الراي للدراسات يتبنى نقاشاً حول مشروع الإصلاح الإداري

11/08/2021

👍🏼
(الرأي للدراسات) يتبنى نقاشاً حول مشروع الإصلاح الإداري - صحيفة الرأي
بالتعاون مع مجموعة طلال أبو غزالة
(الرأي للدراسات) يتبنى نقاشاً حول مشروع الإصلاح الإداري
أدارها: هادي الشوبكي
حررها وأعدّها للنشر- إبراهيم السواعير


تبنّى مركز الرأي للدراسات نقاشاً عاماً حول مشروع الإصلاح الإداري، طرحه د.طلال أبو غزالة بالتعاون ما بين المركز ومجموعة طلال أبو غزالة، خلال محاضرته التي حملت عنوان «آليات الإصلاح الإداري»، وحظيت بنقاش نخبوي في جوٍّ من الحوار، حضره مدير عام المؤسسة الصحفية الأردنية الرأي جهاد الشرع، وعدد من أعضاء مجلس الإدارة، وأكاديميّون وكوكبة من رجال الاقتصاد والإدارة والإعلام.

واستهلّ أبو غزالة «نحن في مرحلة خير، فعندما يقول سيد البلاد نريد إصلاحاً إداريّاً، أقول لجلالته: نحن معك، ونحن جندك في عملية التصحيح والإصلاح؛ ومن هنا، أتمنى شراكةً مع مركز الرأي للدراسات وأن نقود حملة فكرية من أجل ذلك».

صناعة المستقبل..

وخلال المحاضرة والنقاش الذي تلاها، والذي استمرّ أكثر من ساعتين، ظلّ «المستقبل» هو الفكرة المهمّة ذات الأولويّة التي ينشدها د. طلال أبو غزالة مؤسس ورئيس مجموعة طلال أبو غزالة، وفي هذا السياق استذكر أجمل ما كُتب عنه بقلم الوزير الأسبق الاقتصادي د.جواد العناني، في مؤلّفه «رجل من المستقبل»؛ عارضاً لرفقة طويلة مع العناني قاربت نصف قرن.

من ذلك، انطلق أبو غزالة متحدثاً عن القادم؛ منبّهاً إلى أنّه مواطن في نهاية الأمر؛ له رأيه الخاص؛ مؤمناً بالتنوّع والاختلاف وتعدد وجهات النظر: «أنا مواطنٌ، له الحقّ في أن يبدي رأيه، ولا أريد أن أقيّم أناساً أو حكوماتٍ أو أنظمة».

ورأى أنّ ثمة مقترحات مهمّة يمكن أن نؤسس من خلالها لهذا المستقبل؛ انطلاقاً من توجيه جلالة الملك والتي من أهمّها موضوع الإصلاح الإداري، بالإضافة إلى رؤى جلالته في متعلّقات الإصلاح السياسي والأنظمة الحزبيّة.

«كلّ دروسي تعلّمتها من الحكماء الذين اهتديت برؤاهم وسرتُ عليها؛ فأنا تلميذٌ يتعلّم يوميّاً»، قال أبو غزالة، لافتاً إلى الرأي القائل بأنّه لا يمكن لمن خلق المشكلة أن يكون جزءاً من حلّها، مؤكّداً في هذا السياق أن يتم الإصلاح من جهة مستقلّة ليست سبباً في المشكلة قيد الإصلاح أصلا.

الثقافة السائدة..

وأكّد أبو غزالة في هذا الموضوع، ضرورة أن تتغيّر ثقافة معاكسة عن القطاع الخاص، وهو ما وجّه إليه جلالة الملك منذ زمن، بالشراكة مع هذا القطاع، وفي ذلك قال: «القطاع الخاص مهم جداً في كل العالم، مع احترامي لكلّ من عمل في القطاع العام، فأنا أقدّره وأتعاطف معه، وأراه قد قدّم حياته لخدمة الوطن؛ لكنّ القطاع الخاص هو من يصنع المعرفة، ويصنع الثروة كذلك، والحكومة تدير هذه الصناعة والثروة أيضاً، ولكنّها لا تصنعها».

