27/12/2021
المعايطة: الأحزاب السياسية استحقاق وطني بعد 30 عاماً من عودة الحياة البرلمانية
ضرورة تمكين الشباب والنساء في العمل السياسي والحزبي
إرساء تقاليد راسخة لشراكة الأحزاب بالحكومات
الإثنين, 27 كانون الأول 2021
«الرأي للدراسات» ينتدي حول الحكومات البرلمانبة
أدار الندوة: هادي الشوبكي
حررها وأعدها للنشر: إبراهيم السواعير
بَينَ وزير الشؤون السياسية والبرلمانية المهندس موسى المعايطة بأننا، بعد 30 عاماً من عودة الحياة النيابية والحزبية وإقرار قانون الأحزاب، لم نستطع أن نصل إلى أحزاب سياسية مؤثرة تكون هي عماد البرلمان.
وأوضح المعايطة بأنّ البرلمان، والذي يعد حقيقة هو مسرح العمل السياسي، ظلّ قائماً على الفردية، في حين أنّ المطلوب هو العمل الجماعي المنظّم، الذي قوامه الأحزاب السياسية التي تجتمع على برنامج محدد وواضح، وتتوزع بين يسار ويمين، لكننا لم نصل إلى ذلك حتى الآن، وهو ما يطرح سؤال: كيف يمكن للأحزاب أن تكون فاعلة وذلك بالرغم من وجود 50 حزباً مرخصاً في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية؟!
وأكّد المعايطة أن الهدف الأساسي من اللجنة الملكية، الذي حدده جلالة الملك هو كيفية الوصول إلى برلمان قائم على أساس الأحزاب السياسية التي تحمل برامج تقنع المواطنين، لذلك فتشكيل الحكومات البرلمانية أمرٌ لا يمكن أن يكون دون برلمان قائم على الأحزاب السياسية والتعددية السياسية.
جاء ذلك في حوار مع المعايطة، قدّمه فيه مدير مركز الرأي للدراسات والتدريب الإعلامي هادي الشوبكي، بمشاركة سياسيين وحزبيين ورجال قانون وعدد من الكتاب والإعلاميين.
وشرح المعايطة بأنّ الأحزاب التي حققت مقاعد نيابية في الانتخابات الأخيرة، حزبان فقط، وبقية أغلبية اعضاء البرلمان أفراد، متسائلاً: كيف نستطيع أن نصل إلى برلمان أساسه العمل السياسي المنظم والأحزاب السياسية لأجل الوصول في النهاية إلى تشكيل حكومات تحدّث عنها جلالة الملك في أكثر من مناسبة، وفي الأوراق النقاشية كحكومات برلمانية، تتشكل من الأغلبية الحزبية داخل البرلمان؟
وفي مستهلّ الجلسة بين الشوبكي أهمية النقاش حول المطلوب عمله الآن للوصول إلى هدف الحكومات البرلماينة، كهدف يعتمد تحقيقه على وجود أحزاب سياسية فاعلة، وهو ما تهدف مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
واستهل الشوبكي من أنّ أهداف اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كما حددها جلالة الملك، تسعى إلى الوصول إلى الحكومات البرلمانية، خاصةً أنّ تعريف الفقه الدستوري للحكومة البرلمانية، يتضمن وجود برلمان منتخب يمثل أطياف المجتمع كافة، وفوز حزب سياسي في الانتخابات، يشكل حكومة بمفرده أو بالاشتراك مع أحزاب سياسية، وأن يشكل الحزب الخاسر في الانتخابات حكومة موازية للحكومة البرلمانية تسمى حكومة الظل.
أحزاب سياسية..
وأكّد المعايطة أن الهدف الأساسي والعملي من اللجنة الملكية، الذي حدده جلالة الملك هو كيفية الوصول إلى برلمان قائم على أساس الأحزاب السياسية التي تحمل برامج تقنع المواطنين، لذلك فتشكيل الحكومات البرلمانية أمرٌ لا يمكن أن يكون دون برلمان قائم على الأحزاب السياسية والتعددية السياسية.
