07/03/2022
تحديد المؤشرات والمعايير في الاستراتيجيات ضرورة لتأكيد الحق في الصحة
الإثنين, 07 آذار 2022
« للدراسات» يقرأ الحقوق الصحية للأردنيين في الألفية الثالثة
أدار الندوة: هادي الشوبكي
حررها وأعدّها للنشر: إبراهيم السواعير
أكّد أطباء حقّ المواطن في تلقي الخدمة الصحية، باعتباره حقّاً أصيلاً أقرّه القانون واضطلعت به الدول ودعت إليه الشرائع والمعاهدات والمواثيق الدولية.
ودرسوا، في ندوة «حقوق الإنسان الصحيّة في الألفية الثالثة»، الحالة الأردنيّة، مؤكدين دور الدولة والتزامها الوطني والتشريع المصاحب في ذلك، وقالوا إنّ للقطاع الخاص دوراً يجب أن يتكامل مع القطاع العام، دون أن تقف المنافسة بين القطاعين حيال ذلك، ورأوا أنّ الخدمة الصحية في القرى والأرياف تختلف عنها في العاصمة، مؤكدين أهمية التثقيف الصحي والتأهيل وفق تطلعات الدولة الأردنية في شمول التأمين الصحي، بالرغم من ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية.
وقالوا إنّ جائحة كورونا كان لها تأثيرها الكبير في ارتفاع أسعار الأجهزة الطبية لدرجة يكون معها من الصعب على الدول تحملها.
وأشاروا إلى أنّ ما يصرف على الخدمات الطبية الأردنية يعادل 9% من الدخل القومي الأردني، وهو ما يساوي ذلك في دول مثل فرنسا وبريطانيا، لافتين إلى أهمية العنصر الإداري وأخلاقيات المهنة في تقدّم موضوع الحقوق الصحيّة ورعايتها.
وقال مدير مركز الرأي للدراسات والتدريب الإعلامي الزميل هادي الشوبكي إنّ أهمية الندوة هي في توضيح ماهية الحق في الصحة، لتمكين المواطنين من الخدمات الصحية وضمان الظروف الصحية الضرورية في أماكن العمل، والتعرف على مصادر ذلك في المعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية والوطنية، ووضع مقاربات منهاجية فكرية وتشريعية وإجرائية في هذا الموضوع.
نوعية الحياة..
وأكّد مؤسس جمعية الأطباء الرواد ورئيسها السابق د. محمد شريم أهمية الحقوق الصحية، ماراً بسيرة تاريخية في ذلك، وإفرازات الثورة العلمية الطبية لحقوق صحية مهمة للارتقاء بنوعية الحياة وتحسينها. كما تحدث عن أهمية الرعاية ودورها كرعاية تلطيفية، نظراً لازدياد معدل عمر الإنسان والتركيز على نوعية الحياة وجوانبها الروحية والصحية والاجتماعية والنفسية.
تشريعات ومواثيق
وانطلق وزير الصحة الأسبق رئيس لجنة الصحة في مجلس الاعيان د.ياسين الحسبان من أنّ الصحة حقٌّ أساسي من حقوق الإنسان، من أجل التمتع بحقوقه الأخرى، وله أن يتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ويفضي إلى العيش بكرامة، وهو حقٌّ لكلّ شخص، بغضّ النظر عن الوضع القانوني أو غيره من الحالات، موضّحاً أنّ المهاجرين الذين لا يحملون وثائق، والسجناء، والمشردين، يتم تغطيتهم جميعاً.
وتابع أنّ الفقرة 1 من المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أنّ «لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة له ولأسرته، ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية»، كما ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أشمل مادة تتعلق بالحق في الصحة في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ووفقاً للمادة 12 (1) من هذا العهد تقر الدول الأطراف «بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه»، في حين تسرد المادة 12 (2)، على سبيل التمثيل، عدداً من «التدابير التي يتعين على الدول الأطراف اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق».
وأضاف الحسبان أنّ الحق في الصحة أمرٌ معترف به، في المادة (5) (هـ) (4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، وفي المادتين 11 – 1 (و) و12 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، وفي المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وذلك في جملة مصادر أخرى، كما لا ينبغي فهم الحق في الصحة على أنه الحق في التمتع بصحة جيدة فقط.