ودلل أبو غزالة بأنّ صناعة الناتج القومي هي من القطاع الخاص؛ متسائلاً عمّن يفكّر بتجريد هذا القطاع من هذا الدور، لافتاً إلى أنّ جلالة الملك عندما نادى بالشراكة مع القطاع الخاص، فاجأتنا الحكومة بمشروع اعتبرته هو الحل في تشكيل مجلس حكومي للشراكة مع القطاع الخاص، معبّراً عن رأيه في ذلك: »..يومها، لم أعرف هل أحزن أم أضحك؛ حين تأسس مجلس رئيسه من الحكومة وأعضاؤه من الحكومة وقراراته من الحكومة؛ وهدف هذا المجلس هو صياغة الشراكة مع القطاع الخاص!».


شراكة القطاعين..

فالشراكة أن أكون أنا وأنت متساويان، كما قال أبو غزالة، وهو يستعيد مناصب شغلها في الأمم المتحدة ومثّل فيها القطاع الخاص، معرباً عن اعتزازه بأنّ «كوفي عنان» - في بداية عهده- طلب منه نصيحةً؛ فكانت أن يدخل القطاع الخاص، باعتباره صانعاً للثروة والمعرفة، ويمكن الاستفادة منه، فليس مطلوباً منك أن تدفع رواتب أو مصاريف لهذا القطاع، بل معرفة مجّانيّة، وفي حالتنا نحن لم نحقق شيئاً في مجال الشراكة مع القطاع الخاص.

كما أننا نحتاج إلى المؤسسات الاقتصادية التي تُمثّل مقابل ممثلين عن الحكومة من القطاعات التي لها علاقة بالاقتصاد، ووزارات مثل: العمل، التجارة والصناعة، الاقتصاد الرقمي، وفي هذا السياق، أبدى رأيه حول «الاقتصاد الرقمي»، بقوله: » الاقتصاد الرقمي لم نرَ منه شيئاً؛ وللأسف فهو لا يتم بقرار من وزارة الاقتصاد الرقمي، لأنّ الموضوع يبدأ من الثقافة الرقمية، وليس أن نفتخر مثلما تقول بعض الدول بأنها جعلت شرطاً في أن يجتاز الطالب الخريج من الجامعة المعرفة الرقمية!»، مؤكّداً أنّنا إذا كنّا نريد موضوع «الحكومة الرقمية»، فإننا لم نوفّق فيه، متحدثاً عن اجتهاد وحلٍّ مقترح.

«الاقتصاد الرقمي»..

وحول هذا الموضوع قال أبو غزالة إنّه ناقش وزير «الاقتصاد الرقمي»، والتي كان اسمها وزارة «الاتصالات»، وسمع منه أنّنا أنجزنا إنجازات هائلة في مجال الحكومة الإلكترونية، ولكنّ المواطن لا يعرف عنها، فتساءل أبو غزالة حول هدف الحكومة الإلكترونية، معلّقاً بشأن تعريف الحكومة الإلكترونية، وتسمية حكومة كندا مثلاً مسمّى حكومة تقديم الخدمات، وهو المسمى الأفضل للمواطنين إلكترونياً، وليس الحكومة الإلكترونية.

ولفتَ أبو غزالة إلى رؤية جلالة الملك المبكّرة حول الحكومة الإلكترونية، فيما تتعدد القوانين والمؤتمرات حول التحوّل الرقمي وتقديم الخدمات، وحول هذا المفهوم ساق مقارنات بين الدّول وطموحاتها في موضوع الحكومة الإلكترونيّة، مؤكّداً كيف تجري التصاريح والإقامات باتصالات إلكترونيّة، لا نذهب خلالها إلى مكان أو نقابل مندوباً أو نطلب من مسؤول، وهو ما وجده تقدّماً يجب أن نطبّقه ونسعى إليه،.. وكلّ هذا يصبّ كما رأى في مصلحة الناتج القومي في نهاية المطاف.

