة جميع الدول التي لا تقوم بسن مثل هذه القوانين لتتضمن نصوص قانونية عقابية تمنع الحريات وتسيء الى الحريات الصحفية بل وتعتدي على هذه الحريات.

أيضا من خلال استعراضنا لمجمل الممارسات الاعلامية الامريكية ماذا يمكن لنا ان نسمي انشاء البنتاغون عندما قامت الولايات المتحدة الامريكية بشن حربها على العراق بانشاء وحدة للخداع والتضليل والكذب لتسويق هذه الحرب وتزيينها وتجميلها في نظر المواطن الامريكي، والسؤال هنا هو اين دور الاعلام والصحافة الامريكية في ايضاح هذه الحقائق للمواطن الامريكي او دافع الضرائب؟. ثم الا تعتقد ان هنالك بعض الممارسات في بعض وسائل الاعلام الامريكية التي تدعو الى تعزيز الكراهية وسيء الى الاخر كما حصل في محطة فوكس نيوز التي استقالت منها مذيعتين عربيتين جراء ممارسات التمييز الواضح الممارسة بحق هاتين المذيعتين؟ ثم كيف يمكن ان يتم تعزيز الحريات في ظل اقرار الكونجرس لقوانين التنصت على المكالمات وعلى المواطنين او الممارسات الكثيرة التي تقوم بها الحكومة الامريكية ضد المواطنين الامريكيين من اصل عربي المقيمين على اراضي امريكا؟.

ايضا في ظل مركزية الاعلام الامريكي وفي ظل تملك هذا الاعلام من قبل بعض العائلات والمسيطرين وفي ظل السيطرة الكاملة على نشاطات هذا الاعلام الا تعتقد بان هذا يؤدي بالتالي الى التأثير في الرأي العام الامريكي سلبيا وتوجيهه كما يريد هذا الاعلام ومالكوه بعيدا عن الحقائق التي ندركها جميعا والتي تعتقدون انتم باننا بعيدين عن ادراكها او لا ندركها؟ اضافة لذلك الا ترى ان سيطرة راس المال والامبراطوريات الاعلامية الكبيرة التي يمتلكها اصحاب راس المال ويحتكرونها ايضا يؤثرون في سياسة الولايات المتحدة الامريكية في سبيل تحقيق اهداف احادية الرؤيا من خلال دعم اسرائيل على حساب المصالح العربية؟

واكد الخرابشه على ان سياسة اميركا بالمجمل في المنطقة تعطي صورة سوداوية وغير مرضية حتى انها احرجت اصدقائها، فاصبح هؤلاء وكل من يدور بفلك اميركا ومن يريد ان يدافع عن السياسة الاميركية اصبح غير قادر في ظل هذه السياسة وفي ظل هذه الممارسات ان يدافع عن قراراتها، وحتى الدول التي هي محسوبة على اميركا كان قادتها محروجين اثناء الازمة اللبنانية الاسرائيلية الاخيرة من شعوبهم جراء هذه السياسة التي لا تخدم مصالح امريكا ولا دول وشعوب المنطقة، ثم ايضا الا ترى بان هناك تضخيم لبعض المواضيع لتبرير سياسة الحكومة الامريكية بهدف تجميل وتزييف هذه السياسة مثلا من خلال الملف الايراني بينما هنالك دولة نووية وتمتلك رؤوس نووية وتشكل خطرا على استقرار المنطقة وهي اسرائيل ففي حين ان الاعلام الامريكي يتحدث عن خطورة الملف النووي الايراني فانه لا يشير حتى مجرد اشارة الى خطورة الملف النووي الاسرائيلي.