وأوضح أنّ الحق في الصحة يشمل حريات وحقوقاً على حد سواء، أما الحريات فتتضمن حق الإنسان في التحكم في صحته وجسده، بما في ذلك حريته الإيجابية، والحق في أن يكون في مأمن من التدخل، مثل الحق في أن يكون في مأمن من التعذيب، أو إجراء تجارب طبية عليه بدون رضاه. وأما الحقوق، فتشمل الحق في الاستفادة من نظام للحماية الصحية يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه.
حقوق أساسية
وتابع د.الحسبان أنّ الحق في الصحة يشمل، وبجميع أشكاله وعلى جميع المستويات، العناصر المترابطة والأساسية التي يتوقف تطبيقها الدقيق على الظروف السائدة في دولة محددة، ذاكراً منها أنّ الدولة يجب أن توفر القدر الكافي من المرافق العاملة المعنية بالصحة العامة، والرعاية الصحية، وكذلك القدر الكافي من السلع والخدمات والبرامج. وأضاف إلى ذلك حقّ إمكانية الوصول، إذ ينبغي أن يتمتع الجميع، بدون تمييز، من إمكانية الاستفادة من المرافق والخدمات الطبية داخل نطاق مناطق للدولة.
وقال إنّ الحق في الصحة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأعمال حقوق الإنسان الأخرى، ويعتمد على ذلك، مثلما يرد في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز والمساواة، وحظر التعذيب، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعيات، والتجمع، والتنقل.
وأضاف إلى ذلك الإمكانية الاقتصادية للحصول عليها (القدرة على تحمل نفقاتها)، إذ يجب أن يتمكن الجميع من تحمل نفقات المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة. وفي حديثه عن إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالمسائل الصحية والحصول عليها ونقلها، نوّه الحسبان إلى أنّه لا ينبغي لإمكانية الوصول إلى المعلومات أن تؤثر على الحق في معاملة البيانات الصحية الشخصية بسرية.
وتحدث عن الحق في الصحة فيما يتعلق بالأم والطفل والصحة الإيجابية: العمل على خفض معدل وفيات المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نمواً صحياً، والخدمات الصحية الجنسية والإيجابية، بما في ذلك إمكانية الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، والرعاية قبل الولادة وبعدها.
وأكّد الحسبان الحق في التمتع ببيئة صحية في الطبيعة ومكان العمل، من حيث تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية، والتدابير الوقائية، فيما يتعلق بالحوادث والأمراض المهنية؛ وضرورة كفالة إمدادات كافية من مياه الشرب المأمونة، ووقاية السكان والحد من تعرضهم للمواد الضارة، مثل الأشعة والمواد الكيميائية الضارة أو غير ذلك من الظروف البيئية المؤذية التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على صحة الإنسان.
وأضاف إلى ذلك الحق في الوقاية من الأمراض وعلاجها ومكافحتها، بالوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها، والحق في الاستفادة من المرافق الصحية والخدمات المرتبطة بالصحة، وتهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.
وحول المعايير والمؤشرات المتعلقة بالحق في الصحة، أكّد الحسبان أنّه ينبغي للاستراتيجيات الوطنية للصحة أن تحدد مؤشرات ومعايير مناسبة بشأن الحق في الصحة، وينبغي تصميم المؤشرات على نحو يجعلها ترصد التزامات الدول الأطراف، بموجب المادة 12، على المستويين الوطني والدولي. ويمكن للدول أن تسترشد، فيما يتعلق بالمؤشرات الملائمة للحق في الصحة، والتي ينبغي أن تتناول شتى جوانب الحق في الصحة، بالعمل الجاري في منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة في هذا الشأن.
وتحدث عن الحق في الصحة البدنية والعقلية، كمفهوم شامل يمكن تجزئته إلى استحقاقات إضافية محددة مثل: الحق في الصحة الإنجابية وصحة الأم والرضيع والطفل، والحق في الموافقة المسبقة وفي السلامة البدنية وعدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة والممارسات الضارة، والحق في بيئة صحية في الطبيعة ومكان العمل، والحق في الوقاية من الأمراض وعلاجها ومكافحتها، بما في ذلك الحصول على الأدوية، والحق في الحصول على المياه النظيفة والصالحة للشرب.