«الحكومة الإلكترونية»

وقال إنّ الممانعة ومقاومة هذا التقدّم مشكلة كبيرة، معترضاً حتى على كلمة «حكومة إلكترونيّة»، فأميركا تسميها «الإدارة»، إدارة شؤون البلد وخدمة المواطنين؛ فيما نحن نعتقد بأنّ كلمة حكومة تحمل في مضمونها حاكماً؛ فأنا في النهاية من يقرر وأنا من يعمل وفقاً للمفهوم الحديث والموضوعي لكلمة إدارة بدلاً عن حكومة، موضّحاً بأنّ الاسم يعطي إيحاءً خاطئاً بأنّ الحكومة هي للحكم، وهي ليست كذلك، بل هي لتقديم الخدمات للمواطنين، ومشكلتنا هي أننا- كما قال أبو غزالة، لا نسائل أيّ فرد في القطاع الإداري وموظفي الدولة على موضوع الإنتاجيّة، مؤكّداً حق المواطن في أن يُحترم، وأن يردّ على رسائله، وواجب المسؤول أيضاً أن يُسأل وأن يجيب على تساؤلات المواطنين.

وفي تأكيده على أهمية ردّ الموظفين على رسائل المراجعين والناس، وإلزام الوزراء بالاهتمام بذلك، ساق أبو غزالة موضوعاً شخصيّاً مع إحدى الوزارات في موضوع حقّ المواطن في الحصول على المعلومة، ذاكراً أنّه مكث ثلاثة أشهر وهو يحاول أن يصل إلى «المعلومة» بالمراسلة والمتابعة دون جدوى؛ فلجأ لوزارة العدل لتصدر المحكمة أمراً بذلك،.. ومع ذلك، كان ردّ الوزارة المعنيّة بأنّ أمر المحكمة لم يحدد ما هي المعلومة!!..

الإنجاز والرقابة

وانتقل أبو غزالة للحديث عن موضوعٍ إداريٍّ مهم ذي صلة، وهو موضوع «الرقابة»، مؤكداً معنى أن نراقب مشاريعنا الحكوميّة وأن نفطن إلى مددها الزمنيّة وسيرها السير الطبيعي في هذه المدد، ذاكراً مشروع «الباص السريع» في القطاع العام.

ورأى أنّ الرقابة على التنفيذ والأداء مسألة في غاية الخطورة، إن نحن تركنا الأمور تسير على غير برنامج، أو خطٍّ زمني، متحدثاً عن إيلاء مجموعة طلال أبو غزالة لهذا الجانب العناية الكبرى، من خلال الرقابة على الإنتاج ونسب العمل المنجزة، في مكتب المجموعة الإقليمي.

«إذا عيّنتك دون أن تنتج؛ فأنت تأخذ أجرك بغير حق»، قال أبو غزالة، معتبراً ذلك موضوعاً حسّاساً؛ حفاظاً على مصالح الشركات والعمال، ومنتقداً الفهم السائد بأننا نخدم العامل ونريحه بالعطلة. ورأى أنّ كثيراً من العطل هدرٌ للإنجاز والإنتاج، وعن نفسه، قال إنّه يشتغل سبعة أيّام في الأسبوع، أما يومي الجمعة والسبت فيعمل فيهما أكثر من أيّ يومٍ آخر، فكأننا نقدم الرشوة للعامل حين نقوم بتعطيله، كما رأى، لأنّ الإنتاج يُقاس بالساعة وكلفها المحسوبة، فعند الخسارة قد لا نجد أجراً نعطيه للعمال.

ورأى أبو غزالة أنّ هذه ثقافة قد لا تناسب الكثير من المسؤولين، ويجب أن تصل إلى الحكومات، فازدهار الشركات هو دائماً لمصلحة العامل، فإذا ربحتُ سيربح هو معي.

