مدى انتشار المفاهيم البيئية في المجتمع الأردني

مركز الرأي للدراسات

5/2005

 


مقدمـة

البيئة مفهوم واسع فهي عبارة عن نظام يتكون من عناصر متعددة تشمل المحيط الطبيعي والحيوي والمحيط الاجتماعي والتفاعلات والعلاقات المتبادلة والمتشابكة بين هذه العناصر التي ينبغي أن تكون في حالة توازن لا يطغى جانب منها على الآخر، وتعود معظم المشكلات البيئية بشكل رئيسي إلى الأنشطة البشرية التي تؤثر في البيئة والإنسان على حد سواء، لذلك فان محاولات التوصل لحل مشكلات البيئة يجب أن تبدأ بالفرد الذي هو أساس البيئة. ومن هنا بدأت الجهود تبذل على كافة الأصعدة المحلية والعالمية بالعمل لإعادة التوازن بين نوعية البيئة ونوعية الحياة، وتوجهت الأنظار إلى التربية باعتبارها إحدى مؤسسات المجتمع التي تهتم بتربية أفراده وتنميتهم تنمية شاملة متكاملة وتزويدهم بالوعي والمعرفة لخدمة أنفسهم وبيئتهم ومجتمعهم.

تطورت علاقة الإنسان بالبيئة وفقا للمراحل التي مر بها، سواء في مرحلة الجمع والصيد أم في مرحلة الزراعة فقد اتسعت علاقة الإنسان ببيئته وازدادت منافعه منها، وتحول الإنسان من الاعتماد على صيد الحيوانات لتلبية حاجاته الغذائية إلى استئناس الحيوان وتربيته وممارسة الرعي.أما مرحلة الصناعة (المجتمعات الحديثة) فقد شكّلت الثورة الصناعية وما رافقها من تطور للعلوم المختلفة تحولا خطيرا في علاقة الإنسان بالبيئة التي اتسمت بعدم التوازن بين متطلبات الإنسان المتعددة والمتزايدة من جهة ومتطلبات البيئة من جهة أخرى، مما أفرز الكثير من المشكلات والأخطار التي هددت ولا تزال تهدد البيئة والإنسان معا. وقد كان ينظر للآثار السلبية للأنشطة الصناعية في البيئة آنذاك على أنها مشكلات ذات طابع محلي أو إقليمي تتمثل في تلوث هواء المدن أو المياه والأرض في البلدان الصناعية، إلى أن أفرزت المشكلات البيئية وخاصة الطبيعية منها اتجاهات حديثة مع مطلع القرن العشرين كانت بمثابة رد فعل لهذه المشكلات، وتركّز اهتمام هذه الاتجاهات نحو حماية الموارد الطبيعية والحفاظ على الحياة البرية.

وفي أوائل السبعينيات لم تكن هناك مؤسسات حكومية تعنى بالجوانب المتعلقة بالإدارة البيئية الا لدى القليل من الدول المتقدمة صناعيا، فأنشأت السويد في عام 1969 المجلس الوطني للحماية البيئية، بينما أنشأت الولايات المتحدة مجلس التوعية البيئية ووكالة الحماية البيئية عام 1970، وفي العام نفسه استحدثت المملكة المتحدة اللجنة الملكية
المعنية بالتلوث البيئي وإدارة البيئة، كما أنشئت هيئات مشابهة في كل من: كندا واليابان خلال عامي 1970 و 1971، إلا أن استحداث إدارات للبيئة وأجهزة مشتركة بين القطاعات المختلفة لتنسيق شؤون البيئة لم تنشأ في عديد من الدول إلا بعد مؤتمر استوكهولم، كما أن جهود هيئات الأمم المتحدة مثل منظمة الأغذية والزراعة، واليونسكو، ومنظمة الصحة العالمية رغم معالجتها لقضايا بيئية مختلفة قبل مؤتمر استوكهولم إلا أن هذه الجهود لم تبرز إلا بعد ذلك المؤتمر.

لقد شكّل مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة البشرية الذي عقد في حزيران من عام 1972 بمدينة استوكهولم في السويد تحولا كبيرا في تاريخ الوعي البيئي، حيث تم التأكيد فيه على أن حماية البيئة وتحسينها من أجل خدمة الأجيال الحالية والمستقبلية يعد هدفا أساسيا يجب أن تسعى إليه البشرية، وفي تشرين الثاني من عام 1975 عقد في بلغراد مؤتمر
العمل الدولي ، الذي اقترح عددا من المبادئ التوجيهية لبرامج التنمية البيئية.وتبع مؤتمر بلغراد اجتماعات إقليمية متعددة حول التربية البيئية في كل من أفريقيا (برازفيل، 1976)، واسيا (بانكوك، 1976)، وأوروبا (هلسنكي، 1976)، وأمريكا الشمالية (سانت لويس، 1976)، وأمريكا اللاتينية (بوغوتا، 1976)، والوطن العربي (الكويت، 1976). وقد شكّلت هذه الاجتماعات جزءا من العمل التمهيدي للمؤتمر الدولي الحكومي للتربية البيئية الذي عقد في مدينة تبليسي بجمهورية جورجيا في تشرين الأول من عام 1977، واعتبر هذا المؤتمر قمة المرحلة الأولى من البرنامج الدولي للتربية البيئية ونقطة انطلاق لمرحلة جديدة في مجال تنمية التربية البيئية.