وأضاف أنّ الحكومة البرلمانية لا تعني فقط مشاركة النواب في الحكومة بل من يرشحهم البرلمان ايضاً، مؤكداً أهمية وضرورة تمكين الشباب والنساء في العمل السياسي والحزبي، خاصة أن الشباب يشكلون أغلبية السكان في الأردن. وأشار المعايطة إلى أنّ ذلك هو هدف رئيسي للجنة الملكية، حيث استمر النقاش أربعة أشهر من عمر هذه اللجنة.
مخرجات اللجنة...
كما بين المعايطة التخوفات والتحديات التي رافقت بداية عمل اللجنة، خاصةً مع وجود هذا العدد لإعضائها والذي بلغ حوالي 90 يمثلون مختلف المشارب والتيارات السياسية والمنابع الاجتماعية والثقافية،وأهم هذه التحديات تمثل بأنّ الاتفاق سيكون صعباً، إلى جانب القلق من إمكانية فرض الرأي من قبل البعض، إلا أنّ الحوار الحقيقي والاستماع للآراء والتعرف على الآخر كان مريحاً، أدى إلى الوصول إلى الكثير من التوافقات التي نتجت عن تدوال ومناقشة مختلف الطروحات المقدمة.
توافقات وحوار..
ونبّه المعايطة إلى أنّ الحوار دائماً يقرب المسافات، وعلينا أن نتعلّم أنّ العمل السياسي لا يمكن أن يكون بفرض آراء مسبقة، بل إن العمل السياسي الفعال والمثمر يكون فقط في كيفية الوصول إلى توافقات وحلول وسط، وهذا ما تمّ التوصل إليه من خلال المخرجات في مشاريع قانون الانتخابات وقانون الأحزاب والتعديلات الدستورية، التي توافق عليها كافة التيارات السياسية اليسارية واليمينية والوسطية وكذلك الاجتماعية.
الانتخاب والتشريعات..
وأكّد أنّ المطلوب الآن للوصول إلى حكومات برلمانية هو الإنتهاء من نقاش هذه القوانين من الجهة صاحبة القرار التشريعي، وهي مجلس الامة من أجل أن نبدأ العمل في قوانين الأحزاب والانتخاب والتعديلات الدستورية، والتي بدأ مجلس النواب في نقاشها، من خلال اللجنة القانونية في مجلس النواب.
الكتلة البرلمانية..
وفي مداخلته، تحدث أمين عام حزب الوسط الاسلامي رئيس الائتلاف الوطني للأحزاب السياسية النائب الأسبق د. مصطفى العماوي، عن الحياة الحزبية، مشيراً إلى تحالف 26 حزباً والمشاركة في اللجنة، ومؤكداً التعاون في التواصل وإيصال المعلومة إلى موقعها، كأمر مهم وريادي. وشرح العماوي أنّ المخرجات موجودة الآن في البرلمان، ونحن كحزب لنا كتلة برلمانية ونسعى مع الكتل الأخرى، للعمل عليها ببعض التعديلات الطفيفة.
وحول وجود مقعد للمرأة، تحدث العماوي عن الأحزاب الأردنية بشكل عام، حيث المقعد رقم 3 قد يؤدي إلى نوع من المعضلة للأحزاب في القائمة النسبية الوطنية.
شروط تعجيزية..
وشرح بأنّه ربما تكون هناك أحزاب لن يكون لديها امرأة في مقعد رقم 3 تحديداً، وأنه يجب أن تكون شروط في القائمة في ذلك، فالأمور تبدو تعجيزية لبعض الأحزاب التي لا تستطيع في البداية، وقال :إننا مع وجود نسبة للشباب والمرأة، داعياً إلى الرجوع في هذه النسبة، إلى عددها وآلية الاحتساب التي لا نستطيع الوصول إليها، وأوضح العماوي: أنه لو نجح 10 أحزاب وحققوا العتبة، فكيف ستوزع المواقع أو المقاعد على هذه الأحزاب التي نجحت، ولو افترضنا أن هناك مليوني ناخب مقترع، وكانت العتبة 50 ألفاً ونجح 10 أحزاب، فإننا سنقسم عليهم الـ41 على النسبية، فربما يحصل حزب على 15 أو 10 أو 20، فنحن لم نصل إلى نوع من الوثائق الرسمية في كيف تحتسب هذه الأمور كلها، فهل نحن جاهزون؟!..