وفي موضوع التحوّل الرقمي، الذي اشترط له أن يبدأ بالتعليم، استعاد أبو غزالة ذاكرة أربعة عقود من العمل مع الولايات المتحدة، ففي عام 1988 ترأس أول مؤتمر في الأمم المتحدة حول تغيير التعليم، كما ترأس سنة 2001 فريق عمل الأمم المتحدة الذي وضع سياسة التحول الرقمي في العالم.


التحول الرقمي..

ومن هذه الخبرة، أكّد أبو غزالة أنّ التحول الرقمي ليس مطلوباً فقط، بل هو حتميٌّ وإجباري، متعجّباً: جاءتنا «الكورونا» وأجبرتنا، وجاء خبير يبشّرنا ويبشّر الأساتذة والطلبة بأنّنا قريباً سننتهي من الكورونا ونعود إلى التعليم الحقيقي في الصفوف!.. وفي هذا السياق، قارن أبو غزالة بين الألواح والطباشير كتعليم في المدارس ومواكبة العصر الحديث، مؤكّداً أنّ عملية التحول الرقمي لا تتم بوزارة، بل تبدأ بالتعليم من الصف قبل الأول الابتدائي، فأولادنا وهم في حضن أمهاتهم يأخذون الجهاز الذكي ويتعلّمون عليه بأصابعهم؛ فلماذا أعطيهم طبشورة وأقول لهم بأن يكتبوا على اللوح؟!.. فالتحوّل الرقمي ليس «مرسوماً»، كما انتقد أبو غزالة شروطاً في إنشاء الجامعات ربما يُصرف عليها الكثير ولا يأتي إليها أحد.

«إن لم يتحول كل طالب ليصبح رقميّاً فلا يوجد تحوّل رقمي، ولا توجد حكومة إلكترونية؛ حتى الشعب يجب أن يكون إلكترونياً»، والذي فعلناه أننا أنشأنا حكومةً إلكترونيةً دون أن يعرف الناس، وهو أمرٌ يجب أن نتعلّمه منذ طفولتنا، قال أبو غزالة، مضيفاً أنّ هذا الكلام أصبح من الماضي وليس بشيءٍ جديد، موضحاً أنّ الجديد الذي دخل هو ثورة المعرفة؛ وثورة المعرفة أكثر من ثورة التحول الرقمي، وفي هذا السياق استذكر ما قاله في ندوة سنة 75 بجانب بيل غيتس، وسأله كيف يصف هذا القرن بكلمتين، فقال غيتس إنّه الذكاء الاصطناعي، ليصحح أبو غزالة في حينها بأنّه الذكاء التقني وليس الاصطناعي.


الذكاء الاصطناعي..


وتابع أبو غزالة: الطالب الذي في الأول الابتدائي يجب أن يدرس ما هو الذكاء الاصطناعي؛ والجامعي يجب أن يمارسه ويتعلم كيف يستعمله في كل المجالات، في التعليم والزراعة والطب وفي كل موضوع، وبعد ذلك يأتي موضوع «كيف يخترعه»، ونحن في كلية طلال أبو غزالة للابتكار لا يتخرج الطالب بامتحان، بل باختراع، في الدواء أو الكهرباء، أو غير ذلك، وسنخرّج في نهاية هذا الصيف أول مجموعة بعدد قليل.

فالجامعة كما رأى هي حاضنة ابتكار، والطالب يجب أن يخرج من نظرية «الكُتّاب» التي ما زلنا نمارسها؛ بوجود طالب وأستاذ وكتاب وامتحان على الحفظ، وكلّ ما تغير من أيام الكتّاب للآن هو أننا نجلس الطالب على الكرسي!!