أكد إعلان ريو 1990 حول البيئة والتنمية حق جميع البشر في حياة صحيحة ومنتجة ومتناغمة ومتوازنة مع الطبيعة، كما أكد على أهمية التعليم والتوعية البيئية في تحقيق هذا التوازن. وشكلّ مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (قمة الأرض) الذي عقد في مدينة ريودي جانيرو بالبرازيل في حزيران عام 1992، تظاهرة عالمية
كبرى في مجال البيئة والاهتمام بها، وقد أكد المؤتمر على أهمية التربية والوعي العام، وانبثقت عنه الدعوة إلى إعادة تكييف التربية نحو التنمية المستدامة، والحاجة إلى تحقيق وعي بيئي وتنموي لمختلف فئات المجتمع.

يوجد في الأردن العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية التي تعنى بقضايا البيئة، فعلى الصعيد الرسمي أنشئت المؤسسة العامة لحماية البيئة في عام 1996، كما أن استحداث وزارة للبيئة جاء إيمانا بقضايا البيئة وأهميتها. وعلى الصعيد غير الحكومي فهناك العديد من الجمعيات الأهلية التي تعمل لحماية البيئة ونشر الوعي البيئي منها جمعية
البيئة الأردنية، والجمعية الملكية لحماية الطبيعية، والجمعية الأردنية لمكافحة التصحر وتنمية البادية، وجمعية أصدقاء البيئة، وغيرها من الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي تهدف الى نشر الوعي البيئي وصون الموارد الطبيعية.

ويعتبر ما جاء في كتاب التكليف السامي الذي وجهه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ومنذ توليه العرش لحكومة السيد عبد الرؤوف الروابدة بتاريخ 4/3/1999 توجيها ملكيا للفت الأنظار للقضايا البيئية وأهميتها، وضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتها وصون مقدراتها، حيث جاء في البند الرابع عشر من كتاب التكليف السامي: "
تتعرض البيئة الإنسانية للجور والاعتداء وهي بحاجة إلى عناية خاصة تضمن تفعيل التشريعات وتطويرها، وتوفير الكفاءات المتخصصة القادرة على العمل الميداني الجاد، وتفعيل مشاركة جميع المؤسسات والهيئات الرسمية والأهلية بهدف حماية التربة والماء والهواء من التلوث، وحماية الأراضي الزراعية من الاعتداء، ومكافحة التصحر وانجراف التربة، وصيانة المحميات الطبيعية، والقيام بجهد وطني شامل للتحريج وتطوير الغابات " .

وانطلاقا من الأهمية الإنسانية البالغة وحرصا من حكومة دولة السيد فيصل الفايز وانسجاما مع التوجهات والرؤية الملكية السامية التي تأسست بموجبها وزارة البيئة وإيمانا بالدور الرئيس الذي يقوم به الإنسان الأردني في إنجاح الجهود الموصولة لحفظ التوازن البيئي وصون عناصره وحفظ حقوق الأجيال القادمة في الموارد البيئية من خلال دعم
جهود تحقيق التنمية الوطنية المستدامة لتحقيق الرفاه الاجتماعي ولغايات جعل خططها وبرامجها متوافقة مع الأولويات المجتمعية وتعزيز تشاركها مع مختلف الشرائح والقطاعات قامت وزارة البيئة بتكليف مركز الرأي للدراسات والمعلومات بإجراء استطلاع للرأي العام لقياس مدى انتشار المفاهيم البيئية في المجتمع الأردني ولدى صنّاع القرار وقادة الرأي فيه .وقد التزمت الوزارة الحرص الشديد على احترام إجراءات الاستطلاع واستقلاليته وعدم التدخل في سير عمليات التنفيذ أو النتائج .

وبهذه المناسبة يتقدم ( مركز الرأي للدراسات والمعلومات ) بعميق شكره وتقديره لكل من استجاب أو امتنع عن الإجابة على هذا الاستطلاع ولكل الذين ابدوا تفهما وتعاونا لإنجاح هذا الاستطلاع ويخص بالذكر فرق البحث والاستطلاع والمراقبين والمحللين وفريق عمل المركز على ما بذلوه من جهد وما أبدوه من تعاون مخلص .

 

 

لقراءة هذا الإستطلاع إضغط هنا