غير جاهزين..
وقال العماوي :إننا كأحزاب لسنا جاهزين في الوقت الحاضر، لافتاً إلى التشارك مع 26 حزباً، داعياً إلى أن تكون هنالك فترة، فهو مع وجود البرلمان الحالي واستمراره حتى نهايته، لتكون الأحزاب جاهزة لخوض هذه المعركة الانتخابية.
مقعد المرأة..
وفي ردّه، قال المعايطة :إنّ مشروع القانون الآن في مجلس النواب، والحكومة إلتزمت بتوجيهات جلالة الملك في التعامل مع المخرجات بشكل إيجابي وحيادي، والحيادية هي أن لا يتغير أي شيء في مشاريع القوانين وهذا ما تم، والإيجابية هي الدفاع ومحاولة كسب تأييد أعضاء مجلس الأمة بأهمية الموافقة على هذه القوانين.
ورأى المعايطة أنّه لا توجد مشكلة في وجود امرأة حسب القانون في أول 3 أسماء في القائمة الوطنية الحزبية، بل إنّ المشكلة،هي في الأحزاب السياسية التي لا يوجد فيها نساء، كما أنّ المشكلة الأساسية هي أننا ما زلنا نسأل هل الأحزاب جاهزة؟ سواء بالنسبة للمرأة أو غيرها، ورأى المعايطة أنّ الحزب السياسي ليس جمعية خيرية أو ملتقى ثقافياً، بل هو مجموعة من الناس تهدف إلى تحقيق برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي، وبرنامجه يتحقق عن طريق تشكيل الحكومات وبالانتخاب وعن طريق صندوق الاقتراع، وهذا هو سبب وجودها، فالأحزاب السياسية تمثل المصالح المختلفة والمتناقضة داخل المجتمع، وأساس عمل الأحزاب هو المشاركة في الانتخابات.
جاهزية الأحزاب
وفيما يتعلق بجاهزية الأحزاب السياسية للتعامل مع مخرجات اللجنة الملكية خصوصاً في قانوني الإنتخاب والأحزاب فقد أعطى مشروع قانون الأحزاب السياسية فرصة للأحزاب من أجل تصويب أوضاعها وتوفيقها مع متطلبات القانون خلال عام من إقراره ونشره في الجريدة الرسمية، وفق ما نص عليه مشروع قانون الأحزاب، كما أن قانون الإنتخاب أشترط على مرشحي القائمة الحزبية على الدائرة العامة أن يكون مرّ على عضويته (6) أشهر على الأقل من تاريخ الترشح للإنتخابات القادمة.
المدة القانونية..
وأضاف المعايطة بأن هذه المدد القانونية في مشروعي قانوني الإنتخاب والأحزاب تعني أن مجلس النواب الحالي سيكمل على الأغلب مدته الدستورية من أجل إقرار القوانين الموجودة حالياً، وإعطاء الفرصة الكافية للاحزاب السياسية لتوفيق أوضاعها وإستكمال جاهزيتها للإنتخابات النيابية المقبلة.
تحقيق العتبة
وحول عملية الاحتساب، تحدث المعايطة عن القائمة الحزبية المغلقة التي ستتنافس على مقاعد الدائرة العامة وعددها 41 مقعداً، والتي سيتم فيها اعتماد معادلة الباقي الأعلى لإحتساب المقاعد مع وجود عتبة بنسبة 2.5%، ووفقاً للنظام النسبي فإن القوائم الحزبية التي ستشارك في الإنتخابات وتستطيع تحقيق العتبة ستحصل على نسبة مقاعد من مجموع مقاعد الدائرة العامة تساوي نسبة ما تحصل عليه من أصوات المقترعين على الدائرة العامة.
التعددية والشراكة
وتحدث الكاتب الصحفي النائب السابق حمادة فراعنة عن ثلاث محطات انتخابية وترابطها مع بعضها بعضاً هي:انتخابات مجالس البلديات،وانتخابات مجالس المحافظات، وانتخابات مجلس النواب.