التثقيف بالحقوق
وأكّد د.الحسبان حق الإنسان الأردني في الصحة، والمعرفة والتبصر بالمعلومات، مكاشفاً أنّ مرضانا لا يعلمون حقوقهم الأساسية، وحقهم في الحصول على جودة بالخدمة الصحية وبعدالة، فهناك تمييز في الخدمة الصحية، كما أنّ هناك حقاً في الخصوصية؛ إذ لا يجوز للإضبارة المرضية أن يتداولها أو يتكلم عنها الجميع، كما أنّ هناك حقاً في الحصول على المعلومة الواضحة عن الأدوية، والحق بتفويض الشخص الذي يراه المريض مناسباً بحالته الصحيه، وحقه كذلك بالحصول على الاستشارات الطبية والحصول على رأي طبي آخر، وحقه أيضاً بمعرفة من يعالجه ومؤهلاته، وحقه أن يحصل على تقرير طبي مفصل، وحقه أن يعرف البدائل المتوفرة للأدوية. كما اعترف د.الحسبان بأنّ مشكلتنا ليست مشكلة مالية، بل هي مشكلة إدارية وتنظيمية.
تقديم الخدمة
وقال وزير الصحة الأسبق الكاتب د.زيد حمزة إنّه مع ألا يخلو دستورنا من حقّ المواطنة في الصحة، منطلقاً في حديثه من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن إعلان منظمة الصحة العالمية سنة 1978، وما حددته لدول العالم في الوصول إلى هذا المستوى، مستوى حصول كل مواطن في كل دول العالم على الخدمات الصحية الذي هو شعار الصحة للجميع بحلول عام 2000.
وشرح د.حمزة أنّ ذلك معناه أن يكون للمواطن حق في دولته وبلده، متحدثاً عن التشريع وتقديم الخدمة في الأردن استناداً إلى ذلك، وعن وزارة الصحة كعمل حكومي، والنظام الصحي المصاحب لذلك، تحدث عن وضع قانون الصحة، وتأمين الخدمات في وزارة الصحة لكل الأردنيين، وحقّ كل مواطن حسب قانون الصحة الحالي المعدل الحصول في قريته أو حيّه في مركز صحي على بطاقة يعالج من خلالها في المركز الصحي، وهو ما يعزز ثقتنا بقدراتنا وإمكانياتنا، عندما تكون هناك إرادة، فالخدمات الأساسية كانت موجودة وما زالت، والمجابهة الأولى للمرض بالنسبة للمواطن في أن يذهب للمركز الصحي، الذي يعالج حسب الدراسات 95 – 98% من الأمراض التي تواجهه.
وأكّد أنّ الحق في الصحة عالمياً يتحسن تدريجياً من بلد لآخر، مقارناً بين دول حققت ذلك، ودول فيها أسوأ نظام صحي وأرقى علاج في الدنيا!
الخبرة والإدارة
وتحدث وزير التنمية الاجتماعية الأسبق د.عوني البشير عن أهمية الخبرات والعملية الإدارية في موضوع الصحّة، في خدمات مراكز الأمومة والطفولة التي تقدم 100%، ومراكز التطعيم التي تقدم 100%، مشيراً إلى ما نسبته 5% يتحولون إلى خارج المراكز في عمل أشعة أو مختبرات متقدمة أو مستشفيات.
ورأى أنّ القطاع الخاص لدينا تقدم على وزارة الصحة بالنسبة للمستشفيات، مؤكداً أنّ علينا دعم هذا القطاع وعمل تأمينات صحية حتى نحارب الجشع، فهذا القطاع العلاجي يجب أن يكون في المستشفيات قدرة عليه، والآن لم يعد للجمعيات الخيرية دور، والقطاع الخاص موجود، وعندنا مستشفيات متميزة نفاخر بها، ونستطيع أن ندعمها ونشغلها بطريقة أفضل، فمعظمها مال أردني واستثمار، ويجب أن نحافظ عليها بطريقة صحيحة، فلا نجعل المنافسة مع وزارة الصحة بالعلاج الثانوي.