«لا أذكر كلمةً مما درسته في الجامعة الأميركية!»،..قال أبو غزالة، مؤكّداً ذلك من خلال محاضرة في جامعة هارفارد، انتقد فيها تحفيظ الطلبة، بقوله: اعطوني أستاذاً عنده معلومة يقدّمها للطلاب غير موجودة لديهم؛ فالطالب مطّلع أكثر من أستاذه، فهو موجود 24 ساعة مع الجهاز الذكي، والأستاذ عنده أكثر من مسؤولية!

كما انتقد وضع المعلّم وظروفه الماديّة الصعبة، وتأثير ذلك على التعليم، في ظلّ عقليّة ما تزال موجودة هي عقلية الكتّاب!

تطور العالم..

وفي السياق ذاته، ذكر أبو غزالة أنّ ابنته تدرس في جامعة هارفرد، ومن حضوره الشخصي هناك، أشاد بتقدّم التعليم قياساً إلى دول أخرى، في مواضيع مهمّة، منها على سبيل المثال كيف تحسب قيمة الأميال والنقاط في الطيران والفنادق، موضّحاً أنّه يصعد الطائرة بالمجان، بتذكرة غير مدفوعة الأجر، بل هي مجمّعة بأميال من رحلات أخرى، متعجّباً: كيف ندخل ذلك في دفاتر شركة الطيران، وكيف لي أنا أن أدخلها في دفاتري؛ فلا أستطيع أن أقول إنني سافرت مجاناً، بل هناك تكلفة!.. مهتماً بوجود صف مدرسي الأستاذ فيه وخلال 50 دقيقة لم يتكلم 5 دقائق؛ فقط كان يسأل الطلبة ليفكروا ويجاوبوا، فهو لم يجعلهم يحفظون ماذا تكون الإجابة!

فعملية التعليم هي الأساس، وأصبح من الواجب أن يجلس الخبراء في التعليم، أما الوزارة فلديها عمل آخر تؤديه، قال أبو غزالة، مضيفاً أنّنا نسمع كثيراً عن نظام «الفوترة الإلكترونية»، وفي المقابل هناك طرح مناقصات أو إلغاء لها، وهو ما رآه يكلّف الدولة تكلفة هائلة، مؤكّداً أنّ عدم تنفيذ نظام الفوترة يسهّل عمل أي شخص يقوم بعمل إنتاجي، على شكل أجر أو شراء بضاعة أو خدمة، حين تكون هناك فاتورة وتذهب للضريبة على الفور، على الإنترنت، وهذا طُبق الآن في كل دول الخليج وفي مصر، ونحن ما زلنا ندرس القانون. «هذا هو الإصلاح الإداري، وهذه المشكلة التي نواجهها: يأتي مسؤول وهو من يقرر ولا يشاور!»، انتقد أبو غزالة، في قراءته لموضوع كورونا، ورأيه في فبراير 2020، وإعلان منظمة الصّحة العالمية بأنّ هناك أربع سنوات على الأقل لها، مؤكّداً أننا أمام أزمة صحيّة مستمرة لن تحل إلا في حالة واحدة، هي أن يجري تطعيم كل سكان العالم في وقت واحد!...فلا نستطيع أن نغلق البلد أو الحدود.


امتحان كورونا..


بعد ذلك، تحدث أبو غزالة عن نجاعة التطعيم ضد وباء كورونا، كمشروع تجاري: لكم أن تتخيلوا هذه الصناعة التي هي أكثر ازدهاراً في الدنيا، صناعة الأدوية ومكافحة كورونا، في زيّ الممرضين والممرضات والمستشفيات والعيادات، وأجهزة التنفس ذات الثمن الضخم، فكم كمّامة بيعت كصناعة هائلة!

وفي حديثه عن قمّة السبعة الكبار، كدول اقتصاديّة كبيرة في العالم، تساءل أبو غزالة في المقابل: أين الصين؟!.. والهند؟!.. ليسوق في ذلك عدد السكان في هذه الدول والتقدّم وإدارة العالم وجرعات اللقاح المتبرّع بها قياساً إلى عدد سكان العالم.