وقال: إن ترابطاً لا بد منه بين هذه المحطات الثلاثة، وهي ضرورة بهدف ولادة وخلق تنشئة قيادات محلية، تبدأ من المحطة الأولى من الانتخابات المحلية للبلديات، كي تسير بالتدرج، والاعتماد على صناديق الاقتراع، لتنتقل نحو المحطة الثانية الأوسع، وهي انتخابات مجالس المحافظات التي تفرض متطلبات النجاح التحالف مع أطراف أخرى خارج دائرة البلدية لتشمل قوى اجتماعية إضافية على مستوى المحافظة، وعبر هاتان المحطتان المتتاليتان، تبرز معايير التعددية وقيم الشراكة، وجو من التنافس الديمقراطي، باتجاه ولادة قيادات ذات حضور أولي وقاعدة اجتماعية، ملكت التجربة الانتخابية، والخبرة الخدماتية، وتحسس أولويات الأردنيين واحتياجاتهم من مواقع سكناهم، في الريف والبادية والمدن والمخيمات.
وعبر ذلك، ينتقل صاحب الاهتمام والتطلع، نحو الانتقال إلى محطة انتخابات مجلس النواب، بعد أن اكتسب المرشح من خلال خدماته في مواقع المحطتين السالفتين ما يؤهله ليكون نائب وطن.
ولنجاح هذا الترابط، طالب الفراعنة بتوفير التغطية المالية للمحطات الثلاثة: لعضوية مجلس البلدية وللرئيس، ولمجلس المحافظة وللرئيس، ولعضوية مجلس النواب، سواء للأحزاب أو للمرشحين المستقلين.
وبذلك نحقق العدالة في التوزيع، بحيث لا يقتصر النجاح على المتمكنين مالياً، بل يشمل النجاح جميع شرائح المجتمع من خلال صناديق الاقتراع، والتغطية تتم على أساس النجاح لكل محطة من المحطات الثلاثة.
وبهذا يتحول بلدنا حقاً إلى بلد يعتمد على صناديق الاقتراع، والديمقراطية والتعددية، وتوسيع قاعدة المشاركة من قبل الجميع وللجميع، بتمويل من الموازنة.
نهوض الأحزاب
وحول جاهزيتنا للإنخراط في العمل والنشاط الحزبي أكد الكاتب الصحفي فراعنة أن لدينا إرثاً من الحضور الحزبي بدأ مع أول حكومة أردنية كان يرأسها حزبي هو رشيد طليع، وانتهاء بآخر حكومة حزبية مع حكومة سليمان النابلسي قبل تعليق الحياة الحزبية وفرض الأحكام العرفية، حتى عودة الحياة الديمقراطية عام 1989.
وتحدث الفراعنة عن موضوع الأحزاب ذات الطابع الجدي وخصوصاً أحزاب التيارات الإسلامية والقومية واليسارية، حيث تعرضت أحزاب التيارين اليساري والقومي ليس فقط في الأردن، بل على المستوى العالمي والعربي للتراجع والانحسار بسبب هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة، وهو نفس العامل الذي أدى إلى تراجع أحزاب التيار القومي بسبب ما تعرض له العراق باحتلاله وسقوط نظامه القومي، وما تعرضت له سوريا كذلك، ومن قبلهما الناصرية، مما أدى ذلك كله إلى ضعف أحزاب التيار القومي.
ولذلك من أجل الحفاظ على التعددية يجب عدم وضع الاشتراطات غير الدستورية أمام نشوء الأحزاب وعملها، ليحتكم حضورها أو تلاشيها إلى نتائج صناديق الاقتراع، وأصوات الأردنيين.
ورأى فراعنة أن تشكيل الحكومات على أساس حزبي، سيدفع الأردنيين نحو الازدحام في الانتماء للأحزاب العابرة للمحافظات والجهويات، لأنها ستصبح أداة الوصول إلى السلطة ومؤسسات صنع القرار سواء مجلس النواب أو مجلس الوزراء، وهذا ما يجب أن يكون مثل كل البلدان الديمقراطية الصديقة.
الارادة السياسية
وأشار إلى أهمية قرار جلالة الملك تعيين ثلاثة من الأمناء العامين للأحزاب السياسية أعضاء لدى مجلس الأعيان، مما يعكس ويؤكد الإرادة السياسية بدعم الأحزاب وتوفير حواضن لها.