تباين الخدمات
وتحدث م.عبداللطيف الحديدي عن وجود مراكز صحية لا يتوفر لدى كثير منها العناية المستمرة، وبالتالي يضطر المواطن أن ينتقل إلى المستشفى.
ورأى أنّ علينا عندما ننظر إلى الجانب الطبي كحقوق، أن نتأمل البيئة التي يعيش فيها الشخص، فهناك فرق واضح بين الخدمات التي تقدم في المدينة والخدمات التي تقدم في القرى، وبالتالي فهي ضعيفة في القرى، كما أنّ التثقيف الصحي غير موجود، مع ضعف في جانب النظافة، ولذلك فالحقوق الصحية في الجانب الاجتماعي لا تتوفر بشكل عام، عند المقارنة بين المدينة والقرية في هذا المجال.
وأكّد الحديدي أهمية الاستراتيجية العامة وتوزيع التنمية والتنمية المستدامة وتوزيع الخدمات، في مقارنة العاصمة عمان بالمدن الأخرى، وبالتالي فنحن نضطر إلى أن نذهب لعمان حتى نحصل على العلاج.
التأمين الشامل
وقارن مدير مستشفى عبدالهادي د.سامرعبدالهادي بين التطور في الحقوق والواجبات، وتطلعات الدولة الأردنية لتلبية حاجات الأردنيين نحو معالجة أفضل.
وتحدث عن ظهور أنواع مختلفة من مظاهر التأمين الصحي، هي: تأمين خاص للقادرين عبر شركات التأمين الخاصة، وتأمين أفراد القوات المسلحة، وتأمين وزارة الصحة للموظفين والأطفال والمسنين.
واعترف بأنّه في المحصلة بقي أكثر من ثلث الشعب الأردني خارج هذه المظلات، فمعظمهم لا يملكون المال الكافي للحصول على الرعاية الصحية اللائقة بسبب ارتفاع تكاليفها، في الوقت الذي أصبح فيه من المسؤولية على الحكومة تحمل كلفة معالجة الجزء الأكبر من المواطنين وعليها تقديم مستويات معقولة من الرعاية الطبية باهظة التكاليف، بما فيها العلاج والوقاية من الأمراض السارية ومنع انتشارها، حيث أن الرعاية الصحية أصبحت حقاً من حقوق الإنسان الأساسية.
وتابع عبدالهادي بأنّ ارتفاعاً كان للأصوات المطالبة بتطبيق التأمين الصحي الشامل لكل فئات المجتمع الأردني – فهذه الخطوة التي باركها جلالة الملك شخصياً فأصبح من الضروري العمل على توفير رعاية صحية لائقة للأردنيين جميعاً، وإحداث تغيير جديد في مفهوم التأمين الصحي الشامل.
وعرض لأفكار حول هذا الموضوع، منها ما هو غير ممكن تطبيقه كما أنّ التطلعات نحو تطبيقه أصبحت غير متاحة في الوقت الحالي، وهو تحميل الدولة كافة تكاليف التأمين الصحي الشامل، ولذلك رأى عبدالهادي أنّ من الضروري توضيح بعض النقاط وصولاً لاقتراح قد يكون أكثر ملائمة في الوقت الحالي.
وزارة الصحة
وبإلقاء نظرة على الموازنة العامة لوزارة الصحة، كشف عبدالهادي أنّ متوسط مجموع النفقات الجارية والرأسمالية للأعوام 2021-2022 هو حوالي 660 مليون دينار، وهذا يعطي إشارة واضحة إلى ما تتحمله الدولة لدينا من تكاليف لعلاج المريض الأردني، وبالمقارنة بين إمكانيات وزارة الصحة مع إمكانيات القطاع الخاص يتبين بحسب عبدالهادي أنّ عدد المستشفيات في وزارة الصحة 30 مستشفى، وعدد الأسرّة 5670 سريراً، وعدد أطباء الاختصاص 1865 طبيباً، ومقارنةً مع القطاع الطبي الخاص فإنّ عدد المستشفيات حوالي 58 مستشفى، وعدد الأسرة حوالي 5500 سرير، وعلى ذلك فإن عدد المستشفيات الخاصة يفوق عدد مستشفيات وزارة الصحة، وعدد الأسرة تقريباً يوازي العدد نفسه، أما أطباء الاختصاص في القطاع الخاص فهو قطعاً يفوق عدد أطباء وزارة الصحة.