وفيما يتعلق بالإعلام الأردني قال الخرابشه انا اعتقد ان النصوص الدستورية المتعلقة بالاعلام في الاردن هي من احسن النصوص وهنالك تأكيد على ضرورة ان تكفل الدولة حرية الرأي وانه لكل اردني الحق بالاعراب عن رأيه بحرية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الاخرى، وادراكا لاهمية الصحافة اشير الى ان الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون، بما يعني بان حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير مستمدة من الدستور وبان القوانين الموضوعة هي قوانين تنظيمية وليست قوانين منشأة لهذا الحد، لدرجة ايضا ان الدستور الاردني قد اشار بانه لا يجوز تعطيل الصحف ولا الغاء امتيازها الا وفقا لاحكام القانون مما يعني إن النصوص الدستورية في حالة ممتازة، لكن انا اشارك الاخوان ان الاعلام الاردني بشكل عام بحاجة الى التدريب واعادة التأهيل وبحاجة الى المعلومات والى تغيير الذهنية عن هذا الاعلام من قبل المسؤولين لأن الاعلام هو اداة الديمقراطية الحقيقية وهذا لا يتم الا من خلال نضوج التجربة الديمقراطية التي اعتقد بانها لا زالت في بداياتها.

المبيضين: فضائية الحرة لا تنقل رأي الشعب الامريكي وتشوه بتحيزها صورته.

ومن جانبه قال الزميل حازم مبيضين ان الولايات المتحدة الامريكية تأخذ على دول العالم انها تنشىء اعلاما يعبر عن رأي الحكومة والولايات المتحدة لجأت الى انشاء فضائية تسمى بالحرة للتعبير عن وجهة نظر الحكومة الامريكية وليس لنقل رأي الشعب الاميركي وهي بالتأكيد تسيء الى صورة الشعب الاميركي بعدم حياديتها وانحيازها ولجوئها الى الانباء الخاطئة او المتحفزة سواءً في لبنان او في العراق، اضافة الى انها بحكم قيادتها تلجأ الى موظفين من فئة معينة من ابناء الشعب العربي سواء من حيث القطر او حيث الديانه.

د. الحموري: مجلس الأمن والأمم المتحدة دائرة صغيرة من وزارة الخارجية الاميركية

وفيما يتعلق بالنصوص الدستورية في الاردن قال الدكتور الحموري انها جميلة لانها تتحدث عن حرية الرأي والصحافة، وقرأ سعادة النائب بعض هذه النصوص لكن أريد ان اطمئن الضيف المبعوث من وزراء الخارجية الامريكية بان هذه النصوص مفرغة من مضمونها بموجب قوانين تقول ستنظم الحرية لكنها هي تسلب الحرية، واقول مثال يتعلق بقانون يسمى قانون المطبوعات والنشر والذي تقول أحدى مواده السيئة بأنه يجب ان يعرض على مدير المطبوعات والنشر اي مطبوعة كتاب وله حق الموافقة او الرفض ويمتد حق الرقابة الى منع شراء كتب من الخارج وتوزيعها على المكتبات لبيعها, ويحق للرقيب المنع استيراد كتب الى الجامعات لتكون بين يدي الطلبة حتى يستفيدوا منها.

اما فيما يتعلق بالرقابة الذاتية فانني اعرفها بمدى الخوف من السلطة, ولذلك حرية كل شخص تختلف عن الآخر تبعاً لدرجة خوفه من السلطة وهذا لا يعني بالضرورة خوفه من السجن بل خوفه على مصالحه او محاربته برزقه او عدم تنفيعه او توظيفه داخل الدولة, بل يمتد الامر الى حتى الوكالات عند المحامين حيث يتم اعطاء بعض الاشخاص وكالات عامة من الحكومة في حين يتم حرمان اخرون منها.