وحول تجربة تشكيل اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية أشار إلى أنها حافظت على التعددية من حيث جمعت كافة أطراف الطيف السياسي الأردني من اليساريين حتى الإخوان المسلمين وما بينهما، وضمت عدداً واسعاً من الفعاليات الحزبية والنقابية والاجتماعية والاقتصادية، وثمرتها يمكن أن تشكل خطوة إلى الأمام مهما تم تسجيل ملاحظات على تشكيلها أو نتائج عملها، ولكنها في النهاية نتاج التعددية الأردنية التي يجب أن تعلو وتنجح وتتواصل نحو أردن تعددي ديمقراطي يعتمد تداول السلطة، ونتائج صناديق الاقتراع، للمؤسستين التشريعية والتنفيذية
الأحزاب البرلمانية..
وفي ردّه، بين المعايطة بأننا دائماً نعاني من إشكاليّة في تشكيل اللجان، ورأى أنّ هذه القضيّة لن تحل إلا بوجود أحزاب سياسية تمثل المجتمع، تتناقش وتتفق كأحزاب موجودة في البرلمان، وفق حوار متطور يحل ما نعانيه من إشكاليات في هذا المجال.
وأكد المعايطة أهميّة وجود أحزاب سياسية فاعلة وحق المواطنين في الانضمام إليها، وقال إن الأحزاب السياسية هي التي تمثّل المجتمع، فهي الخيار الوحيد في غياب الأشكال المنظمة للعمل السياسي.
ورأى أنّ آلية تشكيل الحكومات الحالية تفرض وبشكل طبيعي أن يلجأ اي رئيس مكلف إلى الأشخاص الذين يعرفهم ويثق بهم في تشكيل حكومته، والبديل الوحيد للخروج من هذه الآلية هو من خلال الأحزاب السياسية بعد حصولها على أغلبية برلمانية، لتتولى تشكيل الحكومات البرلمانية فتحل بذلك إشكالية التمثيل.
موضوع التمويل..
وحول موضوع التمويل الحزبي، قال المعايطة: إن تمويل الأحزاب السياسية والموصى به في مخرجات اللجنة الملكية مرتبط بنتائج الانتخابات، ففي الانتخابات الأخيرة غيّرنا نظام التمويل المالي والذي يقدم سنوياً بغض النظر عن نشاط الحزب، وهذا لم يساعد في عملية تنمية العمل الحزبي وفاعليته.
وقال المعايطة: أن التمويل المالي في العالم كله يكون موجه للحملات الانتخابية، لذلك تم إصدار نظام جديد وأصبح يرتبط بالمشاركة وعدد الأصوات وعدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب، وقد أوصت اللجنة الملكية بذلك، وأقرّت وجوب نظام مالي، ولكنها أوصت بنقاط: أن يكون التمويل على أساس إذا حصل الحزب على نسبة 1% من الأصوات، حتى لو لم ينجح فسيحصل على مبلغ من المال، والمؤتمر التأسيسي له مبلغ، كما أنّ وجود المرأة والشباب لهم مبلغ إضافي، وهناك تمويل مالي لنتائج الانتخابات المحلية إذا فازت الاحزاب بمقاعد.
تأهيل الأحزاب..
وأعرب العين والكاتب جميل النمري عن قلقه حيال نجاح العملية الحزبية، فهناك قرار من جلالة الملك بتحزيب الحياة السياسية، وأن يكون ثلث البرلمان على الأقل مكونا من أحزاب سياسية، في حين أنّ الأحزاب ليس بالضرورة أن تكون مؤهلة للمنافسة على 41 مقعداً للدائرة الوطنية ناهيك عن المنافسة على المقاعد المحلية وبحيث يكون لدينا 5 أحزاب سياسية رئيسية مثلا لديها كتل برلمانية.