وفي موضوع آخر، أكّد أبو غزالة قيمة النجاح الاقتصادي والمالي وإدارة الأعمال والمشاريع الناجحة، فهو، كاقتصادي ورجل أعمال، يرى أنّ علينا مسؤوليّة ألا يخسر «البزنس»، كما يجب أن ندرس حلولاً طويلة الأمد للتعامل مع المشروع.

ميثاق النزاهة..

وعبّر أبو غزالة عن اعتزازه بمشاركته السابقة مع فريق إعداد ميثاق النزاهة، بتكليف من جلالة الملك، من خلال اللجنة الملكية للنزاهة، وصدور ميثاق النزاهة، مضيفاً: لو يُعطى هذا الميثاق الذي أقره جلالة الملك وصدر بقانون، الاهتمام وأن يُطبق، وأحد مبادئه الرئيسية التي أُصرّ عليها، التحول الرقمي، لكنّا أمام بوابات نجاح كبيرة، فهو لا يتم بقرار وزاري من هنا وهناك، وهو عملية متكاملة وتعليم وقوانين وسيادة قانون ونزاهة ورقابة على الإنتاجية، وكل شيء سيكون سهلاً ونستطيع مراقبته.

وختم أبو غزالة حديثه، متناولاً موضوع البطالة والجرائم الإلكترونية؛ فالجرائم الالكترونية برأيه يمكن أن نعمل شيئاً تجاهها، ذاكراً أنّه ترأس أول مؤتمر لحوكمة الإنترنت، أي لوضع ضوابط عليها، مستذكراً رأي المندوب الأميركي آنذاك بأنّ الإنترنت فضاء آخر ولا توجد حدود له ولا سيادة ولا قانون، بل ولا يستطيع أي أحد أن يسيطر عليه، بينما أيّد أبو غزالة القانون الذي يجرّم من يسيء إلى إنسان في سمعته أو إلى الدولة وسيادتها وأمنها، فهذا قانون داخلي، وفي هذا الموضوع فقد تشكّل في منتدى طلال أبو غزالة فريق قدّم أعضاؤه اقتراحات مهمة، من الحكومة والقطاع الخاص.

البطالة والقانون..

أمّا البطالة، فهي ليست قرار توظيف أو عدم توظيف أو قانون عمل، بل هي قضية إنتاج، كما رأى، مشدداً على أنّ إلغاء البطالة يتم بزيادة الإنتاجية وليس بالقوانين والتشريعات، مناقشاً موضوع الضرائب، وزيادة الدَّيْن والفائدة والعجز في الميزانية في قروض البنك الدولي، وانعكاس كلّ ذلك على زيادة البطالة.

النقاش

وفي نقاشاتهم، رأى نائب رئيس الوزراء الأسبق الكاتب د.جواد العناني أنّ كلمة «الاقتصاد الرقمي» لن تكون كلمة خاصّة، متحدثاً عن التطور الهائل في هذا المجال، لافتاً إلى دراسة قام بها كمقارنة بين نصيب الفرد الأردني من ساعات العمل المبذولة بالإنتاج في الأردن فوجدها تساوي سدس نصيب الإسرائيلي، كمصدر من مصادر القوة في ساعات العمل المبذولة في الإنتاج، وهذه هي القوة بالعلم والمعرفة والإبداع.

وفيما يتعلّق بالبطالة، قال العناني إنّه لا يمكن لعقل بشري أن يقبل ما يطال الاقتصاد من ضعف وهشاشة في الوقت الحالي، فهو بحاجة لعملية رفع،.. لكنه يوفر مليوناً و200 فرصة عمل لغير أردنيين ولا يوفرها سوى لـ 400 ألف أردني،.. وهذه واحدة من التناقضات التي يجب أن تستوقفنا وأن نفكر بها عميقاً حتى نستطيع أن نخرج من أزماتنا.


التطوير الإداري..