وفيما يتعلق بالولايات المتحدة قال الحموري لاننا نريد ان نكون واضحين أرجو ان تنقل الى وزارة الخارجية الاميركية انه اذا كنا في الاردن كدولة صديقة هذا هو شعورنا فكيف يمكن ان يكون شعور الناس المعادين اصلاً للولايات المتحدة, واقول في هذا المجال انني وبحكم معرفتي بالشعب الاميركي فانه شعب طيب جداً لكن عندما تأتي الى الادارة الاميركية فانه يمكن القول بأن حقيقة ما جرى لغاية الآن هي على النحو التالي، فانا كاستاذ قانون اقول بالعودة الى اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حضر تدمير المدن والقرى وقتل الابرياء ومنع المساعدات الانسانية عنهم واجبارهم على هجر مواطنهم، وينص بروتوكول جنيف بأنه يحظر الاعتداء على المدنيين وقصفهم بالقنابل وتعتبر هذه الاعمال مدانة في المجتمع الدولي, ولكن عندما نسمع وزارة الخارجية الاميركية او ادارة الرئيس بوش يقول عبارة المجتمع الدولي فاننا نشعر بأن هذا المصطلح يعني الولايات المتحدة وحدها وان باقي الدول ليس لها قيمة فاذا كانت الولايات المتحدة واسرائيل تحترمان ارادة المجتمع الدولي وتحترمان اتفاقيات جنيف فأين إدارة الولايات المتحدة من كل هذا الذي يعتبر جرائم حرب التي ترتكب في العراق وفلسطين ولبنان، فل
و كان الوضع بالنسبة لحزب الله او ما جرى في غزة معكوساً أي أن إسرائيل قامت باختطاف جندي مصري او جنديين أردنيين وقامت الأردن ومصر بشن هجوم على إسرائيل فهل يسمح لهما المجتمع الدولي ان تفعلا ذلك?

فقد أصبح كل مواطن عربي يرى ان مجلس الأمن والأمم المتحدة أصبحت دائرة صغيرة من وزارة الخارجية الاميركية تحركها كيف تشاء، ومن يقرأ قرار مجلس الأمن 1071 فاما ان يضحك واما ان يحزن, حيث توصف لبنان معتدية وتوصف اسرائيل بكل ما قامت به دفاعاً مشروعاً عن النفس فهل هذا معقول.

وفيما يتعلق بالصحافة الامريكية فأنا اتابع الصحف الاميركية واتمنى كقانوني ان ارى معلقاً واحداً في جريدة واحدة يقول هذه جرائم اقترفت بسلاح اميركي, في حين ان رايس التي كانت قد زارت المنطقة وكان مطروحاً ان يتم وقف القتال فقالت انه ليس بعد ولم يحن الوقت، وهذا يعني انها توافق على ان يكون هناك المزيد من القتلى من المواطنين المدنيين اللبنانيين, وذلك بحجة ان هذه الحرب ستولد شرق اوسط جديد لكن الحمد لله حتى الآن فان ما بذلته الولايات المتحدة لتحسين صورتها وجعل اسرائيل من خلال الضغط على الدول مقبولة عند المواطن العادي فقد عادت الولايات المتحدة الى نقطة الصفر بل اصبحت في كل ما تقوله او تقوم به مكروهاً.

واقول كلمة اخيرة وهي ان الارهاب عند اميركا هو ما تقول عنه ارهابي فهو ارهابي واستناداً الى هذا المنهج فقد حذت روسيا نفس النهج واتهمت بناءً على نفس المنطق حزب اردني مشهود له بالوسطية على انه حزب ارهابي.وهنا بت اتساءل لماذا منذ ان اعتلت اميركا عرش القوة في العالم لم يعد القانون الدولي قانون دولي وحتى ان الدساتير المستنيرة في اوروبا لم يعد لها وجود بسبب الضغوط الاميركية؟

الراشده: الانحياز الامريكي واضح في الاعلام والكونجرس والادارة لصالح اسرائيل

ومن جانبه قال الزميل رمضان الرواشدة اسمح لي ان اختلف معك فانت تعتبرنا تلاميذ صغار وللآن لا نعرف كيف يدار الاعلام الاميركي, انا التقيت بصحفي اميركي من جريدة باورلاندوا في فلوريدا كان مضطهداً من صحيفته ومن الجالية اليهودية وذلك بسبب انه كتب بعض المقالات عن الانتفاضة الفلسطينية التي كانت مؤيدة في وجهة نظرها للرأي الفلسطيني وليست منحازة كاملة.