المستشفيات الخاصة
وبالمقارنة بين ما هو متوفر من الأجهزة في مستشفيات وزارة الصحة مع القطاع الخاص، قال عبدالهادي إنّ هناك تنافسية شديدة بين مستشفيات القطاع الخاص، موضحاً أنّ كلفة علاج المريض في كثير من الحالات من خلال مقارنتها بين مستشفيات وزارة الصحة والقطاع الخاص أظهرت أنّ هنالك فارقاً كبيراً لصالح القطاع الخاص، أي أنّ كلفة العلاج في القطاع الخاص في كثير من الأحيان تقل عن كلفة العلاج لدى القطاع العام، كما في عمليات العيون على سبيل المثال.
كما أشار إلى اكتظاظ مستشفيات القطاع العام بالمرضى، وحقيقة عدم حصول المريض على العلاج الجراحي في الوقت المناسب، وذلك لعدم قدرة الكادر الطبي المرهق على تلبية ذلك، والأمثلة كثيرة ومتعددة.
وأعطى عبدالهادي مؤشرات حول المستشفيات الخاصة، مشيراً إلى أنّ حجم الاستثمار في هذا القطاع يفوق ملياري دينار، ونسبة الأشغال تقل عن 60% إن لم تكن أقلّ، كما أنّ بعض هذه المستشفيات فيها من الأجهزة المتطورة جداً ما يزيد عن الحاجة لعلاج المرضى المراجعين لها، وقال إنّ هذه المستشفيات منتشرة عبر الأراضي الأردنية، أي تستطيع المشاركة بتقديم الرعاية الصحية للجميع في مختلف مناطق المملكة، وكل طبيب اختصاص في القطاع الخاص على اختلاف الدرجات العلمية يعمل بهذه المستشفيات، كما أشار إلى أنّ بعض هذه المستشفيات يعاني من ضائقة مالية تهدد وجودها واستمرارية موظفيها بالعمل والمستفيدين منها، وهم أكثر من 35 ألف أردني وعائلاتهم.
وتساءل: لماذا لا تشمل مؤسسات الدولة الرسمية والإعلامية مستشفيات القطاع الخاص برعايتها، ونغير النظرة السلبية لها، ونتوقف عن اعتبارها من كوكب آخر، وننظر لهذا القطاع نظرة إيجابية تشاركية، ونتحمل معاً جزءاً من المسؤولية المترتبة على الدولة بالرعاية الصحية للمؤمّنين لديها والمواطنين الأردنيين على وجه العموم.
حقوق المرأة
وأكدت د. عريب الصمادي أهمية الحقوق الصحية للمرأة، فهناك أمور خاصة بالمرأة ولها خصوصية معينة ببعض المناطق، متسائلةً عن جودة ما تقدمه المراكز الصحية وقدرة العاملين فيها على ذلك، وطريقة التوزيع الجغرافي عليها وتغطيتها بكوادر مؤهلة ومدربة، بحيث تقدم الخدمة بالطريقة الصحيحة، ومدى وجود أنظمة مساعدة، من مختبر وأشعة، فوجود مركز صحي شامل يختلف عن مركز أولي، وهو ما يسبب معاناة لمقدمي الخدمات الصحية في الميدان.
كما أكدت أهمية التكامل بين القطاعات، الصحية الحكومية والخاصة، داعيةً إلى آلية لهذا التكامل بحاجة لقرار يحتاج هو الآخر لدراسة بناءً على المعلومات والأرقام.
ودعت الصمادي إلى إيلاء الحقوق الصحية للمرأة الاهتمام بشكل خاص، وهي حقوق تندرج تحت حقوق الإنسان والقوانين، ومدى وكيفية تطبيقها، دون تمييز ضد المرأة أو عنف اجتماعي أو سياسي أو أسري، متحدثةً عن استقلالية المرأة من عدمها، وحريتها وقرارها بالإنجاب ووصول الخدمة الصحية والتمكين الاقتصادي حتى تحصل على الخدمة التي تريد.