وأضاف النمري نحن لسنا جاهزين الآن، فهل نستطيع خلال سنة أو سنتين أن نصبح جاهزين؟! وأضاف بأنّ العملية صعبة جداً، ومعرفتنا وخبرتنا بواقع الساحة السياسية من أصعب الأمور أن يجتمع الناس في حزب واحد، أي أن يكون لدينا عدد واسع من القيادات والطامحين للقيادة في حزب واحد، وأن يتفق عدد واسع من القيادات على عدد محدود من المرشحين لمقاعد النيابة! وهنا يبرز الخوف من التفتت واستخدام الواجهة الحزبية لإنتخابات عشائرية فتكون هناك عشيرة أو أكثر، تشكل حزباً سياسياً وتدخل الانتخابات للحصول على مقعد. ورغم وجود العتبة فإن ما بين ٣٠ الى ٥٠ الف صوت ستكون للحصول على مقعد أو مقعدين أي نعود الى البرلمان الفردي وتبقى فقط جبهة العمل الاسلامي بكتلة وازنة وبنسبة 15 % من الأصوات مثلا لكن كلما زادت الأصوات المهدورة بسبب التفتت فإن نسبة جبهة العمل تلك سوف تترجم الى مقاعد تفوق هذه النسبة فمثلا اذا ذهب ثلث الأصوات هدرا يصبح 15 % من الأصوات يعطي 30% من المقاعد.
وأكّد أنّه لهذا السبب كان مع نظام انتخابي أقل تشدداً بالنسبة للقوائم الحزبية فيكون مختلطاً من المستقلين والحزبيين، أو يكون المستقلين المترشحين في الدوائر المحلية أعضاء في القوائم الحزبية الوطنية، لكننا ركبنا المركب الصعب في الفصل بين الدائرة الوطنية الحزبية والدوائر المحلية بحيث أنّ على الأحزاب أن تدبر نفسها للمنافسة وحدها دون تشبيك مع المستقلين الذين يملكون القواعد المحلية.
«الاندماج والتوسع..»
وتحدث النمري عن رؤية الدولة والحكومة للبرنامج التنفيذي لمخرجات اللجنة الملكية بوصفها عملية دعم وتحفيز ومواكبة حثيثة وممنهجة لعمليات الاندماج والتوسع والتصويب لوضع الأحزاب، بحيث يكون عندنا 4 أو 5 أحزاب كبيرة، مشيرا الى اهمية موضوع التمويل الموجه بالأهداف بدلاً من النظام المالي الحالي أو الى جانبه كنظام تمويل استثنائي لفترة التصويب، بحيث تدعم الأحزاب، التي تتجه للاندماج والتوسع وعقد مؤتمرات ديمقراطية موحدة وهكذا. وبحيث إنّ هذا النظام المالي ينتهي مع الانتخابات، ثم يتحول الى نظام مالي دائم يعتمد نسبة التمثيل النيابي لكل حزب.
حوافز مالية لاندماج الأحزاب..
وفي ردّه، قال المعايطة: إنّه بالنسبة للاندماج، فبموجب نظام التمويل الحالي تمنح حوافز مالية للأحزاب التي تندمج، والنظام الحالي يقوم على أسس ومعايير. وقال إنّ النظام المالي السابق والذي نص على تقديم مبلغ ثابت سنوياً لم يساعد على زيادة تأثير الأحزاب السياسية.
تأجيل «العتبة»..
وبناءً على دراسات سابقة، قال الباحث د.أسامة تليلان إنّه متفائل على الصعيد الوطني بمخرجات اللجنة الملكية بالنسبة الى قانون الانتخاب، الذي جاء متطابقا تماما بواقع 97% من قانون الانتخاب الذي قمت باعداده ضمن دراسة قمت باجرائها عام ٢٠١١ ونشرت عام ٢٠١٥ في كتيب لاعمال ندوة نظمها مركز بيسان عام ٢٠١٥، مؤكداً أنّ موضوع العتبة ليس مناسباً في هذه المرحلة. وقال إنه كان يتحدث في دراسته عن 3 دورات انتخابية، فنحن بحاجة لأن نرفع بها عدد المقاعد الحزبية من 35 إلى 50 إلى 60% في الدورة الثالثة، أما العتبة فكان يمكن أن تكون في الدورات القادمة.
ورأى أنّ قانون الأحزاب مليء بالبنود المقيدة، والتي من الصعب تطبيقها، وقال من الغريب ان نذهب لقانون انتخاب يشجع الأحزاب على المشاركة ونذهب إلى قانون أحزاب مليء بالقيود.