وأكّد أستاذ الإدارة العامة في الجامعة الأردنية د.عبدالحكيم أخو ارشيدة أنّ الأساتذة الأردنيين، هم من أسسوا النظم التربوية في كافة الدول الشقيقة وهم محلّ اعتزاز، متسائلاً: لماذا وصلنا الآن إلى الترهل والتراجع؟!

وفيما يتعلّق بموضوع الإصلاح الإداري، رأى أخو ارشيده أنّ من الأفضل تسمية ذلك بالتطوير الإداري، متحدثاً عن إعادة برمجة وإعادة تأهيل للكوادر البشرية وإعادة نظر ببعض التشريعات الناظمة للعمل الإداري.

وقال أخو ارشيدة إنّ الإدارة العامة في الأردن قد تكون تراجعت في العقود الأخيرة، بسبب التدخلات والضغوطات التي مورست من قبل متنفذين وقيادات اجتماعية في موضوع ما.

وحول البطالة، رأى أخو ارشيدة أنّها يمكن أن تُحلّ بقانون، كما نبّه إلى أنّ القطاع العام مهم جداً وهو بمثابة الضابط من خلال أدواره التحفيزية والرقابية.

وسأل مساعد رئيس هيئة الاعتماد لشؤون الجودة د. زيد البشايرة: هل هناك نفقٌ في الإصلاح، وإلى أين نسير في هذا المجال؟!

«ناجح/ راسب»..

ورأى الإعلامي محمد بركات الطراونة أنّ الإصلاح الإداري لم يكن أولوية في يوم من الأيام، فقد أخذنا الحديث عن قانون انتخاب وقانون أحزاب، وعن التنمية السياسية وحرية الرأي والتعبير، وغفلنا عن علم مهم يدير كل هذه الأمور، وهو الإصلاح الإداري وعلم الإدارة، فالإدارة فن قائم بذاته.. مناقشاً قانون أحزاب لم نصل لصيغة له منذ عشرين سنة. وكذلك غياب المنافسة بين الطلبة في ظل «ناجح/ راسب» في المدارس.

وتحدث الصحفي فيصل الصويص (هوى الفحيص)، عن أسباب الترهل الإداري، في العشر سنوات الأخيرة، ولماذا لا يكون المواطن الأردني قادراً على أن يكون قيادياً في اختصاصه ومجاله، لمشكلة اقتصادية وسياسية واجتماعية، بسبب التركيز على القوانين ونسيان الإنسان.

وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل إنّ قضية الوقت مهمّة جداً أمامنا نحن العرب، خصوصاً وأنّ المعرفة تتضاعف كل 4 سنوات، ورأى أنّ مشكلتنا تبدأ من التعليم، متحدثاً عن المثال الكوري في السبعينيات وبدايات النهضة، ونوعية إنتاج التلاميذ والمعارف التي يحملونها، محذراً من أنّ التعليم دون عمل، سيفقدنا الكفاءة التي تعلمناها في المدارس والجامعات.

الإدارة والفساد..

ورأى منسق برنامج كرسي الملك الحسين بن طلال في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، د. راكز الزعارير أنّ الإدارة تراجعت بشكل واضح في الأردن وفي منطقة العالم العربي كله، محذّراً من خطورة الفساد، متسائلاً: من يسيطر على من، الفساد أم الإدارة؟!!.. وقال إنّ تراجع الإدارة ولّد لدينا الفساد، كما يظهر في أكثر من استطلاع للرأي العام.

وتساءل رئيس جمعية عون الثقافية أسعد العزام عن موضوع عدم الاستقرار التشريعي، في ظلّ دخولنا المئوية الثانية، مؤكداً أنّ الفساد الإداري هو بوابة كلّ فساد، متناولا قضايا التعيين وما يصبّ في هذه المواضيع.