واضاف الرواشده حقيقة نحن نطل على الصحافة الاميركية بشكل اوسع, ونحن مطلعون على مجموعة من هذه الصحف سواء عبر الترجمة او عبر مواقعها على الانترنت، وما تفضل به الضيف عن مصالح اللوبي اليهودي هو امر واقع في الولايات المتحدة لا يمكن لك ان تجمله ولا يمكن ان تقبحه لانه امر حقيقي، وفي الولايات المتحدة هناك صراع الآن كما قرأنا في دراسات حديثة عن اساتذة في جامعة هارفرد والمعاهد الاميركية تحدثوا عن المصالح الاميركية لماذا دائماً اميركا تدافع عن المصالح الاسرائيلية، لكن المشكلة ان الشعب الاميركي غير قارىء فهو مهتم بقضايا الاجهاض وقضايا الشذوذ الجنسي والمهاجرين وتعليم اطفالهم في المدارس والتأمين الصحي لأن آخر ما يهمه القضية السياسية، ولذلك وجدنا مجموعات من اللوبيات همها ان توصل اشخاص يعبروا ويؤيدوا وجهة نظرهم الى الكونغرس, ومن هنا يأتي دور منظمات مثل الايباك، فهل يجرؤ كاتب اميركي ان يقول رأيه بالصراع العربي الاسرائيلي بحرية دون ان ترفع عليه دعوى بتهمه باللاسامية, وهل يستطيع اي صحفي اميركي ان يتحدث بحرية عن قضايا الحرية.

اما اذا تحدثنا عن القمع الاسرائيلي للفلسطينيين والذي يتحدث عنه في الصحافة الاسرائيلية رغم ان لديها رقابة لكن الصحافة الامريكية لا تجرؤ على فعل ذلك، والصحافة الاميركية اثناء الحرب صدرت لها اوامر بعدم نشر اي شيء ما لم يكن مجازاً من الرقيب العسكري الاميركي, لستم انتم او ليست اميركا هي بذات الحرية الصحفية الواسعة بل اعتقد ان بريطانيا وفرنسا اهم من اميركا في حرية الصحافة..فالفرنسيون علمونا دروساً في الحريات في حين لم نتعلم من الاميركان دروساً في الحريات، فأنتم رغم ان لديكم نصوصاً قانونية في الدستور الامريكي تعطي حرية الرأي, ولكن على ارض الواقع فقد قرأنا عن قضايا مختلفة مثل طرد الاساتذة والباحثين من عملهم لمجرد اتخاذهم موقفاً منصفاً من قضايا الشرق الاوسط، بل ان هناك مؤلف يهودي اميركي اسمه بنيامين فرانكلشتاين كتب كتاباً اسمه اسطورة الهولوكوست فتم طرده من الجامعة التي كان يدرس فيها لمجرد انه ناقش موضوعاً يعتبر واحداً من المحرمات في السياسة الاميركية.

واكد الرواشده ان هناك انحيازاً في الاعلام والكونجرس والادارة ومختلف المؤسسات الاميركية لصالح اسرائيل، وحقيقة ان ما نتمناه على النخبة الاميركية ان تفكر بمصالحها معنا, كما يفكروا بمصالحهم مع اسرائيل, فنحن لا نقول بضرورة قطع علاقتكم مع اسرائيل, بل نقول لكم حسنّوا علاقاتكم معنا لديكم مصالح معنا اننا لسنا مدافعين اقوياء عن مصالحنا لكن سيأتي يوم نكون فيه قادرين على استخدام سلاح النفط والغاز وغيرها من الاسلحة ضدكم، لذلك نأمل منكم ان تحسنوا علاقاتكم معنا وان تستعدوا لمثل ذلك الوقت على اساس ان يكون بيننا وبينكم علاقات متوازنة, ادعموا اسرائيل كما تشاؤون لكن ايضاً حسنّوا علاقاتكم وانتبهوا جيداً لمصالحكم مع العرب.

الفراعنه: لسنا ثوريين ولسنا معادين للولايات المتحدة ولكن اكثرنا ليبرالية يشعر بالمرارة والاسى بل والهزيمة من سياستها في المنطقة

وفي هذا الاطار قال الاستاذ حمادة فراعنة دعني اقتصر فهمنا للسياسة الاميركية من خلال ما قاله عضو الكنيست الاسرائيلي قبل ايام قليلة في وصفه للسياسة الاميركية في التعامل معنا كعرب حيث قال "ان الولايات المتحدة تقدم لاسرائيل القنابل الذكية والسيدة رايس تقدم للبنان الاقتراحات الغبية", نحن جميعاً حتى في هذه الندوة لسنا ثوريين ولسنا معادين للولايات المتحدة ولكن اكثرنا ليبرالية في هذه القاعة يشعر بالمرارة والاسى بل والهزيمة من سياسة الولايات المتحدة الاميركية في التعامل معنا كعرب وكبلد مثل الاردن او لبنان يمكن ان تكون سياسته سياسة صديقة للولايات المتحدة، من وجهة نظري, الاعلام الاميركي باعتقادي على رغم الهامش الواسع للحرية المتاحة في اميركا اعتقد ان الاعلام الاميركي يعكس في تعامله معنا السياسة الرسمية للولايات المتحدة.