وقال تليلان إنّه، وبحسب المؤشرات العالمية، يفترض بقانون الأحزاب أن يكون رشيقاً في 4-5 نقاط لها علاقة بالتمويل والتأسيس والحل وغيرها، لكن يمكن أن تحول هذه القيود التي وردت فيرتوصيات لجنة الاحزاب الى معايير في نظام الدعم المالي وفي نظام التمويل المالي وفي نظام تشكيل القوائم.
ورأى أنّ نظام التمويل طوال العشر سنوات السابقة كان نظاماً يعزز قيام أحزاب صغيرة.
وأكد أنّ أثر النظم الانتخابية لا يقتصر على يوم الانتخابات، إذ يبدأ الأثر الحقيقي بعد ذلك، فكل المنافسين يبدأون بتطوير سلوكهم وفق التجربة السابقة.
تقاليد راسخة..
وقال إننا بحاجة في المرحلة القادمة إلى إرساء تقاليد راسخة ما بين الحكومات والأحزاب السياسية، بمعنى أن تكون عندنا معايير لشراكة الاحزاب بالحكومات.
وتحدث تليلان عن اهمية موضوع الثقافة السياسية والاشتغال عليه في السنوات السّت القادمة، وهندسة السلوك التصويتي للناخب.
الثقافة الحزبيّة
وأكد المعايطة إضافة إلى وجود الأحزاب كأمر طبيعي، ضرورة تغيير سلوك المواطن، وهو الأمر الأصعب، فنحن بحاجة لدورات وثقافة، ليكون المجتمع جاهزاً، لاختيار نخبه سياسية على أسس موضوعية، لأنّ الحياة لا تقبل فراغ، وإذا لم تكن هناك أحزاب سياسية فسيبقى موضوع الانتخابات ملخصاً في (أنا أترشح وأريد دعماً)..، وإذا لم أجد جهة تدعمني في غياب الأحزاب سأذهب إلى جانب آخر.
لذلك فتغيير السلوك الانتخابي مهم جداً ويحتاج وقته، وهو أحد توصيات اللجنة الملكية، المتعلقة بالتربية والتعليم والثقافة المدنية وترسيخ التعددية السياسية واحترام التنوع في المجتمع والحوار واحترام وجهات النظر في ظل فهم موضوع الهوية الوطنية.
التغيرات الاجتماعيّة
وتحدثت الكاتبة د.فادية إبراهيم حول التغيرات الاجتماعية التي تصبح على المدى البعيد قفزات، فنستثمرها كفرصة، وقالت: إنّ التجارب اللاحقة ستكون افضل، مؤكدة الإرادة الملكية في هذا الطرح من خلال اللجنة الملكية بالرغم من مواجهة صعوبات.
وفي موضوع المرأة وقائمتها، أكدت أهمية إنعاش الحياة الديمقراطية، في أنها حكم الشعب، وأنّ النساء نصف الشعب، مؤكدة أهمية التثقيف السياسي أو ما أسمته محو الأميّة السياسية لدى المرأة في ظل مناداة الرجل بالثقافة السياسية.
المرأة والشباب..
وقال المعايطة :إنّه من المهم جداً العمل على إحداث التغيرات الاجتماعية الطويلة المدى، في حديثه عن وضع وجود قائمة وطنية لتطوير الأحزاب.
ورأى في حديثه عن قضية المرأة، أنّها تحتاج إلى عمل توعوي وجهود تشريعية، ولذلك وجه جلالة الملك اللجنة الملكية إلى أهمية تمكين المرأة والشباب وتعزيز دورهم في الحياة السياسية.
ورأى أنّ المرأة مستفيدة من قانون الانتخاب المقترح،إذ زاد عدد المقاعد من 15 إلى 18، لكل دائرة مقعد، وليس لكلّ محافظة كما هو معمول به الآن.
وتعديل القوانين. فإنّ المجتمع لا زال ذكورياً وبحاجة لتطوير ثقافته وتعزيز قيم احترام التنوع والتعددية.
تجربة ناجحة..