جائحة كورونا
وقال د.نايف الدبس إنّنا في الألفية الثالثة أمام انتشار غير مسبوق في الأوبئة الناتجة عن الفيروسات التي لم نعرفها من قبل، لافتاً إلى زيادة كبيرة في أسعار الأدوية الحديثة، واستعمال أجهزة التشخيص والعلاج من أجهزة موجات فوق صوتية وأشعة مقطعية وأجهزة مغناطيسية وغيرها، بالإضافة إلى استعمال الأجهزة لإجراء عمليات مختلفة للجسم واستعمال المنظار والروبوتات، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة العلاج بشكل مذهل، ومن المتوقع أن ترتفع التكلفة مع زيادة هذه الأجهزة لدرجة كبيرة سيكون من الصعب معها على الدول أن تتحمل هذه التكاليف، فإذا كان التحدي الذي واجهناه في الألفية الثانية في التعامل مع حقوق الإنسان الصحية صعباً، فإن التحدي سيكون أصعب بكثير في الألفية الثالثة، وقد يكون الحل هو أن تتعاون كل الدول مع الشركات والطواقم والمؤسسات الطبية ومؤسسات المجتمع والحكومات لحل هذه المشكلة الصعبة، بالإضافة إلى الحفاظ على الحقوق المكتسبة خلال الألفية الثانية.
الإنفاق الصحي
وأشار د.محمود السرحان إلى أنّ الأردن ينفق حوالي 9% من الناتج الإجمالي على القطاع الصحي، وهو ما يعادل ذلك في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، كما أنّ أمريكا تصرف 14% وبالرغم من ذلك فالنظام لا يساعدها.
وفي الحالة الأردنية، رأى السرحان أن كثيراً من الناس مؤمّنون نوعياً، فمثلاً الذين أعمارهم فوق 60 سنة كلهم مؤمّنون، و 40% من المصروف الصحي في الأردن على الشيخوخة على 60% فما فوق وهؤلاء 7% وهم يساوون 40% من المصروف، وهذا مؤمّن لجميع الأردنيين الموجودين، وبالتالي فالرقم 60 – 65 – 70 % من المؤمنين هو رقم صحيح.
وقال إنّ مرض السرطان مؤمّن وغسيل الكلى مؤمّن والقلب مؤمّن، والأمراض المزمنة كذلك، وكل الأطفال مؤمّنون، والتطعيم مؤمّن أيضاً، فلو كانت هناك إدارة سويّة لربما بنفس المصروف ونفس الرقم الذي تصرفه الحكومة نستطيع أن نصل إلى التغطية الكاملة.
وتحدث د.السرحان عن أخلاقيات المهنة، خلال العشرين سنة الأخيرة، ووجود إشكالية في أخلاقية المهنة، متناولاً جائحة كورونا وجرعات التطعيم بين الدول الصانعة والمستهلكة.
الرعاية الأولية
وأكدت رئيسة اللجنة العلمية ولجنة الأجور والناطق الاعلامي لنقابة الاطباء د.ميسم عكروش أهمية موضوع التوعية بحقوق المواطن صحياً، وكذلك الشفافية والمصداقية ودور الإعلام في ذلك، متحدثةً عن جائحة كورونا وعدم تعاطي الناس معها بطريقة صحيحة، وفقاً للمعلومات التي تصلهم، ودعت إلى آلية لتقييم مقدمي الخدمة بطريقة صحيحة، وقالت إنّ التأمين الشامل هو ميزة للمواطن الأردني، ومن المهم المحافظة على القطاع العام طبياً، بعدم سلخ عمل المستشفيات عن عمل الرعاية الأولية، فالقطاع العام يجب أن نعمل على تقويته لا تدميره لصالح توجيه العمل للخصخصة، معترفةً بأننا خلال الجائحة لم نلمس تعاطفاً للقطاع الخاص مع أبناء الوطن، ودعت إلى أن يكون للنقابة دور رقابي مفعل بضابطة عدلية وليس للوزارة. ودعت إلى حماية الأطباء من التنمر وتحرير الطبيب من براثن شركات التأمين، مع ضرورة التسعير لكل اختصاص، وإعادة لجان المساءلة الطبية.
المرضى لا يعلمون حقوقهم الصحية الأساسية
«كورونا» خلقت تحديات غير مسبوقة في أسعار الأدوية والأجهزة الطبية والعلاج