ماكرو: انا لست هنا لادافع عن سياسة الولايات المتحدة الخارجية

في معرض رده على مداخلات المشاركين قال ديفيد ماكرو: انا لست هنا لادافع عن سياسة الولايات المتحدة الخارجية لأنني لست في موقعي ولا في مهمتي معني بهذا الامر، ولكن يسرني ان اتحدث عن المواضيع التي اعتبر نفسي مختصاً واستطيع ان اتحدث فيها مثل استقلالية الصحافة والاعلام في الولايات المتحدة والحريات الصحفية والتغطية الصحفية والاعلامية في الولايات المتحدة.

احد الاشياء التي تعلمتها اثناء دراستي للحقوق في الجامعة هي ان لا اختلف مع استاذي في القضايا القانونية, واعتقد ان هذا الموضوع في الاردن هو نفس الشيء فيما يتعلق بالاستاذ الدكتور محمد الذي اقدر حديثه الذي ينم عن معرفته الجيدة بالدستور والقوانين الاميركية، لا يمكن ان ادعي بأنني سأعود الى الولايات المتحدة لاقول كيف ان صحيفة الرأي تغطي المواضيع في الاردن والاحداث في اميركا لأنني لم اقرأها ولا استطيع قراءتها, وبالتأكيد لن يكون من الحق من ناحيتي ان اقول هذا لأنني فقط استمعت لاراء بعض الناس ولكن احيي الاستاذ الدكتور على ما قاله لأنه يقرأ الانجليزية وهو يتحدث عن شيء يعرفه.

ولكن دعوني في البداية أتحدث عن تغطية وسائل الاعلام الاميركية للأحداث في الشرق الاوسط, فقد كان مراسل نيويورك تايمز في اسرائيل في الفترة 200-2004 صحفي يدعى جيمس بينت, وتقريباً كانت كل المؤسسات اليهودية والصهيونية تطلب من الصحيفة تغيير مراسلها في اسرائيل, لانه كان متعاطفاً مع الفلسطينيين لكن الصحيفة رفضت ان تغيره او تستبدله، وفي تغطيته الاخيرة للغزو الاسرائيلي للبنان كان الكثيرون في الولايات المتحدة ينتقدون الصحيفة لانها لم تقم بتغطية هجمات حزب الله على اسرائيل.

وفي الحقيقة انا اجد نفسي في معضلة فأصدقائي العرب يقولون بأن صحيفتنا مع اليهود بينما يقول اصدقائي اليهود بأن الصحيفة هي متحيزة للعرب فهل نصدر صحيفتين لنرضي الجميع، ومع ذلك فإن ما يجب الاعتراف به أننا نحاول دائماً ان نرضي الطرفين، ولا يمكن ان نرضي كل الاطراف لانك تحاول ان ترضي هنا مرة وهناك مرة اخرى في تغطية الحقيقة, ولكن قد تكون الحقيقة موجودة بالوسط بين الاثنين وهذه طبيعة الامور، والمهم اننا نحاول ان نوسع تغطيتنا وان نغطي كل الاحداث في المنطقة بما يرضي الجميع ولكن قد يكون هناك في النهاية مشكلات او نقص فيها.

لكننا في نفس الوقت علينا ان نواجه ونحارب بعض النمطية في السلوكيات والافكار في اميركا مثلاً بعضهم يعتقد ان الزرقاوي بما انه من الاردن معنى ذلك ان الاردنيين كلهم ارهابيين بالنسبة لهم لذا علينا ان نواجه هذا التفكير، وفي الواقع ان هذه النمطية نحن نواجهها في اميركا حيث يعتقد بعض الناس بأنه طالما انني اميركي فان هذا يعني انني اوافق على سياسة الرئيس بوش.