ورأى أستاذ العلاقات العامة والإعلام في الجامعة العربية المفتوحة د.فيصل السرحان أنّ هناك إشكالية في الاتصال التنظيمي في مؤسساتنا، مبيناً أنّ حالة «التأشكل» ناتجة عن رئاسة هذه التنظيمات أو المنشآت، فلدينا اتصال صاعد وهابط وأفقي، كما أنّ غياب مفهوم هذه الأنماط الثلاثة من الاتصال في مؤسسانا سواء في القطاع العام أو الخاص أدى بنا إلى أن نتراجع.

وتحدث الباحث في دائرة الافتاء العام د.أحمد نعيم عن موضوع حق الحصول على المعلومة والمساءلة والثورة الرقمية، وكيف يتحوّل أبناؤنا من التعليم التقليدي إلى الإلكتروني، متسائلاً: هل المشكلة كانت في التعليم التقليدي أم في عدم استخدام المعرفة أو الأدوات المعرفية الحديثة ووجود مدربين على ذلك.

الردود

الثورة المعلوماتية..

وفي ردّه على الأسئلة التي تلت المحاضرة، قال د.طلال أبو غزالة إنّه متفائلٌ بالمستقبل، متحدثاً عن عصاميّته لاجئاً في عشر سنين من عمره، والظروف التي اجتازها، في فترات الدراسة الصعبة وفيما بعد، فالإنسان صاحب قرار وثقافة، كما رأى، ولا بدّ أن يحول المصاعب إلى نجاحات. كما تحدث عن مؤتمرات حضرها وشارك خلالها في تطوير التعليم بأمريكيا نهاية الثمانينات من القرن الماضي، ودعوته إلى أن تكون هناك فلسفة في التعليم، كما سرد قصّة مجموعة طلال أبو غزالة، ونجاحها في موضوع حقوق الملكية الفكرية كشركة عالمية كبرى.

وأكّد أبو غزالة قيمة الثورة المعلوماتية وثقافة التغيير وصناعة المستقبل، منادياً بأن يتخلل التعليم كلّ شيء، حتى موضوع الإصلاح السياسي والحزبي.

وتحدث أبو غزالة عن ذكرياته ونقاشاته مع شخصيات عربية وعالمية، وقال إنّ عدم تطبيق التحول الرقمي هو الفساد بعينه، لأنّ المسؤول يريد أن يبقى هو صانع القرار، متعجباً: لا توجد أيّ ضرورة لأن يوقّع الوزير على كل معاملة، هناك نظام لتقديم الطلب دون موافقة شخص معيّن أو ورقة يعتمدها الوزير، متحدثاً عن حبّ السلطة وظاهرة الرشى وموضوع تعطيل الوقت وعقد الموظف الحكومي. وقال إنّ مجموعة طلال أبو غزالة تعمل مع الشركاء، والجهاز هو الذي يعمل ويردّ على الاستفسارات وماي تعلق بها.

دول الخليج..

وأشاد أبو غزالة بالتطوّر في دول الخليج وتصميمها وخبرتها في هذا المجال، من خلال تجربته الشخصية هناك، وقال إنّ أفضل طريقة لصنع المستقبل هو أن تصنعه أنت، متحدثاً عن عدم الاهتمام كثيراً بالأخبار الاقتصادية لكونها فقط في دقائق معينة في نشرات الأخبار، وقال إنّ السياسة في أمريكا هي العلاقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. كما تحدث عن ثقافة العيب في الأردن ومتطلبات النجاح لبناء شخصية عصامية.

وأكّد أبو غزالة أنّ المعرفة تتضاعف كلّ يومين قياساً إلى كونها تتضاعف في العالم كلّ سنتين منتصف السبعينات، وقال إنّ المعلومات كلّها موجودة على جوجل، ولا يمكن اللحاق بها، كما تحدث عن الخريجين من حَفَظة المعلومات، أمام ثورة التكنولوجيا، وناقش سيطرة «الروبوت» في المستقبل القريب، وإمكانية استقلاله عن البرنامج الذي صمم له؛ فكلّ ما يتخيّله عقل الإنسان هو حقيقة قابلة للتطبيق.