وانطلق د. راكز زعارير من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، من أنّ التجربة ستنجح، لأنها تمثل ترجمة لإرادة سياسية عليا في الأردن، متمثلة بإرادة جلالة الملك من خلال رسالته للجنة الملكية والتي أكد فيها أن تكون هناك مخرجات تحفز العمل السياسي والحزبي في الدولة.
فالأوراق النقاشية للملك تركز على كيفية الخروج للحياة السياسية المقبولة كنقلة نوعية في العمل السياسي والحزبي، لكنّ تفكير الناخبين بعيد عن الواقع.
واستدلّ الزعارير بآخر استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية للجامعة الأردنية بواقع 16% من الشعب الأردني يفكرون في الانضمام للأحزاب السياسية.
فاعلية الحزب السياسي..
وفي تعقيبه على حديث الدكتور راكز، قال المعايطة إنّ 16% نسبة جيدة، حيث أن في العالم عدد الأعضاء في الأحزاب في أي بلد لا يتجاوز 2% إلى 5%.
اهمية المشاركة في العمل الحزبي
أما فيما يتعلق بالمخاوف الموجودة من العمل الحزبي والتي تؤدي إلى عزوف الشباب المشاركة الحزبية، فقد اكد المعايطة أن مخرجات اللجنة الملكية أخذت هذه المخاوف بعين الإعتبار حيث تضمن مشروع قانون الأحزاب مواد ونصوص تحمي المنتسبين إلى الأحزاب السياسية من أي شكل من أشكال التعرض أو التضييق. فكيف نستطيع أن نغير تفكير الناس في أن العمل الحزبي أصبح عملاً وطنياً برامجياً، بل كيف نقنع الناس أنّ هذا عمل وطني وليس موضوعاً خاضعاً للمساءلة؟.. وهذا ما أكدته اللجنة الملكية في توصياتها، إلى جانب ضرورة التوعية والتثقيف بأهمية المشاركة في العمل الحزبي من خلال البرامج التي تنفذها وزارات التربية والتعليم والثقافة والشباب ومؤسسات المجتمع المدني.
اللون السياسي..
وتحدث د.زيد النوايسة عن لجنة الأحزاب الفرعية التي كان عضواً فيها في اللجنة الملكية، بوصفها ممثلة لكل أطياف اللون السياسي الأردني على تنوعهم، في تمثيل الإسلاميين واليسار والوسطيين والمستقلين، والمرأة والشباب.
وقال إنّه ومنذ اللحظة الأولى كان هناك إقرار من الجميع بأنه لا يمكن أن نبقى على ما نحن عليه، فبعد 30 سنة من قانون الأحزاب لم نقدم النموذج الذي نأمل له.
وتحدث عن موضوع ربط العملية السياسية بمخرجات الإدارة المحلية، وقال إنّ المشكلة في الحياة السياسية في الأردن أن من ينتمي للأحزاب هم في العاصمة والمدن الكبرى، بينما الأطياف الأخرى مغيبة، ففي كل دول العالم ماكنة إنتاج الأحزاب تكون من خلال البلديات.
عبور المستقبل..
وفي الوقت ذاته، أعرب النوايسة عن قلقه من وضع قيود ادارية أو بيروقراطية قد تتسبب في عزوف الناس لذلك المطلوب تضافر الجهد الحكومي مع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والنخب السياسية والمثقفين لانجاح هذا التحول التاريخي المأمول، وقال حول تمثيل المرأة، إنه ألزم بنسبة 20% للمرأة و20% للشباب، فإذا لم تستطع الحياة السياسية أن تفعّل كتلتين متوازنتين في المجتمع، الشباب والمرأة، فلدينا خلل، أمام أرادة سياسية عبّر عنها جلالة الملك في أنه لا يمكن عبور المستقبل إلا بحضور متوازن للكتلتين الأساسيتين في المجتمع.
وفي ردّه، تحدث المعايطة عن موضوع سن 25 عاماً للمرشح، ووجهة نظر المؤيدين والمعارضين، مستشهداً بدول في هذا المجال، كما تناول موضوع التخوف من الأحزاب، ودعوة جلالة الملك الدائمة والمستمرة إلى الانتهاء وعدم وضع أي عراقيل أمام الأحزاب السياسية.