واضاف ماكرو دعوني اتحدث عن حرية الصحافة والاعلام في الولايات المتحدة, فبداية لا يمكن ان نحكم على حرية الاعلام والصحافة في بلد ما من خلال قراءتنا لصحيفة واحدة في ذلك البلد، لكن هناك العديد من منشورات الصحف والمجلات وتجد تنوعاً كبيراً فيها فبعضها يدعم الحكومة الاميركية وبعضها يدعم حزب الله وبعضها يدعم اسرائيل وهكذا، فمثلاً قبل فترة بسيطة في احدى المواقع الالكترونية هاجموني شخصياً لأنني كنت باسم الصحيفة قد رفعت قضية ضد حكومة الولايات المتحدة وأحدهم كتب بأنه يجب على صحيفة النيويورك تايمز ان تعتبر نفسها في دولة اجنبية حتى تتمكن من شن حربها على الولايات المتحدة، وهنا اود ان اطرح سؤالاً وهو لو كانت صحيفة نيويورك تايمز تسيطر عليها حكومة الولايات المتحدة فلماذا اذاً تم وضع جوديت ميلر في السجن! واذا كنا فعلا تسيطر على صحيفتنا حكومة الولايات المتحدة فكيف يسمحون لنا بوضع اعلانات لحزب الله في الصحيفة! ولو كانت الحكومة تسيطر على الصحيفة, فلماذا نرفع قضايا على الحكومة باستمرار, ولماذا كشفت الصحيفة عن بعض الاسرار الحكومية المتعلقة بقضايا التجسس وقضايا أخرى.

اما فيما يتعلق بالاستقلالية فقد قال ماكرو لا ادري ما الذي قاله البروفسور عن الاستقلالية وانا لست هنا لأعلق على ذلك، لكن لنتحدث عن الاستقلالية, كل صحف العالم لها مالك, فقد تملكها الحكومة او مؤسسة او مساهمون ولا يمكن لصحيفة ان تخرج لوحدها فكل صحيفة لديها جهة تملكها وسواء كان الاعلام او الصحف في اميركا تسيطر عليه الحكومة او غيرها فإنه يمارس عليه تأثير من جهة ما اما من الرأي العام او من جهات اخرى كما تعلمون، واللوبي الصهيوني قوي جداً في اميركا وهم ليسوا مسرورين من كتابات واعمال النيويورك تايمز واذا كان بودهم السيطرة عليها فانهم لا يستطيعوا، ومع ذلك فإن علي ان اعترف ان هناك العديد من المنشورات والمطبوعات في اميركا لا تفهم العالم العربي وبعضهم ايضاً متعاطفون جداً مع اسرائيل، لنعترف ان لدى الناس في اميركا الكثير ليتعلموه عن الشرق الاوسط والعالم العربي، انني اعترف بأن هناك جهلاً كبيراً في الولايات المتحدة ولدى الشعب الاميركي بما يحدث في منطقة الشرق الاوسط وامامنا الكثير للتعلم وتعليم الغير في اميركا عن المنطقة. واقول لو قمنا الآن باستطلاع رأي الناس في الولايات المتحدة وسألناهم فيما اذا كانوا يعرفوا بأن هناك اتفاقية سلام للاردن مع اسرائيل, فبالتأكيد ستكون النتيجه سلبيه، وهذا يؤكد على انه ما زال هناك الكثير لنتعلمه عن بلدان وقضايا ومشكلات الشرق الاوسط المختلفة.

قبل ان انهي اود ان ذكر موضوعاً مهماً وقد ذكره بعض الزملاء عن عدد الصحفيين الذين يسجنون في اميركا والذي يفوق عددهم من يسجنون في الاردن لا ادري كم هو عدد الصحفيين الذين سجنوا في اميركا ولكن في الاردن خلال ثلاثة ايام التقيت بصحفيين من الذين سجنوا هنا، اما بالنسبة لموضوع جوديت ميلر فهي لم تسجن بسبب مقال نشرته او كتاب كتبته بل دخلت السجن بسبب رفضها الكشف عن مصدرها.